• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

بدعة المولد ومظاهرها الوثنية

الشيخ عبدالرحمن الوكيل

المصدر: من كتاب " بدعة المولد ومظاهرها الوثنية "(word)
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/2/2011 ميلادي - 10/3/1432 هجري

الزيارات: 18216

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بدعة المولد ومظاهرها الوثنية

 

الوليد الحبيب:

في مثل هذا الشهر تَهلَّل بالإشراق الرُّوحي مُحيَّا الوليد الحبيب، تناسمه من الله روحٌ حكيمة، وتغمر وجودَه الإنسانِيَّ بالحفظ رعايةٌ من الله هاديةٌ.

وفي المهد - ناح من حولِه اليُتْم - راح يدرج الوليد، يُباكره الحبَّ، ويناغيه الْحُنوُّ من كلِّ مَن حوله؛ إذْ شاء الله أن تكون تلك القلوب الوثنيَّة حُرَّاسًا لِهذا الوليد الذي سيدمِّر الأولياء المعبودة من دون الله، ويُنكِّس ذليلاً على رأسه كلَّ طاغوت، فيا لقدرة الله! ويا لحكمته البالغة!

 

من غياهب الكفر، ومَغاورِ الشِّرك، يتألَّف نور الإيمان، وينتَظر روحُ التَّوحيد، فإبراهيم من بيْن الأصنام يدعو القلوب إلى إخلاص العبادة لله، وموسى من بيت فرعون يذكِّر المستكبرين بِمَلكوت الله، ومحمَّد - هذا الرسول العظيم الكامل - صلَّى الله عليه وسلَّم - يختم الرِّسالات، ويُتِمُّ في الوجود الإنسانِيِّ دينَ الله، وكان أهْلُه ومن حوله يتَّخذون مع الله آلِهة أخرى.

 

محمَّد بن عبدالله في رجولته:

ويُصبح الوليد الحبيب رجلاً كَمُلت فوق الكمال معاني رجولته، وتنضَّرت فيه رفافة النَّضْرة، وعوارف إنسانيَّتِه العليا، وتطهَّرت عقيدتُه الصافية من كلِّ ما يشوبها، فما تفتَّحَت حواسُّه كلُّها إلا على آيات رحمة الربِّ وحكمته، وما عرفَتْ للوجود ربًّا يربِّيه ويدبِّره غيْر الله، ولا استرحَمَت في هواجر الحياة غيْرَ الرحمن، ولا أنابَتْ - حين يَغْشى الليل الظُّلوم - إلاَّ إلى الواحد الديَّان.

 

ويستشعر الرَّجلُ الإنسان الكامل في نفْسِه غلَّة الشوق إلى الله، ويُحسُّ باللهف الْمَلهوف يعصف بسكونه الشُّعوري؛ لكي يَعْلم ويسمع؛ يعلم حقيقة الإيمان تُجلِّيها كلمةُ الله مفصِّلة لسنن الله، ويسمع نداء التَّوحيد من غيب السَّماء، ها هي عيناه الْمَشوقتان تتطلَّعان إلى السماء كقَلْبه المشوق، وها هي روحُه تناسب رفافة تَطْوي أمَدَ الآزال والآباد؛ تطلُّعًا إلى نبأٍ من ربِّه، الأوَّلِ والآخِر، والظَّاهرِ والباطن.

 

محمد يوحى إليه:

وها هو ذا في ليلة القَدْر من رمضان، وقد شغَفَه ربُّه حُبًّا، إذْ أراه جبريلَ متبدِّيًا في الأُفُق يلهب قلبه بالشوق: "أنت رسول الله، وأنا جبريل"، وأضناه الشَّوق والحنين إلى روحٍ من عند ربِّه يُحيي بِها ما أماتَتِ الجاهليَّة العَمْياء من نُفوس الإنسان الظَّالِم لنَفْسه بعبادة الأوثان، حتَّى لَيكاد يستشعر الصَّلْدُ لفْحةَ الأشواق في هذا القلب السماويِّ الرقيق، والسَّماوات ومَن فيها إصغاءٌ وخشوع لِما سيكون، والوجود في سكونه الشَّاعرِ تَرفُّ على آفاقه قداسةٌ علويَّة.

 

ها هو ذا محمَّد العظيم يتلقَّى عن الله، فإذا به في لحظةٍ رسولٌ من الله للإنسانيَّة جَمعاء، وكان أوَّلَ ما أوحِيَ إليه تعريفٌ بالله وعظيمِ ربوبيَّته: ﴿ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾، وتعريفٌ بالإنسان في حقيقته وضعْفِه وحاجته: ﴿ خَلَقَ الْإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾، فيْصَل حكيم دقيق خبير بيْن صفات الله وصفات البشَر، بين الرَّب والْمَربوب، الخالق والمخلوق؛ ليكون ذلك أوَّل ما يقرع السَّمع من وحي السماء، اسْمع واسمع: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5].


تذكيرٌ بالربوبيَّة الخالقة المربِّية، التي تَعْلم وتُعلِّم، ثُم تذكير بالإنسان، وحاجته وفقْرِه وجهله، أرأيتَ كيف يُضِيف كلمة "الرَّب" مرَّتيْن إلى ضمير خطاب "محمَّدٍ" مثالِ البشريَّة في سُموِّها؟! أرأيتَ كيف يَذْكر من صفاته: الخَلْقَ والعِلْم بالنسبة إلى ذِكْر الإنسان؟ حتَّى لا يستعلِيَ ذلك الضعيف أو يستكبر، فأخَصُّ صفات الربوبيَّة الخَلْق، وأخصُّ صفات الإنسان أنه مَخْلوق، وأكملُ الصِّفات وأسْماها غايةً: العلم، فتأمَّلْ كيف يبدأ الوحي بِهاتَيْن؟

 

جهاد الرسول:

وجاهد محمَّدٌ الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وما في البطولات - عزَّت جهادًا، وسَمَتْ عزائم، وشَرُفت غاياتٍ - ما يدنو من بطولة الرَّسول الأعظم، ناضَلَ الأعزلُ من السِّلاح بالكتاب الذي أُنزل عليه؛ لأنَّه حقٌّ من الحقِّ، وقوَّة من القَوِيِّ، فانتصر المُجاهد الأول.

 

انظر إلى الكعبة المشرفة، أين منها وحولَها أربابٌ ذلَّت لها الْجِباه، ودان تَحت الذُّل الجبابرة؟! إنَّ نور القرآن سطع هنا، ودعا بآياته رسولَه، فزُلْزِل الشِّرك، ولاذ بالرُّعب المشركون، فإذا اللاَّت العاتيةُ لقى مهان، وإذا العُزَّى وراء الذُّل صاغرة، وإذا مَناةُ تلوذ بالمنيَّة فتستعصي عليها.

 

دعوة الرسول:

دعا الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى الله لا إلى نَفْسِه، والله العليم الخبير جعل مهمَّة مُحمَّد الأولى والآخِرَة تأديةَ رسالةِ ربِّه، فأدَّاها خاشعًا قانتًا في كنَفِ الله بالذُّل العزيز من العبودية النقيَّة المطمئِنَّة، ولقد كان يَلمح الرَّسول - الذكي اللمَّاعُ الذَّكاءِ بفِطْرته، اليَقِظ، القويُّ اليقظةِ لنَزغات الشيطان - يَلْمح من بعض العيون نظرةً تكاد تؤلِّهُه - كما ألَّهَت مَن قبله من الأنبياء، ويسمع على الشِّفاه هَمسات توحي بأنَّهم سيَغْلُون فيه كما غَلَوْا فيمن قبله من الرُّسل المعظَّمين، وهنا يُجَلجل صوته القويُّ: ((لا تُطْروني كما أطرَتِ النَّصارى عيسى ابن مريم، فإنَّما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسولُه)).

 

هكذا، وبذلك الأسلوب البليغ القويِّ في تأدية معناه، يُقيم الحُجَّة قاطعة ماحقة لدعوى الزَّيغ والبهتان: أنَّه النُّور الأول، أو الْخَلْق الأوَّل الذي فاض من الله، ويعلو بيان القرآن يُعْلِن كلمة الحق: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ [الكهف: 110]، [فصلت: 6]، ﴿ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 9]، فتصفو القلوب، وتَسْكن النُّفوس، وتتطامن العقول، ويتسمَّع آنًا هَمْسة يغلغلها الشيطان بِغُلُوِّ الحب، أنَّ الرسول يَعْلم الغيب، فيُرْشد القرآنُ بِهُداه، فيكبح جِماح الظُّنون ويقشع أوهام التخيُّل؛ إذْ يقول: ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [النمل: 65]، وتتهامس الخواطر، يلوِّنُها الشيطان بفنون سحريَّة من الخيال، وتَهاويل وثنيَّة من الأساطير، أنَّ محمدًا لا يعتريه الموت، فهو الحيُّ وإن بدا للعين جسدًا يواريه التُّراب، فإذا بالقرآن الْهادي يعلن الحقيقة السرمديَّة للإنسان: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]، ويُعلن: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ﴾ [آل عمران: 144].

 

ويتأنَّق الشيطان في نزعاته فيهمس أنَّ محمدًا بيده من الأمر شيء، وأنه ينفع بِما ينفع به الله وحْدَه، غيْرَ أن القرآن يُعلن في جَلاءٍ وإشراق مُخاطبًا الرسول: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128]، ﴿ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾  [الجن: 21 - 22].

 

ثم يعلن الرسول هادمًا ركنًا من الوثنية التي توقن بالحسب والنَّسب، وتقول: إنَّه نافع شافع عند الله، يقول الرَّسول موجِّهًا خطابه إلى أحَبِّ وأعزِّ بضْعةٍ منه، ابنته فاطمة: ((يا فاطمة بنت محمَّد، اعْمَلي، فلن أُغْنِي عنكِ شيئًا))، ويؤمن أصحابُه بكلِّ هذا، ويوقنون ويثبت يقينهم أنَّ محمدًا البشَرَ له دنياه، وعَيْشُه وملبسه، وطعامه وشرابه، فهو ببشريَّته في الدنيا لا يُلْزِم كائنًا مَن كان بأن يكون مثْلَه، أمَّا محمَّد الرسول فالواجب التأسِّي والاقتداء به فيما يأخذ وفيما يذَر، ويَحيا محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الدُّنيا حياة البشر؛ طعامًا وشرابًا، ولباسًا ونكاحًا، ويقظة ونومًا، وإعسارًا آنًا وإيسارًا آخر، إنَّه ينساب بفِطْرته النقيَّة الصافية في الدُّنيا يَرْمقها الدِّين، وتوجِّهها تَقْواه، ويُسَدِّدها إلى الغايات القدسيَّة عبوديَّة لله طاهرة، ولم يَمُت محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى جعل العقول تفصل فصلاً حكيمًا دقيقًا بين الخصائص الربَّانية، والخصائص البشرية، فلا تَخْلط بين صفات الله وبين صفات البشر، وإذا ولِذَا كان هذا البشَريُّ محمدَ بن عبدالله.

 

لَم يَمُت الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى جعل بالقرآن وبيانه العبوديَّة تقف برجائها وخوفها، وذُلِّها وضعفها، بإيمانِها وتوحيدها، في رحاب الله الفُسَاح، مؤمنة مُخْبِتة تقيَّة، لا تطرف لَها عينٌ إلى غيره، ولا يهمس لَها خاطر أملاً في سِواه، ولا يَنْزع بِها خيالٌ رجاءً إلى مَن دونه، فإذا المؤمنون: إلَهُهم واحد، هو الله ربُّ العالمين، وإذا هم أمَّة واحدة هم المسلمون الإخوة، وكتابهم واحدٌ هو القرآن، ورسولُهم المقتدَى به واحد، هو محمَّد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقتدون به في رسالته لا في بشريَّته، في دينه لا فيما تناول به مِن دواعي العيش دنياه.

 

صحابة وصدِّيق:

ويسجِّل التاريخ في سجلِّ الصِّدْق والحقيقة حُبًّا وصداقة بين رجلَيْن:

أمَّا أوَّلُهما: فقد بلَّغ الرسالة عن ربِّه، وهو محمدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وأما الثاني: فقد صدَّق بِما جاء الرسول عن ربِّه، وهو أبو بكر الصِّدِّيق، يسجِّل التاريخ هذه المحبَّة وتلك الصَّداقة، وتطل القلوب إليها مشغوفة ملهوفة، لعلَّ أقباسًا منها تُضِيء سبيل الصَّداقات للقلوب، ولعلَّ إشعاعًا منها يهدي روحيَّة الْحُب في متاهات الحياة إلى ربيع الخُلُود.

 

ويُعْلن التاريخ في صِدْق أنه لَم يُعطَّر الوجودُ الإنساني بِمِثل رَيَّا تلك الصَّداقة، ولا تسامت الرُّوح ولا تألَّقَت الإنسانية في صفائها الرَّقراق كما حدث في تلك المَحبَّة، ولا أشرقت أخُوَّة في الحياة يُباركها الله مثل ما أشرقَتْ هذه الأخُوَّة بيْن الرسول وبين صاحبه ووزيره أبي بكرٍ الصِّدِّيق.

 

ها هُما تحت غلائل اللَّيل، أتَتْ عليه الوحشة الرَّهيبة، يلفُّهما صوت عميق سحيق لا تُسمع فيه إلاَّ هَيْنمات الرُّوحين بالتسبيح والْخُشوع، هذا هو الصدِّيق يخلف وراءه مَن يُخلِّف من الأحِبَّة، ويدَع وراءه ما يدع من الدُّنيا، ويَمتطي الْهَول والرُّعب، ويقتحم اللَّيل والقفر، ويَجوب الدَّياجير تعوي رياحُها النُّكْبُ الزَّعازع، بين ماضٍ لَم يذق فيه راحة أو هدوءًا، أو مستقبَلٍ في كنف الغيوب المَجهولة لا يَدْريه، ولكن كان يُسعده ويَجعل الحياة من حوله فِرْدوسًا: أنَّه مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

ها هُما في الغار حيث يترصَّدُهُما الموت أمامه، أرأيتَ إلى الصَّديقَيْن هنا في الغار تدبُّ هَوامُّه وتخشن صخوره، ويَطْغى عليه من ظُلَم اللَّيل ركام؟! أرأيت إليهما هنا؟! ماذا جَمعَهما؟! وفي سبيلِ مَن اجتمعا؟! إنَّ الدنيا بِمَفاتنها ومباذلها المكحولة الآثام كانت هناك، والشِّرك في طَغْواه وصولَتِه الصَّائلة يعجُّ أمام باب الغار، ولكنَّهما من كلِّ ذلك في حِصْنٍ قوي منَ الإيمان والثِّقة واليقين، وحسب أبو بكر أنَّهما وحْدَهُما، ولكنَّ المؤمن الأول محمَّدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُذَكِّره، فيَطْمئنُّ الصِّدِّيق إلى قوله: ﴿ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].

 

ألَم ترَ إلى تلك العاطفة الإيمانيَّة في قلب أبي بكر لِمُحمَّد شبَّت، ثُمَّ إذا بِها تجعل الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - عنده قبل النَّفْس والمال، والأهل والولد؟! أحدَّثَك التاريخُ أن رجلاً عظيمًا كريمًا نبيلاً أحبَّ صاحبه كما فعل أبو بكر الصدِّيق؟!

 

ماذا بعد موت الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم؟

ويدور الفلَكُ دورته، ويَنْزل بِمُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما يَنْزل بكلِّ بشَر، يَنْزل به الموت، أليس محمَّدٌ نفْسًا؟! ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185]، كما بلَّغه ربُّه وبلَّغ هو عنه ربِّه.

 

تُرى ما حال ذلك القلب الرَّقيق البَكَّاء، قلب الصِّدِّيق إذْ يَفْجعه الموت في أعزِّ مَن يُحب في دنياه؟! وما حال تلك العاطفة تتلظَّى شغفًا، وتتلهَّب حنينًا إذْ ترى عينَيْ محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - يغمضهما الموت، وكانتا صفاءً قدسيًّا، ونورًا علويًّا، وإيمانًا نقيًّا، كانتا تبُثَّان اليقينَ في الرِّيبة، والطُّمأنينةَ في القَلق، والأمْنَ في الخوف، والأملَ في اليأس؟!

 

وتَلفَّت التاريخُ رائع الإعجاب لِيُمجِّد بطولةَ قلب عظيم كبير، لا يهوله الْهَول، ولا يذهله الرَّوع، ولا تُزَلزله الداهية، ويتلمَّظ الشيطان لاعقًا باللَّهب المُحرق شفتَيْه، ويُصِيخ بسمعه وهو يتفجَّر وسوسة يختلُّ بها إيمان القلوب، ولكن الشيطان يَسمع الصِّدِّيق، الرَّفيق الرقيق، المؤمِنَ القويَّ يقول للجازعين مِن حوله: "مَن كان يعبد محمدًا فإنَّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنَّ الله حيٌّ لا يَموت"، ويُذكِّرهم بالآية: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ﴾ [آل عمران: 144]، والصَّحابة جَميعًا يُنْصتون لقول أبي بكر فيؤمنون بِمَوت الرَّسول ويَطمئنُّون.

 

ولو تكشَّف لك الشيطانُ يومَها يَحْثو على رأسه الغبار حسرةً وغمًّا، لرَأَيتَه يُحاول إغواء القلوب أن تنسى محمَّدًا البشر؛ لِيَبعث فيها ما وسوس به لعُبَّاد عيسى، فتتوهَّم أن محمدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يَمُت؛ لأنَّ الآلهة لا تَموت، ولكن أبا بكر وأصحاب محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - معه لَم ينسوا، ولَم يَهِنوا، ولم يستكينوا، ومضَوْا في سبيل الله ينشرون النُّور، ويبدِّدون غياهب ظلمات الأوهام، هالوا التُّراب على رسول الله، ولولا أنَّهم أُمِروا بذلك ما فعلوه، كما قال أنَسٌ لفاطمة.

ومضَوْا مضاء عزيمة، وصلابة إرادة، وقوَّة إيمان يُحاربون الشِّرك والمشركين، والرِّدَّة والمرتدِّين؛ إعلاءً لكلمة الله، ما صرَفَهم قبْرُ الرَّسول عن ربِّهم مرَّة، ولا غرَّهم خيالٌ بالغُلوِّ في ذِكْراه بعد الموت إلاَّ بِما شرع الله.

 

إنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - علَّمهم أن عظمة محمَّد في رسالته، وأن حُبَّه هُداها، لن يكون إلاَّ باتِّباع ما جاء به، إذْ قال لهم: ((لا يؤمن أحدكم حتَّى يكون هواه تبعًا لِما جئْتُ به)).

هذا هو الحب، وميزانه وبرهانه: محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - مات، والله هو الحيُّ القيُّوم المنفرد وحْدَه بالبقاء، وحبُّ الله وحب رسوله في العمل بكتاب الله وسُنَّة رسوله.

أمَّا ذلك القبر، وتِلْك الذِّكريات، وتِلْك الدُّموع التماسيحيَّة المصطنعة والتهاويل والخيالات، أمَّا ذاك كله فليس مِن تَمجيد محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - في شيءٍ.

 

إنَّ حب الله هو الأول في القلوب، وقد حدَّد الله السبيل الذي يصل بالقلب إلى حُبِّه تعالى في قوله: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]، فسبيل حُبِّ الله اتِّباع رسوله لا الطَّواف حول قبْره، ولا التمسُّح بِسُترة، ولا إقامة حَفْل كلَّما عبرت على الخواطر ذِكْراه، بِهذا آمن أصحابُ الرَّسول، فلم يَطُوفوا حول القَبْر، ولم يُقيموا في ربيع الأول له عيدًا ولا مولدًا.

 

ويتلفَّت التاريخ مرَّة أخرى مُمجِّدًا، وتتلظَّى عينَا إبليس حقدًا وبغضًا، فأصحاب محمَّد وأَتْباعه ما زالوا على العهد يَنْشرون النُّور، ويهتكون بالحقِّ سجن الظَّلام، وتُسْتَذَلُّ التِّيجان الطَّاغية، وتُثَلُّ العروش الباغية، وتستعلن كلمة الله في الآفاق في قوَّة سَماويَّة عالية، وفي إيوان كسرى بعد النَّار يُعبَد الله نور السَّماوات والأرض، ويتردَّد في جوانب الصَّدى المقدَّس في جلال وجَمال من شِفاهِ المؤمنين، إذْ يقولون: "الله أكبر".

ويَمُرُّ ربيعٌ وربيعٌ وربيع، ولكَمْ مِن ربيعٍ وربيع مرَّ على الأصحاب والأتباع! فماذا فعل أصحابُ محمَّد وأتباع محمد؟! أأقاموا لذِكْراه حفلاً؟! مولدًا؟! عرائِسَ مولد؟! أتلَوْا له قصصًا ينطلق منها صارخًا شيطان الغريزة؟! لَم يفعلوا ذلك؛ لأنَّهم مؤمنون موحِّدون.

وتَمْضي حِقَبٌ طويلة، ليس فيها "مولد" ولا احتفال بذِكْرى المولد، ولا قصص تُتْلى، ولا عرائس ولا حكومة تُعِين على البِدْعة الوثنيَّة، وعلى هذا مضى السَّلَف الصالح - رضي الله عنهم - وكانوا أعرف بالرَّسول، وأصدق حُبًّا للرسول؛ لأنَّهم كانوا يَمْشون على هُدى وبصيرةِ كتاب الله وسُنَّة الرسول.

 

ولكنْ خلَفَ مِن بعدهم خَلْفٌ هجروا القرآن، وعَمُوا عن هدْيِ الرسول فاتَّبعوا الظُّنون والأوهامَ، وشرَعُوا من الدِّين ما لم يأذن به الله، وزيَّنها لهم الشيطان باسْم البِدَع الحسنة، وباسْم الْحُبِّ والتَّعظيم لرسول الله، وما هو إلاَّ المُحاربة لِهَدْي ورسالةِ رسول الله، ولكنَّ أكثرهم لا يعقلون.

 

المسلمون اليوم ونَبِيُّهم:

وبعد أحقاب وأحقاب يَرْنو التَّاريخ بعينَيْه الحزينتَيْن يَمْنة ويسرةً، ويُصِيخ بسمعه، لِيَرى ويسمع ما بقي من دين الله الذي أنزله على خاتم الرُّسل محمَّد، ورسالة عبد الله ورسوله محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وذُعِر التاريخ، وولولَتْ أمْجاده، ونكَّس رأسه، وفي إطراقة ذُلِّ اليتيم يسومه الْخَسف ظُلْم عاتٍ جبَّار، وفي عينَيْه الداميتين مآسٍ دامية، وعلى فمه الرَّاعش فاجعةٌ ولْهَى نوَّاحة الدُّموع، وجد التاريخ كلَّ شيء إلا دينَ عبْدِ الله ورسوله محمَّد في حقيقته، وسمع كلَّ اسم تَهْتف به القلوب إلاَّ اسم الله مالِكِ الملك، وفي المَحاريب أوثانٌ وفي المساجد أصنام، وعلى المآذن بِدَع ناعقة، وجد القرآن عند المسلمين تَميمةً تُبَاع، وغناءً ماجنًا في المآتِم وعلى القبور.

وجاء ربيعٌ والتاريخ مَحزون أَسْوان، فرَأيْنا هنا وهناك أوثانًا من الْحَلوى تُصْنَع باسم سيِّد الإنسانيَّة وهاديها محمَّد، وسمع وزيرًا كبيرًا خطيرًا يقول: إنَّه سيزيد من كمية السُّكر؛ لِيَفرح به الناس في مولد محمَّد، ويسأل التاريخ ولْهان السؤال: وأين مِن كلِّ هذا دينُ محمَّد؟!

 

آهًا لكِ يا أمْجاد الماضي السَّحيق! دعيني أَقُل للتاريخ الجواب: إنَّها أُمَّة مسْلِمةُ الأسماء[1] يا تاريخ، جاهليَّة الحقيقة والأعمال، مُشْرِكة القلوب والعقائد، يا مَحْزون، لَم يَبْق عندهم لِمُحمَّد من ذكرياتٍ غيْر عرائس من السُّكر، ودُمًى يَعافُ أجْملَها الذُّباب، وتَهتُّكات من أغاريد تُناجي الشَّهوات، وتتملَّق الغرائز، وتقف بالرَّغاب الْهِيم عندها أسيرة ذلولاً.

 

عجبًا لهذه الأمة الماجنة الهازلة! من ذا الذي زعم لَها أنَّ الاحتفال بِمَولد الرسول سُنَّة حسنة؟! إنِّي لأسائل هؤلاء العباد بالبدعة وللبدعة: إمَّا أن يكون الاحتفال بالمولد بدعة أو غيْر بدعة، أو بِمَعنى آخَر: من الدِّين أو ليس من الدين.

هم لا يقولون بأنَّه بدعة، ولا أنه ليس من الدِّين، فلم يبق إلاَّ قولهم: إنَّ الاحتفال بِمَولد الرسول - في أيِّ صورة - من الدِّين، أو ليس بدعة.

 

ونَحن لو قلنا بِهذا رمَيْنا أصحابَ محمد بالقصور وبالتقصير، بالقصور عن إدراك معاني الدِّين، وعن سبيل تكريم محمَّد وتَمجيد رسالته، وبالتقصير في حقِّ الدِّين وحق محمَّد، أو بِمَعنى أصرح: نتَّهمهم بأنَّهم كانوا قاصري الفِكْر والدِّين، ونقول: إنَّنا أَحْكم وأزْكَى عقيدة، وأبعد نظرًا في الدِّين، وأسلم بصيرة في التديُّن، وأشدُّ حُبًّا لِمُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أبي بكر وأصحابه، وما يقول بكلِّ ذلك إلاَّ وثَنِيٌّ، أو مَن في عقله دخَل.

 

مَن ذا الذي أحبَّ الرسول كحبِّ أبي بكرٍ وأصحابِه؟! لا أحد، أفيستطيع القولَ قائلٌ: إننا نُكرم بِهذا المولد محمدًا أكثر مِمَّا كرمه أصحابه؟! أفندرك نحن اليوم ما يجب له وما ينبغي لرسوله أكثرَ من أولئك الأماجد الأحبَّة الذين باعوا أنفسهم وأموالَهم لله، وقاتلوا وقُتِلوا ابتغاءَ رضوان الله؟! أين نَحْن من هؤلاء القوم الأعزَّة المؤمنين الموحِّدين؟!

 

أنَقُول: إنَّ أبا بكر قصَّر في حقِّ صاحبه فلم يصنع له مولدًا، ولا احتفل بذِكْرى مولده؟ أنقول: قصَّر عمر فلَم يَجئ بِمُنشد ماجنٍ متكسِّر متخلِّع سِكِّير عِرْبيد يتلو له قصَّة محمَّد، ويتغزل في "بطن ووجنات وحواجب وعيون" محمَّد؟ أنقول: قصَّر عثمانُ ذو النُّورين وعليٌّ الرِّضا، فلم يصنعوا عرائس مولد أو "أحصِنَة"، ولَم يُقِيما احتفالاً حكوميًّا بِمَولد محمد؟!

لو قلنا: إنَّ الاحتفال بِمَولد الرسول دينٌ أو سُنَّة حسنة، رمينا القرآن بالقصور؛ فهو لَم يبيِّن لنا ذلك، والله يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، ورمَيْنا الرَّسول إمَّا بالقُصور وإمَّا بإخفاء ما أُمِر بإبلاغه؛ لأن السُّنة لَم تأمرنا بالاحتفال بِمَولده، بل حذَّرت من ذلك كلَّ التحذير، أفيَجْرؤ إنسانٌ عنده أثارة من إسلامٍ على القول بما ذكرناه؟

 

يقول قائلٌ: "وماذا في الاحتفال بِمَولده؟".

إنَّ من يتَجاهل فيسأل هذا السُّؤال كأنَّما "يَهْذر" على الله ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قل لَهما: لماذا لم تأمرا به، ولِماذا لَم تَحتفلا به؟! أنا أعلم منكما بِما يجب...

إنَّ الله كرَّم الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجلَّ تكريم في أمرنا بالصَّلاة عليه، وهذا أَسْمى وأعظم وأبعد غايةً في معاني التكريم من كلِّ ما يتخيَّل البشر ويفتن في تصويره الوهم الشاعريَّ، وتفكَّر فيه العبقرية النفَّاذة اللمَّاحة تستدني ما خلْفَ النَّجْم.

 

ويقولون: "جرَتِ العادة أن نكرِّم العُظَماء بِمثل هذا"! نعَم جرَتْ عادتكم، وعاداتكم وثنيَّات الجاهلية، أو وثنيَّات الغَرْب، فتَنَكم شيطانه الأثيم، أفتُحكِّمون في دين الله عاداتِكم، ومحمَّدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليس كَعُظمائكم يا قوم، بل هو فوقهم وأسْمى وأجَلُّ، إنَّه رسولٌ عظيم خَتَم الله به الرِّسالات والرُّسلَ جَميعًا، والله كرَّمه بإيجاب طاعته وبالصَّلاة عليه حيًّا وميتًا، فلْنَقف عندَ ما أمر الله، فهو يُحبُّ رسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أكثر مِمَّا نُحب، أستغفر الله من كلمة "أكثر"، فما يُنسب حبُّ الله إلى حبِّنا نحن، ولا يُقاس أبدًا حبُّنا إلى حُبِّه، والله أحكم وأعلم.

 

مَظاهر الاحتفال بالمولد:

لَم يبق لِمُحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند هؤلاء إلاَّ ما لا يحبُّه محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإلا ما لا يرضاه ربُّ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولم يبق من أثارة تَمجيدٍ لِمُحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو شِيَةٍ من تكريم له في قلوب هؤلاء وعمَلِهم سوى ما يَأْفكون به من مظاهِرَ وثنيَّة، نذكر بعضها:

أوَّلاً: في كلِّ ربيعٍ تُصْنع أصنامٌ من الحلوى باسْمه! إنَّ من حطَّم الوثنية في شتَّى صُوَرها، ومتباينِ مَظاهرها، وأذَلِّ طواغيتها، ودمَّر أصنامها، يَحتفي الزَّاعمون حُبَّه واتِّباعَه بذِكْراه بأوثانٍ من الحلوى يَلْعقها الذباب، ثُمَّ يعافها من كثرة ما سلحَ وبالَ عليها، ومن عجَبٍ يُسمُّونَها بِمِثل هذه الأسْماء "عروسة الْمَولد، حِصان المولد، كلب المولد، قرد المولد"! أرأيتَ ما يَقْرنونه بِمَولد نبيِّهم كما يأفكون؟!

ولو أنَّ هذه العرائس الصمَّاء، لو أن هذه الدُّمَى التي تصوِّر الغرائز مجنونة النَّزوات، والأخلاق آبقة من الدِّين وسلطان الضمير، أقول: لو أنَّ كل هذا أُنفِقَ ثَمنُه في سبيل البائس المَحروم، أو اليتيم المَظْلوم في سبيل إعلاء كلمة الله، في سبيل بناء دُورٍ للعلم، مَشافٍ لعلاج الْمَرضى، فِي سبيل تسليح الجيش يدفع عن الوطن غوائلَ العدو، في سبيل الفقير يكاد يُسْلِمه الجوع إلى الشُّيوعيَّة الهدَّامة لكلِّ معاني القِيَم الشريفة العالية.

في هذا الشَّهر وأمثاله من كلِّ عام يأكل الذُّباب آلافًا تتأبَّى على العدِّ من الجنيهات، أفهذا خيْر أم ذاك؟!


إنَّ الحياة الاجتماعية في مصر تنهار إن لَم تكن قد تناهى انْهيارُها؛ لأنَّ الحياة الدِّينية الحقَّة لا وجودَ لَها، وتلك مرتبطة بِهذه ارتباطًا وثيقًا، فعندي - بل عند الحقِّ - أنَّ كل معاني الحياة ومقوِّماتها، وقِيَمَها يجب أن تنبع من الدِّين؛ الأخلاق الفرديَّة، والأخلاق الاجتماعيَّة، غاية الفرد، غاية الجماعة، الأَوْضاع الاقتِصاديَّة، الْمُثُل العُليا للفِكْر والوجود، القِيَم الأخلاقيَّة، والجماليَّة، والفكريَّة، والوجوديَّة، كلُّ هذه وتلك يجب أن تشعَّ من الدِّين، وتستهدف هدفًا واحدًا، هو صلاح الإنسانيَّة حتَّى تستطيع الْمُثول والنُّهوض صافية مشرقة بيْن يدَيِ الله، تؤدِّي له ما أمرها به لِخَيْرها من صلاحٍ وإصلاح، وخيْر وبِرٍّ، وفضيلةٍ وطاعة، وهو بالرِّضا يَغْمرها، وبالعناية يسدِّد خُطاها، وبالرِّعاية يكلأ أيَّامها، فيكون ربٌّ واحدٌ وإمامٌ واحدٌ وسبيلٌ واحدٌ وأمَّة واحدة، والله راضٍ والأمَّة سعيدة برِضاه.

 

فلماذا لا نُقِيم بِثَمنِ هذه الأوثان - وقد تطهَّرنا من شوائب الوثنيَّة - ما يُعين الدَّاعين إلى الله لتقويم الحياة الدِّينية والاجتماعية؟ فلْنُسخِّر هذه النُّقود في نَشْر الرَّحْمة والعَطْف، وتأسية جراحات القلوب، وضدَّ غائلة الأساطير الْهدَّامة لعقيدة الشَّعب وأخلاقه، بِهذا نُطهِّر عقيدة المسلمين، ونندي بالحنُوِّ الرقيق غليلَ عواطف القلوب، فما دام المسلمون يربطون مولدَ رسولِهم بالوثنيَّة فلن يقوم لَهم بناء، ولن يَرْضى عنهم ربُّ الأرض والسَّماء، وما دام المسلمون يَعْبدون البشَر، ويُشركون بربِّ البشر، ويقدِّسون محمَّدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويَخْلعون عليه وآله من صفات الألوهيَّة، فلن يكون ثَمَّة صلاحٌ ولا خيْر ولا إيمان ولا توحيد.

 

لِنَفهمْ جيِّدًا قول الله: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]، فالاقتداء يكون بالرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - والأسوة بالرَّسول، أمَّا مُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بشريَّتِه ودواعيها في الحياة فما أُمِرنا أن نقتدي بِها ولا أن نتأسَّى.

 

المظهر الثَّاني القصص والأناشيد:

ويَحْتفل المسلمون بالمولد بقراءة قصص وترتيل أناشيد، يا للتمجُّن الأخرق!! ليت القِصصَ كانت مبنيَّة على أسُسٍ من الصِّدق والحقِّ من سيرة الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولكن العجب الملثَّم بالعجبِ أنْ ترى قصصَهم هذه، تُنَمْنِمُها الأساطير، وتُزَبْرِجُها الخيالات، ويَهِيم بِها في شتَّى الضَّلالات وتِيه الأباطيل صُوَرٌ وثنيَّة الأنساب، تبحث في قصصهم عن محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - البشريِّ فلا تجد، وعن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتحار أين هو؟! ولكنَّك واجِدٌ أحيانًا إِلَهًا يسمُّونه محمَّدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو فتًى جَميلاً أنيقًا، أزجَّ الحواجب أكحلَ العينين متخنِّثًا، يسمُّونه محمدًا، فالمناوي يقول عن محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذا: "لولاه ما كان مُلْك الله منتظمًا، ولولاه ما كان شَمس ولا قمر، ولا دُنْيا ولا أخرى".

ويصف محمَّدَه بأنَّ "حواجبه نونيَّة" إلى مثل تلك الصِّفات المخنَّثة...

 

إنَّك واجِدٌ في قصصهم صفاتٍ ما لِمُحمد الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِها صلة، وسجايا ليس للنَّبِي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِها نسَبٌ، وأخلاقًا إمَّا هي سماتُ إلهٍ متجسِّد في صورة بشر، أو أنثى تردَّت كساء رَجُل.

ويا للعهد الفاسق يتنَزَّى من أناشيدهم؛ هذا نشيدٌ يتغزَّل في "حاجب" محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وذاك في "بطنه" ذات الثَّنايا، وذاك في ظلم الشِّيم الْحُلو المذاق، وذاك في وجنَتَيْه اللَّتين تتلهَّف عليهما شهواتُ القُبَل العِرْبيدة، وذاك في وصاله الذي هفا تَحت الليل وغلائلِ السَّحَر يَدْعوه إليه!

 

صِيغَ كلُّ هذا في كلماتٍ تَجرح الحياء، وتدْمِي الفضيلة، وتُؤْذي العفَّة، وتُثْخن بالْجِراح التَّصَوُّن[2]، وينشد هذا بصوتٍ توهَّجَت فيه غلَّة الشَّهوة الفاجرة، وعربدَتْ فيه نشوة الغريزة الآثِمة، وتناوحَتْ في الآثام، وأغرَتْها ظلمة الليل.

ويُذاع كلُّ هذا على الملأ من محطَّات الإذاعة، ويُنشد في المَحاريب، وتبدأ به وتُختم صلوات الفجر من ربيع ومن رمضان!

 

أرأيْتَ أيَّة مكانة لِمُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند أُمَّة زعمَتْ أنَّها أُمَّتُه؟! يعيبون على غواني الإثْم صرخاتِهنَّ إليهم بالْهوى والفتون، ولا يعيبون على أولئك الذين يُلْحِدون في أسْماء الله، ويَفْجرون باسْم محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - لئن غنَّت فاجرة، فستُثير نزوة، وإنْ غنَّى فاجر باسْم محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فماذا ما يكون؟!

عقيدة تطيح، وقدسيَّة تَهْوِي، وفضيلة تُذبح، وفوق ذلك رسولٌ كريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُستهزأ به ويُسخَر منه.

 

كثيرًا ما نقد النَّاقدون أغانِيَ الإثم، وما سمعتُ مَن ينقد تلك التي يسمُّونَها قصَّة المولد النبويِّ تُذاع على الملأ من محطَّة الإذاعة، ومن المساجد، وفي تلك القصة بأناشيدها وما فيها من الأساطير، والغيِّ والإثْم، والتحلُّل من كلِّ معاني الدِّين والتديُّن، عجبًا! نَغار على الفضيلة - كما نزعم - من أغاني الفواجر، ولا نغار على الدِّين ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أناشيد الفجَرَة الْمُلحدين!

 

احتفال الحكومات:

وتأبَى الحكومات المتعاقبة[3] إلاَّ أن تُعين على آثام هذه البِدْعة النَّكراء، وتُصْلح من سلطان الوثَنيَّة؛ لأنَّها تتملَّق الجماهير، لا يهمُّها غير سمع الْهتاف، وعلماؤنا - يا رب، ماذا أقول؟! - راضون ناعمون، نشاوى قلوبُهم.

 

أقول: كلُّ ربيعٍ تقيم الحكومة فيما يسمُّونَها ساحة الْمَولد مَحفلاً كبيرًا يُهْرَع إليه سدَنةُ الطواغيت، وعُبَّاد الأصنام من الصُّوفية، فيقيمون ثَمَّ السُّرادقات، ويَنْحرون فيها الذبائح باسْم مُحمَّدِهم، ويقدِّمون الطعام باسم محمَّدهم، والشرابَ باسم محمدهم، ويَشْهد اللهُ الذي حرَّم السُّحت، من أين جاؤوا بذلك السُّحت الذي يسحت الإيمان، ولا تدري أنت أيَّة أعراض انتُهِكَت في سبيله، ولا أيَّة فضائل جرحت ابتغاء جَمْعه؟!

 

إنَّ الصُّوفية يَجْمعون ذلك السحت أحيانًا باسم محمَّدِهم، أو سيِّدهم، أو دُسوقيِّهم، أو رِفاعيِّهم من أتباعهم الْمساكين "الغلابة" والدَّرويش الغلبان قد يبيع قوت أبنائه، وثيابَه، وما يستر عورة امرأته، حتَّى يؤدِّي لِشَيخه عوائِدَه.

وفي هذه السَّاحات والباحات تقوم سوق الفُسوق، ويدعو إليها شياطينُ الجنِّ والإنس كلَّ حزبِهم الأخسرين، وتقذف المدينة والرِّيف بِفُسَّاقه وعرابيده، وهناك تحت أروقة اللَّيل ترى الباغين والبغايا، و(المحششين) و(المحششات)، وينتهكون كلَّ حرمة ويَجْترحون كلَّ إثم، كلُّ ذلك الإثم الداعر في حُبِّ.... في حب "صاحب الْمولد"!!

على قارعة الطريق يَفْجؤك الإثم في صولته، وصوْبَ عينيك الفسوق يَنْزو في خمرته، فإذا ناديْتَ أو دعوت، ضاع صوتُك في ضجَّة صخب الشَّهوات المَجنونة، ثم يعود الفُسَّاق العرابيد، يَطْعمون ويشربون من سرادقات "الشُّيوخ الكبار" طعامَ وشرابَ "صاحبِ المولد"، فيستعينون بالطَّعام وبالشراب على مُعاودة ما كانوا فيه!

 

عذرًا قارئي العزيز، إذا أثَرْتُ نفسك، أو لَمست بالْخَدش رقيقَ حيائك، فإنَّما يجب بيانُ حقيقة الداء؛ حتَّى يُعرف على حقيقته ويَنفع له الدواء.

ثم يا ويل العفاف! ويا رحمتي للفضيلة الأسيانة وللدِّين! كم ذا يستغيث من الليلة الكُبْرى للمولد! بأصوات النَّيازك تختلط أصوات الإثم تَلْعقه الشِّفاه، وكأنَّما أنت في مكان تتكشَّف فيه الحيوانيَّة عن أحَطِّ غرائزها.

 

وثَمَّ في ناحية أخرى يقوم شيخٌ وخطَّه الشيب، وعلى جبينه تَجاعيد الزمن، يقوم يَنْأَدُّ به حطامه الفاني، ليتلو ما يُسمَّى قصَّة المولد في حضرة "الأكابر"، وينصت الأكابر الذين لا يُنصتون للقرآن، وتقشعرُّ جلودهم، وتَهِيم مشافِرُهم بالصَّلاة على نبيِّهم، إذا "ولَدوا" نبيَّهم هَبُّوا وقوفًا؛ إجلالاً للمولود الجديد، وللقابلة، وأطلقوا البخور تحيَّة "لعُمَّار المكان"، حتَّى لا يُؤذوا الوليدَ الجديد، وتنطلق حناجرهم وقلوبُهم آثِمةً بالصَّلاة على نبيِّهم صلاةً لا تعرف لَها حرفًا من حرْف، ثم.. ثم ماذا؟ يدخلون ويُشَعبذون أن ربَّهم في هذه اللَّحظة التي "ولَدوا" فيها محمَّدَهم من جديد يستجيب الدُّعاء! واحرَّ قلباه!!.

حتَّى على الله ذي الجلال يَكْذبون!!

 

هكذا " يَلِدون " آلاف المحمَّدات في كلِّ عام ثم يميتونهم، حتَّى يجيء ربيعٌ مرَّة أخرى!! كنت أحسب الحكومة تحتفل بِميلاد محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولْنَفرض أنَّه جائز - فتحارب ما كان يُحارب رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتُحيي ما كان يُحيي، فتحارب الْمُنكر وتَهْدم المواخير، وتحطم أصنام الجاهليَّة، وتُحْيي علمَ رسالته وعقيدتِه الصادقة في إيمانه بربِّه، وحُكْمه الصَّالِح بِما أَنزل عليه ربُّه.

 

ولكن الحكومة تَحْتفل بالميلاد، فتُعِين على بِدْعة وثنيَّة، وآثامٍ تُهْلِك أوزارُها الدِّين والفضيلةَ والحياء، تَحْتفل الحكومة بالميلاد والاحتفالُ به شرُّ بدعةٍ مُنِيَت بِها الأمة، وبِهذه الصُّورة الماجنة الْمُسرفة في المُجون.

 

في العقيدة يا حكومات المسلمين خللٌ وفساد، فأصلحيه بِسُلطان من دين الله الحق وهداه، يشرق من القرآن ويرف نورُه من السُّنة، وفي الأخلاق عوجٌ أعوج، فقوِّميه بالأخلاق الإسلاميَّة الصافية.

 

الوثنيَّة مستَعْلِنة مستعلية الكلمة، والفجور يتلظَّى شُواظُه قوى السُّلطان، والمنكر البغيض الكالِح يستذلُّ تحت نعلَيْه الْمَعروف، والبِدَع تَجتاح نارُها كلَّ مكان، والأساطير والخرافات و... و... وأشياء كثيرة، كلُّ ذلك يجب أن يوجِّه إليه الجهد.

يا عجبًا! أفعَلْنا كلَّ شيءٍ لِمُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتَّى لم يبقَ إلاَّ الاحتفال بِمَولده فنُقِيمه؟!

 

الاحتفال يكون لرسالة محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهداية محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسُنَّة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالكتاب الذي نزل على محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهل حفلنا بالدِّين؟ أحفلْنا بالقرآن، أم تَلُوكه الأشداق في المآتِم، وعلى القبور تشترى به "القُرَص" وعلى الطَّريق "يُشْحَذ" به الملِّيم؟ أحفلنا بالسُّنة، أم ما زِلْنا نُجافي الصَّادق - وكلُّها صِدْق - منها، ونَحتفي بالموضوع المكذوب مِمَّا دسَّه أعداء الله؟!

 

يجب أن نحتفي بالدِّين نقيمه، ونطهِّر عقائد المسلمين من وثنيَّات الجاهلية، أمَّا أن نحتفي بالإثم، ونحتفل في مولد الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالوثنيَّة، ونقيم لِذِكْرى المولد حفلاً شِرْكيًّا فاسقًا، فذلك يبيِّن أننا أُمَّة ما زالت في الأغوار البعيدة من نفسها وسوسةُ الوثنيَّةِ الأولى وَرِثْناها من آلاف الأحقاب! فهي تتحيَّن كلَّ فرصة لتستعلن وتستعلي، ودليلنا على ذلك: أنَّنا نرى أن كل واجب ديني مهجور، وأن كُلَّ بدعة شريرة يُحتفى بِها ويُذاد عنها، ويَسْتميت علماءٌ كِبار في سبيل الدِّفاع عنها.

 

كلمة خاتمة:

تُرى هل نَجِد من حكومتنا عونًا، ومن علمائنا شدَّ أزْرٍ، ومن المتعلِّمين فَهْمًا، ومن المقلِّدين فرارًا من التقليد الأعمى وتصديقًا للحقِّ؟! ليس الاحتفالُ وحْدَه بدعةً، فهناك مئاتُ البِدَع لوَّثَت عقولَ المسلمين واعتقادَهم؛ لأنَّ الوثنيَّة متأصِّلة، تَمتدُّ شِعابُ جذورِها في الأعماق، فلْنَستأصل شأفتَها من القلوب والعقول، وذلك لن يكون إلا بإعلاء كلمة القرآن، تبيِّنه السُّنة الصحيحة، وقد استعرَضْنا فيما كتَبْنا مَظاهر الاحتفالات بالمولد، وكلُّها أمشاج من الإثم والوثنيَّة الأولى، ودلَّلنا على أن الاحتفال بالمولد نفسه بدعة سيِّئة مَمْقوتة، وكل بدعة ضلالة، فنسأل الله أن يُعِيننا على قول الحقِّ نَبْتغي به وجْهَه، وأن يهدينا والأمَّةَ إلى سواء السَّبيل.

 


[1] حتَّى هذا المظهر بدأ يضيِّعه المسلمون؛ فتَرى مَن يسمِّي: كوكو، وكيكي، من هذه الأسماء التي تَرمي بالتخنُّث أصحابَها.

[2] لَم نرَ داعيًا للاستشهاد؛ فما أكثر ما لَهم من أناشيد، وكل قارئ لا بد أنَّه سمع يومًا هذا!

[3] كلُّ الحكومات غرقت حتَّى أذنَيْها في تلك الضَّلالة الوثنيَّة، فمَا برئت من داءِ ذلك إلا الحكومةُ العربية السُّعودية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاحتفال بالمولد النبوي.. نشأته، تاريخه، حقيقة من أحدثوه
  • بيان عن بدع الاحتفال بالمولد النبوي
  • رسالة إلى أهل بيت رسول الله عن الاحتفال بالمولد النبوي
  • المولد النبوي
  • مولد النبي صلى الله عليه وسلم
  • ذكرى مولد الرسول وكيف نحييها باختصار وإجمال
  • بين احتفاء الصحابة واحتفال المبتدعة
  • بدعة الاجتماع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم
  • بدعة الاحتفال بالمولد النبوي
  • بدعية الاحتفال بالمولد النبوي
  • حول بدعية الاحتفال بالمولد النبوي

مختارات من الشبكة

  • أقوال العلماء في البدعة، وهل هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغلو و البدعة (2)(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • البدعة: أقسامها والتحذير من مجالسة أهل البدع أو مخالطتهم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة فائدة في خطر البدعة وذكر بعض بدع الصوفية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • بيان بدعة عيد المولد(مقالة - ملفات خاصة)
  • من أقوال السلف في البدع وأهلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السنة والبدعة (س/ج)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله احتجز التوبة على صاحب البدعة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البدعة: مفهومها أنواعها وحكمها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لمع بشأن البدع(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب