• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

جنة الخلد (2)

جنة الخلد (5)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/4/2014 ميلادي - 12/6/1435 هجري

الزيارات: 20775

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جنة الخلد (2)

تربة الجنة وأشجارها


الحمد لله الجواد الكريم، البر الرحيم؛ جعل الجنة دار المتقين، ورغبهم فيها بالحور العين، وكملها بأنواع النعيم ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ﴾ [الزخرف: 71] نحمده على وافر نعمه، ونشكره على جزيل مننه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وعد من آمن وعمل صالحاً بنعيم مقيم، وملك كبير، لا يزول ولا يحول، ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴾ [الإنسان: 20] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ بشر أمته بنعيم الجنة فقال «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّة وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى في السر والعلن، والمنشط والمكره، وإتباع العلم العمل؛ فإن الدنيا تزول، ولا يبقى للعبد منها إلا ما عمل فيها، وإن تقوى الله تعالى طريق الولاية والفوز والسعادة ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾[يونس: 62 - 64].

 

أيها الناس:

الحديث عن الجنة حديث عذب طيب، تحبه قلوب المؤمنين، وتستروح به أنفس المتقين، ويزيل كروب المهمومين، ويزيد يقين الموقنين، ويشد صبر الصابرين. إنه عدة المؤمنين في ابتلاءات السراء والضراء؛ ففي السراء لا يغتر ولا يبطر؛ لأن وراءه داراً لا يدخلها أهل البطر والغرور، وفي الضراء لا يجزع لعلمه أن الدنيا ليست نهاية المطاف؛ فثمة قبر وبعث وحساب وجزاء.

 

إنه حديث عن دار لا دار مثلها، وعن نعيم لم تره الأبصار، ولم تسمع به الآذان، ولا يرد في الخيال، فمهما جال العبد بفكره في نعيم يتمناه، ولذة يطلبها، وسعادة ينشدها؛ فإن نعيم الجنة أعظم وأكمل وأكبر مما تخيل ومما تمنى.

 

والحديث عن الجنة حديث طويل ذو شجون؛ لكثرة ما ورد فيها النصوص. وفي الجنة تربة وأشجار وظلال، فما تربتها؟ وما أشجارها؟ وما طول ظلالها؟ كل ذلك جاء في القرآن والسنة ليشتاق قارئ القرآن والحديث ومستمعهما إلى الجنة فيعمل بما يوصله إليها، ويجتنب ما يباعده عنها.

 

وتربة الجنة أنواع من الطيب كما جاء في الأحاديث؛ ففي حديث أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: «دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ خَالِصٌ» رواه مسلم.

 

قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا فِي الْبَيَاضِ دَرْمَكَةٌ، وَفِي الطِّيبِ مِسْكٌ وَالدَّرْمَكُ هُوَ الدَّقِيقُ الْحَوَارِيُّ الْخَالِصُ الْبَيَاضُ.

 

وفي حديث الإسراء قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا المِسْكُ " متفق عليه.

 

واشتاق الصحابة رضي الله عنهم يوما إلى حديث الجنة فقالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، حَدِّثْنَا عَنِ الْجَنَّةِ، مَا بِنَاؤُهَا؟ قَالَ: " لَبِنَةُ ذَهَبٍ وَلَبِنَةُ فِضَّةٍ، وَمِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ، وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ" رواه أحمد وصححه ابن حبان.

 

وأهل الجنة ينعمون في ظلالها ﴿ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57] ﴿ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ﴾ [يس: 56]﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴾ [المرسلات: 41].

 

وظلال الشيء على مقدار حجمه، وظلال الجنة متسعة لعظم أشجارها وضخامتها، وما سميت الجنة جنة إلا لكثرة أشجارها، واشتداد خضرتها، ومن شجرها السدر والطلح، وثمرها في الجنة أحسن ثمر ﴿ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴾ أي: لا شوك فيه ﴿ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ﴾ [الواقعة: 28 - 29] أي: صفت فيه الثمار الطيبة.

 

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ... أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ يَوْمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ شَجَرَةً مُؤْذِيَةً وَمَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ تُؤْذِي صَاحِبَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَمَا هِيَ؟ قَالَ: السِّدْرُ فَإِنَّ لَهَا شَوْكًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴾ [الواقعة: 28] يَخْضِدُ اللَّهُ شَوْكَهُ فَيُجْعَلُ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ ثَمَرَةٌ، فَإِنَّهَا تُنْبِتُ ثَمَرًا تُفْتَقُ الثَّمَرَةُ مَعَهَا عَنِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لَوْنًا مَا مِنْهَا لَوْنٌ يُشْبِهُ الْآخَرَ"رواه الحاكم وصححه.

 

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: إِذَا كَانَ السِّدْرُ الَّذِي فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ لَا يُثْمِرُ إِلَّا ثَمَرَةً ضَعِيفَةً، وَهَى النَّبْقُ، وَفِيهِ شَوْكٌ كَثِيرٌ، وَالطَّلْحُ الَّذِي لَا يُرَادُ مِنْهُ إِلَّا الظِّلُّ فِي الدُّنْيَا، يَكُونَانِ فِي الْجَنَّةِ فِي غَايَةِ كَثْرَةِ الثِّمَارِ وَحُسْنِهَا، حَتَّى إِنَّ الثَّمَرَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْهَا تَتَفَتَّقُ عَنْ سَبْعِينَ نَوْعًا مِنَ الطُّعُومِ وَالْأَلْوَانِ، الَّتِي لَا يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَمَا الظَّنُّ بِثِمَارِ الْأَشْجَارِ الَّتِي تَكُونُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةَ الثِّمَارِ، طَيِّبَةَ الرَّائِحَةِ، سَهْلَةَ التَّنَاوُلِ. اهـ.

 

ودونكم -أيها الإخوة- هذا الحديث العجيب في شجرة واحدة من أشجار الجنة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، لاَ يَقْطَعُهَا، وَاقْرَؤوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾ [الواقعة: 30]» رواه الشيخان، وفي حديث آخر لهما «إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ الجَوَادَ المُضَمَّرَ السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا».

 

وَالجَوَادُ الْمُضَمَّرُ هو الَّذِي حبس عنه الطعام لِيَشْتَدَّ جَرْيُهُ.

 

يا لعظمة الله تعالى، وعظمة ما أعد لأهل الجنة. إن هذه الشجرة الواحدة فيها وبحساب سرعة الخيل في مائة عام تظلل مساحة بحجم الأرض ثلاثة آلاف مرة على الأقل.

 

وفي حديث آخر تهرم الجذعة من الإبل وهي تسير في أصل شجرة واحدة من أشجار الجنة فلا تحيط به، وهو ما رواه عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ رضي الله عنه، يَقُولُ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَوْضِ، وَذَكَرَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: فِيهَا فَاكِهَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهَا شَجَرَةٌ تُدْعَى طُوبَى، فَذَكَرَ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ قَالَ: أَيُّ شَجَرِ أَرْضِنَا تُشْبِهُ؟ قَالَ: لَيْسَتْ تُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ شَجَرِ أَرْضِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَيْتَ الشَّامَ؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: تُشْبِهُ شَجَرَةً بِالشَّامِ تُدْعَى الْجَوْزَةُ، تَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ وَاحِدٍ، وَيَنْفَرِشُ أَعْلَاهَا، قَالَ: مَا عِظَمُ أَصْلِهَا؟ قَالَ: لَوْ ارْتَحَلَتْ جَذَعَةٌ مِنْ إِبِلِ أَهْلِكَ، مَا أَحَاطَتْ بِأَصْلِهَا حَتَّى تَنْكَسِرَ تَرْقُوَتُهَا هَرَمًا، قَالَ: فِيهَا عِنَبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا عِظَمُ الْعُنْقُودِ؟ قَالَ: مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْغُرَابِ الْأَبْقَعِ، وَلَا يَفْتُرُ، قَالَ: فَمَا عِظَمُ الْحَبَّةِ؟ قَالَ: هَلْ ذَبَحَ أَبُوكَ تَيْسًا مِنْ غَنَمِهِ قَطُّ عَظِيمًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَسَلَخَ إِهَابَهُ فَأَعْطَاهُ أُمَّكَ، قَالَ: اتَّخِذِي لَنَا مِنْهُ دَلْوًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: فَإِنَّ تِلْكَ الْحَبَّةَ لَتُشْبِعُنِي وَأَهْلَ بَيْتِي؟ قَالَ: نَعَمْ وَعَامَّةَ عَشِيرَتِكَ" رواه أحمد، وفي حديث آخر أن الْحَبَّةُ مِنَ الْعِنَبِ كَأَعْظَمِ دَلْوٍ.

 

وأشهر شجرة في الجنة سدرة المنتهى، وجاء وصفها في السنة بما يأخذ الألباب؛ ففي حديث الإسراء والمعراج قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثُمَّ انْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى نَأْتِيَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ رواه مسلم، وفي رواية للبخاري: وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلاَلُ هَجَرَ- يُرِيدُ: أَنَّ ثَمَرَهَا فِي الْكُبْرِ مِثْلُ الْقِلَالِ- وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الفُيُولِ، فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. وَفي رواية لِمُسْلِمٍ: يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ. . وفي رواية أحمد: "فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَهَا تَغَيَّرَتْ، فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصِفَهَا مِنْ حُسْنِهَا".

 

فلنتخيل شجرة ينبع من أصلها أربعة أنهار، وقد غشيها من نور الله تعالى ما زادها حسنا على حسنها، وثمارها كالقلال الكبيرة. فما حجم هذه الشجرة؟ وما مساحة ظلها؟ وما مقدار جمالها وحسنها؟

 

إنها لا توصف، وقد قال من رآها صلى الله عليه وسلم: "فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصِفَهَا مِنْ حُسْنِهَا"

 

إن الله تعالى وصف جنتين من جناته فقال سبحانه ﴿ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ﴾ [الرحمن: 48] أَيْ: أَغْصَانٍ نَضِرَة حَسَنَةٍ، تَحْمِلُ مِنْ كُلِّ ثَمَرَةٍ نَضِيجَةٍ فَائِقَةٍ، قال عَطَاءٌ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: فِي كُلِّ غُصْنٍ فُنُونٌ مِنَ الْفَاكِهَةِ.

 

ووصف جنتين أخريين بأنهما ﴿ مُدْهَامَّتَانِ ﴾ {الرَّحمن: 64} وَهو وصْفٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الدُّهْمَةِ وَهِيَ لَوْنُ السَّوَادِ. وَهو مُبَالَغَةٌ فِي شِدَّةِ خُضْرَةِ أَشْجَارِهِمَا حَتَّى تَكُونَا بِالْتِفَافِ أَشْجَارِهَا وَقُوَّةِ خُضْرَتِهَا كَالسَّوْدَاوَيْنِ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ إِذا كَانَ ريّانَ اشْتَدَّتْ خُضْرَةُ أَوْرَاقِهِ حَتَّى تَقْرُبَ مِنَ السَّوَادِ، وأخبر سبحانه عن احتواء هاتين الجنتين على أشجار الفواكه والنخيل ﴿ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴾ {الرَّحمن: 68}.

 

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "نَخْلُ الْجَنَّةِ جُذُوعُهَا زُمُرُّدٌ أَخْضَرُ، وَكَرَانِيفُهَا –أي كَرَبُهَا- ذَهَبٌ أَحْمَرُ، وَسَعَفُهَا كِسْوَةٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، مِنْهَا مُقَطَّعَاتُهُمْ وَحُلَلُهُمْ، وَثَمَرُهَا أَمْثَالُ الْقِلَالِ أَوِ الدِّلَاءِ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ، وَلَيْسَ لَهَا عَجْمٌ" رواه الحاكم وصححه. وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا فِي الجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلَّا وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ» رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

 

فمن أحب نخيل الدنيا وأشجارها وخضرتها وظلها وثمرها، فغرسها في بيته، أو بستانه، أو مزرعته، وتمتع بجمالها، وتفيأ ظلالها، وتلذذ بثمرها، فعليه أن يتذكر الجنة وأشجارها وظلالها وثمرها، وأنواع النعيم فيها، فيعمل لها، ويجد في طلبها بالإيمان والعمل الصالح.

 

نسأل الله تعالى أن ينعمنا بأشجار الجنة، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، لنا ولوالدينا وأهلنا وذرياتنا ومن أحببنا من عبادك المؤمنين.

 

وأقول قولي هذا وأستغفر الله....

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً طيباً كثيرًا مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه؛ فإن جزاء التقوى رضوان من الله تعالى وجنات فيها نعيم مقيم ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ {آل عمران: 133}.

 

أيها المسلمون:

قد يشتهي بعض أهل الجنة أن يباشر الزرع بنفسه، ولو كان كل ما يشتهي أمامه، كما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ، وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ، قَالَ: فَبَذَرَ، فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الجِبَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَيْءٌ... رواه البخاري.

 

وإذا أراد المؤمن أن يغرس أشجاره في الجنة وهو لا يزال في حياته الدنيا فعليه بالذكر؛ فإن الأحاديث دلت على أن الذكر هو غراس الجنة؛ فعن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ" رواه الترمذي وحسنه.

 

إنها وصية أبينا الخليل عليه السلام الناصح لنا، نقلها إلينا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وهو المشفق علينا، يخبرنا فيها بطيب تربة الجنة، وعذوبة مائها، ويعلمنا أن الذكر هو غراسها.

 

ومرَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَغْرِسُ غَرْسًا، فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا الَّذِي تَغْرِسُ؟» قُلْتُ: غِرَاسًا لِي، قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى غِرَاسٍ خَيْرٍ لَكَ مِنْ هَذَا؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، يُغْرَسْ لَكَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ" رواه ابن ماجه.

 

وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ " رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

 

ذلكم -عباد الله- شيء من الحديث عن تربة الجنة وشجرها، لعل قلوبنا تلين من قسوتها، وتتنبه من غفلتها، وتشتاق إلى جنة ربها، فتجد في العمل لها، وما يقرب منها، وتباعد عما يكون سببا في الحرمان من الجنة وبساتينها وأشجارها وخضرتها وأنواع النعيم فيها. ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [المرسلات: 41 - 44].

 

وصلوا وسلموا على نبيكم...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • جنة الخلد (1)

مختارات من الشبكة

  • جنة الخلد (8) لباس أهل الجنة وحليتهم(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تدبر قوله تعالى {أذلك خير أم جنة الخلد}(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • خطبة جنان الخلد ونعيمها(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (21) جنان الخلد ونعيمها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إلى جنة الخلد(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • طعام أهل الجنة وشرابهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من نعيم الجنة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجنة والنار وبعض ما يتعلق بهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاهيم ومصطلحات دراسة: ألفاظ الجنة في القرآن الكريم(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب