• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وقفات تربوية مع سورة العاديات
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    من أسباب الثراء الخفية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    قبسات من علوم القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ﴿ ولقد صدقكم الله وعده ﴾
    د. خالد النجار
  •  
    تفسير سورة يونس (الحلقة الحادية عشرة) مسيرة بني ...
    الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي
  •  
    الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الصالح
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الصلاة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الغني
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    فضل صيام شهر المحرم
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    عاشوراء بين السنة والبدعة (خطبة)
    عبدالكريم الخنيفر
  •  
    دعاء الاستخارة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    فضول الكلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    آداب المسجد (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الهجرة النبوية: انطلاقة حضارية لبناء الإنسان ...
    د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وكأين من نبي قاتل معه ربيون ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    خطبة: تربية الشباب على حسن الخلق
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

مظاهر اليسر في الصوم (3) تعجيل الفطور وتأخير السحور

مظاهر اليسر في الصوم (3) تعجيل الفطور وتأخير السحور
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/3/2024 ميلادي - 4/9/1445 هجري

الزيارات: 9642

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مظاهر اليسر في الصوم (3)

تعجيل الفطور وتأخير السحور


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ جَعَلَ رَمَضَانَ رَبِيعًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَبَهْجَةً لِلْمُوقِنِينَ، وَفَرَحًا لِلصَّائِمِينَ، وَجَعَلَ لَيَالِيَهُ أُنْسًا لِلْمُتَهَجِّدِينَ، وَخُشُوعًا لِلْمُتَدَبِّرِينَ، وَلَهْفَةً لِلدَّاعِينَ، وَجَعَلَ أَسْحَارَهُ بَرَكَةً لِلْمُتَسَحِّرِينَ، وَلَذَّةً لِلْمُسْتَغْفِرِينَ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا يَخِيبُ مَنْ رَجَاهُ، وَلَا يُرَدُّ مَنْ دَعَاهُ، وَلَا يَذِلُّ مَنْ وَالَاهُ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَشَّرَ أُمَّتَهُ بِشَهْرِ رَمَضَانَ، وَفَتَحَ لَهُمْ فِيهِ أَبْوَابَ الْإِحْسَانِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى حِفْظِ الصِّيَامِ مِنَ الْحَرَامِ، وَرَغَبَّهُمْ فِي تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَإِحْسَانِ الدُّعَاءِ وَالْقِيَامِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى بُلُوغِ رَمَضَانَ، وَصُونُوا الْجَوَارِحَ مِنَ الْآثَامِ، وَجِدُّوا فِي تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّكُمْ فِي شَهْرِ الْقُرْآنِ؛ ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [الْبَقَرَةِ:185].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَلَّفَهُمْ بِالْعِبَادَةِ خَفَّفَ عَنْهُمْ، وَرَاعَى أَحْوَالَهُمْ، وَجَعَلَ لِمَنْ لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ أَوْ يَتَضَرَّرُ بِهِ عِوَضًا فِي الْإِطْعَامِ، وَمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الصِّيَامِ أَفْطَرَ وَقَضَى بَعْدَ رَمَضَانَ؛ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَهْلِ الْأَعْذَارِ، وَهَذَا مِنْ مَظَاهِرِ الْيُسْرِ فِي الصِّيَامِ. وَثَمَّةَ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الْيُسْرِ فِي الصِّيَامِ، وَهُوَ عَامٌّ لِكُلِّ الصَّائِمِينَ؛ ذَلِكُمْ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنَ الْفُطُورِ وَتَعْجِيلِهِ، وَمَا شَرَعَهُ مِنَ السُّحُورِ وَتَأْخِيرِهِ؛ فَهُوَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَخْفِيفٌ عَلَى عِبَادِهِ، وَإِعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى أَدَاءِ فَرِيضَتِهِ.

 

فَأَمَّا تَعْجِيلُ الْفُطُورِ فَفَوْرَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا ‌الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [الْبَقَرَةِ:187]، وَاللَّيْلُ يَبْدَأُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا ‌أَقْبَلَ ‌اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنْ تَخْفِيفِ اللَّهِ عَلَى الصَّائِمِ: كَوْنُ السُّنَّةِ فِي تَعْجِيلِ الْفِطْرِ؛ لِتَشَوُّفِ الصَّائِمِ إِلَى الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ؛ جَرَّاءَ الْعَطَشِ وَالْجُوعِ؛ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِي تَأْخِيرِ الْفُطُورِ زِيَادَةَ أَجْرٍ بِكَوْنِ الصَّوْمِ أَطْوَلَ؛ لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ ‌النَّاسُ ‌بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ حِبَّانَ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرْ ‌بِفِطْرِهَا ‌النُّجُومَ»، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «‌لَا ‌يَزَالُ ‌الدِّينُ ‌ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: «وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ ظُهُورَ الدِّينِ ‌الْحَاصِلَ ‌بِتَعْجِيلِ الْفِطْرِ لِأَجْلِ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى»، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَتَكَلَّفُوا وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُحِبُّ الْمُتَكَلِّفِينَ، فَكَانَتْ شَرِيعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِيعَةَ يُسْرٍ وَسَمَاحَةٍ، مُجَافِيَةً لِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنَ التَّشْدِيدِ وَالتَّكَلُّفِ.

 

وَمِنْ مَظَاهِرِ التَّيْسِيرِ فِي الصِّيَامِ: تَأْخِيرُ السُّحُورِ إِلَى مَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [الْبَقَرَةِ:187]، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّحُورِ، وَوَصَفَهُ بِالْبَرَكَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ ‌فِي ‌السَّحُورِ ‌بَرَكَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَسَحَّرُ فَقَالَ: «إِنَّ السَّحُورَ ‌بَرَكَةٌ ‌أَعْطَاكُمُوهَا اللَّهُ، فَلَا تَدَعُوهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى ‌الْغَدَاءِ ‌الْمُبَارَكِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِغَدَاءِ السُّحُورِ؛ فَإِنَّهُ هُوَ ‌الْغَدَاءُ ‌الْمُبَارَكُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

 

وَكَمَا أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَأَخَّرُونَ فِي إِفْطَارِهِمْ، وَيُشَدِّدُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ فَكَذَلِكَ كَانُوا لَا يَتَسَحَّرُونَ، وَهَذَا أَيْضًا مِنَ التَّشْدِيدِ الْمُنَافِي لِلتَّيْسِيرِ؛ وَلِذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّحُورِ؛ لِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى الْعَظِيمِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَصْلُ ‌مَا ‌بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: «مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ: الْحَثُّ عَلَى التَّسَحُّرِ، وَفِيهِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ لَا عُسْرَ فِيهِ، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِذَا نَامُوا بَعْدَ الْإِفْطَارِ لَمْ يَحِلَّ لَهُمْ مُعَاوَدَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَعَلَى مِثْلِ ذَلِكَ كَانَ الْأَمْرُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ، وَرَخَّصَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَى وَقْتِ الْفَجْرِ».

 

بَلْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَأْخِيرِ السُّحُورِ إِلَى مَا قَبْلَ الْفَجْرِ؛ لِأَجْلِ تَحْقِيقِ الْيُسْرِ؛ وَلِيَكُونَ عَوْنًا لِلصَّائِمِ فِي صِيَامِهِ، وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْنَا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ ‌نُؤَخِّرَ ‌سُحُورَنَا» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَجَاءَتْ أَحَادِيثُ أُخْرَى تُبَيِّنُ أَنَّ سُحُورَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانَ قُرْبَ الْفَجْرِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ ‌بَيْنَ ‌الْأَذَانِ ‌وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ ‌تَكُونُ ‌سُرْعَتِي أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَهَذَا التَّخْفِيفُ فِي الصِّيَامِ بِتَعْجِيلِ الْفُطُورِ، وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ؛ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ، وَتَيْسِيرًا عَلَيْهِمْ فِي أَدَاءِ فَرِيضَةِ الصَّوْمِ، وَإِعَانَةً لَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ؛ فَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَانَا لِدِينِهِ، وَعَلَى مَا يَسَّرَ لَنَا مِنْ أَحْكَامِهِ، وَنَسْأَلُهُ الْإِعَانَةَ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الصِّيَامَ فُرِضَ لِتَحْقِيقِ التَّقْوَى؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:183].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: النَّهْيُ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ التَّيْسِيرِ فِي الصَّوْمِ، وَمَعْنَى الْوِصَالِ: أَنْ يُوَاصِلَ الصَّوْمَ فَلَا يُفْطِرُ وَلَا يَتَسَحَّرُ، وَبَوَّبَ النَّوَوِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فَقَالَ: «بَابٌ: ‌تَحْرِيمُ ‌الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ؛ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَأْكُلَ وَلَا يَشْرَبَ بَيْنَهُمَا».

 

وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: إِنِّي ‌لَسْتُ ‌كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «وَاصَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ الشَّهْرِ، وَوَاصَلَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَوْ مُدَّ بِيَ الشَّهْرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالًا يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ ‌تَعَمُّقَهُمْ، إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ...» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَرَخَّصَ لِمَنْ أَرَادَ الْوِصَالَ مِنْهُمْ أَنْ يُوَاصِلَ إِلَى السَّحَرِ وَلَا يَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ مِنَ الْوِصَالِ، وَأَمَّا الْوِصَالُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؛ فَالصَّوَابُ تَحْرِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا رَهْبَانِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي تَعْذِيبِ عِبَادِهِ، وَمَا شُرِعَ الصِّيَامُ إِلَّا لِلتَّعَبُّدِ بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَتَحْقِيقِ التَّقْوَى، وَتَهْذِيبِ النُّفُوسِ، وَالسُّمُوِّ بِهَا عَنْ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا، وَالْإِحْسَاسِ بِحِرْمَانِ الْمَحْرُومِينَ، وَجُوعِ الْجَائِعِينَ، وَلَمْ يُشْرَعْ لِلْإِضْرَارِ بِالْجَسَدِ، وَلَا لِمَنْعِهِ الضَّرُورِيَّ مِمَّا يَلْزَمُهُ، فَكَانَتْ شَرِيعَةُ الصَّوْمِ فِي الْإِسْلَامِ مُتَوَازِنَةً، تَنْفَعُ الْجَسَدَ وَلَا تَضُرُّهُ، فَلَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا وَلَا نَقْصَ مِنْهَا فِي مِقْدَارِ الصَّوْمِ، مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِنَعْلَمَ حِكْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَرِيعَتِهِ، وَرَحْمَتَهُ بِعِبَادِهِ؛ فَنَجِدَّ وَنَجْتَهِدَ، وَنَعْمَلَ بِمَا أُمِرْنَا بِهِ، وَنَجْتَنِبَ مَا نُهِينَا عَنْهُ؛ فَذَلِكَ طَرِيقُ سَعَادَتِنَا فِي دُنْيَانَا وَأُخْرَانَا؛ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ‌فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النَّحْلِ:97].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مظاهر اليسر في الصوم (1): التدرج في فرض الصيام (خطبة)
  • مظاهر اليسر في الصوم (2): الفطر لأهل الأعذار
  • مظاهر اليسر في الصوم (4) النهي عن صوم الأبد
  • تأخير السحور

مختارات من الشبكة

  • مظاهر وحدة المسلمين في عبادة الصوم(مقالة - ملفات خاصة)
  • مظاهر اليسر في عبادة العمر(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح متن الدرر البهية: كتاب الصيام(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • مقتضى يسر الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من مظاهر يسر الشريعة .. مضاعفة الحسنات دون السيئات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مظاهر يسر الشريعة .. إباحة المحظورات عند الضرورة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مظاهر يسر الشريعة .. إلحاق الرخص بالفرائض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مظاهر يسر الشريعة .. وحدة المصدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صوم التطوع(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • شروط صحة الصوم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/1/1447هـ - الساعة: 15:12
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب