• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. أمين بن عبدالله الشقاوي / درر منتقاه
علامة باركود

الحزن في الإسلام

الحزن في الإسلام
د. أمين بن عبدالله الشقاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/8/2018 ميلادي - 30/11/1439 هجري

الزيارات: 367173

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحزن في الإسلام


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

روى البخاري في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: كُنْتُ أَخْدمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ»[1].


قال ابن بطال رحمه الله: «وينبغي للمرء أن يرغب إلى ربه في رفع ما نزل ودفع ما لم ينزل، ويستشعر الافتقار إلى ربه في جميع ذلك، وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جميع ما ذكر دفعًا عن أمته، وتشريعًا لهم، ليبين لهم صفة المهم من الأدعية.


وقوله في الحديث: الهم والحزن: الهم لما يتصوره العقل من المكروه في الحال، والحزن لما وقع في الماضي، والعجز ضد الاقتدار، والكسل ضد النشاط، والبخل ضد الكرم، والجبن ضد الشجاعة.


وقوله: ضلع الدين، المراد به ثقل الدين وشدته، وذلك حيث لا يجد من عليه الدين وفاء، ولا سيما مع المطالبة.


وقوله: وغلبة الرجال، أي شدة تسلطهم، كاستيلاء الرعاع هرجًا ومرجًا، والفرق بين العجز والكسل، أن الكسل ترك الشيء مع القدرة على الأخذ في عمله، والعجز عدم القدرة»[2].


قال ابن القيم رحمه الله: «ولم يأت الحزن في القرآن إلا منهيًّا عنه، أو منفيًّا، فالمنهي عنه كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾ [آل عمران: 139]، وقوله: ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 127]، وقوله: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، والمنفي كقوله: ﴿ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38].


وسر ذلك: أن الحزن يقطع العبد عن السير إلى الله، ولا مصلحة فيه للقلب، وأحب شيء إلى الشيطان أن يُحزن العبد ليقطعه عن سيره، ويوقفه عن سلوكه، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ ﴾ [ المجادلة: 10]، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة أن يتناجى اثنان منهم دون الثالث؛ لأن ذلك يحزنه.


فالحزن ليس بمطلوب، ولا مقصود، ولا فيه فائدة، وقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ»، فهو قرين الهم، والفرق بينهما: أن المكروه الذي يرد على القلب، إن كان لما يُستقبل أورثه الهم، وإن كان لما مضى أورثه الحزن، وكلاهما مضعف للقلب عن السير، مُفتر للعزم.


قال تعالى عن أهل الجنة إذا دخلوها: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾ [فاطر: 34]، فهذا يدل على أنهم كان يصيبهم في الدنيا الحزن، كما تصيبهم سائر المصائب التي تجري عليهم بغير اختيارهم.


وأما قوله تعالى: ﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ﴾ [التوبة: 92]، فلم يمدحوا على نفس الحزن، وإنما مُدحوا على ما دل عليه الحزن من قوة إيمانهم، حيث تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعجزهم عن النفقة، ففيه تعريض بالمنافقين الذين لم يحزنوا على تخلفهم، بل غبطوا نفوسهم به.


وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ، حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ»[3]. فهذا يدل على أنه مصيبة من الله يصيب بها العبد، يكفر بها من سيئاته، لا يدل على أنه مقام ينبغي طلبه واستيطانه.


وكان صلى الله عليه وسلم دائم البِشْر، ضحوك السِّن، كما في وصفه «الضَّحُوكُ القَتَّالُ» صلوات الله وسلامه عليه»[4].


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وأما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله، بل قد نَهَى عنه في مواضع، وإن تعلق أمر الدين به، كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [ آل عمران: 139].


وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127]، وقوله تعالى: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، وذلك لأنه لا يجلب منفعة، ولا يدفع مضرة، ولا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به، نعم لا يأثم صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم، كما يحزن على المصائب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ»[5].


ومنه قوله تعالى: ﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 84].


وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه، ويُحمد عليه، ويكون محمودًا من تلك الجهة، لا من جهة الحزن، كالحزين على مصيبة في دينه، وعلى مصائب المسلمين عمومًا، فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير، وبغض الشر وتوابع ذلك، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد، وجلب منفعة، ودفع مضرة منهي عنه»[6].


وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من أصابه حزن إلى هذا الدعاء، فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا»، قَالَ: فقيل: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَتَعلمُهَا؟ قَالَ: «بَلْىَ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا»[7].


«وهنا يسأل المؤمن ربه أن يجعل القرآن لقلبه كالربيع الذي يرتع فيه الحيوان، وكذلك القرآن ربيع القلوب، وأن يجعله شفاء همه وغمه، فيكون له بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء، ويعيد البدن إلى صحته واعتداله، وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو الطبوع والأصدية وغيرها، فأحرى بهذا العلاج إذا صدق العليل في استعماله أن يزيل عنه داءه، ويعقبه شفاءً تامًّا، وصحة وعافية. والله الموفق»[8].


ومما يخفف من الحزن أيضًا ما رواه البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تأمر بالتلبين للمريض وللمحزون على الهالك، وكانت تقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ»[9].


ولا يدخل أحد النار حتى يرى مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حزنًا وكمدًا، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ، إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ لِيَزْدَادَ شُكْرًا، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ، إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً»[10].


وقد نهى الله نبيه عن الحزن على الكفار، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [لقمان: 23]، وقال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 127].

وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8].

وقال تعالى: ﴿ فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [يس: 76].


وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ ﴾: قال الشيخ عبدالرحمٰن بن سعدي: «لأنك أديت ما عليك من الدعوة والبلاغ، فإذا لم يهتد فقد وجب أجرك على الله، ولم يبق للحزن موضع على عدم اهتدائه؛ لأنه لو كان فيه خير لهداه الله، ولا تحزن أيضًا على كونهم تجرأوا عليك بالعداوة، ونابذوك المحاربة، واستمروا على غيهم وكفرهم، ولا تتحرق عليهم بسبب أنهم ما بودروا بالعذاب، فإن ﴿ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ﴾ من كفرهم، وعداوتهم، وسعيهم في إطفاء نور الله، وأذى رسله ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ التي ما نطق بها الناطقون، فكيف بما ظهر وكان شهادة؟ ﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ﴾ في الدنيا ليزداد اثمهم، ويتوفر عذابهم ﴿ ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ ﴾ أي نلجئهم ﴿ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ أي انتهى في عظمه وكبره وفظاعته وألمه وشدته»[11].


وقد نفى الله تعالى عن المؤمنين الخوف والحزن في الآخرة، ووعدهم كذلك بالسعادة في الدنيا ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97]، وقال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون ﴾ [يونس: 63]. وأولها عند قبض أرواحهم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]. وفي القبر ما يبشر به من رضا الله والنعيم المقيم.


وأما في الآخرة، فقد قال تعالى «﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾، قال القرطبي رحمه الله: «أي لفقد الدنيا، وقيل: ﴿ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾: أي من تولاه الله تعالى وتولى حفظه وحياطته، ورضي عنه، فلا يخاف يوم القيامة ولا يحزن، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا ﴾ - أي عن النار - ﴿ مُبْعَدُونَ ﴾، إلى قوله: ﴿ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 101-103]»[12]، وقال تعالى: ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ [الزخرف: 68].


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تعليقه على قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا... ﴾ الآية [المجادلة: 10]: «والله تعالى إنما أخبرنا بذلك من أجل أن نتجنب هذا الشيء، ليس مجرد إخبار أن الشيطان يريد إحزاننا، المراد أن نبتعد عن كل ما يحزن؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ»[13]، من أجل أن ذلك يحزنه، فكل ما يجلب الحزن للإنسان فهو منهي عنه؛ لذلك اجعل هذه نصب عينيك دائمًا أن الله يريد منك أن تكون دائمًا مسرورًا بعيدًا عن الحزن»[14].


ومنمضارالحزن:

1- إهلاك النفس بدون جدوى، وفي الحديث: «...لَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا! وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ»[15].


2- أنه من الشيطان وهو أحب شيء إليه كما في الآية: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا... ﴾ الآية [المجادلة: 10].


3- الركون إلى الحزن مثبط عن العمل الصالح، ومفتر للعزم، ودليل على الضعف، والمؤمن مأمور بالعمل، قال تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ﴾ [التوبة: 105]، وقال تعالى: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26].


4- الأضرار الصحية التي تنتج عن الحزن، الأضرار على البدن، والعقل كما ذكر ذلك الأطباء.


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] برقم 2893.

[2] فتح الباري (6 /36)، (11 /174) بتصرف.

[3] رواه مسلم برقم 2573.

[4] مدارج السالكين (3 /377-378) باختصار وتصرف.

[5] صحيح البخاري برقم 1304، وصحيح مسلم برقم 924.

[6] التحفة العراقية في الأعمال القلبية، ص42-43 باختصار.

[7] سبق تخريجه ص199.

[8] زاد المعاد (4 /190).

[9] برقم 5689.

[10] برقم 6569.

[11] تيسير الكريم الرحمٰن ص 910.

[12] تفسير القرطبي رحمه الله (11 /16).

[13] رواه البخاري برقم 6288.

[14] شرح كتاب بلوغ المرام (3 /532) بتصرف واختصار.

[15] صحيح مسلم برقم 2664.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من عاصمة الحزن
  • الحزن
  • لماذا كل هذا الحزن؟!
  • دعاء الهم والحزن
  • الهم والحزن
  • الهم والحزن الضيفان الثقيلان

مختارات من الشبكة

  • الحزن والضيق، وعلاجه في ديوان (جولة في عربات الحزن) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الإسلام ينهاك عن الحزن(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التغلب على الحزن (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • الشعر في ديوان جولة في عربات الحزن(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عام الحزن: دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب الحزن (الاكتئاب) وطرق العلاج الشرعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب الحزن (بطاقة أدبية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مسحة الحزن في أعين الشعراء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحزن لفوات الطاعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
5- جبر الله خاطركم
نور - الأردن 15-07-2024 05:11 AM

شكرًا لصاحب المقال على تذكيرنا بعدم الوقوف على الحزن وإعطائه أكثر من حجمه، جبر الله خاطركم كما جبرتم بخاطري، اللهم ارزقهم الهدوء وراحة البال كما هدأت نفسي بعد معرفة كيفية تعامل المؤمن مع الحزن.
من الطبيعي أن تشعر بالحزن لكن الخطأ هو أن تبقى في هذا الشعور وعدم تخطيه.
في النهاية أنت الذي ستتضرر.

4- الحزن في الإسلام
عبد العزيز - تونس 08-06-2023 12:40 AM

بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا مقال شافي وكافي

3- شكر وتقدير
Abdulrahmanshaban - مصر 03-06-2023 02:50 PM

بارك الله في كاتب وناشر هذا الكلام..

2- شكر وعرفان
مروة - مصر 15-01-2022 10:42 PM

بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء.. مقال رائع

1- الحزن فى الإسلام
نهلة عزالدين - مصر 20-06-2020 03:10 AM

مقال أكثر من رائع ، جزاكم الله خيرا ونفع بكم دائما

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب