• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وليس من الضروري كذلك!
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    محرومون من خيرات الحرمين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    أسباب العذاب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الكبير، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    مما زهدني في الحياة الدنيا
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    عمود الإسلام (22) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير قوله تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    أخطاء في الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما حكم أخذ الأجر على الضمان؟
    د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
  •  
    {فبما رحمة من الله لنت لهم}
    د. خالد النجار
  •  
    عقيدة الدروز
    سالم محمد أحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)

في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)
د. عبد الرقيب الراشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/7/2025 ميلادي - 28/1/1447 هجري

الزيارات: 298

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم

 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

عباد الله، اعلموا أن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذنا الله وإياكم من البدع والضلالات والنار، أما بعد:

 

روى الإمام الترمذي في سننه بسند قال عنه: حسن صحيح، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى حَصِيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً؟ فَقَالَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا».

 

في هذا الحديث يُبيِّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الدنيا زائلة، وأنه لا قيمة لها إذا ما قورنت بالحياة الأخروية، وفي هذا الحديث، يصف النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه مع الدنيا بأنه مثل راكب استظلَّ تحت شجرة ثم تركها، ليبين لأُمَّتِه أن الدنيا لا تعنيه.

 

أيها المؤمنون، هذه أول جمعة في العام الهجري 1447 من هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبهذا يكون قد انقضى عامٌ مِن أعمارِكم، فقد غابت شمس عامكم هذا، واضمحلَّ هلاله، وتصَرَّمَت فيه أيَّامه، وقُوِّضَت خِيامه، وفي هذا إيذان بأن هذه الحياة الدنيا ليست بدار قرار، وأننا منها راحلون إلى دار مصيرنا فيها إلى جنة أو نار، وفي خطبتنا هذه سوف نتناول بعض الدروس والعبر التي يمكن أن نستفيدها من انقضاء عامنا هذا، وأول هذه الدروس الاعتبار بمرور الليالي والأيام.

 

أيها المؤمنون، إن في اختلاف الليل والنهار ومرور الشهور والأعوام أعظم عبرة وواعظ لأولي العقول والألباب، وصدق الله القائل: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191]، والمؤمن المتأمِّل في اختلاف الليل والنهار يقوده تأمُّلُه إلى تقوى ربِّه جل جلاله، فتراه مسارعًا إلى طاعة ربِّه بعيدًا عن معاصيه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 6].

 

أيها المؤمنون، إن المسلم الحق مَنْ عرَف سرعة انقضاء أيامه ولياليه، فعمرهما بطاعة ربه، وجعل من دنياه مزرعة لآخرته، وما شغلته الدنيا الفانية عن العمل لآخرته، وحاله كما حكى الله عن مؤمن آل فرعون حينما خاطب قومه قائلًا: ﴿ يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39].

 

ومن فرط في عمره وقضاه في اللعب واللهو فسوف يندم في الآخرة حينما يكون مصيرة نار جهنم، فيتمَنَّى العودة إلى الدنيا؛ ليعمل صالحًا، فيأتيه الجواب: لقد عمرت في الدنيا كثيرًا، وجاءك من الله النذير؛ لكنك لم تعتبر، ولم تغتنم عمرك في طاعة ربك، قال تعالى واصفًا أهل النار: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 36، 37].

 

أيها المؤمنون، ألا تعلَمُون أن بعضَ الموتَى يَوَدُّ الواحد منهم لو يَخرج من قبورِهِ، ويمد الله في أعماره ليُصلي ولو ركعتينِ خفيفتينِ مما يحتقره الأحياء من صلاتهم، فقد جاء في صحيح الجامع أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ عَلَى قَبْرٍ دُفِنَ حَدِيثًا، فَقَالَ: "رَكْعَتَانِ خَفِيْفَتَانِ مِمَّا تَحْقِرُون وَتَنَفَّلُون يَزِيْدُهُمَا هَذَا فِي عَمَلِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ"، والمسلم كلما طال عمره تزوَّد فيه من الأعمال الصالحة، ولا تشغله الدنيا الفانية عن الاستعداد لآخرته، روى الترمذي بسند حسن صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خيركم مَنْ طالَ عُمْرُه وحَسُن عملُه".

 

أيها المؤمنون، وقد كان نبيُّنا محمد -صلى الله عليه وسلم- يوجِّه أصحابه وأمته من بعدهم لاغتنام أعمارهم في طاعة ربهم، فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبيَّ وهو يَعِظ رجلًا ويقول له: "اغتنم خمسًا قبلَ خمسٍ: شبابَك قبل هرَمِك، وصحَّتَك قبل سقمك، وغِناك قبل فقرك، وفراغك قبلَ شغلك، وحياتك قبل مَوتِك، فما بعد الدنيا من مستَعتَب، ولا بعد الدنيا دارٌ إلا الجنة أو النار"؛ أخرجه الحاكم، وصحَّحه الألباني.

 

وكان صلى الله عليه وسلم يرشد أُمَّته إلى أن يكون حالهم في الدنيا كحال الغريب عن داره ووطنه، فالدنيا بالنسبة للمؤمن دار غربة، وداره الحقيقية، هي دار القرار في الآخرة؛ روى البخاري في صحيحه عن ابن عمرَ -رضي الله عنهما- قال: أخَذَ رسول الله بمَنكبي فقال: "كُن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل"، وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيتَ فلا تنتظرِ الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتِك لموتك".

 

وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين أن العمر مما سيُسأل عنه العباد يوم القيامة؛ روى الترمذي في سننه عن عبدِالله بن مسعودٍ -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله قال: "لا تزول قدما ابنِ آدم يوم القيامة من عند ربِّه حتى يُسأل عن خمس: عن عمره فيمَ أفناه؟! وعن شبابِه فيمَ أبلاه؟! وعن مالِه من أين اكتسبه؟! وفيمَ أنفقه؟! وماذا عمِل فيما علِم؟!".

 

أيها المؤمنون، ومن الدروس التي ينبغي أن نستفيده من نهاية العام الهجري أنه ينبغي لنا أن نحاسب أنفسنا في نهاية كل عام للنظر ماذا أودعنا في عامنا المنصرم من أعمال صالحة، فنستمر في عملها، وما وقعنا فيه من معاصٍ، فنتوب إليه منها، ولنعزم على عدم الوقوع فيها في عامنا الجديد، وهذه المحاسبة أمرنا الله بها في كتابه الكريم، وصدق الله القائل: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسِبُوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزِنوها قبل أن توزنوا، فإنه أهونُ عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم، وتزيَّنُوا للعرض الأكبر، يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية".

 

أيها المؤمنون، وأمر المحاسبة معمول به في حياة الناس، فتجد الشركات والمحلات تجرد حساباتِها نهايةَ كلِّ عامٍ، وينظرون هل تم الحفاظ على رأس المال أم لا؟ وهل حصلوا في سنتهم على أرباح أم لا؟ وهل وقعوا في خسائر أم لا؟

 

وأولى بهذه المحاسبة هم أهل الإيمان، فهم في تجارة مع الله تعالى، ورأس مال المسلم المحافظة على فرائض العبادات والطاعات، فمن كان مفرطًا في الفرائض في عامه المنصرم، فليعزم على المحافظة عليها في عامه الجديد، فما تقَرَّب عبد إلى الله تعالى بشيء أحب إلى الله تعالى مما افترض الله عليه، ثم يحاسب نفسه على أرباحه في جانب العبادات والطاعات، وذلك بأن ينظر في حاله مع النوافل هل أكثر منها في عامه المنصرم؟ فإن كان من الكثير من النوافل فليحمد الله تعالى على ذلك، وإن كان مُقصِّرًا فليتدارك ذلك في عامه الجديد.

 

قلت ما قد سمعتم فاستغفروا الله يا لفوز المستغفرين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

أيُّها المؤمنونَ، وأخطر ما ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه عليه خسائره في جانب المظالم فيما بينه وبين الناس، فإنها تلك المظالم تجعل العبد يقدم على الله وهو من المفاليس؛ لأنه سيقتصُّ منه يوم القيامة؛ روى الإمام أحمد في مسنده أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ منْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ، وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، حَتَّى اللَّطْمَةُ". فقَالَ الصحابةُ: كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قَالَ: "بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ".

 

أيها المؤمنون، ضرب الصالحون من هذه الأمة أروع الأمثلة في محاسبتهم لأنفسهم، ولهم في ذلك عبارات رائعة، ومن ذلك ما قَالَه الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حيث قال: "لَا تَلْقَى الْمُؤْمِنَ إِلَّا يُعَاتِبُ نَفْسَهُ؛ مَاذَا أَرَدْتُ بِكَلِمَتِي؟ مَاذَا أَرَدْتُ بِأَكْلَتِي؟ مَاذَا أَرَدْتُ بِشَرْبَتِي؟".

 

وقال وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: "حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَغْفَلَ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ؛ سَاعَةٍ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهِ، وَسَاعَةٍ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٍ يَخْلُو فِيهَا مَعَ إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ، وَسَاعَةٍ يَخْلُو فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيُحْمَدُ؛ فَإِنَّ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ عَوْنًا عَلَى تِلْكَ السَّاعَاتِ، وَإِجْمَامًا لِلْقُلُوبِ".

 

أيها المؤمنون، وكان الصالحون من هذه الأُمَّة إذا حاسب الواحد منهم نفسه ونظر في عاقبة الذنوب والمعاصي التي ارتكبها شَقَّ عليه ذلك حتى إن بعضهم كان يخرج مغشيًّا عليه خوفًا من لقاء الله تعالى؛ ذكر الإمام البيهقي في كتابه شعب الإيمان أن التابِعِيَّ العابِدَ تَوْبَةَ بْنَ الصِّمَّةِ حاسب نفْسه، فَحَسَبَ فَإِذَا هُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً، فَحَسَبَ أَيَّامَهَا، فَإِذَا هِيَ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَخَمْسُ مِئَةِ يَوْمٍ، فَصَرَخَ وَقَالَ: يَا وَيْلَتَا! أَلْقَى الْمَلِيكَ بِوَاحِدٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ ذَنْبٍ، فَكَيْفَ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ عَشَرَةُ آلَافِ ذَنْبٍ. ثُمَّ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ.

 

وكان الواحد منهم إذا حاسب نفسه أنزلها منازل الآخرة من الجنة أو النار، ثم بعد ذلك يقول لها: ما هي أمنيتك؟ تقول له: أن أرد فأعمل صالحًا، ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب المحاسبة أن التابِعِيَّ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ قال: "مَثَّلْتُ نَفْسِيَ فِي الْجَنَّةِ، أَشْرَبُ مِنْ أَنْهَارِهَا، وآكُلُ ثِمَارَهَا، وَأُعَانِقُ أَبْكَارَهَا، ثُمَّ مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي النَّارِ، آكُلُ مِنْ زَقُّومِهَا، وَأَشْرَبُ مِنْ صَدِيدِهَا، وَأُعَالِجُ سَلَاسِلَهَا وَأَغْلَالَهَا؛ فَقُلْتُ لِنَفْسِي: أَيْ نَفْسِي، أَيُّ شَيْءٍ تُرِيدِينَ؟! قَالَتْ: أُرِيدُ أَنْ أُرَدَّ إِلَى الدُّنْيَا؛ فَأَعْمَلَ صَالِحًا. قُلْتُ: فَأَنْتِ فِي الْأُمْنِيَةِ فَاعْمَلِي".

 

أيها المؤمنون، في نهاية عامكم هذا اعتبروا بمرور الليالي والأيام، واعمروها في طاعة ربِّكم، وحاسبوا أنفسكم على ما مضى من أعماركم، وتداركوا ما فرطتم فيه، تنالوا خَيْرَي الدنيا والآخرة.

 

الدعاء..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة المسجد النبوي 27/12/1431هـ - حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
  • حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
  • حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا (خطبة)
  • حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • إشارات في نهاية عام فات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين حضارتين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل الدثور بالأجور» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/1/1447هـ - الساعة: 3:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب