الحلقات التلفزيونية أو برامج اللقاءات الخاصة (التوك شوز)

الحلقات التلفزيونية أو برامج اللقاءات الخاصة

(التوك شوز)

قد يعقد أي مدير برنامج، أو أي منسق للبرامج في المؤسسات الإعلامية المتلفزة أو الإذاعية أو الفضائية سلسلة من البرامج في لقاءات مع شخصيات محددة للنظر في مسائل يتم تحديدها من الجهات التي تضع سياسة العمل الإعلامي في هذه المؤسسة أو تلك.

تقوم فكرة هذه البرامج على إتاحة المجال أمام "ضيفٍ ما" بالحديث المباشر إلى الرأي العام من خلال أسلوبين مباشرين:

‌أ) أسلوب السؤال والجواب، حيث يقوم مدير اللقاء أو مقدم البرنامج بإعداد مجموعة من الأسئلة الهامة التي تتعلق بهذا الضيف ومن يمثله، ويقوم بطرحها تسلسلياً عليه بعد الاكتفاء من إجابة أي سؤال، وهكذا.. حتى تنتهي هذه الحلقة المتلفزة أو اللقاء المباشر مع هذا الضيف.

‌ب) أسلوب الحوار، وهو أسلوب متقدم يتقمص فيه مقدم البرنامج دور المحاور، المناظر، الخصم، الجمهور، في محاولة منه لاستدرار المعلومات من الضيف عن طريق الحوار.

وآياًّ كان الأسلوب المتبع هنا، فهذه الوسيلة لإعلامية قد أتاحت للضيف فرصاً لا بد من الوقوف عليها:

1. فرصة الظهور الإعلامي، وهذه بحد ذاتها إنجاز.

2. فرصة طرح فكره على العامة وهذا إنجاز إضافي.

3. فرصة الرد على الشبهات أو الأسئلة المثارة حول مواقفه أو مواقف تياره، وهي فائدة عظمى في الرد على الخصوم.

4. فرصة توضيح وبيان المواقف المختزلة السابقة أو العامة بشيء من التفصيل، وهذه فرصة سانحة للضيف ليتواصل مع الرأي العام بشيء من الاسترسال إذا تم السماح له بذلك.

السمة العامة لهذه البرامج أنها أطول مساحة زمنية من اللقاءات السريعة التي قد تتم خلال نشرة أخبار ما، أو برنامج حواري يشارك فيه أكثر من طرف، وبالتالي، فإن الضيف هو الشخصية المحورية لهذا اللقاء، وهو لسان فكرته والذائد عن حماها، والمسؤولية تلقى على عاتقه في أي موقف يتخذه، وفي أي رد يقوم بعرضه.

هذه البرامج، هي أكبر فرصة لا بد للإعلامي المسلم من اغتنامها والظفر بها، إذ أن أكبر نصر للداعية المسلم في هذا الزمان أن يتاح له زمن ولو قصير لا بداء رأيه، وقول فكرته، والرد على ما يثار حوله من شبهات في شتى المجالات.

وهي مساحة زمنية حقيقية يمكن للإعلامي المسلم أن يركز من خلالها على المفاهيم الأساسية التي يريد أن يوصلها إلى الرأي العام المحلي أو الإقليمي أو العالمي بحسب نوع الوسيلة الإعلامية وسعة انتشارها ومدى تغطية بثها، فهذا الزمن هو أقصى طاقة ممكنة الاستغلال والاستثمار إذا لاحت للإعلامي المسلم بارقة الفرصة.

وينبغي أن يكون الإعلامي أمام هذه الفرصة مستنفراً بكل طاقته لاستثمار كل ثانية في هذا البرنامج أو تلك الحلقة، حيث إن فواتها دون جدوى، والخوض فيها بعموميات محفوظة سيكون تضييعاً وتفريطاً بفرصة لا تمس الإعلامي وحده، بل تتعداه في الضرر إلى جسم من يمثل، إن لم يكن إلى الأمة المسلمة جميعاً، وبخاصة إزاء إعلام معادٍ استنفر طاقاته ووسائله على مدار الساعة لضرب الإسلام وتشويه صورة أهله.

وبغض النظر عن الضيف، والمحاور أو مقدم البرنامج، لا بد في مثل هذه الحالات من أن يقوم جمع من أهل الخبرة والحنكة والقدرة بإسناد هذا الضيف المختار بكل ما يلزمه لهذا الحوار، كما يعد قادة الجيش ضباطهم لمعركة حاسمة ومصيرية، وذلك في كل مرّة، إذ أن مدة زمنية كهذه كفيلة بالتأثير الفوري في الرأي العام، وتغيير نظرته إلى الأشياء والمواقف على حد سواء.

ومن الحكمة هنا أيضاً، أن تقوم هذه اللجان أو الجموع المختصة بوضع رؤوس الأقلام العريضة لخطاب وحديث الضيف في هذه اللقاءات، لاسيما إذا كانت مباشرة، والأسئلة المتوقعة، والإجابات النموذجية المقتضبة لها، حتى لا يضطر هذا الضيف إلى ارتجال المواقف، أو تحليل الأمور وفق رؤيته وإدراكه للأمور، مهما كان مستواه التنظيمي أو الثقافي عالياً.

لا شك أن هذه المدة الزمنية هامة، وآثارها على الرأي العام مباشرة وفورية، والقدرة فيها على خطاب العقل العربي والغربي متاحة بشكل حقيقي، ولكن الأهم منها كلها، أن تبرمج كل لحظة فيها لما هو فوق ذلك، فهذه الفرص لا تتاح كل يوم، بل لا تتاح كل شهر، بل قد لا تتاح إلاّ مرة في العام، وحري بصاحب الفكرة أن يبرمج وقته فيها لإبلاغ الناس بما يريده منهم.

بمعنى، يجب أن لا يقتصر العمل الإعلامي في مثل هذه اللقاءات والبرامج الهامة والنادرة على الرد على الخصوم، وبيان المواقف بشأن عدد من القضايا الجزئية، بل ينبغي أن يتم استثمارها لخطاب الأمة المسلمة، والجموع العربية بالأسس العامة للنهضة الإسلامية والتوحد والتلاحم ليسود حكم الله في الأرض، ولتكون الأمة موحدة إزاء القضايا المصيرية، وإن نجح الإعلامي المسلم في إيصال هذه الرسائل ولو بشكل مقتضب سريع، يكون قد حقق مجموعة من النقاط الهامة له ولفكرته وللأمة جمعاء.

كما وتجدر الإشارة هنا إلى مسألة تعاطي الضيف مع مضيفه، إذ أن المضيف هنا لن يترك لك الكثير من المجال لتفكر في أسئلة وتتوسع فيها، وتقول ما تشاء متى تريد، ولكن حصافة الإعلامي تمكنه من تقديم عدة إجابات وتلميحات، وتوضيحات مدمجة معاً في إطار رده على تساؤل معين تفي بالغرض المنشود.