• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البعثة والهجرة (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    أسباب نشر الأدعية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    كليات الأحكام
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    بين الحاج والمقيم كلاهما على أجر عظيم.. (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    لا حرج على من اتبع السنة في الحج (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: إنه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم".. فوائد وتأملات ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الحج: غاياته وإعجازاته
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشهيد، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة (2)
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (13)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

من قال: لا أدري فقد أفتى

من قال: لا أدري فقد أفتى
ربيع بن المدني السملالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/12/2015 ميلادي - 25/2/1437 هجري

الزيارات: 119599

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من قال: لا أدري فقد أفتى!

 

 

كَثُر الجَدل واللَّغط والقولُ على الله بغير علم في زماننا الموحش هذا، وأصبح كلُّ من هبَّ ودبَّ ودرج، يتكلَّم ويفتي في أمور لو عُرضت على ابن القيم لعَرضها على شيخه ابن تيمية.

 

حُدَثاء أسنان، سفهاء أحلام، بضاعتهم مزجاة في العلم والأخلاق - يتطاولون على القِمم الشمَّاء من العلماء، ويُخطِّئونهم، ويُبدِّعون ويُكفِّرون ويُفسِّقون بلا علم ولا دراية، لا يُفرِّقون بين حمَّالة الحطب وحمَّالة الورد، ولا بين أصلٍ وفرع، لكنهم في كل وادٍ يخوضون بوقاحة وتَعالُمٍ. 

وقد ازداد الأمر سوءًا بعد انتشار هذه المنتديات والمواقع التواصليَّة على (الإنترنت) التي انتشرت انتشارَ شِعر جريرٍ في الزمن الأموي، فصار القطُّ الرِّعديد - الذي كان يكتم عطستَه في حضرة الأكابر - أشجعَ من عنترة، وأبلغَ من سَحْبان وائل مستعينًا بشيخه؛ مُحرِّك البحث الذي لا يردُّ يدَ لامِس!

 

وقد كان السلف الصالح وغيرهم من علماء الإسلام يمسكون عليهم ألسنتهم إلا لضرورة ليس لهم منها بدٌّ، مع ما لديهم من علمٍ غزير وأدبٍ كثير، قال عنهم شيخ المالكيَّة في عصره سَحْنُون عبدالسلام بن حبيب:

كان بعضُ مَن مضى يريد أن يتكلم بالكلمة، ولو تكلَّم بها لانتفع بها خلقٌ كثير، فيحبسُها، ولا يتكلَّمُ بها؛ مخافةَ المباهاة، وكان إذا أعجبه الصمتُ تكلَّم، ويقول: أجرَأُ الناس على الفُتيا أقلُّهم علمًا[1].

 

وقال عمر بن عبدالعزيز: مَن قال لا أدري فقد أحرز نصفَ العلم.

 

فعلَّق الجاحظ قائلًا: لأن الذي له على نفسه هذه القوة قد دلَّنا على جودة التثبُّت، وكثرةِ الطلب، وقوة الْمُنَّة[2].

 

ومِصداقُ قولِ الجاحظ ما تقوله العامَّة في أمثالها عندنا في المغرب: (ما تيتقرقرب غير السطل الخاوي)؛ والمعنى: لا يُحدث ضجيجًا إلا الإناءُ الفارغ.

 

بل هناك مَن عنده علم واطِّلاع على كثير من المسائل وإتقانها، لكنه حين يُسأل في غير فنِّه يستحيي من قول: "لا أدري، ولا أعلم"؛ ظنًّا منه أن ذلك سينقص من قدره وشرفه، وسيجعله صغيرًا أمام أتباعه ومعجبيه؛ فيفتي ويتكلَّم بغير علم، ويأتي بالعجائب، وقد رأينا من هذا الصنف الكثير.

 

قال ابن الجوزي في (صيد الخاطر): إذا صحَّ قصدُ العالم استراح من كَلَف التكلُّف؛ فإن كثيرًا من العلماء يأنفون من قول: لا أدري؛ فيحفظون بالفتوى جاهَهم عند الناس؛ لئلَّا يُقال: جَهِلوا الجواب، وإن كانوا على غير يقينٍ مما قالوا، وهذا نهاية الخِذلان.

وقد رُوي عن مالك بن أنس: أن رجلًا سأله عن مسألة، فقال: لا أدري، فقال: سافرتُ البلدان إليك، فقال: ارجع إلى بلدِك، وقل: سألتُ مالكًا، فقال: لا أدري.

 

فانظر إلى دين هذا الشخص وعقله؛ كيف استراح من الكلفة، وسَلِم عند الله عز وجل؟! اهـ.


وقال عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: وأبردُها على الكبد إذا سُئلتُ عمَّا لا أعلم أن أقول: الله أعلم[3].

 

والصحابي الجليل عبدالله بن مسعود يرى أن الذي يفتي الناسَ في كل ما يستفتونه مجنون، وهو يقصد العالم الذي عنده آليات وأدوات العلم، فكيف بمن ليس له إلا الجهلُ والغرور، والكِبْر، وسَلاطةُ اللسان وهَذره؟!

 

ولو سكت مَن لا يعرفُ - كما يقول الغزالي - لقلَّ الاختلاف، ومن قَصَر باعُه، وضاق نظره عن كلام علماء الأمة والاطلاع عليه، فما له وللتكلُّمِ فيما لا يدريه، والدخول فيما لا يَعنيه؟! وحقُّ مثل هذا أن يَلزمَ السكوت[4].

 

وقال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى: ﴿ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32]: الواجبُ على مَن سُئِل عن علم أن يقولَ - إن لم يَعلم -: الله أعلم، ولا أدري؛ اقتداءً بالملائكة والأنبياء، والفضلاء والعلماء، لكن قد أخبَر الصادق أن بموت العلماء يُقبَض العلم؛ فيبقى الناس يستفتون فيُفتون برأيهم؛ فيَضلُّون ويُضلُّون... قال مالك بن أنس: سمعت ابن هُرْمز يقول: ينبغي للعالم أن يُورِثَ جلساءه من بعدِه: "لا أدري"؛ حتى يكون أصلًا في أيديهم، فإذا سئل أحدهم عما لا يدري قال: لا أدري[5].

 

روى يونسُ بن عبدالأعلى قال: سمعت ابن وهب يقول: سمعت مالكَ بن أنسٍ يقول: ما في زمانِنا شيءٌ أقلَّ من الإنصاف.

 

قلت (القائل القرطبي): هذا في زمن مالكٍ، فكيف في زماننا اليوم الذي عمَّ فينا الفسادُ، وكَثُر فيه الطَّغام؟![6] وطُلب فيه العلم للرياسة لا للدرايةِ، بل للظهورِ في الدنيا، وغَلَبة الأقران بالمِراء والجدال الذي يُقسِّي القلبَ، ويُورِث الضغن، وذلك مما يحمل على عدم التقوى، وترك الخوف من الله تعالى...[7]


قال ربيع: فكيف لو رأوا زماننا هذا الذي نجَم فيه رأسُ الظلم والفتنة، والنفاق والجهل، والكلام على الله بغير علم، وقلة الإنصاف، وهلمَّ شرًّا.

 

ذكر ابنُ مفلح في الآداب الشرعية أن الإمام مالكًا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامُ المسلمين وسيدُ العالمين - يُسألُ عن الشيء، فلا يُجيبُ حتى يأتيَه الوحي من السماء.

 

وقال سفيان: لقد كان الرجل يُستفتَى فيفتي وهو يرعد.

وقال: من فتنةِ الرجل إذا كان فقيهًا أن يكون الكلامُ أحبَّ إليه من السكوت[8].

 

فكيف لو كان هذا المتكلمُ الثَّرثار لا يمتُّ للفقه بصلة، ولا للعلم الشرعي بسبب؟! أكيد سيأتي بجهله على الأخضر واليابس، كما هو مُشاهَد في واقعنا الحاضر.

 

وصحَّ عن مالك أنه قال: ذلٌّ وإهانةٌ للعلم أن تُجيب كلَّ مَن سألك.

 

وهو يَقصد رحمه الله بهذا الكلام العلماءَ وطلبةَ العلم الْمُبرَّزين، الذين كانوا ينفقون الليلَ في مُدارَسة العلم، والسفر نهارًا يقطعون الفيافيَ والقِفار من أجل حديث واحد.

 

وقد أحسن الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد حين استهلَّ مقالته (أتى بالعجائب) بقوله: فالعاقل الذي يُقدِّر نفسه هو مَن لا يتعدَّى حدود ما يعرف، ويتخطَّى إلى ما لا يعرف، حتى لا يكون غرضًا للذمِّ، أو اللوم، أو الإثم[9].

 

وفي "تذكرة السامع" لابن جماعة:

إذا سُئل (العالم) عما لم يعلم قال: لا أعلمُه، أو: لا أدري؛ فمن العلم أن يقول: لا أعلم، وعن بعضهم: "(لا أدري) نصف العلم"، وعن ابن عباس: "إذا أخطأ العالم (لا أدري) أُصيبَت مَقاتِلُه"، وقيل: ينبغي للعالم أن يُورث أصحابه (لا أدري)؛ لكثرة ما يقولها، قال محمد بن عبدالحكم: سألت الشافعيَّ عن المُتعة؛ أكان فيها طلاق، أو ميراث، أو نفقة تجبُ، أو شهادة؟ فقال: والله ما ندري.

 

واعلم أن قول المسؤول: لا أدري، لا يضعُ من قدره - كما يظنُّه بعض الجهلة - بل يرفعه؛ لأنه دليلٌ على عظم مَحلِّه، وقوَّة دينِه، وتقوى ربِّه، وطهارة قلبِه، وكمال معرفتِه، وحُسن تثبُّته، وقد رُوِّينا معنى ذلك عن جماعة من السلف.

 

وإنما يأنفُ مِن قول: (لا أدري) مَن ضَعُفت ديانتُه، وقلَّت معرفتُه؛ لأنه يَخاف من سقوطه من أعين الحاضرين، وهذه جَهالةٌ ورِقَّةُ دينٍ، وربما يَشتهرُ خطؤه بين الناس؛ فيقع فيما فرَّ منه، ويَتَّصِفُ عندهم بما احتَرز عنه.

 

وقد أدَّب الله العلماءَ بقصة موسى مع الخضر عليه السلام حين لم يَرُدَّ موسى العلمَ إلى الله عز وجل لما سُئل: هل أحدٌ في الأرض أعلم منك؟[10].

 

أما الشيخ المُفسِّر السِّعدي رحمه الله تعالى فهو يشرحُ ذلك شرحًا نفيسًا، فيقول:

ومن أعظم ما يجبُ على المعلِّمين أن يقولوا لما لا يعلمونه: الله أعلم، وليس هذا بناقصٍ لأقدارهم، بل هذا مما يَزيد قدرَهم، ويُستدَلُّ به على كمال دينِهم، وتحرِّيهم للصواب، وفي توقُّفِه عما لا يعلمُ فوائدُ كثيرةٌ:

منها: أن هذا هو الواجب عليه.


ومنها: أنه إذا توقَّف وقال: الله أعلم، فما أسرعَ ما يأتيه علمُ ذلك من مراجعتِه، أو مراجعة غيره! فإن المتعلِّم إذا رأى معلِّمه قد توقَّف؛ جدَّ واجتهد في تحصيل علمها، وإتحاف المعلِّم بها، فما أحسن هذا الأثر!


ومنها: إذا توقَّف فيما لا يعرف كان دليلًا على ثقته وأمانته، وإتقانه فيما يجزم به المسائل، كما أن مَن عُرف منه الإقدام على الكلام فيما لا يعلم، كان ذلك داعيًا للريب في كلِّ ما يتكلَّم به، حتى في الأمور الواضحة.


ومنها: أن المعلِّم إذا رأى منه المتعلِّمون التوقُّف فيما لا يعلم؛ كان ذلك تعليمًا لهم وإرشادًا لهذه الطريقة الحسنة، والاقتداء بالأقوال والأعمال أبلغُ من الاقتداء بالأقوال[11].


 

الخاتمة:

والذي يُلاحظ أن فئامًا من الناس لا يقرُّ لأحدهم قرار حتى يَدخل في كلِّ ميدان، ولو كان جاهلًا تمامَ الجهل في ذلك الميدان؛ ومن هنا يقع في اللوم، والتندُّر، والاستخفاف.

 

وأذكر أن أحدَهم أراد أن يتكلَّم عن الرياضة عندما سمع جُلَّاسه يتحدثون عنها، وكان لا يفقه شيئًا فيها، وكان المنتخب آنذاك قد وصل إلى نهائيَّات كأس العالم، وسمع صاحبُنا مَن حوله يتحدثون، ويُحلِّلون المباريات، ويقولون: أخشى ما نخشاه منتخب كذا وكذا، وصاحبُنا يسمع كلمة (المونديال) تتردَّد في كلامهم، وهو لا يدري معناها، فأحب أن يُشارك، فما وجد إلا أن يقول: إن أخوفَ ما أخاف على منتخبنا هو المونديال؛ لأنه أخطر ما سيُواجهه؛ وهو يظن أن المونديال اسم فريق!

 

فغمزه أحدُ رفاقه الناصحين، وكان بجانبه، وقال له: اسكت، قال: لماذا؟

قال: أخبرك بعد نهاية المجلس.

 

وبعد أن انفضَّ الحاضرون، قال له صاحبه: لا تَعُد إلى الكلام بما لا تعرف، ولو سمع الحاضرون ما قلتَ لجعلوا منك أضحوكةً؛ أتدري ما المونديال؟ قال: لا، قال: هي النهائيَّات، أو المسابقة، أو البطولة.

 

هذا هو مُسمَّاها، وليست اسمًا لفريق!

وبعدها عرَف صاحبُنا قدرَه في هذا المجال، ولم يَعُدْ يتكلَّمُ فيه.

 

وأذكر أن شخصًا كان في مجلس، فتكلموا في الإبل، فقال: إن فلانًا أصابه بعيرٌ بنكرة، فكان من ضمن الحاضرين رجلٌ ذو دراية بالإبل، فضَحِك، وقال: يا هذا! النكرة للحمار، وليست للبعير، قل: رَمَحَه.

 

يقول صاحبنا: بعد ذلك صرتُ لا أتكلم عن الإبل بحضرة أهلِها والعارفين بها، بل إذا كنت فيهم جلستُ إليهم جلسةَ المتعلم، فلا أتعدَّى حدودي، بل أسألهم، وأراجعهم في مصطلحاتهم.

 

وهذا يذكِّرنا بقول طَرَفة بن العبد - وكان صغيرًا - لما سمع المُتلمِّس يقول:

وقد أتناسى الهمَّ عندَ احتضاره ♦♦♦ بناجٍ عليه الصَّيْعَريَّة مُكْدِمُ

 

قال طَرَفة: استنوقَ الجمل، استنوق الجمل، قال ذلك مُتندِّرًا بخاله الذي أخطأ، وجعل ما هو من خصائص الناقة من خصائص الجمل[12].

 

أقول: إذا كان هذا الشأن في عالم الإبل، أو الصقور، أو الرياضة، فما الشأن في أمور العلم، ومسائل الدِّين الكِبار، وقضايا الأمة المصيريَّة؟!

 

هل يَليق بإنسان لا يعلمُ أبجديَّات ما يتحدث عنه أن يخوضَ فيه نقدًا، وتحليلًا، وتنظيرًا، وتصحيحًا، وتخطِئةً؟!

ولئن ساغ له أن يتحدَّث في ذلك مع زملائه حديثًا عابرًا، فهل يسوغُ له أن يذيعَه وينشره على نطاق أوسع؟!

وإن أبى إلا الخوضَ فيما لا يَعنيه، كان حقيقًا بأن يأتي بالعجائب؛ لأنه تكلَّم بما لا يعرف.

 

وخلاصة القول:

أنه يَحسُن بالعاقل ألا يخوضَ في كل مجال، ولا يلزمه أن يكون له رأيٌ في كل مسألة، وإذا كان له رأي فليس ضروريًّا أن يبديَه، وإذا كان سيبديه، فليس ضروريًّا أن يبديَه لكل أحدٍ، أو أن يَفصِل فيه.

 

ويحسن بالعاقل أيضًا أن يعرض آراءَه على ذَوِي الحِجا والنُّصْح والنظر البعيد؛ حتى لا يقعَ في بحر الحسرات؛ لأنه رَكب العجلة، وهي أم النَّدَامات.

 

ورحم الله ابنَ حبَّان إذ نقل قولًا ساقطًا لأحدهم في مقدمة كتابه (المجروحين 17/1) فقال: ولو تملَّق قائل هذا القول إلى بارئه في الخلوة، وسأله التوفيق لإصابة الحق - لكان أَوْلى به من الخوض فيما ليس من صناعته[13].

 

يقول ابن الجوزي في كتابه النافع (صيد الخاطر) ردًّا على رجل من أهل العلم يُدعى: أبا بكر بن مقسم: ولو أنه أصغى إلى علماء وقته، وترك تعظيمَ نفسه لَبانَ له الصواب، غير أن اقتصار الرجل على علمه إذا مازجَه نوعُ رؤية للنفس، حبس من إدراك الصواب، نعوذ بالله من ذلك[14].



[1] سير أعلام النبلاء ج 8 ص: 30.

[2] البيان والتبيين ج 1 ص: 398.

[3] السير ج 2 ص: 191.

[4] الحاوي للفتاوي للسيوطي ج 2 ص: 116؛ بواسطة معالم في طريق طلب العلم ص: 209.

[5] الجامع لأحكام القرآن ج 1 ص: 279.

[6] الطَّغام: أرذال الناس وأوغادُهم.

[7] المصدر السابق.

[8] الآداب الشرعية والمنح المرعية ج 1 ص: 510.

[9] من كتابه "ومضات" ص: 71.

[10] تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم ص: 68؛ طبعة دار البشائر.

[11] الفتاوى السعدية ص: 628، 629؛ بواسطة معالم في طريق طلب العلم: 206، 207؛ للشيخ السدحان.

[12] استنوق الجمل: أي: صار كالناقة، مَثَلٌ يُضرب للرجل يكون في حديث أو صفة شيء ثم يخلطه بغيره وينتقل إليه.

وأصله: أن طَرَفة بن العبد كان عند بعض الملوك، والمسيب بن علس ينشده شعرًا في وصف جَمَل، ثم حوَّله إلى وصف ناقة، فقال طرفة: قد استنوق الجمل! فأرسلوها مثلًا، والبيت هو:

وقد أتناسى الهمَّ عند احتضاره ♦♦♦ بناجٍ عليه الصَّيْعريَّة مُكْدَمِ

قال الدكتور عبدالعزيز عتيق في كتابه النقد الأدبي عند العرب ص: 21: أي: أنت كنت في صفة جمل، فلما قلت(الصَّيْعريَّة) عدت إلى ما توصف به النوق؛ لأن الصَّيْعريَّة سِمة حمراءُ تُعلَّق في عنق الناقة خاصة.

فهذا نقد تَوجَّه من طرفة إلى المسيِّب في ناحية الألفاظ، وهو نقد يدل على بصر طَرَفة بمعاني الألفاظ ومواضع استعمالها، كما يدل على ذوقه النقدي، وفِطنته إلى أن مثلَ هذا الخطأ اللفظي مما يعيبُ الشعر، ويُقلِّل من درجة جودته.

[13] ومضات؛ للشيخ الحمد ص: 72 وما بعدها.

[14] صيد الخاطر ص: 81، طبعة الغزالي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من قال إنه لايوجد لدينا اختلاط؟
  • من قال: إن غبار الربا لا يضر؟
  • مثل عربي وقصته وأول من قال به
  • حينما يصبح "لا أدري" عيبا!

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله...(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث: أي الأعمال أفضل؟(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • الليلة التاسعة: قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}(مقالة - ملفات خاصة)
  • تفسير: (قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته...)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
3- أحسنتم ... زادكم الله توفيقا
رشا فايد - مصر 13-12-2015 06:27 PM

مقالة رائعة ، واقتباسات مضيئة ، وموضوع هام جدا.
جزاكم الله خيرا وتقبل منكم.

2- صدقت
سمية - الجزائر 09-12-2015 06:41 PM

وما أكثرهم في زماننا هذا، وقد حصل أن التقيت مرة بأناس لا يحسنون حتى كتابة أسمائهم، بل قل لا يعرفون حتى كيف يتلون سورة الفاتحة، يفتون ويحللون ويحرمون.
و الله المستعان
وفقك الله ربيعنا لكل خير

1- من قال لا أدري علمه الله ما لا يدري
امينة رامي - المغرب 08-12-2015 04:21 PM

لله درك أستاذنا الفاضل
كما عودتنا دوما موضوع المقال وطريقة تناول الموضوع تشفي الغليل خاصة في هذا الوقت الذي أصبح الكل يفتي ويشرع في أمور الدين خاصة بما يوافق هواه
ويفهم الدين بالطريقة التي يمليها عليه شيطان هواه
وفقك الله لكل خير

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب