من سلسلة أحاديث رمضان ( لو وزن إيمان أبي بكر رضي الله عنه بإيمان أهل الأرض، لرجح بهم )

سلسلة دروس أحاديث رمضان في فضل خير العصور

(لو وُزِنَ إيمانُ أبي بكرٍ رضي اللهُ عنه بإِيمانِ أهلِ الأرضِ، لرجحَ بهِم)

عن عمر بن الخطابِ رضي الله عنه (موقوفًا) قال: لو وُزِنَ إيمانُ أبي بكرٍ رضي اللهُ عنه بإِيمانِ أهلِ الأرضِ، لرجحَ بهِم[1].

الشرح:

في هذا الأثر يُخبر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن إيمان أبي بكر أرجح في الميزان من إيمان أهل الأرض.

أوَّلًا: صحَّة الحديث، فالحديث صحيح، وهذا مفروغ منه، وبقي الخلاف بين رفعه ووقفه، والصحيح أنَّه موقوف على عمر، ولا إشكال عند أهل الحديث في رواية أحاديث الصحابة، ولا سيما الخلفاء الراشدون، فهم يسنُّون السنن لقوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدين المهديين من بعدي، تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذِ...[2].

وهنا يُخبرنا الخليفة الراشد المهدي عمر رضي الله عنه بأن إيمان أبي بكر أرجح من إيمان أهل الأرض، وهذه شهادة من صاحبه، فعمر يعلم حال أبي بكر أكثر من غيره لملازمته إياه في عهد النبوَّة وفي عهد خلافة الصديق، فرأى منه إيمانًا ليس له مثيلٌ، وهذا معلوم عند أهل السنَّة بالضرورة، وهو أنَّ أبا بكر خيرُ خلق الله تعالى بعد الأنبياء والرسل، فليس عجيبًا أن ترجح كفة إيمانه على إيمان أهل الأرض مجتمعين، وهذا لا يعني نفي الإيمان على غيره، أو أنَّ غيره مقصِّرون، لا، بل الإيمان درجات ومراتب، وأعلاها بعد الأنبياء أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه.

وفي هذا الحديث شهادة من مبشَّرٍ بالجنَّة وخليفة راشد مهدي، وهو عمر رضي الله عنه الملهَم؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقَدْ كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ مِن بَنِي إسْرائِيلَ رِجالٌ يُكَلَّمُونَ مِن غيرِ أنْ يَكونُوا أنْبِياءَ، فإنْ يَكُنْ مِن أُمَّتي منهمْ أحَدٌ فَعُمَرُ[3].

فهذا الملهم المكلَّم، يُعلم الأمَّة أنَّ أبا بكر خيارها، ولعلَّ قول عمر هذا جاء عن طريق الإلهام الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفي الحديث: شهادة لأبي بكر رضي الله عنه من منافسه.

وفيه: أنَّه لا يبلغ مقام أبي بكر أحدٌ.