• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطورة إنكار البعث (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مسألة تلبس الجان بالإنسان
    إبراهيم الدميجي
  •  
    خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    المعتزلة الجدد وتأويل النص القرآني
    د. محمد عبدالفتاح عمار
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صلوا عليه وسلموا تسليما
    بكر البعداني
  •  
    بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق اليتيم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الحافظ الدارقطني (ت 385 هـ) وكتاباه «الإلزامات» ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حديث: أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    السنة النبوية وبناء الأمن النفسي: رؤية سيكولوجية ...
    د. حسام الدين السامرائي
  •  
    خطبة: الشهود يوم القيامة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    كيف تترك التدخين؟
    حمد بن بكر العليان
  •  
    خطبة: تهديد الآباء للأبناء بالعقاب
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

العمل للدنيا والآخرة.. بيان ومقارنة (خطبة)

العمل للدنيا والآخرة.. بيان ومقارنة (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/12/2023 ميلادي - 24/5/1445 هجري

الزيارات: 21124

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العملُ للدُّنيا والآخرةِ.. بَيانٌ ومُقارَنةٌ


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدِ انْقَسَمَ النَّاسُ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ لِلدُّنْيَا، وَانْتِظَارِ مَا يَحْصُلُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَتَاعِهَا وَزُخْرُفِهَا وَبَهْجَتِهَا، وَمَا يَقُومُونَ بِهِ مِنْ عَمَلٍ لِلْآخِرَةِ، وَانْتِظَارِ مَا سَيَحْصُلُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الَّذِينَ أَلْهَتْهُمُ الدُّنْيَا، وَصَرَفَتْهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ: وَهُمُ الْكَثْرَةُ الْكَاثِرَةُ، وَالْأَغْلَبِيَّةُ السَّاحِقَةُ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ الَّذِينَ كَرَّسُوا حَيَاتَهُمْ لِلْحُصُولِ عَلَى الْأَمْوَالِ، وَالتَّمَتُّعِ بِالشَّهَوَاتِ، وَالِانْغِمَاسِ فِي الْمَلَذَّاتِ، وَلَمْ يُفَكِّرُوا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَمَا يَنْتَظِرُهُمْ فِيهَا مِنْ حِسَابٍ أَوْ عِقَابٍ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ صَدَقَ فِيهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 14]، وَنَعِيمُ الدُّنْيَا إِلَى زَوَالٍ، وَنَعِيمُ الْآخِرَةِ بَاقٍ بِلَا انْتِهَاءٍ، وَلَا انْقِضَاءٍ: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النَّحْلِ: 96]، ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النِّسَاءِ: 77].

 

وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِتَوْجِيهِهِ السَّلِيمِ، وَنُطْقِهِ الْحَكِيمِ – هَذِهِ الْحَقِيقَةَ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ قَالَ: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: "مَالِي، مَالِي!" قَالَ: وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ؛ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ! وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَفِي الْمُقَارَنَةِ؛ بَيْنَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا فَقَطْ، وَيَغْفُلُونَ عَنِ الْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ، وَبَيْنَ مَنْ يَعْمَلُونَ لِهَذِهِ وَتِلْكَ، وَيُقَدِّمُونَ الْعَمَلَ لِلْآخِرَةِ عَلَى الْعَمَلِ لِلدُّنْيَا؛ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 200-202].

 

وَيُبَيِّنُ اللَّهُ مَآلَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الدُّنْيَا فَقَطْ، وَمَآلَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ لِلْآخِرَةِ وَيُؤْثِرُونَهَا عَلَى الدُّنْيَا: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 18-19]، وَفِي مَشْهَدٍ آخَرَ: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [الشُّورَى: 20].

 

وَالْإِنْسَانُ لَوِ ابْتَغَى الدُّنْيَا وَحْدَهَا؛ فَإِنَّهُ سَيَقْضِي حَيَاتَهُ كُلَّهَا فِي اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى – مُبَيِّنًا قِيمَةَ الدُّنْيَا بِالْقِيَاسِ إِلَى الْآخِرَةِ: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 64].

 

وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُعْلِمُنَا بِأَخْبَارِ الْمَفْتُونِينَ بِالدُّنْيَا، وَيُبَيِّنُ لَنَا سُوءَ عَاقِبَتِهِمْ، فَيَقُولُ: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا ﴾ [الْكَهْفِ: 103-106].

 

أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: هُمُ الَّذِينَ عَمِلُوا لِلدُّنْيَا أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِمْ لِلْآخِرَةِ: لِقِصَرِ أَنْظَارِهِمْ، وَضَعْفِ إِيمَانِهِمْ، وَقِلَّةِ إِدْرَاكِهِمْ، فَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الدُّنْيَا عَلَى أَنَّهَا الْأَصْلُ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ – إِذَا عَمِلُوا لَهَا – فَإِنَّمَا يَكُونُ الْعَمَلُ لَهَا بِشَكْلٍ إِضَافِيٍّ لَا يَمُتُّ إِلَى وَاقِعِ حَيَاتِهِمُ الَّتِي خَلَتْ مِنَ الْوَاجِبَاتِ، وَفَرَغَتْ مِنَ الْمُهِمَّاتِ، وَامْتَلَأَتْ بِالتَّوَافِهِ وَالْمُغْرِيَاتِ؛ كَمَا هُوَ عَلَيْهِ حَالُ الْكَثْرَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ، فَتَرَاهُمْ يُهْمِلُونَ فِي أَدَاءِ الْفَرَائِضِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَلَا يُؤَدُّونَهَا بِانْتِظَامٍ مَعَ الْجَمَاعَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، وَهُوَ الْقَائِلُ: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النِّسَاءِ: 103]، وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَتَأَخَّرُ فِي الْمَجِيءِ إِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، أَيْ: بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَفُوتُهُ مُعْظَمُ الْمَوْعِظَةِ الَّتِي يَنْبَغِي عَلَيْهِ الِاسْتِفَادَةُ مِنْهَا.

 

وَيُقَصِّرُونَ فِي بَاقِي أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَشَعَائِرِهِ الْعِظَامِ؛ كَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَكَأَنَّهُمْ - حِينَ يَقُومُونَ بِالْأَعْمَالِ الْقَلِيلَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُمْ - لَا يُؤَدُّونَهَا عَلَى أَنَّهَا فَرَائِضُ وَعِبَادَاتٌ شَرْعِيَّةٌ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَقُومُوا بِهَا؛ وَإِنَّمَا يُؤَدُّونَهَا عَلَى أَنَّهَا مَظَاهِرُ اجْتِمَاعِيَّةٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُشَاطِرُوا مُجْتَمَعَاتِهِمْ فِي تَأْدِيَتِهَا فَقَطْ! وَهَذَا نَاتِجٌ عَنْ ضَعْفِ إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَهَؤُلَاءِ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ – إِنِ اسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ – وَلَمْ يُصَحِّحُوا مَقَاصِدَهُمْ وَنِيَّاتِهِمْ، وَيُقَدِّمُوا الْآخِرَةَ عَلَى الْأُولَى، وَيُوقِنُوا بِأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ الْأَصْلُ، وَأَنَّهَا الْبَاقِيَةُ، وَأَنَّ الدُّنْيَا إِلَى زَوَالٍ وَفَنَاءٍ وَانْتِهَاءٍ.

 

وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعِيبُ عَلَى هَذَا الصِّنْفِ مِنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: ﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ﴾ [الْقِيَامَةِ: 20-21]، وَيَقُولُ: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الْأَعْلَى: 16-17]، وَيَقُولُ – لِلَّذِينَ يُقَدِّمُونَ الْعَمَلَ لِلدُّنْيَا، وَيَتَغَاضَوْنَ عَنِ الْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ: ﴿ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 38].

 

وَالْعَمَلُ لِلْآخِرَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمَلِ لِلدُّنْيَا: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [الْقَصَصِ: 77].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: هُمُ الَّذِينَ بَاعُوا الدُّنْيَا مِنْ أَجْلِ الْآخِرَةِ: وَبَذَلُوا حَيَاتَهُمْ فِي طَاعَةِ رَبِّهِمْ وَعِبَادَتِهِ، وَنَيْلِ مَرْضَاتِهِ، وَاشْتَغَلُوا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي جَمِيعِ الْمَجَالَاتِ، وَلَمْ تَفْتِنْهُمُ الدُّنْيَا، وَلَمْ تَشْغَلْهُمْ عَنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَالْعِبَادَاتِ الَّتِي شَرَعَهَا لَهُمْ؛ بَلْ زَادُوا عَلَى الْفَرَائِضِ بِالْحِفَاظِ عَلَى النَّوَافِلِ؛ لِرَفْعِ دَرَجَاتِهِمْ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ، الَّذِينَ عَنَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَهَذَا الْقِسْمُ الْكَرِيمُ يَنْظُرُونَ إِلَى الدُّنْيَا؛ كَمَا قَالَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ؛ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

وَكَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَتَابِعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ، يَتَسَابَقُونَ إِلَى الْخَيْرَاتِ، وَيَتَبَارَوْنَ فِي الطَّاعَاتِ، وَيَتَنَافَسُونَ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْقُرُبَاتِ: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا، فَقُلْتُ: "الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ - إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا"، قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قُلْتُ: "مِثْلَهُ"، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ! مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قَالَ: "أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"، قُلْتُ: "وَاللَّهِ لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا". صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ؛ وَلِذَا نَالَ أَبُو بَكْرٍ ثَنَاءَ رَبِّهِ تَعَالَى: ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ﴾ [اللَّيْلِ: 17-21].

 

فَلْنَعْمَلْ لِلدُّنْيَا عَلَى قَدْرِ مَقَامِنَا فِيهَا، وَلْنَعْمَلْ لِلْآخِرَةِ عَلَى قَدْرِ بَقَائِنَا فِيهَا، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يَا ابْنَ آدَمَ! ‌بِعْ ‌دُنْيَاكَ ‌بِآخِرَتِكَ تَرْبَحُهُمَا جَمِيعًا، وَلَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ فَتَخْسَرَهُمَا جَمِيعًا).

تَاللَّهِ لَوْ عَاشَ الْفَتَى فِي أَهْلِهِ
أَلْفًا مِنَ الْأَعْوَامِ مَالِكَ أَمْرِهِ
مُتَلَذِّذًا مَعَهُمْ بِكُلِّ لَذِيذَةٍ
مُتَنَعِّمًا بِالْعَيْشِ مُدَّةَ عُمْرِهِ
لَا يَعْتَرِيهِ النَّقْصُ فِي أَحْوَالِهِ
كَلَّا وَلَا تَجْرِي الْهُمُومُ بِفِكْرِهِ
مَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَنْ يَفِي
بِنُزُولِ ‌أَوَّلِ ‌لَيْلَةٍ ‌فِي ‌قَبْرِهِ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخوف من الله: نعيم في الدنيا والآخرة
  • أسباب الثبات في الدنيا والآخرة
  • الأمانة بين الدنيا والآخرة
  • الزلزال بين الدنيا والآخرة

مختارات من الشبكة

  • فضل العمل الصالح عند فساد الزمن والمداومة على العمل وإن قل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ركائز العمل المؤسساتي في الإسلام: العمل الجماعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أول العمل آخر الفكرة، وأول الفكرة آخر العمل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التحذير من قراءة القرآن للدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العبادات للدنيا والآخرة معا(استشارة - الاستشارات)
  • ‏ ماتوا ويتمنون الرجوع للدنيا!(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • ماتوا ويتمنون الرجوع للدنيا!(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • سيبقى الدين للدنيا منارا (بطاقة أدبية)(كتاب - حضارة الكلمة)
  • رؤية للدنيا (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • العمل ثمرة العلم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/1/1447هـ - الساعة: 15:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب