• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

رجال بارك الله في أعمارهم

أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/4/2018 ميلادي - 6/8/1439 هجري

الزيارات: 28918

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رجالٌ باركَ اللهُ في أعمَارِهِم

 

الحمدُ للهِ، تباركَ في ذَاتِهِ وباركَ مَن شاءَ مِن خَلقِهِ، الحمدُ للهِ العليِّ الأَكرمِ، لا يُوفِي قَدْرَهُ بَشرٌ ولا يَقُومُ بَحقِّهِ، ولا يَنفَكُّ مَخلوقٌ مِن رِقِّهِ، ولاَ يَستَغنِي بَشَرٌ عَن جُودِهِ ورِزقِهِ، هوَ الأوَّلُ في هذَا الوُجودِ, ولَه وَحدَهُ القِيَامُ والسُّجودُ، وجُودُه سبحانَه لا يُشبِهُه وُجودٌ، أَشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَه، وأَشهدُ أنَّ محمَّدًا عَبدُه ورَسولُه، صلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك عليهِ، وعلَى آلِهِ وصَحبِهِ والتابعينَ، ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يَومِ الدِّينِ... أمَّا بعدُ:

قُل لِلَّذي أَحصَى السِنينَ مُفاخِراً = يا صَاحِ لَيسَ السِرُّ في السَنَواتِ

لَكِنَّهُ في المَرءِ كَيفَ يَعيشُها = في يَقظَةٍ أَمْ في عَميقِ سُباتِ

 

أيها الأحِبةُ: البَرَكةُ هِبةٌ مِن اللهِ تعَالَى، لا تُقَاسُ بالأسبابِ الماديَّةِ ولا بالعملياتِ الحِسابِيَّةِ، فإنَّ اللهَ إذا بَاركَ في العُمُرِ: جَعلَ الأَعوامَ القَليلةَ كمئاتِ السِّنينَ، وإذَا باركَ اللهُ في العُمرِ أَطالَهُ على طَاعتِهِ أَو جَمعَ فيهِ الخَيرَ الكثيرَ، وإذَا بَاركَ اللهُ في العَمَلِ امتدَّ أَثرُهُ، وعَظُمَ نَفعُهُ وبِرُّهُ.

 

وكَم رَأَى الناسُ مِن بَركَةِ اللهِ في الأشياءِ والأَوقاتِ، والأَقوالِ والأَعمالِ والأشخاصِ، فيَكثُرُ القليلُ، ويَعُمُّ النفعُ، ويتَّصِلُ الخيرُ ويَزيدُ.

 

وتَظهَرُ البَركةُ في العُمُرِ والوَقتِ - أيها الكِرامُ - بأنْ يَصنَعَ الوَاحدُ في حَياتِهِ مِن الأَثرِ والتَّأثيرِ ما يَصنَعُهُ الأُلوفُ، حتَّى لَتحتَارُ العُقُولُ في شَأنِهِ، وعِندمَا تَقرأُ سِيرَ عَددٍ مِنَ العُظماءِ مِمَّن حَقَّقُوا إنجازاتٍ كَبيرةٍ، واكتَسَبُوا شُهرةً عَاليةً خِلالَ عُمُرٍ قَصيرٍ سَواءٌ كَانوا عُلماءَ أَجلاءَ أَو مُفكِّرينَ ومُبدِعِينَ أو مُخترِعِينَ, حِينَها تَذهَلُ مِن هَذا الإِنتاجِ الضَّخمِ الذي خَلَّفُوه، وبَعضُهُمْ لَم يَعِشْ سِوَى بضعًا وأَربعينَ عَامًا, أو ربَّمَا أَقلَّ مِن ذَلكَ.

 

وإذَا أَردنَا أنْ نَتذَاكرَ بَعضاً مِن هَؤلاءِ، فإنَّه لا يمكنُ لنَا أنْ نَتجَاوزَ مَن أَقسمَ اللهُ بعُمُرِهِ الشَّريفِ ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ عَاشَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الحَدَّ الأقَلَّ مِن أَعمَارِ أُمَّتِهِ فقَدْ تُوفِّي صلى الله عليه وسلم عَن ثَلاثٍ وستينَ سَنةً.

 

فهُو لَيسَ بالعُمُرِ الطويلِ لكنَّه أَحدثَ فيهِ أَعظَمَ تَغييرٍ في حَياةِ البشَريَّةِ، فقدْ أَخرَجَ اللهُ بهِ النَّاسَ مِن الظلماتِ إلى النَّورِ, وتَفرَّدَ بشَخصيةٍ امتازتْ بصفَاتٍ لَم تَجتمِعْ في أَحدٍ؛ فهُو صلى الله عليه وسلم أَعظَمُ شَخصيةٍ عَرَفهَا التَّاريخُ، وأَكملُ رَجلٍ عَرفتهُ الإنسَانِيةُ علَى الإِطلاقِ.

حتى قالَ أبو ذَرٍ رضي اللهُ عنه: "تَرَكْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ، إِلَّا وَهُوَ يُذَكِّرُنَا مِنْهُ عِلْمًا".

 

والتاريخُ الإسلاميُّ في القديمِ والحديثِ يسطِّرُ أَسماءً كَثيرةً طَالتْ أَعمالُهُمْ وانتشَرَ خَيَرُهُم مع قِصَرِ أَعمَارِهِمْ، كُلٌّ في مِيدَانِهِ.

 

فهَذا خَليفةُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبو بَكرٍ الصِّديقُ عُمُرُه كعُمرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشَ ثَلاثاً وستينَ سَنةً جَمعَ اللهُ بهِ الكَلمةَ وَقتَ الرِّدةِ وأَرسلَ الجيوشَ الفَاتحةَ وأَسَّسَ الخِلافةَ الرَاشدةَ، في خِلافةٍ لَم تَتجاوَزْ مُدَّتُهَا عَامينِ وثَلاثةَ أَشهرٍ تَقريباً.

 

الصَّحابيُّ الجَليلُ سَعدُ بنُ مُعاذٍ رَضي اللهُ عنه أَسلَمَ وعُمُرُهُ ثَلاثينَ سَنةً وتُوفِّيَ وعُمرُهُ ستٌ وثَلاثونَ سنةً، ستُّ سَنواتٍ قضاها في الإسلامِ فقَط، لكنَّه لما مَاتَ اهتَزَّ له عَرشُ الرحمنِ، وفُتِحَتْ لوفَاتِهِ أَبوابُ السَّماءِ، وشَيَّعُه سَبعونَ أَلفَ مَلكٍ، لَم يَطؤوا الأرضَ قَبلَ ذَلكُم اليومَ، وجَاءَ جبريلُ عِندَ وَفاتِهِ وقالَ: مَن هذا العبدُ الصَّالحُ الذي مَاتَ؟

 

أَمَّا إِمامُ العلماءِ يَومَ القِيامةِ مُعَاذُ بنُ جَبلٍ الصَّحابِيُّ الجَلِيلُ الذِي كَانَتْ لَه مَكانةٌ خاصةٌ في قَلبِ محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيثُ الْتَفَتَ إليهِ ذَاتَ يَومٍ وقالَ: "يَا مُعاذُ، واللهِ إنِّي لأُحِبُّكَ"، وصَحَّ أنَّه قَالَ: أَعلَمُ أُمَّتِي بالحَلالِ والحَرَامِ مُعاذُ بنُ جَبلٍ، وقالَ عُمرُ بنُ الخَطابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ: مَن أَرادَ الفِقْهَ فَليَأْتِ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ، وقالَ ابنُ مَسعُودٍ رضي اللهُ عنه: إنَّ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ كانَ أُمَّةً قَانِتاً، تُوفِّيَ مُعاذٌ رَضِي اللهُ عنه وعُمُرُهُ لَمْ يَتجَاوَزِ الثَّالثةَ والثَّلاثِينَ.

 

زَيدُ بنُ ثَابتٍ أَسلَمَ وعُمُرُهُ عَشرةُ أَعوامٍ، وعَلَّمَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القرآنَ وعمُرُه اثنا عشرَ عاماً، ثمَّ تَعلَّمَ العِبريةَ وعُمرُهُ أربعةَ عَشرَ عَاماً، أَصبَحَ مُترجِمُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمُرُهُ ستةَ عَشرَ عَاماً، ثمَّ أصَبحَ ممنْ يَكتبونَ الوحيَ بينَ يَديِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمُرُه سبعةَ عشرَ عاماً، ثمَّ أَصبحَ مَسؤولاً عنِ الموارِيثِ وعمُرُهُ تسعةَ عشرَ عاماً، جمعَ القرآنَ وعُمُرُه واحدٌ وعشرونَ عاماً... أيُّ إنجازٍ هذَا؟

 

ومَن مِنَّا - يا عبادَ اللهِ - لَم يَسمعْ عَنِ الخَليفةِ العَادلِ عُمرِ بنِ عبدِ العزيزِ رَحمه اللهُ، أَحدَ المجدِّدِينَ في تاريخِ الإسلامِ، فقدْ رَجَعَ بالخلافةِ ونِظامِ الحُكمِ إلى عَهدِ الرَّاشدينَ حتَّى عَدَّه بعضُهُم خَامسَ الخلفاءِ الرَّاشدينَ، بَردِّهِ المظالمَ، وإعطاءِ الحرياتِ وحِفظِ المالِ العامِ، وخَلافَتُهُ إنَّما هِي سَنتانِ ونِصفُ سَنةٍ، أمَّا عُمُرُه حِينَ تُوفِّيَ فهُو ثَمانيةٌ وثَلاثونَ عَاماً فَقط!  رَحمه الله.

 

وإنْ نَنسى فلا ننسى الإمامَ الكبيرَ، الإمامَ الشافعيَّ صَاحبَ المذهبِ المشهورِ الذي يَنتسِبُ إليه الشَّافعيةُ في الدُّنيا كلِّهَا، فهو مؤسسُ عِلمِ أُصولِ الفِقهِ، وهو أيضاً إمامٌ في التفسيرِ والحديث ، وهو كذلكَ أديبٌ وشاعرٌ.

 

قالَ إسحاقُ بنُ رَاهَوَيْه: لَقِينَي الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ بمكةَ، فقالَ: تعالَ أُريكَ رَجلاً لَم تَرَ عَينَاكَ مِثلَه، فأَرَانِي الشَّافِعيَّ. قالَ: فتَنَاظَرا في الحديثِ، فلَمْ أَرَ أَعلمَ مِنهُ، ثُمَّ تَنَاظَرا في الفِقهِ فلَمْ أَرَ أَفقهَ مِنهُ، ثُم تَناظَرَا في القرآنِ، فلَمْ أرَ أَقرأ مِنهُ، ثمَّ تنَاظَرا في اللغةِ, فوجَدتُهُ بيتَ اللغةِ, وما رَأتْ عَينَايَ مِثلَه قَطُّ.

بَقِيَ أَنْ تَعلَمَ أنَّ هذَا الإمامَ تُوفِّي وهو في الخمسينَ مِن عُمُرِهِ. رحمهُ اللهِ.

 

أمَّا عن صاحبِ الكُتُبِ الذائعةِ الصِّيتِ، التي مِن أَشهَرِهَا كِتابُ رِياضِ الصَّالحينَ، الكِتابُ الذي سَارتْ بهِ الرُّكبانُ، وقَرَأَهُ العَرَبُ والعَجَمُ، وقَد لا يَخلُو مِنه بَيتٌ أو مَسجدٌ مِن المسَاجدِ في أيِّ مكانٍ علَى سَطحِ الكرةِ الأَرضيَّةِ، إنَّه الإِمامُ النوويُّ وله كتبٌ شَهيرةٌ أُخرَى كالأربعينَ النوويةِ، والمجموعِ، وشرحِ صحيحِ مسلمٍ، بالإضافةِ إلى مؤلفاتٍ أُخرَى كثيرةٍ في الحديثِ والفقهِ وفي علومٍ أُخرَى.

ولعلكَ تَعجَبُ أنَّ هذَا الإمامَ ماتَ وعمُرُه أَربعٌ وأربعونَ سَنةً فَقط رحمه اللهُ.

 

أمَّا الفَقِيهُ البَارعُ والمُقرِئُ الْمُجَوِّدُ والمحدِّثُ الحَافِظُ والنَّحْوِيُّ الحَاذِقُ صَاحِبُ الفُنُونِ: مُحمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ عبدِالهَادِي كمَا قَالَ عنهُ الإِمامُ الذَّهَبِيُّ، والذي قِيلَ عَنهُ أنَّهُ لو عَاشَ لكانَ آيَةً، صَنَّفَ تَصَانِيفَ كَثيرةً ونَافعةً، في شَتَّى الفُنُونِ تَجاوَزَتِ المِئَةَ مُجلَّدٍ، كَمَّلَ بَعضَهَا ولَم يُكْمِلِ البَعضَ الآخَرَ؛ لهُجُومِ الْمَنِيَّةِ عَليهِ في سِنِّ الأَربَعِينَ.

 

وأمَّا فَخرُ الهِندِ وعَلامَتُهُ الإمامُ الحافظُ عَبدُالحَيِّ اللَّكْنَوِيُّ رحمه اللهُ الذي مَاتَ قبلَ نحوِ مِئةٍ وخَمسةٍ وثَلاثينَ سَنةً، أَلَّفَ هَذا الإِمامُ مِئةً وعَشرةً مِنَ الكُتُبِ، وكُتُبُهُ يَتدَاوَلُهَا العُلماءُ إلى الآنِ حِفظاً وشَرحاً ومُدَارَسَةً، تُوفِّيَ هذا الإمامُ وعُمُرُهُ لَم يَتجَاوَزِ الثَّامنةَ والثَّلاثِينَ مِن عُمُرِهِ، وقِيلَ أنَّهُم عَدُّوا أَيَّامَ حَياتِهِ بالنسبةِ لِمَا أَنْتَجَهُ مِن مُؤلَّفَاتٍ فبَلَغَتْ ثَلاثَ وَرَقَاتٍ في كُلِّ يَومٍ.

 

وخِتامُ مَن نَذكُرُهُ: عَلامةُ جَازان، الفقيهُ الأديبُ، العالِمُ الحافظُ الزَّاهدُ الشيخُ حَافظُ بنُ أحمدَ الحكميُّ، الذي طَلبَ العِلمَ علَى يَدِ الشَّيخِ عبدِ اللهِ القرعاويِّ وَنبَغَ بسرعةٍ فَائقةٍ وبَرَعَ في فنونٍ متعددةٍ في فَترةٍ وجَيزةٍ، لَم يَتركْ فَناً مِن فُنُونِ العِلمِ الشَّرعيِّ إلا وكَتبَ فيِهِ مُؤلَّفاً إمَّا نَظماً وإما نَثراً؛ في التوحيدِ، والمصطلحِ، والفقهِ والأُصولِ، والفرائضِ والسيرةِ، والوصايا والآدابِ.

 

ألَّفَ اثنينِ وثلاثينَ كِتاباً،كلُّ هذا المجدِ والمكانةِ حصَّلَها في عُمرٍ قَصيرٍ حيثُ ماتَ وعمُرُه سبعةٌ وثلاثونَ سنةً بعدَ عَودتِهِ مِن الحجِّ.

قدْ مَاتَ قومٌ وما ماتَتْ مَكارِمُهُم * وعاشَ قومٌ وهم في الناسِ أمواتُ

 

باركَ الله لنا في أعمارِنا وجعلها ذُخراً يوم نلقاه، أقول قولي هذا....

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ تباركَ في ذاتِه وباركَ مَن شاءَ مِن خَلقِه، وأشهد أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ جاءَ بالهدَى والآيَاتِ البيِّناتِ صلى اللهُ عليه وسلم تسليماً كثيرًا... أما بعدُ:

 

لا تُقاسُ الحياةُ بطولِ الأيامِ قَدرَ مَا تُقاسُ بما حَقَّقهُ المرءُ من إنجازاتٍ، وبمَا أودعَهُ مِن أعمالٍ.

 

أيها المؤمنونَ: مِن أَعظَمِ الأَعمالِ وأكَثرِهَا مَرضاةً للهِ عزَّ وجلَّ تلكَ التي يَتعَدَّى نَفعُهَا للآخرينَ، وذلكَ لأنَّ نَفعَهَا لا يَقتصِرُ على العاملِ وَحدَه بل يَمتَدُّ إلى غيرِهِ مِن الناسِ بل حتَّى الحيوانِ.

خُذْ لكَ زَادَيْنِ مِن سِيرةٍ = ومِن عَملٍ صَالحٍ يُدَّخَرْ

وكُنْ في الطريقِ عَفيفَ الخُطَا = شَريفَ السَّماعِ كَريمَ النَّظَر

وكُنْ رَجلاً إنْ أَتَوْا بَعدَه = يَقولونَ مرَّ وهذَا الأثَر

 

فالسَّعيُ لنفعِ الآخرينَ هو طَريقُ الأنبياءِ والرسلِ، ووظيفةُ مَن سَلكَ سَبيلَهُمْ، واقتَفَى أَثرَهُمْ.

عبدَ اللهِ: اسألْ نَفسَكَ دَائِماً: ما الأثرُ الذي سَأترُكُهُ بعدَ وفَاتِي؟!

ماذا سَيبقَى لي إذا طُوِيَتْ آخرُ صَفحةٍ مِن صَفحاتِ عُمُرِي؟!

 

إنَّ هذِه الأسئلةَ الملحةَ يَنبغِي أنْ تَكونَ دَافعاً ومحفِّزًا لنَا إلى تَركِ بَصمَاتٍ لنَا بعدَ ممَاتِنَا، إلى تركِ أَثرٍ لنَا يَستَمِرُّ حتَّى يَرِثَ اللهُ الأرضَ ومَن عَليهَا.

 

فانهضْ ودَعْ عَنكَ أَغلالَ الخُمُولِ، وضَعْ بصْمَتَكَ في الحياةِ، فمَا هِيَ إلا أنَفاسٌ تُعدُّ وتُحصَى، لا تَدرِي متَى يَتوقَّفُ لها العدُّ والإِحصاءُ، حِينئذٍ لن يَبقَى لكَ في الدُّنيَا إلاَّ مَا أَبقَيْتَ وادَّخرتَ لآخِرَتِكَ.

ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والسراج المنير، صلى الله عليه وسلم...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدعاء لمن قال بارك الله فيك

مختارات من الشبكة

  • اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأعمارنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حديث: بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى(مقالة - ملفات خاصة)
  • اللهم بارك للناجحين نجاحهم وجهدهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تلفزيون السويد يمتنع عن عرض حلقات "ساوث بارك" المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مسلسل ساوث بارك الأمريكي يعرض النبي في زي دُب(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من رجال الآخرة : الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز رحمه الله(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • البركة وكيف تستجلب؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- فعلا البركة عطية وفضل من الله
أبو الحاكم الجهني - السعودية 23-04-2018 11:12 AM

بعد التحية الشكر لله أولا ثم للكاتب والخطيب على هذا الموضوع المهم والكلمات الباعثة للأمل والمحفزة للعمل وكم نحتاج إلى التفكر والتخطيط السليم وسؤال الله أن يجعلنا من المباركين في حياتنا ولا ننسى سؤال أبينا إبراهيم عليه السلام..(وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ)..فبالثناء يعيش المسلم عمرا آخر مع الناس بذكره الطيب وأعماله الباقيه من علم أو ولد صالح أو صدقة جارية.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب