• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: وصايا نبوية إلى كل فتاة مسلمة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    بيع العينة
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)
    محمد الشقيري
  •  
    دور الصحابة رضي الله عنهم في حفظ القرآن مدونا ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الشباب المسلم على مفترق طرق الجاهلية الحديثة: بين ...
    وليد بن زيديور
  •  
    وقفات تربوية مع قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    آداب تلاوة القرآن الكريم (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    { ويل للمطففين }
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    بلقيس وانتصار الحكمة
    حسام كمال النجار
  •  
    مجالات التيسير والسماحة في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    تحريم إنكار مشيئة الله تعالى أو مشيئة المخلوق
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أشهد أن نبيـنا وسيدنا محمدا قد بلغ رسالة ربه ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    هل تحدثت عن نعم ربك؟
    حسين أحمد عبدالقادر
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    حسن الظن بالمسلمين (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    تعظيم شعائر الله تعالى (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

علم الأنبياء عليهم السلام (2) نوح عليه السلام

علم الأنبياء عليهم السلام (2) نوح عليه السلام
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/8/2019 ميلادي - 27/12/1440 هجري

الزيارات: 25012

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علم الأنبياء عليهم السلام (2)

نوح عليه السلام

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ ﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [الْعَلَق: 4- 5]، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَقَدْ هَدَانَا لِدِينِهِ، وَعَلَّمَنَا كِتَابَهُ، وَجَعَلَنَا مِنْ خَيْرِ عِبَادِهِ ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 110]، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ نِعَمُهُ عَلَى عِبَادِهِ تَتْرَى، وَإِفْضَالُهُ وَإِنْعَامُهُ لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى، خَلَقَهُمْ مِنَ الْعَدَمِ، وَرَبَّاهُمْ بِالنِّعَمِ، وَهَدَاهُمْ لِمَا يَنْفَعُهُمْ، وَدَفَعَ عَنْهُمْ مَا يَضُرُّهُمْ ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 49- 50]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، بَعَثَهُ بِالنُّورِ وَالْهُدَى، لِيُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ؛ فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا مِنْ دِينِكُمْ مَا يُقَرِّبُكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِمَا يُرِيدُهُ سُبْحَانَهُ مِنْ عِبَادِهِ هُوَ أَشْرَفُ الْعُلُومِ وَأَنْفَعُهَا وَأَزْكَاهَا. وَكُلُّ عِلْمٍ يَنْفَعُ الْبَشَرَ فَمَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَصَاحِبُهُ مَأْجُورٌ إِذَا أَحْسَنَ النِّيَّةَ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ أَضَرُّ عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الْجَهْلِ، وَأَشَدُّ الْجَهْلِ: الْجَهْلُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالْجَهْلُ بِأَحْكَامِ دِينِهِ الْقَوِيمِ ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 24].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مَنِ اسْتَعْرَضَ أَخْبَارَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَمَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَحْوَالِهِمْ؛ وَجَدَ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِدِينِهِ، وَبِمَا يُسْعِدُهُمْ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ؛ وَلِذَا كَانَ اتِّبَاعُ الرُّسُلِ نَجَاةً وَفَوْزًا وَفَلَاحًا، وَكَانَ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمْ هَلَاكًا وَخُسْرَانًا.

 

وَنُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ بِكَلَامِهِ، وَعَلَّمَهُ مِنْ عِلْمِهِ، فَكَانَ نُوحٌ عَالِمًا بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِدِينِهِ، مِمَّا عَلَّمَهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ بِالْوَحْيِ؛ وَلِذَا خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [النِّسَاءِ: 163].

 

وَلَمَّا دَعَا نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَاتَّهَمُوهُ بِالضَّلَالِ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَأَنَّهُ رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 60 - 62].

 

وَمِنْ غَزَارَةِ عِلْمِ نُوحٍ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَبِنَفَاذِ قَدَرِهِ عَلَى عِبَادِهِ: أَنَّهُ وَقَفَ وَحْدَهُ تُجَاهَ قَوْمِهِ، مُقِيمًا الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ، مُتَحَدِّيًا لَهُمْ وَلِآلِهَتِهِمْ، مُخَاطِرًا بِنَفْسِهِ، مُتَوَكِّلًا عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ؛ وَذَلِكَ الْعِلْمُ الَّذِي يُسْعِفُ صَاحِبَهُ فِي الْمَوَاقِفِ الْعَصِيبَةِ، وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُصَّ عَلَيْنَا خَبَرَ هَذَا التَّحَدِّي الْكَبِيرِ؛ لِنَتَعَلَّمَ مِنْ عِلْمِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ﴾ [يُونُس: 71].

 

وَنُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَدَّعِ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَهَذِهِ صِفَاتُ الْعُلَمَاءِ حَقًّا؛ أَنَّهُمْ يَنْتَهُونَ إِلَى مَا يَعْلَمُونَ، وَلَا يَتَجَاوَزُونَهُ إِلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ؛ وَلِذَا قَالَ لِقَوْمِهِ فِي مُجَادَلَتِهِمْ لَهُ: ﴿ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [هُود: 31]. وَفِي مَقَامٍ آخَرَ لَمَّا اعْتَذَرَ قَوْمُهُ عَنِ اتِّبَاعِهِ فَقَالُوا: ﴿ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ﴾ [الشُّعَرَاء: 111]، رَدَّ أَمَرَهُمْ وَالْعِلْمَ بِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ رَسُولٌ ﴿ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ * وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ * إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الشُّعَرَاء: 112 - 115].

 

وَحِينَ صَنَعَ نُوحٌ الْفُلْكَ صَنَعَهَا بِعِلْمٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبِأَمْرِهِ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَنْ أَمَرَهُ بِصِنَاعَتِهَا، وَلَوْ كَانَ يَعِيشُ هُوَ وَقَوْمُهُ فِي صَحْرَاءَ قَاحِلَةٍ، وَهَذَا مِنْ عِلْمِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَعِلْمُهُ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْرَثَهُ الْيَقِينَ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِلُزُومِ أَمْرِهِ؛ فَصَنَعَ الْفُلْكَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَرَدَّ عَلَى سُخْرِيَةِ قَوْمِهِ، وَهَدَّدَهُمْ بِعَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِعِلْمِهِ بِهِ سُبْحَانَهُ وَبِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَشَدَّةِ انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ ﴿ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ [هُودٍ: 38- 39].

 

وَحِينَ زَعَمَ ابْنُ نُوحٍ أَنَّهُ يَعْتَصِمُ مِنَ الْغَرَقِ بِالْجَبَلِ أَخْبَرَهُ نُوحٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ يَعْصِمُ الْعَبْدَ مِنْ عَذَابِهِ ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هُودٍ: 42- 43].

 

وَأَخَذَتْ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ عَاطِفَةُ الْأُبُوَّةِ، فَنَاجَى رَبَّهُ سُبْحَانَهُ فِي ابْنِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ تَعَالَى شَفَاعَتَهُ فِيهِ خَضَعَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاسْتَغْفَرَهُ مِنْ طَلَبِهِ، وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنَ الْجَهْلِ، وَرَدَّ الْعَلَمَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [هُود: 45- 47].

 

وَمَنْ قَرَأَ حِوَارَ نُوحٍ مَعَ قَوْمِهِ فِي اللَّهِ تَعَالَى عَلِمَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَبِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلَى، وَذَلِكَ هُوَ الْعِلْمُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يَنْفَعُ الْعَبْدَ فِي الْحَالِ وَفِي الْمَآلِ، فَأَرْعُوا لَهُ أَسْمَاعَكُمْ، وَتَدَبَّرُوا مَا فِيهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا ﴾ [نُوح: 10 - 20].

 

وَلَا عَجَبَ إِذْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قُرْآنٍ يُتْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصَّافَّات: 79 - 81].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا مِنْ سِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ مَا يَقُودُكُمْ لِلتَّأَسِّي بِهِمْ؛ فَإِنَّ عِلْمَهُمْ بِاللَّهِ تَعَالَى قَادَهُمْ إِلَى تَعْظِيمِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، وَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ؛ حُبًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَشُكْرًا لَهُ، وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَهُ؛ وَلَمَّا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَهُ: «لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا»، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾ [الْإِسْرَاء: 3]، وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ يَأْتِي النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ «فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا». وَبِقَدَرِ مَعْرِفَةِ الْعَبْدِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِدِينِهِ يَزْدَادُ شُكْرُهُ، وَبِقَدْرِ جَهْلِهِ بِهِ سُبْحَانَهُ وَبِدِينِهِ يَكُونُ كُفْرُهُ ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النَّمْل: 40].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَنْبَغِي الْعِنَايَةُ بِعَمَلِيَّةِ الْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَنَشْرِ الْمَعَارِفِ النَّافِعَةِ فِي النَّاسِ؛ فَإِنَّمَا تَرْتَقِي الْأُمَمُ بِالتَّعْلِيمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَتَرْسفُ فِي أَغْلَالِ التَّبَعِيَّةِ وَالِانْحِطَاطِ بِالْجَهْلِ وَالتَّجْهِيلِ. وَأَوَّلُ الْعُلُومِ وَأَهَمُّهَا الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِدِينِهِ. وَكُلُّ عِلْمٍ يَنْفَعُ النَّاسَ فَمَطْلُوبٌ تَعَلُّمُهُ، وَمَرْغُوبٌ فِيهِ، وَمُتَعَلِّمُهُ مَأْجُورٌ إِذَا أَحْسَنَ النِّيَّةَ فِيهِ.

 

وَفِي بِدَايَةِ هَذَا الْعَامِ الدِّرَاسِيِّ لَا بُدَّ مِنَ التَّذْكِيرِ بِأَنَّ الْعُلُومَ وَالْمَعَارِفَ لَا تُكْتَسَبُ بِرَاحَةِ الْأَجْسَادِ، وَلَا بِلَهْوِ الطُّلَّابِ وَالطَّالِبَاتِ، وَلَا بِتَهَاوُنِ الْمُدَرِّسِينَ وَالْمُدَرِّسَاتِ. وَإِنَّمَا تُنَالُ بِالْكَدِّ وَالتَّعَبِ، وَكَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُطَالَعَةِ، وَثَنْيِ الرُّكَبِ عَلَى الدُّرُوسِ، وَمُلَازَمَةِ الْمَكْتَبَاتِ وَالْمُخْتَبَرَاتِ، وَالتَّمَرُّسِ عَلَى التَّجَارِبِ وَالْبُحُوثِ. وَكُلُّ أُمَّةٍ تَقَدَّمَتْ مَا تَقَدَّمَتْ إِلَّا بِهَذَا. وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهَا تَتَقَدَّمُ بِاللَّهْوِ وَالْعَبَثِ وَتَضْيِيعِ الْأَوْقَاتِ وَالنَّوْمِ وَالْبِطَالَةِ فَذَلِكَ ظَنٌّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا. وَلَنْ يُنْتَشَلَ التَّعْلِيمُ مِنَ انْحِدَارِهِ، وَلَا الطُّلَّابُ مِنْ كَسَلِهِمْ وَإِهْمَالِهِمْ إِلَّا بِالْجِدِّ وَالصَّرَامَةِ فِي التَّعْلِيمِ، وَإِعَادَةِ مَبْدَأِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالْمُحَاسَبَةِ عَلَى التَّقْصِيرِ فِي الدُّرُوسِ وَالْوَاجِبَاتِ، وَتَرْسِيبِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ النَّجَاحَ. وَإِلَّا خَرَّجَتِ الْجَامِعَاتُ أُلُوفًا لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّمُوا. وَهُوَ مَا يَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ بِسَبَبِ أَنَّ مَقْصِدَ التَّعْلِيمِ هُوَ الشَّهَادَةُ فَقَطْ، وَلَيْسَ حِفْظَ الْعِلْمِ، وَضَبْطَ الْمَعْرِفَةِ، فَيَنْسَى الْمُتَعَلِّمُ مَا تَعَلَّمَ عَلَى ضَعْفِهِ، وَيَعُودُ جَاهِلًا لَا يَعْرِفُ شَيْئًا ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يُوسُفَ: 76].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علم الأنبياء عليهم السلام (1) آدم عليه السلام
  • الفوائد المهمات إلى جميع الدعاة من قصة نوح عليه السلام

مختارات من الشبكة

  • حث الطلاب على الجمع بين علم التفسير والحديث والفقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • البحث في علم الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • علم المصطلح وعلم اللغة: أبعاد العلاقة بينهما(مقالة - حضارة الكلمة)
  • طبيعة العلم من المنظور الإسلامي(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • من فضائل النبي: وهبه الله علما لم يهبه لأحد من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نصف العلم لطالب العلم: بحث في علم الفرائض يشتمل على فقه المواريث وحساب المواريث (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • علم الماهية والعلوم المطلوبة للأغراض المحمودة وعلم الظاهر من الحياة الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 22:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب