• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير سورة العلق
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    النهي عن الوفاء بنذر المعصية
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الدرس السادس والعشرون: الزكاة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الخلاصة في تفسير آية الجلابيب وآية الزينة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة: وقفة محاسبة في زمن الفتن
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التبكير إلى صلاة الجمعة والتحذير من التخلف ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مختصر رسالة إلى القضاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    كيف أكون سعيدة؟
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    موجة الإلحاد الجديد: تحديات وحلول
    محمد ذيشان أحمد القاسمي
  •  
    الأسوة الحسنة ذو المكارم صلى الله عليه وسلم (كان ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من عوفي فليحمد الله (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: أخبر الناس أنه من استنجى برجيع أو عظم ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: ذو الجلال ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الإلحاد والأساس الخرب
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

علو الله تعالى على خلقه (3)

علو الله تعالى على خلقه (3)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/9/2023 ميلادي - 13/3/1445 هجري

الزيارات: 8545

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علو الله تعالى على خلقه (3)

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ؛ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، وَشَرَّفَهُ بِحَمْلِ أَمَانَةِ الدِّينِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ فَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ، وَعَرَّفَهُمْ إِلَيْهِ، وَتَوَدَّدَ إِلَيْهِمْ بِنِعَمِهِ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَابَ بِرِّهِ وَفَضْلِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَتَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِي نَفْسِي وَإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّعَرُّفِ إِلَيْهِ بِالتَّفَكُّرِ فِي مَخْلُوقَاتِهِ، وَتَدَبُّرِ آيَاتِهِ، وَمَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْحَشْرِ: 22-24].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: عُلُوُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ مُسْتَقِرٌّ فِي الْفِطَرِ السَّوِيَّةِ؛ فَالدَّاعِي يَرْفَعُ يَدَيْهِ لِلسَّمَاءِ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ. وَتَضَافَرَتْ أَدِلَّةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى، حَتَّى قِيلَ: إِنَّ فِي الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دَلِيلٍ تُثْبِتُ عُلُوَّ اللَّهِ تَعَالَى بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ. وَلِأَجْلِ عُلُوِّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى خَلْقِهِ؛ كَانَ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِالْبَشَرِ يَعْرُجُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، وَالْعُرُوجُ هُوَ الصُّعُودُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [الْمَعَارِجِ: 4]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾ [السَّجْدَةِ: 5]؛ «أَيْ: يُدَبِّرُ أَمْرَ الدُّنْيَا بِأَسْبَابٍ سَمَاوِيَّةٍ، مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهَا، نَازِلَةً آثَارُهَا وَأَحْكَامُهَا إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَصْعَدُ إِلَيْهِ مَعَ الْمَلَكِ لِلْعَرْضِ عَلَيْهِ». فَآيَاتُ عُرُوجِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَعْمَالِ إِلَيْهِ مِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ عَلَى عُلُوِّهِ بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [فَاطِرٍ: 10].

 

وَجَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ فَالْمَلَائِكَةُ الْمُتَعَاقِبُونَ عَلَى الْبَشَرِ يَعْرُجُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي عُلُوِّهِ؛ لِيُخْبِرُوهُ بِأَعْمَالِ الْبَشَرِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِهِمْ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَكَذَلِكَ تَعْرُجُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ الْمَوْتِ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عُلُوِّهِ سُبْحَانَهُ بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، قَالَ: فَلَا يَزَالُ يُقَالُ ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَجَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ: فُلَانٌ، فَيَقُولُونَ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، قَالَ: فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

 

وَسُمِّيَ صُعُودُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ عُرُوجًا؛ لِأَنَّهُ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ، وَفَرَضَ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي السَّمَاءِ، وَنَزَلَ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرَهُ بِفَرْضِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ مُوسَى عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ وَطَلَبِ التَّخْفِيفِ، فَمَا زَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سَمَائِهِ، وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ؛ حَتَّى خَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرُوجَهُ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى الثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّالِثَةِ ثُمَّ الرَّابِعَةِ ثُمَّ الْخَامِسَةِ ثُمَّ السَّادِسَةِ ثُمَّ السَّابِعَةِ، ثُمَّ رُفِعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: «ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ: خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى، فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ: أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَعَلَا بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ، فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ: يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ هَذَا، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ... الْحَدِيثَ»، وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَطْلُبُ التَّخْفِيفَ، ثُمَّ يَهْبِطُ إِلَى مُوسَى فَيُشِيرُ عَلَيْهِ بِالصُّعُودِ لِمَزِيدٍ مِنَ التَّخْفِيفِ، حَتَّى بَلَغَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثُمَّ عَرَجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ» أَيْ: أَسْمَعُ صَوْتَ مَا تَكْتُبُهُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ وَوَحْيِهِ وَتَدْبِيرِهِ، وَمَا يَنْسَخُونَهُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. قَالَ الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «هَذَا الْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَوْقَ السَّمَاوَاتِ، وَفَوْقَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، لَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ مِعْرَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فَوْقِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَدُنُوُّ الْجَبَّارِ مِنْهُ، وَتَدَلِّيهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِلَا كَيْفٍ، حَتَّى كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى... وَأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَا بِهِ، حَتَّى أَتَى بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذِهِ الْمُقْتَضَيَاتُ كُلُّهَا الَّتِي أَفَادَتْنَا أَنَّهُ فَوْقَ السَّمَاءِ، بَاطِلَةً لَا تُفِيدُ شَيْئًا».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ الضَّلَالِ، وَأَبْيَنِ الضَّيَاعِ؛ مُصَادَمَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَرْعِهِ، وَتَحْرِيفُ إِخْبَارِهِ سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَنَفْيُ عُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَالْإِلْحَادُ فِي آيَاتِهِ الْمُنَزَّلَةِ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [فُصِّلَتْ: 40]، «وَالْإِلْحَادُ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْمَيْلُ بِهَا عَنِ الصَّوَابِ، بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ: إِمَّا بِإِنْكَارِهَا وَجُحُودِهَا، وَتَكْذِيبِ مَنْ جَاءَ بِهَا، وَإِمَّا بِتَحْرِيفِهَا وَتَصْرِيفِهَا عَنْ مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ، وَإِثْبَاتِ مَعَانٍ لَهَا، مَا أَرَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا. فَتَوَعَّدَ تَعَالَى مَنْ أَلْحَدَ فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، وَسَيُجَازِيهِ عَلَى إِلْحَادِهِ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ».

 

وَمِنَ الْإِلْحَادِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ: إِنْكَارُ عُلُوِّهِ بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ، مَعَ تَضَافُرِ النُّصُوصِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى ذَلِكَ، وَدَلَالَةِ الْفِطْرَةِ وَالْعَقْلِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ مَنْ زَاغَ قَلْبُهُ عَنِ الْحَقِّ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَنَفَى عَنْهُ مَا يَسْتَحِقُّهُ. وَتِلْكَ طَرِيقَةُ أَهْلِ الضَّلَالِ؛ فَإِنَّهُمْ يَنْفُونَ عُلُوَّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ، وَيُحَرِّفُونَ نُصُوصَ وَحْيِهِ، وَيَبُثُّونَ ضَلَالَهُمْ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَجْتَهِدُونَ فِي تَلْقِينِهِ لِأَطْفَالِهِمْ؛ وَلِذَا وَجَبَ الْحَذَرُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ مَسَالِكِ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةِ الضُّلَّالِ، وَمَا يَبُثُّونَهُ مِنْ شُبُهَاتٍ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، فَيَصِفُونَهُ بِمَا لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيُحَرِّفُونَ مَعَانِيَ مَا وَرَدَ فِيهِمَا؛ مُوَافَقَةً لِأَهْوَائِهِمْ ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الْقَصَصِ: 50]. وَاللَّهُ تَعَالَى أَمَرَنَا بِتَرْكِهِمْ، وَالْبُعْدِ عَنْهُمْ، وَعَدَمِ الِاسْتِمَاعِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 180]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ مَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علو الله تعالى على خلقه (1)
  • علو الله تعالى على خلقه (2)
  • علو الله تعالى على خلقه (4)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة العلو للعلي العظيم (العلو للعلي الغفار في إيضاح صحيح الأخبار وسقيمها) (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأربعون حديثا في علو الله العلي الأعلى على خلقه واستواءه على عرشه، ويليه نقل عن 100 من علماء السلف في إثبات علو الله على خلقه واستواءه على عرشه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غنى الخالق عن خلقه وافتقار جميع خلقه إليه(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الشباب وعلو الهمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسس وقواعد الإيمان بصفات الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انتقاد العلماء لبعض ما في الصحيحين دليل صحتهما وعلو درجتهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علو الهمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علو مكانة الصحابة وفضائلهم في تفسير ابن كثير (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الإسلام يحقق السيادة والعلو والتمكين في الأرض وعصمة من الضلال والزيغ والانحراف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علو الهمة يتحقق بعدم سؤال الناس(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/12/1446هـ - الساعة: 15:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب