• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/4/2015 ميلادي - 16/6/1436 هجري

الزيارات: 9818

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم


أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَا زَالَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ في مَجَالِسِهِم، وَيَتَرَاسَلُونَ عَبرَ هَوَاتِفِهِم وَبَرَامِجِ تَوَاصُلِهِم، مُتَنَاوِلِينَ عَاصِفَةَ الحَزمِ مُتَتَبِّعِينَ أَخبَارَهَا، مُتَعَرِّفِينَ نَتَائِجَهَا وَآثَارَهَا. جَمِيلٌ أَن يَهتَمَّ المُسلِمُونَ لإِخوَانِهِم مِن أَهلِ السُّنَّةِ، وَأَن يَفرَحُوا بِاتِّحَادِ قُوَاهُم ضِدَّ أَهلِ البِدعَةِ، غَيرَ أَنَّ الأَجمَلَ وَالأَولى، أَنْ لَو قَلَّلُوا مِن تِلكَ اللَّهجَةِ المُنطَوِيَةِ عَلَى شَيءٍ مِنَ الكِبرِ وَالتَّعَالي، وَالمُوحِيَةِ بِالإِعجَابِ بما عَلَيهِ جُنُودُ الحَقِّ مِن قُوَّةٍ مَادِيَّةٍ، وَمَا يَصحَبُهُم مِن عُدَّةٍ وَعَتَادٍ وَأَسلِحَةٍ وَطَائِرَاتٍ؛ ذَلِكُم أَنَّ هَذَا وَإِن كَانَ جُزءًا مِنَ الإِعدَادِ المَادِيِّ المَأمُورِ بِهِ، فَإِنَّهُ لم يَكُنْ يَومًا هُوَ الإِعدَادَ كُلَّهُ، وَلا سَبَبَ انتِصَارِ جُيُوشِ الحَقِّ مِن لَدُن شُرِعَ الجِهَادُ، وَحَتَّى آخِرِ مَعرَكَةٍ كَانَ النَّصرُ فِيهَا لِلمُؤمِنِينَ. وَكَمَا أَنَّ ثَمَّةَ قُوَّةً مَادِيَّةً أَمَرَ اللهُ المُسلِمِينَ أَن يُعِدُّوا مِنهَا مَا استَطَاعُوا، فَإِنَّ ثَمَّةَ قُوَّةً هِيَ أَهَمُّ وَأَعلَى وَأَمضَى، تِلكُم هِيَ القُوَّةُ المَعنَوِيَّةُ، الَّتي أَفَاضَ القُرآنُ الكَرِيمُ في لَفتِ الأَنظَارِ إِلَيهَا وَالأَمرِ بِأَخذِ أَسبَابِهَا، في كُلِّ مَوطِنٍ ذُكِرَ فِيهِ الجِهَادُ وَالإِعدَادُ. وَلَو كَانَ الإِعدَادُ المَادِيُّ هُوَ المِقيَاسَ في حَربِ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، لَمَا كَانَ الأَمرُ بِهِ مَقصُورًا عَلَى ما يُستَطَاعُ فَحَسبُ، وَلَكَانَ وَاجِبًا عَلَى المُسلِمِينَ أَلاَّ يَدخُلُوا مَعرَكَةً وَلا يَخُوضُوا حَربًا وَلا يُقَاتِلُوا عَدُوًّا، إِلاَّ بِقُوَّةٍ أَكبَرَ وَعَدَدٍ أَكثَرَ، وَلَكِنَّ اللهَ سُبحَانَهُ قَالَ: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60] وَأَمَّا الإِعدَادُ الحَقِيقِيُّ الَّذِي يَجِبُ أَن تَكُونَ عَلَيهِ أُمَّةُ الحَقِّ، وَالَّذِي هُوَ سِرُّ نَصرِهَا وَسَبَبُ تَأيِيدِ اللهِ لَهَا، فَإِنَّمَا هُوَ الإِيمَانُ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيهِ، وَنَصرُهُ بِامتِثَالِ أَمرِهِ وَاجتِنَابِ نَهيِهِ، وَمَتى كَانَت الأُمَّةُ مَعَ اللهِ، فَلَن تَخِيبَ أَبَدًا وَلَن تُهزَمَ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ ﴾ [الصافات: 173] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلمُؤمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُم وَيُثَبِّتْ أَقدَامَكُم ﴾ [محمد: 7] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَيَومَ يَقُومُ الأَشهَادُ ﴾ [غافر: 51] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيُّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40].

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ جُندَ اللهِ غَالِبُونَ، وَالعِزَّةُ لَهُم بِعِزَّةِ اللهِ، وَهُوَ تَعَالى نَاصِرُهُم وَمُثَبِّتٌ أَقدَامَهُم، وَلَكِنَّ القَضِيَّةَ فِيهِم هُم وَفي المُسلِمِينَ مِن وَرَائِهِم، وَفِيمَا يَتَعَلَّقُونَ بِهِ مِن أَسبَابٍ. وَلْنَأخُذْ مَوضِعًا وَاحِدًا مِمَّا وَجَّهَ اللهُ فِيهِ عِبَادَهُ إِلى مَا يَجِبُ عَلَيهِم عِندَ لِقَاءِ عَدُوِّهِم؛ لِنَتَعَرَّفَ شَيئًا مِن الأَسبَابِ الحَقِيقِيَّةِ لِلنَّصرِ وَالظَّفَرِ، وَالآدَابِ الَّتِي يَجِبُ أَن يَكُونَ عَلَيهَا أَهلُ الحَقِّ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ * وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 45 - 48].

 

تِلكُم هِيَ عَوَامِلُ النَّصرِ الحَقِيقِيَّةُ: الثَّبَاتُ عِندَ لِقَاءِ العَدُوِّ، وَالاتِّصَالُ بِاللهِ بِذِكرِهِ كَثِيرًا، وَطَاعَتُهُ سُبحَانَهُ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ، وَتَجَنَّبُ النِّزَاعِ وَالبُعدُ عَنِ الشِّقَاقِ، وَالصَّبرُ عَلَى شِدَّةِ المَعرَكَةِ وَلأَوَاءِ الحَربِ، وَالحَذرُ مِنَ البَطَرِ وَالرِّئَاءِ وَالبَغيِ وَالظُّلمِ. أَلا فَمَا أَحرَى المُؤمِنِينَ مِن أَهلِ السُّنَّةِ وَقَد لَقُوا تِلكَ الفِئَةَ الظَّالِمَةَ البَاغِيَةَ مِن أَهلِ البِدعَةِ أَن يَكُونُوا عَلَى مَا وَجَّهَهُمُ اللهُ بِهِ، وَبَدَلاً مِنَ التَّحَدُّثِ بِلَهجَةِ الفَخرِ وَالعُلُوِّ، وَبَثِّ المَدحِ وَالمُبَالَغَةِ في الإِطرَاءِ، وَالتَّعَلُّقِ بِالأَهَازِيجِ وَالأَشعَارِ، أَن يَستَكِينُوا لِرَبِّهِم وَيُسلِمُوا لَهُ قُلُوبَهُم، فَيَكُونُوا في مَوكِبِ مَن سَبَقَهُم مِنَ المُجَاهِدِينَ، مُتَعَلِّقِينَ بِرَبِّهِم، خَاشِعَةً لَهُ قُلُوبُهُم، ذَاكِرَةً أَلسِنَتُهُم، دَاعِينَ مُتَضَرِّعِينَ مُستَغِيثِينَ، قَالَ سُبحَانَهُ عَن سَحَرَةِ فِرعَونَ لما آمَنُوا: ﴿ وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 126]  وَقَالَ عَنِ الفِئَةِ القَلِيلَةِ المُؤمِنَةِ مِن بَنِي إِسرَائِيلَ وَهِيَ تُوَاجِهُ جَالُوتَ وَجُنُودِهِ: ﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفرِغْ عَلَينَا صَبرًا وَثَبِّتْ أَقدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250]  بَل لَقَد حَكَى هَذَا الفَعلَ عَنِ الفِئَاتِ المُؤمِنَةِ عَلَى مَدَارِ التَّارِيخِ في مُوَاجَهَةِ أَعدَائِهِم، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 146 - 148] وَكَمَا حَكَى تَعَالى ذَلِكَ عَنِ المُؤمِنِينَ المُجَاهِدِينَ في الأُمَمِ السَّابِقَةِ، فَقَد حَكَاهُ عَن عَصَائِبِ الإِيمَانِ مَعَ إِمَامِ المُجَاهِدِينَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ تَعَالى حَاكِيًا حَالَهُم في غَزوَةِ بَدرٍ الكُبرَى: ﴿ إِذْ تَستَغِيثُونَ رَبَّكُم فَاستَجَابَ لَكُم ﴾ [الأنفال: 9] وَبِمِثلِ هَذَا وَصَفَهُم حِينَ أَصَابَهُمُ القَرحُ في مَعرَكَةِ أُحُدٍ؛ فَقَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزَادَهُم إِيَمانًا وَقَالُوا حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173].

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ لَقَد كَانَ ذِكرُ اللهِ عِندَ لِقَاءِ العَدُوِّ وَدُعَاؤُهُ وَالتَّضَرُّعُ إِلَيهِ وَالاستِغَاثَةُ بِهِ هُوَ دَيدَنَ المُؤمِنِينَ، فَهُم يَعلَمُونَ يَقِينًا أَنَّهُ الاتِّصَالُ بِالقُوَّةِ الَّتِي لا تُغلَبُ وَلا تُهزَمُ، وَالسَّبَبُ المُوصِلُ بِاللهِ النَّاصِرِ أَولَيَاءَهُ، ثم هُوَ في الوَقتِ نَفسِهِ استِحضَارٌ لِحَقِيقَةِ المَعرَكَةِ، وَتَذَكُّرٌ لِبَوَاعِثِهَا وَإِعلانٌ لأَهدَافِهَا، فَهِيَ مَعرَكَةٌ للهِ، غَايَتُهَا تَقرِيرُ أُلُوهِيَّتِهِ في الأَرضِ، وَهَدَفُهَا طَردُ الطَّوَاغِيتِ المُغتَصِبَةِ لِهَذِهِ الأُلُوهِيَّةِ؛ نَعَم، إِنَّهَا مَعرَكَةٌ قَامَت لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُليَا؛ لَيسَت لِلسَّيطَرَةِ وَلا لِلمَغنَمِ، وَلا لِلاستِعلاءِ الشَّخصِيِّ أَوِ الاعتِدَادِ القَومِيِّ، وَلا لِلانتِقَامِ وَالتَّشَفِّي، وَلَكِنَّهَا للهِ وَبِاللهِ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَلْنَتَعَلَّقْ بِهِ وَلْنَتَوَكَّلْ عَلَيهِ وَلْنَتُبْ إِلَيهِ، وَلْنَذكُرْهُ كَثِيرًا، وَلْنَتَخَلَّصْ مِن كُلِّ مَا هُوَ سَبَبٌ لِتَخِلِّيهِ تَعَالى عَنَّا، مِنَ التَّنَازُعِ وَالاختِلافِ وَتَفَرُّقِ الكَلِمَةِ، وَالجَزَعِ وَالهَوَانِ، وَالرُّكُونِ إِلى الدُّنيَا وَطَاعَةِ الشَّيطَانِ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد: 7 - 11]

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ وَأَنِيبُوا إِلَيهِ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الغَايَةَ العُظمَى مِنَ الجِهَادِ في سَبِيلِ اللهِ وَقِتَالِ الأَعدَاءِ، إِنَّمَا هِيَ تَقرِيرُ أُلُوهِيَّتِهِ سُبحَانَهُ وَتَحقِيقُ عُبُودِيَّته وَحدَهُ، وَإِخرَاجُ العِبَادِ مِن عِبَادَةِ الطَّوَاغِيتِ الَّتي تُعبَدُ مِن دُونِ اللهِ، إِلى عِبَادَتِهِ تَعَالى وَحدَهُ دُونَ سِوَاهُ، وَتَخلِيصُ البَشَرِ مِن ضِيقِ الدُّنيَا إِلى سَعَةِ الآخِرَةِ، وَمِن جَورِ الأَديَانِ وَشَوَائِبِ المُعتَقَدَاتِ البَاطِلَةِ، إِلى عَدلِ الإِسلامِ وَنَقَاءِ التَّوحِيدِ وَصَفَائِهِ، أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ الجِهَادَ مَشرُوعٌ لإِثبَاتِ إِنسَانِيَّةِ الإِنسَانِ وَحِفظِ كَرَامَتِهِ وَحِمَايَةِ الحُرُمَاتِ، وَمِن ثَمَّ فَلا مَجَالَ فِيهِ لِلاستِعلاءِ عَلَى النَّاسِ وَإِظهَارِ استِعبَادِهِم، أَو البَطَرِ بِنِعمَةِ القُوَّةِ بِاستِخدَامِهَا استِخدَامًا مُنكَرًا لِحَظِّ النُّفُوسِ، فَالنَّصرُ بِيَدِ اللهِ وَمِن عِندِهِ، وَهُوَ سُبحَانَهُ العَزِيزُ الحَكِيمُ، وَمَا تِلكَ الأَسبَابُ المَادِيَّةُ الَّتِي يُهَيِّئُهَا لِعِبَادِهِ، إِلاَّ بُشرَى لَهُم وَطَمأَنَةٌ لِقُلُوبِهِم، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 123 - 126] أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَلْنَحذَرْ مِنَ البَطَرِ وَالتَّكَبُّرِ وَالرِّيَاءِ وَالاستِعلاءِ، وِالإِعجَابِ بِالقُوَّةِ المَادِيَّةِ مَهمَا عَظُمَت، أَوِ الاعتِمَادِ عَلَى الأَسبَابِ أَيًّا كَانَت؛ فَإِنَّ قُرَيشًا خَرَجَت في يَومِ بَدرٍ بِفَخرِهَا وَعِزِّهَا وَكِبرِيَائِهَا تُحَادُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، ثم عَادَت في آخِرِ اليَومِ بِالذُّلِّ وَالخَيبَةِ وَالانكِسَارِ وَالهَزِيمَةِ. وَإِنَّ الانتِصَارَ العَسكَرِيَّ أَوِ التَّغَلُّبَ السَّيَاسِيَّ أَوِ الاقتِصَادِيَّ، لَيسَ لَهُ في الإِسلامِ مِيزَانٌ، مَا لم يَكُنْ عَلَى أَسَاسِ المَنهَجِ الرَّبَّانيِّ، وَمَا لم تَكُنْ رَايَةُ الجِهَادِ مَرفُوعَةً لِتَقرِيرِ الحَقِّ الَّذِي أَرَادَهُ اللهُ، فَإِنَّمَا هِيَ جَاهِلِيَّةٌ تَنتَصِرُ عَلَى جَاهِلِيَّةٍ، وَلا خَيرَ فِيهَا لِلحَيَاةِ وَلا لِلبَشَرِيَّةِ، في الصَّحِيحَينِ عَن أَبي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ أَعرَابِيًّا أَتَى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلمَغنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَن في سَبِيلِ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُليَا فَهُوَ في سَبِيلِ اللهِ "..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • استغفروا ربكم
  • قفوا ولا ترجفوا
  • يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم
  • {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة فائدة في الكلام على قوله تعالى ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ) الآية من سورة الأنفال(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصحابي الذي طلب من ربه الإعفاء من الإمارة فاستجاب له(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب