• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (9)

وائل حافظ خلف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/12/2013 ميلادي - 9/2/1435 هجري

الزيارات: 8441

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وصول الأماني

بذكر تعقُّبات الحافظ ابن حجر العسقلاني على العلامة الكِرماني في شرحه لصحيح البخاري (9)

 

• كان الحافظ ابن حجر - رحمه الله - يقول: ((لو التقط من "الفتح" بيان ما وقع للكرماني في شرحه، وللزركشي في تنقيحه؛ لكان شرحًا حسنًا. يسر الله ذلك)). "الجواهر والدرر" (2/708).

 

• وكان حريصًا على الالتقاط المذكور، وإفراده بالتصنيف، فما لبَّى أحد من تلامذته دعوته. "الجواهر" (2/698).

 

• طريقتي في هذا الكتاب أديرها على ذكر الحديث محل البحث بديئًا من "الجامع الصحيح" برواية أبي ذَرٍّ الهَرَوِي عن مشايخه: المُسْتَمْلِي، وابن حَمُّوَيْه السَّرَخْسِي، والكُشْمَِيْهَنِي، ثلاثتهم عن الفَِرَبْرِي، عن البخاري. ثم إنني أثني بذكر كلام الكِرماني. ثم أختم بذكر تعقب ابن حجر العسقلاني. وربما ذكرت في الحواشي بعضَ فوائدَ مما له تعلق بالسياق.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

عَوْنَك يا لطيف

• قال الإمام البخاري - أسكنه الله من الجنان في أحسن المآوي - في كتاب الإيمان:

بابٌ: إِذَا لَمْ يَكُنِ الْإِسْلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَكَانَ عَلَى الِاسْتِسْلاَمِ أَوِ الخَوْفِ مِنَ القَتْلِ؛ لِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ﴾. فَإِذَا كَانَ عَلَى الحَقِيقَةِ؛ فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾، ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾.

 

(27) حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ، فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ، إِنِّي لَأُرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: "أَوْ مُسْلِمًا". فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ؟ فَوَاللَّهِ، إِنِّي لَأُرَاهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ: "أَوْ مُسْلِمًا". فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ثُمَّ قَالَ: "يَا سَعْدُ، إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ[1] إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ". رَوَاهُ يُونُسُ، وَصَالِحٌ، وَمَعْمَرٌ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. انتهى.

 

قال الإمام النووي في "المنهاج" (ج2/ص181-182):

((في الحديث أنه لا يُقطع لأحد بالجنة على التعيين إلا من ثبت فيه نصٌّ، كالعشرة وأشباههم، وهذا مجمع عليه عند أهل السنة. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْ مُسْلِمًا" فليس فيه إنكار كونه مؤمنًا، بل معناه النهي عن القطع بالإيمان، وأن لفظة الإسلام أولى به؛ فإن الإسلام معلوم بحكم الظاهر، وأما الإيمان فباطن لا يعلمه إلا الله تعالى. وقد زعم صاحب "التحرير"[2] أن في هذا الحديث إشارةً إلى أن الرجل لم يكن مؤمنًا، وليس كما زعم، بل فيه إشارة إلى إيمانه؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في جواب سعد: "إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ"، معناه: أُعطي من أخاف عليه لضعف إيمانه أن يكفر وأدع غيره ممن هو أحب إليَّ منه لما أعلمه من طمأنينة قلبه وصلابة إيمانه)).

 

• وقد نقل العلامة الكرماني ملخص ما رد به النووي على صاحب "التحرير"، ثم تعقبه بقوله:

((فعلى هذا التقدير = (أي: على التقدير بأن في الحديث إشارة إلى إيمان الرجل) = لا يكون الحديث دالًّا على ما عُقد له الباب، وأيضًا لا يكون لرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سعد فائدة)). انتهى[3].

 

• فقال الحافظ ابن حجر[4]:

((هو تعقب مردود، وقد بينا وجه المطابقة بين الحديث والترجمة قبلُ[5]، ومحصل القصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوسع العطاء لمن أظهر الإسلام تألفًا، فلما أعطى الرهط، وهم من المؤلفة، وترك جُعَيْلاً[6]، وهو من المهاجرين، مع أن الجميع سألوه، خاطبه سعد في أمره؛ لأنه كان يرى أن جعيلاً أحق منهم؛ لما اختبره منه دونهم؛ ولهذا راجع فيه أكثر من مرة، فأرشده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أمرين:

أحدهما: إعلامه بالحكمة في إعطاء أولئك وحرمان جعيل مع كونه أحبَّ إليه ممن أعطى؛ لأنه لو ترك إعطاء المؤلَّف لم يُؤمن ارتدادُه فيكون من أهل النار.

 

ثانيهما: إرشاده إلى التوقف عن الثناء بالأمر الباطن دون الثناء بالأمر الظاهر. فوَضَح بهذا فائدة رد الرسول - صلى الله عليه وسلم - على سعد، وأنه لا يستلزم محضَ الإنكار عليه، بل كان أحد الجوابين على طريق المشورة بالأَوْلى، والآخر على طريق الاعتذار)). انتهى.

 

وأقول:

الحال هاهنا تقتضي بسط الكلام شيئًا ما، وليدر على أشياءَ ثلاثة: الأول منها: هل كسر الحافظ لكلام الكرماني صواب كله؟


وثانيها: معرفة مذهب البخاري.

 

وثالثها: القول الفصل في ذا الأمر.

 

ولنشرع الآن في الكلام عليها، فنقول والله المعين لا شريك له:

إن كلام الكرماني السالف يشتمل على أمرين كما ترى، أحدهما: أنه على التقدير بأن الرجل مؤمن لم يكن لرد الرسول - صلى الله عليه وسلم - على سعد فائدة، وقد أصاب الحافظ الْمَحَز في رده على زعم الكرماني هذا.

 

والأمر الآخر: هو قوله: إن على التقدير السابق لا يكون الحديث دالاً على ما عقد له الباب، وهو هاهنا مصيب، وإن كنا نذهب إلى أن الرجل المذكور في الحديث مسلم قد زكاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن التحرير وجهته كلام البخاري لمعرفة جهة تدبيره، وهو يذهب إلى أن الرجل كان منافقًا؛ ولذلك أورد الحديث تحت تلك الترجمة، وكذلك يرى أن من ذُكر من الأعراب في آية الحجرات كانوا منافقين.

 

ثم اعلم بعد ذلك أن من مذهب البخاري أيضًا عدمَ التفريق بين الإيمان والإسلام.

 

وهذه أمور قد غفل عن بعضها بعضُ الشراح شراح الصحيح؛ فاضطربوا، وعلمك بما ذُكر يَقِفك على الصواب، وهاك بيانَه.

 

ذكرنا أن الإيمان والإسلام عند الإمام أبي عبد الله البخاري - رحمه الله - شيء واحد، فكأن قائلاً قال: كيف تنفي الفرق بينهما وآية الحجرات ناطقة به، وكذلك هذا الحديث حديث سعد؟! فأجاب: إن الإسلام يطلق ويراد به الحقيقة الشرعية، وهو المعتبر النافع، وهو والإيمان واحد، وعليه قول الله - عز وجل - في آيتي آل عمران. وقد يطلق على من استسلم ظاهرًا لرغبة في نوال أو رهبة من قتال، فهو هاهنا لا على الحقيقة الشرعية، إنما على الحقيقة اللغوية، وليس بنافع صاحبه في الآخرة، وعليه آية الحجرات وحديث سعد.

 

وإذ قد تبين هذا فيصح أن يكون جواب الشرط في ترجمة البخاري متسعًا مجاله[7]، فيصح أن يقال: إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة فجائز أن يسمى إسلامًا، و: إذا لم يكن على الحقيقة لم ينفع صاحبه في الآخرة، أو: لا يعتد به... إلخ. وتعيين أحد الأجوبة والجزم بأنه مراد المصنف ورد الباقي مما لا ينبغي، والتقدير الأول أولى.

 

هذا، وقد قال أبو الفداء ابن كثير - رحمه الله تعالى - في "تفسير القرآن العظيم":

(( يقول - تعالى - منكرًا على الأعراب الذين أولَ ما دخلوا في الإسلام ادعَوا لأنفسهم مقام الإيمان، ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم بعدُ: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾.

 

وقد استُفيد من هذه الآية الكريمة: أن الإيمان أخص من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، ويدل عليه حديثُ جبريلَ - عليه السلام - حين سأل عن الإسلام، ثم عن الإيمان، ثم عن الإحسان، فترقَّى من الأعم إلى الأخص، ثم لما هو أخص منه.

 

• قال الإمام أحمدُ[8]: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال:

أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ[9] - صلى الله عليه وسلم - رِجَالًا، وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ[10]، أَعْطَيْتَ فُلانًا وَفُلانًا وَلَمْ تُعْطِ فُلانًا شَيْئًا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْ مُسْلِمٌ"، حَتَّى أَعَادَهَا سَعْدٌ ثَلاثًا، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "أَوْ مُسْلِمٌ"، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي لأعْطِي رِجَالًا وَأَدَعُ مَنْ هُوَ أَحَبُّ مِنْهُمْ إِلَيَّ فَلَمْ أُعْطِهِ[11] شَيْئًا؛ مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ".

 

أخرجاه في "الصحيحين" من حديث الزهري، به.

 

فقد فرَّق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المسلم والمؤمن؛ فدل على أن الإيمان أخص من الإسلام. وقد قررنا ذلك بأدلته في أول شرح كتاب الإيمان من "صحيح البخاري" ولله الحمد والمنة.

 

ودل ذلك على أن ذاك الرجل كان مسلمًا ليس منافقًا؛ لأنه تركه من العطاء ووَكَلَه إلى ما هو فيه من الإسلام؛ فدل هذا على أن هؤلاء الأعراب المذكورين في هذه الآية ليسوا بمنافقين، وإنما هم مسلمون لم يستحكم الإيمان في قلوبهم، فادَّعَوْا لأنفسهم مقامًا أعلى مما وصلوا إليه، فأُدِّبوا في ذلك. وهذا معنى قولِ ابنِ عباس، وإبراهيمَ النَّخَعيِّ، وقتادةَ، واختاره ابن جرير.

 

وإنما قلنا هذا لأن البخاري - رحمه الله - ذهب إلى أن هؤلاء كانوا منافقين يظهرون الإيمان وليسوا كذلك. وقد رُوي عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وابن زيد أنهم قالوا في قوله: ﴿ وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ﴾ أي: استسلمنا خَوْفَ القتل والسِّبَاء. وقال مجاهد: نزلت في بني أسد بن خزيمة. وقال قتادة: نزلت في قوم امتنوا بإيمانهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

والصحيح الأول؛ أنهم قوم ادَّعَوْا لأنفسهم مقامَ الإيمان، ولم يحصل لهم بعدُ، فأُدِّبوا وأُعْلِموا أن ذلك لم يَصِلوا إليه بعدُ، ولو كانوا منافقين لعُنِّفوا وفُضِحوا، كما ذُكِرَ المنافقون في سورة براءة، وإنما قيل لهؤلاء تأديبًا: ﴿ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ أي: لم تصلوا إلى حقيقة الإيمان بعدُ)).

 

وقال الحافظ زين الدين ابن رجب[12] من كلامه على حديث سعدٍ:

((هذا الحديث محمول عند البخاري على أن هذا الرجل كان منافقًا، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفى عنه الإيمان وأثبت له الاستسلام دون الإسلام الحقيقي، وهو أيضًا قول محمد بن نصر المروزي.

 

وهذا غاية البُعد، وآخر الحديث يرد على ذلك، وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ"؛ فإن هذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكله إلى إيمانه كما كان يُعطي المؤلفةَ قلوبُهم ويمنع المهاجرين والأنصار.

 

وزعم عليُّ بن المديني في كتاب "العلل" له أن هذا من باب المزاح من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه كان يمزح ولا يقول إلا حقًّا، فأوهم سعدًا أنه ليس بمؤمن، بل مسلم، وهما بمعنًى واحدٍ، كما يقول لرجل يمازحه وهو يدعي أنه أخ لرجل فيقول: إنما أنت ابن أبيه، أو ابن أمه، وما أشبه ذلك مما يوهم الفرق والمعنى واحد.

 

وهذا تعسُّف شديد.

 

والظاهر - والله أعلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر سعدًا عن الشهادة بالإيمان؛ لأن الإيمان باطن في القلب لا اطلاع للعبد عليه، فالشهادة به شهادة على ظن؛ فلا ينبغي الجزم بذلك، كما قال: "إِنْ كُنْتَ مَادِحًا لاَ مَحَالَةَ فَقُلْ: أَحْسِبُ فُلاَنًا كَذَا، وَلاَ أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا"[13]، وأمره أن يشهد بالإسلام؛ لأنه أمر مطلع عليه، كما في "المسند"[14] عن أنس مرفوعًا: "الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ، وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ".

 

ولهذا كره أكثر السلف أن يُطلِق الإنسان على نفسه أنه مؤمن، وقالوا: هو صفة مدح، وتزكية للنفس بما غاب من أعمالها؛ وإنما يشهد لنفسه بالإسلام لظهوره، فأما حديث: "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ"، فقد خرَّجه أحمدُ[15]، والترمذي[16]، وابن ماجه[17]، من حديث دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد مرفوعًا.

 

وقال أحمدُ: هو حديث منكر، ودراج له مناكير. والله أعلم.

 

وهذا الذي ذكره البخاري في هذا الباب من الآية والحديث إنما يطابق التبويب على اعتقاده أنه لا فرق بين الإسلام والإيمان.

 

وأما على قول الأكثرين بالتفريق بينهما فإنما ينبغي أن يذكر في هذا الباب قوله - عز وجل -: ﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ﴾[18]؛ فإن الجمهور على أنه أراد استسلام الخلق كلِّهم له وخضوعَهم، فأما المؤمن فيستسلم ويخضع طوعًا، وأما الكافر فإنه يضطر إلى الاستسلام عند الشدائد ونزول البلاء به كرهًا ثم يعود إلى شركه عند زوال ذلك كلِّه كما أخبر الله عنهم بذلك في مواضعَ كثيرة من القرآن.

 

والحديث الذي يطابق الباب على اختيار المفرقين بين الإسلام والإيمان قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذكر قرينه من الجن: "وَلَكِنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَُ"[19].

 

وقد رُوي بضم الميم وفتحها:

فمن رواه بضمها قال: المراد: أي أنا أسلم من شره.

 

ومن رواه بفتحها، فمنهم من فسره بأنه أسلم من كفره فصار مسلمًا، وقد ورد التصريح بذلك في رواية خرجها البزار في "مسنده"[20] بإسناد فيه ضعف. ومنهم من فسره بأنه استسلم وخضع وانقاد كرهًا، وهو تفسير ابنِ عيينة وغيره؛ فيطابق على هذا ترجمةَ الباب. والله أعلم)).

 

والتحقيق في قضية التفريق بين مسمى الإيمان والإسلام ما قاله الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم بعد أن ذكر من الأدلة ما يُدخل الأعمال في مسمى الإيمان:

((وأما وجه الجمع بين هذه النصوص وبين حديث سؤال جبريلَ - عليه السلام - عن الإسلام والإيمان، وتفريق النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وإدخاله الأعمال في مسمى الإسلام دون مسمى الإيمان، فإنه يتضح بتقرير أصل، وهو أن من الأسماء ما يكون شاملاً لمسميات متعددة عند إفراده وإطلاقه، فإذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالاً على بعض تلك المسميات، والاسم المقرون به دال على باقيها، وهذا كاسم الفقير والمسكين، فإذا أُفرد أحدُهما دخل فيه كل من هو محتاج، فإذا قرن أحدهما بالآخر دل أحد الاسمين على بعض أنواع ذوي الحاجات، والآخر على باقيها، فهكذا اسم الإسلام والإيمان: إذا أُفرد أحدهما دخل فيه الآخر ودل بانفراده على ما يدل عليه الآخر بانفراده، فإذا قرن بينهما دل أحدهما على بعض ما يدل عليه بانفراده ودل الآخر على الباقي.

 

وقد صرح بهذا المعنى جماعة من الأئمة.

 

قال أبو بكر الإسماعيلي في رسالته إلى أهل الجبل: قال كثير من أهل السنة والجماعة: إن الإيمان قول وعمل، والإسلام فعل ما فُرض على الإنسان أن يفعله إذا ذكر كل اسم على حدته مضمومًا إلى الآخر، فقيل: المؤمنون والمسلمون جميعًا مفردين، أُريد بأحدهما معنى لم يُرَدْ بالآخر، وإذا ذكر أحد الاسمين شمِل الكل وعمهم.

 

وقد ذكر هذا المعنى أيضا الخطابي في كتابه "معالم السنن"، وتبعه عليه جماعة من العلماء من بعده.

 

ويدل على صحة ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر الإيمان عند ذكره مفردًا في حديث وفد عبد القيس بما فسر به الإسلام المقرون بالإيمان في حديث جبريل، وفسر في حديث آخرَ الإسلام بما فسر به الإيمان، كما في "مسند الإمام أحمد" (ج4/ص114) عن عمرو بن عَبَسَةَ، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال: "أَنْ تُسْلِمَ قَلْبَكَ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَأَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ". قال: فأي الإسلام أفضل؟ قال: "الْإِيمَانُ". قال: وما الإيمان؟ قال: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ". قال: فأي الإيمان أفضل؟ قال: "الْهِجْرَةُ". قال: فما الهجرة؟ قال: "أَنْ تَهْجُرَ السُّوءَ". قال: فأي الهجرة أفضل؟ قال: "الْجِهَادُ"...

 

فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان أفضل الإسلام، وأدخل فيه الأعمال.

 

وبهذا التفصيل يظهر تحقيق القول في مسألة الإسلام والإيمان: هل هما واحد، أو هما مختلفان؟

فإن أهل السنة والحديث مختلفون في ذلك، وصنفوا في ذلك تصانيفَ متعددةً، فمنهم من يدعي أن جمهور أهل السنة على أنهما شيء واحد، منهم محمد بن نصر المروزي وابن عبد البر[21]، وقد رُوي هذا القول عن سفيان الثوري من رواية أيوب بن سويد الرملي عنه، وأيوب فيه ضعف.

 

ومنهم من يحكي عن أهل السنة التفريق بينهما، كأبي بكر بن السمعاني وغيره، وقد نُقل التفريق بينهما عن كثير من السلف، منهم: قتادة، وداود بن أبي هند، وأبو جعفر الباقر، والزهري، وحماد بن زيد، وابن مهدي، وشريك، وابن أبي ذئب، وأحمد بن حنبل، وأبو خيثمة، ويحيى بن معين، وغيرهم، على اختلاف بينهم في صفة التفريق بينهما.

 

وكان الحسن وابن سيرين يقولان: ((مسلم))، ويهابان: ((مؤمن)).

 

وبهذا التفصيل الذي ذكرناه يزول الاختلاف، فيقال: إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرق[22].

 

والتحقيق في الفرق بينهما:

أن الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته، والإسلام: هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له، وذلك يكون بالعمل، وهو الدين، كما سمى الله تعالى في كتابه الإسلام دينًا، وفي حديث جبريل سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الإسلام والإيمان والإحسان دينًا، وهذا أيضًا مما يدل على أن أحد الاسمين إذا أفرد دخل فيه الآخر، وإنما يفرق بينهما حيث قُرن أحد الاسمين بالآخر، فيكون حينئذ المراد بالإيمان: جنس تصديق القلب، وبالإسلام جنس العمل.

 

وفي "مسند الإمام أحمد" عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الْإِسْلَامُ عَلَانِيَةٌ، وَالْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ"، وهذا لأن الأعمال تظهر علانية، والتصديق في القلب لا يظهر.

 

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه إذا صلى على الميت: "اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا، فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا، فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ"؛ لأن الأعمال بالجوارح إنما يتمكن منه في الحياة، فأما عند الموت فلا يبقى غير التصديق بالقلب.

 

ومن هنا قال المحققون من العلماء: كل مؤمن مسلم، فإن من حقق الإيمان، ورسخ في قلبه، قام بأعمال الإسلام، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ"، فلا يتحقق القلب بالإيمان إلا وتنبعث الجوارح في أعمال الإسلام، وليس كل مسلم مؤمنًا؛ فإنه قد يكون الإيمان ضعيفًا فلا يتحقق القلب به تحققًا تامًّا مع عمل جوارحه بأعمال الإسلام؛ فيكون مسلمًا وليس بمؤمن الإيمان التام، كما قال - تعالى -: ﴿ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾، ولم يكونوا منافقين بالكلية على أصح التفسيرين، وهو قول ابنِ عباس وغيره، بل كان إيمانهم ضعيفًا، ويدل عليه قوله – تعالى -: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ﴾، يعني: لا ينقصكم من أجورها؛ فدل على أن معهم من الإيمان ما تُقبل به أعمالُهم.

 

وكذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص لما قال له: لِمَ لَمْ تعطِ فلانًا وهو مؤمن؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْ مُسْلِمٌ"، يشير إلى أنه لم يحقق مقام الإيمان، وإنما هو في مقام الإسلام الظاهر، ولا ريب أنه متى ضعُفَ الإيمان الباطن، لزم منه ضعف أعمال الجوارح الظاهرة أيضًا، لكن اسم الإيمان يُنفى عمن ترك شيئًا من واجباته، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ".

 

وقد اختلف أهل السنة: هل يُسمَّى مؤمنًا ناقصَ الإيمان، أو يقال: ليس بمؤمن لكنه مسلم؟ على قولين، وهما روايتان عن أحمدَ.

 

وأما اسم الإسلام فلا ينتفي بانتفاء بعض واجباته، أو انتهاك بعض محرماته، وإنما يُنفى بالإتيان بما ينافيه بالكلية، ولا يُعرف في شيء من السنة الصحيحة نفْيُ الإسلام عمن ترك شيئًا من واجباته كما يُنفى الإيمان عمن ترك شيئًا من واجباته.

 

وإذا تبين أن اسم الإسلام لا ينتفي إلا بوجود ما ينافيه ويخرج عن الملة بالكلية، فاسم الإسلام إذا أطلق أو اقترن به المدح دخل فيه الإيمان كله من التصديق وغيره، كما سبق في حديث عمرو بن عبسة.

 

وخرج النسائي من حديث عقبة بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فغارت على قوم، فقال رجل منهم: (( إني مسلم ))، فقتله رجل من السرية، فنُمي الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال فيه قولاً شديدًا، فقال الرجل: إنما قالها تعوُّذًا من القتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ أَبَى عَلَيَّ أَنْ أَقْتُلَ مُؤْمِنًا" ثلاث مرات.

 

فلولا أن الإسلام المطلق يدخل فيه الإيمان والتصديق بالأصول الخمسة؛ لم يَصِرْ من قال: ((أنا مسلم)) مؤمنًا بمجرد هذا القول، وقد أخبر الله -تعالى- عن ملكة سبأ أنها دخلت في الإسلام بهذه الكلمة: ﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، وأخبر عن يوسف - عليه السلام - أنه دعا بالموت على الإسلام.

 

وهذا كله يدل على أن الإسلام المطلق يدخل فيه ما يدخل في الإيمان من التصديق.

 

وقد فَسَّر الإسلامَ المذكور في قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ بالتوحيد والتصديق طائفةٌ من السلف، منهم محمد بن جعفر بن الزبير.

 

وأما إذا نُفي الإيمان عن أحد وأُثبت له الإسلام، كالأعراب الذين أخبر الله عنهم، فإنه ينتفي عنهم رسوخ الإيمان في القلب، وتثبت لهم المشاركة في أعمال الإسلام الظاهرة، مع نوع إيمان يُصَحِّح لهم العمل؛ إذ لولا هذا القدر من الإيمان لم يكونوا مسلمين، وإنما نُفي عنهم الإيمانُ لانتفاء ذوْق حقائقه، ونقصِ بعض واجباته، وهذا مبني على أن التصديق القائم بالقلوب متفاضل، وهذا هو الصحيح، وهو أصح الروايتين عن أحمد؛ فإن إيمان الصديقين الذين يتجلى الغيب لقلوبهم حتى يصير كأنه شهادة، بحيث لا يقبل التشكيك ولا الارتياب، ليس كإيمان غيرهم ممن لم يبلغ هذه الدرجة بحيث لو شُكِّك لدخله الشك؛ ولهذا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتبة الإحسان أن يعبد العبد ربه كأنه يراه، وهذا لا يحصل لعموم المؤمنين)). انتهى ما أردت نسخه من قوله يرحمه الله، وقد أصاب شاكلة الصواب، ولعمري إن هذا لهو التحقيق، ولكلامه بقية محروم من لم يقرأها.

 

وقد بسط القول في ذلك أيضًا شيخ الإسلام في المجلد السابع من "مجموع الفتاوى" = كتاب الإيمان، فلا يفوتنك.



[1] كذا في المطبوع من رواية أبي ذر، ولعلها رواية الكشميهني؛ فقد ذكر الحافظ اليونيني (ج1/ص14)، وتبعه القسطلَّاني (ج1/ص112) أنه وقع في رواية أبي ذر عن الحموي والمستملي: ((أَعْجَبُ)). ثم رأيت الحافظ صرح بأن اللفظة المثبتة أعلاه هي للكشميهني، وتبعه السيوطي في "التوشيح" (ج1/189). فالحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.

[2] هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي الأصبهاني الشافعي رحمه الله تعالى.

[3] "الكواكب الدراري" (ج1/ص130).

[4] "فتح الباري" (ج1/ص80).

[5] كان قد قال: (( قول البخاري: (باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة ): حذف جواب قوله: ( إذا )؛ للعلبه، كأن يقول: إذا كان الإسلام كذلك لم يُنتفع به في الآخرة. ومحصل ما ذكره واستدل به أن الإسلام يُطلق ويراد به الحقيقة الشرعية، وهو الذي يرادف الإيمان، وينفع عند الله، وعليه قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾، وقوله - تعالى -: ﴿ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾. ويطلق ويراد به الحقيقة اللغوية، وهو مجرد الانقياد والاستسلام. فالحقيقة في كلام المصنف هنا هي الشرعية. ومناسبة الحديث للترجمة ظاهرة، من حيث إن المسلم يُطلق على من أظهر الإسلام وإن لم يُعلم باطنه، فلا يكون مؤمنًا؛ لأنه ممن لم تصدق عليه الحقيقة الشرعية، وأما اللغوية فحاصلة)) انتهى.

واعترضه بعضهم بكلام خفيف وزنه، وقال بعد أن حكى كلام الكرماني: ((قال بعضهم (يعني: الحافظ ابن حجر): وهو تعقب مردود. ولم يبين وجهه)) ا.هـ.

فيا سبحان الله! أفما رأى بقية كلام الحافظ في بيان فائدة رد الرسول على سعد وما أسلفه من ذكر دلالة الحديث على ترجمة الباب، وبجلاء أمرهما معًا يندحر زعم الكرماني عند الحافظ؟!! ولو أننا سلمنا تسليمًا جدليًّا أنه ما رآه فهلا بين هو؟ أفيغني قارئ كتابه علمه بأن ابن حجر ما بيّن؟!!... الله المستعان.

[6] هذا اسم الرجل الذي أبهم في الحديث، وهو ابن سُرَاقة الضمري، وقد صرح باسمه في "مغازي الواقدي" (ج3/ص948). وانظر "السيرة النبوية" لابن هشام (ج4/ص112-113) ط/ دار العقيدة، وكذا ترجمة جعيل من "الاستيعاب"، و"أُسْد الغابة"، و"الإصابة".

[7] وهذا على قطع الإضافة بين لفظة (باب) وما بعدها، وأما إن حملت على الإضافة لتكون ظرفية بمعنى (حين) فالأمر ظاهر، غير أني أراه بعيدًا. والله أعلم. وقد ينهدم ما ذكرنا من مراد البخاري إذا قلنا إن "أَوْ" في الحديث للتشريك، لكن ذكر الحافظ أنه وقع عند ابن الأعرابي في هذا الحديث: ((لا تقل مؤمن، بل مسلم))، فعلمنا أنها للإضراب. وقد نظرت في "معجم ابن الأعرابي" فلم أقف على ذي الرواية. وعند النسائي (4993): ((لا تقل مؤمن، وقل: مسلم)).

[8] "المسند" (ج1/ص176) = رقم (1522- شاكر).

[9] في "المسند": ((أعطى النبيُّ)).

[10] في "المسند": ((يا نبيَّ الله)).

[11] في "المسند": ((فلا أُعْطِيهِ)).

[12] "الفتح" (ج1/ص131-133).

[13] خرجه الشيحان وغيرُهما من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

[14] (ج3/ص134-135)، وفي سنده ضعف.

[15] "المسند" (ج3/ص68، 76).

[16] حديث رقْم (3093).

[17] حديث رقْم (802).

[18] [آل عمران: 83].

[19] أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" (2815) من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

[20] (ج14/ص249) رقم (7826/البحر الزخار) = رقم (2438/كشف الأستار)، قال: حدثنا صالح بن معاذ أبو بشر، قال: نا إبراهيم بن صرمة، قال: نا يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فُضِّلْتُ على الأنبياء بخصلتين: كان شيطاني كافرًا فأعانني الله عليه حتى أسلم" ... ونسيت الخصلة الأخري.

وقال البزار عقيبه: ((هذا الحديث لا نعلم رواه عن يحيى بن سعيد، عن سعيد، عن أبي هريرة إلا إبراهيم بن صرمة, وليس هو بالقوي في الحديث)).

وتبعه في ذكر علته الهيثمي في "المجمع" (ج8/ص269).

[21] الأول في "تعظيم قدر الصلاة"، ونقل كلامه ابن تيمية في "الفتاوى"، والثاني في "التمهيد" (ج4/ص215-218) ط/ دار الكتب العلمية.

[22] هاهنا استدلال للقائلين بعدم الفرق يُدِيرُونه في كنبهم، وهو منتزع من قول الله - عز وعلا - في سورة الذاريات: ﴿ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾، والجواب عن هذا أن يقال: ((هذا الاستدلال ضعيف؛ لأن هؤلاء كانوا قومًا مؤمنين، وعندنا أن كل مؤمن مسلم لا ينعكس، فاتفق الاسمان هاهنا لخصوصية الحال، ولا يلزم ذلك في كل حال))، قاله ابن كثير.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (5)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (6)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (7)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (8)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (10)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (11)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (12)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (13)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (14)

مختارات من الشبكة

  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (16)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصول الأماني بذكر تعقبات العسقلاني على العلامة الكرماني في شرحه لصحيح البخاري (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة وصول الأماني بأصول التهاني(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة وصول الأماني بأصول التهاني(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • وصول الأماني بأصول التهاني(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب