• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منشأ المنظومة الأخلاقية عند البشر معرفيا
    غازي أحمد محمد
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: منهج السماحة
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    تخليل الأصابع حماية من الفطريات
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)
    بكر البعداني
  •  
    العناية بالقدمين في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    العناية بالأظافر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قراءات اقتصادية (60) نهب الفقراء
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    الوسطية منهج وقيمة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    قراءات اقتصادية (59) الثلاثة الكبار في علم ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    سيرة المحدث المربي فضيلة الشيخ الدكتور خلدون ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    فوائد البنوك: الخطر الذي يهدد العالم
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: تصنيف ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    إزالة الأذى والسموم من الجسوم في الطب النبوي
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ذواقة العربية ... وهب رومية
    د. مقبل التام الأحمدي
  •  
    مائدة الصحابة: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الذكاء الاصطناعي والعلم الشرعي
    أيمن ناسيلا سيد حسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (9) ما نهيتكم عنه فاجتنبوه (خطبة)

سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (9) ما نهيتكم عنه فاجتنبوه (خطبة)
عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/7/2024 ميلادي - 23/1/1446 هجري

الزيارات: 9408

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سِلْسِلَةُ شَرح الأَربَعِينَ النَّوَويَةِ

الحديث 9: "مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ..."


عَنَاصِرُ الْخُطْبَةِ:

• رِوَايَةُ الْحَدِيثِ.

 

• الْمَعْنَى الإِجْمَالِيُّ لِلْحَدِيثِ.

 

• الْمُسْتَفَادَاتُ مِنَ الْحَدِيثِ وَالرَّبطُ بِالْوَاقِعِ.

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]،أَمَّا بَعْدُ:

فَإنَّ أَصْدَقَ الْحَديثِ كِتَابُ اللهِ تَعالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ، أعَاذَنِي اللهُ وإيَّاكُمْ مِنَ النَّارِ.

 

عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ"[1].

 

عِبَادَ اللهِ، هَذَا الْحَدِيثُ لَهُ أَهَمِّيَّةٌ عَظِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَنُصُّ عَلَى تَرْك الْمَنْهِيَّاتِ النَّبَوِيَّةِ، وَفِعْلِ مَا يُسْتَطَاعُ مِنَ الْأَوَامِرِ، وَحَذَّرَ مِنْ طَرِيقِ الْهَلَاكِ، وَسُلُوكِ مَسْلَكَ مَنْ قَبْلَنَا؛ فِي كَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَمَا هِيَ الْفَوَائِدُ الَّتِي نَسْتَفِيدُهَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ؟ نَسْتَفِيدُ مِنَ الْحَدِيثِ لِوَاقِعِنَا مَا يَلِي:

1- وُجُوب اجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: وَكَذَلِكَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، فَقَولُهُ: (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ) يُفِيدُ وُجُوبَ اجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ النَّبَوِيَّةِ، مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَتُكْرَهُ. وَ(مَا) شَرْطِيَّةٌ؛ أَيْ: اجْتَنِبُوا كُلَّ مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الاجْتِنَابَ أَسْهَلُ مِنَ الْفِعْلِ، وَلِأَنَّ النُّفُوسَ تَتَشَوَّفُ إِلَى فِعْلِ الْمَنْهِيَّاتِ؛ وَلِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُعَلِّقْ تَرْكَ الْمَنْهِيَّاتِ بِالاسْتِطَاعَةِ، وَلَمْ يَقُلْ: قَدْر الْإِمْكَانِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا نَهَى عَنْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قَولُهُ: "لا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ"[2]، فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَعْضِ مَا يُسبِّبُ الْعَداوَةَ وَالْقَطِيعَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِمَا فِي تَبَاغُضِهِمْ مِنَ التَّفرُّقِ، ونَهَاهُمْ عَنِ التَّحَاسُدِ، وَهُوَ تَمنِّي زَوَالِ النِّعَمِ عَنِ الآخَرِينَ، ونَهَاهُمْ عَنِ التَّدابُرِ، وَهُو أنْ يُوَلِّي الْمُسْلِمُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ظَهْرَهُ وَدُبُرَهُ؛ إمَّا حِسِّيًّا فَلا يُجَالِسُهُ وَلا يَنظُرُ إِلَيهِ، وَإمَّا مَعْنَوِيًّا فَلا يُظْهِرُ الاهْتِمَامَ بِهِ، وَالْمَقْصُودُ: نَهْيُهُمْ عَنِ التَّقَاطُعِ وَالتَّهَاجُرِ. ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي يَنْبَغِي أنْ يَكونُوا عَلَيْهَا، وهي الأُخُوَّةُ، كَأُخُوَّةِ النَّسَبِ فِي الشَّفَقةِ والرَّحْمَةِ، وَالْمَحَبَّةِ وَالْمُوَاسَاةِ، وَالْمُعَاوَنَةِ وَالنَّصِيحَةِ، فَأَمَرَهُمْ أَنَّ يَأْخُذُوا بِأَسْبَابِ كُلِّ مَا يُوصِلُهُمْ لِمِثْلِ الْأُخُوَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ مَعَ صَفَاءِ الْقَلْبِ. وَنَهَاهُمْ عَنْ هَجْرِ الْمُسْلِمِ وَتَرْكِهِ؛ زِيَارَةً، أَوْ كَلَامًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَشْكَالِ الْهُجْرَانِ، فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ -إِنْ كَانَ الْخِلَافُ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا- وَكلُّ هَذَا لِأَجْلِ الْحِرْصِ عَلَى وَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ أَفْرَادًا وَجَمَاعَاتٍ وَشُعُوبًا، وَلِأَجْلِ التَّآخِي وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَالْمَنْهِيَّاتُ النَّبَوِيَّةُ كَثِيرَةٌ.

 

2- وُجُوبُ فِعْلِ الْمُسْتَطَاعِ مِنْ أَوَامِرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِي قَولِهِ: "وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"، يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَطِيعُ، وَأَنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ؛ لِأَنَّ تَكَالِيفَهُ مِمَّا يُسْتَطَاعُ، فَلَا حُجَّةَ لِأَحَدِ بَالَتَذرُّعِ فِي تَرْكِ الْأَوَامِرِ جُمْلَةً - مَا دَامَتْ وَاجِبَةً وَغَيْرَ دَاخِلَةٍ فِي دَائِرَةِ الاسْتِحْبَابِ - أَنْ يَقُولَ: لَا أَسْتَطِيعُ فِعْلَهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَصْلًا أَمَرَ بِالْمُسْتَطَاعِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]، وَقَالَ: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]، وَأَوَامِرُ وَنَوَاهِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾[النجم: 3، 4]، وَكَمِثَالٍ عَلَى ذَلِكَ الصَّلَاةُ؛ فَلَا يُمْكِنُ لِتَارِكِ الصَّلَاةِ الاحْتِجَاجُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، أَوِ احْتِجَاجُ الْمُتَبَرِّجَةِ بِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى الْحِجَابِ؛ لَكِنَّ الْفَهْمَ الصَّحِيحَ لِلْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ فِي أَنَّ هَذَا الْمُصَلِّي يَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى كَمَالِهَا، لَكِنْ قَدْ يَعُوقُهُ مَرَضٌ أَوْ خَوْفٌ أَوْ سَفَرٌ فَيَنْتَقِلُ إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَسْتَطِيعُهَا وَلَا مَشَقَّةَ فِيهَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ"[3].

 

وَمَنْ أَمْكَنَهُ الرُّكُوعُ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ، وَمِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ، وَهَكَذَا. وَقَصَّرَ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ فِي سَفَرِهِ، وَتَيَمَّمَ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْوُضُوءَ أَوِ انْعَدَمَ الْمَاءُ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَصَلَّى بِكَيْفِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ. وَجَاءَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: "مَا هَذَا الحَبْلُ؟"، قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ، صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ"[4]، وَالْأَمْثِلَةُ كَثِيرَةٌ.

 

فَاللَّهُمَّ وُفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ وَطَاعَةِ نَبِيِّكَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَصَلَّى اللَّهُ وسَلَّمَ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَن لآثَارِهِمُ اقْتَفَى، أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ، مِنَ الْمُسْتَفَادَاتِ أَيْضًا:

3- التَّحْذِيرُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ وَالاخْتِلَافِ: الْحَلَال بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَالْغَوْصُ فِي الْكَثِيرِ مِنَ الْأُمُورِ الْفَرْعِيَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ فِيه نَوْعٌ مِنَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّرِيعَةِ الْإِجْمَالُ، وَخَاصَّةً فِي زَمَنِ نُزُولِ الْوَحْيِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَحْرِيمَ شَيْءٍ لَمْ يحرَّمْ أَوْ إِيجَاب شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ؛ وَلِذَلِكَ حَذَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ، وَالشَّيْطَانُ يَكْمُنُ فِي التَّفَاصِيلِ.

 

وَقَدْ وَرَدَ فِي سَبَبِ وُرُودِ الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا"، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ"، ثُمَّ قَالَ: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ"[5].

 

تَصَوَّرُوا مَعِي- عِبَادَ اللَّهِ - لَوْ فُرِضَ عَلَيْنَا الْحَجُّ كُلَّ عَامٍ بِسَبَبِ مَسْأَلَةِ هَذَا الرَّجُلِ! هَلْ نَسْتَطِيعُ؟ الْآنَ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ وَيَتَعَذَّرُ عَلَى الْكَثِيرِ، وَنَقِيسُ عَلَى هَذَا الْكَثِيرَ مِنَ الْمَسَائِلِ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْغَوْصُ فِيهَا.

 

وَهَؤُلَاءِ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمَّا أَمَرَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَذْبَحُوا بَقَرَةً، لَأَجْزَأَتْهُمُ أَيُّ بَقَرَةٍ وَجَدُوهَا، وَلَكِنْ مَاذَا قَالُوا؟ قَالُوا: ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ﴾[البقرة: 68] وَقَالُوا: ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا ﴾[البقرة: 69] حَتَّى عَسَّرُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، حَتَّى قَالَ تَعَالَى:﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [البقرة: 71]، وَمَنِ انْحَرَفَ عَنِ الْقِبْلَةِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ الدِّقَّةَ فِي الْإِصَابَةِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُسْتَطَاعُ. فَنَجِدُ- مع الْأَسَفِ- مَنْ يَهْدِمُ الْمَسَاجِدَ لِانْحِرَافٍ بَسِيطٍ فِي الْقِبْلَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾[البقرة: 115]. إِذَنْ فِي مِثْلِ هَذَا إِذَا جَاءَ الْأَمْرُ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ عَلَيْنَا أَلَّا نَبْحَثَ عَنْ مَزِيدِ تَفْصِيلٍ - مَا سَكَتَ الشَّارِعُ عَنْهُ - لِأَنَّ الْإِجْمَالَ مَقْصُودٌ لِلتَّيْسِيرِ عَلَى النَّاسِ، وَالْغَوْصُ فِي التَّفْرِيعَاتِ وَالتَّفَاصِيلِ تُؤَدِّي إِلَى كَثْرَةِ الِاخْتِلَافَاتِ، وَكَثْرَتُهَا تُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاكِ، كَمَا لَحِقَ بِالْأُمَمِ مِنْ قِبَلِنَا.

 

فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ وَالِاخْتِلَافَاتِ، وَجَنِّبْنَا أَسْبَابَ الرَّدَى وَالْهَلَاكِ، آمِين؛ (تَتِمَّةُ الدُّعَاءِ).



[1] رواه مسلم، رقم: 1337.

[2] رواه البخاري، رقم: 6056.

[3] رواه البخاري، رقم: 1117.

[4] رواه البخاري، رقم: 1117.

[5] رواه مسلم، رقم: 1337.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (1) إنما الأعمال بالنيات (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (2): حديث جبريل (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (3) بني الإسلام على خمس (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (4) إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (5) من أحدث في أمرنا هذا... (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (6) «إن الحلال بين وإن الحرام بين» (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (7) «الدين النصيحة...» (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (8) أمرت أن أقاتل الناس (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (10) إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.. (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (11) دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (12) من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (13) لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (14) لا يحل دم امرئ مسلم.. (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (15) "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا..." (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (16) لا تغضب (خطبة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (24) «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي» (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل الدثور بالأجور» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق اليتيم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مخطوطة الفتح المبين بشرح الأربعين ( شرح الأربعين النووية )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الملائكة تصلي على من يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المجالس السنية في الكلام على الأربعين النووية ( شرح الأربعين النووية )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • العناية بشروح كتب الحديث والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاة واحدة على النبي صلى الله عليه وسلم بعشر حسنات(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بكثرة الصلاة عليه يوم وليلة الجمعة(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/1/1447هـ - الساعة: 20:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب