• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منشأ المنظومة الأخلاقية عند البشر معرفيا
    غازي أحمد محمد
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: منهج السماحة
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    تخليل الأصابع حماية من الفطريات
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)
    بكر البعداني
  •  
    العناية بالقدمين في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    العناية بالأظافر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قراءات اقتصادية (60) نهب الفقراء
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    الوسطية منهج وقيمة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    قراءات اقتصادية (59) الثلاثة الكبار في علم ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    سيرة المحدث المربي فضيلة الشيخ الدكتور خلدون ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    فوائد البنوك: الخطر الذي يهدد العالم
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: تصنيف ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    إزالة الأذى والسموم من الجسوم في الطب النبوي
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ذواقة العربية ... وهب رومية
    د. مقبل التام الأحمدي
  •  
    مائدة الصحابة: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الذكاء الاصطناعي والعلم الشرعي
    أيمن ناسيلا سيد حسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة: من أسباب التوفيق والخذلان

خطبة: من أسباب التوفيق والخذلان
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/12/2018 ميلادي - 30/3/1440 هجري

الزيارات: 52967

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: من أسباب التوفيق والخذلان

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لِلمَرءِ في حَيَاتِهِ حَاجَاتٌ وَغَايَاتٌ، يَتَطَلَّعُ إِلَيهَا وَيَسعَى لِتَحقِيقِهَا، وَأَهدَافٌ وَمَآرِبُ يَطمَحُ إِلى نَيلِهَا وَالوُصُولِ إِلَيهَا، وَكَم يُتعِبُ أُنَاسٌ أَنفُسَهُم لِتَحقِيقِ مَا يُرِيدُونَ فَلا يَكُونُ، وَلا يَبذُلُ آخَرُونَ نِصفَ مَا بَذَلَ أُولَئِكَ فَيُوَفَّقُونَ، وَقَد يَتَسَاءَلُ هَؤُلاءِ أَو أُولَئِكَ، أَو غَيرُهُم مِمَّن يَدرُسُ حَيَاةَ النَّاسِ وَيَسبُرُ أَغوَارَهَا، مَا سِرُّ نَجَاحِ أَفرَادٍ مِنَ النَّاسِ دُونَ كَثِيرِ عَنَاءٍ مِنهُم، وَفَشَلِ آخَرِينَ مَعَ مَا بَذَلُوا وَقَدَّمُوا وَأَخَّرُوا؟! فَيُقَالُ: إِنَّ وَرَاءَ ذَلِكَ أَسرَارًا كَثِيرَةً، أَعظَمُهَا سِرٌّ يُقَالُ لَهُ القَدَرُ، نَعَم، قَدَرُ اللهِ وَقَضَاؤُهُ، حَيثُ عَلِمَ - سُبحَانَهُ - مَن هُوَ أَهلٌ لِلتَّوفِيقِ فَوَفَّقَهُ، وَمَن لَيسَ كَذَلِكَ فَخَذَلَهُ، وَكَتَبَ ذَلِكَ وَهُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ قَبلَ خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ [الأحزاب: 38] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمُ، فَقَالَ لَهُ: اكتُبْ. قَالَ: مَا أَكتُبُ؟ قَالَ: اُكتُبِ القَدَرَ، مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلى الأَبَدِ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمَعَ هَذَا - أَيُّهَا الإِخوَةُ - فَإِنَّ لِلعَبدِ أَثَرًا فِيمَا يَحصُلُ لَهُ مِن تَوفِيقٍ أَو خِذلانٍ، وَهُوَ سِرٌّ آخَرُ قَد لا يَحسِبُ لَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ حِسَابًا صَحِيحًا، حَيثُ يَعتَمِدُونَ عَلَى ظَوَاهِرَ مِنَ الأُمُورِ، وَيَتَّخِذُونَ أَسبَابًا مَادِّيَّةً بَحتَةً، وَيَتَّكِلُونَ عَلَى أَنفُسِهِم أَو عَلَى غَيرِهِم مِنَ النَّاسِ، مِمَّن يَرَونَ فِيهِم عَونًا لهم وَقُدرَةً عَلَى قَضَاءِ حَاجَاتِهِم، بَينَمَا يَسلُكُ المُوَفَّقُونَ في الجَانِبِ الآخَرِ طُرُقًا أُخرَى خَفِيَّةً وَنَاعِمَةً، لا يَرفَعُ بها أُولَئِكَ الجَهَلَةُ رَأسًا وَلا يَهتَمُّونَ بها، غَافِلِينَ عَن كَونِهَا قُوًى عَظِيمَةً كَامِنَةً، وَأَسرَارًا لَطِيفَةً مِنَ الأَسرَارِ الَّتي أَودَعَهَا اللهُ في هَذَا الكَونِ الوَاسِعِ، وَالَّذِي لا يَكُونُ فِيهِ إِلاَّ مَا يُرِيدُهُ اللهُ، كَمَا قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لابنِ عَبَّاسٍ في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ: "وَاعلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجتَمَعَتْ عَلَى أَن يَنفَعُوكَ بِشَيءٍ لم يَنفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجتَمَعُوا عَلَى أَن يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لم يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيكَ، رُفِعَتِ الأَقلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ" نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - قَد يُوَفِّقُ اللهُ عَبدَهُ وَيُلهِمُهُ مَا فِيهِ خَيرٌ لَهُ في دِينِهِ وَدُنيَاهُ، وَيُنجِحُهُ فِيمَا يَسعَى إِلَيهِ وَيُسَدِّدُ خُطَاهُ، وَقَد تَكُونُ الأُخرَى فَيُخذَلُ العَبدُ وَيَتَخَلَّى رَبُّهُ عَنهُ وَلا يُعَانُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [آل عمران: 160] وَإِذَا كَانَ اللهُ - تَعَالى - هُوَ النَّاصِرَ لِلمُتَوَكِّلِ عَلَيهِ، فَإِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ خِذلانًا هُم أَتبَاعُ الشَّيطَانِ، الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ فِيمَا يُملِيهِ عَلَيهِم وَيَأمُرُهُم بِهِ، وَيُصَدِّقُونَهُ فِيمَا يَقذِفُهُ في نُفُوسِهِم، وَيَتَعَلَّقُونَ بِهِ مِن دُونِ اللهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾ [الإسراء: 22] أَيْ مَذمُومًا لا حَامِدَ لَكَ، مَخذُولاً لا نَاصِرَ لَكَ، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 29].

 

وَمِن أَهَمِّ الأَسبَابِ الَّتي يَكُونُ بها التَّوفِيقُ أَوِ الخِذلانُ، نِيَّةُ العَبدِ وَقَصدُهُ، وَمَا يَقَعُ في قَلبِهِ قَبلَ إِقدَامِهِ عَلَى مَا يُرِيدُهُ، وَعَلَى قَدرِ نِيَّةِ العَبدِ وَحُسنِ مُرَادِهِ أَو سُوءِ رَغبَتِهِ، يَكُونُ تَوفِيقُهُ وَإِعَانَتُهُ، أَو خذلانُهُ وَفَشَلُهُ، فَالمَعُونَةُ مِنَ اللهِ تَنزِلُ عَلَى العِبَادِ بِقَدرِ نَيِّتِهِمُ الخَيرَ وَرَغبَتِهِم فِيهِ، وَالخِذلانُ يَنزِلُ عَلَيهِم عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ، وَمَن صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ اللهُ، وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: "إِنَّمَا الأَعمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى" وَإِنَّهُ لَفَرقٌ بَينَ امرِئٍ طَاهِرِ القَلبِ زَكِيِّ النَّفسِ، سَلِيمِ الصَّدرِ يُرِيدُ مَا عِندَ اللهِ، وَآخَرَ مَدخُولٍ في نِيَّتِهِ، شَاكٍّ مُرتَابٍ، هَمُّهُ الدُّنيَا وَمَكَاسِبُهَا، فَهُوَ لِهَذَا يَتبَعُ هَوَى نَفسِهِ، وَيَتَرَبَّصُ الشَّرَّ بِغَيرِهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [ص: 26] أَيْ: لا تَمِلْ مَعَ أَهوَاءِ نَفسِكَ وَحُظُوظِهَا، فَيَصرِفَكَ اللهُ عَنِ الدَّلائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى الحَقِّ. وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ غِنَاهُ في قَلبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَملَهُ، وَأَتَتهُ الدُّنيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَن كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ فَقرَهُ بَينَ عَينَيهِ، وَفَرَّقَ عَلَيهِ شَملَهُ، وَلم يَأتِهِ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَهَكَذَا - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - مَن عَلِمَ اللهُ - سُبحَانَهُ - مِن قَلبِهِ أَنَّهُ مَحَلٌّ لِلخَيرِ وَفَّقَهُ إِلَيهِ، وَمَن عَلِمَ أَنَّهُ خِلافُ ذَلِكَ خَذَلَهُ وَأَهَانَهُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنفال: 22، 23].

 

وَمِن أَسبَابِ التَّوفِيقِ وَالخِذلانِ الطَّاعَاتُ وَالمَعَاصِي؛ فَمَن أَطَاعَ اللهَ هَدَاهُ وَزَادَهُ مِن فَضلِهِ وَأَصلَحَ لَهُ شَأنَهُ، وَمَن عَصَاهُ أَعمَى بَصِيرَتَهُ وَطَمَسَ نُورَ قَلبِهِ، وَسَدَّ عَنهُ طُرُقَ التَّوفِيقِ وَحَجَبَهُ عَن مَوَارِدِ الهِدَايَةِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [الأحزاب: 70، 71] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30] وَمَتى عَرَفَ العَبدُ قَدَرَ نِعمَةِ اللهِ عَلَيهَ فَشَكَرَهَا، أَدَامَهَا اللهُ عَلَيهِ وَزَادَهُ مِنهَا، وَوَفَّقَهُ إِلى تَحصِيلِ غَيرِهَا، وَإِلاَّ عَذَّبَهُ وَخَذَلَهُ بِكُفرِهِ وَجُحُودِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7] وَمِن أَسبَابِ التَّوفِيقِ وَالخِذلانِ الدُّعَاءُ لِلعَبدِ أَو عَلَيهِ، مِنَ المُسلِمِينَ عَامَّةً، وَمِنَ الوَالِدَينِ خَاصَّةً، وَقَد نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدُّعَاءِ عَلَى النَّفسِ أَوِ الوَلَدِ أَوِ المَالِ؛ لأَنَّ ذَلِكَ مِن أَسبَابِ الخِذلانِ وَعَدَمِ التَّوفِيقِ وَنَزعِ البَرَكَةِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "لا تَدعُوا عَلَى أَنفُسِكُم، وَلا تَدعُوا عَلَى أَولادِكُم، وَلا تَدعُوا عَلَى أَموَالِكُم، لا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَستَجِيبُ لَكُم" رَوَاهُ مُسلِمٌ. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَتَحَرَّ دُعَاءَ الصَّالِحِينَ وَالوَالِدَينِ، وَالحَذَرَ مِن ظُلمِ مَن لا نَاصِرَ لَهُ إِلاَّ اللهُ، مِمَّن يَرفَعُ يَدَيهِ في ظُلمَةِ اللَّيلِ عَلَى ظَالِمِهِ وَيَدعُو عَلَى هَاضِمِهِ، وَلْنَسأَلِ اللهَ التَّوفِيقَ في كُلِّ شَأنٍ مِن شُؤُونِنَا وَإِن صَغُرَ؛ فَإِنَّ مَنَ وَكَلَهُ اللّهُ إِلى نَفسِهِ أَو إِلى النَّاسِ، وَكَلَهُ إِلى ضَيعَةٍ وَعَجَزٍ، وَقَد كَانَ مِن دُعَاءِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "اللَّهُمَّ لا تَكِلْني إِلى نَفسِي طَرفَةَ عَينٍ، وَأَصلِحْ لي شَأني كُلَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ".

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ وَلا تَكفُرُوهُ، وَكُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُم، وَانصُرُوهُ يَنصُرْكُم ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، قَد يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ الحَدِيثَ عَنِ التَّوفِيقِ وَالخِذلانِ حَدِيثٌ لِلدُّنيَا وَمَا فِيهَا مِن مُكتَسَبَاتٍ زَائِلَةٍ، مِن مَالٍ وَجَاهٍ وَمَنصِبٍ، وَهَذَا وَإِن كَانَ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ التَّوفِيقُ وَالخِذلانُ، فَإِنَّ التَّوفِيقَ وَالخِذلانَ أَعَمُّ مِن ذَلِكَ، وَأَهَمُّهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَمرِ الآخِرَةِ وَالفَوزِ فِيهَا أَوِ الخُسرَانِ، فَشُهُودُ صَلاةِ الفَجرِ مَعَ الجَمَاعَةِ، وَأَدَاءُ الصَّلَوَاتِ الخَمسِ مَعَ المُسلِمِينَ في بُيُوتِ اللهِ، وَالمُحَافَظَةُ عَلَى النَّوَافِلِ وَالتَّزَوُّدُ مِنهَا، وَكَثرَةُ قِرَاءَةِ القُرآنِ وَدَوَامُ ذِكرِ اللهِ، وَمُتَابَعَةُ الإِنفَاقِ في وُجُوهِ الخَيرِ وَدَعمِ مَشرُوعَاتِ البِرِّ، وَبِرُّ الوَالِدَينِ وَصِلَةُ الأَرحَامِ وَالإِحسَانُ إِلى الجِيرَانِ، وَمَحَبَّةُ النَّاسِ لِلمَرءِ، وَحُسنُ خُلُقِهِ في تَعَامُلِهِ، وَصِدقُهُ في بَيعِهِ وَشِرَائِهِ، وَإِعطَاؤُهُ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، كُلُّ تِلكُم وَأَمثَالُهَا، هِيَ مِمَّا يَدخُلُ فِيهَا التَّوفِيقُ وَالخِذلانُ، فَمَنِ اهتَدَى وَتَحَرَّى الخَيرَ زَادَهُ اللهُ هُدًى، وَمَن أَعرَضَ وَنَسِيَ اللهَ، نَسِيَهُ اللهُ وَتَخَلَّى عَنهُ، وَهَكَذَا تَجِدُ النَّاسَ مُوَفَّقًا وَمَخذُولاً، لا لِشَيءٍ مِنَ الأَسبَابِ المَادِّيَّةِ الَّتي تَرَاهَا أَمَامَكَ ظَاهِرَةً، وَلَكِنْ لأَسبَابٍ لَطِيفَةٍ خَفِيَّةٍ، فَقَد تُوَفَّقُ امرَأَةٌ وَيُخذَلُ رَجُلٌ، وَيُوَفَّقُ شَابٌّ وَيُخذَلُ كَهلٌ، وَيُهدَى وَضِيعٌ ضَعِيفٌ وَيُضَلُّ رَفِيعٌ شَرِيفٌ، وَيُبَارَكُ لِمَن قَلَّ مَالُهُ وَقُدِرَ عَلَيهِ رِزقُهُ، وَتُمحَقُ بَرَكَةُ ثرِيٍّ غَنيٍّ مَلِيءٍ، وَهَكَذَا مَا يُوكَلُ أَحَدٌ إِلى حَولِهِ وَقُوَّتِهِ إِلاَّ خُذِلَ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدٍ خَيرًا وَتَوفِيقًا دَلَّهُ عَلَى طَرِيقِ التَّوفِيقِ، فَرَزَقَهُ حُسنَ التَّوَكُّلِ عَلَيهِ والاستِعَانَةِ بِهِ، وَأَعَانَهُ عَلَى بَذلِ الأَسبَابِ الصَّحِيحَةِ وَهَيَّأَ لَهُ أَسبَابَ الهِدَايَةِ، وَإِذَا أَرَادَ خِذلانَهُ لم يَدُلَّهُ عَلَى بَابِ التَّوَكُّلِ، وَلم يُوَفِّقْهُ لإِخلاصِ النِّيَّةِ وَلا صِدقِ القَصدِ، وَأَمَّا أَعظَمُ صُوَرِ خِذلانِ اللهِ لِلعَبدِ، وَالَّتي يَغفَلُ عَنهَا كَثِيرٌ مِنَ المُتَكَبِّرِينَ المُغتَرِّينَ، فَهِيَ أَن يُعَاقَبَ أَحَدُهُم بِإِعرَاضِهِ عَن رَبِّهِ، أَو إِسَاءَتِهِ في حَقِّ خَلقِهِ، ثم لا يَشعُرَ أَنَّهُ مُعَاقَبٌ، إِذْ لا يُؤَنِّبُهُ ضَمِيرُهُ، وَلا تُحَدِّثُهُ نَفسُهُ بِأَنَّهُ عَلَى خَطَأٍ، وَلا يُصِيبُهُ أَرَقٌ وَلا هَمٌّ مِن سُوءِ مَا فَعَلَ بِعِبَادِ اللهِ، وَلا يَكُونُ لَهُ وَاعِظٌ مِن دَاخِلِ نَفسِهِ يُقَلِقُهُ لأَنَّهُ خَالَفَ أَمرَ اللهِ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَحسِنُوا ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التوفيق من الله
  • نتائج ضرورات التوفيق بين القاعدة النحوية والتطبيق
  • طريق التوفيق (خطبة)
  • من دروس الإسراء والمعراج: التوفيق
  • كيف نستجلب التوفيق؟
  • خذلان الله للعبد: معناه وأسبابه

مختارات من الشبكة

  • خطبة: ماذا يكره الشباب والفتيات؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام والبيئة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (النت والاختبارات)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اذكروا الله كثيرا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- امتنان
محمد الحنفي - مصر 03/06/2022 12:39 PM

يحزيكم الله عنا خير الجزاء، ويكتب لكم التوفيق والسداد والقبول

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/1/1447هـ - الساعة: 15:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب