• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منشأ المنظومة الأخلاقية عند البشر معرفيا
    غازي أحمد محمد
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: منهج السماحة
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    تخليل الأصابع حماية من الفطريات
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)
    بكر البعداني
  •  
    العناية بالقدمين في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    العناية بالأظافر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قراءات اقتصادية (60) نهب الفقراء
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    الوسطية منهج وقيمة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    قراءات اقتصادية (59) الثلاثة الكبار في علم ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    سيرة المحدث المربي فضيلة الشيخ الدكتور خلدون ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    فوائد البنوك: الخطر الذي يهدد العالم
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: تصنيف ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    إزالة الأذى والسموم من الجسوم في الطب النبوي
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ذواقة العربية ... وهب رومية
    د. مقبل التام الأحمدي
  •  
    مائدة الصحابة: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الذكاء الاصطناعي والعلم الشرعي
    أيمن ناسيلا سيد حسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

شعبان.. الشهر المغفول عنه!

شعبان.. الشهر المغفول عنه!
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/5/2017 ميلادي - 7/8/1438 هجري

الزيارات: 24026

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شعبان.. الشهر المغفول عنه!


الْحَمْدُ للَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]...

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ


عِبَادَ اللهِ.. أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ الْقَائِلِ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].

إِخْوَةَ الإِسْلامِ...هَا هُوَ شَهْرُ شَعْبَانَ يَهِلُّ عَلَيْنَا هِلالُهُ، مُبَشِّراً بِقُرْبِ شَهْرِ رَمَضَانَ، شَهْرُ الْخَيْرِ والطَّاعَةِ والْغُفْرَانِ.

 

هَذَا الشَّهْرُ - عِبَادَ اللهِ - يَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، هَكَذَا قَالَه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.

 

عِبَادَ اللهِ... اسْتَنْبَطَ الْعُلَمَاءُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ" اسْتِحْبَابَ عِمَارَةِ أَوْقَاتِ غَفْلَةِ النَّاسِ بالطَّاعَاتِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مَحبُوبٌ عِنْدَ اللهِ عزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّهُ أَخفَى لِلْعَمَلِ وَأَدْعَى للإِخْلَاصِ وَالْقَبُولِ.

 

لَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبَيْنِ لِتَفْضِيلِ هَذَا الشَّهْرِ، فَأَوَّلُهُمَا أَنَّهُ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ لِوُقُوعِهِ بَيْنَ شَهْرَينِ عَظِيمَيْنِ، والثَّانِي أنَّهُ تُرْفَعُ فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ إِلَى اللهِ تَعَالَى, فَأَرَادَ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلُهُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَهَذَا الْعَرْضُ لِلْأَعْمَالِ هُوَ الْعَرْضُ السَّنَوِيُّ؛ فَإِنَّ عَرْضَ الْأَعْمَالِ عَلَى اللهِ يَوْمِيٌّ وَأُسْبُوعِيٌّ وَسَنَوِيٌّ؛ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ عَمَلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ، وَالْأُسْبُوعِيُّ يُعْرَضُ عَلَيْهِ يَوْمَيِ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ؛ وَلِذَلِكَ نَدَبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى صِيَامِهِمَا، وَأَمَّا الْسَّنَوِيُّ فتُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي شَعْبَانَ؛ فَاسْتُحِبَّ صِيَامُ أَكْثَرِهِ.

 

أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ... إِنَّ صِيامَ أَكْثَرِ شَعْبَانَ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ أُمُّنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: "لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّهْرِ مِنَ السَّنَةِ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: "كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ"، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلَّا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، قَالَ الإِمَامُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: "صَوْمُ شَعْبَانَ كالتَّمْرِينِ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ؛ لِئَلَّا يَدْخُلَ في صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَى مَشَقَّةٍ وَكَلَفَةٍ، بَلْ يَكُونُ قَدْ تَمَرَّنَ عَلَى الصِّيَامِ واعْتَادَهُ وَوَجَدَ بِصِيَامِ شَعْبَانَ قَبْلَهُ حَلاوَةَ الصِّيَامِ ولَذَّتَهُ، فَيَدْخُلُ فِي صِيَامِ رَمضَانَ بِقُوَّةٍ وَنَشَاطٍ" انتهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ.

 

فَلَا تُفَرِّطُوا فِي صِيَامِ مَا تَسْتَطِيعُونَ مِنْ أَيَّامِهِ اغْتِنَامًا لِلْأَجْرِ، كَأَيَّامِ الاثْنَيْنِ والْخَمِيسِ وَأَيَّامِ الْبِيضِ... وَحُثُّوا أَبْنَاءَكُمْ وَدَرِّبُوهُمْ عَلَيْهِ؛ حَتَّى لا يُصَابُوا بِثِقَلٍ أَوْ تَعَبٍ فِي رَمَضَانَ.

 

عِبَادَ اللهِ... مُشْكِلَتُنَا أَنَّنَا فِي كُلِّ عَامٍّ يَأْتِينَا رَمَضَانُ وَنَحْنُ غَافِلُونَ، فَنَبْدَأُ فِي الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ مِنَ الصِّفْرِ، ثُمَّ نَرْقَى شَيْئاً فَشَيْئاً فَلَا نَكَادُ نَجِدُ طَعْمَ الْعِبَادَةِ وَحَلاَوَةَ الطَّاعَةِ إلَّا وَقَدْ انْقَضَى رَمَضَانُ، وَانْطَوَتْ صَحَائِفُهُ فَنَنْدَمُ وَنَتَحَسَّرُ وَنَتَأَلَّمُ، وَنَقُولُ: نُعَوِّضُ فِي الْعَامِ الْقَادِمِ، وَيَأْتِي الْعَامُ الْقَادِمُ فَلَا يَكُونُ أَحْسَنَ حَالاً مِنْ سَابِقِهِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَحِقَّ الْحَقُّ وَيُغَادِرُ الْإِنْسانُ دُنْيَاهُ وَهُوَ كَمَا هُوَ! وَلَوْ أَنَّنَا تَذَكَّرْنَا مَا كَانَ يُقَالُ عَنْ أَسْلافِنَا، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ رَمَضَانَ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِسِتَّةٍ أَشْهُرٍ، لَوْ تَذَكَّرْنَا هَذَا لَعَرَفْنَا لِمَاذَا كَانُوا يَجِدُونَ لِرَمَضَانَ طَعْمَا رُبَّمَا لَا نَجِدُهُ نَحْنُ، الْقَضِيَّةُ إِذَنْ قَضِيَّةُ اسْتِعْدَادٍ لِهَذَا الشَّهْرِ بِالْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ وَالْبِرِّ. الْقَضِيَّةُ إِذَنْ قَضِيَّةُ اغْتِنَامِ أَوْقَاتِ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُبَارَكِ حَتَّى لَا يَأْتِي رَمَضَانُ إلَّا وَقَدْ ارْتَقَى الْإِنْسَانُ مَنَازِلَ عَالِيَةً مِنَ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ... وَمِمَّا يُسْتَفَادُ مِنَ الْإِكْثَارِ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ مِنَ الصِّيَامِ وَالطَّاعَةِ، هُوَ تَطْهِيرُ النَّفْسِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، والتَّوْبَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى، حَتَّى لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ نَقِيٌّ، فَإِنَّ رَمَضَانَ عِطْرٌ، وَلَا يُعَطَّرُ الثَّوْبُ حَتَّى يُغْسَلَ، وَهَذَا شَهْرُ الْغُسْلِ، غُسْلِ النَّفْسِ مِنْ دَرَنِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايا.

 

إِخْوَةَ الإِسْلامِ... وَإِنَّ مِنَ الطَّاعَاتِ الَّتِي دَرَجَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَيْهَا فِي شَهْرِ شَعْبَانَ قِرَاءةُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَقَدْ كَانُوا يَجِدُّونَ فِي شَعْبَانَ، وَيَتَهَيَّؤونَ فِيهِ لِرَمَضَانَ بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "كَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ أَكَّبُوا عَلَى الْمَصَاحِفِ فَقَرَؤُوهَا وأَخْرَجُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ تَقْوِيَةٍ لِضَعِيفِهِمْ عَلَى الصَّوْمِ". وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ -أَحَدُ التَّابِعِينَ - رَحِمَهُ اللهُ -: "كَانَ يُقَالُ: شَهْرُ شَعْبَانَ شَهْرُ الْقُرَّاءِ"، وَكَانَ عَمْروُ بْنُ قَيْسٍ–وهوَ مِنَ التَّابِعِينَ أَيْضًا - إِذَا دَخَلَ شَهْرُ شَعْبَانَ أَغْلَقَ حَانُوتَهُ - أَيْ دُكَّانَهُ - وَتَفَرَّغَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَلَمَّا كَانَ شَعْبَانُ تَقْدِمَةً لِرَمَضَانَ فَحَرِيٌّ بِالْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجْتَهِدُوا فِيهِ بِشَيْءٍ مِمَّا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ... وَيَجْدُرُ التَّذْكيرُ إِلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ لِمَنْ كَانَ قَدْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ الْمَاضِي، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ إِلَى مَا بَعْدَ رَمَضَانَ الْقَادِمِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَلْيُذَكِّرْ كُلٌّ مِنَّا أَهْلَ بَيْتِهِ بِذَلِكَ. وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ قَبْلَ رَمَضَانَ وَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ آثِمٌ وَيَلْزَمُهُ أَمْرَانِ: الأَوَّلُ التَّوْبَةُ، والثَّانِي الْقَضَاءُ، وَأَمْرٌ ثَالِثٌ يَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ إِطْعَامُ مِسْكِينَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ.

 

وَمِمَّا يَحْسُنُ التَّنْبِيهُ إِلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْرُمُ تَقَدُّمُ رَمَضَانَ بِالصِّيَامِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، بِنِيَّةِ الاِحْتِيَاطِ، فَلَا يُصَامُ إلاَّ بِرُؤْيَةِ هَلاَلِ رَمَضَانَ، أَوْ إِكْمَالِ عِدَّةِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَصَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مَنْهِيٌّ عَنْه قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَلَيْسَ دَاخِلاً فِي التَّحْرِيمِ مَنْ كَانَ لَهُ عَادَةُ صَوْمٍ، فَصَادَفَ قَبْلَ رَمَضانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ صَامَ قَضَاءً. فَلْنَحْرِصْ - رَحِمَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ - عَلَى الْإكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابِ السَّيِّئَاتِ، وَلْنَغْتَنِمْ فَرَاغَنَا قَبْلَ شُغُلِنَا، وَصِحَّتَنَا قَبْلَ سَقَمِنَا، وَحَيَاتَنَا قَبْلَ مَوْتِنَا، وَغِنَانَا قَبْلَ فَقْرِنَا. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمِ لِي وَلَكُمْ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ...

 

أمَّا بَعْدُ:

فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ الْهُدَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَفِي بِهَذَا الشَّهْرِ بِأَعْمَالٍ خَاصَّةٍ غَيْرَ الصِّيَامِ، فَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ، أَمَّا مَا يُرْوَى عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ قَالَ: "اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَلِّغْنَا رَمَضانَ"، فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْحُفَّاظُ.

 

وَمِنْهَا تَعْظِيمُ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَإِظْهَارُ الْفَرَحِ وَالزِّينَةِ، وَالاِحْتِفَاءُ بِهَا بِالصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ وَالاِجْتِمَاعِ فِي الْمَسَاجِدِ وَإِنْشَادِ الْقصَائِدِ وَالْمَدَائِحِ، أَوْ صَوْمِ نَهَارِهَا، كُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَرِدْ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ خَصُّوا هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِصَلاَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ خَيْرًا لِسَبَقُوا غَيْرَهُمْ إِلَيهِ، قَالَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَازِ رَحِمَهُ اللهُ: "مِنَ الْبِدَعِ الَّتِي أَحْدَثَهَا بَعْضُ: بِدْعَةُ الْاِحْتِفَالِ بِلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَتَخْصِيصُ يَوْمِهَا بِالصِّيَامِ، وَلَيْسَ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِهَا أَحادِيثُ ضَعِيفَةٌ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيهَا، أَمَّا مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ الصَّلاَةِ فِيهَا فَكُلُّهُ مَوْضُوعٌ" انتهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ.

 

وَخَيْرٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى وَكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ جَعَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَلَهُ الْحَمْدُ أَوَّلاً وآخِرًا.

 

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلا أَنْ يَرْزُقَنَا اغْتِنَامَ شَعْبَانَ، وَأَنْ يُبَلِّغَنَا رَمَضانَ، وَأَنْ يَكْتُبَ لَنَا فِيهِ الرَّحْمَةَ وَالرِّضْوانَ وَالْعِتْقَ مِنَ النِّيَرانِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهر شعبان
  • السنة والبدعة في شعبان
  • شعبان ينادينا!
  • شهر شعبان

مختارات من الشبكة

  • كيف تستعد لشهر رمضان في شعبان ( شعبان فرصة ثمينة للتهيئة الروحية والجسدية )(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحاديث ثابتة في فضل الصيام في شهر شعبان، وأحاديث منتشرة عن شهر شعبان ولا تصح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل شهر شعبان وبدعة ليلة النصف من شعبان(مقالة - ملفات خاصة)
  • الصيام بعد النصف من شعبان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قبل أن ترفع الأعمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غفلة الناس عن شهر شعبان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان لما صح من فضائل شهر شعبان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كم تصوم في شهر شعبان؟(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • دروس من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان ( فرصة عظيمة للتوبة والطاعات )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحث على كثرة الدعاء في شعبان (تهيئة روحية لشهر رمضان المبارك)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
عبدالقادر بوشمال - الجزائر 05/05/2017 09:28 AM

بارك الله فيك وفي علمك على هذه الخطبة القيمة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/1/1447هـ - الساعة: 20:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب