• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    لا نجاة إلا بالتوحيد
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    رفق النبي صلى الله عليه وسلم
    السيد مراد سلامة
  •  
    الظاهرة التكفيرية في العصر الحديث: تحليل شرعي ...
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    معنى اسم النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم في ...
    دكتور صباح علي السليمان
  •  
    تخريج حديث: ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    التلقيح الصناعي (PDF)
    لجين بنت عبدالله سليمان الصالحي
  •  
    الفقه الميسر (كتاب الطهارة- المسح على الخفين ...
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الحديث التاسع عشر: الترهيب من سؤال الناس
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تفسير: (وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا}
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    أثر علوم القرآن في نشأة الدرس البلاغي
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن إرادوا إصلاحا (PDF)
    الشيخ عايد بن محمد التميمي
  •  
    واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الرد والبيان على بطلان مقالة: "الأديان السماوية"
    صلاح عامر قمصان
  •  
    الحديث الثامن عشر: السماحة في البيع والشراء ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    أفضل الأعمال
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

رفق النبي صلى الله عليه وسلم

رفق النبي صلى الله عليه وسلم
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/12/2025 ميلادي - 17/6/1447 هجري

الزيارات: 186

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رفق النبي صلى الله عليه وسلم


الخطبة الأولى

الحمد لله الذي وفَّق العاملين لطاعته، فوجدوا سعيهم مشكورًا، وحقَّق آمال الآملين برحمة، فمنحهم عطاءً موفورًا، وبسط بساطَ كرمه للتائبين، فأصبح وزرهم مغفورًا، وأسبل مِن نعمه على الطالبين وابلًا غزيرًا، سبحانه فتح الباب للطالبين، وأظهر غناه للراغبين، وأطلق للسؤال ألسنة القاصدين، وقال في كتابه المبين: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

 

وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، الذي سبَّح نفسه بما أَولاه مِن وُدِّه، فقال جل وعلا: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ [الإسراء: 1].

 

يا سيدي يا رسول الله.

أنت الذي تستوجب التفضيلا
فصلُّوا عليه بكرةً وأَصيلا
مُلئت بنبوَّته الوجود فأظهَرا
بحسامه الدِّين الصحيحَ فأَسفَرا
ومَن لم يُصلِّ عليه كان بخيلًا
فصلُّوا عليه وسلِّموا تسليمَا

 

وعلى آله وأصحابه، ومَن سار على نهجه، وتمسَّك بسنَّته، واقتدى بهديه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين.

 

إخوة الإسلام، ما زلنا نتكلم عن النبي الهمام، وعن أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - واليوم نقف مع خلق من أخلاقه الرفيعة، إنه الرفق الذي به تتألف القلوب وتذوب الخلافات والعداوات.

 

الترغيب والحث على الرفق من القرآن الكريم:

(أوصى الإسلام بالرفق وحثَّ عليه، واعتبر المحروم منه محرومًا من خير كثير، وذلك لأن الرفق في الأمور من شأنه أن يصلح، ويعطي أفضل النتائج وأجود الثمرات، بخلاف العنف، فمن شأنه أن يفسد ويعطي نتائج سيئة)[1].

 

قال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].


يقول تعالى مخاطبًا رسوله - صلى الله عليه وسلم - ممتنًّا عليه وعلى المؤمنين، فيما ألان به قلبه على أمته، المتبعين لأمره، التاركين لزجره، وأطاب لهم لفظه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 159]؛ أي: أي شيء جعلك لهم لينًا لولا رحمة الله بك وبهم)[2].

 

وقال سبحانه مخاطبًا الرسول: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215]؛ (أي: ارفِق بهم وألِن جانبك لهم)[3].

وقال سبحانه: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 43، 44].

 

فقوله تعالى: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾؛ أي: سهلًا لطيفًا، برفق ولينٍ وأدبٍ في اللفظ من دون فُحش ولا صَلف، ولا غِلظة في المقال، أو فظاظة في الأفعال، لعَلَّهُ بسبب القول اللين يَتَذَكَّرُ ما ينفعه فيأتيه، أَوْ يَخْشَى ما يَضرُّه فيتركه، فإن القول اللين داعٍ لذلك، والقول الغليظ منفر عن صاحبه)[4].

 

الترغيب والحث على الرفق من السنة النبوية:

• عن عائشة رضي الله عنها ((أن يهودًا أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة: عليكم ولعنَكم الله، وغضب الله عليكم، قال: مهلًا يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنفَ والفحش، قالت: أوَلَم تسمَع ما قالوا، قال: أوَلم تسمعي ما قلت، رددت عليهم فيُستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في))[5].

 

• وعن جرير - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَن يُحرم الرفق يُحرم الخير)[6].

 

قال ابن عثيمين: (يعني أن الإنسان إذا حرِم الرفق في الأمور فيما يتصرف فيه لنفسه، وفيما يتصرف فيه مع غيره، فإنه يُحرم الخير كله؛ أي فيما تصرف فيه، فإذا تصرف الإنسان بالعنف والشدة، فإنه يحرم الخير فيما فعل، وهذا شيء مجرَّب ومشاهد، إن الإنسان إذا صار يتعامل بالعنف والشدة، فإنه يُحرم الخير ولا ينال الخير، وإذا كان يتعامل بالرفق والحلم والأناة وسعة الصدر، حصل على خيرٍ كثير، وعلى هذا فينبغي للإنسان الذي يريد الخير أن يكون دائمًا رفيقًا حتى ينال الخير)[7].

 

• وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ((سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هذا: اللهم مَن وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم، فاشقُق عليه، ومَن وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فرفَق بهم، فارفُق به))[8].

 

قال الغزالي: الرفق محمود، وضده العنف والحدة والعنف، ينتجه الغضب والفظاظة، والرفق واللين ينتجهما حسنُ الخلق والسلامة، والرفق ثمرة لا يُثمرها إلا حسنُ الخلق، ولا يُحسَّن الخُلق إلا بضبط قوة الغضب وقوة الشهوة، وحفظهما على حد الاعتدال، ولذلك أثنى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - على الرفق وبالغ فيه[9].

 

وقال ابن عمر: العلم زين والتقوى كرم، والصبر خير مركب، وزين الإيمان العلم، وزين العلم الرفق، وخير القول ما صدقه الفعل[10].

 

وعن حبيب بن حجر القيسي قال: كان يقال ما أحسن الإيمان يزيِّنه العلم، وما أحسن العلم يزيِّنه العمل، وما أحسَن العمل يزيِّنه الرفق، وما أُضيف شيءٌ إلى شيء أزينُ من حِلم إلى علم[11].

 

وعن جابر - رضي الله عنه - قال: الرفق رأس الحكمة[12]، وعن ابن عباس قال: لو كان الرفق رجلًا كان اسمه ميمونًا، ولو كان الخرق رجلًا كان اسمه مشؤومًا [13].

 

• وعنها أيضًا رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه))[14].

 

• وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَن أُعطي حظَّه من الرفق فقد أُعطي حظَّه من الخير، ومن حرِم حظَّه من الرفق حرِم حظَّه من الخير))[15]؛ (إذ به تُنال المطالب الأخروية والدنيوية، وبفوته يفوتان) [16].

 

وهذه النصوص التي مرت معنا تدل (على أن الرفق في الأمور والرفق بالناس واللين والتيسير من جواهر عقود الأخلاق الإسلامية، وأنها من صفات الكمال، وأن الله تعالى من صفاته أنه رفيق، وأنه يحب من عباده الرفق، فهو يُوصيهم به ويرغِّبهم فيه، ويعدهم عليه عطاءً لا يعطيه على شيءٍ آخر، ويفهم من النصوص أن العنف شَيْن خلقي، وأنه ظاهرة قبيحة، وأن الله لا يحبه من عباده).

 

صور مشرقة من رفق النبي - صلى الله عليه وسلم -:

ما أطعمته إذ كان جائعًا، أو ساغبًا، ولا علمته إذ كان جاهلًا:

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - رفيقًا هينًا لينًا سهلًا في تعامُله وفي أقواله وأفعاله، وكان يحب الرفق، ويحث الناس على الرفق، ويرغِّبهم فيه، فعن عبادة بن شرحبيل قال: أصابنا عام مخمصة، فأتيت المدينة، فأتيت حائطًا من حيطانها، فأخذت سنبلًا، ففركته فأكلته، وجعلته في كسائي، فجاء صاحب الحائط، فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -فأخبرته، فقال للرجل: ما أطعمته إذ كان جائعًا، أو ساغبًا، ولا علمته إذ كان جاهلًا، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد إليه ثوبه، وأمر له بوسق من طعام، أو نصف وسقٍ.

 

رفق فاق الخيال من سيد الرجال - صلى الله عليه وسلم -:

• وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا بقومه رغم أذيتهم له، فعن عُرْوَة أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ: «أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَا لِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»[17].

وأهلك قومه في الأرض نوحُ
بدعوة لا تَذر أحدًا فأَفنى
ودعوة أحمد ربِّ اهدِ قومي
فهم لا يعلمون كما علمنا
وكلُّ المرسلين يقول نفسي
وأحمد أمتي إنسًا وجنَّا
وكلُّ الأنبياء بذور هدي
وأنت الشمس أكملُهم وأَدنى

 

رفيق - صلى الله عليه وسلم - بالجاهل:

وكان صلى الله عليه وسلم رفيقًا في تعليمه للجاهل، فعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ عَمُّ إِسْحَاقَ قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَهْ مَهْ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لَا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ، فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ، إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ»[18].

 

ومن صور رِفقه - صلى الله عليه وسلم - بالجاهل رِفقه بذلك الصحابي الذي تكلم في الصلاة؛ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: « بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ. فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[19].

 

رفقه - صلى الله عليه وسلم - مع الأهل:

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ فَيَنْتَقِمَ لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ»[20].

 

رفقه - صلى الله عليه وسلم - مع الخادم:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، والله ما قال لي: أُف قط، ولا قال لي لشيء: لمَ فعلت كذا، وهلَّا فعلت كذا"[21].

 

رفق النبي - صلى الله عليه وسلم - مع السائل:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ جَبْذَةً، حَتَّى رَأَيْتُ صَفْحَ - أَوْ صَفْحَةَ - عُنُقِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَعْطِنِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ"[22].

 

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسِيرٍ لَهُ، وَكَانَ مَعَهُ غُلَامٌ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ يَحْدُو، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ" [23].

 

رِفق النبي المختار مع الكفار:

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليك، ففهِمتها، فقلت: عليكم السام واللعنة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مهلًا يا عائشة؛ فإن الله يحب الرفق في الأمر كله، فقلت: يا رسول الله، أوَلم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: فقد قلت عليكم).

 

وكان - صلى الله عليه وسلم - يخاطب الكفار ويناظرهم، ويَقبَل هديَّتهم، ويعود مريضهم ويُجيرهم، ويُحسن إليهم إذا اقتضت المصلحة ذلك.

 

الرفق بالناس في العبادات:

عن جابر بن عبدِ اللهِ الأَنصاري قالَ: [كان معاذ بنُ جبل يصَلي مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثم يَرجعُ فيؤمُّ قومَه، فصلى العشاء، فأقبل رجلٌ بناضحَيْن، وقد جنَحَ الليْلُ، فوافَقَ مُعاذًا يصَلي، فترَكَ ناضحَه، وأقبلَ إلى مُعاذٍ، فقرَأَ بـ(سورةِ البقرةِ)، فانطلَقَ الرجلُ، [فتجوَّزَ، فصلَّى صلاةً خفيفةً، فبلَغَ ذلك معاذًا، فقال: إنه منافق، وبلَغَه أن معَاذًا نالَ منْه، فأَتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فشكا إليهِ مُعاذًا، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إنا قومٌ نعملُ بأيدينا، ونَسقي بِنواضِحنا، وإنَّ معاذًا صلَّى بنا البارحةَ فقرَأ (البقرة)، فتجوزْتُ، فزَعَم أني منافقٌ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا مُعاذُ، أَفتَّانٌ أنتَ؟! (ثلاثَ مِرارٍ)، فلوْلا صلَّيتَ بـ ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1]، ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾ [الشمس: 1]، ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ [الليل: 1]، فإنَّهُ يصَلي وراءَكَ الكبيرُ، والضعيفُ، وذُو الحاجَةِ"[24].

 

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنِّي لَأَدْخُلُ الصَّلَاةَ أُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأُخَفِّفُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ بِهِ"[25].

 

ومن رفق النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمته أنه نهاهم عن الوصال؛ خشية المشقة بهم، ورفقه بهم في ترك الأمر بالسواك عند الصلاة، وترك تأخير العشاء إلى وقتها الفاضل خشية المشقة عليهم، وغير ذلك مما يطول ذكره؛ كالإبراد بالصلاة وقت الحر، والجمع بين الصلوات حال العذر.

 

الرفق مع النفس في التطوع:

عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ‌يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَاّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ [26].

‌

اللهم صلِّ وسلِّم وزِد وبارِك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر صحابة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وعن التابعين ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.

‌

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشرك والمشركين، اللهم انصُر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، ‌اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، ‌اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعَل ولايتنا فيمن خافك واتَّقاك، واتَّبع رضاك يا رب العالمين.

‌

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلِح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ألبِسه الصحة والعافية، واجعلهما عونًا له على طاعتك يا حي يا قيوم.

‌

اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها.

 

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

سبحان ربِّنا ربِّ العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



[1] ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (2/ 337).

[2] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/ 148).

[3] ((معالم التنزيل)) للبغوي (6/ 207).

[4] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (506).

[5] رواه البخاري (6030).

[6] ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (3/ 592).

[7] رواه مسلم (2592).

[8] أخرجه أحمد 6/257 و258، ومسلم "1828" أيضًا، والبيهقي في "السُّنن" 9/43

[9] فيض القدير 2/625.

[10] الفردوس بمأثور الخطاب، ج: 3 ص: 70رقم 4196.

[11] الزهد لابن المبارك ج: 1 ص: 470 رقم 1336.

[12] الفردوس بمأثور الخطاب ج: 2 ص: 280رقم 3298.

[13] الفردوس بمأثور الخطاب ج: 3 ص: 341رقم 5027.

[14] رواه مسلم (2594).

[15] رواه الترمذي (2013) واللفظ له، وأحمد (6/ 451) (27593)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (464). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (6055).

[16] ((فيض القدير)) للمناوي (6/ 75).

[17] أخرجه مسلم: (كتاب الجهاد والسير - باب ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذى المشركين والمنافقين - ح (111)، 3/ 1420 - 1421).

وأخرجه البخاري: (كتاب بدء الخلق -باب إذا قال أحدكم "آمين" والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غُفر له ما تقدم من ذنبه- ح (3231)، (6/ 360 فتح)

[18] البخاري (5/ 2242)، مسلم (1/236)، أحمد (3/191).

[19] ورواه مسلم (537) في كتاب الساجد ومواضع الصلاة، وفى كتاب السلام أيضًا. ورواه النسائي (1218).

[20] أخرجه مسلم (2328)، وابن ماجه (1984)، والنسائي (9120).

[21] رواه البخاري 10 / 383 و 384 في الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، ومسلم رقم (2309) في الفضائل، باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا، وأبو داود رقم (4774) في الأدب، باب في الحلم.

[22] أخرجه: البخاري 7/ 188 (5809)، ومسلم 3/ 103 (1057) (128).

[23] أخرجه عبد بن حميد (1342)، والبخاري (6161) و (6210)، ومسلم (2323) (70)، وابن حبان (5803).

[24] أخرجه البخاري في "الأذان"، باب "من شكا إمامه إذا طوَّل" برقم (705) (2/ 234).

[25] «مسند أحمد» (19/ 123 ط الرسالة)، «وأخرجه البخاري (710)، وابن خزيمة (1610)».

[26] أخرجه البخاري (1969)، ومسلم (1156)، والنسائي في "الكبرى" (2672).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نماذج من رفق النبي صلى الله عليه وسلم
  • أربع صور من رفق النبي صلى الله عليه وسلم
  • نماذج مشرقة من رفق النبي صلى الله عليه وسلم
  • رفق النبي صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • رفق النبي - صلى الله عليه وسلم -(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مِن رفق الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه الله تعالى(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • رفق النبي بالخدم والأطفال(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بكثرة الصلاة عليه يوم وليلة الجمعة(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • عصمة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رفق الرعية مع الولاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رفق الحاج بإخوانه الحجاج (تصميم)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • رفق الغرب ووحشية المسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/6/1447هـ - الساعة: 10:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب