• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446هـ
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (4)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    العيد في زمن الغفلة... رسالة للمسلمين
    محمد أبو عطية
  •  
    الأضحية ... معنى التضحية في زمن الماديات
    محمد أبو عطية
  •  
    خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    صلاة العيد وبعض ما يتعلق بها من أحكام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (3)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

احذر السيئة فإن لها أخوات (خطبة)

احذر السيئة فإن لها أخوات (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2020 ميلادي - 16/5/1441 هجري

الزيارات: 18510

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

احذر السيئة فإن لها أخوات

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِمَّا يُوجِعُ قَلبَ المُسلِمِ الغُيُورِ، أَن يَرَى فِيمَن حَولَهُ أُنَاسًا مُقِيمِينَ عَلَى مَعَاصِيَ بِعَينِهَا، تَمُرُّ بِهِمُ الشُّهُورُ وَالسَّنَوَاتُ وَهُم عَلَيهَا مُصِرُّونَ، وَتَمضِي أَعمَارُهُم وَهُم عَلَيهَا عَاكِفُونَ، لا يَنفَكُّونَ عَنهَا ولا يَجِدُّونَ في التَّخَلُّصِ مِنهَا، بَل قَد صَارُوا بِهَا كَالمُجَاهِرِينَ، وَالنَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: " كُلُّ أُمَّتي مُعَافَى إِلاَّ المُجَاهِرُونَ" فَهَذَا لا يَشهَدُ الفَجرَ مَعَ الجَمَاعَةِ سِنِينَ عَدَدًا، وَذَاكَ لا يَكَادُ يَشهَدُ جُمُعَتَينِ مُتَتَالِيَتَينِ، وَإن شَهِدَ الصَّلاةَ لم يَحضُرِ الخُطبَةَ، وَثَالِثٌ مُفَرِّطٌ في حَقِّ وَالِدَيهِ أَو عَاقٌّ لَهُمَا، وَرَابِعٌ قَاطِعٌ أَرحَامَهُ لا يُسَلِّمُ عَلَيهِم وَلا يَسأَلُ عَنهُم، وَخَامِسٌ شُغلُهُ النَّمِيمَةُ وَالإِفسَادُ وَتَفرِيقُ القُلُوبِ المُجتَمِعَةِ، وَهُنَا مَن يُؤذِي جِيرَانَهُ وَزُمَلاءَهُ بِسُوءِ خُلُقِهِ، وَهُنَاكَ مَن يُنَغِّصُ حَيَاةَ مَن حَولَهُ بِشَكَاوَاهُ وَمُرَافَعَاتِهِ، وَثَمَّةَ مَن تَعَوَّدَ لِسَانُهُ اللَّعنَ وَالسَّبَّ وَالشَّتمَ، وَمَن أَخَذَ عَلَى الاستِهزَاءِ وَالسُّخرِيَةِ وَفَاحِشِ الكَلامِ، وَالْتَفِتْ يَمنَةً تَرَ مُهمِلاً بَيتَهُ مُقَصِّرًا في تَربِيَةِ مَن تَحتَ يَدِهِ، وَتَأَمَّلْ تَجِدْ مَن هُوَ خَائِنٌ أَمَانَتَهُ مُقَصِّرٌ في وَظِيفَتِهِ، مُستَوفٍ الأَجرَ غَيرُ مُتقِنٍ لِلعَمَلِ، وَمَن هُوَ مُرتَشٍ أَو غَاشٌّ، وَكَم تَرَى مِن مُتَكَبِّرٍ فَخُورٍ مَغرُورٍ، وَظَلُومٍ جَهُولٍ حَسُودٍ، وَنَاظِرٍ إِلى العَورَاتِ وَمُستَمِعٍ لِلغِنَاءِ، إِلى غَيرِ ذَلِكَ مِن مَعَاصِيَ أَلِفَهَا أَصحَابُهَا وَاستَسَاغُوهَا وَمَرَدُوا عَلَيهَا، وَعَادَ أَحَدُهُم يُقَارِفُهَا مِرَارًا وَتَكرَارًا، دُونَ أَن تَهتَزَّ في جَسَدِهِ شَعرَةٌ أَو يَتَحَرَّكُ لَهُ شُعُورٌ...

 

وَيَستَنكِرُ الغُيُورُ حُدُوثَ هَذِهِ المَعَاصِي وَأَمثَالِهَا عَلَى وَجهِ الاستِمرَارِ وَالدَّوَامِ، مِن أُنَاسٍ يَعرِفُونَ الحَلالَ وَلا يَخفَى عَلَيهِمُ الحَرَامُ، وَقَد لا يَجهَلُونَ خَطرَ الإِصرَارِ عَلَى المَعَاصِي، وَيَتَسَاءَلُ بَعدَ ذَلِكَ: مَا الفَرقُ بَينَ هَؤُلاءِ المُستَسهِلِينَ فِعلَ المَعصِيَةِ المُصِرِّينَ عَلَيهَا، وَبَينَ آخَرِينَ تَفزَعُ قُلُوبُهُم وَتَرتَجِفُ مِن مُجَرَّدِ التَّفكِيرِ فِيهَا، وَيَخَافُونَ وَيَحزَنُونَ وَيَنكَسِرُونَ لَو فَعَلُوهَا مَرَّةً وَاحِدَةً؟! فَيُقَالُ: إِنَّهَا القُلُوبُ الصَّحِيحَةُ المُتَيَقِّظَةُ، وَالقُلُوبُ المَرِيضَةُ الغَافِلَةُ، القُلُوبُ المُزهِرَةُ النَّيِّرَةُ، وَالقُلُوبُ اليَابِسَةُ المُظلِمَةُ، قُلُوبٌ يَتَعَاهَدُهَا أَصحَابُهَا بِالغِذَاءِ وَالدَّوَاءِ، وَأُخرَى جَائِعَةٌ مُتَعَطِّشَةٌ قَد أَنهَكَهَا المَرَضُ وَالدَّاءُ.

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ القَلبَ يَصِحُّ وَيَمرَضُ، وَيَستَنِيرُ وَيُظلِمُ، وَيَستَيقِظُ وَيَغفلُ، بَل وَيَحيَا وَيَمُوتُ، وَمَرَدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلى أَحَدِ أَمرَينِ: استِسهَالِ المَعَاصِي وَالسَّمَاحِ لها بِإِضعَافِ القَلبِ وَإِمَاتَتِهِ، أَوِ استِنكَارِهَا وَطَردِهَا وَتَعَاهُدِ القَلبِ وَحِمَايَتِهِ مِن أَن تَلِجَ إِلَيهِ أَو تَسكُنَ فِيهِ، شَاهِدُ ذَلِكَ قَولُهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "تُعرَضُ الفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَالحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلبٍ أُشرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكتَةٌ سَودَاءُ، وَأَيُّ قَلبٍ أَنكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكتَةٌ بَيضَاءُ، حَتى تَصِيرَ عَلَى قَلبَينِ: عَلَى أَبيَضَ مِثلِ الصَّفَا فَلا تَضُرُّهُ فِتنَةٌ مَادَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ، وَالآخَرُ أَسوَدَ مُربَادًّا كَالكُوزِ مُجَخِّيًا، لا يَعرِفُ مَعرُوفًا وَلا يُنكِرُ مُنكَرًا إِلاَّ مَا أُشرِبَ مِن هَوَاهُ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - حِينَ يَغفَلُ المَرءُ عَن قَلبِهِ، وَيَفتَحُهُ لِلشَّهَوَاتِ وَاحِدَةً بَعدَ وَاحِدَةٍ، وَيَسمَحُ لِلمَعَاصِي أَن تَزُورَهُ مَعصِيَةً بَعدَ أُخرَى، وَلا يَستَنكِرُ أَن يَطعَنَهُ بِمُنكَرٍ مِنَ القَولِ أَوِ الفِعلِ طَعَنَاتٍ مُتَتَالِيَاتٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ القَلبَ يَمرَضُ وَيَسقَمُ، وَيَألَفُ المَعَاصِيَ وَيُدمِنُ المُنكَرَاتِ، كَمَا يَألَفُ الخَمرَ شَارِبُهَا وَيُدمِنُهَا، فَتَصِيرُ تِلكَ المَعَاصِي جُزءًا مِنهُ أَو كَالجُزءِ مِنهُ، لا يَستَنكِرُهَا وَلا يَخَافُ مِنهَا، بَل لا يَعِيشُ إِلاَّ عَلَيهَا، بَينَمَا يَبقَى القَلبُ الصَّحِيحُ الحَيُّ كَالثَّوبِ النَّظِيفِ، لا يَكَادُ يَخفَى عَلَى صَاحِبِهِ مَا يَقَعُ عَلَيهِ مِن وَسَخٍ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ لا يَرتَاحُ حَتى يُزِيلَ ذَلِكَ الوَسَخَ مَهمَا صَغُرَ أَو قَلَّ، لِيَعُودَ الثَّوبُ نَظِيفًا نَقِيًّا.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ لا يَكَادُ يَسلَمُ مِنَ المَعَاصِي أَحَدٌ مِن بَني آدَمَ، وَلَكِنَّ العِبرَةَ فِيمَا بَعدَ وُقُوعِ المَعصِيَةِ وَتَلَبُّسِ العَبدِ بِهَا، فَمَنِ المُوَفَّقُ الَّذِي يُسَارِعُ إِلى الإِقلاعِ عَنهَا وَالتَّوبَةِ مِنهَا وَالنَّدَمِ عَلَى فِعلِهَا؟ مَنِ الحَيُّ الَّذِي يَخَافُ مِنهَا وَيَخشَى أَن تَكُونَ هِيَ مُهلِكَتَهُ؟ وَمَنِ المَخذُولُ الَّذِي لا يَهتَمُّ لِذَلِكَ وَلا يَتَحَرَّكُ بِهِ شُعُورُهُ، فَيَستَصغِرُهَا وَيَحتَقِرُهَا وَيَمضِي وَكَأَنَّه لم يَحدُثْ لَهُ شَيءُ؟! قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "كُلُّ بَني آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِيَّاكُم وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَومٍ نَزَلُوا بَطنَ وَادٍ فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، حَتى حَمَلُوا مَا أَنضَجُوا خُبزَهُم، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتى يُؤخَذْ بها صَاحِبُهَا تُهلِكْهُ" رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ ابنُ مَسعُودِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: إنَّ المُؤمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَن يَقَعَ عَلَيهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا.

 

مَا أَجمَلَهُ بِالمُسلِمِ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - أَن يَتَعَاهَدَ نَفسَهُ وَيَكُونَ شَدِيدَ المُحَاسَبَةِ لها، سَرِيعَ الرُّجُوعِ إِلى رَبِّهِ، سَرِيعَ الأَوبَةِ مِن ذَنبِهِ، سَرِيعَ الإِقلاعِ عَنِ المَعصِيَةِ، مُسَابِقًا إِلى التَّوبَةِ مِنهَا، كُلَّمَا فَعَلَ ذَنبًا أَتبَعَهُ بِعَمَلٍ صَالِحٍ دُونَ تَرَدُّدٍ وَلا تَلَكُّؤٍ وَلا تَأَخُّرٍ، وَكُلَّمَا زَلَّت بِهِ قَدَمٌ عَادَ وَنَدِمَ، وَأَتبَعَ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ مُبَاشَرَةً لَعَلَّهَا تَمحُوهَا وَتُزِيلُ أَثَرَهَا السَّيِّئَ وَتُطَهِّرُ القَلبَ مِنهَا، وَقَد أَمَرَ بِهَذَا العِلاجِ النَّاجِعِ طَبِيبُ القُلُوبِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فَفِي الصَّحِيحَينِ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "مَن حَلَفَ فَقَالَ في حَلِفِهِ: بِاللاَّتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إلَهَ إلاَّ اللهُ، وَمَن قَالَ لِصَاحِبهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ" هَل وَعَيتُم هَذَا العِلاجَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ؟! إِنَّهُ المُبَادَرَةُ بِالطَّاعَةِ بَعدَ المَعصِيَةِ، وَالتَّعَجُّلُ بِتَصحِيحِ الخَطَأِ بَعدَ وُقُوعِهِ، وَالمُسَارَعَةُ بِإِرغَامِ الشَّيطَانِ بِفِعلِ الخَيرِ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّحمَانُ، فَمَا أَحرَانَا أَن نَأخُذَ بِهَذَا العِلاجِ النَّاجِعِ في حَيَاتِنَا كُلِّهَا، فَنُبَادِرَ إِلى مَا يُرضِي اللهَ بَعدَ الوُقُوعِ فِيمَا يُسخِطُهَ، وَنُسَارِعَ بِالعَودَةِ إِلى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ إِن نَسِينَا أَو غَفَلنَا فَمِلْنَا عَنهُ أَو جَانَبنَاهُ، فَبِذَلِكَ تَبقَى قُلُوبُنَا حَيَّةً فَتُحِبُّ الطَّاعَةَ وَتَألَفُهَا، وَتَكرَهُ المَعصِيَةَ وَتُنكِرُهَا، وَبِذَلِكَ نَكُونُ مِنَ المُتَّقِينَ المَهدِيِّينَ المَرحُومِينَ، المُثَبَّتِينَ عَلَى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، المُيَسَّرِ لَهُم فِعلُ الخَيرِ.

 

قَالَ - سُبحَانَهُ - في وَصفِ المُتَّقِينَ: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 135، 136] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 66 - 68] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 10] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا ﴾ [مريم: 76] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف: 13] اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنتَ خَيرُ مَن زَكَّاهَا، أَنتَ وَلِيُّهَا وَمَولاهَا، اللَّهُمَّ اهدِنَا لأَحسَنِ الأَعمَالِ لا يَهدِي لأَحسَنِهَا إِلاَّ أَنتَ، وَاصرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لا يَصرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنتَ...

♦    ♦    ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ، وَتَعَاهَدُوا أَنفُسَكُم بِفِعلِ الحَسَنَةِ بَعدَ الحَسَنَةِ، وَاحذَرُوا الإِصرَارَ عَلَى المَعصِيَةِ مَهمَا صَغُرَت، وَلْيَعلَمْ مَن وَجَدَ مِن نَفسِهِ حُبًّا لِفِعلِ الحَسَنَاتِ وَخِفَّةً إِلَيهَا، وَوَجَدَ في قَلبِهِ حُرقَةً لِفَوتِهَا، أَنَّ ذَلِكَ مِن تَوفِيقِ اللهِ لَهُ وَإِثَابَتِهِ إِيَّاهُ عَلَى الحَسَنَةِ بِتَيسِيرِ الحَسَنَةِ بَعدَهَا، وَمَن وَجَدَ مِن نَفسِهِ تَسَاهُلاً بِفِعلِ المَعصِيَةِ وَعَدَمِ حُزنٍ عَلَى تَكرَارِ فِعلِهَا، فَلْيَعلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مِن خِذلانِ اللهِ لَهُ وَعِقَابِهِ عَلَى مَا سَبَقَهَا مِن مَعَاصٍ اقتَرَفَهَا وَلم يَصدُقْ في التَّوبَةِ مِنهَا، وَشَوَاهِدُ ذَلِكَ في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ كَثِيرةٌ، مِنهَا مَا تَقَدَّمَ في الخُطبَةِ الأُولى، وَمِنهَا أَيضًا قَولُهُ - تَعَالى -: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: 5] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: 10] وَفي الصَّحِيحَينِ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: قَالَ "عَلَيكُم بِالصِّدقِ؛ فَإِنَّ الصِّدقَ يَهدِي إِلى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهدِي إِلى الجنَّة، وَلا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدقَ حَتَّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُم وَالكَذِبَ فَإِنَّ الكَذِبَ يَهدِي إِلى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهدِي إِلى النَّارِ، وَلا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكذِبُ وَيَتَحَرَّى الكَذِبَ حَتَّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ كَذَّابًا" فَالتَّوبَةَ التَّوبَةَ، فَإِنَّ الذُّنُوبَ مَرَضٌ وَدَاءٌ، وَإِنَّ الاستِغفَارَ دَوَاءٌ، وَإِنَّ التَّوبَةَ النَّصُوحَ هِيَ الشِّفَاءُ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ اللهَ يَبسُطُ يَدَهُ بِاللَّيلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ حَتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغرِبِهَا" رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • السنة الحسنة والسنة السيئة
  • الاختلاط وآثاره السيئة ( خطبة )
  • أقوال في الأخلاق السيئة
  • اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها

مختارات من الشبكة

  • السيئات الجارية احذروها قبل فوات الأوان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآثار السيئة لضعف الوازع الأخلاقي (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الآثار السيئة للشح والبخل (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • التشاؤم وآثاره السيئة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطيبي يريد فسخ الخطبة لظروفه السيئة(استشارة - الاستشارات)
  • الوصية بإتباع السيئة بالحسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في الأخلاق السيئة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآثار السيئة لهجر العقلانيين للسنة (2)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الآثار السيئة لهجر العقلانيين للسنة (1)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/12/1446هـ - الساعة: 15:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب