• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فخ استعجال النتائج
    سمر سمير
  •  
    من مائدة الحديث: خيرية المؤمن القوي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وفاء القرآن الكريم بقواعد الأخلاق والآداب
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: كيف أتعامل مع ولدي المعاق؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تذكير (للأحياء) مِن الأحياء بحقوق الأموات عليهم!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    الوسيلة والفضيلة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حقوق الطريق (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حديث: حسابكما على الله، أحدكما كاذب لا سبيل لك ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حديث: «نقصان عقل المرأة ودينها» بين نصوص السنة ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تحبيب الله إلى عباده
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    خطبة: المصافحة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    خطبة عن الافتراء والبهتان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة
    عبدالعزيز أبو يوسف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

غنائم الشباب في الإجازة

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2016 ميلادي - 19/8/1437 هجري

الزيارات: 20242

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غنائم الشباب في الإجازة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ مُكَوِّرِ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ، وَمُكَوِّرِ النَّهَارِ عَلَى اللَّيْلِ، وَمُخْرِجِ الْحَيِّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَمُخْرِجِ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ، خَلَقَ الزَّمَانَ فَجَعَلَهُ مُسْتَوْدَعَ الْأَعْمَالِ، نَحْمَدُهُ عَلَى الشُّغْلِ وَالْفَرَاغِ، وَالْعَافِيَةِ وَالْبَلَاءِ، وَالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ؛ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ هَدَى عِبَادَهُ إِلَيْهِ، وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ؛ فَآيَاتُهُ فِي الْآفَاقِ وَالْأَنْفُسِ كَثِيرَةٌ، وَآلَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهِ كَبِيرَةٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَرَاغٌ فِي وَقْتِهِ، وَلَا لَدَيْهِ إِجَازَةٌ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ، فَكَانَتْ أَوْقَاتُهُ عَامِرَةً بِذِكْرِهِ، وَيَنْتَقِلُ مِنْ طَاعَةٍ إِلَى طَاعَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ خَاطَبَهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح: 7- 8] صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمُرُوا أَوْقَاتَكُمْ بِمَا يُرْضِيهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَإِنَّ الْأَعْمَارَ تَمْضِي، وَإِنَّ الآجَالَ تَقْتَرِبُ، وَإِنَّ الْأَعْمَالَ تُدَوَّنُ، وَيَجِدُهَا الْعِبَادُ فِي كِتَابٍ ﴿ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

وَقْتُ الْإِنْسَانِ هُوَ رَأْسُ مَالِهِ، وَعَمَلُهُ فِيهِ هُوَ حَيَاتُهُ؛ فَإِنَّ الزَّمَنَ يَمْضِي، وَيَبْقَى الْعَمَلُ ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 12]. وَالْأُمَّةُ الَّتِي يَكُونُ شَبَابُهَا وَفَتَيَاتُهَا فِي حَالَةِ فَرَاغٍ هِيَ أُمَّةٌ تَعِيشُ عَلَى هَامِشِ التَّارِيخِ وَالْحَضَارَةِ؛ لِأَنَّ الْأُمَمَ إِنَّمَا تُبْنَى بِسَوَاعِدِ الشَّبَابِ.

 

وَهَذِهِ الْإِجَازَةُ الْمَدْرَسِيَّةُ هِيَ أَطْوَلُ إِجَازَةٍ، وَتَسْتَوْعِبُ مَوْسِمَيْنِ فَاضِلَيْنِ؛ فَفِي بِدَايَتِهَا رَمَضَانُ، وَفِي نِهَايَتِهَا عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ. وَكَمْ عَانَى الطُّلَّابُ وَالطَّالِبَاتُ مِنَ الْفَرَاغِ فِي الْإِجَازَاتِ، فَقَضَوْهَا فِيمَا لَا يَنْفَعُ، بَلْ فِيمَا يَضُرُّ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا.

 

وَهَذَا حَدِيثٌ عَظِيمٌ نَتَذَاكَرُهُ، وَيَجِبُ أَنْ يُنْقَلَ لِلشَّبَابِ وَالْفَتَيَاتِ؛ فَفِيهِ بَيَانُ أَهَمِّيَّةِ الْمَرْحَلَةِ الَّتِي يَعِيشُونَهَا، فَلَعَلَّهُمْ لَا يُضِيِّعُونَهَا.

 

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.

 

مَا أَجْمَلَ أَنْ يَهَبَ الْعَبْدُ شَبَابَهُ وَصِحَّتَهُ وَغِنَاهُ وَفَرَاغَهُ وَحَيَاتَهُ لِرَبِّهِ وَلِدِينِهِ! وَكُلُّ هَذِهِ الْخَمْسِ مُجْتَمِعَةٌ فِي أَغْلَبِ شَبَابِنَا وَفَتَيَاتِنَا، وَلَوْلَا اجْتِمَاعُهَا فِيهِمْ مَعَ عَدَمِ اسْتِثْمَارِهِمْ لَهَا لَمَا أَحَسُّوا بِمَلَلٍ يَخْنُقُهُمْ، وَسَأَمٍ يَقْتُلُهُمْ. وَهِيَ خَمْسٌ مِنَ النِّعَمِ سُمِّيَتْ فِي الْحَدِيثِ غَنِيمَةً، تَنْقَلِبُ إِلَى نِقَمٍ إِذَا فَرَّطَ أَصْحَابُهَا فِيهَا، وَلَمْ يُؤَدُّوا شُكْرَهَا، وَلَنْ يَعْرِفُوا قَدْرَهَا إِلَّا بِفَقْدِهَا.

 

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- مِنْ شَبَابِ الصَّحَابَةِ، وَمِمَّنْ وَهَبَ شَبَابَهُ وَقُوَّتَهُ لِرَبِّهِ وَدِينِهِ، وَمِنْ مَقُولَاتِهِ: "وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِسَقَمِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ" يَعْنِي: اغْتَنِمِ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا السَّقَمُ، وَفِي الْحَيَاةِ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا الْمَوْتُ، وَفِي رِوَايَةٍ: "فَإِنَّكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَدْرِي مَا اسْمُكَ غَدًا" يَعْنِي: لَعَلَّكَ غَدًا مِنَ الْأَمْوَاتِ دُونَ الْأَحْيَاءِ.

 

وَأَوَّلُ هَذِهِ الْغَنَائِمِ الْخَمْسِ: الشَّبَابُ؛ فَهُوَ الْقُوَّةُ وَالْحَيَوِيَّةُ، مَعَ قِلَّةِ المَسْئُولِيَّاتِ وَالْوَاجِبَاتِ الَّتِي تَشْغَلُهُ، فَمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ يَسْتَثْمِرَ شَبَابَهُ فِيمَا يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَلَا شَيْءَ أَعْظَمَ لِشَابٍ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى مِنْ دُخُولِهِ فِي السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَفَرْقٌ بَيْنَ مَنْ بَذَلَ شَبَابَهُ لِرَبِّهِ وَدِينِهِ وَأُمَّتِهِ، وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَعِ ذَلِكَ إِلَّا فِي حَالِ هَرَمِهِ، وَالشَّابُّ الَّذِي يَبْذُلُ شَبَابَهُ لِرَبِّهِ دِينِهِ وَأُمَّتِهِ إِنْ مَاتَ فِي شَبَابِهِ لَقِيَ اللهَ تَعَالَى بِحُسْنِ الْخِتَامِ، وَإِنْ مُدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ حَتَّى يَهْرَمَ كَانَ مِمَّنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.

 

وَكَثِيرٌ مِمَّن تَأَخَّرَ طَلَبُهُمْ لِلْعِلْمِ أَسِفُوا أَنَّ مَرْحَلَةَ الشَّبَابِ ضَاعَتْ مِنْهُمْ، وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَمْ يُثْرَوا إِلَّا فِي شَيْخُوخَتِهِمْ تَحَسَّرُوا عَلَى أَنَّ الْأَمْوَالَ لَمْ تَأْتِهِمْ فِي شَبَابِهِمْ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُؤَلِّفِينَ وَالْمُنْجِزِينَ الْكِبَارِ يَتَمَنَّوْنَ أَنَّ مُنْجَزَاتِهِمْ كَانَتْ فِي مَرْحَلَةِ شَبَابِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ؛ لِيَكُونَ إِنْجَازُهُمْ أَجْوَدَ، وَإِنْتَاجُهُمْ أَكْثَرَ، وَكِتَابُ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ الَّذِي يُقْرَأُ مُنْذُ قُرُونٍ فِي أَكْثَرِ مَسَاجِدِ المُسْلِمِينَ أَنْهَى النَّوَوِيُّ تَأْلِيفَهُ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَقَطْ، فَكَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُ الْقَبُولَ وَالِانْتِشَارَ، حَتَّى نُقِلَ عَنِ الذَّهَبِيِّ قَوْلُهُ: "لَيْتَنِي أَعْلَمُ مَا فَعَلَ النَّوَوِيُّ مَعَ اللهِ تَعَالَى حَتَّى كَانَتْ لَهُ هَذِهِ الْمَكَانَةُ وَالْقَبُولُ!" فَلَا يَحْقِرَنَّ شَابٌّ نَفْسَهُ، وَلَا يُضَيِّعَنَّ شَبَابَهُ؛ فَلَعَلَّهُ يُنْتِجُ شَيْئًا فَيُخَلَّدُ قُرُونًا، فَيَبْقَى ذِكْرُهُ بِهِ، وَيَجْرِي عَلَيْهِ أَجْرُهُ فِي قَبْرِهِ بِسَبَبِهِ. قَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ -رَحِمَهَا اللهُ تَعَالَى-: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، خُذُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَأَنْتُمْ شَبَابٌ؛ فَإِنَّي وَاللهِ مَا رَأَيْتُ الْعَمَلَ إِلَّا فِي الشَّبَابِ".

 

وَثَانِيَةُ الْغَنَائِمِ: الصِّحَّةُ قَبْلَ السَّقَمِ؛ فَالْمَرِيضُ مَهْمُومٌ بِمَرَضِهِ، مَشْغُولٌ بِوَجَعِهِ، يَتَقَلَّبُ بَيْنَ الْعِلَاجِ وَالْأَلَمِ، وَيَعِيشُ بَيْنَ الْيَأْسِ وَالْأَمَلِ، فَيَعْجَزُ عَنْ إِنْجَازِ مَا يُنْجِزُهُ الصَّحِيحُ الْمُعَافَى. وَكَمْ مِنْ مَرِيضٍ تَمَنَّى لَوْ أَنَّهُ اسْتَثْمَرَ صِحَّتَهُ فِيمَا يَنْفَعُهُ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَيَتَحَسَّرُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ خَيْرٍ كَانَ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَعْمَلَهُ؟! وَلَكِنْ غَرَّهُ الشَّبَابُ وَالصِّحَّةُ وَالْقُوَّةُ فَسَوَّفَ وَمَاطَلَ حَتَّى مَرِضَ وَثَقُلَ وَعَجَزَ.

 

وَثَالِثَةُ الْغَنَائِمِ: الْغِنَى قَبْلَ الْفَقْرِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَقْرَ يَشْغَلُ صَاحِبَهُ بِطَلَبِ الْقُوتِ وَالرِّزْقِ، أَوْ بِرَفْعِ الْغُرْمِ، وَقَدْ تَعَوَّذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَغْرَمِ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ! فَقَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ، حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ" رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَأَكْثَرُ الشَّبَابِ وَالْفَتَيَاتِ فِي رِعَايَةِ أُسَرِهِمْ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ آبَاؤُهُمْ، فَلَا يَجِدُونَ فَقْرًا يَشْغَلُهُمْ، وَلَا يَضْطَرُّونَ لِعَمَلٍ يُسَاعِدُونَ بِهِ أُسَرَهُمْ، فَمَا بَقِيَ لَهُمْ إِلَّا فَرَاغٌ إِنْ لَمْ يَشْغَلُوهُ بِمَا يَنْفَعُهُمْ عَادَ ضَرَرُهُ عَلَيْهِمْ.

 

وَرَابِعَةُ الْغَنَائِمِ: فَرَاغٌ قَبْلَ الشُّغْلِ، وَمَرْحَلَةُ الشَّبَابِ هِيَ مَرْحَلَةُ الْفَرَاغِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا لَمْ تُنْفَقْ بِمَا يَعُودُ عَلَى صَاحِبِهَا بِالنَّفْعِ عَادَتْ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ، وَهُوَ مَا نُشَاهِدُهُ مِنْ تَسَكُّعِ كَثِيرٍ مِنَ الشَّبَابِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالطُّرُقَاتِ، وَأَذِيَّةِ النَّاسِ بِمَرْكَبَاتِهِمْ؛ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَقَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: "لَوْ تَفَرَّغْتَ لَنَا، فَقَالَ عُمَرُ: وَأَيْنَ الْفَرَاغُ؟ ذَهَبَ الْفَرَاغُ، فَلَا فَرَاغَ إِلَّا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى".

وَكَمْ مِنْ شَابٍّ مُضَيِّعٍ فَرَاغَهُ الْيَوْمَ فِيمَا لَا طَائِلَ مِنْهُ، بَاكٍ غَدًا عَلَى مَا فَرَّطَ وَضَيَّعَ.

 

وَخَامِسَةُ الْغَنَائِمِ: الْحَيَاةُ؛ فَإِنَّ الْمَوْتَ يَقْطَعُ الْإِنْجَازَ وَالْعَمَلَ، وَلَمْ يَرَ النَّاسُ مَيِّتًا عَمِلَ أَوْ أَنْجَزَ، وَمَيِّتُ الْأَحْيَاءِ هُوَ الَّذِي يَمْضِي عَلَيْهِ يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ وَلَمْ يُنْجِزْ شَيْئًا. وَالْعَبْدُ يُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ. وَلَيْسَ مَنْ صَامَ سَبْعِينَ رَمَضَانًا كَمَنْ صَامَ عَشْرَ رَمَضَانَاتٍ فَقَطْ، وَلَا مَنْ صَلَّى سَبْعِينَ سَنَةً كَمَنْ صَلَّى عَشْرَ سَنَوَاتٍ فَقَطْ، وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ قِيمَةَ الْحَيَاةِ فِي الْعَمَلِ وَالْإِنْجَازِ لَمَا أَضَاعُوا مِنْهَا لَحْظَةً؛ وَلَمَا اتَّخَذُوا أَمَاكِنَ لِلَّهْوِ وَالْعَبَثِ وَقَتْلِ الْأَوْقَاتِ؛ وَلَمَا عَكَفَ شَبَابُهُمْ وَفَتَيَاتُهُمْ عَلَى وَسَائِلِ تَضْيِيعِ الْأَوْقَاتِ وَإِهْدَارِ الْأَعْمَالِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ مِنْهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَ قِيمَةَ حَيَاةِ الْمُؤْمِنِ بِقَوْلِهِ: "لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ المَوْتَ: إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ" رَوَاهُ الُبْخَارِيُّ.

 

مَنْ يُصَدِّقُ أَنَّ مِنْ شَبَابِ الْمُسْلِمِينَ وَفَتَيَاتِهِمْ مَنْ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَاغِ الْقَاتِلِ، وَمِنْ قِلَّةِ الْعَمَلِ وَالْإِنْجَازِ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَغَدًا يَعْلَمُ المُسْتَهِينُونَ بِالْحَيَاةِ قِيمَتَهَا وَثَمَنَهَا، وَقِيمَةَ الْأَوْقَاتِ الَّتِي كَانُوا يُضَيِّعُونَهَا فِيمَا لَا فَائِدَةَ مِنْهُ.

﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99- 100].

 

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَأْخُذَ بِأَيْدِينَا وَأَيْدِي شَبَابِ الْمُسْلِمِينَ وَفَتَيَاتِهِمْ لِمَا يَنْفَعُهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِالْعَمَلِ وَالْإِنْجَازِ وَالْإِنْتَاجِ، وَأَنْ يُوَفِّقَهُمْ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي يَرْضَاهُ، وَأَنْ يُجَنِّبَهُمْ مَهَاوِيَ الرَّدَى وَقُرَنَاءَ السُّوءِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

مَعَ اسْتِقْبَالِ هَذِهِ الْإِجَازَةِ الطَّوِيلَةِ، وَمَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ مَوْسِمَيْنِ عَظِيمَيْنِ: رَمَضَانَ وَالْحَجِّ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَنْهَجَ حَيَاةٍ لِكُلِّ شَابٍّ وَلِكُلِّ فَتَاةٍ، فَوَ اللهِ لَا يَضَعُهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مَنْهَجَ حَيَاةٍ لَهُ إِلَّا سَعِدَ بِالْغَنَائِمِ الْمُتَتَابِعَةِ، وَالْإِنْجَازِ الْكَثِيرِ، وَفَازَ بِالرَّاحَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَانْشِرَاحِ الصَّدْرِ، وَالْفَرَحِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ".


وَمَنْ أَضَاعَ الْإِجَازَةَ فِي أَسْفَارٍ مُحَرَّمَةٍ، أَوِ اجْتِمَاعَاتٍ يُظَلِّلُهَا اللَّهْوُ وَالْبِطَالَةُ، أَوْ تَسَكَّعَ فِي الْأَسْوَاقِ وَالطُّرُقَاتِ، وَأَمْضَى رَمَضَانَ أَمَامَ الشَّاشَاتِ؛ فَقَدْ ضَيَّعَ أَثْمَنَ أَوْقَاتِ حَيَاتِهِ، وَفَرَّطَ فِي مَوَاسِمِ الْبَرَكَةِ، وَهَذَا هُوَ الْحِرْمَانُ وَالْخِذْلَانُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْخُسْرَانِ، وَمَا رَزَقَ اللهُ تَعَالَى شَابًّا الصِّحَّةَ وَالْفَرَاغَ إِلَّا لِيَرَاهُ حَيْثُ يُحِبُّ فِي عَمَلِ مَا يَنْفَعُهُ فِي دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ.

 

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حفظ الإجازة من الضياع
  • الشباب واستثمار الإجازات
  • مقترحات عملية لاستغلال الإجازة الصيفية لصناعة الرسوخ العلمي
  • خطبة المسجد النبوي 18/7/1433 هـ - الشباب والفراغ والإجازة
  • غنائم تدنيك من الحبيب
  • حاجة الشباب إلى اللعب والترفيه

مختارات من الشبكة

  • غنائم العمر - بلغة البشتو (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشباب والعمل التطوعي: طاقة إيجابية تصنع الفرق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هوس الشهرة عند الشباب والفتيات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مفهوم الرذيلة عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفترق الطرق: قرارات مصيرية في عمر الشباب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة: ماذا يكره الشباب والفتيات؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاة ملكة جمال الكون!(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/2/1447هـ - الساعة: 13:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب