• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتنة نبي الله سليمان هبة الله لداود وعطاء الله له
    د. أحمد مصطفى نصير
  •  
    كيف أن الأرض فيها فاكهة ونخل ذات أكمام؟
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مبدأ السيرانديبتي
    عبد النور الرايس
  •  
    علاج البواسير في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إدمان التسوق
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    قراءات اقتصادية (66) مبادئ علم الاجتماع الاقتصادي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أسرار خفية عن الحياة يكتشفها القليلون فقط
    بدر شاشا
  •  
    العسكرية عند الحاجب المنصور: دراسة من كتاب ...
    د. أمين يهوذا
  •  
    ذم الوسواس وأهله لابن قدامة المقدسي تحقيق أسامة ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    اللامساواة من منظور اقتصادي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

البراءة من الكافرين

البراءة من الكافرين
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/11/2023 ميلادي - 18/4/1445 هجري

الزيارات: 11465

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البراءة من الكافرين


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ، الْكَرِيمِ الْمَجِيدِ؛ عَقَدَ الْوَلَاءَ لَهُ وَلِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَالْبَرَاءَ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ الْخَلْقُ خَلْقُهُ، وَالْأَمْرُ أَمْرُهُ، وَالدِّينُ دِينُهُ، وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ، وَالْحِسَابُ عَلَيْهِ، لَا يَفِرُّ أَحَدٌ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ؛ فَمَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَ رِضَاهُ كَانَ مِنَ السُّعَدَاءِ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ دِينِهِ كَانَ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَخْرَجَ اللَّهُ بِهِ الْبَشَرَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَمِنَ الضَّلَالِ إِلَى الْهُدَى، وَمِنَ الْبَاطِلِ إِلَى الْحَقِّ، وَمِنَ الشَّرِّ إِلَى الْخَيْرِ؛ فَكَانَ النِّعْمَةَ الْكُبْرَى، وَالْمِنَّةَ الْعُظْمَى، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا دِينَهُ وَالْزَمُوهُ، وَاتْلُوا كِتَابَهُ وَتَدَبَّرُوهُ؛ فَإِنَّ الْفَوْزَ الْأَكْبَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي التَّمَسُّكِ بِالْإِسْلَامِ، وَتَحْقِيقِ الْإِيمَانِ، وَالصِّدْقِ فِي الِانْتِمَاءِ، وَإِنَّ الْخُسْرَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْإِعْرَاضِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ دِينِهِ؛ ﴿ قُلْ إِنَّ ‌الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الزُّمَرِ: 15].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ تَعَالَى وَالَاهُ، وَوَالَى أَوْلِيَاءَهُ، وَكَرِهَ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعَادَى أَعْدَاءَهُ، وَهَذَا مُعْتَقَدٌ مُسْتَقِرٌّ فِي الْفِطَرِ السَّوِيَّةِ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الْقُرْآنِيَّةُ وَالنَّبَوِيَّةُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَنْعَمَ عَلَى الْعَبْدِ بِالْخَلْقِ وَالْإِيجَادِ، وَالْكِفَايَةِ وَالرِّعَايَةِ؛ حَتَّى كَانَ بَشَرًا سَوِيًّا، وَكُلُّ خَيْرٍ يَصِلُ إِلَيْهِ فَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكُلُّ شَرٍّ دُفِعَ عَنْهُ فَاللَّهُ تَعَالَى دَفَعَهُ عَنْهُ، وَنِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَهِيَ مُتَتَابِعَةٌ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ وَآنٍ؛ فَهَذَا يُوجِبُ مَحَبَّتَهُ وَتَعْظِيمَهُ وَالْعُبُودِيَّةَ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَاتِّبَاعَ أَمْرِهِ، وَاجْتِنَابَ نَهْيِهِ. وَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَعْرَضَ عَنْ شَرِيعَتِهِ فَقَدْ نَاصَبَ اللَّهَ تَعَالَى الْعَدَاءَ، وَبَارَزَهُ بِالْمُحَارَبَةِ، وَعَانَدَهُ فِي أَمْرِهِ، وَخَالَفَهُ فِي شَرْعِهِ، فَمُقْتَضَى مَحَبَّةِ الْمُؤْمِنِ لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ هَذَا الَّذِي كَفَرَ وَعَانَدَ وَأَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ وَأَعْرَضَ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى عَدُوُّهُ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ ‌عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 98]، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الَّذِي كَفَرَ بِدِينِ الْإِسْلَامِ قَدْ رَضِيَ دِينَ الشَّيْطَانِ، وَاتَّخَذَهُ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ عَدَاوَةَ الشَّيْطَانِ لِلْإِنْسَانِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ ‌عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ ‌عَدُوًّا ﴾ [فَاطِرٍ: 6]، وَأَثْبَتَ سُبْحَانَهُ وِلَايَةَ الْكُفَّارِ لِلشَّيْطَانِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ﴾ [النِّسَاءِ: 76]، وَأَثْبَتَ سُبْحَانَهُ عَدَاوَتَهُمْ لَهُ وَلِأَهْلِ الْإِيمَانِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ‌وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ ‌عَدُوَّ اللَّهِ ‌وَعَدُوَّكُمْ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 60]، وَنَفَى سُبْحَانَهُ وِلَايَتَهُ عَنْهُمْ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كَانُوا ‌أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 34].

 

وَنَهَى سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ وِلَايَةِ الْكَافِرِينَ، وَتَوَعَّدَ بِالْعَذَابِ عَلَى ذَلِكَ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ ‌أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾ [النِّسَاءِ: 144]، أَيْ: حُجَّةً لِلَّهِ تَعَالَى فِي عَذَابِكُمْ، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى نَهَى عَنْ وَلَايَتِهِمْ وَمَوَدَّتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَعْدَاءُ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا ‌عَدُوِّي ‌وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الْمُمْتَحَنَةِ: 1]، وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى بَيَّنَ سُبْحَانَهُ بَرَاءَتَهُ مِمَّنْ وَالَاهُمَ وَأَعَانَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ ‌أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 28]، قَالَ الْإِمَامُ الطَّبَرِيُّ: «يَعْنِي بِذَلِكَ: فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ، وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ بِارْتِدَادِهِ عَنْ دِينِهِ، وَدُخُولِهِ فِي الْكُفْرِ».

 

وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الْوَثَنِيِّينَ، وَمِنْ كُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ فَإِنَّهُمْ عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا عَبَدَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحَ، وَجَعَلُوا اللَّهَ تَعَالَى ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ، وَعَبَدَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرًا؛ وَلِذَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ وَلَايَتِهِمْ جَمِيعًا، وَهَذَا يَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ ‌أَوْلِيَاءَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 57]، وَرُبَّمَا كَانَ تَوَلِّيهِمْ لِأَجْلِ قُوَّتِهِمْ، أَوْ لِوَضْعِ يَدٍ لَهُ عِنْدَهُمْ، أَوْ لِتَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ مِنْهُمْ، فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَحَكَمَ عَلَى مَنْ يَفْعَلُهُ لِمَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ بِمَرَضِ قَلْبِهِ بِالنِّفَاقِ عِيَاذًا بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ غَيْرِهِ، أَوْ تَقْلِيدًا لَهُ؟! فَمَا أَفْدَحَ خَسَارَتَهُ! فَهُوَ كَمَنْ يَبِيعُ بِدِينِهِ دُنْيَا غَيْرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ‌أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ ‌أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 51-52].

 

وَلَمَّا تَحَالَفَ يَهُودُ الْمَدِينَةِ مَعَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ فِي مَكَّةَ؛ عَابَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَعَدَّهُ نِفَاقًا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ يُؤْمِنُونَ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسَائِرِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيُؤْمِنُونَ بِالتَّوْرَاةِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَيْنَمَا الْمُشْرِكُونَ لَا يُؤْمِنُونَ بِأَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا بِكُتُبِهِمْ، فَكَيْفَ يُوَالُونَهُمْ وَيُنَاصِرُونَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ كَذَلِكَ، لَوْلَا مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ ‌أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 80-81].

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَالِهِمْ وَمَآلِهِمْ، وَنَسْأَلُهُ حُسْنَ الْعَاقِبَةِ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْمَحَبَّةُ الطَّبِيعِيَّةُ لِلْكَافِرِ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا مَوَالَاتُهُ؛ كَمَحَبَّةِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ الْكَافِرِ، أَوْ لِأُمِّهِ، أَوْ عَمِّهِ، أَوْ قَرِيبِهِ؛ وَلِذَا أَحَبَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ، وَحَرَصَ عَلَى إِسْلَامِهِ، وَلَكِنَّهُ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّكَ لَا ‌تَهْدِي ‌مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [الْقَصَصِ: 56]، وَكَذَلِكَ مَحَبَّةُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لِزَوْجَتِهِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ ‌مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الرُّومِ: 21]، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ مَوَالَاةُ الْكَافِرِ الْقَرِيبِ عَلَى الْمُسْلِمِ الْبَعِيدِ، وَإِذَا تَعَارَضَ الْوَلَاءُ قَدَّمَ الْمُؤْمِنُ مَوَالَاةَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَلَوْ كَانُوا أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ ‌إِنِ ‌اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ﴾ [التَّوْبَةِ: 23]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ ‌مَنْ ‌حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 22]، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقُّهُ سُبْحَانَهُ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْآبَاءِ وَالْإِخْوَانِ وَالْقَرَابَةِ وَكُلِّ أَحَدٍ؛ وَلِذَا تَبَرَّأَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَبِيهِ لَمَّا أَصَرَّ عَلَى الْكُفْرِ وَمَاتَ عَلَيْهِ؛ كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ﴾ [التَّوْبَةِ: 114]، وَكَانَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبَرَاءَتِهِ مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ قَوْمِهِ أُسْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ ‌مِنْكُمْ ‌وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [الْمُمْتَحَنَةِ: 4]، فَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ وَمِنْ شِرْكِهِمْ؛ ﴿ إِنَّا بُرَآءُ ‌مِنْكُمْ ‌وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ ﴾، فَلْيَحْذَرْ كُلُّ مُؤْمِنٍ أَنْ يُبْطِلَ إِيمَانَهُ وَصَلَاتَهُ وَأَعْمَالَهُ بِتَوَلِّي كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ؛ لِضَغِينَةٍ فِي قَلْبِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمُسْلِمِ؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ عَظِيمٌ، وَالْخَطْبَ كَبِيرٌ، وَهُوَ حَدٌّ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ، وَالْإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ، وَإِذَا أَبْطَلَ الْعَبْدُ إِيمَانَهُ فَمَاذَا يَبْقَى لَهُ؟!

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا)
  • جدال الكافرين بالقرآن الكريم
  • حكمة إدالة الكافرين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • اسم الله تعالى: المجيد (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخزي والذل على الكافرين(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تحريم الحلف بملة غير الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما يستثنى من الآنية وثياب الكفار والميتة من كتاب الفروع (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • التأثير المذهل للقرآن على الكفار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا لا يعاقب الله الكافرين والظالمين فورا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • درس في حكم موالاة الكافرين (WORD)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/4/1447هـ - الساعة: 15:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب