• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

نودع عاما ونستقبل عاما جديدا (خطبة)

نودع عاما ونستقبل عاما جديدا (خطبة)
خالد عبدالرحمن الكناني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/9/2016 ميلادي - 22/12/1437 هجري

الزيارات: 33803

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نودع عامًا ونستقبل عامًا جديدًا

 

الحمد لله رب العالمين، يكوِّر الليل على النهار، ويكوِّر النهار على الليل، وسخَّر الشمس والقمر كلٌّ يجري لأجَل مسمًّى، يقلِّب الأحوال، ويفعل ما يشاء، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 61، 62].

 

عبادَ الله: إنَّ طلوع الشمس كلَّ يومٍ مِن مشرقها، ومِن ثمَّ غروبها مِن مغربها، وهلال الشهر صغيرًا، ثم يكبُر شيئًا فشيئًا، ثم يعُود كما كان،كلُّ ذلك دليل على الزوال، وهكذا عمر الإنسان، بل والحياة كلها مآلها إلى الزوال.

لكلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ
فلا يُغرَّ بِطِيبِ العيش إنسانُ
هذي الأمورُ كما شاهدتها دولٌ
مَن سَرَّهُ زمنٌ ساءتْه أزمانُ

 

يُقسم الجليل جل جلاله بالزمان لِعِظم شرفِه، فأقسم تعالى بالليل، وبالضحى، وبالنهار، وبالفجر ممَّا يدلُّ على عِظم شأن هذا الوقت.

قال تعالى ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

 

عبادَ الله:

وها نحن نودِّع عامًا، ونستقبل عامًا جديدًا من حياتنا، فطالما أن في العمر بقيَّة، وفي الحياة فسْحة، فهذه نعمةٌ أَنعَم اللهُ بها علينا، لنتأمَّل هذا الحديث:

عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا، فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ، فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ، فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ، فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: ((مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟)) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ‍ هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ، وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟)) قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ((وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ، وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ؟)) قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)).

 

لك أيها المسلم أن تتأمَّل البقاء على هذه الدنيا، وطول العمر مع الأعمال الصالحة، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ الناسِ مَن طالَ عمُرهُ وحسُنَ عملُهُ، وشرُّ الناسِ مَن طال عمُرهُ وساءَ عملُهُ))، ((خيارُكم أطولُكم أعمارًا وأحسنُكم أعمالًا))، ((خيارُكم أطولُكم أعمارًا وأحسنُكم أخلاقًا)).

 

مع بداية هذا العام علينا أن نجدِّد حياتنا... ونغيِّر ما بأنفُسنا مِن عِلل وخَلل ونقص إلى ما هو أفضل وأجلُّ...

لنبدأ عامنا هذا بتوبة صادقة نصوحٍ مع ربِّنا تبارك وتعالى، فهو يُنادينا ويَطلب منا التوبة.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].

واللهُ تعالى يحبُّ مَن أَذنَب وجدَّد التوبة ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].

 

عبادَ الله: ((إِنَّ اللهَ عز وجل يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ، لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ، لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)، ما أَرحمَكَ يا ربَّنا بنا.

لنعلمْ أنَّ كلَّ عامل سيقدم على عمَلِه، ولا يخرج مِن الدنيا حتى يرى حُسن عمله، وسُوء عمله، وإنما الأعمال بالخواتيم، والليل والنهار مَطيَّتانِ، فأحسنوا السير عليهما إلى الآخرة.

 

واحذروا التسويفَ؛ فإنَّ الموت يأتي بغتة، والجَنَّة والنار أقرب إلى أحدكم مِن شِراك نعله.

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].

 

ما أَجملَ أنْ يُعيد الإنسانُ تنظيمَ نفْسه، وترتيب حياته، وبناء ذاته على أشعَّة مِن الأمل والتوفيق واليقظة، ولا تَؤُودَنَّك كثرةُ الخطايا، فإنَّ لك ربًّا رحيمًا غفورًا ودودًا، مهما حدَث منك، فما عليك إلا الرجوع والإنابة إليه ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

 

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

"قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ((يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي، غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً))".

 

يا الله، لك أن تتأمَّل أيُّها العبد... منادي الإيمان يَهتِف لك أن عودوا إلى ربكم، عودوا إلى خالقكم، عودوا إلى الغفور الرحيم...

 

تأمَّلوا عبادَ الله إلى فرْحته تبارك وتعالى بعودتكم إليه، تفُوق كلَّ وصف، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَة عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ)).

 

ألا يبهرك هذا الترحاب الغامرُ والفرح بتوبتك، برجوعك وإنابتك؟ أيُّ سرور، وأيُّ أنس يَعْدل هذه البهجة، وهذا السرور.

هذا اليوم لا بد أن نتخذ قرارًا فاصلًا بين عامين: عامٍ قد مضى أوْدعنا فيه أعمالنا، وعام جديد نبدأ فيه حياة جديدة، ونقلةً جديدةً كاملةً مِن حياة إلى حياة، وفاصلًا بين عهْدين.

 

إنَّ دخولك أيها المسلم لعام جديدٍ يعني زوالَ عامٍ حوى أكثر مِن ثلاثمائة يوم مضَت مِن عمرك... بمعنى: أنك ابتعدتَ عن دنياكَ واقتربتَ مِن قبرك، وفي ذلك إيذان بنهاية الأعمار، إنَّ المتأمِّل في كتاب الله جل وعلا يجد وصفًا صادقًا لهذا ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].

 

لا بد أيها المسلمون أن نستقلَّ بَقاءَنا على هذه الحياة، وأن نكُون أصحابَ هِمَمٍ عالية، ومطالب غاليه، وأن نكون مِن المسارعين إلى الخيرات.

 

﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136].

 

فلا يَرضَى المؤمنُ بالدُّون...

لما أَخبَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعددِ أبواب الجَنَّة؛ وأنها ثمانية، نهضت نفسُ أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه، النفس التوَّاقة إلى أعلى المنازل، فتمنى الدُّخول مِن الأبواب كلِّها.

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ))، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: ((نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ)).

 

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُربِّي أصحابه على طلب أعلى المنازل والرتب ((إِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ تَنْفَجِرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ عز وجل)).

 

﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [الحج: 50، 51] أقول ما تسمعون.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 44].

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الدَّاعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد:

عبادَ الله، لا بد مِن اغتنام هذه الحياة، وهذا العمر، وهذا الشباب، وهذه الصحَّة، وهذا الفراغ، وهذا الغِنَى قبل زواله وفواته، حينها لا ينفع الندم على ما فات، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: ((اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ)).

 

بداية هذا العام فرصة لنا جميعًا لتربية النفس، وتعويدها على الطاعات، والتزوُّد مِن الحسنات، فهي خيرُ زادٍ إذا رحَلْتَ مِن دُنياك.

• المحافظة على الصلوات الخمس مع جماعة المسلمين، وكُن في ذلك مِن المسارعين المبادِرين، ففي الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ، لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا)).

 

• المحافظة والمداومة على السُّنن الرواتب.

عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا، غَيْرَ فَرِيضَةٍ، إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ)) قَالَتْ أَمُّ حَبِيبَةَ: (فَمَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ)، وقَالَ عَمْرٌو: (مَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ)، وقَالَ النُّعْمَانُ مِثْلَ ذَلِكَ.

 

• المحافظة على قيام الليل: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ)).

 

• عليكَ بقراءة القرآن: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: {الم} حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ)).

• عوِّد نفسَك أذكارَ الصباح والمساء.

• تَعاهَد نفسَك بِصِلةِ الأرحام، وبِرِّ الوالدين، والإحسان إلى الجيران، وزيارة المرضى...

• عليك بالصيام، ((مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)).

 

وها نحن في شهر الله المحرَّم، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ)).

 

وفي هذا الشهر يوم عاشوراء؛ اليوم العاشر الذي نصر الله فيه موسى على فرعون، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَليهِ وسَلم كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَيَأْمُرُ بِصِيَامِهِ، ويستحبُّ صيامه.

 

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ))، ويُسَنُّ صيامُ يومٍ قبله؛ أي: التاسع والعاشر.

 

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ)).

وأبواب الخير مفتَّحة ومُشرَعة فتخيَّر منها ما يُناسبُك، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ))، قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا))، قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ، قَالَ: ((تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ))، قُلْتُ: فَإِنْ ضَعُفْتُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: ((فَدَعِ الشَّرَّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ)) فَتَزَوَّدوا مِن الصالحات، وأَكْثِروا مِن الحسنات، وتَقَرَّبوا إلى الله بالطاعات ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أوَ مضى العام ؟
  • ومضى عام
  • عام يطوى وعمل يبقى
  • من عام إلى عام (معارضة شعرية)

مختارات من الشبكة

  • بين عام مضى وآخر أتى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ختام رمضان وكيف نودعه؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة المسجد الحرام 27/12/1431 هـ - كيف نستقبل العام الجديد؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف نودع رمضان؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • العام الدراسي الجديد وكيف نستقبله؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صيام يوم عرفة يكفر الله بها عامين وصيام يوم عاشوراء يُكفر الله بها عاما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العام الهجري الجديد عام تجديد أم تبديد؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • في وداع العام واستقبال العام الجديد والحث على العمل وفضل يوم عاشوراء(مقالة - ملفات خاصة)
  • في وداع عام مضى وعلى أعتاب عام جديد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في وداع العام واستقبال العام الجديد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب