• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منشأ المنظومة الأخلاقية عند البشر معرفيا
    غازي أحمد محمد
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: منهج السماحة
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    تخليل الأصابع حماية من الفطريات
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)
    بكر البعداني
  •  
    العناية بالقدمين في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    العناية بالأظافر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قراءات اقتصادية (60) نهب الفقراء
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    الوسطية منهج وقيمة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    قراءات اقتصادية (59) الثلاثة الكبار في علم ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    سيرة المحدث المربي فضيلة الشيخ الدكتور خلدون ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    فوائد البنوك: الخطر الذي يهدد العالم
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: تصنيف ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    إزالة الأذى والسموم من الجسوم في الطب النبوي
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ذواقة العربية ... وهب رومية
    د. مقبل التام الأحمدي
  •  
    مائدة الصحابة: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الذكاء الاصطناعي والعلم الشرعي
    أيمن ناسيلا سيد حسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

غزوة حمراء الأسد والرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وغزوة بني المصطلق

غزوة حمراء الأسد والرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وغزوة بني المصطلق
أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/5/2024 ميلادي - 9/11/1445 هجري

الزيارات: 3237

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غَزْوَةُ حَمْرَاءِ الأَسَدِ وَالرَّجِيْعِ وَرَعْلٍ وَذَكْوَانَ

وَبِئْرِ مَعُونَةٍ، وَغَزْوَةُ بَنِي المُصْطَلَقِ

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زِلْتُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَنْتَقِلُ بِكُمْ فِي رِيَاضِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ -عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

 

وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ «غَزْوَةُِ حَمْرَاءِ الأَسَدِ وَالرَّجِيْعِ وَرَعْلٍ، وَذَكْوَانَ وَبِئْرِ مَعُونَةٍ، وَغَزْوَةُ بَنِي المُصْطَلَقِ».

فَأَمَّا حَمْرَاءُ الأَسَدِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْفَقَ مِنْ عَوْدَةِ قُرَيْشٍ إِلَى المَدِيْنَةِ فَنَدَبَ المُسْلِمِيْنَ إِلَى النُّهُوضِ فِي أَثَرِهِمْ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَكَانُوا مُثْقِلِيْنَ بِالجُرُوْحِ، حَتَّى بَلَغُوا حَمْرَاءَ الأَسَدِ، فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[1]، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: يَا بْنَ أُخْتِي، كَانَ أَبُوكِ مِنْهُمُ، الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ، تَعْنِي مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيْهِمْ: ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيم ﴾ [آل عمران: 172].

 

لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا، قَالَ: مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ؟ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ».

 

ثُمَّ بَعَثَ الرَّجِيْعِ بَعْدَ أُحُدٍ؛ إِذْ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ، جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لَحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ، وَأَحَاطَ بِهِمْ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ كَمَا فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [2]، مِنْ حَدِيْثِ أَبَي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمْ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وَلَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا، قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمَّا أَنَا فَوَاللهِ لَا أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الْأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ.

 

فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللهِ لَا أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِي فِي هَؤُلَاءِ لَأُسْوَةً، يُرِيدُ الْقَتْلَى فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ.

 

فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَاتِلُ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالَتْ: فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي، فَقَالَ: تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنْ اللهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا.

 

فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا، اللهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا.

وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا
عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

 

فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا، فَاسْتَجَابَ اللهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا.

 

ثُمَّ إِنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ، يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ، كَمَا جَاءَ فِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[3]، مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانُ مِنْ بَنِي سَلِيمٍ، رَعْلٍ وَذَكْوَانَ، عِنْدَ بِئْرٍ يُقَالُ لَهَا: بِئْرُ مَعُونَةَ، فَقَالَ الْقَوْمُ: مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا إِنَّمَا نَحْنُ مُخْتَارُونَ فِي حَاجَةِ نَبِيِّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَتَلُوهُمْ، فَدَعَا نَبِيُّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ شَهْرًا فِي صَلاةِ الْغَدَاةِ، وَذَلِكَ بِدْءُ الْقُنُوتِ وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ.

 

ثُمَّ وَقَعَتْ غَزْوَةُ بَنُو المُصْطَلِقِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَبَنُو المُصْطَلِقِ- أَيُّهَا النَّاسُ - بَطْنٌ مِنْ قَبِيْلَةِ خُزَاعَة الأَزَدِيَّةِ اليَمَانِيَّةِ، وَكَانُوا يَسْكُنُونَ قَدِيْدًا، وَعَسْفَانَ عَلَى الطَّرِيْقِ مِنَ المَدِيْنَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَقَدِيْدُ تَبْعُدُ عَنْ مَكَّةَ مِائَةٍ وَعِشْرِيْنَ كَيْلًا، وَعَسْفَانُ تَبْعُدُ ثَمَانِيْنَ كَيْلًا، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ كَيْلًا.

 

وَكَانُوا يَعْتَرُونَ فِي حَرْبٍ مَعَ المُسْلِمِيْنَ مُنْذُ اشْتِرَاكِهِمْ مَعَ قُرَيْشٍ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، كَمَا كَانُوا يَجْمَعُونَ الجُمُوعُ لِحَرْبِ المُسْلِمِيْنَ، فَغَارَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ غَارُونَ أَيْ وَهُمْ عَلَى غَفْلَةٍ فَانْهَزَمُوا وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ وَأَخَذَ المُسْلِمُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، فَتَمَّتْ قِسْمَةُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ.

 

فِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[4]، مِنْ حَدِيْثِ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَهُمْ، وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ».

 

وَتُسَمَّى غَزْوَةُ بَنُو المُصْطَلِقِ - أَيُّهَا النَّاسُ - بِغَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عِنْدَ مَاءِ الْمُرَيْسِيعِ.

 

وَكَانَتَ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَبْلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مُسَافِعِ بْنِ صَفْوَانَ المُصْطَلِقِي[5]، قُتِلَ كَافِرًا سُبِيَتْ يَوْمَ الْمُرَيْسِيعِ.

 

فَفِي «مُسْنَدِ» أَحْمَدُ، وَسُنَنِ أَبِي دُاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ سُنَنِ أَبِي دُاوُدَ»[6]، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ، أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَّاحَةً - أَيْ: شَدِيْدَةَ المَلاحَةِ والحُسْنِ، أَمْلَحَ مِنَ المَلِيْحَةِ -، لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا.

 

قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: فَوَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي فَكَرِهْتهَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رَأَيْتُ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ، سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْبَلَاءِ، مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَوَقَعْتُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ، أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِي، فَجِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِي.

 

قَالَ: فَهَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أَقْضِي عَنْكَ كِتَابَتكَ وَأَتَزَوَّجُكَ ؛ قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ ؛ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ.

 

قَالَتْ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: وَخَرَجَ الْخَبَرُ إلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ، فَقَالَ النَّاسُ: أَصْهَارُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ، قَالَتْ: فَلَقَدْ أُعْتِقَ بِتَزْوِيجِهِ إيَّاهَا مِئَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ عَلَى قَوْمِهَا بَرَكَةً مِنْهَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

كَشْفُ المَنَافِقِيْنَ عَنْ حِقْدِهِمْ:

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، أَمَّا بَعْدُ:

فَتَقَدَّمَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ «غَزْوَةُِ حَمْرَاءِ الأَسَدِ وَالرَّجِيْعِ وَرَعْلٍ، وَذَكْوَانَ وَبِئْرِ مَعُونَةٍ، وَغَزْوَةُ بَنِي المُصْطَلَقِ»، وَالآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ «كَشْفُ المَنَافِقِيْنَ عَنْ حِقْدِهِمْ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ لَقَدْ كَشَفَ المُنَافِقُونَ عَنِ الحِقْدِ الَّذِي يُضْمِرُونَهُ لِلإِسْلَامِ، فَكُلَّمَا كَسَبَ الإِسْلَامُ نَصْرًا جَدِيْدًا ازْدَادُوا غَيْظًا عَلَى غَيْظِهِمْ، وَقُلُوبُهُمْ تَتَطَلَّعُ إِلَى اليَوْمِ الَّذِي يُهْزَمُ فِيْهَ المُسْلِمُونَ لِتَشْتِفِيَ مِنَ الغِلِّ، فَلَمَّا انْتَصَرَ المُسْلِمُونَ فِي غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، وَعِنْد مَاءِ الْمُرَيْسِيْعِ كَشَفَ المُنَافِقُونَ عَنِ حِقْدِهِمْ.

 

وَلْنَدَعَ الصَّحَابِيَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَحْكِي خَبَرَ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[7]، قَالَ: كُنْتُ فِي غَزَاةٍ- أَيّ غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ[8]- فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ يَقُولُ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، وَلَئِنْ رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ» فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي - أَي: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، هُوَ رَأْسُ الْخَزْرَجِ وَلَيْسَ عَمَّهُ حَقِيقَةً - وإِمَّا عُمَرَ - فَهُوَ ابْنِ الْخَطَّابِ[9]- فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَكَذَّبَنِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَدَّقَهُ.

 

فَأَصَابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ لِي عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَقَتَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ ﴾ [المُنَافِقُونَ:1] [10]، فَبَعَثَ إِلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَرَأَ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ».

 

وَيَحْكِي جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - مَا حَدَثَ فِي مَاءِ الْمُرَيْسِيْعِ فَقَالَ كَمَا جَاءَ فِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[11]: «كُنَّا فِي غَزَاةٍ قَالَ: سُفْيَانُ يَرَوْنَ أَنَّهَا غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، -أَيْ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ- فَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لِلْأَنْصَارِ فَسَمِعَ ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ»، قَالُوا: رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، فَسَمِعَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ فَقَالَ: أَوَقَدْ فَعَلُوهَا، وَاللهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ».

 

وَبَعْدَ فَشَلِ مُحَاوَلَةِ المُنَافِقِيْنَ فِي إِثَارَةِ العَصَبِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَعْمَاهُمْ الغَضَبُ وَأَتَتْهُمُ الفُرْصَةُ لِإِيْذَاءِ الرَّسُولِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - كَمَا جَاءَ فِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[12]: «قَدْ خَرَجَتْ مَعَهُ إِلَى غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَذََلِكَ بَعْدمَا شَرَعَ اللهُ الحِجَابِ لِلنِّسَاءِ، وَفِي طَرِيقِ العَوْدَةِ عِنْدَمَا اقْتَرَبَ المُسْلِمُونَ مِنَ المَدِيْنَةِ نَزَلَتْ مِنْ هَوْدَجِ البَعِيْرِ لِبَعْضِ شَأْنِهَا، فَلَمَّا عَادَتْ افْتَقَدَتْ عِقْدًا لَهَا، فَرَجَعَتْ تَبْحَثُ عَنْهُ، فَحَمَلَ الرِّجَالُ هَوْدَجَهَا فَوَضَعُوهَا عَلَى البَعِيْرِ وَهُمْ يَحْسَبُونَهَا فِيْهِ - إِذْ كَانَتْ صَغِيْرَةً خَفِيْفَةً - وَمَضَى المُسْلِمُونَ إِلَى المَدِيْنَةِ تَارِكِيْهَا فِي البَيْدَاءِ وَقَدْ وَجَدَتْ عِقْدَهَا وَفَقَدَتِ الرَّكْبَ، فَمَكَثَتْ فِي مَكَانِهَا تَنْتَظِرُ أَنْ يَعْرِفُوا خَبَرَهَا وَيَعُودُوا إِلَيْهَا، فَمَرَّ بِهَا صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيِّ وَهُوَ مِنْ خَيْرِ الصَّحَابَةِ، فَحَمَلَهَا عَلَى بَعِيْرِهِ، وَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى المَدِيْنَةِ فَوَصَلَ إِلَيْهَا بَعْدَ دُخُولِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ اسْتَغَلَّ المُنَافِقُونَ هَذَا الحَادِثَ وَنَسَجُوا حَوْلَهْ، وَتَوَلَّى ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ، وَأَغْرَى بِالكَلَامِ مِسْطَحُ بْنَ أُثَاثَةَ، وَحَسَّانُ بْنَ ثَابِتٍ، وَحَمْنَةُ بِنْتَ جَحْشٍ، فَاتُّهِمَتْ عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ بِالإِفْكِ.

 

وَضَاقَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَرْعًا بِدِعَايَاتِ المُنَافِقِيْنَ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ لِلمُسْلِمِيْنَ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي المَسْجِدِ مُعْلِنًا ثِقَتَهُ بِزَوْجَتِهِ وَبِالصَّحَابِيِّ صَفْوَانَ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيِّ، وَقَدْ أَبْدَى سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ اسْتِعْدَادَهُ لِيَقْتِلَ مَنْ يُرَوِّجُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مِنَ الخَزْرَجِ، فَأَظْهَرَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مُعَارَضَتَهُ لِسَعْدٍ بْنِ مُعَاذٍ، لِأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ مِنَ الخَزْرَجِ، حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَقَعَ الفِتْنَةُ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدَّأَهُمْ.

 

وَمَرَضَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - فَاسْتَأْذَنَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الذِّهَابِ إِلَى بَيْتِ أَبِيْهَا، فَأَذِنَ لَهَا ثُمَّ عَلِمَتْ بِخَبَرِ الإِفْكِ، فَكَانَتْ لاَ يَرْقَأُ لَهَا دَمْعٌ، وَلاَ تَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَهِيَ تَنْتَظِرُ أَنْ يُعْلِمَ اللهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَرَاءَتِهَا بِرُؤْيَا صَادِقَةٍ، وَقَدْ انْقَطَعِ الوَحْيَ شَهْرًا، عَانَى خِلاَلَهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَدَّ المُعَانَاةِ، فَقَدْ طَعَنَهُ المُنَافِقُونَ فِي عِرْضِهِ وَآذُوهُ فِي زَوْجِهِ، وَلاَ شَكَّ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَلَّعُ إِلَى الوَحِيِ وَهُوَ فِي أِشَدِّ الحَاجَةِ إِلَيْهِ وَلْتَطْمَئِنَّ نَفْسُهُ، وَيُخْرِسَ أَلْسُنَ النِّفَاقِ، وَيَذُبَّ عَنْ زَوْجِهِ الحَبِيْبَةِ وَأَبِيْهَا الَّذِي كَانَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْهِ.

 

ثُمَّ نَزَلَ الوَحْيُ بِقَوْلِهِ -تَعَالَى -:﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 11 - 18][13].

 

اللهُمَّ إِنا نَعُوذُ بِكَ مِنَ النفَاقِ، اللهُمَّ إِنا نَعُوذُ بِكَ مِنَ النفاقِ، اللهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ النفاقِ، اللهُمَّ يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالأَبْصَارِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا على طَاعَتِكَ، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، ولا تَفْتِنَّا فِي دِيْنِنَا، وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 

اللهُمَ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4077)، وَمُسْلِمٌ (2418).

[2] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3045).

[3] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4088)، وَمُسْلِمٌ (677).

[4] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (2541)، وَمُسْلِمٌ (1730).

[5] «طَبَقَاتُ ابْن سَعْدٍ» (8/116)، وَ«مُسْتَدْرِكُ الحَاكِمِ» (4/646).

[6] (حَسَنٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (6/277)، وَأَبُو دُاوُدَ (3931)، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيْحِ سُنَنِ أَبِي دُاوُدَ» (3327).

[7] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4900)، وَمُسْلِمٌ (2772).

[8] صَرَّحَتْ الرِّوَايَاتُ الأُخْرَى بِأَنَّهَا غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلِقِ، انْظُرْ: «المُسْنَدُ» (3/392-393) بِسَنَدْ صَحِيْحٍ، وَ«فَتْحُ البَارِيِّ» (8/649).

[9] «فَتْحُ البَارِيِّ» (8/645).

[10] (صَحِيْحٌ) انْظُرْ: «سُنَن التِّرْمِذِيِّ» (3312).

[11] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3518)، وَمُسْلِمٌ (2584).

[12] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4750)، وَمُسْلِمٌ (2/2770).

[13] انْظُرْ: «السِّيْـرَةُ الَّبَوِيَّة الصَّحِيْحَةِ» لِلعِمَرِي (408-411) بِتَصَرُّفٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصة غزوة حنين
  • غزوة بدر
  • غزوة بني قريظة في ذي القعدة وصدر من ذي الحجة سنة خمس من الهجرة
  • غزوة خالد بن الوليد بني جذيمة
  • غزوة هوازن "حنين"
  • القرآن يذكر غزوة حنين
  • غزوة الطائف
  • كيف سارت عملية توزيع غنائم غزوة الطائف؟

مختارات من الشبكة

  • تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: غزوة حمراء الأسد وجهاد المسلمين في غزة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة حمراء الأسد(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • غزوة حمراء الأسد: أحداث ودلالات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: نهى عن متعة النساء، وعن أكل الحمر الأهلية يوم خيبر(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حديث: أن أكفئوا القدور ولا تأكلوا من لحوم الحمر الأهلية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: نهى عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • تخريج حديث: أنتوضأ بما أفضلت الحمر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حديث: إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/1/1447هـ - الساعة: 15:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب