• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شموع (114)
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الـعـفة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    ملاذ الضعفاء: حقيقة اللجوء (خطبة)
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ اللسان وضوابط الكلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    بيتان شعريان في الحث على طلب العلم
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من قال إنك لا تكسب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

قصة المنسلخ من آيات الله (خطبة)

قصة المنسلخ من آيات الله (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/7/2025 ميلادي - 8/1/1447 هجري

الزيارات: 7826

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة المُنسَلِخ من آيات الله


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:

فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْلُوَ عَلَى قَوْمِهِ قِصَّةَ الرَّجُلِ الَّذِي علَّمَه اللَّهُ آيَاتِهِ[1]، وَأَصْبَحَ عَالِمًا، فَتَبَرَّأَ مِنْهَا وَفَارَقَهَا: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ[2] مِنْهَا ﴾؛ أَيِ: انْسَلَخْ مِنَ الِاتِّصَافِ الْحَقِيقِيِّ بِالْعِلْمِ بِآيَاتِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ، يَجْعَلُ صَاحِبَهُ مُتَّصِفًا بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ، وَيَرْقَى إلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَأَرْفَعِ الْمَقَامَاتِ، فَتَرَكَ هَذَا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَنَبَذَ الْأَخْلَاقَ الَّتِي يَأْمُرُ بِهَا الْكِتَابُ، وَخَلَعَهَا كَمَا يَخْلَعُ اللِّبَاسَ.

 

﴿ فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾؛ أَيْ: فَلَحِقَهُ الشَّيْطَانُ وَأَدْرَكَهُ، وَجَعَلَهُ تَابِعًا لَهُ يُطِيعُ أَمْرَهُ، فَصَارَ مِنَ الضَّالِّينَ، الَّذِينَ لَا يَعْمَلُونَ بِعِلْمِهِمْ.

 

﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ﴾؛ أَيْ: وَلَوْ شِئْنَا لَوَفَّقْنَاهُ لِلْعَمَلِ بِهَا، فَتَرْتَفِعُ مَنْزِلَتُهُ وَقَدْرُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، ﴿ وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾؛ أَيْ: وَلَكِنَّهُ فَعَلَ مَا يَقْتَضِي الْخِذْلَانَ، فَسَكَنَ إِلَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَمَالَ إلَى زِينَتِهَا، وَآثَرَ لَذَّاتِهَا وَشَهَوَاتِهَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَاتَّبَعَ مَا تَمِيلُ إلَيْهِ نَفْسُهُ مِنَ الْبَاطِلِ، وَخَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ.

 

﴿ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾؛ أَيْ: فَمَثَلُ هَذَا الْمُنْسَلِخِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَعَدَمِ اتِّعَاظِهِ بِهَا؛ مَثَلُ الْكَلْبِ الَّذِي لَا يَزَالُ لَاهِثًا فِي كُلِّ حَالٍ؛ سَوَاءٌ زَجَرْتَهُ وَطَرَدْتَهُ، أَمْ تَرَكْتَهُ؛ فَهَذَا الَّذِي تَرَكَ الْعَمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ، إنْ وَعَظْتَهُ فَهُوَ عَلَى ضَلَالِهِ لَا يَتَّعِظُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ فَهُوَ مُسْتَمِرٌّ فِي ضَلَالِهِ، لَا يَتْرُكُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَاللَّهَفِ عَلَى الدُّنْيَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [يس: 10]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 193].

 

﴿ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾؛ أَيْ: ذَلِكَ الْمَثَلُ الْمَضْرُوبُ لِتَشْبِيهِ الْمُنْسَلِخِ مِنْ آيَاتِنَا، بِالْكَلْبِ الَّذِي يَلْهَثُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ؛ مَثَلُ جَمِيعِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِنَا.

 

﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾؛ أَيْ: فَاسْرُدْ – يَا مُحَمَّدُ – عَلَى أُمَّتِكَ مَا قَصَصْتُهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ؛ لِيَتَفَكَّرُوا فِيهَا، فَيَعْتَبِرُوا وَيَتُوبُوا إِلَى رَبِّهِمْ، وَلِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ صِحَّةَ نُبُوَّتِكَ، فَيُؤْمِنُوا بِكَ[3].

 

﴿ سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾[4]؛ (أَيْ: سَاءَ مَثَلُهُمْ أَنْ ‌شُبِّهُوا ‌بِالْكِلَابِ الَّتِي لَا هِمَّةَ لَهَا إِلَّا فِي تَحْصِيلِ أَكْلَةٍ أَوْ شَهْوَةٍ، فَمَنْ خَرَجَ عَنْ حَيِّزِ الْعِلْمِ وَالْهُدَى، وَأَقْبَلَ عَلَى شَهْوَةِ نَفْسِهِ، وَاتَّبَعَ هَوَاهُ؛ صَارَ شَبِيهًا بِالْكَلْبِ، وَبِئْسَ الْمَثَلُ مَثَلُهُ)[5]. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَهَذَا الْمَثَلُ - فِي قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ - ‌عَامٌّ ‌فِي ‌كُلِّ ‌مَنْ ‌أُوتِيَ الْقُرْآنَ فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ)[6].

 

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ عَالِمَ السُّوءِ الَّذِي يَعْمَلُ بِخِلَافِ عِلْمِهِ مَذْمُومٌ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ[7]:

1- ضَلَّ بَعْدَ عِلْمٍ، وَاخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ، عَمْدًا لَا جَهْلًا.

 

2- فَارَقَ الْإِيمَانَ مُفَارَقَةَ مَنْ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ أَبَدًا؛ كَمَا تَنْسَلِخُ الْحَيَّةُ مِنْ قِشْرِهَا.

 

3- لَمْ يَشَأِ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرْفَعَهُ بِالْعِلْمِ، فَكَانَ سَبَبَ هَلَاكِهِ؛ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَأَخَفَّ لِعَذَابِهِ.

 

4- أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ خِسَّةِ هِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْأَسْفَلَ الْأَدْنَى عَلَى الْأَشْرَفِ الْأَعْلَى.

 

5- اخْتِيَارُهُ لِلْأَدْنَى لَمْ يَكُنْ خَاطِرًا، أَوْ حَدِيثَ نَفْسٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ عَنْ إِخْلَادٍ إِلَى الْأَرْضِ[8]، فَكَانَ قَرَارًا اتَّخَذَهُ عَنْ قَنَاعَةٍ تَامَّةٍ.

 

6- رَغِبَ عَنِ الْهُدَى، وَاتَّبَعَ الْهَوَى؛ فَجَعَلَ هَوَاهُ إمَامًا لَهُ، يَقْتَدِي بِهِ وَيَتَّبِعُهُ: ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 43].

 

7- شُبِّهَ بِالْكَلْبِ الَّذِي هُوَ أَخَسُّ الْحَيَوَانَاتِ هِمَّةً، وَأَسْقَطُهَا نَفْسًا. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (شَبَّهَ – سُبْحَانَهُ - مَنْ آتَاهُ كِتَابَهُ وَعَلَّمَهُ الْعِلْمَ، فَتَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ، وَاتَّبَعَ هَوَاهُ، وَآثَرَ سَخَطَ اللَّهِ عَلَى رِضَاهُ، وَدُنْيَاهُ عَلَى آخِرَتِهِ؛ بِالْكَلْبِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَخْبَثِ الْحَيَوَانَاتِ، وَأَوْضَعِهَا قَدْرًا، وَأَخَسِّهَا نَفْسًا، وَهِمَّتُهُ لَا تَتَعَدَّى بَطْنَهُ)[9].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّ الدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ مِنْ قِصَّةِ هَذَا الْمُنْسَلِخِ:

1- هَذِهِ الْآيَاتُ مِنْ أَشَدِّ الْآيَاتِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، فَلْيَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنْهَا[10].

 

2- مَنْ ضَلَّ بَعْدَ هِدَايَةٍ؛ فَقَدِ اتَّبَعَ شُبُهَاتٍ يَحْسَبُهَا عِلْمًا وَإِيمَانًا: وَهِيَ سَرَابٌ خَادِعٌ، نَتَجَ عَنْهُ حُبُوطُ عَمَلِهِ، وَإِفْلَاسُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلَانِ.

 

3- الرِّفْعَةُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ وَإِيثَارِهِ، وَقَصْدِ مَرْضَاةِ اللَّهِ: فَإِنَّ هَذَا الْمُنْسَلِخَ كَانَ عَالِمًا بِاللَّهِ، وَجَرَى لَهُ مَا جَرَى! وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْخَافِضُ الرَّافِعُ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا ﴾[11].

 

4- الْعَمَلُ بِالْعِلْمِ رِفْعَةٌ مِنَ اللَّهِ لِصَاحِبِهِ، وَعِصْمَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ: وَتَرْكُ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ نُزُولٌ إِلَى أَسْفَلِ سَافِلِينَ[12]. قَالَ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ [التِّينِ: 5].

 

5- مَنْ كَانَتْ نِعَمُ اللَّهِ فِي حَقِّهِ أَكْثَرَ؛ كَانَ بُعْدُهُ عَنِ اللَّهِ – إِذَا أَعْرَضَ عَنْهُ – أَعْظَمَ وَأَكْبَرَ: وَلِذَلِكَ نَرَى النَّاكِصِينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، الْمُنْسَلِخِينَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ- أَشَدَّ عَدَاوَةً لِلْمُسْتَمْسِكِينَ بِالشَّرِيعَةِ مِنَ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ.

 

6- بِحَسْبِ مَا يَخْلُدُ الْعَبْدُ إِلَى الْأَرْضِ يَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ: فَتُصْبِحُ نَفْسُهُ أَرْضِيَّةً سُفْلِيَّةً، لَا سَمَاوِيَّةً عُلْوِيَّةً: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ ﴾[13].

 

7- الْعَبْدُ فَقِيرٌ إِلَى اللَّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَسْتَغْنِي عَنِ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ: فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْهِدَايَةَ، وَاسْتَعَانَ بِهِ عَلَى طَاعَتِهِ؛ أَعَانَهُ وَهَدَاهُ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ سَعَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْمَخْذُولُ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَعِينُ بِاللَّهِ، وَلَا يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْأَلُهُ الْهِدَايَةَ؛ فَعِنْدَهَا يُوكَلُ إِلَى نَفْسِهِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، فَيَتَوَلَّاهُ الشَّيْطَانُ، وَيَصُدُّهُ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَشْقَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ[14].

 

8- الْعَمَلُ بِكِتَابِ اللَّهِ يَحْفَظُ الْعَبْدَ، وَيَحْمِيهِ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فَإِذَا انْسَلَخَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، ظَفِرَ بِهِ الشَّيْطَانُ ظَفَرَ الْأَسَدِ بِفَرِيسَتِهِ: فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، الْعَامِلِينَ بِخِلَافِ عِلْمِهِمْ، الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَيَعْمَلُونَ خِلَافَهُ، كَعُلَمَاءِ السُّوءِ[15].

 

9- سَبَبُ ضَلَالِ مَنْ ضَلَّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ هُوَ الْإِعْجَابُ بِالنَّفْسِ، وَالْمَيْلُ إِلَى تَعَلُّمِ عُلُومِ الْجَاهِلِينَ وَالضُّلَّالِ: سَوَاءٌ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُنْتَسِبًا لِلْأَدْيَانِ السَّمَاوِيَّةِ، أَوِ الِاتِّجَاهَاتِ الْفَلْسَفِيَّةِ، أَوِ الْأَدْيَانِ الْوَثَنِيَّةِ، أَوِ الْمَدَارِسِ الْأَدَبِيَّةِ الْفِكْرِيَّةِ.

 

10- الْمَعْرِضُ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَفْتَحُ عَلَى نَفْسِهِ بَابًا لِلضَّلَالِ: وَبَعْدَ ذَلِكَ يَزْعُمُ بِأَنَّ طَرِيقَهُ إِلَى الْعِلْمِ هُوَ الْقِيَاسُ الْعَقْلِيُّ، أَوِ الْكَشْفُ وَالْفَيْضُ الْقَلْبِيُّ الصُّوفِيُّ، أَوِ الْأَئِمَّةُ الْمَعْصُومُونَ؛ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمُ انْسَلَخُوا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ[16].

 

11- أَفْضَلُ وَأَجَلُّ مَا يُقَدِّرُ اللَّهُ لِعَبْدِهِ الْهُدَى، وَأَعْظَمُ مَا يَبْتَلِيهِ بِهِ الضَّلَالُ: وَكُلُّ نِعْمَةٍ دُونَ نِعْمَةِ الْهُدَى، وَكُلُّ مُصِيبَةٍ دُونَ مُصِيبَةِ الضَّلَالِ: ﴿ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 178][17].

 

12- فِي هَذِهِ الْآيَاتِ عِبْرَةٌ لِلْمُوَفَّقِينَ؛ لِيَعْلَمُوا فَضْلَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي تَوْفِيقِهِمْ[18].

 

13- فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ التَّقْلِيدِ لِعَالِمٍ إِلَّا بِحُجَّةٍ بَيِّنَةٍ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ أَعْطَى هَذَا آيَاتِهِ فَانْسَلَخَ مِنْهَا، فَوَجَبَ أَنْ يُخَافَ مِثْلُ هَذَا عَلَى غَيْرِهِ[19].

 

14- لَا يَغْتَرَّ أَحَدٌ بِمَا أُوتِيَ مِنَ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِالْخَوَاتِيمِ[20]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌إِنَّ ‌مَا ‌أَتَخَوَّفُ ‌عَلَيْكُمْ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى إِذَا رُئِيَتْ بَهْجَتُهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ رِدْئًا لِلإِسْلَامِ، غَيَّرَهُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ، وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ» حَسَنٌ - رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَابْنُ حِبَّانَ.



[1] المراد بالآيات: هي: الآيات الشَّرْعِيَّةُ المُنَزَّلَة؛ وممن اختار ذلك: السعدي، والشنقيطي. وقيل: هي حُجَجُ التَّوحيدِ وفَهْمُ أدلَّتِه؛ ومِمَّن اختار هذا: الواحِدي، وابنُ عاشور. انظر: تفسير السعدي، (ص308)؛ العذب النمير، للشنقيطي (4/ 324)؛ الوسيط، (2/ 427)؛ تفسير ابن عاشور، (9/ 175).

[2] ﴿ فَانسَلَخَ ﴾ أي: خَرَجَ مِنَ العملِ بها، وأصلُ (سلخ): إخراجُ الشَّيءِ عَنْ جِلدِه. انظر: مقاييس اللغة، (3/ 94)؛ المفردات (ص419).

[3] انظر: تفسير الطبري، (10/ 576)؛ تفسير ابن كثير، (3/ 509)؛ تفسير ابن عطية، (2/ 476)؛ تفسير السعدي، (ص308).

[4] الآيات في سورة الأعراف: [175-177].

[5] تفسير ابن كثير، (3/ 462).

[6] تفسير القرطبي، (7/ 323).

[7] انظر: الفوائد، لابن القيم (ص101، 102).

[8] يُقَالُ: ‌أَخْلَدَ ‌فُلَانٌ ‌بِالْمَكَانِ؛ إِذَا أَقَامَ بِهِ وَلَزِمَهُ. انظر: تفسير القرطبي، (7/ 322).

[9] إعلام الموقعين، (1/ 127) باختصار.

[10] انظر: التفسير البسيط، للواحدي (9/ 468).

[11] انظر: إعلام الموقعين، لابن القيم (1/ 129).

[12] انظر: تفسير السعدي، (ص308).

[13] انظر: روضة المحبين، لابن القيم (ص194).

[14] انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية (8/ 236).

[15] انظر: إعلام الموقعين، (1/ 129).

[16] انظر: الأمثال القرآنية، د. عبد الله الجربوع (2/ 505).

[17] شفاء العليل، لابن القيم (ص65).

[18] انظر: تفسير ابن عاشور، (9/ 176).

[19] انظر: تفسير القرطبي (7/ 323).

[20] انظر: نظم الدرر، للبقاعي (8/ 160)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شفاء (قصة قصيرة)
  • قصة يوشع بن نون عليه السلام وعاشورا (خطبة)
  • حول قصة ثمود
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • قصة التوكل والمتوكلين (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • من دروس البر من قصة جريج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبر ودروس من قصة آل عمران عليهم السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفوائد العقدية في قصة نبي الله عيسى عليه السلام في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: ليس منا (الجزء الأول)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مخاطر إدمان السوشيال ميديا على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة بدع ومخالفات في المحرم(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/5/1447هـ - الساعة: 11:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب