• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات
علامة باركود

الطريق إلى حضارتنا

أ. د. عبدالحليم عويس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/12/2012 ميلادي - 26/1/1434 هجري

الزيارات: 8499

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الطريق إلى حضارتنا

من المعروف أن كل الناس يُوجدهم الله في التاريخ؛ ليصنعوا من التاريخ - بالمواد الخام الروحية والعقلية والمادية التي وفَّرها الله لهم - حضارة تليق بإنسانيَّتهم وبارتفاعهم فوق البداوة.

 

والحضارة الحقة هي تحقيق الاستخلاف في الوجود التاريخي، وهو شيء فطري يحس به الإنسان في كِيانه الداخلي، ولعلي ألْمَح هذا الشيء - بصورة ما - في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ (الأحزاب: 72).

 

وفي قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ (الأنعام: 165).

 

إن بناء الحضارة هو قرار إنساني يَعتمد على الإنسان والفكر، ثم الأشياء، وبالتالي فصناعة الإنسان للحضارة عندما تتوافر لديه الإرادة والوعي.

 

تحتاج لثلاثة عناصر أساسية لا غنى لواحد منها عن الآخر:

1- إنسان:

مؤهل للقيام بالدول الحضاري المطلوب، مُعد نفسيًّا وأخلاقيًّا لتحمُّل المسؤولية، ويدخل في عنصر الإنسان (الزمان)، باعتبار الإنسان حقيقة زمانية، لا تنفصل عن الزمان، ووجوده وجود زماني بدرجة كبيرة.

 

2- عقيدة وفكر:

يقودان خطوات الإنسان ويُلهمانه ويَدفعانه إلى التضحية والإيثار بالعقيدة، وقد يُسمي بعضهم الفكر بالثقافة، أو الجانب المعنوي والروحي للحضارة.


3- أشياء:

يستطيع الإنسان أن يجد فيها المواد الخام المادية التي يبرز من خلالها فكره، وقد يسمي بعضهم هذه الأشياء بالجانب المادي في الحضارة، أو يطلق عليهم بعضهم مصطلح (المدنية)، ويُسميها مالك بن نبي (بالأرض أو التراب).


وهكذا، فلا حضارة إنسانية إلا بهذه المنظومة الثلاثية:

1 - إنسان... (كينونة وزمان).

2 - وفكر... (عقيدة وثقافة).

3 - وأشياء (التراب ورأس المال وشتى العوامل المادية).


ففي الآية القرآنية التي تقول: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (النحل: 97).


يوجد (الإنسان) الذي (يعمل صالحًا) وهو مؤمن (بالعقيدة والفكرة)، فمثل هذا الإنسان العامل - (كل صالح مادي أو عقلي أو روحي)، عن إيمان ومنهجٍ وفكر - هو الإنسان الذي يستطيع أن يصل إلى الحياة الطيبة اللائقة بالإنسان.

 

ولقد تحدث القرآن عبر مئات الآيات، كما تحدثت السُّنة الشريفة عن تفصيلات العناصر الثلاثة، وكيفية الوصول على الوضع الصحيح لكلٍّ منها:

1- الإنسان في القرآن:

أما العنصر الأول وهو (الإنسان)، فقد حظِي بكثيرٍ من الاهتمام من القرآن ومن سُنة الرسول (الفعلية) (بخاصة)؛ حيث عاش الرسول جزءًا كبيرًا من فترة رسالته يبني هذا الإنسان، ويَصنعه في مكة، ثم في المدينة، حتى تكوَّن أفضل جيلٍ عرَفته البشرية على الإطلاق.

 

ويُبين القرآن الوظيفة الحضارية المنوطة بالإنسان على الأرض، فيقول: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ (البقرة: 30)، ويقول: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ (النور: 55).


إن هذا الإنسان المخلوق من ﴿ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴾ (الطارق: 6، 7)، هو الإنسان الذي كرَّمه الله واختاره لصناعة الحضارة: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ (الإسراء: 70)، إنه هو نفسه الذي سجد له الملائكة: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ ﴾ (البقرة: 34).. وهو الذي تعلَّم الأسماء كلها: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ (البقرة: 31)، وهو الحر الذي يختار طريقه بإرادته ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ (البلد: 10)، ﴿ وَلِكُلٍّ وَجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ﴾ (البقرة: 148).


على أن الإنسان - بالرغم من كل هذه المكانة التي أعطاها له القرآن، ومن كل الأسلحة التي زوَّده بها - لن يستطيع الإسهام الصحيح من فعل إيجابي وخالد، إلا إذا حافَظ على عبوديته لله والالتزام بمنهجه: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ (التين:4)، فإذا ارتكَس وساد في طريق الانحراف والضلال، فإنه يَهبط إلى أسفل سافلين: ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ (التين: 5)، ومِن هذا فإن القرآن في تقويمه للحياة الإنسانية يُقيم نظرته على دعامتين تُكمل كلٌّ منهما الأخرى؛ حتى لا يَنحدر الإنسان إلى حَضيضها، ويُنهك قواه في أشيائها، فالحياة الدنيا في جانب ﴿ إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾ (العنكبوت: 64)، ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾ (النساء: 77)، ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ (النحل: 97)، والروح التي تَبعث الحياة هي الجانب الآخر، فكلٌّ منهما عندما ينفصل عن الآخر ويصبح بمعزلٍ عنه، يَغدو باطلاً من الأمر وخارجًا عن معنى الحياة وحقيقتها؛ كما يقول الدكتور: البوطي.

 

العقيدة ومنهج الفكر:

إن المعالم الواجبة التحقق في الفكر المبدع للحضارة، معالم كثيرة، وأهمها هي (إيجابيته)، وحركته (ديناميكيته)، فالفكر السكوني السلبي أو الانعزالي، لا يصنع حضارة مهما كانت أخلاقيته أو مثاليته.

 

وهذا الفكر من أبرز واجباته أن يقدم تقنينًا سليمًا لعلاقة الإنسان بمبدع الكون، ثم يقدم تفسيرًا لعلاقة الإنسان بالكون، ولعلاقته بأخيه الإنسان، فثمَّة مهام محددة للفكرة الحضارية المؤهلة للإطلاق طاقات الإنسان نحو فعل حضاري حركي إيجابي.

 

أهمها بإيجاز:

أ - تقديم تفسير لعلاقة الإنسان (تشريعيًّا وأخلاقيًّا):

وتعتبر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن العقدية الإسلامية والشريعة والأخلاق - وهي تستغرق حيزًا كبيرًا - موجهة لتغطية هذا الجانب.

 

ب - تقديم تفسير لعلاقة الإنسان بالكون:

وهل هي علاقة تسخير إذلالي؟ أو هي علاقة تسخير فطري ودودٍ، كما هي وجهة النظر الإسلامية؟ فالكون قد هيَّأه الله أصلاً ليُسخره الإنسان، وأعطاه العقل القادر - بعون الله - على التسخير.

 

ج- تقديم تفسير لعلاقة الإنسان بخالق الكون، وواجبات الإنسان نحو خالقه، وكيف يحقق عبوديته له؟:

ويمثل جانب (العبادات) والشروط المطلوب توافرها في (المعاملات) وتوجيه (المعاملات) - أي التعاملات الدنيوية - إلى حيث يرضى الله ويحبه، يُمثل هذان الجانبان أبرز الوسائل لأداء الإنسان واجبَه نحو الله.

 

إن الأفكار الإيجابية المطروحة قادرة على القفز بالأمم من كل مراحل السقوط، وعندما تَسقُط الحضارة في دورة من التاريخ، وتكون الأفكار سليمة وموجودة على النحو الذي تتكفل به المصادر الإسلامية - فإن إمكانية قفْز الأمة من جديد يكون أمرًا ميسورًا.

 

لقد كانت العقيدة الإسلامية المهيمنة على الوِجدان، هي الباعث في إشعار المسلم القرآني بأنه مُبتعث في التاريخ؛ ليُخرج الناس (من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سَعة الدنيا والآخرة)، (كما قال ربعي بن عامر في وجه رستم)، كانت الفكرة وكان إنسانها هما اللذان أنجزا ميلاد الحضارة الإسلامية، "ولقد واصل المجتمع المسلم - بالفكرة - تطوُّره، وأكمل سبكة روابطه الداخلية، بقدر امتداد إشعاع هذه الفكرة في العالم؛ كما يقول مالك بن نبي في كتابه "شروط النهضة".

 

ولقد مرت بالأمة الإسلامية هزائم كثيرة، وتعرَّضت لصنوف من الاحتلال التتري والصليبي والاستعماري، لكنها استطاعت تجاوز المحنة العقدية التي كانت تقودها إلى الانبعاث كَرَّةً بعد كرة.

 

3 - الأشياء وقيمتها الحضارية:

إن قيمة الأرض في الإبداع الحضاري لا يمكن أن تُنكر، فهي مناط الزراعة، وهي مناط الرعي، وهي - بدرجة ما - مرتبطة بالتصنيع، وبقدر ما يستطيع الإنسان استغلال الأرض الاستغلال الأمثل، وتطوير عطائها وتوجيهه، بقدر ما يستطيع إبداع حضارة إنسانية موجهة.

 

وأمامنا أمثلة حية في عصرنا؛ حيث تُقهر الحضارة في ميلادها وفي دورتنا الحالية في التاريخ - بتأثير القهر الاستعماري الأمريكي الذي يَفرض على السودان وعلى مصر وغيرهما، عدم زراعة القمح بصورة تكفيهما أو تكفي للتصدير، وتبقى الأرض في بلاد كثيرة في العالم الإسلامي في مرحلة بدائية الاستغلال، في حين يزرع الياباني الأراضي التي فوق الجبال، وفي الوقت الذي يزرع الشخص الأمريكي وحْده ألف هكتار - تُحرَم الأُمم المستعمرة - (وإن حمَلت اسم الاستقلال) - من تطوير زراعتها، ويستأجر الاستعمار رجالاً يضمنون الحفاظ على تخلُّفها، ويضمنون أيضًا إجهاض الفكر وإنهاك الإنسان.

 

لقد حوى القرآن وجاءت السنة بمئات الآيات والأحاديث التي تحث على (العمل) وعلى استغلال الأرض، وعلى الصيد والزراعة والصناعة والتجارة.

 

﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾ (المائدة: 3).


﴿ وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ (النحل: 5).

 

﴿ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴾ (أي الأرض) (النازعات: 31).

 

﴿ وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ (الحديث: 25).


﴿ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ البَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِياًّ وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ﴾ (النحل:14)


﴿ وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾(هود: 37).


﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ﴾ (النحل: 81).


﴿ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ ﴾ (رواسي: هي الجبال) (الحجر: 20- 21).

 

﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ المَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ (الأعلى: 4- 5).


﴿ وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَامَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴾ (النازعات: 30- 31)

 

﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ﴾ (النحل: 10).


ولعل حديث الرسول الكريم: "إن قامت القيامة وبيد أحدكم فَسيلة، فليَغرسها"، من أقوى الأدلة على احترام الإسلام لاستغلال الأرض وعالم الأشياء الموجهة للخير، والمتناسقة مع حاجات الإنسان وأهدافه من الحياة.

 

وهكذا نجد أن الله وفَّر لنا كل المواد الخام لصناعة الحضارة والتفوق، فلماذا أصبحنا متخلفين (كغثاء السيل)، فما الأسباب؟ وما الطريق؟

 

إن الأسباب هي أننا وقعنا في تعامُلنا مع المواد الخام بين الفوضى والتكديس والاستيراد.

 

إن على المسلمين الذين تلقَّوا هذا الفكر الحضاري القويم الذي تتكامل فيه العقيدة مع الإنسان ومع الزمان والمكان، فينطلق الإنسان المسلم خليفة لله وسفيرًا لرسول الله في الأرض، ليس بالكلام البلاغي الطيب، ولا بإظهار مواطن الجمال والإبداع، وإنما بتسخير الجوانب وجعْلها في خدمة الإنسان صنَّاع الحضارة.

 

لقد فهِم الصحابة - رضوان الله عليهم - هذه الحقيقة، فساحوا في الأرض - وهم أُميُّون - يفعلون الكلام، ويعملون الحق بالحق وللحق، ويشكرون الله عملاً بقوله: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ (سبأ: 13)... نعم العاملون بالشكر المُفعِّلون له من خلال قراءة الكون قراءة واعية، عملُها التذليل والتسخير، وليس القهر الأوربي للطبيعة، أو الذوبان الشعوري فيها، وكأنها (الأطلال)، أو مجرد سبحات فكرٍ.

 

أو نظرات مرح ولهو على نحو قول الشاعر:

أتاكَ الربيعُ الطلقُ يَختال ضاحكًا = من الحُسنِ حتى كاد أن يَتكلَّمَا.

 

لكن الربيع الطلق تكلم فعلاً مع الذين سخَّروه، فملَؤوا هواءه طيرانًا وصواريخَ، وقنوات فضائية، شرُّها أضعاف خيرها، وملؤوا البحار غواصات وسفن فيها مهابط ومرابط للطائرات، تحمل الشر للإنسانية، فأين المسلمون من ذلك كله؟!

 

إن على المسلمين أن يقدموا البديل لكل عملٍ ابتدَعته الحضارة الأوروأمريكية، وذلك على خطى أسلافهم، الذين ورِثوا حضارتين: الإغريقية والرومانية، فاستوعَبوها وغرْبلوها، وأخرجوا للناس علمًا جديدًا، يسميه تكيُّف الإسلام، ومناخ الإسلام لهذا العلم، حتى يخرج عن طبيعته، فيَفترس نفسه، كما افترسَت الحضارة الأوربية نفسها في الحربين العالميتين الأولى (1914م)، والثانية (1939م)، وغيرهما من الحروب الكثيرة البينية؛ أي: التي بينهم فقط.

 

أما المسلمون فقد أصبحوا أساتذة العالم، يعلمونهم العلوم الإنسانية والتكنولوجية المصبوغة بالصبغة الإيمانية؛ سواءً كانت فيزياء أو كيمياء، أو رياضيات تطبيقية أو بحتة، أو طبًّا أو اجتماعًا، أو فلسفة، أو تاريخًا؛ ذلك لأن هؤلاء الأسلاف عرفوا المفهوم الصحيح للحضارة، فلم يعيشوا على الاستهلاك أو تمجيد الآباء، وإنما عاشوا على العمل والإبداع والاجتهاد في الاختراعات، وحسبنا أن نُشير إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يرعى نحو خمسين حرفة ومِهنة حصَرها الكاتب السعودي الدكتور/ عبدالعزيز العمري، في كتابه (الحرف والصناعات في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم)، فبنى بهذا دولة المدينة بعدما بنى فيها العقيدة والمسجد والمؤاخاة، وانطلقت هذه المدينة الصغيرة تَنشر الحضارة الإيجابية الصحيحة في أرجاء الدنيا.

 

ولقد استفَدنا من منظومتها أولاً، فسُدنا العالم لعدة قرون، ثم سرَقها منا الأوربيون، فسادُوا بها العالم، بينما نحن عن فقه السنن الكونية والاجتماعية المبثوثة في القرآن الكريم بعيدون.

 

وها نحن نستفيد من سُباتنا، لنبدأ رحلة العودة والقيادة في ضوء فِقهنا الصحيح، في ضوء حضارتنا الإسلامية الإيجابية الفاعلة، الوحيدة التي تكامَل فيها دورُ العقيدة مع الروح والعقل والمادة.

 

وإنا لعائدون - إن شاء الله - مهما تكن العقبات؛ لنحقِّق القيادة والخيرية والشهادة الوسطية، آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر ومؤمنين بالله.

 

 

والله ولي التوفيق





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حضارتنا الإسلامية من المرض إلى النهضة
  • نجم حضارتنا
  • الطريق إلى مدين
  • شريعتنا نهضة وحضارة كلها
  • صور من الحوار في حضارتنا

مختارات من الشبكة

  • حديث: بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك في الطريق...(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • رعاة الإبل وجمالية التعامل والتربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حضارتنا تبدأ حيث تنتهي الحضارات (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حضارتنا تبدأ حيث تنتهي الحضارات (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحرية الإنسانية بين حضارتنا وحضارتهم(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • فوائد من حديث: بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطريق إلى النجاح (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أسلوب الرفق واللين: الطريق إلى قلوب الناس في دعوتهم إلى الله تعالى (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • موانع في الطريق إلى الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطريق الصحيح للاستئذان المشروع(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب