لن أقاسمك قلبي .. إنه جبان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/12/2008 ميلادي - 29/12/1429 هجري

الزيارات: 8912

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده الذي اصطفى.

منذ الصباح كانت غزة هاجسي.

شعرتُ بتقصير قوي تجاه غزة هاشم.

قررت أن أكتب مقالا مباشرة في الموقع المبارك الألوكة، أذكر في سطوره خطواتٍ عمليةً اجتهدتُ في جمعها لنصرة إخوة الدين في غزة.

ثم انشغلت ببعض أمور، فقلت أكتبه ظهرًا ..........

وما كنت أدري أن ظهر يوم 28 من شهر ذي الحجة 1429هـ يوم فضيحة عفن وقبح الصمت والجمود العربي.

كثر الكلام ........ وتحدث الجميع ... وارتجل الكثير ... تحليلات ورؤى ... ووجهات نظر لست أناقشها الآن ..

بهذه السطور أتوجه للأم في غزة ...............

التي أجد نفسي ضئيلة أمام عنفوان صبرها وثباتها وإيمانها ....

يا أم غزة........ يا من ودعتِ أبناءك للمدرسة صباحَ يوم السبت، بقلق وخوف (فأنتم في فلسطين!) ولكنك ما حسبت أن هذا اليوم هو يوم الغدر والتواطؤ والخديعة! ما ظننت أن ابنك الصغير سيناله قصف من السماء ليعود إليك جثة هامدة!

يا أم غزة .... هل في قلبك مكان لمزيد من الحزن؟

حزنت لفقد الخبز ........ وهدم الدار ... وفقد أشجار الزيتون ........ وحزنت لمرض ابنك ... واعتقال زوجك ......... وأسر ابنك الفتى في معتقل السلطة أو معتقل اليهود .... حزنت لنقص الدواء ... وانقطاع الماء ... حزنت في طوابير الانتظار .... كل يوم حزن ... وكل زاوية ابتلاء!

وربما كنتِ كالتي نوت الخروجَ للحج، ولم يفتح لك المعبر، فعدت لبيتك تعانقين جدرانه باختناق مكتوم ... تَشْكين ظلمَ ذوي القربى!

والآن تفاجئين بعودة طفلك من المدرسة جثة هامدة! أو بعض جثة.

وعوضًا أن تحتضنيه بذراعيك، فتكون ضمتُه بلسمًا لك، وقبلتُه دفئًا يقيك بعض برد غزة .... وعناقُه شعورًا بالامتداد، يمنحك إحساسًا أنك ما زلت تعطين، فيعوضك عن الفقد الملازم لك.

تأتيك أشلاؤه مبعثرة لتعرفيه! وربما لا تعرفينه؛ فطائرات يهود الأمريكية إف16 قتلت كل حياة لإنسان.

يا أم غزة ... هل في قلبك مكان لمزيد من الحزن؟

يا سيدتي الفاضلة الشامخة!

أتمنى مقاسمتك الألم... ومشاركتك الحزن.......

تعالي أودعي جزءًا من حزنك في قلبي.......... لعله يخفف الحزن عنك.

ولكن... لابد من مصارحتك أنني لم ألتحق يومًا بمدرسة الصبر كما فعلت أنت!

ولم أقرأ كتاب الابتلاء كما فعلت أنت!

ولم أعرف العزيمة والثبات كما فعلت أنت......!

وما شرفت ولا شمخت مثلك إيمانًا واحتسابًا ويقينًا بنصر الله!

دعيك مني، فقلبك العظيم قادر على الاحتواء، والصبر والمصابرة.

هنيئًا لك بشموخك وعزتك، وجلدك على المصائب والابتلاءات.

عسى الله الودود الغفور الرحيم الرحمن يجزل لك المثوبة والعطاء... ويرفع درجاتك... ويحشرك في جنانه مع الأبرار والصديقين والشهداء...

أما أنا فلا أملك إلا أن أعتذر لك..

فلن أقاسمك قلبي... إنه جبان!

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي