• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شموع (114)
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الـعـفة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    ملاذ الضعفاء: حقيقة اللجوء (خطبة)
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ اللسان وضوابط الكلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    بيتان شعريان في الحث على طلب العلم
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من قال إنك لا تكسب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

نزول الرب تبارك وتعالى

نزول الرب تبارك وتعالى
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/2/2025 ميلادي - 20/8/1446 هجري

الزيارات: 5272

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نزول الرب تبارك وتعالى

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ؛ فَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ؛ نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا إِلَيْهِ مِنْ دِينِهِ الْقَوِيمِ، وَصِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ عَرَّفَ عِبَادَهُ عَلَيْهِ، وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ؛ فَأَرْسَلَ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَذَكَرَ فِيمَا أَنْزَلَ جُمْلَةً مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ؛ لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ مَنْ هُوَ رَبُّهُمْ وَخَالِقُهُمْ، فَيَتَوَسَّلُونَ إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ، وَيَدْعُونَهُ بِأَوْصَافِهِ، وَيَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ بِأَفْعَالِهِ وَأَقْدَارِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ مَا ذَخِرَ جُهْدًا فِي تَحْبِيبِ الْخَلْقِ إِلَى خَالِقِهِمْ، وَدَعْوَتِهِمْ إِلَى دِينِهِ، وَجَذْبِهِمْ إِلَى رَحْمَتِهِ، وَدَفْعِهِمْ عَنْ عَذَابِهِ؛ فَمَنْ أَطَاعَهُ كَانَ مِنَ النَّاجِينَ الْفَائِزِينَ، وَمَنْ عَصَاهُ كَانَ مِنَ الْهَالِكِينَ الْخَاسِرِينَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَوَحِّدُوهُ وَعَظِّمُوهُ، وَاحْمَدُوهُ وَاشْكُرُوهُ، وَاعْرِفُوا مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ مَا يَزِيدُكُمْ لَهُ تَعْظِيمًا وَعُبُودِيَّةً؛ ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ ‌الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 180].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ فِي عَقِيدَتِهِ إِثْبَاتُ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَمَا أَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ؛ فَلَيْسَتْ صِفَاتُهُ كَصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، وَلَا يَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.

 

وَمِمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى صِفَةُ النُّزُولِ، وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ، الَّتِي يَفْعَلُهَا الرَّبُّ سُبْحَانَهُ كَيْفَ شَاءَ، مَتَى شَاءَ، وَمِنْ ذَلِكَ نُزُولُهُ سُبْحَانَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي الثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، يَقُولُ: ‌مَنْ ‌يَدْعُونِي ‌فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ عَرَابَةَ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثَاهُ هَبَطَ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَقُولُ: لَا أَسْأَلُ ‌عَنْ ‌عِبَادِي ‌غَيْرِي، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرُ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي أَسْتَجِيبُ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي أُعْطِيهِ، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْبَاقِي يَهْبِطُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَهُ، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ ‌يُعْطَى ‌سُؤْلَهُ؟ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَأَحَادِيثُ نُزُولِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ أَحَادِيثُ مُتَوَاتِرَةٌ تُفِيدُ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ الْقَطْعِيَّ؛ كَمَا حَكَى ذَلِكَ جَمْعٌ مِنْ أَكَابِرِ الْمُحَقِّقِينَ، قَالَ الْإِمَامُ اللَّالَكَائِيُّ: «سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرُونَ نَفْسًا»، وَسَاقَ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي نُزُولِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ الْآخِرِ ثُمَّ قَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي صِحَّتِهِ... وَهُوَ حَدِيثٌ مَنْقُولٌ مِنْ طُرُقٍ مُتَوَاتِرَةٍ، وَوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، مِنْ أَخْبَارِ الْعُدُولِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

 

وَأَثْبَتَ كِبَارُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ صِفَةَ النُّزُولِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَخَذُوا بِأَحَادِيثِ النُّزُولِ، وَأَمْسَكُوا عَنْ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ النُّزُولِ؛ لِأَنَّ صِفَاتِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ لَا يَعْرِفُ مَخْلُوقٌ كَيْفِيَّتَهَا، وَلَمَّا سُئِلَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ صِفَةِ النُّزُولِ قَالَ: «‌يَنْزِلُ ‌بِلَا ‌كَيْفٍ»، وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي بَيَانِ عَقِيدَتِهِ: «‌‌الْقَوْلُ ‌فِي ‌السُّنَّةِ الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا وَرَأَيْتُ أَصْحَابَنَا عَلَيْهَا أَهْلَ الْحَدِيثِ الَّذِينَ رَأَيْتُهُمْ وَأَخَذْتُ عَنْهُمْ... الْإِقْرَارُ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ فِي سَمَائِهِ يَقْرُبُ مِنْ خَلْقِهِ كَيْفَ ‌شَاءَ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ‌يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كَيْفَ ‌شَاءَ».

 

وَهَذَا أَمْرٌ مُسْتَقِرٌّ عِنْدَ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُمْ أَكَابِرُ الْأَئِمَّةِ، وَأَثْبَتُوهُ مِنْ مُخْتَلِفِ الْبُلْدَانِ وَالْمَذَاهِبِ الْفِقْهِيَّةِ، وَسَاقَ الْإِمَامُ الدَّارِمِيُّ أَحَادِيثَ نُزُولِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ ثُمَّ عَقَّبَ عَلَيْهَا قَائِلًا: «فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ قَدْ جَاءَتْ كُلُّهَا وَأَكْثَرُ مِنْهَا فِي نُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ، وَعَلَى تَصْدِيقِهَا وَالْإِيمَانِ بِهَا أَدْرَكْنَا أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْبَصَرِ مِنْ مَشَايِخِنَا، لَا يُنْكِرُهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ رِوَايَتِهَا».

 

وَرَغْمَ تَوَاتُرِ أَحَادِيثِ نُزُولِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ عَلَى الْأَخْذِ بِهَا، وَعَدَمِ تَأْوِيلِهَا أَوْ تَفْوِيضِهَا، وَهُوَ إِجْمَاعٌ نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ الْكَلَامِيَّةِ، الَّتِي يُسَمُّونَهَا عَقْلِيَّةً، يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَ أَحَادِيثِ النُّزُولِ أَوْ يَرُدُوْنَهَا، بِفَلْسَفَاتٍ وَتَرَاكِيبَ أَخَذُوهَا عَنِ الْفَلَاسِفَةِ، زَاعِمِينَ أَنَّ إِثْبَاتَ صِفَةِ النُّزُولِ يَلْزَمُ مِنْهُ تَشْبِيهُ الْخَالِقِ بِالْمَخْلُوقِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَشَبَّهُوا الْخَالِقَ بِالْمَخْلُوقِ حِينَ زَعَمُوا ذَلِكَ، ثُمَّ عَطَّلُوهُ مِنْ صِفَاتِهِ زَاعِمِينَ تَنْزِيهَهُ، وَحَرَّفُوا مَعَانِيَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَرَدُّوا الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ، كُلُّ ذَلِكَ لِيُوَافِقُوا كَلَامَ فَلَاسِفَةِ الْيُونَانِ، وَمَنْ أَخَذُوا عَنْهُمْ مِمَّنْ يُنْسَبُونَ لِلْإِسْلَامِ.

 

إِنَّهُمْ يُعَارِضُونَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَلَامَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُقُولِ غَيْرِهِمْ، وَيُحَرِّفُونَهُ لِأَجْلِ قَوَاعِدِ غَيْرِهِمْ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى يُخْبِرُنَا أَنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنَّ يَدَيْهِ مَبْسُوطَتَانِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَأَخْبَرَنَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ رَبَّنَا سُبْحَانَهُ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ، وَهُمْ -بِانْحِرَافِهِمْ- يَنْفُونَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى صِفَةَ الْكَلَامِ، وَصِفَةَ النُّزُولِ، وَصِفَةَ الْيَدَيْنِ، وَيُنْكِرُونَ اسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ، فَأَيُّ انْحِرَافٍ كَهَذَا الِانْحِرَافِ، وَإِيُّ إِلْحَادٍ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَشَدُّ مِنْ هَذَا الْإِلْحَادِ، وَيَبُثُّونَ ضَلَالَهُمْ فِي عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُنَشِّئُونَ عَلَيْهِ أَطْفَالَهُمْ؛ لِيُرَبُّوهُمْ عَلَى الْبِدَعِ الْكَلَامِيَّةِ، وَالسَّفْسَطَاتِ الْفَلْسَفِيَّةِ، وَيُبْعِدُوهُمْ عَنِ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ، وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، فَاحْذَرُوهُمْ فَإِنَّهُمْ مِنْ شَرِّ الْبَرِيَّةِ، كَفَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ، وَرَدَّ عَنِ الْمُسْلِمِينَ ضَلَالَهُمْ، وَهَدَاهُمْ أَوْ أَرَاحَ مِنْهُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَهْلُ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ وَالتَّسْلِيمِ يُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا بَلَّغَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، مَعَ إِيمَانِهِمْ وَيَقِينِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ، وَأَنَّ صِفَاتِهِ لَيْسَتْ كَصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ؛ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشُّورَى: 11]، وَأَمَّا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالضَّلَالِ فَإِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلَهُ، وَلَا وَصْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ حَتَّى يَعْرِضُوهُ عَلَى أَهْوَائِهِمْ وَأَقْيِسَتِهِمُ الَّتِي أَخَذُوهَا عَنِ الْفَلَاسِفَةِ، ثُمَّ يُحَاكِمُونَ الْقُرْآنَ وَصَحِيحَ السُّنَّةِ إِلَيْهَا، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ فِي صِفَةِ النُّزُولِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ مُتَغَيِّرٌ فِي الْأَرْضِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ دَوَامُ النُّزُولِ، وَهُمْ مَا قَالُوا ذَلِكَ إِلَّا لِمَا ظَنُّوا أَنَّ نُزُولَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ كَنُزُولِ الْمَخْلُوقِينَ، وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْزُقُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جِنَّهُمْ وَإِنْسَهُمْ، وَحَيَوَانَهُمْ وَطَيْرَهُمْ وَحَشَرَاتِهِمْ، فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَيَعْلَمُ حَرَكَاتِهِمْ وَأَفْعَالَهُمْ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ، وَيَسْمَعُ أَقْوَالَهُمْ بِكُلِّ لُغَةٍ، وَهُمْ بِالْمِلْيَارَاتِ، وَلَا يَشْغَلُهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَلَمْ تَعْجِزْهُ سُبْحَانَهُ كَثْرَتُهُمْ، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْمَعُ دُعَاءَ الدَّاعِينَ، وَتَضَرُّعَ السَّاجِدِينَ، وَيُعْطِيهِمْ مَسَائِلَهُمْ عَلَى اخْتِلَافِ بُلْدَانِهِمْ وَأَوْقَاتِهِمْ، وَيَقْرَأُ كُلُّ مُصَلٍّ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمُصَلُّونَ بِالْمَلَايِينِ، وَيُصَلُّونَ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ بِاخْتِلَافِ بُلْدَانِهِمْ، فَيَقُولُ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ مُصَلٍّ مِنْهُمْ: حَمِدَنِي عَبْدِي.. مَجَّدَنِي عَبْدِي.. أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي.. هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.. حَتَّى يُنْهِيَ الْفَاتِحَةَ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عِبَادِهِ وَلَا يُحْصِيهِمْ غَيْرُهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ تَرْجُمَانٌ، وَيُقَرِّرُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِذُنُوبِهِ، لَا يَشْغَلُهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، فَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْقُدْرَةِ وَالْعَظَمَةِ هَلْ يَلِيقُ بِمُؤْمِنٍ أَنْ يَنْفِيَ نُزُولَهُ فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالتَّوَاتُرِ؛ لِيَقُولَ: إِنَّ ثُلُثَ اللَّيْلِ يَتَغَيَّرُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ، وَكَأَنَّ الَّذِي يَنْزِلُ مَخْلُوقٌ مِثْلُهُ! إِنَّهُ الْخَالِقُ سُبْحَانَهُ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَمَا أَخْبَرَنَا بِهِ قَبِلْنَاهُ وَأَخَذْنَا بِهِ، وَلَا نَتَعَرَّضُ لِكَيْفِيَّتِهِ.

 

آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَأَقْرَرْنَا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَوَصَفَتْهُ بِهِ رُسُلُهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ مُوَافَاتَهُ عَلَى ذَلِكَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لماذا يشككون في عاشوراء؟!
  • الأمن والاستقرار ضرورتان
  • التجربة الأيوبية (التعليم ونهضة الأمة 3)
  • تبارك الله رب العالمين (خطبة)
  • تقوية القلب على لزوم الحق (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ذكر الله سبب من أسباب نزول السكينة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه وفي بيته(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • وقفات تربوية مع سورة النصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي تبارك وعم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أحكام سلس البول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم تشبيه الله تبارك وتعالى بخلقه وضرب الأمثال له(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم إنكار إرادة الله تبارك وتعالى أو إرادة المخلوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم التوكل على غير الله تبارك وتعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الكافرون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/5/1447هـ - الساعة: 11:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب