العبثية في إخراج كتابي اللغة العربية للصف السادس الابتدائي

العبثية في إخراج كتابي اللغة العربية للصف السادس الابتدائي

(1)

لو كنتَ معلِّمًا للصف السادس الابتدائي، أو لو كنتَ مهتمًّا بشؤون التعليم ومراقبًا إياها، أو .... - لعلمتَ أنه حدث هذا العام الدراسي 2013/2014 شيءٌ لا أظنه حدَث سابقًا.

ما هو؟

تأخَّر كتاب اللغة العربية الشارح فصلاً دراسيًّا كاملاً ولم يأتِ، وأتى كتاب الأنشطة.

وماذا في ذلك؟ إن أحوالَ مصرَ غير المستقرَّة قد تكون سببًا في ذلك!

هذا ما قد تقولُه - عزيزي القارئ - متخيلاً أنَّك أصبتَ كبد الحقيقة، لكنَّك بعد حين قصير ستكتشف أنك كنت بعيدًا عن الحقيقة، كل الحقيقة.

كيف؟

إن الكتاب طُبع، لكنه وصَل إلى بعض المدارس، ولم يصِلْ إلى بعضها الآخر، وهذا يدلك على أن أحوالَ مصر ليست السبب.

إذًا، ما السبب؟

إنه "وهم التَّجديد في مناهج اللُّغة العربية هذا العام بعد جعلِها في كتابين: شارح، وأنشطة".

ماذا؟

إنه "وهم التجديد في مناهج اللغة العربية هذا العام بعد جعلِها في كتابين: شارح، وأنشطة".

كيف؟

إن الوزارة قسمت كتاب العام الماضي قسمين:

أولهما: الكتاب الشارح، برقم إيداع 17828/2013، طبع مطبعة الأخبار.

وآخرهما: كتاب الأنشطة، برقم إيداع 17790/2013، طبع المطابع الأميرية.

فإن ضممتَ الكتابين خرج لك كتابُ العام الدراسي الماضي 2012/2013 وما قبله من أعوام بفصِّه ولحمه وشحمه، وهذا يجعلك تسأل: لماذا قسموا الكتاب الواحد كتابين ما داموا لم يغيِّروا شيئًا، وما داموا لم يضيفوا شيئًا، وما داموا لم ينقصوا شيئًا؟ لماذا؟ وستظل "لماذا" تتراقص قُبالتَك طويلاً طويلاً من دون إجابةٍ واضحة.

ويزيد الأمرَ لَبسًا عندك أنهم كتبوا مقدِّمة لكتاب الأنشطة مختلفة عن مقدِّمة الكتاب الشارح قالوا فيها: "عزيزي التلميذ، يسعدنا أن نقدم لك كتاب الأنشطة والتدريبات لمادة اللغة العربية للصف السادس ... وتهدف هذه الأنشطة إلى مساعدتك على تطبيق ما تعلَّمتَه من معارفَ ومهارات، وما اكتسبته من قِيَم ...، كما أنها تجعلك قادرًا على تقييم نفسك وتحديدِ أوجه القوة والضعف لديك؛ لذا نرجو - عزيزي التلميذ - أن تهتمَّ بهذه الأنشطة، وتحرِصَ على تنفيذها؛ فقد روعي فيها الفروقُ الفردية؛ حيث إنها تشتمل على أنشطة مبتكَرة ومتنوِّعة، كما أنها تؤكد تنمية مهارات التفكير ومهارات الحياة، وتشجِّع على التَّعلُّم الذاتي، والتعلم التعاوني.

ونأمُل أن تنمِّي فيك هذه الأنشطةُ حبَّ اللغة العربية، والحرص على التعلم بوجه عام، وأن تكون مصدرًا للمتعة والبهجة، ودافعًا لك لمزيد من التفوق والتقدم.

والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل!

لجنة التعديل والمراجعة".

هذا ما تقرؤه، فتتخيل أنهم غيَّروا ما كان موجودًا نتيجة تغيير الرؤية أو التطوير، لكنك تفاجأ بأن الأهداف هي ذات الأهداف، والمحتوى هو المحتوى نفسه، وما زادوا على أنهم سلخوا الأسئلة من الكتاب الواحد المقرر للعام الدراسي 2012/2013، وجعلوها بنفسها في كتاب منفرد لا أكثر ولا أقل، ومن دون نقص أو زيادة.

عندما تجد ذلك، تجد نفسك تبدأ من جديد تسأل: لماذا؟ وما الأسباب؟ أيكون جعلُ الكتاب كتابين محافظةً على المال العام؟ أم يكون حفاظًا على الوقت؟ أم تخفيفًا على الطالب؟ أم ماذا؟ وما الفرق بين هذا العام والعام الماضي؟

وأظن أن الأمرَ متكرِّر مع بقية المواد ما عدا اللغة الإنجليزية، التي تغيَّرت كتبها، لتغيُّر المنهج تغيُّرًا حقيقيًّا، ولن يقلل من خطورة ذلك وعبثيته كلمة "نسخة تجريبية" المكتوبة على غلاف كتاب الأنشطة!

(2)

وتزداد عجبًا وتعجُّبًا عندما تبحثُ عن صفحات الموضوعات في الفهرس العام لكتاب "الأنشطة والتدريبات" فتفاجأ بأنه فهرس العام الماضي، وليس هذا العام، أو هو فهرس كتاب آخر.

لماذا؟

لعدم تطابقِ رقم الصفحة المكتوب في الفهرس للموضوعات الدراسية برقمها في الكتاب، فيضطرُّك ذلك إلى أن تعيدَ كتابة أرقام صفحات الموضوعات من جديد.

كيف؟

انظر - غير مأمور - الجدول الآتي.

ثلاثة دروس فقط هي المطابقة، وبقية الموضوعات غير مطابقة أو غير موجودة في المحتوى، فإلى ماذا يدلُّك ذلك إن لم يدلَّك على العَبَثية وعدم الاهتمام؟

وعندما تُيمِّم صوب الكتاب الشارح، تجد أرقام الصفحات مطابقة، لكنك تفاجأ بإهمال الفهرس للآتي اكتفاءً بقولهم: تدريبات عامة.

(3)

إن وزارة التربية والتعليم التي تستهدف غَرْسَ قيمةِ الإتقان، فاتَها تحقيقُ ذلك في شيء يكون تحقيقُ الإتقان فيه يسيرًا يسيرًا!