• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

الإسفار عن مهمات الأسفار

الإسفار عن مهمات الأسفار
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/7/2016 ميلادي - 10/10/1437 هجري

الزيارات: 7610

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسفار عن مهمات الأسفار

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، حِينَ تَحُلُّ إِجَازَةٌ قَصِيرَةٌ أَو طَوِيلَةٌ، يَتَهَيَّأُ كَثِيرُونَ لِلسَّفَرِ وَالتَنَقُّلِ، وَيَتَجَهَّزُونَ لِلتَّطوَافِ وَالتَّرحَالِ، وَيَبذُلُونَ في ذَلِكَ أَموَالاً وَيُذهِبُونَ أَوقَاتًا، وَإِذا كَانَ مِن أَبرَزِ مَعالِمِ السَّفَرِ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - أَنَّهُ يُسفِرُ عَن أَخلاقِ المُسَافِرِينَ، وَيُظهِرُ مِنهُم مَا كَانَ خَافِيًا وَيُبدِي مَا كَانَ مَكنُونًا، فَإِنَّهُ أَيضًا مَحَكٌّ يَتَمَيَّزُ بِهِ مُستَوَى تَدَيُّنِ المَرءِ وَتَقوَاهُ لِرَبِّهِ، وَمِرآةٌ تَعكِسُ مِقدَارَ استِقَامَتِهِ وَثَبَاتِهِ عَلَى مَبَادِئِهِ. وَالسَّفَرُ في الجُملَةِ وَمِن حَيثُ حُكمُهُ الشَّرعِيُّ ثَلاثَةُ أَقسَامٍ: سَفَرُ طَاعَةٍ، وَسَفَرُ مَعصِيَةٍ، وَسَفَرٌ مُبَاحٌ. فَأَمَّا سَفرُ الطَّاعَةِ فَهُوَ مَا كَانَ لأَدَاءِ حَقٍّ وَاجِبٍ أَو مَسنُونٍ، كَحَجٍّ أَو عُمرَةٍ، أَو جِهَادٍ أَو دَعوَةٍ، أَو طَلَبِ عِلمٍ أَو تَعلِيمِهِ، أَو صِلَةِ رَحِمٍ أَو زِيَارَةِ مَرِيضٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَأجُورٌ عَلَيهِ صَاحِبُهُ في كُلِّ خَطوَةٍ يَخطُوهَا، بِقَدرِ مَا يُخلِصُ لِرَبِّهِ وَيَتَّبِعُ سُنَّةَ نَبِيِّهِ، وَأَمَّا سَفرُ المَعصِيَةِ، فَهُوَ مَا كَانَ لارتِكَابِ مُحَرَّمٍ، أَو كَسَفَرِ امرَأَةٍ بِلا مَحرَمٍ، وَالمُسَافِرُ في هَذَا النَّوعِ يَتَقَلَّبُ في الإِثمِ قَائِمًا وَقَاعِدًا، وَيَتَحَمَّلُ الوِزرَ مُنتَبِهًا وَرَاقِدًا، وَأَمَّا السَّفرُ المُبَاحُ، فَهُوَ مَا كَانَ لأَمرٍ مُبَاحٍ، كَتِجَارَةٍ أَو سِيَاحَةٍ، أَو عِلاجٍ أَو صَيدٍ، أَو غَيرِ ذَلِكَ مِنَ المُبَاحَاتِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ -:

تَغَرَّبْ عَنِ الأَوطَانِ في طَلَبِ العُلَا
وَسَافِرْ فَفِي الأَسفَارِ خَمسُ فَوَائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ وَاكتِسَابُ مَعِيشَةٍ
وَعِلمٌ وَآدَابٌ وَصُحبَةُ مَاجِدِ


وَإِنَّ ثَمَّةَ أُمُورًا يَحسُنُ بِالمُسلِمِ أَن يَكُونَ عَلَى ذِكرٍ مِنهَا نَاوِيًا لِلسَّفَرِ أَو مُسَافِرًا أَو عَائِدًا، مِنهَا أَنَّ السَّفَرَ عَلَى مَا فِيهِ مِن لَذَّةٍ وَمُتعَةٍ، لا يَخلُو مِن تَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ، وَفَوَاتِ مَنَافِعَ وَتَركِ مَألُوفَاتٍ تَحصُلُ بِبَقَاءِ المَرءِ في بَلَدِهِ، وَمِن ثَمَّ فَقَد شُرِعَ لِلمُسَافِرِ تَعجِيلُ العَودَةِ إِلى أَهلِهِ عِندَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " السَّفَرُ قِطعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمنَعُ أَحَدَكُم نَومَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فإذا قَضَى أَحَدُكُم نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلى أَهلِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَإِنَّ مِن أَشَدِّ مَا يَكُونُ مِنَ الآثَارِ غَيرِ المَحمُودَةِ لِلتَّغَرُّبِ عَنِ الأَهلِ لِغَيرِ حَاجَةٍ، مَا يُخشَى عَلَيهِم مِنَ الضَّيَاعِ، وَقَد قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ –: " كَفَى بِالمَرءِ إِثمًا أَن يُضَيِّعَ مَن يَقُوتُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَنَظَرًا لِمَا في السَّفَرِ مِن مَشَاقَّ، فَقَد رَخَّصَ الشَّارِعُ الحَكِيمُ لِلمُسَافِرِ رُخَصًا عَدِيدَةً، وَخَفَّفَ عَنهُ جُملَةً مِنَ الأَحكَامِ، فَأَبَاحَ لَهُ قَصرَ الصَّلاةِ الرُّبَاعِيَّةِ، وَالجَمعَ بَينَ الصَّلاتَينِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيرُ، وَالفِطرَ في رَمَضَانَ، وَالمَسحَ عَلَى الخُفَّينِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَأَسقَطَ عَنهُ صَلاةَ الجُمُعَةِ، وَجَوَّزَ لَهُ التَّنَفُّلَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَينَمَا اتَّجَهَت بِهِ، وَرَخَّصَ لَهُ في تَركِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ عَدَا سُنَّةِ الفَجرِ... وَكُلُّ هَذِهِ الرُّخَصِ مِمَّا يَنبَغِي لِلمُسَافِرِ الأَخذُ بِهِ لِمَحَبَّةِ اللهِ لَهُ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَن تُؤتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكرَهُ أَن تُؤتَى مَعصِيَتُهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَن تُؤتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَن تُؤتَى عَزَائِمُهُ " رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَالطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِن مَسَائِلِ السَّفَرِ مَشرُوعِيَّةُ الاستِخَارَةِ قَبلَهُ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – يُعَلِّمُنَا الاستِخَارَةَ في الأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ، يَقُولُ: " إِذَا هَمَّ أَحَدُكُم بِالأَمرِ فَلْيَركَعْ رَكعَتَينِ مِن غَيرِ الفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَستَخِيرُكَ بِعِلمِكَ وَأَستَقدِرُكَ بِقُدرَتِكَ، وَأَسأَلُكَ من فَضلِكَ العَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وَتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وَأَنتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنتَ تَعلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمرَ خَيرٌ لي في دِيني وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمرِي، أَو قَالَ: عَاجِلِ أَمرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي، ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وَإِن كُنتَ تَعلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمرَ شَرٌّ لي في دِيني وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمرِي، أَو قَالَ: في عَاجِلِ أَمرِي وَآجِلِهِ، فَاصرِفْهُ عَنِّي وَاصرِفْني عَنهُ، وَاقدُرْ لِيَ الخَيرَ حَيثُ كَانَ ثُمَّ أَرضِني بِهِ " قَالَ: " وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

وَمِن مَسَائِلِ السَّفَرِ استِعدَادُ المَرءِ قَبلَهُ بِالتَّوبَةِ وَقَضَاءِ مَا عَلَيهِ مِن حُقُوقِ النَّاسِ؛ لأَنَّ السَّفرَ مَظِنَّةُ تَلَفِ النَّفسِ، فَكَانَ مُقتَضَى الاحتِيَاطِ التَّخَلُّصَ مِن الحُقُوقِ؛ وَهَذَا عَكسُ مَا يَفعَلُهُ النَّاسُ في هَذَا الزَّمَانِ لِجَهلِهِم، حَيثُ أَصبَحُوا يَستَدِينُونَ لِلسَّفَرِ وَيُثقِلُونَ كَوَاهِلَهُم بِحُقُوقِ الآخَرِينَ، وَهَذَا في الحَقِيقَةِ مِن قِلَّةِ الدِّيَانَةِ وَضَعفِ العَقلِ، حَيثُ يِستَدِينُ المَرءُ لِسَفَرِ نُزهَةٍ وسِيَاحَةٍ، يَقضِي فِيهِ أَيَّامَ سُرُورٍ زَائِفَةً، ثم يَمكُثُ بَعدَهَا شُهُورًا أَو سَنَوَاتٍ مُضَيِّقًا عَلَى نَفسِهِ وَأَهلِهِ، بِسَبَبِ الدُّيُونِ المُتَرَاكِمَةِ عَلَى كَاهِلِهِ، وَلَعَلَّهُ أَن يَفجَأَهُ المَوتُ وَتِلكَ الحُقُوقُ عَلَى ظَهرِهِ، فَبِمَ سَيُقَابِلُ رَبَّهُ؟! قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن فَارَقَ رُوحُهُ جَسَدَهُ وَهُوَ بَرِيءٌ مِن ثَلاثٍ دَخَلَ الجَنَّةَ: الغُلُولِ وَالدَّينِ وَالكِبرِ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِن مَسَائِلِ السَّفَرِ أَن يَترُكَ المُسَافِرُ لأَهلِهِ نَفَقَةً تَكفِيهِم حَتى يَعُودَ، لا أَن يُفَرِّطَ في حَقِّهِم وَيُضِيعَ أَمَانَتَهُ؛ لِيَقضِيَ شَهوَةَ نَفسِهِ وَيُفَرِّجَ شَيئًا مِن هَمِّهَا، وَيَدَعَ مَن وَرَاءَهُ في هُمُومِهِم يَتَقَلَّبُونَ، وَيَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَيَسأَلُونَ. وَإِنَّ مِن شَرِّ مَا يَقَعُ مِن بَعضِهِم في هَذَا الشَّأنِ أَن يَبِيعَ ذَهَبَ زَوجَتِهِ لِيُسَافِرَ هُوَ وَزُمَلاؤُهُ وَأَصدِقَاؤُهُ، وَيَترُكَ زَوجَتَهُ وَأَبنَاءَهُ، وَهَذَا في الوَاقِعِ سُوءُ عِشرَةٍ وَتَخَلٍّ عَن مَسؤُولِيَّةٍ.

 

وَمِن مَسَائِلِ السَّفَرِ أَلاَّ يُسَافِرَ المَرءُ وَحدَهُ، خَاصَّةً لِلبِلادِ الَّتي تَنتَشِرُ فِيهَا المُحَرَّمَاتُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَرِّضُهُ لِلوُقُوعِ فِيهَا، وَيُجَرِّئُهُ عَلَى انتِهَاكِ مَحَارِمِ اللهِ؛ وَمِن ثَمَّ كَانَ مِمَّا لا بُدَّ مِنهُ في السَّفَرِ اختِيَارُ الصُّحبَةِ الصَّالِحَةِ، الَّتي تُعِينُ المَرءَ عَلَى الطَّاعَةِ، وَتُبعِدُهُ عَن مَوَاطِنِ الشُّبهَةِ وَالشَّهوَةِ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " الرَّاكِبُ شَيطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيطَانَانِ، وَالثَّلاثَةُ رَكبٌ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ في سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُم " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِن مَسَائِلِ السَّفَرِ لُزُومُ استِئذَانِ الوَلَدِ وَالِدَيهِ قَبلَ سَفَرِهِ، فَإِنْ أَذِنَا وَإِلاَّ تَرَكَ السَّفَرَ، فَعَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: جِئتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الهِجرَةِ، وَتَرَكتُ أَبَوَيَّ يَبكِيَانِ. فَقَالَ: " ارجِعْ إِلَيهِمَا فَأَضحِكْهُمَا كَمَا أَبكَيتَهُمَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَجُلاً هَاجَرَ إلى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِنَ اليَمَنِ، فَقَالَ: " هَل لَكَ أَحَدٌ بِاليَمَنِ؟ " قَالَ: أَبَوَايَ. قَالَ: " أَذِنَا لَكَ؟ " قَالَ: لا. قَالَ: " اِرجِعْ إِلَيهِمَا فَاستَأذِنهُمَا؛ فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ، وَإِلاَّ فَبِرَّهُمَا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. فَإِذَا كَانَ المَرءُ مَنهِيًّا عَنِ الجِهَادِ غَيرِ المُتَعَيِّنِ إِلاَّ بِإِذنِ الوَالِدَينِ المُسلِمَينِ؛ هَذَا وَالجِهَادُ ذِروَةُ سَنَامِ الإِسلامِ، فَكَيفَ بِسَفَرِ نُزهَةٍ وَسِيَاحَةٍ؟! وَإِنَّ مِن عُقُوقِ بَعضِ الشَّبَابِ لِوَالِدِيهِم، أَن يَكُونُوا هُم آخِرَ مَن يَعلَمُ بِسَفَرِ أُولَئِكَ الأَبنَاءِ، بَعدَ أَن يَعلَمَ بِهِ الزُّمَلاءُ وَالأَصدِقَاءُ.

 

وَمِن مَسَائِلِ السَّفَرِ أَن يَحرِصَ المُسلِمُ عَلَى الأَدعِيَةِ وَالأَذكَارِ الَّتِي تُقَالُ فِيهِ، سَوَاءٌ في بِدَايَتِهِ عِندَ الخُرُوجِ مِنَ المَنزِلِ أَو رُكُوبِ الرَّاحِلَةِ، أَو لَدَى النُّزُولِ في مَنزِلٍ أَوِ المُرُورِ بِبَلدَةٍ في الطَّرِيقِ، أَو في العَودَةِ وَالقُفُولِ إِلى الأَهلِ، أَوِ التَّكبِيرِ إِذَا صَعِدَ مُرتَفَعًا، وَالتَّسبِيحِ إِذَا هَبَطَ وَادِيًا، أَو مُطلَقِ الدُّعَاءِ فِيهِ، إِذْ إِنَّهُ مِن مَوَاطِنِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَفي ذَلِكَ مَروِيَّاتٌ وَسُنَنٌ يَحسُنُ حِفظُهَا وَتَردَادُهَا وَالعَمَلُ بها؛ لِيُؤجَرَ المُسلِمُ وَيَسلَمَ وَيَغنَمَ، فَإِنَّ الخَيرَ كُلَّهُ في اتِّبَاعِ السُّنَنِ " لَقَد كَانَ لَكُم في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَتَعَلَّمْ آدَابَ السَّفَرِ وَسُنَنَهُ وَمَسَائِلَهُ، وَلْنَعمَلْ بما شُرِعَ لَنَا، وَلْنَحذَرِ الغَفلَةَ؛ فإنا مسافرون، وإلى ربنا عائدون ﴿ يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ﴾ [الانشقاق: 6 - 15].

 

♦♦♦

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ مِمَّا يُؤخَذُ عَلَى النَّاسِ في مُتَأَخِّرِ السَّنَوَاتِ، اهتِمَامَهُم فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَسفَارِهِم بِكُلِّ شَيءٍ يَخُصُّ دُنيَاهُم، مِنِ اختِيَارِ أَنسَبِ الوَسَائِلِ لِلسَّفَرِ، وَتَقَصُّدِ أَهنَأِ الأَمَاكِنِ لِلسَّكَنِ، وَتَخطِيطِ البَرَامِجِ السِّيَاحِيَّةِ المُحَقِّقَةِ لِلرَّاحَةِ وَالرَّفَاهِيَةِ، وَالبَحثِ عَن أَفضَلِ الجِهَاتِ وَأَجمَلِهَا، في حِينِ لا يَحسِبُونَ لأَحكَامِ السَّفرِ وَضَوَابِطِهِ الشَّرعِيَّةِ حِسَابًا، فَلا مَانِعَ لَدَيهِم مِنَ السَّفَرِ لأَيِّ جِهَةٍ كَانَت، وَلا غَضَاضَةَ في الإِقَامَةِ بَينَ ظَهَرَانَيِ الكُفَّارِ بِلا ضَرُورَةٍ وَلا حَاجَةٍ، وَلا شَيءَ في غِشيَانِ أَمَاكِنِ الشِّركِ أَوِ السِّحرِ أَوِ الكِهَانَةِ، أَوِ الذَّهَابِ إِلى العَرَّافِينَ وَالمُشَعوِذِينَ، مَعَ التَّهَاوُنِ بِالصَّلَوَاتِ وَالتَّسَاهُلِ بِأَدَاءِ الوَاجِبَاتِ، وَإِطلاقِ النَّظَرِ وَعَدَمِ صَرفِ البَصَرِ، وَالتَّسَاهُلِ في دُخُولِ الأَمَاكِنِ الَّتي يُعصَى فِيهَا الرَّحمَنُ، أَو تُدَارُ فِيهَا الخُمُورُ أَو تَرقُصُ فِيهَا الفَاتِنَاتُ. وَقَد ذَكَرَ العُلَمَاءُ - رَحِمَهُمُ اللهُ - أَنَّهُ لا يَجُوزُ السَّفَرُ خَارِجَ بِلادِ الإِسلامِ إلا بِشُرُوطٍ: أَن يَكُونَ المُسَافِرُ مُحتَاجًا إِلى ذَلِكَ السَّفَرِ، وَأَن يَكُونَ عِندَهُ عِلمٌ شَرعِيٌّ يَدفَعُ بِهِ الشُّبُهَاتِ، وَوَرَعٌ يَدفَعُ بِهِ الشَّهَوَاتِ، وَأَن يُحَافِظَ عَلَى شَعَائِرِ الدِّينِ، أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ كُلُّ مُسلِمٍ، وَلْيَحفَظْ أَغلَى مَا يَملِكُهُ، وَلْيَتَذَكَّرْ أَنَّهُ في هَذِهِ الدُّنيَا عَابِرُ سَبِيلٍ، مُسَافِرٌ إِلى الآخِرَةِ، وَلَيسَ بَينَهُ وَبَينَ نِهَايَتِهِ إِلاَّ أَن يَمُوتَ فَتَقُومَ قِيَامَتُهُ، ثم يَرجِعَ إِلى رَبِّهِ فَيُوَفِّيهِ حِسَابَهُ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [الجاثية: 15].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وسائل الأسفار وما ينبغي أن يقصده السفار
  • الأسفار المقدسة عند المسيحيين الأوائل
  • حقيقة الذبيح ابن إبراهيم في الأسفار القديمة
  • تحريف نصوص الأسفار

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة المغني عن حمل الأسفار في الأسفار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الإسفار عما نسخه الإمام النووي بخطه من الكتب والأسفار (WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة الإسفار عن أصل استخارة أعمال الليل والنهار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • موارد ومصادر (الإسفار عن قلم الأظفار) للعلامة السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة الإسفار عن قلم الأظفار ( نسخة أخرى )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الإسفار عن قلم الأظفار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد على ذي الأسفار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار للحافظ العراقي (806 هـ)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار (النسخة 5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • رجع الأسفار (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب