• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وأقيموا الصلاة (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة: علموا أولادكم أهمية الصلاة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق المظلوم
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    من مائدة الصحابة: الزبير بن العوام رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    مصطلحات لها معنى آخر (الوعي واليقظة الذهنية)
    مريم رضا ضيف
  •  
    حديث: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    تفسير سورة الفلق
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    انتقاد العلماء لبعض ما في الصحيحين دليل صحتهما ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    شموع (109)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    الركعات التي يقرأ فيها بـ: {‌قل ‌يا ‌أيها ...
    بكر البعداني
  •  
    مواقف بين النبي وأصحابه (4)
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    ما أعظم ملك الله وقدرته!
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: {ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    حقوق الوالدين (خطبة)
    عبد الإله جاورا أبو الخير
  •  
    الإسلام يدعو إلى التكافل
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    حكم التفضيل بين الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / تفسير القرآن الكريم
علامة باركود

تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الثانية) ليس من عذر لمن يرى آيات الله وبيده القرآن

تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الثانية) ليس من عذر لمن يرى آيات الل
الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/8/2024 ميلادي - 1/2/1446 هجري

الزيارات: 999

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين

تفسير سورة يونس (الحلقة الثانية)

ليس من عذر لمن يرى آيات الله وبيده القرآن

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.


بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ * إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ * هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 1 - 6].


الحرف أحَدُّ من السيف إن صدق وأريد به وجه الله، وأضعف من الضعف إن أريد به غير الله، الحرف الصادق يبلَّغ به الحق، ويدحض به الباطل، كلمة الله توحيدًا وإخلاصًا حروف مركبة تعبر عن أشرف ما ينجو به المرء في الدنيا والآخرة محبة وتوحيدًا وإخلاصًا، وأمر الله ﴿ كُنْ ﴾ [يس: 82] حرفان بهما أتت السموات والأرض طائعيـن، وبهما اصطفى الله خيار خلقه من الأنبياء والمرسلين، لتبليغ كلماته في التوراة والإنجيل والفرقان ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]، ﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [هود: 58]، والله تعالى إذ بعث رسله عليهم السلام منفردين عُزْلًا من الأسلحة والأنصار، لم يزوِّدهم إلا برسالاته وكلماته وآياته، وقد قال عز وجل لموسى عليه السلام: ﴿ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 144]، وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [المائدة: 67]، وهي كلها حروف منطوقة مسموعة ومكتوبة، ولكن المجتمع الإنساني كان يتغير كلما أنزلت بما فيها من الحق، رغم ما يواجهها من إعراض المعترضين وعدوانية الكفرة والمشركين، والرسول صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، لم يبعث إلا بما بعث به الرسل قبله، وناله من الأذى أشد مما نالهم، حتى قال عن نفسه: ((ما أوذي أحد ما أوذيت في الله))[1]، ولكنه أمر بالصبر والمصابرة والسلم والمسالمة ومجادلة معترضيه بالحسنى، كلما جادلوه بما هو أسوأ وأنكى، وقال له ربه تعالى: ﴿ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الأحقاف: 9]، وهو صلى الله عليه وسلم إذ رجع من الطائف واشتدَّ تنمُّر قريش عليه، واصل دعوته، ليس له إلا سلاح القرآن يتلوه، فيعرض قادة المشركين وخاصتهم عن سماعه، ويُرهِبون عامتهم عن الاقتراب منه، فلا يسعه صلى الله عليه وسلم إلا تلاوته منفردًا في ركن من أركان البيت، أو على مؤمنين ضعفة مستضعفين تجرؤوا على مجالسته، قال ابن إسحاق‏‏:‏‏ حدثني يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه، قال‏‏:‏‏ كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال‏‏:‏‏ اجتمع يومًا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا‏‏:‏‏ "والله ما سمعت قريش هذا القرآن يُجهر لها به قط، فمَنْ رجل يُسمعهموه‏‏؟"‏‏، فقال عبدالله بن مسعود‏‏:‏‏ "أنا"، قالوا‏‏:‏‏ "إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلًا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه"، قال‏‏:‏‏ "دعوني فإن الله سيمنعني"،‏ قال‏‏:‏‏ فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام ثم قرأ‏‏: ﴿ ‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ﴾ رافعًا بها صوته، ثم زاد: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ الرحمن [1 – 2]،‏‏ قال‏‏:‏‏ ثم استقبلها يقرؤها[2]،‏‏ قال‏‏:‏‏ فتأملوه، فجعلوا يقولون‏‏:‏‏ "ماذا قال ابن أم عبد‏‏؟"،‏‏ قال‏‏:‏‏ ثم قالوا‏‏:‏‏ "إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد"، فقاموا إليه، فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ‏‏، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثَّروا في وجهه، فقالوا له‏‏:‏‏ "هذا الذي خشينا عليك"، فقال‏‏:‏‏ "ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدًا"، قالوا‏‏:‏‏ "لا، حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون"‏‏.‏‏


كان هذا حال المشركين كلما حاول أحد المسلمين إسماعهم الوحي آذوه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤه فلا يستمعون له، أو يصلي به في الليل فيأنفون سماعه، حتى إذا استفزَّ الفضول ثلاثة من عتاة المشركين، هم: أبو سفيان بن حرب، وأبو جهل بن هشام، والأخنس بن شريق، وجمح بهم حبُّ الاستطلاع إلى معرفة ما يتلوه الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخذ كل واحد منهم مجلسًا في الحرم يستمع فيه، وكل لا يعلم بأمر الآخر أو مكانه، وباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرَّقوا،‏ فجمعهم الطريق، فتلاوموا، وقال بعضهم لبعض‏‏:‏‏ لا تعودوا، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئًا، ثم انصرفوا‏‏.‏‏ حتى إذا كانت الليلة الثانية، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفَرَّقوا،‏‏ فجمعهم الطريق، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا،‏‏ حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرَّقوا، فجمعهم الطريق، فقال بعضهم لبعض‏‏:‏‏ "لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود"،‏ فتعاهدوا على ذلك ثم تفَرَّقوا‏‏[3].‏‏


لذلك كانت بعض السور المكية تُفتَتَح بحروف مقطعة يعلم الله معناها ومراده بها، ولكنها تثير انتباه سامعيها، وتستثير فضولهم لاستيعاب ما يلقى بعدها ولو كرهوه أو اعترضوا عليه، كما هو الشأن إذ أنزلت سورة يونس، في أشد حالات كراهية قريش للوحي وصاحبه، وألقي عليهم بعد البسملة قوله تعالى: ﴿ الر ﴾[4].


هذه الحروف الثلاثة في صدر سورة يونس عليه السلام تُقرأ بأسمائها "ألفْ" ساكنة غير معربة، "لامْ" ساكنة كذلك، "را" مفتوحة غير مهموزة، قرأها ابن كثير وحفص بنصب الراء، وقرأها حمزة، والكسائي، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم في رواية أبي بكر بالإمالة، وقرأها نافع بين ذلك، حتى إذا شُدَّ انتباه السامع تُلِي قوله تعالى بعدها: ﴿ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾.


وقوله تعالى: ﴿ تِلْكَ ﴾ بعد الحروف المقطعة مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع، اسم إشارة إلى خبره الذي يجب استماعه واستيعابه، وهو قوله عز وجل: ﴿ آيَاتُ ﴾، والآيات جمع آية، وهي لغةً كل أمر عجيب أو باهر أو نادر المثال والجمال، أما اصطلاحًا فهي كل جملة أو مقطع مندرج في أي سورة من القرآن الكريم؛ لذلك أُضيف إليها تمييزًا لها عن غيرها من آيات الله الكونية التي لا تُحصى قوله تعالى: ﴿ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾ وهو القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: ﴿ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [يس: 1 – 3]، وقوله عز وجل: ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الزخر: 44]، وقوله سبحانه: ﴿ كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1]؛ إذ القرآن حكيم؛ لأنه كلام الله الحكيم، والحكيم سبحانه لا يقول إلا الحكمة المطلقة، قولًا وعلمًا وفقهًا وتعليمًا وتربيةً وتوجيهًا ورفقًا وشدةً، وخبرًا وإخبارًا وبشارةً ونذارةً، ووعدًا ووعيدًا، من اتبعها نجا وفاز، ومن خالفها أو عصاها خاب وخسر، والحكمة في القرآن محفوظة بحفظه تعالى، مصونة بصيانته، على مدى الحياة، لا تندثر أو تُمْحى، من بحث عنها فيه ألفاها وسعد بها، قال عنه تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقال عنه لنبيِّه صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: ((إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِي بِكَ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ))، وقال فيما رواه الدارمي عن عقبة بن عامر قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((لَوْ جُعِلَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ[5] ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّار مَا احْتَرَقَ))؛ لذلك امتنَّ الله عز وجل به على عباده فقال: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151]، وقال عنه صلى الله عليه وسلم مبشرًا به: ((أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدًا))[6]، وشكا يوم القيامة هجر المسلمين له، بما قاله عنه تعالى: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]، وقال عنه علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه: "ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ وَلَنْ يَنْطِقَ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ، أَلا إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا يَأْتِي وَالْحَدِيثَ عَنِ الْمَاضِي، وَدَوَاءَ دَائِكُمْ وَنَظْمَ مَا بَيْنَكُمْ"، وقال عنه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "إن هذا القرآن مأدبة الله، فمن دخل فيه فهو آمن".


لقد نزلت هذه السورة الكريمة في فترة هي أشَدُّ فترات اعتراض كُفَّار قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكراهيتهم الاستماع للقرآن الكريم، كانوا مرة يرفضون سماعه متلوًّا في الحرم فيملؤون جوَّه ضجيجًا وتصفيقًا وصياحًا أثناء تلاوته، ومرة يعتدون على من يتلوه بالضرب والركل، ومرارًا يشكِّكُون في أهلية النبي صلى الله عليه وسلم للنبوة، لوجود أولى منه لها بينهم مالًا وعِزَّةً وأنصارًا، أو لأن رسالة الله لا يبلغها إلا ملَك من السماء؛ لذلك نزل الإنكار عليهم والتعجُّب والتعجيب من مواقفهم هذه بقوله تعالى بعد الأحرف المتقطعة وبيان الحكمة القرآنية: ﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ ﴾ [يونس: 2]، وقد أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُولًا أنْكرت الْعَرَب ذَلِك، وَمن أنكر مِنْهُم قَالُوا: الله أعظم من أَن يكون رَسُوله بشرًا مثلَ مُحَمَّد، فَأنْزل الله تعالى: ﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ ﴾ [يونس: 2] الْآيَة. والهمزة في قوله تعالى: ﴿ أَكَانَ ﴾ للاستفهام المراد به التعجب والتعجيب من موقفهم هذا واستنكاره، والناس في قوله تعالى: ﴿ لِلنَّاسِ ﴾ هم قوم قريش ومن حولهم في مكة والجزيرة العربية، و"كان" فعل ماضٍ ناقص، خبره مقدم هو ﴿ عَجَبًا ﴾، واسمها المصدر المؤول من "أن والفعل" في قوله تعالى: ﴿ أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ ﴾؛ أي: أكان إيحاؤنا إلى رجل منهم عجبًا، وتقدير الآية: ما العجيب في أن الله أوحى إلى رجل من قريش أو من العرب عامة أو من بني آدم مطلقًا، وكان اصطفاء الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم وإنزال الوحي عليه مما يثير إنكار المشركين في هذه الفترة من البعثة النبوية فيحاولون التنقيص من أهليته صلى الله عليه وسلم للتبليغ، فرد القرآن عليهم بقوله تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا * قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 94، 95]، وقوله عز وجل: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ ﴾ [الأنعام: 91]، وتقدير الآية الكريمة الإنكار على قريش استغرابهم أن يبعث الله فيهم رسولًا عربيًّا منهم، مع أنهم يعرفون أصله ونسبه وكريم أخلاقه، وأمانته وقد ائتمنوه على أموالهم قبل البعثة وسمَّوه الأمين، ورضوا أن ينوب عنهم في إعادة الحجر الأسود إلى مكانه من الكعبة عند إعادة بنائها واختلافهم فيمن يرده.


ثم بيَّن تعالى ما أوحى به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وما أمره بفعله فقال عز وجل: ﴿ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ ﴾، والفعل ﴿ أَنْذِرِ ﴾ من الإنذار؛ أي: الإبلاغ، ولا يكون إلا في التخويف، كما قال ابن فارس في معجمه: من "نذِر" بالعدو بكسر الذال، نذرًا؛ أي: علم به فحذر منه، وأَنذَرَه بالأَمر إِنْذارًا ونُذْرًا: أَعلَمَهُ به وخَوَّفَهُ وحذَّره منه، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ﴾ [إبراهيم: 44].


وقوله تعالى في هذه الآية من سورة يونس: ﴿ أَنْذِرِ النَّاسَ ﴾ كُفَّارهم ومشركيهم؛ أي: أعلمهم بعاقبة ما يرتكبونه من الشرك بالله، والكفر بآياته، والعدوان على رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى المؤمنين معه ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا ورسولًا، والبشارة لغة من البِشْر وهو الطلاقة والانشراح والفرح، يقال: بَشَرَه يبشُره وبشَّره يبشِّره؛ أي: أخبره بخير ففرح به، ولا تكون البشارة مطلقة إلا بالخير، فإن كانت بالشر كانت مقيدة؛ كقوله تعالى: ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران: 21]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا ﴾ [النحل: 58]، والخطاب في الآية لرسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره تعالى بقوله: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾؛ أي: بلغهم وأخبرهم ﴿ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ خطوة صادقة تقربوا بها إلى رضاء الله، وعملًا صالحًا صادقًا مدخرًا ومقبولًا، أقدموا عليه وقاموا به مخلصين، هو الإيمان الصادق الذي لا شبهة فيه من رياء أو شك أو شرك، على رغم الحصار المضروب عليهم في مكة، والعدوان المُسلَّط عليهم من مشركيها، وعبَّر بقدم الصدق مجازًا عمَّا أقدموا عليه من مخاطر إعلان الإيمان في مجتمع كافر عدواني، والجملة الاسمية من "أن" واسمها وخبرها ﴿ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ ﴾ هي البشارة التي أمر صلى الله عليه وسلم بتبليغها إلى المؤمنين.


لقد أبلى الجيل الأول من المؤمنين البلاء الحسن في الثبات والصمود والصبر والمصابرة والانضباط والسمع والطاعة للقيادة النبوية وأوامرها، فكَفُّوا أيديهم ولم يردوا على استفزازات المشركين، وكان فيهم آل ياسر أبًا وأمًّا وولدًا، وكان بلال بن رباح وعبدالله بن مسعود وخباب بن الأرَتِّ وغيرهم رضي الله عنهم من الذين أوذوا، فصبروا ولم يردوا، فبهرت هذه النماذج الفَذَّة من المؤمنين مشركي قريش ومن جاورهم في القبائل الأخرى، ولم يجدوا في تراثهم ومعتقداتهم الباطلة إلا أن يعللوا ذلك بسحر يمارسه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك قال الله عنهم تسفيهًا لما زعموه: ﴿ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾، والآية قرأها الجمهور بكسر السين وسكون الحاء: "لَسِحْرٌ"، وقرأها ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي: ﴿ لَسَاحِرٌ ﴾ إشارة إلى ﴿ رَجُلٍ ﴾ من قوله تعالى في مستهل السورة: ﴿ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُم ﴾، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ومُؤدَّى القراءتين واحد وغير متعارض، سواء وصفوا القرآن بالسحر أو وصفوه صلى الله عليه وسلم بالساحر، فتلك مقولة يلجأ إليها الكفار في كل عصر كلما عجزوا عن إبطال آيات الله وما يأتيهم به الرسل عليهم السلام، قال تعالى عن موقفهم من موسى عليه السلام: ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [النمل: 13]، وقال عز وجل عن فرعون وهامان وقارون: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 23 – 24]، وقال سبحانه عن موقفهم من عيسى عليه السلام: ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 110]، وخاطب الحق تعالى رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم فقال: ﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [الأنعام: 7]، وقال عن كفار قريش: ﴿ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾ [ص: 4].


إن هذا الخلل في عقيدة المشركين وتصوراتهم للخالق والمخلوق وتدبير الكون ناشئ عما وقر في أذهانهم وورثوه عن آبائهم وأجدادهم من ثقافات ضالَّة، وخيالات جاهلة؛ ولذلك نزل الوحي الكريم معلمًا ومُصحِّحًا ومُذكِّرًا بما غاب عن عقولهم وأفئدتهم، ومعرفًا بحقيقة الربوبية أولًا؛ لأن جهلهم بها هوى بهم في حضيض الضلالة والشرك، فقال تعالى مؤكدًا حقيقتها بجملة اسمية من حرف التوكيد "إن" واسمها وخبرها: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ ﴾ وبيَّن بذلك لمن يرى ويفقه ثبوت ربوبيته عز وجل للكون، ووجوب الإيمان بصفاتها وآثارها، واستئثاره بملكية الكون واستفراده بالفعل فيه، خلقًا وتدبيرًا وعطاءً ومنعًا، وإحياءً وإماتةً وضُرًّا ونفعًا وخفضًا ورَفْعًا وزيادةً ونقصًا وإعزازًا وإذلالًا، وتصريفًا للكائنات سموات وأرضًا وجنًّا وإنسًا وملائكةً وخلقًا ممن لا يعلمهم إلا هو سبحانه، ثم شرع في تعداد أفعاله تعالى فقال: ﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾ أيام يعلم الحق تعالى طبيعتها ومقدارها ومداها وكيف كانت ومتى كانت ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾، ولفظ ﴿ الْعَرْشِ ﴾ ذكر في القرآن حوالي عشرين مرة إحداهن بمعنى كرسي الحكم في دولة يوسف عليه السلام، بقوله تعالى عنه: ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ﴾ [يوسف: 100]، وفي غير هذه الآية ذكر بصيغ كلها تثبت ربوبية الله له، وأنه أعظم مخلوقاته وإبداعاته التي أخبرنا بها، وأرفع وأرقى وأسمى من السموات والأرض، وأما الاستواء على العرش فقد سئل عنه الإمام مالك في رواية لجعفر بن عبدالله قال: كنا عند مالك فجاءه رجل فقال: يا أبا عبدالله ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، كيف استوى؟ فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرضاء، ثم رفع رأسه ورمى بالعود، وقال: "الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنُّك صاحب بدعة"، وأمر به فأخرج، وفي رواية أخرى قال: "﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، كما وصف نفسه، ولا يقال له كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة، أخرجوه".


إن الله سبحانه هو الذي اختار محمدًا صلى الله عليه وسلم وأرسله إلى الناس، وهو الذي خلق السموات والأرض والعرش العظيم، وهو ربُّكم الذي خلقكم، والعقل السليم يدرك بدهيًّا أن من أقام بناء كان أعلم به وأقدر على رعايته، فكيف يُستساغ منطقًا سليمًا وعقلًا سويًّا، أن يعجب عاقل من اصطفاء الله يتيمًا من بين خلقه ويتخذه رسولًا، ويرسل على يده المعجزات؟ وهو الربُّ سبحانه أمره ﴿ كُنْ ﴾ [يس: 82]، فكان ويكون، فكيف تجادلونه فيما خلق، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس 82 – 83]، وقال عز وجل: ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117].


إن آفة المشركين في عقولهم المأسورة لأمزجتهم وأهوائهم وموروثاتهم الخرافية؛ لذلك عندما ذكَّرهم الله بخلقه الكون وما حوى، والأنفس وما أضمرت، والأفئدة وما وَعَتْ عقَّب تحريرًا لهم من أوشاب جاهليتهم وضلالاتهم بقوله عز وجل: ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ﴾ [يس: 3]، والتدبير لغة من فعل "دبر" الأمر والشيء وتدبره، إذا نظر في عاقبته قبل مباشرته، وفكَّر فيما يؤول إليه قبل الإقبال عليه، والتدبير: النَّظَرُ في عَواقِبِ الأقوال والأعمال، والإعداد لها، أو اجتنابها، أو توقيها؛ لذلك كان تدبُّر القرآن والتفكُّر في آياته وأحكامه واجبًا على المسلم، به تنال الحكمة، وبه يتحقق الفهم والمعرفة، وبه تُرفَع الدرجات، وبه أمر تعالى عند تلاوته ومدارسته، فقال: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، وقال عز وجل: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].


وقوله تعالى عن نفسه في هذه الآية الكريمة: ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ﴾ يشمل أمر الدنيا بإنسها وجنها وأرضها وسمائها وأمر الآخرة ببعثها ونشورها وحسابها وجزائها وجنتها ونارها، وأمر ما سوى ذلك من الغيب، ما أشار إليه الوحي وما لم يُشِر إليه من أمر الله، يخلقه سبحانه ويدبره ويعلم مبدأه ومنتهاه وعاقبته ﴿ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61]، كل ذلك يدبره الله تعالى بعلمه وحكمته فيكرم المحسن برحمته ويعاقب المسيء يوم القيامة بعدله.


ثم بالتفات بياني ردًّا على ادعاءات المشركين وقولهم: إن أوثانهم ومعبوداتهم من الجن والإنس والشجر والحجر والأوهام تشفع لهم فلا يؤخذون بذنوبهم، أو تقبل منهم بعض أعمالهم فتقربهم وينالون ما يرجونه ويسألونه، قال تعالى: ﴿ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ﴾ ولفظ ﴿ شَفِيعٍ ﴾ صيغة مبالغة من فعل"شفع يشفع شفاعة"، ومنه الشفع؛ أي: التثنية، والوِتْر؛ أي: الإفراد، وشَفَع لِي يَشْفَعُ شَفاعةً وتَشَفَّعَ: طَلب لي عند غيري قربًا أو خيرًا أو مصلحةً، أو ما في حكم ذلك، والشَّفِيعُ: الشَّافِعُ، وَالْجَمْعُ شُفَعاء، واسْتَشْفَعَ بفُلان عَلَى فُلَانٍ، وتَشَفَّع لَهُ إِليه فشَفَّعَه فِيهِ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: "اسْتَشْفَعه: طلَب مِنْهُ الشَّفاعةَ؛ أَي: قَالَ لَهُ: "كُنْ لِي شافِعًا"، وَفِي التَّنْزِيلِ: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا ﴾ [النساء: 85].


وقد بدئت الآية الكريمة بحرف ﴿ مَا ﴾ النافية وأُكدت بحرف ﴿ مِن ﴾؛ لنفي الشفاعة عن الذين لم يأذن الله لهم بها، من كل الكفار والمشركين ومعبوداتهم، ثم استُثْنِيَ من يؤذن لهم بالشفاعة بقوله تعالى: ﴿ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ﴾؛ أي: لا شفاعة في المخطئين يوم القيامة عند الحساب إلا لمن أذن الله لهم بها من عباده المقربين، كما في قوله تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255]، وقوله عز وجل: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴾ [النازعات: 38]، قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا سيِّد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافِع، وأول مشفع))[7]، وقال عن القرآن: ((القرآن شافِع مشفع وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار)[8].


ثم أجمل الحق تعالى صفاته هذه، فبيَّن مدلولها العقدي وتصورها الإيماني وما يجب أن يرسخ منها في قلب من آمن أو هَمَّ بالإيمان، فقال تعالى: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ﴾ واسم "ذا" إشارة إلى الموصوف بتلك الصفات المنعوت بما ذكر من نعوت في الآيات السابقة سبحانه، مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام متصلًا باسم الإشارة للبُعْد، والكاف للخطاب، ولفظ الجلالة ﴿ اللَّهُ ﴾ خبر المبتدأ، و "رَبّ" بدل مرفوع، والكاف ضمير مضاف إليه؛ أي: إنه تعالى ربكم جميعًا، رب من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، ورب من لم يؤمن، رب المؤمنين والكفار والمشركين والمذبذبين والمسالمين والموالين والمعادين جميعًا، ورب مخاليق السماء والأرض، هو المستحق وحده للعبادة ﴿ فَاعْبُدُوهُ ﴾؛ أي: وما دامت هذه الحقائق الربانية ثابثة لله تعالى وواضحة، فالموقف السليم أن تعبدوه بما عبَّدكم به، أحكامًا نزل بها القرآن وفَصَّلَتها السنة النبوية، ﴿ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾، والفعل ﴿ تَذَكَّرُونَ ﴾ أصله "تتذكَّرون" أُدغِمت تاء فعله في الذال؛ أي: أفلا تفكِّرون وتتدبَّرون هذه الآيات والدلائل البيِّنة على ربوبية الله لكل ما خلق واستحقاقه العبادة ووجوبها عليكم.


ثم بعد هذا العتاب المذكِّر بما ينبغي أن يكون عليه حال الدنيا ومبدأ الأمر فيها ومنتهاه أخذ الوحي في التذكير بأحوال الآخرة والمعاد إليها، فقال تعالى: ﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ﴾؛ أي: معادكم حتمًا إلى الله تعالى بعد مغادرتكم الدنيا بالموت ﴿ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ﴾ كان هذا الرجوع إليه تعالى وعْدًا منه قاطعًا، ألزم به نفسه، وأمْرَ حقٍّ قضى به لا شك فيه، ولا بد أن يقع، والله لا يخلف وعده، ﴿ كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾ [الإسراء: 58]، ثم شرح هذا الوعد بتفصيل، فقال عز وجل: ﴿ إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ [يونس: 4]، يخلقه أولًا ولم يكن شيئًا مذكورًا، قال تعالى: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1]، وقال عز وجل: ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ﴾ [الرحمن: 14 -15]، وابتلاه بالعبادة تمييزًا للمؤمن من الكافر، والمطيع من العاصي، ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 165]، ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7]، ثم يميته حقًّا لا شك فيه ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26- 27]، ثم يعيد خلقه حقًّا في الآخرة فيبعثه للنشور والحساب والجزاء، وبيَّن تعالى الحكمة من الخلق والبعث والنشور والحساب والجزاء، فقال عز وجل: ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [يونس: 4]، ليثيب من كان مؤمنًا في الدنيا وعمل فيها صالحًا ﴿ بِالْقِسْطِ ﴾ [يونس: 4]، بالعدل المطلق فلا يضيع أي عمل صالح من أعماله، كلها تُكتب ويُنال أجرها مضاعفًا ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [يونس: 4] بالله وعصوا رسوله وأعرضوا عن كتابه ﴿ لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [يونس: 4]، في جهنم تحرقهم النار، وشرابهم فيها حميم وغسلين ﴿ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ [يونس: 4]، جزاءً عادلًا لما سبق من كفرهم في الدنيا، قال تعالى: ﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلطَّاغِينَ مَآبًا * لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا جَزَاءً وِفَاقًا ﴾ [الرحمن 21 – 26].


وبعد أن جال الوحي الكريم بمخاطبيه من الكفار والمشركين في عالم الغيب، وقد كانت جُلُّ عباداتهم في الجاهلية لأجرام السماء شمسًا وقمرًا ونجومًا وكواكب، وكانت أسماء أصنامهم وآلهتهم مقتبسة في أغلبها منها، كحال كنانة التي كانت تقدس القمر، وحِمْيَر التي كانت تقدس الشمس، وخزاعة وقيس اللتين تعبدان الشِّعْرى، وطيئ التي تعبد سهيلًا، وبني أسد الذين يعبدون عطارد، وبعض أهل مكة الذين يعبدون زحلًا، وغيرهم الذين يعبدون الزهرة، عاد بهم الوحي الحكيم إلى عالم الشهود يرد عليهم فيما عبدوه من دون الله، مستشهدًا بعالم الغيب وما حواه من خلق وتدبير ومبدأ ومعاد وحساب وجزاء ومصير، كي يعرفوا حقيقة ما يرونه في السموات والأرض، ويتبينوا الحكمة من خلقه وتسخيره، فتستوعب عقولهم ما خلقوا له، وما يدعون إليه من توحيد للخالق سبحانه، وتصديق لنبيه صلى الله عليه وسلم، وعمل بأحكام ما نزل إليهم من القرآن، فقال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً ﴾، إن الله تعالى هو الذي خلق الشمس وسَخَّرَها لكم بأمره، لا بإرادتها أو اختيارها، تضيء نهاركم، وتدفئ أيامكم، وتزود مجالها من النجوم والكواكب بالنور، فتكون دليلًا لكم في البر والبحر بأثرها أمام أعينكم، إلى معرفة ربكم وأوقات صلاتكم كما قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 45 – 46]، وقال عز وجل: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾ [الإسراء: 78]، وقال سبحانه: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130]، إن الشمس سخَّرها الله لكم ولم يسخركم لها، فهي أداة بين أيديكم ولستم أداة بين يديها، إن سخرتموها لما سخرت له ولما أمرتم به كسبتم، وإلا خسرتم الدنيا والآخرة.


ثم قال عز وجل: ﴿ وَالْقَمَرَ نُورًا ﴾؛ أي: جعله الله نورًا يزودكم في الليل بالنور فتهتدون به في ظلماته، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾ [نوح: 15 – 16]، وجعله ينير لكم كذلك كواكب السماء ونجومها، فترونها وتستفيدون من معرفتها ودراستها لدينكم ودنياكم، كما قال عز وجل: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 97]، ثم بيَّن نظام حركته فقال: ﴿ وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ ﴾ [يونس: 5]؛ أي: وهو الذي جعل حركة القمر في السماء ظهورًا واختفاءً ومسارًا مختلفًا ومتواليًا ومتقنًا، لا يتخلَّف أو يختلف باختلاف تعاقب الليل والنهار وأجواء السماء والأرض، ومنازل القمر هي مواقعه في قبة السماء أثناء سيره فيها، من يوم ظهوره فيها أول كل شهر، أو ميلاده كما في المصطلح الفلكي، إلى يوم اختفائه أو محاقه ليبدأ شهرًا جديدًا، والحق تعالى هو الذي خلقه وسيره بين هذه المواقع واحدًا بعد الثاني في نظام ثابت، شهرًا بعد شهر، وليلةً بعد ليلة، وخص كل منزلة بكواكب ونجوم تظهر معه فيها، فتتميز بها وتسمى باسمها، ومنها منزلة الثريا ومنزلة البطين والدبران والجبار والتوأمان والكلب الأكبر والعقرب وسهيل... إلخ، ثم بيَّن تعالى الحكمة من هذا النظام الفلكي البديع المتقن، وقال: ﴿ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾؛ أي: لقياس زمانكم لحظة لحظة، ويومًا بعد يوم وليلة بعد ليلة، وشهرًا بعد شهر، وسنة بعد سنة، ولتستنبطوا من ذلك كله علومًا ومعارفَ فتنظمون بها حياتكم، وتطورون بها أعمالكم، وتحققون بها ما تطمحون إليه ﴿ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ إن الله لم يخلق الشمس والقمر والنجوم والكواكب عبثًا، ولكنه خلقها بالحق الذي قدره وأراده، وسخَّرها له وابتلاكم به، ﴿ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ ﴾ كل ذلك آيات ودلائل بينة على وجوده تعالى، وقدرته ووحدانيته وألوهيته المطلقة، وربوبيته الشاملة، فَصَّلَها ﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ لكل من كان له عقل يفكر، وقلب يفهم، وأُذُن تسمع، وعين ترى وتشهد، قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].


ولذلك عقب الحق تعالى على ما بيَّنه من دلائل توحيده وعظيم قدرته وسماحة رفقه بعباده وحرصه على بيان طريق النجاة لهم وتخليصهم من الكفر والشرك عبادة للأفلاك والكواكب والنجوم وما اخترعوه من الأوثان، مُجْمِلًا دلائل توحيده ومعالم عبادته بقوله عز وجل: ﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ إنكم تعرفون الليل والنهار معرفة مباشرة، وترون اختلافهما رؤية معايشةٍ متوالية، وتشاهدون ما خلقه الله وسخَّره لكم في الأرض أنعامًا ونباتًا وأنهارًا وبحارًا، وفي السماء شمسًا وقمرًا ونجومًا وكواكب، وقد تبيَّن لكم مَنْ خلقها وسَخَّرها، ويقدر على إمدادكم بغيرها، كما يقدر على إفنائها وحرمانكم منها، أو يسلطها عليكم فيعذبكم بها، كل ذلك آيات تحمل العقلاء على الإيمان بالله، وأعقل العقلاء على مخافته واتقاء حسابه ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ﴾ [عبس: 34 – 36].



[1] حسنه الألباني.

[2] أي: سورة الرحمن.

[3] ابن إسحاق.

[4] اختلف علماء التفسير حول معنى هذه الأحرف المقطعة، وهي آيات من القرآن الكريم قطعًا، ولا يقطع بمعناه إلا بدليل واضح ثابت، والأصوب القول إن الله تعالى أعلم بمراده بها.

[5] الإهاب: جمعه أُهُب، جلد الشاء ونحوها، عبر به مجازًا عن الوعاء.

[6] صحيح، الألباني.

[7] صحيح، الألباني.

[8] صحيح الألباني. شافعٌ؛ أي: لصاحبِه وقارئِه. مُشفَّعٌ؛ أي: مَقبولُ الشَّفاعةِ. وماحِلٌ مُصدَّقٌ؛ أي: شاهدٌ مُصدَّقٌ عندَ اللهِ،وَفِي الدُّعَاءِ: "لَا تَجْعَلِ الْقُرْآنَ بِنَا مَاحِلًا"؛ أي: شاهدًا علينا بذنوبنا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين - سورة يونس الحلقة الأولى: تقديم وتمهيد
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الثالثة) أربع سبل هن إلى النار أقرب
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الرابعة) حقيقة الدنيا وحقائق الآخرة.. إن عرفت فالزم
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين: تفسير سورة يونس (الحلقة الخامسة) أربع حقائق ينبغي للمؤمن استجلاؤها وتجليتها
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين تفسير سورة يونس (الحلقة السادسة)
  • تفسير سورة يونس (الحلقة السابعة) ثلاث حقائق من الإيمان بدونها ينتقض
  • تفسير سورة يونس (الحلقة الثامنة) مأدبة الله لأوليائه في الدنيا بين الشاكرين والجاحدين
  • تفسير سورة يونس (الحلقة التاسعة) رسالتا نوح وموسى: دعوة واحدة بظرفين ومنهجين مختلفين
  • تفسير سورة يونس (الحلقة العاشرة) موسى: نبي يقود وفتية يؤسسون

مختارات من الشبكة

  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 9 ) تفسير الآيتين من سورة الفاتحة ﴿ الحمد لله رب العالمين - الرحمن الرحيم ﴾(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 12 ) سور المعوذات ما هي وما فضلها(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 31 ) تفسير سورة الكوثر ( فصل لربك وانحر - الجزء الثالث )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 23 ) تفسير سورة الناس - قاعدة في الاحتراز من الشيطان(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 10 ) تفسير الآيتين من سورة الفاتحة ﴿ مالك يوم الدين - إياك نعبد وإياك نستعين ﴾(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصل (34) تفسير سورة قريش (لإيلاف قريش)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 32 ) تفسير سورة الكوثر ( إن شانئك هو الأبتر - الجزء الرابع )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 30 ) تفسير سورة الكوثر ( إنا أعطيناك الكوثر - الجزء الثاني )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/12/1446هـ - الساعة: 18:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب