• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

ثناء عيسى عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)

ثناء عيسى عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/1/2020 ميلادي - 6/5/1441 هجري

الزيارات: 19085

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثناء الأنبياء على الله تعالى (4)

ثناء عيسى عليه السلام على ربه سبحانه


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَاب: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ هُمْ خِيرَةُ الْبَشَرِ وَهُدَاتُهُمْ، اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِيُبَلِّغُوا رِسَالَاتِهِ، وَأَيَّدَهُمْ بِالْآيَاتِ وَالْبَيِّنَاتِ؛ فَمَنْ تَبِعَهُمْ نُجِّيَ وَفَازَ، وَمَنْ عَصَاهُمْ خَسِرَ وَخَابَ. وَأُولُو الْعَزْمِ هُمْ أَفْضَلُ الرُّسُلِ، وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ، اخْتَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَعْظَمِهَا كَلَامُهُ فِي الْمَهْدِ لِيُبَرِّئَ أُمَّهُ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءَ الْبَتُولَ عَلَيْهَا وَعَلَى ابْنِهَا السَّلَامُ.

 

وَفِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ كَثِيرٌ لِمَرْيَمَ وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَفِي ثَنَايَا ذِكْرِ الْمَسِيحِ نَقْلٌ لِثَنَائِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَهِيَ جَادَّةُ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ، وَأُولِي الْعَزْمِ مِنْهُمْ خَاصَّةً ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشُّورَى: 13]، وَمِنَ الدِّينِ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ: الثَّنَاءُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ.

 

وَكَانَ ثَنَاءُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي مَهْدِهِ لَمَّا أَنْطَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا أَثْنَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي شَبَابِهِ وَكُهُولَتِهِ إِلَى أَنْ رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ؛ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي مَهْدِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِمَا آتَاهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالنُّبُوَّةِ، وَبِمَا أَجْرَى عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْمُعْجِزَةِ وَالْبَرَكَةِ، وَبِمَا جَنَّبَهُ مِنْ طَرِيقِ الْجَبَرُوتِ وَالشِّقْوَةِ ﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 29 - 32].

 

وَأَثْنَى الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْحِيدِ وَاسْتِحْقَاقِ الْعُبُودِيَّةِ، وَهَذَا مِنْ أَبْلَغِ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 63- 64].

 

وَلَمْ يُسَخِّرْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ فِي الْعُلُوِّ عَلَى النَّاسِ، وَلَا فِي جَلْبِ الثَّنَاءِ لِنَفْسِهِ بِتِلْكَ الْخَوَارِقِ، وَلَمْ يَسْكُتْ لِيَفْهَمَ النَّاسُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِقُدْرَتِهِ، بَلْ سَخَّرَ كُلَّ الْمُعْجِزَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ الَّتِي أُعْطِيَهَا فِي الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَدَعْوَةِ النَّاسِ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ. وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ وَلَاءً لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِقْرَارًا بِنِعْمَتِهِ، وَثَنَاءً عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ﴿ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[آلِ عِمْرَانَ: 49].

 

فَنَسَبَ هَذِهِ الْآيَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى ثَنَاءً عَلَيْهِ، وَإِقْرَارًا بِقُدْرَتِهِ وَفَضْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، حِينَ أَجْرَاهَا عَلَى يَدَيْهِ، وَعَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ أَظْهَرَ لَهُمْ رِسَالَتَهُ بِالْمُعْجِزَاتِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا الْبَشَرُ؛ لِهِدَايَتِهِمْ لِلْحَقِّ. «وَأَيُّ آيَةٍ أَعْظَمُ مِنْ جَعْلِ الْجَمَادِ حَيَوَانًا، وَإِبْرَاءِ ذَوِي الْعَاهَاتِ الَّتِي لَا قُدْرَةَ لِلْأَطِبَّاءِ فِي مُعَالَجَتِهَا، وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَالْإِخْبَارِ بِالْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ آيَةٌ عَظِيمَةٌ بِمُفْرَدِهَا، فَكَيْفَ بِهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ وَصَدَّقَ بَعْضُهَا بَعْضَهَا؟ فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ لِلْإِيقَانِ وَدَاعِيَةٌ لِلْإِيمَانِ». وَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ يَعْزُو الْأَمْرَ لِلَّهِ تَعَالَى؛ ثَنَاءً عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا يُفْهَمَ اسْتِقْلَالُهُ بِتِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ، وَذَلِكَ حِينَ عَبَّر عَنْ كُلِّ عَمَلٍ عَمِلَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَمْتَنُّ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِهَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ وَيُذَكِّرُهُ سُبْحَانَهُ بِهَا: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي ﴾ [الْمَائِدَةِ: 110].

 

وَفِي خِطَابِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَثْنَى عِيسَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالرُّبُوبِيَّةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْأُلُوهِيَّةِ ﴿ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 50-51]، «فَاسْتَدَلَّ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ الَّذِي يُقِرُّ بِهِ كُلُّ أَحَدٍ عَلَى تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ الَّذِي يُنْكِرُهُ الْمُشْرِكُونَ، فَكَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا نِعَمًا ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً، فَلْيُكُنْ هُوَ مَعْبُودَنَا الَّذِي نَأْلَهُهُ بِالْحُبِّ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِعَانَةِ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ».

 

وَلَمَّا سَأَلَ الْحَوَارِيُّونَ الْمَسِيحَ تَنْزِيلَ الْمَائِدَةِ عَلَيْهِمْ فِي عِيدِهِمْ؛ أَمَرَهُمُ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ دَعَاهُ مُبْتَهِلًا لَهُ عَزَّ وَجَلَّ يَسْأَلُهُ تَنَزُّلَ الْمَائِدَةِ؛ آيَةً مِنْهُ سُبْحَانَهُ فِي عِيدِهِمْ، وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، وَهَذَا مِنْ أَدَبِ الدُّعَاءِ أَنْ يَخْتَارَ الدَّاعِي مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مَا يُنَاسِبُ دَعْوَتَهُ ﴿ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 112 - 115].

 

وَهَكَذَا كَانَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُثْنِيًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ، كَمَا كَانَ الرُّسُلُ قَبْلَهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَجْمَعُونَ يُثْنُونَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ بِثَنَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَكَمَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَسُنَّتُهُ شَاهِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ فِي نُصُوصٍ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقْتَدِيَ بِالرُّسُلِ فِي هُدَاهُمْ ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 90]. وَمِنْ أَعْظَمِ مَا هُدِيَ إِلَيْهِ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ: الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ ذِكْرِهِ سُبْحَانَهُ ثَنَاءً عَلَيْهِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

لَمَّا أَشْرَكَ طَائِفَةٌ مِنَ النَّصَارَى فَزَعَمُوا أَنَّ ﴿ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 72]، فَزِعَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِهَذَا الِادِّعَاءِ الْكَاذِبِ، وَالْبُهْتَانِ الْعَظِيمِ، وَبَيَّنَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ رُبُوبِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ وَلَهُمْ، وَخُطُورَةَ الشِّرْكِ، وَأَنَّ صَاحِبَهُ يُخَلَّدُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ﴿ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 72].

 

وَلِأَنَّ النَّصَارَى عَبَدُوا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ ﴿ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 72]، وَزَعَمُوا أَنَّ ﴿ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 73]، فَإِنَّ عِيسَى يُسْأَلُ عَنْ شِرْكِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُثْبِتُ عِيسَى لِلَّهِ تَعَالَى التَّوْحِيدَ، وَيُنَزِّهُهُ عَنِ الشِّرْكِ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِهِ بِمَا فِي الصُّدُورِ، وَعِلْمِهِ لِلْغَيْبِ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَيَشْهَدُ الْمَسِيحُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا دَعَا قَوْمَهُ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَيُثْبِتُ جُمْلَةً مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ مُثْنِيًا عَلَيْهِ بِهَا كَالْعِلْمِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْعِزَّةِ وَالْحِكْمَةِ ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 116 - 118]. وَهَذَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَحِينَهَا يَظْهَرُ صِدْقُ مَنْ أَثْنَوْا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَوَحَّدُوهُ، وَيَنَالُونَ ثَوَابَهُمْ، وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَيُخْتَمُ هَذَا الْحِوَارَ الْعَظِيمُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 119-120].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عيسى عليه السلام في الإنجيل
  • بشرية عيسى عليه السلام (1)
  • السنة الصحيحة تثبت رفع عيسى عليه السلام
  • نبي الله عيسى عليه السلام
  • فوائد من قصة نبي الله عيسى عليه السلام
  • خطبة عن نزول عيسى عليه السلام
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (6) ثناء جملة من الأنبياء على ربهم سبحانه

مختارات من الشبكة

  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (7) ثناء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على ربه سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (1) ثناء نوح عليه السلام على ربه سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الأنبياء على الله تعالى (5) ثناء يعقوب ويوسف على الله تعالى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: ثناء الله تعالى عليه في التوراة بحسن الخلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثناء الكليم عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • ثناء الخليل عليه السلام على ربه سبحانه (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • {ختم الله على قلوبهم..}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحياء من الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في حمد الله تعالى والثناء عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملا علي القاري - رحمه الله -: حياته وأعماله وثناء العلماء عليه(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب