• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

سورة آل عمران (2) تقرير الربوبية

سورة آل عمران (2) تقرير الربوبية
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/2/2021 ميلادي - 20/6/1442 هجري

الزيارات: 14865

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة آل عمران (2)

تقرير الربوبية


الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّبِّ الْمَعْبُودِ، يَحْمَدُهُ كُلُّ عَبْدٍ مَرْبُوبٍ، وَهُوَ الْمَحْمُودُ فِي كُلِّ حَالٍ وَزَمَانٍ، الْمَعْبُودُ فِي الْأَرْضِ وَفِي السَّمَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَظْهَرَ لَنَا مِنْ دَلَائِلِ رُبُوبِيَّتِهِ مَا عَرَّفَنَا بِهِ، وَدَلَّنَا عَلَيْهِ، فَلَا يُمَارِي فِي رُبُوبِيَّتِهِ إِلَّا مُكَابِرٌ، وَلَا يُنْكِرُهَا إِلَّا مُسْتَكْبِرٌ جَاحِدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ كَثِيرَ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، مُقِرًّا بِفَضْلِهِ وَآلَائِهِ، شَاكِرًا لَهُ عَلَى نِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ، ذَاكِرًا لَهُ فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ، عَابِدًا لَهُ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ وَاعْبُدُوهُ؛ فَإِنَّ الْجَزَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَظِيمٌ ﴿ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 15].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

الْقُرْآنُ حَيَاةٌ لِلْقُلُوبِ، وَشِفَاءٌ لِلصُّدُورِ، وَجَلَاءٌ لِلْأَحْزَانِ، وَسَعَادَةٌ لِلْإِنْسَانِ. وَسُورَةُ آلِ عِمْرَانَ وُصِفَتْ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهَا زَهْرَاءُ، أَيْ: مُضِيئَةٌ، فَهِيَ تُضِيءُ لِلْعَامِلِ بِهَا حَيَاتَهُ، وَتَكُونُ حُجَّةً لَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ. وَمِمَّا يَلْفِتُ الِانْتِبَاهَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ كَثْرَةُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي قُرِّرَتْ فِيهَا رُبُوبِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِيَمْتَلِئَ قَلْبُ قَارِئِهَا بِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّتِهِ وَخَشْيَتِهِ وَرَجَائِهِ، فَيَنْقَادَ إِلَى الطَّاعَةِ بِشَوْقٍ وَفَرَحٍ وَنَشَاطٍ.

 

وَمِنْ مَوَاضِعِ تَقْرِيرِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي آلِ عِمْرَانَ: بَيَانُ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَبَيَانُ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى تَصْوِيرِ الْأَجِنَّةِ فِي الْأَرْحَامِ، وَهَذَا التَّقْرِيرُ جَاءَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 5-6]. وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ السُّورَةِ بَيَانُ عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ بِمَكْنُونِ الْقُلُوبِ، وَمَا تُخْفِيهِ الصُّدُورُ: ﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 29].

 

وَمِنْ مَوَاضِعِ تَقْرِيرِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي آلِ عِمْرَانَ: بَيَانُ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى جَمْعِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْحِسَابِ، وَجَاءَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 9]. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 25].

 

وَمِنْ مَوَاضِعِ تَقْرِيرِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي آلِ عِمْرَانَ: بَيَانُ أَنَّ الْمُلْكَ وَالْعِزَّ وَالْإِحْيَاءَ وَالْإِمَاتَةَ وَالرِّزْقَ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 26-27]. وَحِينَ كَانَتْ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلَامُ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا فِي مَوْضِعِ صَلَاتِهَا؛ كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ سَأَلَهَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ ذَلِكَ: ﴿ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 37]. وَفِي آخِرِ السُّورَةِ تَأْكِيدٌ عَلَى مُلْكِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ: ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 189].

 

وَمِنْ مَوَاضِعِ تَقْرِيرِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي آلِ عِمْرَانَ: بَيَانُ أَنَّ الْأَمْرَ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ؛ مِمَّا يَمْلَأُ الْقُلُوبَ ثِقَةً بِاللَّهِ تَعَالَى، وَطُمَأْنِينَةً بِهِ، وَرُكُونًا إِلَيْهِ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 109]. وَحِينَ كَانَتِ الْهَزِيمَةُ فِي أُحُدٍ، وَشَكَّكَ الْمُشَكِّكُونَ، وَنَافَقَ الْمُنَافِقُونَ؛ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْأَمْرَ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴿ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 154].

 

وَفِيهَا بَيَانُ أَنَّ الْهَزِيمَةَ فِي أُحُدٍ وَقَعَتْ بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى لِحِكَمٍ عَظِيمَةٍ، وَأَنَّ الشَّامِتِينَ بِقَتْلَى أُحُدٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لَنْ يَدْفَعُوا الْمَوْتَ عَنْهُمْ إِنْ نَزَلَ بِهِمْ: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 166-168].

 

وَمِنْ مَوَاضِعِ تَقْرِيرِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي آلِ عِمْرَانَ: بَيَانُ أَنَّ الْإِنْجَابَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ النِّكَاحَ وَالْحَمْلَ أَسْبَابُهُ، وَأَنَّ الْقُدْرَةَ الرَّبَّانِيَّةَ فَوْقَ الْأَسْبَابِ؛ وَلِذَا رُزِقَ زَكَرِيَّا وَهُوَ هَرِمٌ، وَزَوْجَتُهُ وَهِيَ عَاقِرٌ، غُلَامًا بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ، فَعَجِبَ زَكَرِيَّا لِذَلِكَ ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 40]. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَرْيَمَ رُزِقَتِ الْوَلَدَ بِلَا زَوْجٍ وَلَا وَطْءٍ؛ لِتَتَجَلَّى قُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 47]. وَفِي ذِكْرِ خَلْقِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِلَا أَبٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُبَيِّنًا قُدْرَتَهُ عَلَى ذَلِكَ ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 59]. أَيْ: إِنْ كَانَ عِيسَى خُلِقَ بِلَا أَبٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى -بِقُدْرَتِهِ- خَلَقَ آدَمَ بِلَا أَبٍ وَلَا أُمٍّ.

 

وَمِنْ مَوَاضِعِ تَقْرِيرِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي آلِ عِمْرَانَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَحَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَلَا يَخْطُرُ عَلَى بَالِ بَشَرٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَالْمِنْحَةِ الْإِلَهِيَّةِ ﴿ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 49].

 

وَمِنْ مَوَاضِعِ تَقْرِيرِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي آلِ عِمْرَانَ: بَيَانُ أَنَّ هِدَايَةَ التَّوْفِيقِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِدَايَتِهِ مَنْ رَحِمَ مِنْ عِبَادِهِ، وَقَدْ تَآمَرَ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى صَرْفِ النَّاسِ عَنِ الْإِسْلَامِ ﴿ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 72-73]. فَكَانَ الْجَوَابُ عَلَيْهِمْ: ﴿ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 73-74].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ لِدِينِهِ، وَالِاسْتِقَامَةَ عَلَى أَمْرِهِ، وَتَدَبُّرَ كِتَابِهِ، وَالْعَمَلَ بِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرِيقَانِ، فَرِيقٌ سُعَدَاءُ، وَفَرِيقٌ أَشْقِيَاءٌ ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 106-107].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

النَّصْرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يَمْنَحُهُ مَنْ يَشَاءُ، وَيَمْنَعُهُ مَنْ يَشَاءُ؛ فَإِنْ مَنَحَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ جَزَاءٌ لَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ، وَإِنْ كَانَتِ الدَّائِرَةُ لِلْكُفَّارِ عَلَيْهِمْ؛ كَانَ ذَلِكَ ابْتِلَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ لِحِكَمٍ عَظِيمَةٍ يُرِيدُهَا، وَهَذَا مِنْ مَوَاضِعِ تَقْرِيرِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 123-127].

 

وَلِئَلَّا يُطْلَبَ النَّصْرُ وَالْعِزُّ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ خَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ يَنْهَاهُمْ عَنْ طَاعَةِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يُورِدُونَهُمْ مَوَارِدَ الذُّلِّ وَالْهَزِيمَةِ وَالْهَوَانِ، وَالْهَلَكَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، بِاسْتِجْلَابِ أَسْبَابِ الْعَذَابِ وَالْخِذْلَانِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 149-151].

 

وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ مِنْ تَقْرِيرِ الرُّبُوبِيَّةِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ تَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْقُلُوبَ يَجِبُ أَنْ تَمْتَلِئَ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ مَحَبَّةً وَتَعْظِيمًا وَذُلًّا وَعُبُودِيَّةً وَخَوْفًا وَرَجَاءً، وَأَنْ يَنْتَبِهَ قَارِئُ السُّورَةِ لِهَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَيَتَدَبَّرَهَا، وَيَعِيَ أَنَّ فَضْلَهَا بِمَا فِيهَا مِنَ الْمَعَانِي الْعَظِيمَةِ فِي التَّعْرِيفِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِرُبُوبِيَّتِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 129].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة آل عمران كاملة
  • وقفات مع سورة آل عمران
  • آيات الذرية في سورة آل عمران ومضامينها التربوية
  • سورة آل عمران (1) لا دين يقبل إلا الإسلام
  • سورة آل عمران (3) تقرير الألوهية
  • هدايات سورة آل عمران (خطبة)
  • سورة آل عمران (4) النفاق والمنافقون
  • سورة آل عمران (5) غزوة أحد (خطبة)
  • مع سورة آل عمران
  • سورة آل عمران (6) الدنيا متاع الغرور
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (1)

مختارات من الشبكة

  • سورة البقرة (5) تقرير الربوبية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى السورة لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • منهج القرآن الكريم في تقرير توحيد الربوبية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العلم بالله تعالى (7) مواقف للأنبياء في تقرير الربوبية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • مناسبة سورة الأنفال لسورتي البقرة وآل عمران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الربوبية في سورة الرعد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مظاهر الانحراف في توحيد الربوبية ( الشرك في الربوبية )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جدول متابعة الحفظ للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب