• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأرض: رؤية من الخارج
    سمر سمير
  •  
    من أعلام الأدب الرشيد (عماد الدين خليل أنموذجا)
    د. منير لطفي
  •  
    شرح منهاج البيضاوي لعز الدين الحلوائي التبريزي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    إشكالية اختيار الثغر: كيف يجد الشاب المسلم دوره ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسباب فيروس كورونا
    د. صباح علي السليمان
  •  
    قراءات اقتصادية (68) الانهيار الكبير
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أسباب الطاعون والوقاية منه
    د. صباح علي السليمان
  •  
    التغيير
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    نماذج لفقهاء التابعين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الإدارة بين الإتقان الشرعي والنجاح الدنيوي
    د. أحمد نجيب كشك
  •  
    القسط الهندي من دلائل النبوة وأفضل ما يتداوى به
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    زجاجة المصابيح في الفقه الحنفي لعبد الله بن مظفر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    الإدمان الرقمي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    صحابة منسيون (6) الصحابي الجليل: خريم بن فاتك ...
    د. أحمد سيد محمد عمار
  •  
    نماذج لفقهاء التابعين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    فن المغادرة الاحترافية: إستراتيجيات الارتقاء ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

زهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وخشونة عيشه

زهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وخشونة عيشه
غازي أحمد محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/4/2025 ميلادي - 23/10/1446 هجري

الزيارات: 1883

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

زهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وخشونة عيشه

 

الحَمدُ للّه الذي بَصَّرَ من أحبَّ بالحَقائِقِ فزَهدوا في هذه الدار، واجتهدوا في مَرضاتِه وتَأهَّبُوا لدَارِ القَرار، وصلِّ اللهم على قُدوَةِ الزاهدين مُحَمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطاهرين وأصحابِهِ الأبرار، وبعدُ:

فهذه جملة من الآثار في زهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وما لقي من خشونة عيش، انتقيتُها من أصحِّ ما رُوِيَ في دواوين السُّنة وما حَوَتهُ كتبُ الزُّهدِ والرقائق. وقد أَردَفتُ كلَّ أثرٍ بمعاني غَرِيبِه، مع تَفسيرِ وَجهِ الشاهد وَفْقَ الحاجة، وخَرَّجتُه في الحاشية مع بيان دَرَجَتِه، مُعَوِّلًا على أحكامِ الحُفَّاظِ، وما لم أقف على حكمِهِ عَوَّلتُ في الحُكمِ على رجالِهِ واتّصال إسنادِه ظاهرًا على «تهذيب الكَمال» للحافظِ جمالِ الدين المِزِّيّ، وعلى «تهذيب التهذيب» وتقريبه - وكلاهما للحافظ ابن حجرٍ العسقلاني[1]-، وعلى غيرها. ومتى كان رواته دون درجة الثِّقاة أو كان مُرسَلًا ذكرتُ ذلك في الحاشية، وربما أوردت ما فيه ضعفٌ يسيرٌ محتَمَلٌ وبيَّنت ذلك.

 

زهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وخشونة عيشه:

1- عَنْ أسلَمَ العَدَويِّ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ سَنَةٌ غَلا فِيهَا السَّمْنُ، وَكَانَ عُمَرُ يَأْكُلُ الزَّيْتَ؛ فَيُقَرْقِرُ بَطْنُهُ، فَيَقُولُ: « قَرْقِرْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ، لا تَأْكُلُ السَّمْنَ حَتَّى يَأْكُلَهُ النَّاسُ»، ثُمَّ قَالَ: «اكْسِرْ عَنِّي حَرَّهُ بِالنَّارِ، فَكُنْتُ أَطْبُخُهُ لَهُ فَيَأْكُلُهُ»[2].

 

2- وعَنْ أَبي بكرةَ (رضي الله عنه)، قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَجَعَلَ يَأْكُل مِنْهُ وَيَمْسَحُ بَطْنَهُ، وَيَقُولُ: «وَاللَّهِ لَتُمَرَّنُنَّ أَيُّهَا الْبَطْنُ عَلَى الْخُبْزِ وَالزَّيْتِ مَا دَامَ السَّمْنُ يُبَاعُ بِالأَوَاقِيِّ»[3].

 

3- وعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ (رضي الله عنه) قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُتْبَةُ [بن فرقد السلمي] (رضي الله عنه) أَذْرِبِيجَانَ أُتِيَ بِالْخَبِيصِ فَأَمَرَ بِسَفْطَيْنِ عَظِيمَيْنِ فَصُنِعَا لَهُ مِنَ الْخَبِيصِ، ثُمَّ حُمِلَ عَلَى بَعِيرٍ فَسَرَّحَ بِهِمَا إِلَى عُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ ذَاقَهُ، فَوَجَدَهُ شَيْئًا حُلْوًا، فَقَالَ: «كُلُّ الْمُسْلِمِينَ يَشْبَعُ مِنْ هَذَا فِي رَحْلِهِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَلا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ، فَأَطْبَقَهُمَا وَرَدَّهُمَا عَلَيْهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ: فَلَيْسَ مِنْ كَدِّ أَبِيكَ وَلا مِنْ كَدِّ أُمِّكَ فَأَشْبِعِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِكَ، قَالَ: وَإِيَّاكُمْ وَزِيَّ الأَعَاجِمِ وَنَعِيمَهَا وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعْدِيَّةِ»[4].

 

غريب الأثر: الْخَبِيص: الحَلْواء المَخْبُوصة. والسَّفْط: وعاء. وعليكم بِالْمَعْدِيَّةِ: عليكم بخشونةِ اللِّباس والعيش.

 

4- وقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (رضي الله عنه): «رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ رَقَّعَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ أُرَاهُ أَرْبَعَ رِقَاعٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ»[5].

 

5- وقَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ (رضي الله عنها): «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ لَبِسْتَ ثَوْبًا هُوَ أَلْيَنُ مِنْ ثَوْبِكَ، وَأَكَلْتَ طَعَامًا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ طَعَامِكَ؛ فَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ (عز وجل) مِنَ الرِّزْقِ وَأَكْثَرَ مِنَ الْخَيْرِ»، قَالَ: إِنِّي سَأَخْصِمُكِ إِلَى نَفْسِكِ، أَمَا تَذْكُرِينَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْعَيْشِ؟ فَمَا زَالَ يُذَكِّرُهَا حَتَّى أَبْكَاهَا، فَقَالَ لَهَا: «إِنْ قُلْتُ لَكِ ذَاكَ إِنِّي وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ أُشَارِكَنَّهُمَا بِمِثْلِ عَيْشِهِمَا الشَّدِيدِ لِعَلِّي أُدْرِكُ مَعَهُمَا عَيْشَهُمَا الرَّخِيَّ»[6].

 

6- عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عُمَرُ حُذَيْفَةَ إِلَى الْمَدَائِنِ، رَكِبُوا إِلَيْهِ لِيَتَلَقَّوْهُ فَتَلَقَّوْهُ عَلَى بَغْلٍ تَحْتَهُ إِكَافٌ، وَهُوَ مُعْتَرِضٌ عَلَيْهِ رِجْلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ يَعْرِفُوهُ فَأَجَازُوهُ، فَلَقِيَهُمُ النَّاسُ فَقَالُوا: أَيْنَ الأَمِيرُ؟ قَالُوا: هُوَ الَّذِي لَقِيتُمْ، فَرَكَضُوا فِي أَثَرِهِ فَأَدْرَكُوهُ فِي يَدِهِ رَغِيفٌ وَفِي الأُخْرَى عَرْقٌ، وَهُوَ يَأْكُلُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى عَظِيمٍ مِنْهُمْ فَنَاوَلَهُ الْعَرْقَ وَالرَّغِيفَ، قَالَ: فَلَمَّا غَفَلَ حُذَيْفَةُ أَلْقَاهُ أَوْ قَالَ أَعْطَاهُ خَادِمَهُ[7].

 

غريب الأثر: الإكاف: مثل الرَّحْل الذي يوضع على الإبل. والعَرق: عظمٌ عليه لحم.

 

7- وأَرْسَلَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِجَارِيَةٍ تَخْبِزُ الْحُوَّارى، فَأَمَرَ لَهَا بِأَرْبَعَةِ آصُعٍ، فَقَالَ: لا تَحُولُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ شَيْءٍ تُرِيدُهُ. قَالَ: لأَنَّهُ قَدْ كَانَ نَهَى عَنِ الْمَنْخَلِ فَقَدَّسَتْهُ ثُمَّ طَحَنَتْهُ، ثُمَّ عَزَلُوا نِخَالَتَهُ وَمَا خَرَجَ، ثُمَّ خَبَزَتْهُ فَجَاءَتْ بِهِ وَقَدْ أَجَادَتْ عَمَلَهُ كَأَنَّهُ الْبَيْضُ، وَقَدْ كَانَ أَمَرَنَا أَنْ نَجْمَعَ مَا خَرَجَ مِنْهُ فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَقَالَ: أَفْسَدْتِ عَلَيْنَا طَعَامَنَا، وَلا تَخْبِزِي لِي أَبَدًا[8].

 

غريب الأثر: خبز الحُوَّارَى: هو الذي نُخِل مرّةً بعد مرّةً، من التَّحوير: التّبييض، وهو أجود أنواع الخبز. والآصُع جمع صاع: مكيال يوزن به الطعام. والتَّقدِيسُ: التّنقية.

 

8- وعن يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا نَخَلْتُ لِعُمَرَ دَقِيقًا قَطُّ إِلا وَأَنَا لَهُ عَاصٍ[9].

 

9- وعَنْ أَسلَمَ العدوي، قَالَ: « كَانَ عُمَرُ يَنْهَانَا أَنْ نَتَّخِذَ الْمَنْخَلَ وَيَقُولُ: إِنَّمَا عَهْدُنَا بِالشَّعِيرِ حَدِيثٌ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَأْكُلُوا سَمْرَاءَ الشَّامِ حَتَّى تَنْخِلُوهُ؟!»[10].

 

غريب الأثر: سَمراءُ الشَّام: القمح الشَّامي.

 

10- وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: «حَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ، فَمَا رَأَيْتُهُ ضَرَبَ فُسْطَاطًا حَتَّى رَجَعَ، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: كَانَ يَسْتَظِلُّ بِالنَّطْعِ وَالْكِسَاءِ»[11].

 

غريب الأثر: الفُسْطَاط: بَيت يُتَّخذُ من الشَّعْر. والنَّطع: الجلد.

 

11- وعَن طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ (رضي الله عنه)، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الشَّامَ أُتِيَ بِبِرْذُونٍ فَرَكِبَهُ، فَهَزَّهُ فَنَزَلَ عَنْهُ، فَعَرَضَتْ لَهُ مَخَاضَةٌ فَنَزَلَ عَنْ بَعِيرِهِ، وَأَخَذَ بِخِطَامِهِ وَنَزَعَ مُوقَيْهِ فَأَخَذَهُمَا بِيَدَيْهِ وَخَاضَ الْمَاءَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: صَنَعْتَ الْيَوْمَ صَنِيعًا عَظِيمًا عِنْدَ أَهْلِ الأَرْضِ، فَصَكَّ عُمَرُ فِي صَدْرِهِ فَقَالَ: إِنَّهُ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا، إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَقَلَّ النَّاسِ وَأَذَلَّ النَّاسِ وَأَضْعَفَهُ، فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِالإِسْلامِ، فَمَهْمَا تَطْلُبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِه يُذِلُّكُمْ»[12].

 

غريب الأثر: البرذون: غير العربي من الخيل أو البغال. المخاضة: موضعٌ ضحلُ الماءِ يخوض فيه الناس مشاة أو ركبانًا. الموق: خُفٌّ غَليظٌ يُلبَسُ فوق الخُفّ.

 

12- وعَن أَسلَمَ العَدويِّ، قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا كُنَّا بِأَدْنَى الرِّيفِ، وَدَنَوْنَا مِنْهَا نَزَلَ عُمَرُ فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ، فَجَاءَ وَقَدْ أَقْلَبْتُ فَرْوَتِي وَأَلْقَيْتُهَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّجُلِ فَرَكِبَ بَعِيرِي وَرَكِبْتُ بَعِيرَهُ فَاطَّلَعَ أُنَاسٌ فَقَالُوا: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قُلْتُ: هَذَا، فَجَعَلُوا يَتَرَاطَنُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاءِ لا يَرَوْنَ عَلَيْنَا بِزَّةَ قَوْمٍ غَضِبَ اللَّهُ فِيهَا، فَأَعْيُنُهُمْ تَزْدَرِينَا، ثُمَّ سَارَ حَتَّى لَقِيَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ. فَقَالَ عَمْرٌو: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ تَقْدِمُ عَلَى قَوْمٍ حَدِيثُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ، قَالَ: فَمَهْ؟ قَالَ: تُؤْتَى بِدَابَّةٍ فَتَرْكَبُهَا. قَالَ: مَا شِئْتُمْ، فَأُتِيَ بِبِرْذُونٍ فَرَكِبَهُ، فَجَعَلَ الْبِرْذَوْنُ يُحَرِّكُهُ، وَجَعَلَ عُمَرُ يَضْرِبُهُ وَيَضربُ وَجْهَهُ وَلا يَزِيدُهُ إِلا مَشْيًا، فَقَالَ لِسَائِسِ الدَّابَّةِ: مَا يَنْقِمُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ؟! ثُمَّ نَزَلَ. فَقَالَ: مَا حَمَلْتُمُونِي إِلا عَلَى شَيْطَانٍ، وَمَا نَزَلْتُ عَنْهُ حَتَّى أَنْكَرْتُ نَفْسِي، قَرِّبُوا بَعِيرِي، فَرَكِبَهُ ثُمَّ اعْتَزَلَ النَّاسَ. ثُمَّ سَارَ حَتَّى لَقِيَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ عَلَى بَعِيرٍ قَدِ اخْتَطَمَهُ بِحَبْلٍ أَسْوَدَ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ تَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ: أَخِي، لَعَمْرِي لَمْ تُغَيِّرْكَ الدُّنْيَا بَعْدِي وَدَخَلا. فَلَمَّا نَزَلَ جَاءَهُ صَاحِبُ الأَرْضِ، فَأَعْطَاهُ عُمَرُ قَمِيصَهُ لِيَغْسِلَهُ وَيُرَقِّعَهُ، وَقَطَعَ قَمِيصًا جَدِيدًا آخَرَ فَآتَاهُ بِهِ وَقَدْ أَعَدَّ قَمِيصَهُ فَأَعْطَاهُ الْجَدِيدَ، فَرَدَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: ائْتِنِي بِقَمِيصِي، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهُ»[13].

 

غريب الأثر: الرَّطن: الكلام بلغة أعجمية أو غير مفهومة. البِزّة: الْهَيْئَةُ والشَّارةُ واللِّبْسَةُ، كأنَّه أراد هيئة العجم. تزدرينا: تحتقرنا. واختطمه: شد حبلًا على أنفه.

 

فصل: في ورع عمرَ (رضي الله عنه):

عَنْ عُمَرَ بن الخطّابِ (رضي الله عنه)، قَالَ: «إِنَّهُ لا أَجِدُهُ يَحِلُّ لِي أَنْ آكُلَ مِنْ مَالِكُمْ هَذَا، إِلا كَمَا كُنْتُ آكُلُ مِنْ صُلْبِ مَالِي: الْخُبْزَ وَالزَّيْتَ، وَالْخُبْزَ وَالسَّمْنَ»، قَالَ عاصمُ بنُ عمرَ: «فَكَانَ رُبَّمَا يُؤْتَى بِالْجَفْنَةِ قَدْ صُنِعَتْ بِالزَّيْتِ، وَمِمَّا يَلِيهِ مِنْهَا سَمْنٌ، فَيَعْتَذِرُ إِلَى الْقَوْمِ، وَيَقُولُ: "إِنِّي رَجُلٌ عَرَبِيٌّ، وَلَسْتُ أَسْتَمْرِئُ الزَّيْتَ»[14].

 

غريب الأثر: الجَفنَة: إناء من خشب.

 

فصل: في حملِ عُمرَ (رضي الله عنه) أبناءَه على الوَرَع:

عَنِ ابْنِ عُمَرَ (رضي الله عنه)، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رضي الله عنه)، قَالَ: «كَانَ فَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فِي أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لِابْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَ مِائَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِن الْمُهَاجِرِينَ فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أَبَوَاهُ، يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ»[15].

 

فصل: في اختبارِ عُمَرَ (رضي الله عنه) لزُهْدِ مجاهديه:

عَنْ أَنَسٍ (رضي الله عنه)، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، احْمِلْنِي فَإِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ، فَقَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ: خُذْ بِيَدِهِ فَأَدْخِلْهُ بَيْتَ الْمَالِ يَأْخُذُ مَا شَاءَ، فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بَيْضَاءُ وَصَفْرَاءُ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ مَا لِي فِي هَذَا حَاجَةٌ؛ إِنَّمَا أَرَدْتُ زَادًا وَرَاحِلَةً»، فَرَدُّوهُ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ، فَأَمَرَ لَهُ بِزَادٍ وَرَاحِلَةٍ، وَجَعَلَ عُمَرُ يُرَحِّلُ لَهُ بِيَدِهِ، فَلَمَّا رَكِبَ رَفَعَ يَدَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا صَنَعَ بِهِ، وَأَعْطَاهُ قَالَ: وَعُمَرُ يَمْشِي خَلْفَهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَدْعُوَ لَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «اللَّهُمَّ وَعُمَرَ فَاجْزِهِ خَيْرًا»، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى رَحْلِهِ[16].

 

معاني الأثر: بيضاء وصفراء؛ أي: دراهم فضية ودنانير ذهبية.

والحمد لله رب العالمين.



[1] أي: تهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني.

[2] الزهد لأحمد برقم 635 بإسناد صحيح.

[3] الجوع لابن أبي الدنيا برقم 28 باسناد صحيح.

[4] الزهد لأحمد برقم 638 بإسناد صحيح. وانظر: الجوع لابن أبي الدنيا برقم 79 بإسناد صحيح.

[5] الزهد لأبي داود برقم 58، وموطأ ملك رواية الليثي 1643 بإسناد صحيح.

[6] الزهد لأحمد برقم 659 بإسناد صحيح.

[7] الزهد لأبي داود برقم 290 بإسناد صحيح.

[8] الزهد لأبي داود برقم 75 بإسناد حسن فيه هشام بن سعد القرشي وهو صدوق له أوهام، إلا أنه أثبت الناس في زيد بن أسلم وروايته هنا عنه.

[9] الزهد لأبي داود برقم 83 بإسناد صحيح.

[10] الزهد لأبي داود برقم 76 بإسناد حسن فيه هشام بن سعد القرشي، قال في التقريب: صدوق له أوهام، وهو من أوثق الناس عن زيد بن أسلم، قاله أبو داود، والرواية هنا عنه.

[11] الزهد لأبي داود برقم 70 بإسناد صحيح.

[12] الزهد لأبي داود برقم 69 بإسناد صحيح.

[13] الزهد لأبي داود برقم 77 بإسناد صحيح، ومن قوله: (فلما نزل) إسناده حسن فيه هشام بن سعد القرشي، قال في التقريب: صدوق له أوهام، وهو من أوثق الناس عن زيد بن أسلم، قاله أبو داود، والرواية هنا عنه، وفيه أحمد بن سعيد القرطبي قال في التقريب: صدوق.

[14]الورع لابن أبي الدنيا برقم 189 بإسناد صحيح.

[15] صحيح البخاري 2 / 477.

[16] الزهد لهناد بن السري برقم 560، وإسناده جيد فيه قبيصة بن عقبة، روى له الجماعة، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق ربما خالف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أصول الزهد وضوابطه
  • وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في الزهد
  • الفرق بين قوله تعالى في أبواب الجنة: {وفتحت}، وقوله في أبواب النار: {فتحت} بغير واو
  • منشأ المنظومة الأخلاقية عند البشر معرفيا

مختارات من الشبكة

  • أربعون أثرا في الزهد وحسن الخلق: منتقاة من "كتاب الزهد" من "سنن سعيد بن منصور" (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عمر بن الخطاب وعبدالله بن عمر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • درر مختصرة من أقوال السلف رحمهم الله (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سالم بن عبد الله بن عمر رحمه الله وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من كتاب المغازي والسير: وهب بن منبه وعاصم بن عمر بن قتادة(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • مخطوطة جزء فيه حديث ابن حيوية أبي عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أبناء عبدالله بن عمر العدوي حياتهم وأثرهم في الحياة الاجتماعية والعلمية في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حمزة بن عبدالله بن عمر العدوي: حياته وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/5/1447هـ - الساعة: 18:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب