• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نعمة الماء من السماء ضرورية للفقراء والأغنياء ...
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    من عظماء الإسلام
    عبدالستار المرسومي
  •  
    بين خطرات الملك وخطرات الشيطان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الأخلاق من أدلة إثبات وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة: وصايا نبوية إلى كل فتاة مسلمة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    بيع العينة
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)
    محمد الشقيري
  •  
    دور الصحابة رضي الله عنهم في حفظ القرآن مدونا ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الشباب المسلم على مفترق طرق الجاهلية الحديثة: بين ...
    وليد بن زيديور
  •  
    وقفات تربوية مع قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    آداب تلاوة القرآن الكريم (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    { ويل للمطففين }
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    بلقيس وانتصار الحكمة
    حسام كمال النجار
  •  
    مجالات التيسير والسماحة في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    تحريم إنكار مشيئة الله تعالى أو مشيئة المخلوق
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أشهد أن نبيـنا وسيدنا محمدا قد بلغ رسالة ربه ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

الإجازة من عمرك فلا تغبن فيها

الإجازة من عمرك فلا تغبن فيها
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/5/2016 ميلادي - 21/8/1437 هجري

الزيارات: 7284

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإجازة من عمرك فلا تغبن فيها

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 32].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَو بَاعَ أَحَدٌ سِلعَةً بِأَقَلَّ مِن عُشرِ قِيمَتِهَا، أَوِ اشتَرَى أُخرَى بِأَضعَافِ ثَمَنِهَا، لَكَانَ في مِيزَانِ العُقَلاءِ مَغلُوبًا مَغبُونًا، وَلأَسِفَ النَّاسُ عَلَيهِ وَعَدُّوهُ خَاسِرًا، أَوَلا نَعلَمُ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - أَنَّ ثَمَّةَ مَا هُو أَغلَى مِن كُلِّ سِلعَةٍ وَأَعَزُّ مِن كُلِّ مُمتَلَكٍ، وَمَعَ هَذَا يُغبَنُ كَثِيرُونَ فِيهِ وَيَخسَرُونَهُ وَيُضِيعُونَهُ، ثم لا أَحَدَ يُعَزِّيهِم فِيهِ وَلا يَأسَفُ عَلَيهِم لِضَيَاعِهِ؟! أَتَدرُونَ مَا هَذَا العَزِيزُ الَّذِي كُلُّ جُزءٍ فِيهِ أَغلَى مِمَّا عَدَاهُ، وَمَعَ هَذَا نَخسَرُ فِيهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِنَ المُوَفَّقِينَ؟! اِسمَعُوا إِلى مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " نِعمَتَانِ مَغبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ " أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ، تَانِكُمُ النِّعمَتَانِ العَظِيمَتَانِ وَالمِنحَتَانِ الجَلِيلَتَانِ، اللَّتَانِ لا يُحِسُّ بِقِيمَتِهِمَا إِلاَّ مَن فَقَد أُولاهُمَا، وَخَلَّفَ الأُخرَى وَرَاءَ ظَهرِهِ عِندَ المَمَاتِ، هُنَالِكَ يَعلَمُ العَبدُ كَم كَانَ مُفَرِّطًا في أَعَزِّ مَا يَملِكُ، وَلَكِنْ هَيهَاتَ هَيهَاتَ أَن يَعُودَ إِلَيهِ مَا يَرجُو. وَإِذْ كَانَت بَعضُ النِّعَمِ يُمكِنُ أَن تُعَوَّضَ إِذَا فُقِدَت كَالمَالِ وَالمَسكَنِ وَالرِّيِّ وَالشِّبَعِ، فَإِنَّ الصِّحَّةَ وَالوَقتَ لَيسَ لِمَا مَضَى مِنهُمَا وذَهَبَ عِوَضٌ، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ عَينُ الخَسَارَةِ وَيَظهَرُ الغَبنُ الفَاحِشُ لِمَن فَرَّطَ فِيهِمَا، وَتَكمُلُ الحَسرَةُ وَتَتِمُّ النَّدَامَةُ لِمَن ضَيَّعَهُمَا، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في كُلِّ عَامٍ تَمُرُّ بِنَا وَبِأَبنَائِنَا أَوقَاتُ فَرَاغٍ مِنَ الدِّرَاسَةِ أَوِ العَمَلِ، فِيمَا يُسَمَّى بِالإِجَازَاتِ أَوِ العُطَلِ، وَالمُشَاهَدُ المَلحُوظُ أَنَّ غَالِبَنَا لا يَهتَمُّ بِهَا وَلا يَعُدُّهَا مِن عُمُرِهِ، وَمِن ثَمَّ فَتَرَاهُ يَسمَحُ لِنَفسِهِ أَو لِمَن تَحتَ يَدِهِ فِيهَا، بِإِطلاقِ القُيُودِ وَتَعَدِّي الحُدُودِ، وَتَجَاوُزِ المَألُوفِ وَالخُرُوجِ عَنِ المَعهُودِ، وَإِذَا أَرَدتَ أَن تَرَى هَذَا وَتَتَيَقَّنَ مِن وُقُوعِهِ، فَانْظُرِ إِلى لَيلٍ يُجعَلُ عِندَ كَثِيرٍ مِنَ الأُسَرِ كَالنَّهَارِ، وَإِلى نَهَارٍ يَغدُو لَدَيهَا كَاللَّيلِ، وَسَهَرٍ يَمتَدُّ إِلى الفَجرِ أَو إِلى مَا بَعدَ الفَجرِ، وَنَومٍ طُوَالَ النَّهَارِ وَخُمُولٍ وَكَسَلٍ. صَلَوَاتٌ مَفرُوضَةٌ تُترَكُ، وَمَسَاجِدُ مَعمُورَةٌ تُهجَرُ، وَجَمَاعَاتٌ لا يُهتَمُّ بها وَلا تُؤتَى، وَلا أَبٌ تُقضَى حَاجَتُهُ وَيُكفَى هَمَّهُ، وَلا أُمٌّ يُبَرُّ بها وَتُعَانُ وَتُسعَدُ، بَلْ حَتَّى الدُّنيَا الَّتي صَارَت هِيَ هَمَّ مُجتَمَعَاتِ العَالَمِ اليَومَ وَأَعَزَّ مَطلَبٍ لَدَيهِم، صَارَت في الإِجَازَاتِ لا تُعطَى أَيَّ وُزنٍ وَلا تَلقَى اهتِمَامًا، فَلا طَلَبُ رِزقٍ يُمشَى إِلَيهِ، وَلا تَعَلُّمُ جَدِيدٍ وَلا تَدرِيبُ نَفسٍ عَلَى مُفِيدٍ!!! فَأَيُّ حَيَاةٍ هَذِهِ؟!

 

إِنَّ هَذَا الوَقتَ الَّذِي لا يَعنِي لِكَثِيرٍ مِنَّا شَيئًا في الإِجَازَاتِ، بَل جَعَلَ أَعدَادٌ مِنَّا يَبحَثُونَ عَمَّا يُقَطِّعُونَهُ فِيهِ وَيُذهِبُونَهُ بِهِ، إِنَّهُ في الحَقِيقَةِ جُزءٌ مِن حَيَاتِنَا عَلَى هَذِهِ الأَرضِ، وَبَعضٌ مِن رَأسِ مَالِنَا الَّذِي هُوَ أَعمَارُنَا، وَإِنَّ أَعظَمَ أَسبَابِ ضَيَاعِهِ في الحَقِيقَةِ وَعَدَمِ الاهتِمَامِ بِهِ، لَهُوَ نِسيَانُ الغَايَةِ مِن وُجُودِنَا عَلَى هَذِهِ الأَرضِ، أَو تَنَاسِيها وَمُحَاوَلَةُ التَّهَرُّبِ مِنَ التَّفكِيرِ فِيهَا، أَوِ الانشِغَالُ عَنهَا بِالتَّوَافِهِ مِنَ الأُمُورِ، ظَنًّا بِأَنَّ في العُمُرِ مُتَّسَعًا لِتَلافِي التَّقصِيرِ وَإِدرَاكِ مَا فَاتَ قَبلَ المَمَاتِ، وَهَذَا هُوَ عَينُ السَّفَهِ وَالضَّلالِ، وَغَايَةُ الغَبنِ وَالخُسرَانِ. فَإِذَا رَأَيتَ الشَّابَّ في الإِجَازَةِ قَد قَلَبَ لَيلَهُ نَهَارًا، وَجَعَلَ نَهَارَه لَيلاً، وَلم يَهتَمَّ بِأَدَاءِ صَلاةٍ في وَقتِهَا مَعَ الجَمَاعَةِ، وَلا أَخَذَ عَلَى نَفسِهِ خِدمَةَ أَبٍ أَو إِسعَادَ أُمٍّ، وَلم يَشتَغِلْ بِتَحصِيلِ عِلمٍ أَو حِفظٍ قُرآنٍ، وَلا قَصَدَ إِلى زِيَادَةِ اطِّلاعٍ أَو تَوسِيعِ ثَقَافَةٍ، وَلم يُهِمَّهُ بَحثٌ عَن رِزقٍ أَو تَعَلُّمُ مِهنَةٍ جَدِيدَةٍ، أَو تَدَرُّبٌ عَلَى مَهَارَةٍ نَافِعَةٍ، فَاعلَمْ حِينَئِذٍ أَنَّهُ قَدِ ابتَعَدَ كُلَّ البُعدِ عَنِ الهَدَفِ الَّذِي خُلِقَ مِن أَجلِهِ، وَأَنَّهُ في غَفلَةٍ عَن قَولِ اللهِ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] وَقَولِهِ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99] وَقَولِهِ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115] إِذْ لَوِ استَحضَرَ هَذَا، لَعَلِمَ أَنَّ المُؤمِنَ مُنذُ أَن يَبلُغَ رُشدَهُ، وَيَجرِيَ عَلَيهِ قَلَمُ التَّكَليِفِ، إِلى أَن يَمُوتَ وَيُودَعَ قَبرَهُ، وَهُوَ في عِبَادَةٍ دَائِمَةٍ وَإِعدَادٍ لِلآخِرَةِ لا يَنقَطِعُ، وَأَنْ لَيسَ لَدَيهِ في الحَقِيقَةِ إِجَازَةٌ مِن عَمَلِ الآخِرَةِ. نَعَم، قَد يَفرُغُ مِن عَمَلِ الدُّنيَا قَلِيلاً، وَقَد يَأخُذُ إِجَازَةً لِيَرتَاحَ يَسِيرًا، وَأَمَّا أَن يَخلِطَ الأُمُورَ فَيَجعَلَ إِجَازَةَ الدُّنيَا مَجَالاً لِكَسرِ الحَوَاجِزِ الشَّرعِيَّةِ، وَتَعَدِّي حُدُودِ اللهِ المَرعِيَّةَ، وَإِطلاقِ العِنَانِ لِنَفسِهِ لِتَرتَعَ فِيمَا شَاءَت، بَل لِتَكُونَ مُسَخَّرَةً لِشَيَاطِينِ الجِنِّ وَالإِنسِ، يَقُودُونَهَا كَمَا تُقَادُ البَهِيمَةُ إِلى مَا يَضُرُّهَا وَهِيَ لا تَعلَمُ، أَقُولُ: حِينَ يَكُونُ ذَلِكَ، فَيَجِبُ أَن يُقَالَ لَهُ: يَا مُسلِمُ، يَا عَبدَاللهِ، يَا مَن تَشهَدُ أَنْ لا إِلَهُ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، هَل وَعَيتَ حَقًّا مَا تَقُولُ؟! هَل أَنتَ تَسِيرُ كَمَا يُرِيدُ رَبُّكُ وَمَولاكَ أَم تَمشِي كَمَا تُرِيدُ نَفسُكَ وَهَوَاكَ؟! هَل أَنتَ تُطِيعُ نَبِيَّكَ وَتَقتَفِي أَثَرَ حَبِيبِكَ أَم يَقُودُكَ أَعدَاؤُكَ إِلى حَتفِكَ؟!

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ لا يُقَالُ لِلنَّاسِ: اِلزَمُوا مَسَاجِدَكُم طُوَالَ وَقتِكُم، أَوِ ابكُوا عَلَى أَنفُسِكُم وَاترُكُوا دُنيَاكُم، أَوِ ازهَدُوا في المُبَاحَاتِ وَعَطِّلُوا مَصَالِحَكُم، أَوِ قَطِّبُوا وَلا تَضحَكُوا وَلا تَتَبَسَّمُوا،، أَوِ اجعَلُوا إِجَازَاتِكُم بَرَامِجَ جِدٍّ دَائِمٍ وَلا تُرَفِّهُوا أَنفُسَكُم!!! لا وَاللهِ، لا يُقَالُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ المَقصُودَ أَن يَكُونَ لَدَينَا فِقهٌ بما هُوَ رُكنٌ فَلا نَترُكُهُ، وَمَا هُوَ وَاجِبٌ فَنَفعَلُهُ، وَمَا يَتَعَيَّنُ عَلَينَا فَلا نُهمِلُهُ، وَمَا هُوَ مُبَاحٌ فَلا نَتَجَاوَزُهُ، وَمَا هُو مُحَرَّمٌ فَلا نَأتِيهُ وَلا نَقرَبُهُ. إِنَّ المُسلِمَ الوَاعِيَ بِالغَايَةِ مِن خَلقِهِ، يَنظُرُ في وَقتِهِ وَسَاعَتِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَيَستَحضِرُ الوَظِيفَةَ الَّتي تَجِبُ عَلَيهِ في ذَلِكَ الوَقتِ وَتِلكَ السَّاعَةِ، فَإِذَا حَانَ وَقتُ الصَّلاةِ صَلَّى، وَإِذَا أَمَرَهُ وَالِدَاهُ امتَثَلَ وَأَجَابَ، وَإِذَا حَضَرَ ضَيفٌ أَكرَمَهُ، وَإِذَا مَرِضَ أَخٌ لَهُ عَادَهُ، وَإِن مَاتَ تَبِعَ جِنَازَتَهُ. لَهُ أَوقَاتٌ يَدعُو فِيهَا إِلى سَبِيلِ رَبِّهِ، وَسَاعَاتٌ يَأمُرُ بِمَعرُوفٍ وَيَنهَى عَن مُنكَرٍ، وَلَحَظَاتٌ يُسَبِّحُ اللهَ وَيَذكُرُهُ، وَحِينًا يَقضِي حَاجَةَ مُحتَاجٍ، وَآنًا يُفَرِّجُ كُربَةَ مَكرُوبٍ، وَمَرَّةً يُسَاعِدُ ضَعِيفًا، وَأُخرَى يَطلُبُ رِزقًا حَلالاً، يَخدِمُ بَلَدَهُ وَيُسعِدُ مُجتَمَعَهُ، فَإِن لم يَستَطِعْ شَيئًا مِنَ الخَيرِ المَندُوبِ إِلَيهِ وَمَا أَكثَرَ أَبوَابَهُ، فَإِنَّهُ لا يَنحَدِرُ أَو يَنحَطُّ أَو يَتَدَنَّى، أَو يَهوِي بِنَفسِهِ في مَهَاوِي الشَّرِّ، فَيُضِيعُ وَقتَهُ سُدًى، أَو يَملَؤُهُ بما لا يُرضِي اللهَ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَحرِصْ كُلَّ الحِرصِ عَلَى أَوقَاتِنَا وَسَاعَاتِ أَعمَارِنَا؛ فَإِنَّ مَا مَضَى لا يَعُودُ، وَمَا سَيَأتي غَيبٌ جَدِيدٌ، وَلا يَدرِي أَحَدٌ لَعَلَّهُ لم يَبقَ في أَجَلِهِ ما يَستَطِيعُ أَن يُقَدَّمَ فِيهِ خَيرًا أَو يَتَدَارَكَ تَقصِيرًا...

مَا مَضَى فَاتَ
وَالمُؤَمَّلُ غَيبٌ
وَلَكَ السَّاعَةَ
الَّتي أَنتَ فِيهَا

 

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

♦♦♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الإِجَازَةَ جُزءٌ ثَمِينٌ مِنَ العُمُرِ إِذَا فَاتَ لا يَعُودُ؛ وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ السَّابِقِينَ إِلى الخَيرَاتِ وَالمُوَفَّقِينَ يُخَطِّطُونَ لِمَا يُقَرِّبُهُم فِيهَا إِلى رَبِّهِم، وَيَحرِصُونَ عَلَى كُلِّ لَحظَةٍ فِيهَا لِئَلاَّ تَضِيعَ عَلَيهِم، وَأَمَّا المُقتَصِدُونَ فَيَرضَونَ بِفِعلِ الوَاجِبَاتِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَيَجتَنِبُونَ الكَبَائِرَ وَالمُحَرَّمَاتِ وَالمُنكَرَاتِ، وَهُم بِذَلِكَ عَلَى خَيرٍ، وَأَمَّا الظَّالِمُونَ لأَنفُسِهِم فَقَدِ انتَشَرَت لَدَيهِم قَنَاعَةٌ شَيطَانِيَّةٌ، وَعَشَّشَت في رُؤُوسِهِم فِكرَةٌ إِبلِيسِيَّةٌ، وَهِيَ أَنَّهُ مَا لم يَكُنِ الطُّلاَّبُ في مَدَارِسَ وَلا جَامِعَاتٍ تَربِطُهُم وَتُرَتِّبُ وَقتَهُم، فَإِنَّهُ لا بَأسَ أَن يُترَكُوا بِلا حَدٍّ وَلا قَيدٍ، وَهَذَا وَاللهِ هُوَ تَضيِيعُ الأَمَانَةِ وَإِهمَالُ المَسؤُولِيَّةِ، وَغَرسُ قِيَمِ الفَسَادِ وَالتَّعلِيمُ عَلَى الإِفسَادِ، بَل هُوَ الخِيَانَةُ بِعَينِهَا وَتَركُ أَمرِ اللهِ وَنَهيِهِ، حَيثُ قَالَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6] وَقَالَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 27، 28].. فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاشغَلُوا أَنفُسَكُم وَمَن تَحتَ أَيدِيكُم بِالحَقِّ وَفِعلِ الخَيرِ، فَإِنَّ النُّفُوسَ إِن لم تُشغَلْ بِالحَقِّ اشتَغَلَت بِالبَاطِلِ، وَالوَقتَ إِن لم يُملأْ بِالنَّافِعِ امتَلأَ بِالضَّارِّ. إِنَّ ثَمَّةَ وَاجِبًا مُتعيِّنًا لا يَجُوزُ بِحَالٍ تَركُهُ، وَمُحَرَّمًا لا يَحِلُّ في أَيِّ وَقتٍ فِعلُهُ، وَعَمَلاً للهِ بِاللَّيلِ لا يَقبَلُهُ في النَّهَارِ، وَعَمَلاً بِالنَّهَارِ لا يَقبَلُهُ في اللَّيلِ، وَإِذَا لم تكُنِ الصَّلَوَاتُ المَفرُوضَةُ وَخَاصَّةً صَلاةَ الفَجرِ ضِمنَ أَهَمِّ مَا يَحرِصُ عَلَيهِ المُسلِمُ في كُلِّ وَقتٍ، فَهُوَ يُخَطِّطُ لِلفَشَلِ وَالضَّيَاعِ وقِلَّةِ البركةِ في الحَيَاةِ، أَلا فَاحرِصُوا عَلَى استِكمَالِ فَضَائِلِ النُّفُوسِ وَإِشبَاعِ حَاجَاتِ الأَرَوَاحِ أوَّلاً، وَإِيَّاكُم أَن تَكُونُوا مِمَّن لا هَمَّ لَهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ إِلاَّ نَيلُ رَغبَةٍ أَو قَضَاءُ شَهوَةٍ، أَو خِدمَةُ جَسَدٍ أَوِ اتِّبَاعُ هَوًى، فَقَد ذَمَّ اللهُ أَقوَامًا وَتَوَعَّدَهُم إِذْ لم يَنتَفِعُوا بِمَا وَهَبَهُم إِيَّاهُ وَرَضُوا بِأَن يَعِيشُوا لأَهوَائِهِم عِيشَةَ البَهَائِمِ، فَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ أَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان:43، 44].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفراغ والإجازة
  • الإجازة الصيفية
  • ماذا نستفيد من الإجازة
  • أبناؤنا بين عيدين

مختارات من الشبكة

  • استثمار الوقت في الإجازة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللآلئ والدرر شرح وصية أبي بكر لعمر رضي الله عنهما (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غنائم العمر - بلغة البشتو (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إدخال اللوح المحفوظ واسطة بين جبريل ورب العزة في الإجازات القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل أرتبط برجل خمسيني؟(استشارة - الاستشارات)
  • السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التمييز بين «الرواية» و«النسخة» في «صحيح البخاري»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخرائط الذهنية في العمرة والرحلة الإيمانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (4)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 12:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب