• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    انحراف الفكر مجلبة لسوء العمل
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    الحلوى في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الخل إدام وغذاء ودواء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات لشبكات ...
    د. حميد سيف قاسم ثابت القادري
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (12) كتاب ...
    محمد تبركان
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الهداية والعقل
    إبراهيم العامر
  •  
    مفهوم الإنسانية الحقة، في ميزان الله والخلق
    د. نبيل جلهوم
  •  
    الحبة السوداء شفاء من كل داء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    علي بن أبي طالب أبو الحسنين
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    العلاج بأبوال الإبل في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قراءات اقتصادية (62) كتب غيرت العالم
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    المزيد في شرح كتاب التوحيد لخالد بن عبدالله
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    من مائدة الصحابة: أبو عبيدة بن الجراح رضي الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    قراءات اقتصادية (61): اليهود والعالم والمال
    د. زيد بن محمد الرماني
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أوصاف القرآن الكريم: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا

أوصاف القرآن الكريم: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/6/2018 ميلادي - 20/9/1439 هجري

الزيارات: 27147

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أوصاف القرآن الكريم (10)

﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الْكَهْفِ: 1]، وَ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 1-2]، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ رَمَضَانَ جَنَّةً لِلْمُتَّقِينَ، وَجُنَّةً لِلصَّائِمِينَ، وَأُنْسًا لِلْمُتَهَجِّدِينَ، وَجَعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعًا لِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَخَيْرَ جَلِيسٍ لِلْقَارِئِينَ وَالْمُتَدَبِّرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَجْتَهِدُ فِي عَشْرِ رَمَضَانَ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا، وَكَانَ يَشُدُّ فِيهَا مِئْزَرَهُ، وَيُحْيِي لَيْلَهُ، وَيُوقِظُ أَهْلَهُ؛ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ؛ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَحْيُوا هَذِهِ اللَّيَالِيَ الْعَظِيمَةَ بِالتَّهَجُّدِ وَالدُّعَاءِ وَالْقُرْآنِ، وَاعْمُرُوا نَهَارَهَا بِالْبِرِّ وَالْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ، وَتَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ؛ فَطُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَهَا فَوُفِّقَ لَهَا، وَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهَا لَحْظَةً وَاحِدَةً، وَكَانَ مِنَ الْمَقْبُولِينَ، فَأَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا تَجِدُوا خَيْرًا ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 110].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُبَارَكَاتِ نَسْمَعُ الْقُرْآنَ كَثِيرًا، وَنَقْرَؤُهُ كَثِيرًا، وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، أَنْزَلَهُ لِيَهْتَدِيَ بِهِ الْبَشَرُ، وَكُلُّ كَلَامٍ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّمَا كَتَبَهُ بَشَرٌ لِبَشَرٍ، خَلَا الْوَحْيَ فَإِنَّهُ مِنَ اللَّهِ الْخَالِقِ الرَّازِقِ إِلَيْنَا، فَوَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَنِيَ بِهِ أَشَدَّ الْعِنَايَةِ، وَأَنْ نُفَرِّغَ لَهُ أَوْقَاتَنَا، وَأَنْ نُكْثِرَ مِنْ قِرَاءَتِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ.

 

وَقَدْ وُصِفَ الْقُرْآنُ بِأَنَّهُ رُوحٌ، وَالْأَجْسَادُ لَا تَحْيَا إِلَّا بِرُوحٍ، فَالْقُلُوبُ لَا تَحْيَا إِلَّا بِرُوحِهَا، وَرُوحُهَا الْإِيمَانُ، وَغِذَاؤُهَا الْقُرْآنُ؛ وَلِذَا وُصِفَ الْجَوْفُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ بِالْبَيْتِ الْخَرِبِ ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [النَّحْلِ: 2]؛ أَيْ: يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالْوَحْيِ الَّذِي بِهِ حَيَاةُ الْأَرْوَاحِ وَالْقُلُوبِ وَشِفَاؤُهَا وَغِذَاؤُهَا.

 

وَالَّذِي نَقَلَ الرُّوحَ وَهُوَ الْقُرْآنُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوحٌ أَيْضًا، وَهُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾ [النَّحْلِ: 102]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 193]؛ أَيْ: نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْقُرْآنِ. وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ جِبْرِيلُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 97].

 

وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَزَّلَ الْقُرْآنَ عَلَى الْبَشَرِ، وَجَعَلَهُ رُوحًا لَهُمْ لَمَاتَتْ قُلُوبُهُمْ، وَعَمِيَتْ بَصَائِرُهُمْ، وَتَاهُوا فِي أَوْدِيَةِ الضَّلَالِ، وَضَاعُوا فِي نَظَرِيَّاتِ الشَّكِّ وَالْإِلْحَادِ، وَلَتَغَشَّاهُمُ الْإِيمَانُ الْمُزَيَّفُ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالرُّكُونِ إِلَى الْأَوْهَامِ وَالْخُرَافَاتِ، فَضَاعَتْ حَيَاتُهُمْ فِي غَيْرِ طَائِلٍ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَا يُنْجِيهِمْ أَمَامَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْحِسَابِ؛ وَلِذَا خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَيِّنُ لَهُ أَثَرَ هَذَا الْقُرْآنِ فِي حَيَاةِ الْقُلُوبِ وَنُورِهَا وَهِدَايَتِهَا فَيَقُولُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ﴾ [الشُّورَى: 52].

 

وَاخْتِصَاصُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنَقْلِ وَحْيِ اللَّهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهِ؛ فَإِنَّ الْمُهِمَّ مِنَ الْأَشْيَاءِ لَا يُرْسَلُ بِهِ إِلَّا الْكُمَّلُ مِنَ الرُّسُلِ، وَكَذَلِكَ اخْتِصَاصُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ بِحِمْلِ الرِّسَالَةِ وَبَلَاغِهَا يَدُلُّ عَلَى شَرَفِهِمْ وَشَرَفِ مَا بَلَّغُوا؛ حَتَّى سُمُّوا رُسُلًا نِسْبَةً لِلرِّسَالَةِ الَّتِي يَحْمِلُونَهَا، وَهَذِهِ الْمُهِمَّةُ الشَّرِيفَةُ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَاصْطِفَاءٌ، وَلَيْسَتْ تُكْتَسَبُ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [غَافِرٍ: 15].

 

وَالْمُلَاحَظُ فِي كُلِّ الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا تَسْمِيَةُ الْقُرْآنِ رُوحًا، أَوْ وَصْفُ مَنْ يُبَلِّغُهُ بِالرُّوحِ؛ بَيَانُ الْأَغْرَاضِ مِنْ إِلْقَاءِ هَذَا الرُّوحِ عَلَى الْبَشَرِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ قُلُوبِهِمْ وَأَرْوَاحِهِمْ، وَسَعَادَتُهُمْ وَأُنْسُهُمْ وَنَجَاتُهُمْ:

فَمِنْهُ إِنْذَارُهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ دُونَ سِوَاهُ؛ وَلِذَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النَّحْلِ: 2]، وَبِنُزُولِ الرُّوحِ وَهُوَ الْقُرْآنُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 193-194].

 

وَمِنْهَا إِنْذَارُهُمْ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا دَارُ عَمَلٍ، وَالْآخِرَةَ دَارُ حِسَابٍ وَجَزَاءٍ، فَإِمَّا عَمَلٌ يَسُرُّ صَاحِبَهُ، وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِمَّا عَمَلٌ يَسُوءُهُ، وَيُدْخِلُهُ النَّارَ بِعَدْلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ﴾ [غَافِرٍ: 15]، وَيَوْمُ التَّلَاقِ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ؛ إِذْ يَلْتَقِي فِيهِ كُلُّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، وَيُحَاسَبُ عَلَيْهِ، وَيُجَازَى بِهِ.

 

وَمِنْ أَغْرَاضِ إِلْقَاءِ الرُّوحِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هِدَايَةُ الْبَشَرِ لِمَا يُرْضِي رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشُّورَى: 52]؛ أَيْ: جَعَلْنَا ذَلِكَ الرُّوحَ الَّذِي أَوْحَيْنَاهُ إِلَيْكَ نُورًا، فَسَمَّاهُ رُوحًا لِمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنَ الْحَيَاةِ، وَجَعَلَهُ نُورًا لِمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنَ الْإِشْرَاقِ وَالْإِضَاءَةِ، وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ؛ فَحَيْثُ وُجِدَتْ هَذِهِ الْحَيَاةُ بِهَذَا الرُّوحِ وُجِدَتِ الْإِضَاءَةُ وَالِاسْتِنَارَةُ، وَحَيْثُ وُجِدَتِ الِاسْتِنَارَةُ وَالْإِضَاءَةُ وُجِدَتِ الْحَيَاةُ، فَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ هَذَا الرُّوحَ فَهُوَ مَيِّتٌ مُظْلِمٌ.

 

وَمِنْ أَغْرَاضِ إِلْقَاءِ الرُّوحِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَثْبِيتُ الْقُلُوبِ عَلَى الْحَقِّ، وَتَبْشِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَنْتَظِرُهُمْ مِنَ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ، وَالْجَزَاءِ الْكَبِيرِ ﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النَّحْلِ: 102].

 

وَمَا أَحْوَجَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَا يُثَبِّتُهُمْ عَلَى الْحَقِّ فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي صَارَتْ فِيهِ الْفِتَنُ تَتَخَطَّفُ النَّاسَ فَتَحْرِفُهُمْ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتُلْقِي بِهِمْ فِي أَتُونِ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ. فَالرُّوحُ يَبُثُّ الْحَيَاةَ فِي الْقُلُوبِ فَتُقَاوِمُ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَتَثْبُتُ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ إِلَى أَنْ تَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى، فَتَجِدُ الْبَشَائِرَ تَنْتَظِرُهَا عِنْدَ رَبٍّ جَوَادٍ كَرِيمٍ قَدِيرٍ.

 

لَقَدْ نَقَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْقُرْآنِ مِنْ مَوْتِ الْجَهْلِ إِلَى حَيَاةِ الْعِلْمِ، وَأَحْيَاهُمْ بِهِ مِنْ مَوْتِ الضَّلَالِ، وَأَحْيَاهُمْ بِهِ مِنْ مَوْتِ الْإِلْحَادِ وَالْجُحُودِ، وَأَحْيَاهُمْ بِهِ مِنْ مَوْتِ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ، وَأَحْيَاهُمْ بِهِ مِنْ مَوْتِ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ. وَكُلُّ قَلْبٍ فِيهِ مِنَ الرُّوحِ وَالْحَيَاةِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ عِلْمًا وَعَمَلًا، فَلْنُقْبِلْ -عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى مَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِقُلُوبِنَا رُوحًا وَحَيَاةً وَنُورًا، وَلَا نَهْجُرُهُ أَوْ نَسْتَبْدِلُ غَيْرَهُ بِهِ؛ فَإِنَّهُ سَعَادَتُنَا وَنَجَاتُنَا، وَنَحْنُ مَسْئُولُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 43-44].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاغْتَنِمُوا مَا بَقِيَ مِنْ شَهْرِكُمْ؛ فَإِنَّهُ مَوْسِمُ رِبْحٍ يَكَادُ يَنْقَضِي ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الْحَجِّ: 77].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى لَكُمْ خِتَامَ الشَّهْرِ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ؛ لِتُطَهِّرَ الصَّائِمَ، وَتُرَقِّعَ مَا تَخَرَّقَ مِنَ الصِّيَامِ، وَيُطْعَمَ بِهَا الْمَسَاكِينُ، وَيَفْرَحُوا يَوْمَ الْعِيدِ، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَتُخْرَجُ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَالسُّنَّةُ إِخْرَاجُهَا بَعْدَ صَلَاةِ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ.

 

وَاحْذَرُوا -عِبَادَ اللَّهِ- الْمُنْكَرَاتِ فِي الْعِيدِ؛ فَإِنَّ الْمَعَاصِيَ وَالْمُجَاهَرَةَ بِهَا سَبَبٌ لِرَفْعِ الْأَمْنِ وَالرِّزْقِ، وَحُلُولِ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ، وَسَلُوا اللَّهَ تَعَالَى الْقَبُولَ، وَأَحْسِنُوا خِتَامَ الشَّهْرِ؛ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ.

 

وَلَا تَهْجُرُوا الْمَسَاجِدَ وَالْقُرْآنَ بَعْدَ رَمَضَانَ، وَكَيْفَ يَهْجُرُ الْمَسْجِدَ وَالْقُرْآنَ مُؤْمِنٌ، وَالْمَسْجِدُ صِلَتُهُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْقُرْآنُ رُوحُ قَلْبِهِ وَحَيَاتُهُ، وَنَمَاءُ إِيمَانِهِ وَزِيَادَتُهُ؟! ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 2].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أوصاف القرآن الكريم (4)
  • أوصاف القرآن الكريم (5)
  • أوصاف القرآن الكريم (6)
  • أوصاف القرآن الكريم (7)
  • (ولقد أنزلنا إليك آيات بينات) أوصاف القرآن الكريم (9)
  • أوصاف القرآن الكريم (1)
  • أوصاف القرآن الكريم (2)
  • أوصاف القرآن الكريم (14): ﴿ تلك آيات الكتاب الحكيم ﴾ (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من طرق استثارة المعاني والأفكار(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تفسير قوله تعالى: ( إِنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوصاف القرآن الكريم (17) {كتابا متشابها مثاني}(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • خطبة: أوصاف القرآن الكريم (16): {تلك آيات الكتاب}(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (15) { الله نزل أحسن الحديث }(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (13) (والكتاب المبين)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن (3) الكريم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أوصاف القرآن الكريم (12) (والقرآن المجيد)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • وإنه لكتاب عزيز (أوصاف القرآن الكريم 11)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/3/1447هـ - الساعة: 11:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب