• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نهاية عام وبداية عام (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    التواصل العلمي الموضوعي بين الصحابة: عائشة وأبو ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    راحة القلب في ترك ما لا يعنيك
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإلحاد
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإسلام يدعو إلى العدل
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من مائدة التفسير سورة قريش
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    عناية النبي - صلى الله عليه وسلم- بحفظ القرآن ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة: فوائد الأذكار لأولادنا
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    إمامة الطفل بالكبار
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك (الأمن في المخاوف)

خطبة عيد الأضحى المبارك (الأمن في المخاوف)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/7/2020 ميلادي - 30/11/1441 هجري

الزيارات: 28855

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك

الأمن في المخاوف


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، الْقَوِيِّ الْمَتِينِ ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [يُونُسَ: 3].


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُحْيِي الْمُمِيتِ، الْمُبْدِئِ الْمُعِيدِ، ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، فَعَّالٍ لِمَا يُرِيدُ، يُرِي عِبَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ وَآيَاتِهِ وَحِكْمَتِهِ مَا تَحَارُ فِيهِ عُقُولُهُمْ، وَيَمْلِكُ عَلَيْهِمْ قُلُوبَهُمْ، فَيُسَبِّحُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَيُعَظِّمُونَهُ. وَيُرِيهِمْ مِنْ قُوَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ مَا تَتَلَاشَى مَعَهُ قُوَّةُ الْبَشَرِ مَهْمَا كَانَتْ؛ فَيَرْهَبُهُ الْمُؤْمِنُونَ وَيَخَافُونَهُ وَيَعْبُدُونَهُ، نَحْمَدُهُ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَنَحْمَدُهُ فِي الْعَافِيَةِ وَالْبَلَاءِ؛ فَهُوَ الْمَحْمُودُ فِي كُلِّ حَالٍ، الْمَذْكُورُ فِي كُلِّ زَمَانٍ ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 44]، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَرَعَ لَنَا مَوَاسِمَ الْخَيْرَاتِ، وَنَوَّعَ لَنَا فِيهَا الطَّاعَاتِ، فَمَنِ اغْتَنَمَهَا فَازَ بِالرِّضْوَانِ وَالْجَنَّاتِ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا خَسِرَ خُسْرَانًا كَبِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا؛ فَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.


اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.


اللَّهُ أَكْبَرُ مَا لَبَّى مُلَبٍّ وَكَبَّرَ.. اللَّهُ أَكْبَرُ مَا ضَحَّى مُضَحٍّ وَنَحَرَ.. اللَّهُ أَكْبَرُ مَا رَمَى حَاجٌّ الْجَمَرَاتِ وَكَبَّرَ.. اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّه بُكْرَةً وَأَصِيلًا.


أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّهَا وَصِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾ [النِّسَاءِ: 131].


أَيُّهَا النَّاسُ:

كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَجَّ هَذَا الْعَامَ لِعَدَدٍ قَلِيلٍ مِنَ النَّاسِ، وَحَالَ الْوَبَاءُ وَالِاحْتِرَازُ مِنْهُ بَيْنَ مَلَايِينِ الْبَشَرِ وَبَيْنَ الْحَجِّ، وَأُجُورُ مَنْ مَنَعَهُمُ الْوَبَاءُ مِنَ الْحَجِّ مَكْتُوبَةٌ؛ إِذْ لَوْلَا الْمَنْعُ بِسَبَبِهِ لَحَجُّوا، فَيَدْخُلُونَ فِي الْبِشَارَةِ النَّبَوِيَّةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلَا وَادِيًا إِلَّا وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ» فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَ الْحُجَّاجِ حَجَّهُمْ، وَأَنْ يَكْتُبَ أُجُورَ مَنْ عَزَمُوا عَلَيْهِ فَحَبَسَهُمُ الْوَبَاءُ عَنْهُ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.


اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

يَكْتَنِفُ الْإِنْسَانَ الْمُعَاصِرَ جُمْلَةٌ مِنَ الْمَشَاكِلِ، وَتُحِيطُ بِهِ الْمَخَاطِرُ، وَيُعَالِجُ جُمْلَةً مِنَ الْمَخَاوِفِ؛ فَتَعْقِيدَاتُ الْحَيَاةِ وَمَشَاكِلُهَا وَمَخَاوِفُهَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ، وَتَكْبُرُ وَلَا تَصْغُرُ، وَتَنْتَشِرُ وَلَا تَنْحَصِرُ، فَمَخَاوِفُ مِنَ الْمَرَضِ وَالْوَبَاءِ وَالْمَوْتِ، وَمَخَاوِفُ مِنَ الْحُرُوبِ وَمَا يَنْتِجُ عَنْهَا مِنَ الْقَتْلِ وَالتَّدْمِيرِ وَالتَّشْرِيدِ، وَمَخَاوِفُ مِنَ الْكَسَادِ وَالرُّكُودِ وَمَا يَنْتِجُ عَنْهُمَا مِنَ الْقِلَّةِ وَالْفَقْرِ وَالْجُوعِ، مِمَّا يَجْعَلُ الْمَرْءَ يَبْحَثُ عَنْ دُرُوبِ الْأَمْنِ فِي عَوَاصِفِ الْخَوْفِ، وَيَلْتَمِسُ سُبُلَ النَّجَاةِ فِي لُجَجِ الْمَهَالِكِ.


وَالْمُؤْمِنُ يَجِدُ فِي إِيمَانِهِ سِعَةً مِنَ الضِّيقِ، وَأَمْنًا حَالَ الْخَوْفِ، وَسَلَامَةً مِنَ الْأَرَقِ وَالْقَلَقِ، وَرَاحَةً مِنَ التَّفْكِيرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَيُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ:

فَالْمُؤْمِنُ يَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَهُوَ خَالِقُ الْخَلْقِ، وَمُقَدِّرُ الْقَدَرِ، فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ إِلَّا بِأَمْرِهِ وَعِلْمِهِ، فَلَا يَجْزَعُ وَلَا يَسْخَطُ ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ﴾ [الرُّومِ: 25].


وَالْمُؤْمِنُ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يُقَدِّرُ عَلَيْهِمْ إِلَّا مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، وَلَوْ كُشِفَ الْقَدَرُ لِمُؤْمِنٍ لَمَا اخْتَارَ إِلَّا مَا اخْتَارَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 257].


وَالْمُؤْمِنُ يَعْلَمُ أَنَّ الرِّزْقَ وَالْأَجْلَ مَكْتُوبَانِ مَحْتُومَانِ؛ فَلَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، وَلَنْ تَمُوتَ إِلَّا فِي أَجَلِهَا، وَكَمْ مِنْ آمِنٍ مُعَافًى مَاتَ فَجْأَةً عَلَى فِرَاشِهِ، وَكَمْ مِنْ مُعَمَّرٍ تَنْهَشُهُ الْأَمْرَاضُ الْخَطِيرَةُ الْمُسْتَعْصِيَةُ عُقُودًا وَمَا أَهْلَكَتْهُ، وَكَمْ مِنْ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الْحُرُوبِ، وَشَبَّ فِيهَا، وَهَرِمَ فِيهَا حَتَّى اعْتَادَ عَلَيْهَا وَمَا مَاتَ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ أَجَلًا مُقَدَّرًا لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ [النِّسَاءِ: 78]، ﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 60- 61].


وَالْمُؤْمِنُ يَعْلَمُ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ إِمْهَالٍ وَامْتِحَانٍ، وَلَيْسَتْ دَارَ جَزَاءٍ وَقَرَارٍ، فَهُوَ فِيهَا عَابِرُ سَبِيلٍ إِلَى غَيْرِهَا، وَقَدْ كُلِّفَ فِيهَا بِالْعَمَلِ لِسِوَاهَا، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا عَافِيَةً وَسَعَةً حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَاسْتَعْمَلَهَا فِي طَاعَتِهِ، وَلَمْ يَطْغَ وَلَمْ يَبْطَرْ وَلَمْ يَغْتَرَّ بِهَا، وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا ضِيقًا وَكَرْبًا وَشِدَّةً صَبَرَ وَاحْتَسَبَ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِعِلْمِهِ أَنَّهَا دَارُ عُبُورٍ وَلَيْسَتْ دَارَ حُبُورٍ، وَأَنَّهُ يَمُرُّ عَبْرَهَا إِلَى دَارِهِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي يَلْقَاهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، فَالدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا لَا تُسَاوِي أَنْ يَفْرَحَ وَاجِدُهَا بِهَا، وَلَا أَنْ يَحْزَنَ الْمَحْرُومُ مِنْهَا؛ فَالْكُلُّ يَرْحَلُ عَنْهَا ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185]، ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 38]، ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غَافِرٍ: 39].


اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.


وَفِي الْأَزَمَاتِ يَجِبُ أَنْ يَتَمَيَّزَ الْمُؤْمِنُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ، بِمَا يَسُودُ فِيهِمْ مِنْ رُوحِ الْأُخُوَّةِ وَالتَّعَاطُفِ وَالتَّعَاوُنِ وَالتَّآزُرِ وَالْمُوَاسَاةِ وَالْإِيثَارِ؛ فَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا الصِّنْفِ مِنَ النَّاسِ ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الْحَشْرِ: 9]، ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الْإِنْسَانِ: 8]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».


اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.


وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ، الرَّزَّاقِ الْكَرِيمِ؛ يَجُودُ عَلَى عِبَادِهِ بِبِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ، وَيُتَابِعُ عَلَيْهِمْ فَضْلَهُ وَإِنْعَامَهُ، وَهُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.


اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

الْيَوْمُ يَوْمُ النَّحْرِ، وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَأَكْثَرُ أَعْمَالِ الْحُجَّاجِ تَكُونُ فِيهِ؛ كَرَمْيِ الْجِمَارِ، وَذَبْحِ الْهَدْيِ، وَحَلْقِ الرَّأْسِ، وَطَوَافِ الْحَجِّ وَسَعْيِهِ ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الْحَجِّ: 29]. وَأَهْلُ الْأَمْصَارِ يَتَقَرَّبُونَ لِلَّهِ تَعَالَى بِهَذِهِ الصَّلَاةِ الْعَظِيمَةِ، ثُمَّ يَذْبَحُونَ ضَحَايَاهُمْ، وَيَأْكُلُونَ مِنْهَا وَيُهْدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الذَّبْحِ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى، يُشْرَعُ فِيهَا التَّكْبِيرُ، فَكَبِّرُوا اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 203].


اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.


أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ:

إِنَّ النِّسَاءَ هُنَّ الْأَضْعَفُ فِي الْحُرُوبِ وَالنِّزَاعَاتِ، وَفِي الْأَزَمَاتِ وَالْمُشْكِلَاتِ؛ لِغَلَبَةِ الْعَاطِفَةِ عَلَيْهِنَّ، وَانْهِيَارِ كَثِيرٍ مِنْهُنَّ فِي الْمَصَائِبِ الْعِظَامِ، مِمَّا يُوجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَتَسَلَّحَ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ؛ لِمُوَاجَهَةِ مَا يَحْذَرُهُ الْبَشَرُ وَمَا يَخَافُونَهُ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْحُرُوبِ وَالْأَوْبِئَةِ وَالْكَسَادِ وَالْفَقْرِ وَالْمَجَاعَاتِ؛ فَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا مَفْزَعَ إِلَّا إِلَى عِبَادَتِهِ وَذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ مَفْزَعَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي الْكُرُوبِ وَالشَّدَائِدِ.


كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ مَعْنِيَّةٌ بِتَرْبِيَةِ أَوْلَادِهَا عَلَى الْقُوَّةِ وَالثَّبَاتِ فِي الْمَصَائِبِ وَالنَّكَبَاتِ، وَلَهَا أُسْوَةٌ بِأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، الَّتِي كَانَتْ عَجُوزًا ضَعِيفَةً عَمْيَاءَ، قَدْ بَلَغَتْ مِائَةَ عَامٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا ابْنُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ يَنْتَظِرُ الْقَتْلَ وَالتَّمْثِيلَ وَالصَّلْبَ فَثَبَّتَتْهُ وَصَبَّرَتْهُ، قَالَ لَهَا: «يَا أُمَّاهُ، قَدْ خَذَلَنِي النَّاسُ حَتَّى وَلَدِي وَأَهْلِي، وَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلَّا الْيَسِيرُ، وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ صَبْرِ سَاعَةٍ، وَالْقَوْمُ يُعْطُونِي مَا أَرَدْتُ مِنَ الدُّنْيَا، فَمَا رَأْيُكِ؟ فَقَالَتْ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِنَفْسِكَ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ عَلَى حَقٍّ وَإِلَيْهِ تَدْعُو، فَامْضِ لَهُ، فَقَدْ قُتِلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُكَ... وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ الدُّنْيَا، فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنْتَ، أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَكَ، وَإِنْ قُلْتَ: كُنْتُ عَلَى حَقٍّ، فَلَمَّا وَهَنَ أَصْحَابِي ضَعُفْتُ، فَهَذَا لَيْسَ فِعْلَ الْأَحْرَارِ وَلَا أَهْلِ الدِّينِ، كَمْ خُلُودُكَ فِي الدُّنْيَا! الْقَتْلُ أَحْسَنُ! فَقَالَ: يَا أُمَّاهُ، أَخَافُ إِنْ قَتَلَنِي أَهْلُ الشَّامِ أَنْ يُمَثِّلُوا بِي وَيَصْلُبُونِي. قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ الشَّاةَ إِذَا ذُبِحَتْ لَا تَتَأَلَّمُ بِالسَّلْخِ، فَامْضِ عَلَى بَصِيرَتِكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ تَعَالَى»، وَلِمَا قُتِلَ ابْنُهَا وَصُلِبَ دَخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّاجُ فَقَالَ: «كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ». فَيَا لَهَا مِنَ امْرَأَةٍ عَظِيمَةٍ شَامِخَةٍ ثَابِتَةٍ، لَمْ تَزِدْهَا الْمَصَائِبُ إِلَّا صَلَابَةً فِي الْحَقِّ.


اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

افْرَحُوا بِالْعِيدِ فَإِنَّهُ يَوْمُ فَرَحٍ وَسُرُورٍ، وَاحْذَرُوا الْمُنْكَرَاتِ، وَأَكْثِرُوا الذِّكْرَ وَالطَّاعَاتِ، شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَأَعْطَاكُمْ.


أَعَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْأَعْمَالِ.


﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى المبارك (كمال الإسلام)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك (1440هـ) ضرر فقد الإيمان
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1440هـ
  • خطبتا عيد الأضحى المبارك لعام 1443هـ

مختارات من الشبكة

  • عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1438 (الفرحة بالعيد لا تنسينا يوم الوعيد)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأضحى في زمن الابتلاء (خطبة عيد الأضحى 1441هـ)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة عيد الأضحى 1441هـ (الأضحى إرث إبراهيم)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أيام الأضحى والنحر أيام تضحية وفداء وذكر (خطبة عيد الأضحى 1439هـ)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1446هـ (من وضع ثقته في الله، فلن يضيعه الله أبدا)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هجرية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 15:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب