• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حرمة الاستمناء وكيفية العلاج (WORD)
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإمام مسلم بن الحجاج القشيري وكتابه الصحيح دراسة ...
    سارا بنت عبدالرحمن البشري
  •  
    حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    حقوق الميت (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    من أسباب النصر والتمكين (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    أسباب البركة في البيوت
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    شتان بين مشرق ومغرب: { قل هل يستوي الذين يعلمون ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الشيطان وما الشيطان!
    إبراهيم الدميجي
  •  
    الاطلاع والانتفاع بما قال فيه الرسول - صلى الله ...
    بكر البعداني
  •  
    خطبة: اتق المحارم تكن أعبد الناس
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    إفادة خبر الآحاد للعلم بين مقاييس أهل الحديث ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    من مائدة السيرة: إيذاء قريش للمسلمين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خالق الناس بخلق حسن (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    فضل زيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مدينة أشباح
    سمر سمير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

الغيبة والنميمة طباع لئيمة (خطبة)

الغيبة والنميمة طباع لئيمة (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/7/2025 ميلادي - 14/1/1447 هجري

الزيارات: 6347

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الغيبة والنميمة طِباع لَئِيمة


إِنَّ ‌الْحَمْدَ ‌لِلَّهِ ‌نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَجَدِيرٌ بِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ وَسَمْعَهُ، وَيُمْسِكَ عَنِ الشَّرِّ، وَيُمْسِكَ عَنِ الْخَوْضِ فِي أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلَا خَيْرَ فِي أَكْثَرِ كَلَامِ النَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 114]. وَحَدِيثُنَا فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ.

 

وَتُعَرَّفُ الْغِيبَةُ: بِأَنَّهَا ذِكْرُ الْإِنْسَانِ فِي غَيْبَتِهِ بِمَا يَكْرَهُ[1].

 

وَمِمَّا جَاءَ فِي ذَمِّ الْغِيبَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 12]؛ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الْهُمَزَةِ: 1]؛ يَعْنِي: الطَّعَّانَ الْمُغْتَابَ الَّذِي إِذَا غَابَ عَنْهُ الرَّجُلُ اغْتَابَهُ مِنْ خَلْفِهِ[2].

 

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا – تَعْنِي: قَصِيرَةً، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَمِنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي ذَمِّ الْغِيبَةِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ مَرَّ ‌عَلَى ‌بَغْلٍ ‌مَيْتٍ، فَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: «لَأَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ مِنْ هَذَا حَتَّى يَمْلَأَ بَطْنَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ»[3]. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «إِنَّ ‌أَكْثَرَ ‌النَّاسِ ‌خَطَايَا أَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا لِخَطَايَا النَّاسِ»[4].

 

وَمِنْ أَعْظَمِ أَضْرَارِ الْغِيبَةِ عَلَى الْفَرْدِ: أَنَّهَا تَزِيدُ فِي رَصِيدِ السَّيِّئَاتِ، وَتُنْقِصُ مِنْ رَصِيدِ الْحَسَنَاتِ. وَصَاحِبُهَا مُفْلِسٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَتَكُونُ سَبَبًا فِي هَجْرِ الْمُغْتَابِ. وَهِيَ تَجْرَحُ الصِّيَامَ. وَاللَّهُ تَعَالَى يَتَتَبَّعُ عَوْرَةَ الْمُغْتَابِ، وَيَفْضَحُهُ- وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ. وَالْمُغْتَابُونَ هُمْ فِي عِدَادِ أَهْلِ النَّارِ. وَأَثَرُ الْغِيبَةِ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ.

 

وَمِنْ أَضْرَارِهَا عَلَى الْمُجْتَمَعِ: كَشْفُ عَوْرَاتِ الْآخَرِينَ، وَنَشْرُ عُيُوبِهِمْ، وَالِاسْتِهَانَةُ بِهِمْ. وَالْغِيبَةُ تُؤَدِّي إِلَى الْغِيبَةِ الْمُتَبَادَلَةِ؛ حَيْثُ إِنَّ مَنِ اغْتِيبَ يَدْفَعُهُ غَضَبُهُ إِلَى غِيبَةِ مَنِ اغْتَابَهُ، وَبِهَذَا تَنْتَشِرُ هَذِهِ الصِّفَةُ الذَّمِيمَةُ، وَتُصْبِحُ مَرَضًا عُضَالًا، يَصْعُبُ اسْتِئْصَالُهُ. وَبِالْغِيبَةِ يَنْتَشِرُ الْحِقْدُ وَالْحَسَدُ وَالْكَرَاهِيَةُ وَالْبَغْضَاءُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ. وَتَفْسُدُ الْمَوَدَّةُ بَيْنَ النَّاسِ، وَتُقْطَعُ أَوَاصِرُ الْأُخُوَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ. وَتُمْلَأُ الْقُلُوبُ بِالضَّغَائِنِ وَالْعَدَاوَاتِ[5].

 

وَمِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ الْوُقُوعِ فِي الْغِيبَةِ: أَعْظَمُ سَبَبٍ لِلْغِيبَةِ عَدَمُ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَرْكُ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ. وَالْكَرَاهِيَةُ الْبَاطِنَةُ لِمَنْ يَغْتَابُهُ. وَالْمُنَافَسَةُ السَّيِّئَةُ بَيْنَ النَّاسِ، وَالَّتِي تُوَلِّدُ حَسَدًا بَيْنَهُمْ، فَيَلْجَؤُونَ لِلْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ. وَالرَّغْبَةُ فِي الْبُرُوزِ وَالتَّصَدُّرِ فِي الْمَجَالِسِ؛ وَلَوْ كَانَتِ الْوَسِيلَةُ هِيَ الْغِيبَةَ. وَمُوَافَقَةُ الْأَقْرَانِ، وَمُجَامَلَةُ الرُّفَقَاءِ، وَمُسَاعَدَتُهُمْ عَلَى الْغِيبَةِ؛ فَإِنَّهُ يَخْشَى – إِنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَثْقِلُوهُ. وَإِرَادَةُ رَفْعِ النَّفْسِ بِتَنْقِيصِ غَيْرِهِ؛ فَيَقُولُ: "فُلَانٌ جَاهِلٌ"، "وَفَهْمُهُ رَكِيكٌ"! وَاللَّعِبُ وَالْهَزْلُ وَالسُّخْرِيَةُ بِالنَّاسِ، فَيَذْكُرُ غَيْرَهُ بِمَا يَضْحَكُ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُحَاكَاةِ. وَكَثْرَةُ الْفَرَاغِ، وَالشُّعُورُ بِالْمَلَلِ وَالسَّأَمِ، فَيَشْتَغِلُ بِالنَّاسِ وَأَعْرَاضِهِمْ وَعُيُوبِهِمْ!

 

وَمِنَ الْوَسَائِلِ الْمُعِينَةِ عَلَى تَرْكِ الْغِيبَةِ: التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِكَثْرَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَتَقْدِيمِ رِضَاهُ عَلَى رِضَا الْمَخْلُوقِينَ. وَزِيَادَةُ رَصِيدِ الْإِيمَانِ، وَتَقْوِيَتُهُ بِالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَاخْتِيَارُ الصُّحْبَةِ الصَّالِحَةِ. وَانْشِغَالُ الْإِنْسَانِ بِمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ، وَالْبَحْثِ عَنْ عُيُوبِهِ، وَتَرْكِ عُيُوبِ النَّاسِ. وَاسْتِثْمَارُ أَوْقَاتِ الْفَرَاغِ بِمَا يَنْفَعُ الْمُسْلِمَ، وَيُقَوِّي إِيمَانَهُ. وَالْقَنَاعَةُ بِرِزْقِ اللَّهِ تَعَالَى. وَتَرْكُ مُرَاقَبَةِ النَّاسِ، وَعَدَمُ الِانْشِغَالِ بِخُصُوصِيَّاتِهِمْ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَأَنْ يَضَعَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ مَكَانَ الشَّخْصِ الَّذِي اغْتِيبَ؛ لِيَجِدَ أَنَّهُ لَنْ يَرْضَى هَذَا لِنَفْسِهِ. وَالصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَكَظْمُ الْغَيْظِ.

 

لَا تَلْتَمِسْ مِنْ مَسَاوِي النَّاسِ مَا سَتَرُوا
فَيَهْتِكَ اللَّهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيكَا
وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إِذَا ذُكِرُوا
وَلَا تَعِبْ أَحَدًا ‌مِنْهُمْ ‌بِمَا ‌فِيكَا[6]

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَأَمَّا النَّمِيمَةُ: فَهِيَ نَقْلُ الْحَدِيثِ، وَرَفْعُهُ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قَوْمٍ، عَلَى جِهَةِ الْإِفْسَادِ وَالشَّرِّ[7].

 

وَمِمَّا جَاءَ فِي ذَمِّ النَّمِيمَةِ، وَالنَّهْيِ عَنْهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ﴾ [الْقَلَمِ: 10-13]؛ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الْهُمَزَةِ: 1]. قَالَ مُقَاتِلٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَأَمَّا "الْهُمَزَةُ": ‌فَالَّذِي ‌يَنِمُّ ‌الْكَلَامَ إِلَى النَّاسِ، وَهُوَ النَّمَّامُ)[8].

 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ[9]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَلمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ، قَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي ذَمِّ النَّمِيمَةِ: قَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مَنْ نَمَّ لَكَ؛ ‌نَمَّ ‌عَلَيْكَ). وَيُقَالُ: (‌عَمَلُ ‌النَّمَّامِ ‌أَضَرُّ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ؛ فَإِنَّ عَمَلَ الشَّيْطَانِ بِالْوَسْوَسَةِ، وَعَمَلَ النَّمَّامِ بِالْمُوَاجَهَةِ)[10]. وَقِيلَ: (النَّمِيمَةُ مِنَ الْخِصَالِ الذَّمِيمَةِ، تَدُلُّ ‌عَلَى ‌نَفْسٍ ‌سَقِيمَةٍ، وَطَبِيعَةٍ لَئِيمَةٍ، مَشْغُوفَةٍ بِهَتْكِ الْأَسْتَارِ، وَكَشْفِ الْأَسْرَارِ)[11].

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الْوُقُوعِ فِي الْغِيبَةِ: أَنْ يَنْشَأَ الْمَرْءُ فِي بِيئَةٍ دَأْبُهَا النَّمِيمَةُ وَالْوَقِيعَةُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيُحَاكِيَهَا، وَيَتَأَثَّرَ بِهَا. وَحُبُّ الْإِسَاءَةِ لِلْآخَرِينَ، وَإِيقَاعِ الْإِيذَاءِ بِهِمْ؛ وَهِيَ شَهْوَةٌ عُدْوَانِيَّةٌ فِي قُلُوبِ الْأَشْرَارِ. وَالْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ، وَفُضُولِ الْحَدِيثِ؛ لِلتَّرْوِيحِ عَنِ النَّفْسِ. وَالتَّظَاهُرُ بِمَحَبَّةِ الْمَحْكِيِّ لَهُ، وَكَسْبِ وُدِّهِ. وَعَدَمُ رَدْعِ النَّمَّامِ وَزَجْرِهِ؛ بَلِ اسْتِحْسَانُ عَمَلِهِ وَمُسَايَرَتُهُ. وَوُجُودُ الْفَرَاغِ الْكَبِيرِ فِي حَيَاةِ النَّاسِ، فَيَشْغَلُ نَفْسَهُ بِإِيذَاءِ الْآخَرِينَ، وَتَتَبُّعِ عَوْرَاتِ النَّاسِ، وَحُبِّ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا. وَالْعَمَلُ لِصَالِحِ أَفْرَادٍ أَوْ جِهَاتٍ مَشْبُوهَةٍ. وَضَعْفُ الْإِيمَانِ، وَعَدَمُ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ، وَنِسْيَانُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ. وَجَهْلُ النَّمَّامِ بِالْعَوَاقِبِ السَّيِّئَةِ لِلنَّمِيمَةِ، سَوَاءٌ عَلَى الْفَرْدِ أَوِ الْمُجْتَمَعِ. وَالْحَسَدُ لِلْآخَرِينَ، وَعَدَمُ حُبِّ الْخَيْرِ لَهُمْ.

 

وَمِنْ آثَارِ النَّمِيمَةِ وَمَضَارِّهَا: أَنَّهَا طَرِيقٌ مُوصِلٌ إِلَى النَّارِ. وَهِيَ تُذْكِي نَارَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْمُتَآلِفِينَ. وَتُؤْذِي وَتَضُرُّ، وَتُؤْلِمُ، وَتَجْلِبُ الْخِصَامَ وَالنُّفُورَ. وَتَدُلُّ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ. وَهِيَ عُنْوَانُ الدَّنَاءَةِ، وَالْجُبْنِ، وَالضَّعْفِ، وَالدَّسِّ، وَالْكَيْدِ، وَالْمَلَقِ، وَالنِّفَاقِ. وَالنَّمِيمَةُ مُزِيلَةٌ كُلَّ مَحَبَّةٍ، وَمُبْعِدَةٌ كُلَّ مَوَدَّةٍ وَتَآلُفٍ وَتَآخٍ. وَهِيَ عَارٌ عَلَى قَائِلِهَا وَسَامِعِهَا. وَتَحْمِلُ عَلَى التَّجَسُّسِ، وَتَتَبُّعِ أَخْبَارِ الْآخَرِينَ. وَتُؤَدِّي إِلَى قَطْعِ أَرْزَاقِ النَّاسِ. وَتُفَرِّقُ وَتُمَزِّقُ الْمُجْتَمَعَاتِ الْمُلْتَئِمَةَ[12].

 

‌تَنَحَّ ‌عَنِ ‌النَّمِيمَةِ وَاجْتَنِبْهَا
فَإِنَّ النَّمَّ يُحْبِطُ كُلَّ أَجْرِ
يُثِيرُ أَخُو النَّمِيمَةِ كُلَّ شَرٍّ
وَيَكْشِفُ لِلْخَلَائِقِ كُلَّ سِرِّ
وَيَقْتُلُ نَفْسَهُ وَسِوَاهُ ظُلْمًا
وَلَيْسَ النَّمُّ مِنْ أَفْعَالِ حُرِّ[13]

 

وَمِنْ فَوَائِدِ تَرْكِ النَّمِيمَةِ: أَنَّ تَارِكَهَا مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ؛ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَتَرْكُ النَّمِيمَةِ يُدْخِلُ الْجَنَّةَ؛ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَتُعَالَجُ النَّمِيمَةُ: بِتَحْذِيرِ النَّمَّامِ بِخُطُورَةِ عَمَلِهِ. وَاسْتِشْعَارِ مَفَاسِدِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ، وَأَنَّهَا مِنَ الْكَبَائِرِ. وَوُجُوبِ حِفْظِ اللِّسَانِ، وَعَدَمِ تَتَبُّعِ عَوْرَاتِ الْآخَرِينَ. وَتَصَوُّرِ خَطَرِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي يَقْتَرِفُهَا النَّمَّامُ؛ بِإِفْسَادِهِ لِلْقُلُوبِ، وَتَفْرِيقِهِ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ. وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَتَقْدِيمِ رِضَاهُ عَلَى رِضَا الْمَخْلُوقِينَ. وَأَنَّ حِفْظَ اللِّسَانِ يَكُونُ سَبَبًا فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ. وَتَقْوِيَةِ الْإِيمَانِ بِالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَعَدَمِ السَّمَاعِ لِكَلَامِ النَّمَّامِ الَّذِي يَنِمُّ بِهِ عَنِ الْآخَرِينَ. وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِ الْإِسْلَامِ وَالْأُخُوَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ[14].



[1] انظر: فتح الباري، (10/ 469).

[2] انظر: تفسير مقاتل بن سليمان، (4/ 837).

[3] صحيح موقوفًا – رواه المنذري في (الترغيب والترهيب)، (3/ 329).

[4] المجالسة وجواهر العلم، للدينوري (5/ 166)، (رقم1992).

[5] انظر: موسوعة الأخلاق الإسلامية، (2/ 420).

[6] أدب الدنيا والدين، (ص266)؛ عيون الأخبار، (2/ 23).

[7] انظر: إحياء علوم الدين، (3/ 156)؛ تحفة الأحوذي، (6/ 145).

[8] تفسير مقاتل، (4/ 838).

[9] قَتَّاتٌ: هُوَ النَّمَّام. يُقَالُ: قَتَّ الْحَدِيثَ يَقُتُّه؛ إِذَا زَوَّرَهُ وهَيَّأه وسَوّاه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (4/ 11).

[10] الزواجر عن اقتراف الكبائر، (2/ 37).

[11]بريقة محمودية، لأبي سعيد الخادمي (3/ 193).

[12] انظر: نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، (11/ 5671).

[13] موارد الظمآن لدروس الزمان، (5/ 10).

[14] انظر: موسوعة الأخلاق الإسلامية، (3/ 30).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الغيبة والنميمة وقطع الأرحام عند المنافقين
  • من أقوال السلف في الغيبة والنميمة
  • الغنيمة في اجتناب الغيبة والنميمة (خطبة)
  • النصيحة من الغيبة والنميمة (خطبة)
  • الحذر من الغيبة والنميمة
  • خطبة: الشائعات والغيبة والنميمة وخطرهم على المجتمع
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من أسباب النصر والتمكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: اتق المحارم تكن أعبد الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبر ودروس من قصة آل عمران عليهم السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خالق الناس بخلق حسن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحرص على الوقت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الاستبشار بنزول الأمطار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين دين ودين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- خطبة جميلة
محمد الشغيبي - السعودية 10/07/2025 11:54 PM

جزاكم الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/2/1447هـ - الساعة: 14:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب