• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أقسام المشهود عليه
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن لا إله إلا الله
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تحريم النذر لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تخريج حديث: أن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك 1446هـ (من وضع ثقته في ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الثابتون على الحق (7) خباب بن الأرت
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    { فلا اقتحم العقبة }
    ماهر غازي القسي
  •  
    خطبة العيد بين التكبير والتحميد
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    تفسير: ﴿وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات صحة القلب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    علو الهمة
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    المرأة في القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    خواتيم الأعمال.. وانتظار الآجال (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    مع العيد... يتجدد الأمل
    افتتان أحمد
  •  
    وانتهى موسم عشر ذي الحجة (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع

الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/5/2025 ميلادي - 10/11/1446 هجري

الزيارات: 1327

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأحاديث الطوال (22)

(حديث أم زرع)


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الْأَمِينُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 130].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: هَذَا حَدِيثٌ طَوِيلٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، يَتَنَاوَلُ حَدِيثَ النِّسَاءِ عَنِ الرِّجَالِ، وَوَصْفَ الزَّوْجَاتِ لِأَزْوَاجِهِنَّ، تَرْوِيهِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَتَقُولُ: «جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا:

قَالَتِ الْأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ، لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى، وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَلُ. فَشَبَّهَتْ زَوْجَهَا بِلَحْمِ الْجَمَلِ الْغَثِّ الَّذِي تَعَافُهُ النَّفْسُ، وَشَبَّهَتْ سُوءَ خُلُقِهِ بِالْجَبَلِ الْوَعْرِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا السُّوءِ لَيْسَ سَهْلَ الْمُرْتَقَى، بَلْ هُوَ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ صَعْبِ الْمَطْلَعِ؛ وَلِذَا فَهِيَ تَفْقِدُ الْأَمَلَ فِي صَلَاحِ زَوْجِهَا؛ لِعُيُوبِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَسُوءِ عِشْرَتِهِ لَهَا، فَهُوَ شَدِيدُ الْبُخْلِ، سَيِّئُ الْخُلُقِ، مَيْئُوسٌ مِنْهُ.

 

قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ. أَيْ أَنَّهَا -لِسُوءِ مَعْشَرِهِ وَكَثْرَةِ مَثَالِبِهِ- تَخَافُ أَنْ تُطِيلَ فِي حَدِيثِهَا عَنْهُ وَعَنْ صِفَاتِهِ الْقَبِيحَةِ، وَلَا تَتْرُكُ مِنْ خَبَرِهِ شَيْئًا، وَهِيَ تَكْتَفِي بِالْإِشَارَةِ إِلَى عُيُوبِهِ، فَتَقُولُ: إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ، وَهِيَ بِذَلِكَ أَرَادَتْ ذِكْرَ عُيُوبِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَأَنَّ زَوْجَهَا كَثِيرُ الْمَعَايِبِ، مُعَقَّدُ النَّفْسِ عَنِ الْمَكَارِمِ.

 

قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ. وَالْعَشَنَّقُ هُوَ الطَّوِيلُ، وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ طُولٍ بِلَا نَفْعٍ، فَإِنْ ذَكَرْتُ عُيُوبَهُ طَلَّقَنِي، وَإِنْ سَكَتُّ عَنْهَا عَلَّقَنِي فَتَرَكَنِي لَا عَزْبَاءَ وَلَا مُزَوَّجَةَ.

 

قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ، وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ. وَهَذَا مَدْحٌ بَلِيغٌ، فَهِيَ تَصِفُهُ بِلَيْلِ تِهَامَةَ، وَتِهَامَةُ بِلَادٌ حَارَّةٌ فِي مُعْظَمِ السَّنَةِ، وَلَيْسَ فِيهَا رِيَاحٌ بَارِدَةٌ، فَيَطِيبُ اللَّيْلُ لِأَهْلِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا كَانُوا فِيهِ مِنْ أَذَى حَرَارَتِهَا، فَقَدْ وَصَفَتْ زَوْجَهَا بِجَمِيلِ الْعِشْرَةِ، وَاعْتِدَالِ الْحَالِ، وَسَلَامَةِ الْبَاطِنِ، فَلَا أَذًى عِنْدَهُ وَلَا مَكْرُوهَ، وَهِيَ تَلَذُّ الْعَيْشَ مَعَهُ كَلَذَّةِ أَهْلِ تِهَامَةَ بِلَيْلِهِمُ الْمُعْتَدِلِ.

 

قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ. وَهَذَا أَيْضًا مَدْحٌ بَلِيغٌ، تَصِفُهُ إِذَا دَخَلَ الْبَيْتَ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ فِي مَنْزِلِهِ عَنْ تَعَهُّدِ مَا ذَهَبَ مِنْ مَتَاعِهِ وَمَا بَقِيَ، وَشَبَّهَتْهُ بِالْفَهْدِ لِكَثْرَةِ نَوْمِهِ، يُقَالُ: أَنْوَمُ مِنْ فَهْدٍ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهَا: وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ، أَيْ: لَا يَسْأَلُ عَمَّا كَانَ عَهِدَهُ فِي الْبَيْتِ مِنْ مَالِهِ وَمَتَاعِهِ. وَإِذَا خَرَجَ أَسِدَ، وَهُوَ وَصْفٌ لَهُ بِالشَّجَاعَةِ، وَمَعْنَاهُ: إِذَا صَارَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ خَالَطَ الْحَرْبَ كَانَ كَالْأَسَدِ.

 

قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ. فَهِيَ تُعَانِي زَوْجًا لَا يَهْتَمُّ بِهَا، وَلَا يُرَاعِي شُعُورَهَا كَامْرَأَةٍ، وَلَا يَأْبَهُ إِلَّا بِنَفْسِهِ، فَيُكْثِرُ مِنَ الطَّعَامِ؛ لِشَرَهِهِ فِي الْأَكْلِ، وَلَا يُبْقِي عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَشْرَبُ، وَيُعْرِضُ عَنْ أَهْلِهِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَيَلْتَفُّ بِكِسَائِهِ وَحْدَهُ، وَلَا يَمَسُّ زَوْجَتَهُ وَلَا يُلَاطِفُهَا وَلَا يُسَامِرُهَا، وَلَا يُشْبِعُ حَاجَتَهَا إِلَى الرَّجُلِ، وَلِذَلِكَ فَهِيَ حَزِينَةٌ لِذَلِكَ، وَتَشْكُو بَثَّهَا وَحُزْنَهَا مِنْ رَجُلٍ لَا يَفْهَمُ طَبِيعَةَ الْمَرْأَةِ.

 

قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ. وَصَفَتْ زَوْجَهَا بِأَنَّهُ غَلِيظُ الطِّبَاعِ، تَجْتَمِعُ فِيهِ كُلُّ عُيُوبِ الرِّجَالِ، فَهُوَ أَحْمَقُ، ثَقِيلُ الصَّدْرِ، عَاجِزٌ عَنْ عِشْرَةِ النِّسَاءِ، وَكُلُّ دَاءٍ تَفَرَّقَ فِي الرِّجَالِ فَهُوَ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ يَضْرِبُهَا، وَإِذَا ضَرَبَ إِمَّا أَنْ يَشُجَّ الرَّأْسَ أَوْ يَكْسِرَ الْعَظْمَ، أَوْ يَجْمَعَ بَيْنَ الشَّجِّ وَالْكَسْرِ.

 

قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ. وَالزَّرْنَبُ نَوْعٌ مِنَ الطِّيبِ، أَرَادَتْ طِيبَ رِيحِ جَسَدِهِ أَوْ طِيبَ ثِيَابِهِ فِي النَّاسِ، وَلِينَ خُلُقِهِ وَحُسْنَ عِشْرَتِهِ.

 

قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ. فَهِيَ تَصِفُ بَيْتَ زَوْجِهَا بِالْعُلُوِّ، فَهُوَ مِنْ بُيُوتِ الْأَشْرَافِ الَّتِي يَضْرِبُونَهَا فِي الْمَوَاضِعِ الْمُرْتَفِعَةِ، وَهُوَ شُجَاعٌ كَرِيمٌ، يَكْثُرُ رَمَادُهُ مِنْ كَثْرَةِ النَّارِ الَّتِي يُوقِدُهَا لِإِكْرَامِ الضُّيُوفِ، وَبَيْتُهُ وَسَطَ النَّاسِ لِيَسْهُلَ لِقَاؤُهُ، فَهُوَ لَا يَحْتَجِبُ عَنْ أَحَدٍ.

 

قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ. مَعْنَاهُ: أَنَّ لَهُ إِبِلًا كَثِيرَاتٍ فَهِيَ بَارِكَةٌ بِفِنَائِهِ، لَا يُوَجِّهُهَا تَسْرَحُ إِلَّا قَلِيلًا قَدْرَ الضَّرُورَةِ، وَمُعْظَمُ أَوْقَاتِهَا تَكُونُ بَارِكَةً بِفِنَائِهِ. فَإِذَا نَزَلَ بِهِ الضِّيفَانُ يُقْرِيهِمْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَلُحُومِهَا.

 

قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، تُرِيدُ أَنَّ زَوْجَهَا أَثْقَلَ أُذُنَيْهَا بِأَقْرَاطِ الذَّهَبِ وَالْحُلِيِّ وَاللُّؤْلُؤِ، وَكَثُرَتْ نِعَمُهُ عَلَيْهَا حَتَّى سَمِنَ جِسْمُهَا وَعَظْمُهَا، فَعَظُمَتْ إِلَيْهَا نَفْسُهَا.

 

ثُمَّ قَارَنَتْ بَيْنَ حَالِهَا السَّابِقِ وَحَالِهَا بَعْدَ زَوَاجِهَا مِنْ أَبِي زَرْعٍ فَقَالَتْ: وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، مَعْنَاهُ: أَنَّهُ وَجَدَهَا فِي أَهْلِ غَنَمٍ يَعِيشُونَ حَيَاةً شَاقَّةً، فَنَقَلَهَا إِلَى أَهْلِ خَيْلٍ وَإِبِلٍ وَطَعَامٍ شَهِيٍّ، وَفِي بَيْتِهِ كَانَتْ تَقُولُ فَلَا يُرَدُّ قَوْلُهَا، وَكَانَتْ تَنَامُ فَلَا يُوقِظُهَا أَحَدٌ، وَعِنْدَهُ مَا يَكْفِيهَا مَئُونَةَ بَيْتِهَا وَأَهْلِهَا، وَكَانَتْ تَشْرَبُ عَلَى مَهَلٍ حَتَّى تَرْتَوِيَ.

 

ثُمَّ شَرَعَتْ فِي ذِكْرِ أُمِّ زَوْجِهَا وَابْنِهِ وَابْنَتِهِ وَجَارِيَتِهِ فَقَالَتْ: أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا. فَذَكَرَتْ أَنَّ أُمَّ أَبِي زَرْعٍ كَثِيرَةُ الْأَثَاثِ وَالْمَتَاعِ، وَاسِعَةُ الْمَالِ، كَبِيرَةُ الْبَيْتِ، وَتَصِفُ ابْنَ زَوْجِهَا مِنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى بِأَنَّهُ خَفِيفُ الْوَطْأَةِ عَلَيْهَا، فَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهَا وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ مَثَلًا لَا يَضْطَجِعُ إِلَّا قَدْرًا يَسِيرًا، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ طَعَامًا مِنْ عِنْدِهَا، وَلَوْ طَعِمَ لَاكْتَفَى بِالْيَسِيرِ الَّذِي يَسُدُّ الرَّمَقَ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ، فَهُوَ ظَرِيفٌ لَطِيفٌ. وَوَصَفَتْ بِنْتَهُ مِنْ غَيْرِهَا بِأَنَّهَا بَارَّةٌ بِأَبَوَيْهَا، مُطِيعَةٌ لَهُمَا، كَامِلَةُ الْجَسَدِ وَالشَّخْصِيَّةِ، وَأَنَّهَا تَغِيظُ جَارَتَهَا؛ لِمَا تَرَى عَلَيْهَا مِنْ أَثَرِ النِّعْمَةِ وَالْخَيْرِ. وَوَصَفَتْ جَارِيَتَهُ بِأَنَّهَا لَا تُفْشِي سِرَّ بَيْتِهِ، وَتُحَافِظُ عَلَى مَالِهِ، وَلَا تَخُونُهُ فِي شَيْءٍ.

 

ثُمَّ ذَكَرَتْ أُمَّ زَرْعٍ الِانْقِلَابَ الَّذِي حَدَثَ فِي حَيَاتِهَا مَعَ أَبِي زَرْعٍ حِينَ طَلَّقَهَا، قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، قَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِي مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ. فَذَكَرَتْ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَا زَرْعٍ رَأَى امْرَأَةً وَلُودًا لَهَا طِفْلَانِ كَالْفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ تَحْتَ خَصْرِهَا، فَطَلَّقَ أُمَّ زَرْعٍ وَتَزَوَّجَهَا رَغْبَةً فِي الْوَلَدِ؛ إِذْ كَانَتْ أُمُّ زَرْعٍ عَقِيمًا، فَتَزَوَّجَتْ أُمُّ زَرْعٍ بَعْدَ طَلَاقِهَا رَجُلًا غَيْرَهُ مِنَ الْأَثْرِيَاءِ الشُّرَفَاءِ، فَأَكْرَمَهَا وَأَعْطَاهَا مِنْ كُلِّ الْخَيْرَاتِ أَصْنَافًا وَأَنْوَاعًا، وَوَسَّعَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَهْلِهَا، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَنْسَ زَوْجَهَا أَبَا زَرْعٍ، وَمَا زَالَتْ تَذْكُرُ فَضْلَهُ وَكَرَمَهُ وَفَاءً لَهُ.

 

قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ النَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى: قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلْ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي زَرْعٍ».

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذَا الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ فِيهِ مِنَ الْبَلَاغَةِ وَالْوَصْفِ مَا يُبْرِزُ جَمَالَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَسَعَتِهَا، وَاسْتِيعَابَهَا لِلزَّمَانِ كُلِّهِ؛ وَلِذَا كَانَتْ لُغَةَ الْقُرْآنِ. كَمَا أَنَّ الْحَدِيثَ يَكْشِفُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ مَجَالِسِ النِّسَاءِ وَأَحَادِيثِهِنَّ؛ فَفِي الْغَالِبِ أَنَّ مَجَالِسَهُنَّ لَا تَخْلُو مِنَ الْحَدِيثِ عَنِ الرِّجَالِ، وَبِالْأَخَصِّ عَنْ أَزْوَاجِهِنَّ، إِمَّا بِالذَّمِّ عَلَى وَجْهِ الشَّكْوَى وَالتَّذَمُّرِ وَعَدَمِ الرِّضَا، وَإِمَّا بِالْمَدْحِ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا وَالشُّكْرِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُفَاخَرَةِ وَإِغَاظَةِ الْأُخْرَيَاتِ. وَعَلَى الرِّجَالِ أَنْ يَحْتَمِلُوا حَدِيثَ النِّسَاءِ فِيهِمْ إِذَا بَلَغَهُمْ، فَهُوَ مِنْ سَجَايَاهُنَّ. وَعَلَى الْأَزْوَاجِ أَنْ يَتَغَافَلُوا عَمَّا يَبْلُغُهُمْ مِنْ أَحَادِيثِ زَوْجَاتِهِمْ فِيهِمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ طَبَائِعِهِنَّ، وَلَا تَكَادُ تَخْلُو مِنْهُ مَجَالِسُهُنَّ، وَالْمَرْأَةُ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أَعْوَجَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ؛ فَلْيَحْتَمِلِ الرَّجُلُ عِوَجَهَا وَنَقْصَهَا، وَلْيَتَغَافَلْ غِيبَتَهَا لَهُ، وَذَمَّهَا فِيهِ؛ فَإِنَّ كِرَامَ الرِّجَالِ يَنْظُرُونَ إِلَى الْمَحَاسِنِ، وَيُرَجِّحُونَهَا عَلَى الْمَسَاوِئِ، حَتَّى تَدُومَ الْعِشْرَةُ، وَتَتَوَثَّقَ الْمَوَدَّةُ، وَتَسْتَقِيمَ الْأُسْرَةُ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأحاديث الطوال (9) قصة البيت والحج
  • الأحاديث الطوال (10) في بيت النبوة (1)
  • الأحاديث الطوال (11) في بيت النبوة (2)
  • الأحاديث الطوال (13) حديث الهجرة
  • الأحاديث الطوال (15) حديث الرؤيا
  • الأحاديث الطوال (18) حديث الطاعون
  • الأحاديث الطوال (21) قصة هرقل

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة الأحاديث الصحيحة والمختلف في بعض رجالها ويليها الأحاديث المتكلم في أسانيدها في صحيح الترمذي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الاعتماد في تصحيح الأحاديث على سكوت المؤلفين عن الأحاديث في مصنفاتهم (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة جزء من حديث أبي نصر العكبري ومن حديث أبي بكر النصيبي ومن حديث خيثمة الطرابلسي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نقد النقد الحديثي المتجه إلى أحاديث صحيح الإمام البخاري: دراسة تأصيلية لعلم (نقد النقد الحديثي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث الخامس من أحاديث الأربعين النووية (حديث النهي عن البدع)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تخريج ودراسة تسعة أحاديث من جامع الترمذي من الحديث (2995) إلى الحديث (3005) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حديث عيسى ابن مريم وحديث الطير مع أبي بكر وحديث الضب مع النبي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • اجتماع أهل الحديث على تصحيح الأحاديث حجة على الناس(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • بشرى الأمين في الأحاديث الخمسين: خمسون حديثا مما اتفق عليه الأئمة السبعة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المختار من صحيح الأحاديث القصار: المائة حديث الثانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/12/1446هـ - الساعة: 0:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب