• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أثر الأدلة الشرعية في تحقيق مقصد حفظ الدين (دليل ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: العدل ضمان والخير أمان
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الصلاة دواء الروح
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    فضل ذكر الله تعالى
    أحمد عز الدين سلقيني
  •  
    قواعد قرآنية في تربية الأبناء
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    مائدة التفسير: سورة الماعون
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} ...
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    وما ظهر غنى؟
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)

عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)
د. عبدالرزاق السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/7/2025 ميلادي - 20/1/1447 هجري

الزيارات: 77

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل


الحمد لله الذي أوضح منهاج الحق للراغب، وكشف ظلمة الباطل للطالب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ضدَّ ولا ند، ولا شبيه ولا مقارب، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وحبيبه وخليله، صلى الله عليه وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا كلما أمطرت السحائب؛ أما بعد:

أهمية الحديث عن ظهور الحق وزوال الباطل:

أيها المسلمون: في اليوم العاشر من شهر الله المحرَّم في مثل هذا الشهر المبارك، حدث في الكون حدثٌ غيَّر مجرى التاريخ ووجَّه الحياة؛ إذ كان ذلك اليوم فيه فصلُ خصومة دامت عشرات السنين بين الحق والباطل، تزعَّم فيها الباطل أشقى الناس (فرعون) عليه من الله ما يستحق، وولِيَ الحق فيها أسعد الناس (موسى وهارون) عليهما السلام، فكانت الدوائر على الباطل وأهله، والنصرة للحق وأهله، وإنه مهما كان الحق مستضعفًا، فلا بد أن يأتي ذلك اليوم الذي ينتصر فيه على الباطل، مهما بلغ في ظلمه وطغيانه، وهي حقيقة واضحة وضوحَ الشمس في رابعة النهار، وتدل عليها دلائل التاريخ وعِبَرُ الأيام.

 

ورمزية يوم عاشوراء تكمن في كونه يمثل ثورةَ الحق في وجه الباطل؛ ثورةَ المستضعفين في وجه الطغاة والظلَمة، ومن هنا جاء تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم بأحقية هذه الأمة بموسى؛ حتى تتربى الأمة على الوقوف في وجه الظلمة والطغاة في كل زمان ومكان.

 

القرآن والسنة يُحدِّثاننا عن ظهور الحق وزوال الباطل:

أيها المسلمون: لقد جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية ذكر سُنة الصراع بين الحق والباطل، مع ذكر نتيجة التدافع بينهما؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81]، وقال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ﴾ [الرعد: 17].

 

وفي قصة سيدنا موسى وفرعون الكثير من العِبر، فكم قتل الباطل من أبناء الحق! وكم زبد وأرعد وسحر وانتفخ! فماذا كانت العاقبة؟ ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ ﴾ [الأعراف: 117 - 119]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ﴾ [سبأ: 49]، وقال: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 18].

 

وفي السُّنة النبوية: ما رواه مسلم عن جابر بن عبدالله، يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ... قال: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ)).

 

ظهور الحق وانتصاره مطلب شرعي ومصلحة دنيوية:

أيها المسلمون: تدور الدنيا بدورتها، وتمضي الأيام بسرعتها، ليحل علينا شهر الله المحرم، ويحل معه ذكرى عاشوراء، وذكرى الهجرة النبوية، وهي من أعظم أيام الله تبارك وتعالى، أيامٍ أظهر الله فيها الحق عزيزًا، لا يقف في طريقه أحد، يقذف الله به عن علمٍ، ويوجهه على علم، ولا يخفى عليه هدف، ولا تغيب عنه غاية، ولا يقف في وجه الحق الذي يقذف به معترض، فالطريق أمامه مكشوف، ليس فيه مستور!

 

وهذا كان هو أساس الصراع مع فرعون، ومع كل فرعون في أي زمان، لقد كان يعلم فرعون علمَ يقينٍ أن صاحب الرسالة التي تحمل الحق (موسى عليه السلام) قد جاء بالحق والهدى: ﴿ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ﴾ [الإسراء: 102]، فاستشار حاشيته كيف يواجه ما جاء به موسى من الحق: ﴿ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾ [الشعراء: 34 - 36].

 

فاقترحوا عليه أن يأتي بأعظم السحرة وأمهرهم؛ ليكشفوا زيف موسى كما يزعمون في مشهد عظيم من الناس: ﴿ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُجْتَمِعُونَ ﴾ [الشعراء: 38، 39]، فجاء أمهر السحرة، ووعدهم فرعونُ بأعظمِ الأجور وأن يكونوا من المقربين، وبدأت المعركة بين الحق والباطل: ﴿ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الشعراء: 44 - 48].

 

فهُزم فرعون شرَّ هزيمة، وأصبح جنده أتباعًا لموسى عليه السلام، فزاد طغيانًا وظلمًا: ﴿ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 49، 50].

 

فجمع فرعون الجنود وحشدهم من كل المدائن لحرب موسى ومن آمن به، فأوحى الله لموسى أن يفرَّ بمن آمن معه ليلًا، فتبِعهم فرعون بجنوده وحشوده، وإذا بالبحر يعترض موسى: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ﴾ [الشعراء: 61 - 66].

 

فنجَّى الله موسى ومن معه، وأغرق فرعون ومن معه، فأهلكهم الله وسلب منهم الأمن والعيش الرغيد لينعم بها بنو إسرائيل؛ قال تعالى: ﴿ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الشعراء: 57 - 59]، وقال سبحانه: ﴿ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنِعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾ [الدخان: 25 - 28].

 

كانت هذه الحادثة في يوم عاشوراء (اليوم العاشر من شهر محرم)، يومٍ أعزَّ الله فيه أهل الحق والإيمان، وخذل أهل الكفر والعصيان؛ لتبقى هذه الحقيقة قائمةً بفرح انتصار الحق وأهله مئات السنين، ومن عظمته، عظَّمه النبي صلى الله عليه وسلم، وشرع الله لنا صيامه.

 

فعن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟ فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ، فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه))؛ [رواه مسلم].

 

ولما كان انتصار الحق على الباطل والفرح بنصره أمرًا محمودًا، أمر الله رسوله الكريم أن يعلنها واضحة صريحة؛ بقوله تعالى: ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81]، إنها سُنة الله أن أهل الحق دائمًا منتصرون وغالبون؛ لأن الحق يواكب الحياة، فكل شيء في الحياة مبنيٌّ على الحق والعدل، والصدق والواقعية.

 

يعتمد أهل الحق على سلاح الإيمان، منطقهم الوفاء بالعهد وصدق الكلام والتضحية، وهم مستعدون أن يضحُّوا بأنفسهم، قلوبهم منوَّرة بنور المعرفة والحق، لا يخافون أحدًا سوى الله، ولا يعتمدون إلا على الله، وهذا هو سر انتصارهم.

 

تأخر زوال الباطل لحكمة ربَّانية:

أيها المسلمون: إن الباطل قد يتركه الله تعالى يصول ويجول، ويظلم ويبغي، ويتحكم ويسيطر، ويقتل ويعتدي، ويهلك الحرث والنسل، ولكن هذا ليس إهمالًا من الله تعالى لهذا الباطل على أرض مملكته، ولكنه الإمهال بحِلم الله وحكمته إلى حين، وقد يتعجَّل المتعجِّلون، أو يستغرب ضِعاف الإيمان: كيف تُترك الفرصة لهذا الباطل طوال هذه السنين؟! وكيف يترك الله عباده يُسامون العذاب الأليم؟! ولكنها حكمة الله في التأخير، حتى يأخذ المؤمنون بأسباب النصر والتمكين، وحتى يستشريَ الباطل ويبلغ أقصى مداه في الظلم والقهر وانتهاك الحرمات، حينما يتجاوز الحدُّ ويُحس أن بيده مقاليدَ الأمور؛ ويعلن ذلك صراحة كما أعلنها فرعون: ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51]، ثم ازداد الطغيان والبغي والباطل الذي يحمله؛ حتى قال كما حكى الله تعالى عنه: ﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38].

 

ثم يأتي الأخذ للباطل في أزهى انتصاره كما يزعمون؛ روى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لَيُمْلِي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه، ثم قرأ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102].

 

ولعلكم تتساءلون: أين محبُّو ومؤيدو الباطل الذين يصفقون له، ويرقصون على آهات المظلومين، ويغنُّون على أنَّات المجروحين؟ فلم يكن لهم من عذر على تأييدهم للباطل والطغيان، وصاحب الباطل يقتل ويتكبر ويبغي الفساد في الأرض، إنهم شركاء له في المصير، مثلما باتوا شركاء في الجُرم؛ قال تعالى عن شعب فرعون: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ * فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ ﴾ [الزخرف: 54 - 56].

 

وهذه سُنة ماضية في الشعوب التي ترضى بظلم الظلمة، وتؤيد الطُّغاة الباغين، وتقر الآثمين المعتدين، كما حدث لقوم "ثمود"؛ قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾ [الشمس: 11 - 15].

 

أيها الأحِبَّة:

لقد كان يوم عاشوراء بمثابة إعلان مبكر لتحقيق إنسانية الإنسان المفقودة، واستعادته لذاته الفقيدة وكرامته الجريحة، بل كان ذلك اليوم إعلانًا بالثورة على الظلم بكافة صوره وأنماطه، ونظمه وأساليبه ووسائله، ومنابذة للظالمين والطغاة، والمجرمين والمتكبرين في البلاد، الذين أغرقوها في الظلم، وأظهروا فيها الفساد، فأذلوا أعناق العباد واستحلوا الدماء والحرمات، وأزهقوا الأرواح، فجاء موسى ليضع حدًّا لهذه المعاناة بتكليف من الله تعالى؛ حيث قال الله تعالى: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى * فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى * إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾ [طه: 43 - 48].

 

مفاهيمُ يجب أن تُصحَّح في انتصار الحق وزوال الباطل:

أيها المسلمون: إن هناك مفاهيمَ يجب أن تصحح في انتصار الحق وزوال الباطل؛ منها:

 

أولًا: الحق لا ينتصر وحده:

بل من سُنة الله أن ينصر الحق إذا كان له رجال يؤمنون به ويدعون إليه، ويتجردون له، ويعيشون من أجله ويموتون في سبيله؛ ولهذا قال الله لرسوله: ﴿ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 62].

 

ثانيًا: الحق لا يُنصَر بوضوح أدلَّتِهِ فقط:

إن الله عز وجل لا ينصر الحق بمجرد وضوح أدلته واستقامة طريقته، ولا يخذل الباطل بعوج دعوته وسوء خاتمته، وإنما يبلو أصحاب الحق بأصحاب الباطل، وعلى قدر ما يبذل كلا الفريقين من جهودٍ وتضحيات، تكون النهاية الحاسمة.

 

ثالثًا: استشعار معية الله تعالى:

فمن يتعامل مع الله، لا يزن القِوى بالموازين الظاهرة، ولا يرتِّب على أساس التكافؤ المادي، بل يرتب على أساس الغلبة بقوة الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]، حتى وإن كانت الموازين المادية في غير صالحه، وهذا ما بثَّه سيدنا موسى في أتباعه حينما قالوا: ﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [الشعراء: 61]، فقال: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62]، فكانت النتيجة: ﴿ وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 65 - 68].

 

رابعًا: ستة لا تُرْتجَى منهم نصرة الحق أبدًا:

1- قوي مغرور متسلط.

 

2- شهواني سدَّت عليه الشهوة منافذ تفكيره.

 

3- مُبطِل وجد له أتباعًا يُغرونه بالمُضي في طريقه.

 

4- عالم اتخذ من علمه وسيلة لتحقيق أطماعه.

 

5- متزهد اتخذ الزهد في الدنيا ستارًا لحيازتها.

 

6- طموح للشهرة اتخذ من مخالفة الحق سبيلًا إليها.

 

خامسًا: نصرة الحق بأي وسيلة:

ينصر المسلم الحق بقلبه ودعائه ولسانه، وقلمه وبريشته، وبما تيسر وبما يُحسن، فالكلمة والموقف لا تقل أهمية عن نصرة السيف والبندقية؛ ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: ((اهْجُوا قُرَيْشًا، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ))؛ [رواه مسلم].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عاشوراء بين الزينة والضغينة
  • عاشوراء بين السنة والبدعة (خطبة)
  • عاشوراء بين نهاية الطغاة واستثمار الأوقات (خطبة)
  • عاشوراء بين مهدي متبع وغوي مبتدع (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • فضل صيام عاشوراء وتعريفه(مقالة - ملفات خاصة)
  • مجلس سماع لمسلسل عاشوراء للأمير الصغير ومجلس في فضل عاشوراء للمنذري(مقالة - ملفات خاصة)
  • إفراد عاشوراء بالصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • حكم صيام عاشوراء، وصيام الأطفال فيه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأفضلية لمن: يوم عرفة أم يوم عاشوراء؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن يوم عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراتب صيام عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع شهر الله المحرم ويوم عاشوراء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراحل صيام يوم عاشوراء والحكمة منه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين عرفة وعاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/1/1447هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب