• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدرس الخامس والعشرون: ليلة القدر
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    تحريم ترك الوفاء بنذر الطاعة لله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    حكم زواج المسيار
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    خطبة (المسح على الشراب)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    شرح لفظ "كواعب" (في ضوء كلام العرب والقرآن
    د. أورنك زيب الأعظمي
  •  
    مكانة إطعام الطعام في الإسلام
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    منهج القرآن في بيان الأحكام
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ماذا أخذت من السعودية؟
    أ. محمود توفيق حسين
  •  
    يعلمون.. ولا يعلمون
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    تبديد الخوف من المستقبل المجهول (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    عظة مع انقضاء العام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العلي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تفسير: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

الوسائل المعينة على الصبر على المصيبة

الوسائل المعينة على الصبر على المصيبة
د. أحمد عبدالمجيد مكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/7/2021 ميلادي - 2/12/1442 هجري

الزيارات: 30117

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الوسائل المعينة على الصَّبْر على المصيبة

حديثنا هنا عن الصَّبْر على ما يُقَدِّره الله سبحانه على عبده من كوارث مفجعة ومصائب مؤلمة، في بدنه أو أهله أو ماله.


وللإسلام في ذلك منهج سديد، يهدف إلى إعانة المسلم المُبْتَلَى على تجديد صلته بخالقه، ويلقي عليه من السكينة عند وقوع البلاء ما يجعل نفسه آمنة مطمئنة، ويعينه على القيام بواجباته ومباشرة أمور حياته، وينقذه من شتات العقل وانشغال الفكر ومن أن يقع فريسة للقلق والوساوس والأوهام والهموم والأحزان.


ويكون ذلك - بعد عون الله وتوفيق - من خلال جملة من الوسائل، أهمها ما يأتي:

أولًا: أنْ يعلم المسلم أنَّ الابتلاء من سُنَن الله في خَلْقه:

من أهم ما يعين المسلم على الصبر على النوائب والشدائد أنْ يعلم أنَّ الابتلاء سُنَّة في هذا الكون على جميع الخلق برهم وفاجرهم، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في آيَات كثيرة؛ منها:

• قوله تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 35]، أَيْ: نَخْتَبِرُكُمْ بالمصائب تَارَةً، وَبِالنِّعَمِ أُخْرَى، لِنَنْظُرَ مَنْ يَشْكُرُ ومَنْ يَكْفُرُ، ومَنْ يَصْبِرُ ومَنْ يَقْنَطُ.

 

• قَوْلُهُ سبحانه: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 186].

 

• وقوله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ (البقرة: 155).

 

قال القرطبي (ت: 671هـ): أعلمهم بهذا ليكونوا على يقين منه أنه يصيبهم، فيوطنوا أنفسهم عليه فيكونوا أبعد لهم من الجزع، وفيه تعجيل ثواب الله تعالى على العزم وتوطين النفس[1].

 

• كما أشار القرآن الكريم إلى أنَّ الأصل في خلق الإنسان: الابتلاء، وأنَّ حياته محفوفة بالمتاعب والمشاق والمحن والبلايا، وذلك في قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ (سورة البلد: 4)، قال الحَسَنُ البصري: يُكَابِدُ الشُّكْرَ على السَّرَّاءِ وَيُكَابِدُ الصَّبْرَ على الضَّرَّاءِ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِهِمَا[2].


• وعلى ذلك فالحياة الدّنيا ليست جنة نعيم، وإنما دار ابتلاء وتكليف، ومن عرف ذلك لم يفاجأ بكوارثها.

 

يقول أبو الفرج بن الجوزي (ت: 597هـ): من يريد أن تدوم له السلامة، والنصر على من يعاديه، والعافية من غير بلاء، فما عرف التكليف، ولا فهم التسليم[3].

 

ويؤكد شيخ الإسلام ابْنُ تَيْمِيَةَ (ت: 728هـ) أنَّ العَوَارِض والمِحَن هِيَ كالحَرِّ والبَرْدِ، فإِذا عَلِمَ العَبْدُ أَنَّهُ لابُدَّ مِنْهُمَا لَمْ يَغْضَبْ لِوُرُودِهِمَا، ولَمْ يَغْتَمَّ لذلك ولَمْ يَحْزَنْ[4].

 

وما أحسن قول الشاعر:

طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأَنْتَ تُرِيدُهَا
صَفْوًا مِنْ الأَقْذَارِ والأَكْدَارِ
ومُكَلِّفُ الأَيَّامِ ضِدَّ طِبَاعِهَا
مُتَطَلِّبٌ في المَاءِ جذْوَةَ نَارِ

 

يقول ابن مُفْلِح (ت: 763هـ): كان شيخنا- يقصد ابْن تَيْمِيَةَ - يتمثل بهذين البيتين كثيرا[5].


ثانيا: الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره:

الإيمان بالقضاء والقدر أحد أصول الإيمان. ومن مقاصده: أنَّه يوجب للعبد سكون القلب وطمأنينته وقوته وشجاعته، كما أنَّه يسليه عن المصائب ويوجب له الصبر والتسليم بما قضى الله وقدر؛ لعلمه أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.


ومن الآيات الدالة على ذلك:

• قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ [الأحزاب: 38]، أي: وكان ما يقضي الله به قضاءً نافذًا لا مردّ له.

 

• وقوله سبحانه: ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾ [النساء: 47] أي: لا بد مِنْ فِعْلِه، فلا مانع منه، ولا حائل دونه.

 

• وقوله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ﴾ [الْحَدِيدِ: 22] أي: ما أصاب الناس من مصيبة إلا وهي مثبتة في اللوح المحفوظ من قبل أن نخلق الخليقة.

 

• وقوله: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ (التغابن:11).

 

قال الإمام بن جرير الطبري (ت: 310هـ) في تفسير قوله تعالى (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) أي: ومن يُصَدّق بالله فيعلم أنه لا أحد تصيبه مصيبة إلا بإذن الله، يوفِّق الله قلبه بالتسليم لأمره والرضا بقضائه [6].

 

• وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دُعائه: أَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ[7]. وهذا تعليم لأمته وتمرين للنفس على الرضا بالقضاء.

 

• وفي وصيته صلى الله عليه وسلم لابن عَمِّه عبد الله ابن عباس: واعلَمْ أنَّ ما أخطَأَكَ لم يَكُن لِيُصِيبَكَ، وما أصابَكَ لم يَكُن ليُخطِئَكَ[8]. فالجملة الأولى تسلية في فوات المحبوب، والثانية تسلية في حصول المكروه.


قال الحافظ ابن رجب (ت: 795هـ) ما مختصره:

حصول اليقين للقلب بالقضاء السابق والتقدير الماضي يُعِينُ الْعَبْدَ على أَنْ تَرْضَى نَفْسُهُ بما أصابه، فمن استطاع أن يعمل في اليقين بالقضاء والقدر على الرضا بالمقدور، فليفعل، فإن لم يستطع الرضا، فإن في الصبر على المكروه خيرا كثيرا.

 

فهاتان درجتان للمؤمن بالقضاء والقدر في المصائب.

 

والفرق بين الرضا والصبر:

أَنَّ الصَّبْرَ كَفُّ النَّفْسِ وَحَبْسُهَا عَنِ التَّسَخُّطِ مع وجود الألم، وتمني زوال ذلك، وَكَفُّ الْجَوَارِحِ عَنِ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى الْجَزَعِ.

 

والرضا: انشراح الصدر وسعته بالقضاء، وترك تمني زوال ذلك المؤلم، وإن وجد الإحساس بالألم، لَكِنَّ الرِّضَا يُخَفِّفُهُ لِمَا يُبَاشِرُ القلب مِنْ رُوحِ اليقين والمعرفة، وإذا قوي الرضا، فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية، كما قال بعضهم: أَوَجَدَهُمْ فِي عَذَابِهِ عُذُوبَةً. وسُئِل بعض التابعين عن حاله في مرضه، فقال: أَحَبُّهُ إِلَيْهِ أَحَبُّهُ إِلَيَّ.

 

وقال بعضهم:

عَذَابُهُ فِيكَ عَذْبٌ
وَبُعْدُهُ فِيكَ قُرْبُ
وَأَنْتَ عِنْدِي كَرُوحِي
بَلْ أَنْتَ مِنْهَا أَحَبُّ
حَسْبِي مِنَ الْحُبِّ
أَنِّي لِمَا تُحِبُّ أُحِبُّ[9].

 

ثالثا: استحضار عِظَم الأجر والثواب على الصبر:

الصبر: هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب، وحَبس النفس عن التسخط والجَزع.

 

وفي الأمر بالصَّبْر وَبَيانِ فَضْلهِ نصوص كَثيرةٌ مَعْرُوفةٌ:

• فقد أخبر سبحانه أنه مع الصابرين بالعون والنصرة والرعاية والتأييد، قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (البقرة: 153)، (الأنفال: 46).

 

• وأخبر بظفرهم بمحبته فقال: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146].

 

• وأخبر عن مضاعفة أجرهم، فما من طاعة إلا وأجرها مقدرا إلا الصبر، فقال سبحانه: ﴿ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ ﴾ [الزمر: 10].

 

• وأخبر باستحقاقهم دخول الجنة وتسليم الملائكة عليهم: كما قال: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24].


• كما جَمَع للصابرين الذين يؤمنون بالقضاء والقدر ثلاث بشارات، لم يجمعها لغيرهم، الأولى: إعلاء منزلتهم والثناء عليهم في الدنيا وفي الاخرة وفي الملأ الأعلى، الثانية: رحمة خاصة تنزل عليهم يجدون أثرها في برد القلوب وسكينة النفس عند نزول المصيبة، البشارة الثالثة: هدايتهم إلى طريق الحق وإلى الأعمال الصالحة. فقال تعالى: ﴿ وَبَشِّر الصَّابِرينَ الَّذينَ إذَا أصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هُمُ المُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155، 156].


• وقد وردت في السنّة النبويّة أحاديث كُثيرةٌ تبيّن أجر الصابر المحتسب عند الله، وأَنَّ الصَّبْر أَفْضَل مَا يُعْطَاهُ الْمَرْء، لِكَوْنِ الْجَزَاء عَلَيْهِ غَيْر مُقَدَّر وَلَا مَحْدُود، منها قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ [10].


خامسًا: حُسْن الظن بالله:

معنى حسن الظن بالله: قوة اليقين بما وعد الله تعالى عباده من سعة كرمه ورحمته، ورجاء حصول ذلك، ومن صوره:

1- اليقين بأن فرج الله آت لا ريب فيه، وأنَّ بعد الضيق سعة، وبعد العُسر يُسرا، وأن ما وعد الله به المبتلين من العوض والإخلاف لا بد أن يتحقق، وهذا وعد عام لجميع المؤمنين، لا يخرج أحد منه. قال تعالى: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5- 6]. وقال صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس: واعلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ معَ العُسْرِ يُسرًا[11].

 

وقد جعل العلماء (مع) - في هذه النصوص -على بابها، أي أنها تفِيد اجْتِمَاع الأمرين وحدوثهما معا في نفس الزمن، وهذا يفيد أمرين:

الأول: قرب تحقق اليسر بعد العسر مباشرة، حتى كأنه معه أو متصل به، ليكون أقوى للأمل، وأَبْعَثَ على الصبر.

 

الثاني: أنَّ مع العسر بالفعل يسرا لا ريب فيه، قد يكون ظاهرا ملموسا، وقد يكون خفيا مكنونا، وهذا هو لُطْفٌ الله: أي عونٌه وتوفيقٌه في المِحْنة.


2- ألَّا يستطيل المسلم زمن البلاء وألَّا يتعجل إجابة الدعاء:

"يَظَهر إيمان المؤمن عند الابتلاء، فهو يبالغ في الدعاء، ولا يرى أثرًا للإجابة، ومع ذلك لا يتغير أمله ورجاؤه- حتى وإنْ قويت أسباب اليأس- لِعِلْمِه أنَّ الحق أعلم بالمصالح، أو لأنَّ المراد منه الصبر أو الإيمان؛ فإنه لم يحكم عليه بذلك إلَّا وهو يريد من القلب التسليم، لينظر كيف صبره، أو يريد كثرة اللجأ والدعاء.

 

فأما من يريد تعجيل الإجابة، ويتذمر إن لم تتعجل، فذاك ضعيف الإيمان، ويرى أن له حقًّا في الإجابة، وكأنه يتقاضى أجرة عمله.

 

أما سَمِعْتَ قصة يعقوب عليه السلام، بقي ثمانين سنة في البلاء، ورجاؤه لا يتغير، فلما ذهب ابنه الآخر؛ لم ينقطع أمله، وقال: ﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ﴾ [يوسف: 83]؟... وقد دعا موسى عليه السلام على فرعون، فأجيب بعد أربعين سنة، وكان يذبح الأنبياء، وصَلَب السحرة، وقطع أيديهم، فإياك إياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء؛ فإنك مُبْتَلَى بالبلاء، متعبد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح الله، وإن طال البلاء[12].


3- اليقين في اختيار الله له:

من حسن الظن بالله أن يوقن المُبْتَلَى بأنَّ ما أصابه من بلاء هو خير له، وإنْ ظهر له في صورة الشر، وأنَّ نعمة الله عليه في البلاء ليست بدون نعمة الله عليه في العافية، فإن الله عز وجل لا يقضي لعباده إلا خيرا، وفي ذلك يقول رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-: «عَجَبًا لأمر المؤمن! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إنْ أصابتْهُ سَرَّاءُ شكر، فكان خيرًا له، وإنْ أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر، فكان خيرًا له»[13].


"فالله عز وجل "يربّي عبدَه على السراء والضراء والنعمة والبلاء؛ فيستخرج منه عبوديَّته في جميع الأحوال؛ فإنَّ العبدَ على الحقيقة من قام بعبودية الله على اختلاف الأحوال... فلو علم العبد أنَّ نعمة الله عليه في البلاء ليست بدون نعمة الله عليه في العافية لشَغَلَ قلبه بشكره ولسانه بذكره، وكيف لا يشكر من قيَّض له ما يستخرج خبَثَه، وصيَّرَه ذَهَبًا خالصًا يصلح لمجاورته والنظر إليه في داره؟![14].


أسأل الله أن يسترنا بعافيته، ولا يفضحنا بابتلائه، وأن يثبتنا على دينه.

 

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

 


 

[1] تفسير القرطبي (2/ 173).
[2] تفسير القرطبي (20/ 62).
[3] صيد الخاطر (ص: 302).
[4] نقله عنه ابن القيم في مدارج السالكين (3/ 361).
[5] الآداب الشرعية والمنح المرعية (2/ 247).
[6] تفسير الطبري (23/ 421(
[7] أخرجه النسائي (1305)، وأحمد (18351).
[8] رواه أحمد (2669) و (2763) و (2804) وأبو داود (4699)، وابن ماجه (77).
[9] جامع العلوم والحكم (1/ 487).
[10] رواه البخاري (1469)، ومسلم (1053).
[11] سبق تخريجه.
[12] صيد الخاطر (ص: 438).
[13] رواه مسلم (2999).
[14] طريق الهجرتين وباب السعادتين (ص: 278(.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصبر وأقسامه
  • الصبر آخى الشكر (قصيدة)
  • لئلا تعظم المصيبة!
  • نحو إحياء منهج النبوة: جزء فيه (سنة الفزع للصلاة حين المصيبة والبأس)
  • صادق الصبر
  • الأطفال وفضيلة الصبر في شهر رمضان
  • شرح حديث أبي سعيد الخدري: ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر
  • الصبر على الأذى في العلم والدعوة
  • من تلمح حلاوة العافية هانت عليه مرارة الصبر
  • الاقتداء بالرسل عليهم الصلاة والسلام في خلق الصبر
  • الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الصبر
  • الصبر على البلاء (تصميم)
  • من الصفات الذاتية للداعية الصبر
  • الأمور التي تعين على الصبر عند نزول المصيبة

مختارات من الشبكة

  • مشروعية الوسائل والأساليب الدعوية ومصادرها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وسائل الإعلام المقروءة ( الكتاب )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الوسائل المعينة في صلاح الذرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الوسائل المعينة على قيام الليل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل اللفظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف وأنواع وسائل الدعوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تطوير التعليم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الدعاء للأولاد سر من أسرار النجاح والفلاح(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • استثمار وسائل التواصل الاجتماعي في الدعوة(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • حكم الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل اللفظ(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/12/1446هـ - الساعة: 22:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب