• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

آراء الغزالي وابن تيمية في الحد المنطقي

آراء الغزالي وابن تيمية في الحد المنطقي
د. زيد الشريف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/2/2015 ميلادي - 27/4/1436 هجري

الزيارات: 53532

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آراء الغزالي وابن تيمية في الحد المنطقي


سأتناول في هذا المقال بحول الله تعالى مذاهبَ الناس في معنى الحد؛ هذا الموضوع اختلفَت حوله الآراء والأفهام، وأول من تكلَّم حوله مَناطقةُ اليونان، وتحديدًا المنطق الأرسططاليسي، وجاء مِن بعدهم بعضُ علماء الإسلام الذين ألَّفوا فيه وتكلَّموا حوله، وسأخصُّ بالذِّكر في هذا المقال رأي عالِمَين من علماء الإسلام؛ وهما الإمام الغزاليُّ وابن تيميَّة رحمهما الله تعالى.

 

مفهوم الحدِّ عند الغزالي (ت 505 هـ) رحمه الله تعالى:

إن الإمام الغزالي لاشتِغاله بالمنطق وتأثُّرِه بطريقة أهل الكلام؛ خالف علماءَ أصول الفقه في بيانهم لمعنى الحدِّ، وأتى بتَفصيل يوافق ما عليه المَناطقة؛ ولهذا ففي كتابه "المُستَصفى في علم أصول الفقه" يَعتبر أنَّ الحدَّ إنما هو ما يُذكر جوابًا عن الأسئلة التي تكون في المحاوَرات، وبالتالي لا يمكن أن نُجيب في جميع الأسئلة بالحدِّ؛ فالحدُّ مختص ببعض الأسئلة لا كلِّها، ومن ثَم فهو يقسم الأسئلة والمطالب إلى أربعة:

• ما يُطلب بصيغة (هل)، وهي تختص بطلب الاستفسار عن أصل الوجود، أو بطلب حال الموجود ووَصفِه.

 

• وما يُطلب بصيغة (ما): فجعلها تُستعمل لطلب ثلاثة أشياء: طلب شرح اللفظ بها، أو طلب لفظ محرَّر جامع مانع يتميَّز به المسؤول عنه مِن غيره، وطلب ماهية الشيء وحقيقته وذاته.

 

• وما يُطلب بصيغة (لِمَ): وهو سؤال عن العلة.

 

• وما يطلب بصيغة (أَيُّ): وهو طلب تمييز ما عرف جملته عمَّا اختلط به[1].

 

إلا أنه في هذه المطالب الأربعة لا يكون الحدُّ جوابًا عنها في نظره إلا في المطلَب الثاني بأقسامه الثلاثة؛ أي: ما يُطلب بصيغة (ما)؛ إذ يقول: "واسم الحدِّ في العادة قد يُطلَق على هذه الأوجه الثلاثة بالاشتراك"[2]؛ ولهذا فهو يسمِّي كلَّ قسم باسم، ويَشترط في القسم الثالث أن يشتمل على جميع مفردات الشيء؛ أي: ما اشترطه الأصوليُّون من شرط الجمع، قال: "فلنخترع لكلِّ واحد اسمًا، ولنسمِّ الأول حدًّا لفظيًّا؛ إذ السائل لا يطلب به إلا شرح اللفظ، ولنسمِّ الثاني حدًّا رسميًّا؛ إذ هو مطلب مُرتسِم بالعلم غير متشوِّف إلى دَرَكِ حقيقة الشيء، ولنسمِّ الثالث حدًّا حقيقيًّا؛ إذ مطلب الطالب منه درَكُ حقيقة الشيء"[3].

 

ويَشترط الغزالي في الإنسان الذي يريد أن يحُدَّ شيئًا: أن يكون بصيرًا بالفَرق بين الصفات الذاتية واللازمة والعرَضيَّة في عملية تحديده؛ فالصفات الذاتية يعني بها كلَّ داخل في ماهية الشيء وحقيقته دخولاً لا يُتصوَّر فَهم المعنى دون فَهمِه، واللازمة ما لا يفارق الذات ألبتَّة، ولكن فهم الحقيقة والماهية غير موقوفٍ عليه، والعارض ما ليس من ضرورته أن يُلازم، بل يُتصوَّر مفارقتُه إمَّا سريعًا كحُمرة الخجَل، أو بطيئًا كصُفرة الذهب[4].

 

وهكذا فالحدُّ الحقيقي يُشترط فيه ألا يَشتمل إلا على الذاتيات[5]، وأن يكون جامعًا لجميع ذاتيات المحدود؛ حتى يُتصوَّر بها كُنهُ حقيقة الشيء وماهيتُه[6].

 

فالذاتيات في الحدِّ الحقيقي يجب أن تُذكر كلُّها، لكن مع الانتباه إلى أنه إذا تغيَّرت الصفات الذاتية بشكل يؤثِّر في ماهية الشيء، بحيث يتغيَّر الجواب عن الماهية، ففي هذه الحال يجب ذكرُ ما يدخل في الماهية في وقتها الحاليِّ، لا بما كانت عليه[7].

 

ومثال ذلك كما قال الغزالي: "وأمَّا ما هو أخصُّ من الإنسان من كونه طويلاً أو قصيرًا، أو شيخًا أو صبيًّا، أو كاتبًا أو أبيضَ أو محترِفًا، فشيءٌ منه لا يَدخل في الماهية؛ إذ لا يتغيَّر جواب الماهية بتغيُّره، فإذا قيل لنا: ما هذا؟ فقلنا: إنسان، وكان صغيرًا فكَبِر، أو قصيرًا فطال، فسُئلنا مرَّة أخرى: ما هو؟ لست أقول: من هو؟ لكان الجوابُ ذلك بعَينه...

 

وكذلك الماء إذا سُخِّن فقيل: ما هو؟ قلنا: ماء، كما في حالة البرودة، ولو استحال بالنار بُخارًا ثم هواء، ثم قيل: ما هو؟ تغيَّر الجواب.

 

فإذا انقسمَتِ الصفات إلى ما يتبدَّل الجواب عن الماهية بتبدُّلِها وإلى ما لا يتبدَّل، فلنَذكُر في الحد الحقيقيِّ ما يدخل في الماهية"[8].

 

أمَّا بالنسبة للحد اللفظيِّ والرسمي، فيعتبر أمرهما سهلاً؛ لأن السائل قانعٌ بأبسط الأجوبة، إمَّا بتبديل لفظ مكان لفظ، أو إبداله بوصف عرَضي جامع مانع؛ كتبديل لفظ العُقار بالخَمر، وتبديل لفظ العِلم بالمعرفة، أو بما هو وصف عرَضيٌّ جامع مانع[9].

 

ويَشترط الغزالي في الحدِّ الحقيقي وظائفَ تبيِّن ماهية الشيء، وإلا فسيكون رسميًّا أو لفظيًّا؛ هذه الوظائف هي:

• أن تُجمع أجزاء الحدِّ من الجنس والفصول[10]، ويقصد بالفصول ذلك القيد الذي به يُحترَز عن غيره.

 

• أن يَذكر الحادُّ جميع الذاتيَّات، ولو كانت أَلْفًا، بتقديم الأعمِّ على الأخص.

 

• ألا يذكر الحادُّ الجنس البعيد مع وجود الجنسِ القريب.

 

• أن يحترز من الألفاظ الغريبة الوحشيَّة والمجازيَّة البعيدة والمشتركة المتردِّدة، ويجب الاجتهاد في الإيجاز، وتُستعمل الاستِعارة للضرورة[11].

 

ثم بعد هذا يقرِّر الغزاليُّ أن تعريف الحد الحقيقيِّ عند مَن لا يطلق اسم الحد إلا على الحقيقي، هو القول الدالُّ على تمام ماهية الشيء، ولا يحتاج في هذا إلى ذِكر الطَّرد والعكس؛ لأنَّ ذلك تبعٌ للماهية بالضرورة، ولا يحتاج إلى التعرُّض للَّوازم والعوارض؛ فإنها لا تدل على الماهية، بل لا يدل على الماهية إلا الذاتيات[12].

 

فما الصحيح عند الغزالي في تعريف الحدِّ؟ يجيب بأنه يجب أن تستقرَّ المعاني في العقل أولاً، ثم بعد ذلك نأتي بالألفاظ الدالَّة على هاته المعاني، هذا هو السبيل القويم والمنهج السليم، عكس مَن يقدِّم الألفاظ على المعاني؛ ولهذا فالأشياء في الوجود أربع مراتب:

• حقيقته في نفسه.

• وثبوت مثاله في الذهن.

• والتعبير عنه بصوتٍ؛ هو العبارة.

• وتأليف الحروف التي تدل عليه؛ هي الكتابة.

 

هذه الأربع: الأولى والثانية حقيقيَّة ثابتة لا تتغيَّر، والثالثة والرابعة تتغيَّر باختلاف الأعصار والأمكِنة، وبما أن الحدَّ مأخوذ من المنع، فهذا المنع يتجلَّى في هذه الأربعة بشكل واضح، لكنَّ الحدَّ في العادة لا يطلق على الكتابة ولا على العِلم[13].

 

فكل شخص يَقبل نوعًا معيَّنًا من الحدود، فالبعض يقبل تكرير اللفظ، ومنهم من يقبل الحدَّ الرسمي؛ أي: تعداد لوازمه وعوارضه، ومنهم مَن لا يقبل إلا الحدَّ الحقيقي؛ بمعنى ضرورة ذِكر الذاتيات في الحد.

 

فمن هنا جاء الاختِلاف والتعدد في الحدود، وهذا الذي جعل الغزاليَّ يقول بتعدد الحدود؛ لأن اللفظ قد يكون مشتركًا فتتعدد حدودُه، فمن الناس من سيقتَصر على الحد الرسميِّ، والآخر على اللفظي، والآخر سيَعمد إلى الحد الحقيقي، قال: "فإذا اختلفَت الاصطلاحاتُ، فيجب بالضرورة أن تختلف الحدود، فيقال في حدِّ العقل باعتبار أحدِ مسمَّياته: إنه بعض العلوم الضرورية؛ كجواز الجائزات واستحالة المستحيلات، كما قاله القاضي أبو بكر الباقِلاَّني رحمه الله، وبالاعتبار الثاني: إنه غريزة يتهيَّأ بها النظر في المعقولات، وهكذا بقية الاعتبارات"[14].

 

وفي سياق آخر يقول: إن هذا التعدد في الحدود هو خاصٌّ فقط بالحد اللفظي والرسمي؛ لتعدد الأسامي والمترادفات في الأوَّل، وتعدد العوارض واللوازم في الثاني.

 

أما الحد الحقيقي، فلا يُتصوَّر أن يكون متعددًا؛ باعتبار أن الذاتيات لا تتعدد، لكن يجوز أن تختلف العباراتُ المترادفة فيه[15].

 

إلا أن الغزاليَّ في الأخير مع تقسيمه للحدِّ إلى لفظي ورسمي وحقيقي، وقوله باختلاف الحدود وتعدُّدِها، نجده يميل إلى رأي المَناطِقة القائلين بصعوبة الحدِّ الحقيقي؛ لعدم التمكُّن من إعطاء حدٍّ للعلم؛ لصعوبته واشتراك معانيه، فإذا عجز عن إعطاء حدٍّ للمُدرَكات مثل رائحة المِسك، فعن تحديد الإدراكات أعجَزُ، وإنما المقدور عليه فقط شرحُ معنى العلم بتقسيم ومثال؛ فأما التقسيم فهو أن نميِّزه عما يلتبس به، ولا يخفى وجه تميزه عن الإرادة والقدرة وسائر صفات النفس، وإنما يلتبس بالاعتِقادات.

 

ولا يخفى أيضًا وجه تميزه عن الشك والظن؛ لأن الجزم منتفٍ عنهما، والعلم عبارة عن أمر جزم لا تردُّد فيه ولا تجويز.

 

ولا يخفى أيضًا وجه تميُّزه عن الجهل؛ فإنه متعلق بالمجهول على خلاف ما هو به، والعلم مطابق للمعلوم، وربما يَبقى ملتبسًا باعتقاد المقلِّد الشيءَ على مَا هُو به، عن تلقُّفٍ لا عن بصيرة، وعن جزم لا عن تردد[16].

 

وأما المثال، فهو أنَّ إدراك البصيرة الباطنة تفهمه بالمقايسة بالبصر الظاهر، ولا معنى للبصر الظاهر إلا بانطباع صورة المُبصَر في القوة الباصرة من إنسان العَين، كما يُتوهَّم انطباع الصور في المِرآة مثلاً، فكذلك العقل على مِثال مِرآة تنطبع فيها صور المعقولات على ما هي عليها، وأعني بصور المعقولات حقائقَها وماهياتها، فالعلمُ عبارةٌ عن أخذ العقل صورَ المعقولات وهيئاتِها في نفسه وانطباعِها فيه، كما يُظن من حيث الوهَمُ انطباع الصور في المرآة[17]، ويخلص في الأخير إلى أن الشرح بالتقسيم والمثالِ يُغنيانِنا عن تكلُّف التحديد[18].

 

مفهوم الحد عند ابن تيمية رحمه الله تعالى ورده على المناطقة:

إن ابن تيميَّة تكلَّم عن الحدِّ وعن مفهومه في مَواطِنَ مختلفةٍ من كتبه؛ أهمها كتابه المميَّز "الردُّ على المنطقيِّين" والمسمَّى "نصيحة أهل الإيمان، في الردِّ على منطق اليونان"، وكتابه "نقض المنطق"، وأيضًا في "مجموع الفتاوى".

 

لكني سأركِّز في هذا المقال على كتاب "الرد على المنطقيين"؛ لأن ابن تيميَّة فصَّل فيه بشكل مُسهَبٍ قضايا الحدِّ، وردَّ فيه على المخالَفات التي جاء بها المناطقة، ودَحضَها بالحجة والبرهان التي أبانَت عُوار جلِّ ما جاء به المناطقة، ومخالفتَه العقل والواقع، بل خَلص بحثُ ابن تيميَّة إلى نتيجة واضحة يقول فيها: "فإني كنت دائمًا أعلم أنَّ المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكيُّ ولا ينتفع به البليد، ولكن كنتُ أحسب أنَّ قضاياه صادقةٌ لِمَا رأيت من صِدق كثيرٍ منها، ثم تبيَّن لي فيما بعدُ خطأُ طائفة من قضاياه، وكتبتُ في ذلك شيئًا"[19].

 

وقال: "وأيضًا لا تجد أحدًا من أهل الأرض حقَّق علمًا من العلوم، وصار إمامًا فيه مستعينًا بصناعة المنطق، لا من العلوم الدينيَّة ولا غيرها؛ فالأطباء والحُسَّاب والكتَّاب ونحوُهم يحقِّقون ما يحققون من علومهم وصناعاتهم، بغير صناعة المنطق"[20].

 

بل اعتبَر رحمه الله أنَّ إدخال المنطق في العلوم يُعقِّدها ويصعِّبها ويُطيل العبارةَ فيها[21]، ورجَّح رحمه الله أفضليةَ النحو على المنطق؛ باعتبار أن النحوَ فيه من التحقيق والتدقيق ما ليس للمنطق، وأن النَّحويِّين يتكلَّمون عن صور المعاني المعقولة بأكمَلِ القواعد، فهذا خيرٌ من التكلم في أمور فطريَّة باصطلاح خاصٍّ لا يُحتاج إليه؛ كفِعل المناطقة[22].

 

على أيَّة حال هذا هو رأي ابن تيميَّة في المنطق جملة، إلا أنَّ الغرض من هذا المقال هو بيانُ معنى الحد عنده؛ باعتباره مبحثًا أساسيًّا من مباحث المنطق، وبيان نقضِه للمنطق بالتفصيل.

 

إن ابن تيميَّة يرد على قول المناطقة: إنَّ التصوراتِ غيرَ البديهيَّة لا تُنال إلا بالحد؛ من باب أننا نجد الأمم كلَّها استغنَت عن الحد المنطقي، ومع ذلك هم يَعرفون الأمور التي يحتاجون إلى معرفتها ويتصوَّرون مفردات علمهم.

 

بل عند ابن تيميَّة لا يُعلم للناس حدٌّ مستقيم على أصل المناطقة، بل كل المحدودات معترَضٌ عليها، فلو كان التصوُّر موقوفًا على الحد لما تصوَّر الناس حتى الآن شيئًا ولما صدَّقوا بشيء؛ لأن التصديق موقوفٌ على التصور، ويتجلَّى هذا في عجزِهم عن إعطاء حدٍّ للإنسان، وقولهم بأنه الحيوانُ الناطق، وهذا الحدُّ اعتُرض عليه بأنه لفظٌ لا يختص به الإنسانُ وحده؛ لأنَّ النُّطق صفةٌ يشترك فيها الإنسانُ مع الملائكة[23].

 

وما اشترَطه المناطقةُ في التصوُّر بأن يكون بالحدِّ الحقيقي الذي يجب أن يشتَمِل على الصفات الذاتيَّة فقط، وأن يكون مركَّبًا من الجنس والفصل[24]، فهذا عنده متعذِّر ومتعسِّر، ويستحيل أن نتصوَّر به حقيقةً من الحقائق، والواقع يثبت أنَّنا نتصوَّر كثيرًا من الحقائق دون اللجوء إلى حدِّهم[25].


بل المناطقة يقولون: إن العقل ليس له حدٌّ حقيقي، وهو من التصوُّرات باعترافهم، فيلزم من قولهم هذا أنه لا يوصَل بالحدِّ إلى التصور.

 

ويقولون بأنه لا يُشترط في التصور التامِّ أن يَحصل بالحدِّ الحقيقي، بل يكفي فيه أدنى تصور، وهو المميز العرَضي الذي هو الخاصة، وهذا اعتراف منهم بأن جنس التصور لا يقف على الحدِّ الحقيقي[26].

 

علاوةً على أن المستمع للحد لا بد أن يكون له سبقُ تصوُّر للألفاظ التي جاءت في الحد، وإلا فلا يمكنه أن يتصوَّر المحدود، فإذا قيل له: أرضٌ - سماء... فهو يتصوَّر معناها قبل سماعه بها، ولا يُمكنه أن يفهَم المعنى من اللفظ إلا بتصوُّره لمعناه قبل ذلك؛ فدلَّ هذا على امتناعِ وخطأ قولهم: إنما تصوَّر المحدود باستماعِه للفظ[27].

 

ويَذكر ابن تيميَّة أن القصد من الحد هو التمييز لا التصوير، ومن ثَم يكون الحد في حقيقته ليس إلا اسمًا من الأسماء، وتنبيهًا للذهن إلى الأشياء الموصوفة بعدَ أن يكون غافلاً عنها؛ أي: مِن قَبيل لفت الإدراك ليحصل التصوُّر؛ ولهذا فالمناطقة لا يحدُّون إلا بالخاصة المميِّزة؛ أي: المميز العرَضي، فكلما كان أوجزَ وأجمع وأخصَّ، كان أحسنَ؛ كالأسماء، فليس الحدُّ في الحقيقة إلا اسمًا من الأسماء، أو اسمين أو ثلاثة؛ كقولك: حيوان ناطق[28]، وكلَّما قلَّتِ الأفرادُ كان التمييزُ أيسَر[29].

 

وهذا يُعارض ما ذكَره الغزالي منِ اشتراط ذِكر جميع الصِّفات المحدَّدة في الحد؛ إذًا فائدة الحدِّ كفائدة الاسم، فالحد تعريفٌ للنوع بالصفة وللعين بالجهة، فإذا قلت حد الأرض شمالا كذا وجنوبا كذا، تكون قد ميزت الأرض باسمها وحدها، فحقيقة الحد بيان مسمى الاسم فقط.

 

وتصوُّر المعاني عند ابن تيميَّة لا يَفتقِر إلى الألفاظ، فالمُستمِع قد يمكنه تصوُّر تلك المعاني من غير تخاطُب بالكلية، ومن ثَم لا يشترط الحد في التصور؛ لأنَّ الشيء المتصوَّر لدى الإنسان يكون إما بالحواسِّ الظاهرة: كالطعم واللون، أو بالأمور الحسِّية الباطنة؛ كالجوع والشِّبع، وكل هذه التصورات غنيَّة عن الحد[30].

 

بل التصورات والتصديقات البديهيَّة عند ابن تيمية لا يُشترط فيها الحد، وكون العلم بديهيًّا أو نظريًّا؛ فإنه أمر نسبي، فمَن تيقَّن بعض التصورات والتصديقات وأصبحَت عنده بديهيَّة، فهي عند غيره ظنِّية.

 

ومن كان عنده أمرٌ من الحسِّيات، فهو عند غيره لا يَعلمها إلا بالتواتر، والآخر لا يعلمها إلا بالظن، ومن لم يسمَعها فهي من المجهولات عندَه[31]، وقد تكون بعضُ البديهيات عند شخص كذبًا عند الآخرين!

 

إذًا فاشتراط الحدِّ في النظريِّ لا يُسلَّم؛ لأنَّ ما هو يقيني عند شخص نظريٌّ عند الآخر، فيحتاج إلى الحد، وما كان عكسه فلا يحتاج إلى الحد، وحتى الذي لم يعلمها بالبديهة، يمكن أن تصير بديهة له بمثل الأسباب التي حصلت لغيره بدون حد[32].

 

والمناطقة أنفسُهم يعترفون بإمكانيَّة نقض الحدِّ ومعارضَته؛ ويكون نقضه ببيان أن المحدود أعمُّ من الحد أو العكس، أو معارضته بحدٍّ آخر، فدل هذا على أنه لا يمكن أن تنقض الحد أو تعارضه إلا بعد تصوُّره، والنتيجة الحتمية هي إمكانية تصوُّر المحدود بدون حدٍّ منطقي.

 

ثم يأتي ابن تيميَّة بعد ذلك ليبين المقصَد الصحيح من الحدِّ؛ وهو التمييز بين المحدود وغيره، بما يُلازم المحدود طردًا وعكسًا، وليس تصوير المحدود وتعريف حقيقته وماهيته كما هو مذهب المناطقة، وعلى رأسهم أرسطو ومَن تبعه من المسلمين؛ كالغزالي وابن سينا.

 

يقول ابن تيميَّة: "وأما سائر طوائف النُّظَّار من جميع الطوائف: المعتزلة والأشعريَّة والكرَّامية والشِّيعة وغيرهم ممن صنَّف في هذا الشأن من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم، فعندهم إنما تفيد الحدودُ التمييزَ بين المحدود وغيره، بل أكثرهم لا يُسوِّغون الحدَّ إلا بما يميز المحدود عن غيره، ولا يجوز أن يُذكر في الحد ما يعمُّ المحدود وغيرَه؛ سواء سمِّي جنسًا أو عرَضًا عامًّا، وإنما يحدُّون بما يلازم المحدود طردًا وعكسًا، ولا فرق عندهم بين ما يسمَّى فَصلاً وخاصة، ونحو ذلك، مما يتميز به المحدود من غيره"[33].

 

ويبيِّن ابن تيميَّة أن تعريف الحدِّ الصحيح هو الذي كان جامعًا مانعًا؛ قال: "إن كل ما أحاط بالمحدود بحيث لا يَدخل فيه ما ليس منه، ولا يخرج منه ما هو منه، كان حدًّا صحيحًا"[34].

 

ويورد ابن تيميَّة ما ذكره الغزاليُّ من صعوبة الحدِّ وتعسُّره على القوى البشريَّة إلا عند التشمير والجهد، في الفصل السابع من كتابه "مِعيار العلم"، ويرد عليه ابن تيميَّة، ويبيِّن خطأ تصوُّرهم للحد وما اشترَطوه فيه من الشروط المعقَّدة، وزعمهم أن المقصَد من الحد التصوُّر وبيانُ ماهيَّة الشيء، وتفريقهم بين الصفات الذاتية الداخلة في الماهية، والصفات اللازمة والعرَضيَّة، وغيرها من الشروط، فالحدُّ بهذه الصورة متعسِّر ضرورة.

 

ويؤكِّد ابن تيميَّة أن طريقة المتكلمين في تعريفهم للحدِّ هي أسلَمُ من المناطقة؛ لقولهم: إن القصد من الحدِّ التمييز، وهو قد يحصل بالفصل والخاصة؛ أي: المميز الذاتي والعرَضي[35].

 

ويصرِّح ابن تيميَّة بأن صناعة الحدود صناعة وضعية اصطلاحية غير فطرية، مخالفةٌ لصريح العقل والوجود، وليس فيها منفعة، عكس أسماء الأعلام التي هي من الأوضاع المجرَّدة والتي فيها منفعة؛ أي: إنَّها لا تخالف عقلاً ولا وجودًا.

 

فإذا كان الحد ميزانَ العلوم والحقائق، فإن هذه العلوم والحقائق تختلف باختلاف الأوضاع والاصطلاحات؛ كالمعرفة بصفات الأشياء وحقائقها[36].

 

وحتى زعمهم بأن المنطق هو ميزانُ العلوم العقلية، فابن تيميَّة يخالفهم في ذلك؛ باعتبار أن العلوم العقلية مستقلَّة متحررة لا يمكن أن يقلِّد فيها أحدٌ الآخر، أو يحجر أحد على أحد بقانون وضعي لشخص معين[37].

 

وعقَّب ابن تيمية على الغزالي عندما أطلق كلمة صناعة الحد، بأن جماهير العقلاء من جميع الأمم يَعرفون الحقائق من غير تعلُّم منهم لمنطق أرسطو، وهم إذا تدبَّروا أنفسَهم وجدوها تعلم حقائق الأشياء بدون هذه الصِّناعة الوضعيَّة[38].


وبالنسبة لما يَزعمه المناطقة من أنَّ هذه الصناعة تفيد تعريف حقائق الأشياء ولا تُعرف إلا بها، يَستدعي منهم ضرورةَ أن يفرِّقوا بين المتماثِلات، وهذا باطلٌ بالاتفاق؛ لأنَّ قولهم هذا يلزم منه أنَّ معرفة الموصوف متوقِّفة على معرفة الذاتيات، ومعرفة الذاتيات متوقفة على معرفة الموصوف؛ وبيان هذا أنَّك إذا لم تتصوَّر حقيقة الإنسان حتى تتصوَّر صفاته الذاتية بزَعمهم، والتي هي الحيوانية والناطقيَّة، يجب أن يعرف الإنسان هذه الصفات الذاتية بأنها صفاته الذاتية، وأن ذاته لا تتصوَّر إلا بها، وبها وحدها دون غيرها؛ لذلك وجَب معرفةُ الإنسان بصفاته قبل التصوُّر.

 

ومجرَّد القول عن الإنسان بأنه حيوانٌ ناطق لا يَكفي لحصول التصوُّر؛ لأن هذا التعبير هو خبرٌ لمبتدأ محذوف، وهو بمنزلة الاسم المفرَد، ولا يفيد فَهم الكلام ولا التصور... وهكذا يَنتهي حد المناطقة إلى نتيجة متعذرةٍ أو متعسرة؛ لإمكانية التفريق بين المتماثلات والمتقاربات.

 

أمَّا ادِّعاؤهم أنَّ الحد له حقيقة ثابتة في الخارج، يصوِّرها الحدُّ دون غيره، أو أن الماهية التي في الذهن لها نفس الوجود في الخارج، فقول باطل[39].

 

فابن تيميَّة يعتبر أن الماهية هي ما يُرسَم في النفس من الشيء؛ أي: إنها موجودةٌ في الأذهان وليس في الأعيان، وعلى هذا لا يوجد من هذه الماهية في الخارج إلا الأفراد والشخصيات، فليس في الخارج إنسانيَّة أو فرَسيَّة أو حِصانية... ولكِنْ هناك زيدٌ وفرَسٌ وحِصان... فهو يُعارض القول بوجود جواهرَ عقليَّة في الإنسان - كالنُّطق والحسِّ - قائمةٍ بأنفُسها وموجودةٍ خارجَ الذهن، ويَعتبر أن ما يسمونه جواهر، إنَّما هي مجرد أسماءٍ لمعيَّن هو الإنسان، هذه الأسماء تتضمَّن صفات، والإنسان الواحد له أسماء عديدة، ولا صحة للقول بأن هذه الصفاتِ أو الأعيانَ قائمةٌ بأنفسها في شخص معين.

 

ويستمر في الردِّ على الحد الحقيقي وما اشترطوه فيه؛ لأنه لا حقيقة له في الواقع، فهُم يقصدون بالموصوف أن يكون مؤلَّفًا من صفاته اللازمة التي قد تكون أعمَّ من الموصوف، وحقيقته مركَّبة من هذه الصفات، ولا يصور هذه الحقيقةَ إلا الحدُّ.

 

واعتراضُ ابن تيمية على هذا الادِّعاء من باب أن الموصوف يتألَّف من بعض الصفات اللازمة دون بعض، بل زعمُهم أنه مركَّب من الصفات باطل.

 

وأيضًا ليست له حقيقة ثابتة في الخارج؛ وإنما الواقع أن المحدود الموصوفَ الذي مُيِّز بالاسم أو الحد عن غيره قد يكون ثابتًا في الخارج، وقد يكون ثابتًا في ذهن المتكلم وإن لم يكن في الخارج[40].

 

ومن الأدلة التي ساقها ابن تيمية لبيان بطلان الزعم بأن الحدود تُفيد تصوير الحقائق، ما يلي:

المَناطقة يعترفون أن الحد لا يمكن أن تُقيم عليه دليلاً تُثبت صدقه وصوابه؛ ولهذا لا يمكن للمستمع أن يعرف صدق الحادِّ بمجرد لفظِه، وبالتالي فإنه لا يمكنه تصور المحدود بهذا الحد، اللهم إلاَّ إن كان قد تصوَّر هذا المحدودَ من قبلُ وعرَفَه، فعندها يمكن له أن يجزم بصدق الحاد، والنتيجة هي أن التصوُّر لا يشترط فيه الحد[41].

 

وفيما يخصُّ الصفاتِ الذاتيةَ التي اشترَطها المناطقة في الحدِّ؛ إذا لم يعلَم المستمِع أن المحدود متَّصف بها امتنَع تصوره له، وإن علم أنه متصف بها كان قد تصوَّر المحدود بدون الحد، قال: "فإنه إذا قيل: الإنسان هو الحيوان الناطق؛ فإن لم يكن قد عرف الإنسان قبل هذا، كان متصورًا لمسمَّى الحيوان الناطق ولا يعلم أنه الإنسان، احتاج إلى العلم بهذه النسبة، وإن لم يكن متصورًا لمسمى الحيوان الناطق احتاج إلى شيئين: إلى تصور ذلك، وإلى العلم بالنسبة المذكورة، وإن عرَف ذلك كان قد تصوَّر الإنسان بدون الحد"[42].

 

ويَرى ابن تيميَّة أن الحدَّ قد ينبِّه على تصور المحدود كما ينبِّه الاسم؛ لأن الذهن قد يكون غافلاً، وعندما يسمع الحدَّ يُقبل بذهنه إلى الشيء فيتصوَّره، وهكذا يكون المقصَدُ منه التمييزَ بين الشيء المحدودِ وغيره.

 

هذا الكلام يقرِّره كبار الفلاسفة وأعظمُهم كلامًا في المنطق، وهو أبو نصرٍ الفارابي، قال: "ومعلومٌ أنَّ الاسم لا يفيدُ بنفسه تصويرَ المسمَّى؛ وإنما يفيد التمييزَ بينه وبين غيره، وأما تصوُّر المسمى، فتارةً يتصوَّره الإنسان بذاته بحسِّه الباطن أو الظاهر، وتارة يتصوره بتصوُّر نظيره، وهو أبعَدُ، فمَن عرَف عينَ الخمر إذا لم يعرف مسمَّى لفظ العُقار قيل له: هو الخمر أو غيرها من الأسماء فعرَفها، ومن لم يعرف عين الخمر بحال، عرَف بنظيرها، فقيل له: هو شراب، فإذا تصور القَدْرَ المشترك بين النظيرين ذُكِر له ما يميزها فقيل: مُسكِر"[43].

 

واعترف بهذا ابنُ سينا حينَما ذكر أنَّ هناك مبادئَ أولية يقع التصديقُ بها لذاتها دون اللجوءِ إلى الحد؛ إذ لو اشترط في كل تصور أن يسبقه تصورٌ قبله، لما انتهى هذا الأمر، قال: "ولو كان كل تصور يحتاج إلى أن يسبقه تصورٌ قبله، لذهب الأمر إلى غير النهاية، أو لَدار"[44].

 

ومع هذا يعود ابن تيمية إلى التأكيد على أن فائدة الحدود قد تكون أضعفَ من فائدة الأسماء؛ لأن الحد يفيد معرفة الشيء بنظيره؛ فمن لم يعرف المُسكِر قيل له نطيره: زوال العقل، ومن لم يعرفهقيل له: زوال العقل بما يلتذُّ به، لكن الاسم يَكتفي به من عرَفه بنفسه؛ يقول: "وليس مقصودُنا أن فائدة الحدود أضعف مطلقًا؛ وإنما المقصود أنها من جنس فائدة الأسماء، وأنها مذكِّرة لا مصوِّرة أو معرفة بالتسمية مميزة للمسمى"[45].

 

وعندما يعتبر المناطقة بأن الفصل في الحد - المميِّز الذاتي - لا يكون إلا بالصفات المختصة بالنوع، فهذا لا يصح؛ لأنهم أنفسَهم أعطوا حُدودًا لبعض المسميات بصفات هي مشتركة، وليست خاصة بالشيء المحدود؛ وذلك كقولهم في حدِّ الإنسان: الحيوان الناطق، فصِفة الحيوان مشتركة بين الإنسان وغيره، وصفة النطق أيضًا مشتركة بين الإنسان وغيره؛ لأنه حتى الملائكة تتكلَّم، وهذا ما جعل الفارابيَّ والغزالي يُضيفان صفة المائت، فقالوا: الإنسان: الحيوان الناطق المائت.

 

وحتى هذه الإضافة ليست صفة ذاتية كما يقول ابن تيميَّة؛ لأن هناك من اليهود والنصارى والمسلمين مَن يقول: إن الملَك يموت، بل يُكتفى بالصفتين الأُوليَين باعتبار أن صفة الحيوان تختص عندهم بالنامي المغتذي، وهذا يُخرج المَلَك، وحتى صفة المائت لا تختص بالإنسان، بل هي من الصفات التي يشترك فيها الحيوان معه[46].

 

وتوضيح هذا أنه إذا قيل: الحصان حيوانٌ صاهل، والحمار حيوان ناهق.. فهذه الأصوات مختصَّة بهذه الأنواع، لكن لا تُفيد تعريف هذه الحيوانات لمن لم يكن عارفًا بها، فمَن لم يعرف الفرس لا يعرف الصَّهيل.

 

فابن تيمية يذهب إلى عكس ما ذهب إليه المناطقة من اشتراط الصفات الخاصة؛ إذ يَعتبر أن الصفات المشتركة والصفات المتشابهة تُجزئ؛ لأنَّ بها يتم تقريبُ المعنى للسامع.

 

وأما التصورات المفردَة، فهي عند ابن تيمية يمتنع أن تكون مطلوبة، ومن ثَم يمتنع أن تطلب بالحد؛ لأن الذِّهن إما أن يكون شاعرًا بها - التصورات المفردة - أو لا يكون؛ فإن كان شاعرًا بها امتنع طلبُ المشعور وحصولُه؛ لأن تحصيل الحاصل ممتنع، بل يُطلب دوام الشعور؛ بمعنى أنَّه لم يحتج إلى الحد حتى يحصل له الشعور، وهذا يؤكِّد ما يسعى ابن تيمية لتقريره، وهو أن فائدة الحدِّ هي فائدة الاسم؛ أي: يُفيد التذكُّر، قال ابن تيمية: "والمقصود هو التسوية بين فائدة الحدود وفائدة الاسم، لكن الحد إذا تعدَّدَت فيه الألفاظ كان كتَعداد الأسماء؛ سواء كانت مشتقَّة، أو غير مشتقة"[47].

 

أما أن لا يكون شاعرًا بهذه التصورات، ففي هذه الحال يَمتنع من النفس أن تطلب ما لا تشعر به؛ لأنَّ الطلب مسبوقٌ بالشعور، وأما طلب الإنسان تصوُّرَ المَلَك والجنِّ وهو لم يشعُر بها قبل، فهو إنما يطلب تصوُّر مسمَّاها؛ كما يطلب من سمع ألفاظًا لا يفهم معانِيَها تصورَ معانيها، مثل مَن يرى الثلج ولم يكن يعرفه، فيراه ويعلم أنَّ اسمه الثلج، فيكون في هذه الحال تصوَّر المعنى والاسم، فهذا يكون مطلوبًا، ولكنه لا يوجب أن يكون المعنى المفرد مطلوبًا؛ فإن المطلوب هنا تصديق وفيه أمرٌ لغوي[48]؛ لأن المطلوب هنا لا يحصل بمجرد الحدِّ، بل لا بد من تعريف المحدود بالإشارة إليه أو غير ذلك.

 

ليخلُصَ ابنُ تيمية في هذه المسألة إلى أن التصوُّراتِ المفردةَ ليست مطلوبة، والمطلوب هو تصوُّر القول كليَّةً؛ لأنها إما أن تكون حاصلةً للإنسان، فلا يكون الحدُّ هو محصِّلَها ولا مفيدًا لتصويرها، أو تكون غير حاصلة في ذهن الإنسان، فالحد لا يوجب تصوُّرات المسمَّيات لمن لا يعرفها على حدِّ قوله، وأيضًا متى ما كان له شعورٌ بهذه المسميات لم يحتج إلى الحد في ذلك الشعور إلا كما يحتاج إلى الاسم، وغرض ابن تيميَّة من هذا كله هو بيان أن فائدة الحدِّ كالاسم كما ذكرت سابقًا.

 

ومن المسائل التي اختَلف فيها ابن تيميَّة مع المناطقة تفريقُهم بين العرَضيِّ اللازم للماهية وبين الذاتي؛ لأنَّ الذاتي عندهم هو الذي تتوقَّف حقيقة الشيء عليه، وهو ما كان معلولاً للماهية، وما يكون سابقًا للماهية في الذهن والخارج.

 

أمَّا العرضي اللازم، فهو إما لازمٌ لوجود الماهية دون حقيقتها؛ كالظلِّ للفرس، فهذا يمكن أن تُعقل الماهية موجودةً دونه، ولازم للماهية كالزوجيَّة للأربعة، فلا تعقل الماهية موجودة دونه، وكلاهما ليسا معلولَينِ للماهية ويكونان تابعَين لها.

 

إن ابن تيمية يخطِّئ هذا التفريق؛ لأنه إذا خطَر بالبال الموصوفُ مع الصفة؛ كالزوجية والفردية للعدد أربعةٍ وثلاثة، فإنه لا يمكن تقدير الموصوف دون الصفة، وحتى إن قيل: إنه يخطر بالبال أربعة فيُفهم مباشرة كونها عددًا شفعًا، قيل: يخطر في البال الإنسان مع أنه لم يخطر أنه ناطقٌ ولا أنه حيوان.

 

وما يلزم عن هذا من ضرورة تقدم الذاتي في التصور على الموصوف دون اللازم للماهية على رأي المناطقة تناقضٌ صارخ منهم؛ لأنه يدل على أنهم يقدِّمون ويؤخرون ما يشاؤون؛ لأنَّ الحقائق الخارجية لا تكون تابعة لتصوُّراتنا، بل بالعكس، فليس إذا فرضنا هذا مقدَّمًا وهذا مؤخرًا، يكون هذا في الخارج كذلك[49].

 

ويؤكد ابن تيمية على أن هذه اللوازم من الصفات للموصوف قد تخطر في البال وقد لا تخطر، فليس الأمر كما قالوا من ضرورة تقدم تصور الصفات الذاتية على تصور الموصوف؛ لأن هذه الصفات كلما خطرَت بالبال كان الإنسان أعلمَ بالموصوف، وإذا لم تخطر كان علمُه أقلَّ بالموصوف.

 

بل أغرب من هذا قول المناطقة: إن الصفة الذاتية تتقدم على الماهية في الذهن وفي الخارج، ويَعنون أن تصوُّر الصفة الذاتية يسبق وجودها في الخارج؛ بدعوى أن ماهية الشيء مركَّبة من هذه الصفات، وكل مركب فإنه مسبوقٌ بمفرداته، وهذا مخالف للعقل جملة وتفصيلاً؛ لأنه ما من صفة للموصوف إلا وهي قائمة به، ومن ثم يمتنع أن تتقدم عليه في الخارج، قال ابن تيمية: "فإنك إذا قلت: جسم حساس نامٍ متحرك بالإرادة ناطق، كان هذا المجموع لفظه ومعناه مركبًا من هذه الألفاظ ومعانيها، وتلك من أجزاء هذا المركب، ولكن هذا تحقيق ما قلناه من أن ما سمَّوه الماهية وجُزءَها الداخل فيها ولازِمَها الخارجَ منها، يعود إلى المعاني المتصوَّرة في الذهن التي يدل عليها اللفظ بالمطابقة، وجزؤها هو ما دلَّ عليه بالتضمن، وخارجها اللازم ما دل عليه بالالتزام"[50].

 

ومما يؤكد هذا لنا أن الوصف الذاتي للموصوف تابعٌ لحقيقته، سواء تصوَّرناه أم لم نتصوَّره، فإذا كانت إحدى الصفات ذاتيةً والأخرى غير ذلك، فنفرق بينَهما بما يعود إلى حقيقتَيهما في الخارج، وإن لم تثبت في الذِّهن، لكنَّهم جعلوا الذي يفرَّق به بين الحقائق الخارجة هو التقدُّم والتأخر في الذهن؛ أي: الصفة التي سبَق تصوُّرها في الذهن قبل تصوُّر الموصوف، ففي هذه الحال سيكون إثبات الحقائق والماهيات في نظَرِهم إنما يعود إلى ما يُتصوَّر في الذهن لا ما يوجد في الخارج، وهذا أمرٌ لا يقبَله العقل، وحينئذٍ يَؤول هذا الكلام إلى أمور مقدَّرة في الأذهان لا حقيقة لها في الخارج، وهي التخيُّلات والوهميات الباطلة[51].

 

واشتراط المناطقة للصفات الذاتية المميزة والمشتركة يَعتبره ابن تيمية أمرًا وضعيًّا محضًا؛ فعِندما نجعل الحدَّ قاصرًا على الفصل والجنس - بمعنى المميِّز الذاتي والمشترك الذاتي - فهو تحكُّم من المناطقة؛ لأنه لا يُمكن الإحاطة بسائر الصفات المشتركة.

 

وأيضًا ما من تصور إلا وفوقَه تصورٌ أكملُ منه، والواقع أنه لا يمكن العلم بالشيء من كل الوجوه، ولا يمكن أن نعلَم لوازم كلِّ مربوب ولوازمَ لوازمِه؛ يقول ابن تيميَّة: "ولا نعلم لوازم كلِّ مربوب ولوازم لوازمه إلى آخرها؛ فإنه ما مِن مخلوق إلا وهو مستلزِم للخالق، والخالق مستلزم لصفاته التي منها عِلمه، وعلمه محيطٌ بكل شيء، فلو علمنا لوازمَ لوازمِ الشيء إلى آخِرها، لزم أن نعلم كلَّ شيء، وهذا ممتنعٌ من البشر؛ فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الأشياء كما هي عليه، مِن غير احتمال زيادة، وأما نحن فما من شيء نعلمه إلا ويَخفى علينا من أموره ولوازمه ما لا نعلمه"[52].

 

وهذا ما ذكَره الغزالي في "معيار العلم" حين قال: "والمعتبر في التعريفات دلالة المطابقة والتضمُّن، فأما دلالة الالتزام فلا؛ لأن المدلول عليه فيها غيرُ محدود ولا محصور؛ إذ لوازمُ الأشياء ولوازمُ لوازمِها لا تنضبط ولا تنحصر، فيؤدِّي إلى أن يكون اللفظُ الواحد على ما لا يتَناهى من المعاني، وهو مُحال"[53].

 

واشتراط المميز الذاتي - الفصول - في الحدود لا يمكن؛ وذلك لأنهم فرَّقوا بين الذاتي والعرضيِّ اللازم؛ إذ ما من مميِّز هو من خواصِّ المحدود المطابقة له في العموم والخصوص - إلا ويمكن لشخص أن يجعله ذاتيًّا مميزًا، ويمكن لآخَرَ أن يجعله عرضيًّا لازمًا للماهية[54].

 

وإذا كان المناطقة يقولون: إن الحد لا يكون حدًّا إلا بذِكر الصفات الذاتية فيه، هذه الصفات الذاتية يعرِّفونها بأنها ما لا يمكن تصوُّر الماهية دونها؛ فعلى هذا يجب تصور الذاتي أولاً ثم بعد ذلك تصور الماهية[55]؛ إذ كيف نستطيع أن نقول: هذه صفة ذاتية لهذه الماهية؟ وإن تصوَّرنا كثيرًا من الصفات؛ فإن تصور كون الشيء جزءًا لغيره بدون تصور ذلك الغير ممتنع[56].

 

ويقول ابن تيميَّة في الأخير: "فإنهم يقولون: لا يُحدُّ الشيء حدًّا حقيقيًّا إلا بذِكر صفاته الذاتية، فلا بد من الفرق بين صفاته الذاتية والعرَضيَّة، والفرق بينهما أن الذاتيَّ هو ما لا تُتصوَّر الحقيقة إلا به، فإذا كنا لم نعرف الحقيقة، لم نعرف الصفاتِ التي يتوقف معرفةُ الحقيقة عليها، وإذا لم نعرف هذه الصفات، لم نعرف الصفات الذاتية من العرضيَّة، وهو المطلوب، وهذا بخلاف الفرق بين الصفات اللازمة والعارضة؛ فإنه فرق حقيقيٌّ ثابت في نفس الأمر"[57].

 

والنتيجة التي نخلص إليها في موقف ابن تيميَّة من الحد هي أن هذا الأخيرَ يُؤتى به للتمييز بين المحدود وغيره، لا لبيانِ حقيقة المحدود من غيره، فدَوره دورُ الاسم.

 

ويُشترط فيه أن يكون جامعًا مانعًا مطَّردًا منعكسًا، كما نصَّ على ذلك الأصوليُّون، ولا يشترط فيه الصفاتُ المختصة، بل تُجزئ الصفات المشتركة، خلافًا للمناطقة.



[1] المستصفى، ص 11 بتصرف.

[2] نفس المصدر.

[3] المستصفى، ص 11، 12.

[4] المستصفى، ص 12، 13.

[5] المستصفى، ص 13.

[6] المستصفى، ص 13.

[7] المستصفى، ص 13.

[8] المستصفى، ص 13.

[9] المستصفى، ص 13، 14.

[10] الجنس: المشترك الذاتي، الفصل: المميز الذاتي.

[11] المستصفى، ص 14.

[12] المستصفى، ص 19.

[13] المستصفى، ص 19.

[14] المستصفى، ص 20.

[15] المستصفى، ص 24.

[16] المستصفى، ص 21.

[17] المستصفى، ص 22، 23.

[18] المستصفى، ص 22.

[19] الرد على المنطقيين، ص 45.

[20] مجموع الفتاوى، ج 9، ص 23.

[21] مجموع الفتاوى، ج 9، ص 24.

[22] مجموع الفتاوى، ج 9، ص 25.

[23] الرد على المنطقيين، ص 50.

[24] المناطقة يقولون: إن الحد الحقيقيَّ هو المشتمِل على الصفات الذاتية والعرَضية، فهاتان الأخيرتانِ إمَّا مشتركة أو مميزة، وكلٌّ منهما إما مشترك ذاتي، هو الجنس، أو مشتركٌ عرَضي، هو العرَضُ العام، أو مميز ذاتي، هو الفَصل، أو مميزٌ عرَضي، هو الخاصة أو النوع؛ هذا ما ذكره ابن تيميَّة عنهم في ملخص أصول المنطق واصطلاحاته؛ الرد على المنطقيين 46.

[25] الرد على المنطقيين، ص 50.

[26] الرد على المنطقيين، ص 51.

[27] الرد على المنطقيين، ص 52.

[28] الرد على المنطقيين، ص 52.

[29] مجموع الفتاوى، ج 9، ص 48.

[30] الرد على المنطقيين، ص 53.

[31] الرد على المنطقيين، ص 55.

[32] الرد على المنطقيين، ص 55.

[33] الرد على المنطقيين، ص 56، 57 .

[34] الرد على المنطقيين، ص 61.

[35] الرد على المنطقيين، ص 64.

[36] الرد على المنطقيين، ص 68.

[37] الرد على المنطقيين، ص 68.

[38] الرد على المنطقيين، ص 70.

[39] الرد على المنطقيين، ص 72.

[40] الرد على المنطقيين، ص 72.

[41] الرد على المنطقيين، ص 80، 81.

[42] الرد على المنطقيين، ص 82.

[43] الرد على المنطقيين، ص 83.

[44] الرد على المنطقيين، ص 86.

[45] الرد على المنطقيين، ص 84.

[46] الرد على المنطقيين، ص 101.

[47] الرد على المنطقيين، ص 104.

[48] الرد على المنطقيين، ص 103.

[49] الرد على المنطقيين، ص 113.

[50] الرد على المنطقيين، ص 114.

[51] الرد على المنطقيين، ص 114.

[52] الرد على المنطقيين، ص 117.

[53] الرد على المنطقيين، ص 118.

[54] الرد على المنطقيين، ص 118.

[55] الرد على المنطقيين، ص 119.

[56] الرد على المنطقيين، ص 119.

[57] الرد على المنطقيين، ص 121.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تقييم ابن تيمية لآراء الغزالي ومؤلفاته
  • حجة الإسلام الغزالي ألهمه اللصوص مفتاح العلم!
  • فقيه وأي فقيه!
  • ابن الباقلاني المالكي صاحب الحجة الباهرة
  • خطوط عريضة عن أبرز المحن التي تعرض لها ابن تيمية
  • بيت آل تيمية

مختارات من الشبكة

  • أنواع رأى | رأى البصرية ورأى القلبية | ما إعراب قوله: {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا}(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • آراء الفرق الإسلامية في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية الكلابية والسالمية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • من رأى وحده هلال رمضان ورد قوله أو رأى وحده هلال شوال وجب عليه الصيام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسالة (آداب المعلمين) تصنيف الإمام محمد ابن سحنون (202هـ - 256هـ) ملحقا بها آراء القاضي ابن العربي والفيلسوف ابن خلدون في التعليم وآراء الإمام أبو حامد الغزالي في فضل التعليم ووظائف المعلم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آراء محمد الطاهر ابن عاشور في الإصلاح التربوي "دراسة تحليلية نقدية"(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • آراء ابن درستويه النحوية والتصريفية جمعا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • آراء أبي الحسين ابن القطان الأصولية جمعا وتوثيقا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • آراء ابن بطال الفقهية من خلال شرحه لصحيح البخاري: كتاب الطهارة جمعا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • آراء الإمام ابن حبان الأصولية في صحيحه جمعا وتوثيقا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • آراء ابن هشام النحوية في مسائله السفرية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- في التمييز بين الحد والمفهوم
said - tunis 26-02-2024 10:57 PM

شكرا على الإفادة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب