• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير سورة يونس (الحلقة الثانية عشرة - الأخيرة) ...
    الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي
  •  
    الحديث الثاني: عفاف السمع والبصر والقلب والفرج
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    من قصص الأنبياء (1)
    قاسم عاشور
  •  
    خاطرة تربوية: فلنحذر الانسياق إلى ضفاف نهر الهوى!
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    صفة الغسل من الجنابة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أقوال السلف في الإنصاف
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    حرمة الاستمناء وكيفية العلاج (WORD)
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    الإمام مسلم بن الحجاج القشيري وكتابه الصحيح دراسة ...
    سارا بنت عبدالرحمن البشري
  •  
    حلق رأس المولود حماية ووقاية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    حقوق الميت (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    من أسباب النصر والتمكين (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    أسباب البركة في البيوت
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    شتان بين مشرق ومغرب: { قل هل يستوي الذين يعلمون ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الشيطان وما الشيطان!
    إبراهيم الدميجي
  •  
    الاطلاع والانتفاع بما قال فيه الرسول - صلى الله ...
    بكر البعداني
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

أفضل الخلق بعد الأنبياء (خطبة)

أفضل الخلق بعد الأنبياء (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/6/2025 ميلادي - 5/1/1447 هجري

الزيارات: 4696

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أفضل الخَلْق بعد الأنبياء

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ شَهِدَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ بِرِضَا اللَّهِ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَثَنَائِهِ عَلَيْهِمْ، وَتَزْكِيَتِهِ لَهُمْ، وَبَيَانِ فَضْلِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التَّوْبَةِ: 100]؛ أَيْ: وَأَصْحَابُ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ سَبَقُوا الْمُسْلِمِينَ أَوَّلًا إِلَى الْإِيمَانِ؛ مِنَ الَّذِينَ تَرَكُوا قَوْمَهُمْ، وَفَارَقُوا أَوْطَانَهُمْ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ نَصَرُوا الرَّسُولَ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَآوَوْا أَصْحَابَهُ الْمُهَاجِرِينَ[1].

 

﴿ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ﴾؛ أَيْ: وَالتَّابِعُونَ لِلسَّابِقِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ؛ الَّذِينَ سَلَكُوا طَرِيقَهُمُ الْمُسْتَقِيمَ فِي الْإِيمَانِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾؛ أَيْ: رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الصَّحَابَةِ السَّابِقِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، لَمَّا أَطَاعُوهُ، وَرَضُوا هُمْ عَنِ اللَّهِ؛ لَمَّا أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَأَثَابَهُمْ فِي الْآخِرَةِ[2].

 

﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ ﴾؛ أَيْ: وَهَيَّأَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، جَنَّاتٍ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ تَجْرِي تَحْتَ أَشْجَارِهَا وَغُرَفِهَا وَقُصُورِهَا الْأَنْهَارُ، ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾؛ أَيْ: لَابِثِينَ فِيهَا عَلَى الدَّوَامِ بِلَا انْتِهَاءٍ، فَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا، وَلَا عَنْهَا يَنْتَقِلُونَ، ﴿ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾؛ أَيْ: دُخُولُ الْجَنَّةِ وَالْخُلُودُ فِيهَا أَعْظَمُ فَوْزٍ يَحْصُلُ بِهِ كُلُّ مَرْغُوبٍ، وَيَنْدَفِعُ بِهِ كُلُّ مَحْذُورٍ[3].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ التَّابِعُونَ، وَسَائِرُ الْأُمَّةِ؛ وَلَكِنْ بِشَرْطِ الْإِحْسَانِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، فَلَا يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فِي اتِّبَاعِ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ؛ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُتَّبِعُ مُحْسِنًا بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَاجْتِنَابِ الْمَحَارِمِ؛ لِئَلَّا يَقَعَ الِاغْتِرَارُ بِمُجَرَّدِ الْمُوَافَقَةِ بِالْقَوْلِ[4].

 

وَقَدِ اجْتَمَعَتْ فِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَضَائِلُ عَظِيمَةٌ، وَمَنَاقِبُ جَلِيلَةٌ؛ كَالسَّبْقِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالصَّبْرِ وَقْتَ الشِّدَّةِ، وَالصُّحْبَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْهِجْرَةِ وَالْإِيوَاءِ، وَالنُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ، وَالْإِمَامَةِ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَتَبْلِيغِ دِينِ اللَّهِ لِلْعَالَمِينَ، فَمَا أَشْرَفَ الصُّحْبَةِ، وَمَا أَعْلَى قَدْرَهَا وَمَنْزِلَتَهَا! وَيَكْفِيهِمْ أَنَّهُمْ تَمَتَّعُوا بِرُؤْيَةِ أَشْرَفِ الْخَلْقِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَلَمْ يَصْطَفِ اللَّهُ تَعَالَى- بَعْدَ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ – أَكْرَمَ، وَلَا أَشْرَفَ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ؛ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ؛ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ الْقَوْمِ ‌بِعِلْمٍ ‌وَبَصِيرَةٍ، وَمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم بِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ؛ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُمْ خِيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ؛ لَا كَانَ وَلَا يَكُونُ مِثْلُهُمْ، وَأَنَّهُمُ الصَّفْوَةُ مِنْ قُرُونِ هَذِهِ الأُمَّةِ الَّتِي هِيَ خَيْرُ الأُمَمِ، وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ)[5].

 

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَأَمَّا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَهُمُ الَّذِينَ شَهِدُوا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ، وَعَرَفُوا التَّفْسِيرَ وَالتَّأْوِيلَ، وَهُمُ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُصْرَتِهِ، وَإِقَامَةِ دِينِهِ، وَإِظْهَارِ حَقِّهِ، فَرَضِيَهُمْ لَهُ صَحَابَةً، وَجَعَلَهُمْ لَنَا أَعْلَامًا وَقُدْوَةً، فَحَفِظُوا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَلَّغَهُمْ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا سَنَّ وَشَرَعَ، وَحَكَمَ وَقَضَى، وَنَدَبَ وَأَمَرَ، وَنَهَى وَحَظَرَ، وَأَدَّبَ، وَوَعَوْهُ وَأَتْقَنُوهُ، فَفَقِهُوا فِي الدِّينِ، وَعَلِمُوا أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ وَمُرَادَهُ؛ بِمُعَايَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُشَاهَدَتِهِمْ مِنْهُ تَفْسِيرَ الْكِتَابِ وَتَأْوِيلَهُ، وَتَلَقُّفِهُمْ مِنْهُ، وَاسْتِنْبَاطِهِمْ عَنْهُ، فَشَرَّفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَكْرَمَهُمْ بِهِ؛ مِنْ وَضْعِهِ إيَّاهُمْ مَوْضِعَ الْقُدْوَةِ، فَنَفَى عَنْهُمُ الشَّكَّ وَالْكَذِبَ وَالْغَلَطَ وَالرِّيبَةَ وَالْغَمْزَ، وَسَمَّاهُمْ عُدُولَ الْأُمَّةِ فَقَالَ- عَزَّ ذِكْرُهُ- فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 143]. فَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ - عَزَّ ذِكْرُهُ – قَوْلَهُ: ﴿ وَسَطًا ﴾ قَالَ: عَدْلًا؛ فَكَانُوا عُدُولَ الْأُمَّةِ، وَأَئِمَّةَ الْهُدَى، وَحُجَجَ الدِّينِ، وَنَقَلَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ)[6].

 

وَقَدْ أَثْنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ: عَلَى ‌أَنَّ ‌خَيْرَ ‌الْقُرُونِ قَرْنُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُرَادُ: أَصْحَابُهُ)[7].

 

وَنَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَبِّهِمْ، وَالِانْتِقَاصِ مِنْ قَدْرِهِمْ، فَقَالَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي؛ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ[8]، وَلَا نَصِيفَهُ[9]» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ أَحَدَكُمْ لَا يُدْرِكُ بِإِنْفَاقِ مِثْلِ أُحُدٍ ذَهَبًا مِنَ الْفَضِيلَةِ؛ مَا أَدْرَكَهُ أَحَدُهُمْ بِإِنْفَاقِ مُدٍّ مِنَ الطَّعَامِ أَوْ نِصْفِهِ[10].

 

وَدَعَا عَلَى مَنْ سَبَّهُمْ، فَقَالَ: «مَنْ ‌سَبَّ ‌أَصْحَابِي؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» حَسَنٌ – رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ» حَسَنٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ وَاجِبَنَا تُجَاهَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: هُوَ حُبُّهُمْ، وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِمْ، وَالتَّرَضِّي عَنْهُمْ، وَالْاقْتِدَاءُ بِهِمْ، وَالسُّكُوتُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وَسَلَامَةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْحِقْدِ عَلَيْهِمْ، أَوْ بُغْضِهِمْ، أَوِ الْوَقِيعَةِ فِيهِمْ، وَمِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ:

1- قَالَ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌وَنُحِبُّ ‌أَصْحَابَ ‌رَسُولِ ‌اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نُفَرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ وَبِغَيْرِ الْخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلَا نَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ)[11].

 

2- وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: (إِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ: عَلَى تَعْدِيلِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمُ، فَكَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ؛ إِحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَنَظَرًا إِلَى مَا تَمَهَّدَ لَهُمْ مِنَ الْمَآثِرِ، وَكَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وتعالى أَتَاحَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ؛ ‌لِكَوْنِهِمْ ‌نَقَلَةَ ‌الشَّرِيعَةِ)[12].

 

3- وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَاعْلَمْ: أَنَّ سَبَّ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم حَرَامٌ ‌مِنْ ‌فَوَاحِشِ ‌الْمُحَرَّمَاتِ، سَوَاءٌ مَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ مُتَأَوِّلُونَ)[13].

 

4- وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ)[14].

 

5- وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ الْبَاقِلَّانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَيَجِبُ أنْ يُعْلَمَ: أَنَّ مَا جَرَى بَيْنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَضِيَ عَنْهُمْ مِنَ الْمُشَاجَرَةِ نَكُفُّ عَنْهُ، وَنَتَرَحَّمُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَنُثْنِي عَلَيْهِمْ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى لَهُمُ الرِّضْوَانَ وَالْأَمَانَ، وَالْفَوْزَ وَالْجِنَانَ، وَنَعْتَقِدُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَصَابَ فِيمَا فَعَلَ، وَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ كَانَ بِاجْتِهَادٍ؛ فَلَهُمُ الْأَجْرُ، وَلَا يُفَسَّقُونَ، وَلَا يُبَدَّعُونَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ؛ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الْفَتْحِ: 18])[15].

 

6- وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ: عَلَى وُجُوبِ ‌مَنْعِ ‌الطَّعْنِ ‌عَلَى ‌أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ عَرَفَ الْمُحِقَّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي تِلْكَ الْحُرُوبِ إِلَّا عَنِ اجْتِهَادٍ، وَقَدْ عَفَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمُخْطِئِ فِي الِاجْتِهَادِ؛ بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَرُ أَجْرًا وَاحِدًا، وَأَنَّ الْمُصِيبَ يُؤْجَرُ أَجْرَيْنِ)[16].



[1] انظر: تفسير ابن جرير، (11/ 637)؛ تفسير البغوي، (2/ 382)؛ تفسير ابن عاشور، (11/ 17).

[2] انظر: تفسير ابن جرير، (11/ 637)؛ تفسير البغوي، (2/ 382)؛ تفسير ابن عطية، (3/ 75).

[3] انظر: تفسير أبي السعود، (4/ 97)؛ تفسير الشوكاني، (2/ 453)؛ تفسير السعدي، (ص350).

[4] انظر: إعلام الموقعين، لابن القيم (4/ 96)؛ تفسير ابن عطية، (3/ 75)؛ منهاج السنة، لابن تيمية (7/ 404).

[5] العقيدة الواسطية، (ص160).

[6] الجرح والتعديل، (1/ 7).

[7] شرح النووي على صحيح مسلم، (16/ 84).

[8] المُدُّ: مِكْيالٌ، وهو مِلْءُ كَفَّيِ الإِنسانِ المُعْتَدِلِ إذا مَلأَهُما وَمَدَّ يَدَهُ بهما، ‌وبه ‌سُمِّيَ ‌مُدًّا. انظر: القاموس المحيط، (ص318).

[9] نَصِيفَهُ: نصفه. أي: هو النِّصْفُ من ذلك.

[10] الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي، (4/ 1310).

[11] العقيدة الطحاوية، (ص81).

[12] مقدمة ابن الصلاح، (ص295).

[13] شرح النووي على صحيح مسلم، (16/ 93).

[14] الإصابة في تمييز الصحابة، (1/ 22).

[15] الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به، (ص67،68).

[16] فتح الباري بشرح صحيح البخاري، (13/ 34).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسلام دين الأنبياء جميعا (خطبة)
  • صفات الأنبياء {فبهداهم اقتده} (خطبة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (27) «البر حسن الخلق» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خالق الناس بخلق حسن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث القرآن عن خلق الأنبياء عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إطعام الطعام من أفضل الأعمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب النصر والتمكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: اتق المحارم تكن أعبد الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبر ودروس من قصة آل عمران عليهم السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/2/1447هـ - الساعة: 16:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب