• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / فضائل رمضان / فضائل رمضان والعشر الأواخر / مقالات
علامة باركود

قيام رمضان

الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/8/2008 ميلادي - 27/8/1429 هجري

الزيارات: 16477

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
وَرَدَتْ عِدَّة نُصوص في التَّرغيب في القيام مطلقًا؛ كقوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64][1]، وغيرها، ونصوص تُؤَكِّد قيام رمضان، وخاصَّة ليلة القدر كحديث "الصَّحِيحَيْن": ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تَقَدَّمَ مِن ذنبه))[2].

وفي حديث آخر: ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تَقَدَّمَ من ذنبه))[3].

وثَبَتَتْ نصوص أخرى، تُبَيِّن عدة صفات إذا اتَّصَف بها قيام الليل، عظم أجره، وكبر فضله، وإن خلا عن بعضها أو عنها كلها، لم يمنع ذلك من حصول أصل قيام الليل، فلنسمها مكملات، وهي:
1- أن يكون تهجدًا؛ أي بعد النوم، ومن أدلة ذلك حديث "الصَّحِيحَيْن" وغيرهما عن عبدالله بن عمرو مرفوعًا، وفيه: ((وأحب الصلاة إلى الله - تعالى - صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام ربعه))[4].
وفي "صحيح مسلم" عن جابر مرفوعًا: ((مَن خاف أن لا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ثم ليرقد، ومَن طمع أن يقومَ من آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة محضورة، وذلك أفضل))[5].

2- أن يكون بعد نصف الليل، ومِن أدلته ما تَقَدَّمَ.

3- أن يستغرق ثلث الليل، ومن أدلته حديث عبدالله بن عمرو المُتَقَدِّم، وقد قال الله - عز وجل - في آخر سورة المزمل: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} [المزمل: 20][6]، يريد به ما تيسر من قيام الليل[7].

4- أن يكثر فيه من قراءة القرآن، وهو من لازم الثالث لما عرف من نظام الصلاة.

5- أن يكون مثنى مثنى، ثم يوتر بركعة، هذا هو الأكثر من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله عن قيام الليل، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - صور أخرى منها: ((مثنى مثنى[8]، ويوتر بثلاث))[9].

6- أن لا يزيد عن إحدى عشرة ركعة، كما ثبت من حديث عائشة في "الصحيحين" وغيرها، قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة"[10]، أجابت بهذا من سألها عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل في رمضان، وذلك صريح في أن المشروع في قيام رمضان، هو المشروع في غيره، إلا أنه آكدٌ فيه.
وقد جاء عنها أنه: صلى في بعض الليالي ثلاث عشرة ركعة[11].

وفي "المُسْتَدْرك"[12] وغيره، عن أبي هريرة مرفوعًا: ((لا توتروا بثلاث تشبهوا بالمغرب، ولكن أوتروا بخمس، أو سبع، أو بتسع، أو بإحدى عشرة، أو بأكثر من ذلك)).
والمراد - والله أعلم - بالوتر في هذا الحديث، قيام الليل، كأنه كره الاقتصار على ثلاث، وأمر بالزِّيادة عليها، وأكثر ما جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه بتكبيرة واحدة تسع ركعات، فهو - والله أعلم - أكثر الوتر الحقيقي، فأما الوتر بمعنى قيام الليل المشتمل على الوتر، فلا مانع من الزيادة فيه، والأفضل ما تَقَدَّمَ.

7- أن يكون فرادى؛ كما هو الغالب مِن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وهو كاللاَّزم للأمر الآتي: ومع ذلك، فقد ثبتَ عن ابن عباس اقتداؤه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض قيام الليل، وكذلكَ عن ابن عباس لَمَّا بات في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي ما يشهد لذلك.

8- أن يكونَ في البيت، ومن أَدِلَّته حديث "الصَّحِيحين"، وغيرهما عن زيد بن ثابت، قال: "احتجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجيرة بخصفة أو حصير، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيها، قال فتتبع إليه رجال، وجاؤوا يصلون بصلاته، قال: ثم جاؤوا ليلة فحضروا، وأبطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم، قال: فلم يخرج إليهم فرفعوا أصواتهم، وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلاَّ الصلاة المكتوبة)).
هذا لفظ مسلم في الصلاة، باب "استحباب صلاة النافلة في البيت"، ونحوه للبخاري في "صحيحه" في كتاب الأدب باب: "ما يجوز منَ الغضب".

والحديث واردٌ في قيام رمضان؛ كما يأتي، وذلك قاضٍ بشمول الحكم له نصًّا، فلا يقبل أن يخرج منه بتخصيص[13]، وذكر مسلم رواية أخرى، قال في متنها: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ حجرة في المسجد من حصير، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس"، فذكر نحوه، وزاد فيه ((ولو كتب عليكم ما قمتم به)).

وهذه الرواية في "صحيح البخاري" في كتاب "الاعتصام"، "باب ما يكره مِن كثرة السؤال ومَن تكلف ما لا يعنيه، وقوله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[14]. وفيها بعد قوله: "ليالي حتى اجتمع إليه ناس، ففقدوا صوته ليلة، فظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم".
فقال: ((ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم، حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)).

وفي رواية البخاري في كتاب الصلاة في "باب صلاة الليل" قبيل "أبواب صفة الصلاة"، "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ حجرة، قال: حسبت أنه قال: من حصير في رمضان فصلى فيها ليالي، فصلى بصلاته ناس من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد".
علل أمرهم بالصلاة في البيوت، بأنها في غير المكتوبة خير وأفضل، فثبت أنَّه إنما أمرهم أمر إرشاد لتحصيل زيادة الفضل، وأن الصلاة في المسجد فيها خير في الجملة، وفضل ذلك شامل لقيام رمضان.

والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - كان تلك الليالي معتكفًا، والمسجد بيت المعتكف، فلا يكون في صلاته فيه ما ينافي منطوق الحديث، وكأنه كان يقتدي به أولاً المعتكفون، ومن في معناهم من أهل الصفة، الذين لا بيت لهم إلا المسجد، فلم ينكر عليهم، ثم حضر غيرهم، ولم يشعر - صلى الله عليه وسلم - فلما شعر قعد.

وما يقع في بعض روايات حديث عائشة، مما قد يخالف ما هنا الظاهر، أنه مَن تصرف بعض الرواة من باب الرواية بالمعنى على حسب ما فهمه - والله أعلم.
مقارنة بين حديث زيد وحديث عائشة.

قد وَرَدَتِ القصَّة مِن حديث عائشة؛ ولكن في حديث زيد زيادتان:
الأولى: ما فيه مِن ذِكْر تَنَحْنُح القوم، ورفْعهم أصواتَهم، وحصبهم الباب، وغضب النبي - صلى الله عليه وسلم.
الثانية: ما فيه مرفوعًا: ((فعَلَيْكم بالصَّلاة في بُيُوتكم، فإن خيرَ صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة))، والزِّيادة الأولى تُفْهِم أنَّ صنيعَهم ذاك هو الذي خشي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعاقبوا عليه، بِفَرض قيام الليل في المسجد عليهم، وأشار إلى ذلك البخاري إذ ذكر الحديث في كتاب "الاعتصام"، باب: "ما يُكره مِن كَثْرة السُّؤال، ومَن تَكَلَّف ما لا يعنيه، وقوله - تعالى -: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[15]"، وذكر معه حديث: ((إن أعظم المسلمينَ جُرمًا مَن سأل عن شيء لَمْ يُحَرَّم، فَحُرِّمَ من أجل مَسْألته))[16]، والزِّيادة الثانية تُفْهِم أنَّ سبب احتباس النبي - صلى الله عليه وسلم - عنهم، هو إرادة صَرْفهم إلى الصَّلاة في بيوتهم؛ لأنَّها أفضل.

ولو خلا الحديث عن هاتينِ الزِّيادتين، لكان ظاهره أنَّ الصَّنيع الذي خشي أن يَتَرَتَّب عليه الفرض، هو مُثَابرة القوم على الحضور، وأنَّ سبب احتباس النَّبي - صلى الله عليه وسلم - هو إرادة قطع المثابرة، قبل أن يَتَرَتَّبَ عليها الفَرْض.

والظَّاهر أنَّ خلوَّ حديث عائشة عن هاتينِ الزِّيادتينِ، سببُه أنها كانت في بَيْتها، إذ كان زيد في المسجد شريكًا في القصَّة، وأنَّ ذلك أَدَّى إلى هذا الفَهْم على ما فيه.

فَفِي "الصَّحيحَيْنِ"[17]، من طريق مالك عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: "كان رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - لَيَدَع العمل - وهو يحبُّ أن يعملَ به - خشيةَ أن يعملَ به الناس، فيُفْرَض عليهم".

لا أرى مأخذ هذا المعنى إلاَّ ما فهم من تلك القصَّة؛ بِسَبب خُلُوِّها عن تَيْنَك الزِّيادتينِ، قد يقال: إنَّ هذا - وإن استقام بالنظر إلى بعض روايات حديث عائشة - فلا يستقيم بالنَّظر إلى بعضها، فأمَّا الأول: فرِواية عمرة، عن عائشة، وأكثر الرِّوايات عن أبي سَلَمة عن عائشة، ولفظ البخاري عن عمرة: "كان رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - يُصَلي منَ الليل في حجرته وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخصَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام ناسٌ يُصَلُّون بِصَلاته، فأصبحوا فَتَحَدَّثوا بذلك، فقام الليلة الثانية، فقام معه ناس يُصَلُّون بِصَلاته، صنعوا ذلك ليلتينِ أو ثلاثًا، حتى إذا كان بعد ذلك جَلَس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يخرج، فلمَّا أصبح، ذكر ذلك الناس، فقال: ((إنِّي خشيتُ أن تُكْتَبَ عليكم صلاة الليل))؛ ذكره البخاري قبل أبواب صِفَة الصلاة في باب: "إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة"، ثم قال بعده: "باب صلاة الليل"، فأخرج من طريق أبي سلمة بن عبدالرحمن عن عائشة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له حصير يبسطه بالنهار، ويحتجزه بالليل، فثاب إليه الناس، فصلوا وراءه"؛ كذا أخْرَجَه مُخْتَصَرًا، وقد أخرجه مسلم ولفظه: "كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصير، وكان يحتجزه منَ الليل، فيصلي فيه، فجعل الناس يصلون بِصَلاته، ويبسطه بالنهار، فثابوا ذات ليلة فقال: ((يا أيُّها الناس، عليكم منَ الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دُووِم عليه وإن قَلَّ، وكان آل محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا عملوا عملاً أثبتوه)).

وفي "فتح الباري"[18]، في باب: "تحريض النَّبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام الليل" ما لفظه، وفي رواية أبي مسلمة المذكورة قبيل صفة الصلاة: ((خشيتُ أن تُكْتَبَ عليكم صلاة الليل))، كذا قال وتبعه العيني[19]، وإنما هذا في رواية عمرة، كما مَرَّ.

وأمَّا الثاني: فما في "الصحيحين" وغيرهما من رواية مالك عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى ذات ليلة في المسجد، فصَلَّى بِصَلاته ناس، ثم صلى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة والرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - فَلَمَّا أصبح قال: ((قد رأيتُ الذي صَنَعْتم، ولم يَمْنَعني منَ الخروج إليكم إلاَّ أنِّي خشيتُ أن تُفْرَض عليكم، وذلك في رمضان)).
ففي هذه الرِّواية جاء هذا التَّعليل مِن لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف يستقيم أن يقال: إنَّه إنَّما فهم من حديث عائشة لِخُلوه عنِ الزِّيادتينِ الثَّابِتَتَيْنِ في حديث زيد؟

أقول: في "فتح الباري" في الكلام على رواية عروة: "ظاهر هذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - تَوَقَّع تَرَتُّب افتراض الصلاة باللَّيل جماعة على وجود المُوَاظبة عليها، وفي ذلك إشكال"، وحاصل الإشكال مُوَضحًا أنَّ الصَّحابة - رضيَ الله عنهم - كانوا قد عرفوا فضل قيام رمضان، ولم يكونوا يعلمون أنَّه في البيوت أفضل، فلمَّا سمعوا أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يصليه في مسجده، ويأتم به مَن حَضَر، ظنُّوا معذورينَ أنَّ حُضُورهم للصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد أفضل، والمُدَاوَمة التي كانت قد وقعت منهم قبل أن يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قصَّة الفرض، كان الظَّاهر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرهم عليها، فتَأَكَّدَ العذر، ولو كان العمل مشروعًا ولم يقطعه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكان عملاً كله خير، والفرض الذي خشيَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عقوبة؛ بدليل قوله: ((ولو كتب عليكم ما قمتم به))، وقد فَهِم البخاري ذلك، فأخرج في "باب ما يكره منَ السؤال"، وذكر معه آية {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}، وحديث: ((إنَّ أعظم المسلمين جُرْمًا مَن سُئل عن شيء لم يُحَرَّم، فحُرِّم مِن أجل مَسْألتِه)).
وقد قال الله - عَزَّ وجَلَّ -: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 160 - 161].

فكيف تكون المُدَاوَمة على عمل مشروع فاضل سببًا لِمِثل هذا الفرض؟

وقد أجيبَ عن هذا الإشكال أجوبة لا تُسْمِن، ولا تُغْنِي من جوع، وفيه إشكالٌ آخر، بناء على فرض أنَّ أصل ذلك العمل مشروع، وإنما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لِمَانع وهو لِخَشْية أن يعملوا بِهَذا زوال المانع؛ كأنَّه - صلى الله عليه وسلم - فيؤموا الناس في قيام رمضان في المساجد لكان على الخلفاء الراشدين، فلماذا تركوه؟

أجاب بعضهم: أنَّ الصحابة كانوا في زَمَن أبي بكر مَشْغُولينَ بِحُرُوب الرِّدَّة، ولهذا لَمَّا اسْتَقَرَّ الأمر عمل به عمر، وفي هذا أولاً: أن تضايق المدينة في قصَّة الرِّدَّة لم يطلْ، وبقيَ أبو بكر بعد ذلك مُدَّة مُتَمَكنًا كل التَّمَكُّن منَ القيام بالناس في المسجد لو أراد، وأنَّ عمر لم يَقُم بالناس في المسجد قط، وإنما أمر بِما أمر به في آخر خلافته، فإنه اسْتَشْهَدَ آخر سنة 23، وقد روى عبدالرحمن بن عبدٍ القاري[20] القصَّة كما في "صحيح البخاري" أنه شهدها، وفي القصة ما يقتضي أن يكون عبدالرحمن حينئذٍ من أصحاب عمر يدخل بِدُخوله، ويخرج بِخُروجه، مع أن عمره لوفاة عمر كان تقريبًا عشرين سنة، وعلى ما رَجَّحه ابن حجر في "الإصابة"[21] أربع عشرة سنة، ورواها أيضًا رواية عنه نوفل بن إياس الهذلي، كما يأتي مع أنَّهم لم يذكروه فيمَن ولد في العهد النبوي، فعمره لوفاة عمر نحو ثلاث عشرة سنة، فهذا ممَّا يدلك أن ما وقع من عمر - رضي الله عنه - مِن جَمْعهم على أبي بن كعب، إنما كان في آخر خلافته، وهذا كله يثبت أن الصواب ما دَلَّ عليه حديث زيد.

فأما ما في رواية عروة، فقد فتح الله عليَّ بِجَوابَيْنِ:
الأول: أن يقال: إنَّ هذا اللفظ الذي وقع في رواية عروة مَنْسوبًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس هو عين اللَّفظ النبوي؛ بل قد يكون اللَّفظ النبوي هو الذي وقع في حديث زيد أو في رواية عمرة، فأمَّا ما في رواية عروة فتَصَرَّف فيه الراوي على وجه الرواية بالمعنى على حسب فهمِه.

الجواب الثاني: أنه على فَرْض أنَّ ما وقع في رواية عروة، هو عين لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فالتَّوفيق بينه وبين حديث زيد، مع تجنُّب الإشكالين متيسر بِحَمد الله بأن يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - احتبس عنهم أولاً؛ ليصرفهم إلى الصلاة في البيوت لِمَزيد فضلها، كما في حديث زيد، ثم كأنَّهم لَمَّا صنعوا ما صنعوا منَ التَّنَحْنُح، ورفع الأصوات، وحصب الباب، هَمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستجيبَ لإلْحَاحِهم، فيخرج فيصلي بهم؛ لكنه خشيَ أن يكونَ في ذلك ما يُؤَكِّد شناعة صنيعهم؛ لأنه يثبت بذلك أنهم اضطروا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى فِعْل ما يكرهه، ولعل هذا يوجب أن يعاقَبوا بأن يُفْرَض عليهم ذلك العمل، فلم يخشَ تَرَتُّب الفرض على المُوَاظَبة؛ بل على إِلْحاحهم إذا تَأَكَّدَت شناعته باسْتِجَابته لهم، فتَدَبَّر.

ولم أرَ مَن نحا هذا المنحى مع ظهوره، ومع اسْتِشْكالهم ظاهر ما وقع في رواية عُروة، فكأنَّهم احتاجوا إلى المُحَافَظة على ظاهر ما في رواية عروة؛ ليدفعوا أن يكونَ ما أمر به عمر بِدْعة كما يدل عليه قول كثيرٍ منهم: إنما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الاستمرار على إمامتها جماعة في المسجد لِمَانع، وهو خَشْية أن تُفْرَض، وبِمَوته - صلى الله عليه وسلم - زال هذا المانع، وإذا ثبت أنَّ الحكم مشروع، وترك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لِمَانع، فإنه إذا زال المانع بعده لم يكن العمل بذلك الحكم بدعة، وستعلم قريبًا إن شاء الله - تعالى - ما يغني عنه في دَفْع البِدْعة.

وقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده"[22]، رواية أبي سلمة من طريق، ثم أخرج من طريق ابن إسحاق: "حَدَّثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، عن عائشة زَوْج النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان الناس يُصَلُّون في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان باللَّيل أوزاعًا، يكون مع الرَّجل شيءٌ منَ القرآن، فيكون معه النَّفَر الخمسة أو السِّتَّة، أو أقل من ذلك، أو أكثر، فيُصَلُّون بِصَلاته.

قالت: فَأَمَرَنِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من ذلك أن أنصبَ له حصيرًا على باب حُجرتي، فَفَعَلْتُ، فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن صَلَّى العشاء الآخرة، قالت: فاجْتَمع إليه مَن في المسجد، فَصَلَّى بهم، فقال: ((أيُّها الناس، أما والله ما بتُّ والحمد لله لَيْلَتي هذه غافلاً، وما خفي عليَّ مكانكم؛ ولكني تخوفت أن يفترض عليكم منَ الأعمال ما تطيقون)).

في النَّفس شيءٌ من هذه الرِّواية، قصَّة الأوزاع لَمْ أجِدْها في شيء منَ الرِّوايات الأخرى؛ وإنما المَحْفُوظ أنَّ ذلك كان في عهد عمر؛ كما في "المُوَطأ"[23] وغيره، عن ابن شهاب، عن عُروة، عن عبدالرحمن بن عبدٍ القاري، أنه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع مُتَفَرِّقون، يُصَلِّي الرَّجل لِنَفسه، ويُصَلِّي الرجل فيصلي بِصَلاته الرَّهط".

وبقيَّة الكلام في رواية ابن إسحاق، كأنه ضَمَّ رواية عروة إلى رواية أبي سلمة، مع زيادة تطويل، وابن إسحاق "صَدوق"، وثَّقَه جماعة، وأثنى عليه الإمام أحمد وغيره؛ لكن قال أيوب بن إسحاق بن سافري، وهو "صَدوق"، سألتُ أحمد، فقلت له: "يا أبا عبدالله إذا انفرد ابن إسحاق بِحَديث تقبله؟ إنِّي رأيته يُحَدِّث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا".
وقد تابَعه محمد بن عمرة بن علقمة، في "سُنن أبي داود"؛ ولكنه مُخْتَصر.
ومحمد بن إبراهيم التيمي[24] وثَّقَه جماعة، واحتَجَّ به الشَّيخان وغيرهما، وقال الإمام أحمد: "في حديثه شيءٌ، يروي أحاديث مناكير أو مُنكرة".
والخطب سهل هنا؛ فقصَّة الأوزاع لها شَوَاهد في الجملة، وبقيَّة الزِّيادة في رواية أبي سلمة، إن لم تصح عنه، فقد صَحَّ أكثرُها من رواية عروة.

أمَّا شواهد قصة الأوزاع ففي "سنن البيهقي"[25]، بِسَند صحيح، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة في رمضان، فرأى ناسًا في ناحية المسجد يُصَلُّون، فقال: ((ما يصنع هؤلاء؟))، قال قائل: يا رسول الله، هؤلاءِ ناس ليس معهم قرآن، وأُبَي بن كعب يقرأ، وهم معه يصلون بِصَلاته، قال: ((قد أحسنوا، أو قد أصابوا))، ولم يكره ذلك لهم.

قال البيهقي: "هذا مُرسَل حَسَن، ثعلبة بن أبي مالك القرظي منَ الطَّبَقة الأولى، من تابعي أهل المدينة، وقد أخرجه ابن منده في "الصحابة"، وقيل: له رؤية، وقيل: سنه سن عطية القرظي، أسرا يوم قريظة، ولم يقتلا، وليست له صحبة".

وفي "الإصابة"[26]: "لا يمتنع أن يصح سماعه"، ثم قال البيهقي: "وقد رَوَى بإسنادٍ موصول، إلا أنه ضعيف".

فذكر ما رواه أبو داود في "السُّنن"، من طريق مسلم بن خالد، عن العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، بِنَحو حديث ثَعْلبة، قال أبو داود: "هذا الحديث ليس بِالقَوِي، مسلم بن خالد ضَعِيف"[27].

أقول: مسلم بن خالد[28] ضَعَّفَه جماعة من جهة حِفْظه، وقد وَثَّقَه ابنُ مَعِين، وقد كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الصفة كانوا ملازمينَ المسجد، وكان من غيرهم مَن ينام في المسجد كابن عمر، فهؤلاءِ كانوا يُصَلُّون في المسجد حتمًا، وقد علم مما تَقَدَّمَ إذ ليس هناك دليل بِمَنع الاقتداء في قيام الليل؛ بل قد ثَبَت اقتداء ابن مسعود بالنَّبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك اقتداء ابن عباس، وثَبَت في قصَّة عمر أنَّ الناس كانوا قبل ذلك يُصَلُّون أوزاعًا في المسجد، ولم ينكر عليهم أحد صلاتهم تلك، حتى جمعهم عمر على إمامٍ واحدٍ.

هذا وقد جاء من حديث أنس وجابر، ما يُوَافق في الجملة حديثي زيد وعائشة، وفي "مسند أحمد"[29]، و"السنن"[30]، من حديث أبي ذر: "صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يُصَلِّ بنا حتى بقيَ سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في الثالثة، وقام في الخامسة، حتى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله، لو نَفَّلتنا بقيَّة ليلتنا هذه؟ فقال: ((إنه مَن قام مع الإمام حتى ينصرفَ، كُتب له قيام ليلة))، ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فصَلَّى بنا في الثالثة، ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قيل لأبي ذر: وما الفلاح؟ قال: السحور".

قد عرف مِن عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، ويعتكف معه بعض أصحابه، فلَعَلَّ المعتكفينَ هم الذين صلوا معه، وقد يكون معهم غيرهم ممَّن هو في حكم المُعتكف، فقد كان أهل الصفة لا مأوى لهم إلاَّ المسجد.

نعم قوله في الثالثة: "ودعا أهله ونساءه"؛ يدل على أنه يشرع للإمام إذا كان مُعتكفًا أن يدعوَ أهله للقيام معه في المسجد، في مثل تلك الليلة.

وفي مُختَصر كتاب "قيام الليل"،؛ لِمُحمد بن نصر[31] ص96: "قال مالك: كان عمر بن حسين من أهل الفضل، والفقه، وكان عابدًا، وكان في رمضان إذا صَلَّى العشاء انصرف، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين..."، وقد يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما دعا من خلفه أن يغفل، وفي قصته أيقظ عليًّا وفاطمة [ ][32]، والله أعلم.

مجمل ما كان عليه قيام رمضان في العهد النبوي وما صار إليه في عهد عمر:
تبيَّن ممَّا تقدم أن أصل قيام الليل في رمضان، وغيره، يحصل بمطلق الصلاة بعد العشاء وراتبتها، وأن له مكملات يعظم بها الأجر ويتضاعَف الفضل.

وكان الغالب في العهد النبوي تمكُّنُ الناس من المكملات ومحافظتهم عليها، وأكثر ما كان يعرض لهم - مما يخالف ذلك - هو خوف عدم الاستيقاظ بعد النوم في الوقت المتسع؛ فلذلك كان كثير منهم يدعون المكملين الأولين، وهما كون القيام بعد النوم، وكونه بعد نصف الليل، وربما كان يتَّفق أن يوجد جماعة منهم يريدون القيام، وليس معهم كثير من القرآن يحصلون به المكمل الرابع – وهو كثرة قراءة القرآن في القيام – على وجهه، فيريدون أن يعتاضوا عن القراءة بالسماع، فيلتمسون من بعض القرَّاء أن يأمَّهم في المسجد، وبذلك يترك المأمومون والإمام المكملين الأخيرين، وهما كون القيام فرادى، وكونه في البيت؛ أما المأمومون فلعدم تمكنهم من ذلك مع سماع كثير من القرآن، وأما الإمام فيرجو أن يكون في معونته لهم على العبادة، وما يرجى من انتفاعهم بسماع القرآن ما يعوضه، لكن هذا لم يكثر في العهد النبوي ولا اتصل في جميع ليالي رمضان؛ لحرص المهاجرين والأنصار على حفظ القرآن، ونشاطِهم في الخير، وضعف رغبة الوافدين من الأعراب في النوافل كقيام الليل.

فلما كان في عهد عمر - رضي الله عنه - كثر الواردون من الآفاق ممن ليس معهم كثير من القرآن، ولهم مع ذلك رغبة في القيام؛ لتمكنهم في الإسلام، ووجد في شبَّان أهل المدينة جماعة لا ينشطون للقيام الطويل في البيوت، فكان جماعة من الفريقين يقومون في المسجد: من كان معه قرآن قام وحده، ومن لم يكن معهم التمسوا من بعض القرَّاء أن يؤمهم، يرون أن لهم أسوة بمن كانت حالُه في العهد النبوي شبيهةً بحالهم، ولكثرة هؤلاء واستمرارِ عذرهم استمر قيامُهم في المسجد في جميع ليالي رمضان، ولم ينكر عليهم أحد من الصحابة، فكان في ذلك حجة على صحة اجتهادهم، وعلى أنه لو اتفق مثل ذلك في العهد النبوي لما أنكره النبي صلى الله عليه وسلم.

وبهذا خرج ذلك العمل المتصل عن البدعة؛ فإنه إذا قام الدليل على أن الحكم مشروع، وترك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدم مقتضِيهِ، ثم وجد المقتضي بعدَه فالعمل به حينئذ سنة لا بدعة[33]، فلما شاهَد عمر - رضي الله عنه - حالهم عرف عذرهم وصوب اجتهادهم، لكنه رأى أنه قد نشأ من عملهم مفاسد منها:
ظاهرة التفرق والتحزب التي يكرهها الشرع.
ومنها: تشويش بعضهم على بعض.

وفي "مسند أحمد"[34] و"سنن أبي داود"[35] و"المستدرك"[36] وغيرها، بسند على شرط الصحيحين: "عن أبي سعيد الخدري، قال: اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، وهو في قبة له، فكشف الستور، وقال: ((ألا أن كلكم مناجٍ ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفعن بعضكم على بعض بالقراءة))، أو قال في الصلاة" هؤلاء كانوا – والله أعلم – ممَّن المسجدُ بيتُه معتكفين أو من أهل الصفة أو من الفريقين، وكانوا يصلون فرادى، ويجهرون بالقراءة، فيشوش بعضهم على بعض فأرشدهم - صلى الله عليه وسلم -إلى المخافتة.

ولا يجيء مثل هذا في القائمين بالمسجد في عهد عمر؛ لأن كثيرًا منهم كانوا يصلون جماعات ليسمع المأمومين القرآن كما تقدَّم فلو أمروا بالمخافتة لفات المقصود من تلك الجماعات كما لا يخفى.

ومنها: أن بعضهم كانوا يتحرَّون الاقتداء بمن يعجبهم صوته وإن كان غيره أقرَأ منه وأجدر أن يقتدى به، وأنكر عمر - رضي الله عنه - بحق هذه المفاسدِ ولم يجد ما يدفعها بدون إخلال بالمقصود إلا أن يجمعهم على إمام واحد مقدرًا أنه لو اتَّفَق مثل ذلك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمر بذاك، وبهذا خرج العمل عن أن يكون بدعة كما يعلم مما مرَّ، فأما ما في "صحيح البخاري"، مِن قول عمر: "نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل"، فإنما أراد البدعة لغة[37]، على أن في "طبقات ابن سعد"[38] 5/ 42، بسند صحيح، عن نوفل بن إياس الهذلي[39]، قال: "كنا نقوم في عهد عمر بن الخطاب فرقًا في المسجد في رمضان، ههنا وههنا، فكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتًا، فقال عمر: ألا أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني، أما والله، لئن استطعت لأغيرن هذا"، قال فلم يمكث إلا ثلاث ليال حتى أمر أبي بن كعب فصلَّى بهم، ثم قام في آخر الصفوف، فقال: "لئن كانت هذه بدعة، فنعمت البدعة هي"[40].

فهذا - والله أعلم - من باب قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81]، والظاهر أن الذين كانوا يصلون فرادى دخلوا في الجماعة لئلا يشوش عليهم قارئ الجماعة، وقد يكون بقي منهم من يصلي على الانفراد.

وفي "مختصر كتاب قيام الليل" لمحمد بن نصر (96):
"شعبة[41] عن أشعث[42] بن سليم: أدركت أهل مسجدنا يصلي بهم إمام في رمضان، ويصلون خلفه، ويصلي ناس في نواحي المسجد لأنفسهم فرادى، ورأيتهم يفعلون ذلك في عهد ابن الزبير - رضي الله عنه - في مسجد المدينة"[43].
"شعبة عن إسحاق بن سويد[44]: كان صف القراء في بني عدي في رمضان: الإمام يصلي بالناس، وهم يصلون على حدة"[45].
وكان سعيد بن جبير[46] يصلي لنفسه في المسجد، والإمام يصلي بالناس[47].
وكان ابن أبي مليكة[48] يصلي في رمضان خلف المقام، والناس بعد في سائر المسجد من مصلٍّ وطائف بالبيت[49].
وكان يحيى بن وثاب[50] يصلي بالناس في رمضان، وكانوا يصلون لأنفسهم وحدانًا في ناحية المسجد.
وعن إبراهيم كان المجتهدون يصلون في جانب المسجد، والإمام يصلي بالناس في رمضان[51].
و"كان ابن محيريز[52] يصلي في رمضان في مؤخر المسجد، والناس يصلون في مقدمه للقيام".

هذا وقد علم حالهم بالنظر إلى أكثر المكملات، فأما الباقي - وهي الثالثة – أن يستغرق القيام ثلث الليل، والخامس، وهو أن يكون القيام مثنى مثنى، والوتر ركعة، وفي بعض الليالي ثلاث، والسادس، وهو أن لا يزيد على إحدى عشرة، وفي بعض الليالي ثلاث عشرة، فإنهم حافظوا عليها حتى ضعفوا عن المحافظة على الثالث والسادس معًا، فاختاروا الثالث لكثرة العبادة.

روى مالك في "الموطأ"[53] عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد قال: "أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميمًا الداريَّ أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، قال: وكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصِيِّ، وما كنا ننصرف إلاَّ في بزوغ الفجر"، وفي "فتح الباري": "أن سعيد بن منصور رواه من طريق محمد بن إسحاق: "حدثني محمد بن يوسف عن جده، السائب بن يزيد، قال: كنا نصلي في زمن عمر في رمضان ثلاث عشرة"، وحمل هذا على بعض الليالي، والغالب إحدى عشرة، كما في رواية مالك، وعلم من رواية مالك وغيرها أن القوم كانوا يقومون ثلث الليل أو أكثر، فيشق عليهم طول الوقوف كما مرَّ، فروى مالك في "الموطأ"[54] عن يزيد بن رومان أنه قال: "كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاثٍ وعشرين"، وفي "سنن البيهقي"[55]، بسند صحيح، عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد، قال: "كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في شهر رمضان بعشرين ركعة...". قال البيهقي: "يمكن الجمع بين الروايتين؛ فإنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة، ثم كانوا يقومون بعشرين، ويوترون بثلاث، والله أعلم".

وفي القسطلاني[56]: "ذكَر في "النوادر" عن ابن حبيب، أنها كانت أولاً إحدى عشرة ركعة إلا أنهم كانوا يطيلون القراءة، فثقل عليهم ذلك، فزادوا في أعداد الركعات، وخففوا في القراءة..." [57].

أقول: ولم يلتزموا ذلك.

وفي "مختصر كتاب الوتر"[58] لمحمد بن نصر، و"فتح الباري"[59]، أعداد مختلفة:
1) إحدى عشرة.
2) ثلاث عشرة.
3) ست عشرة والوتر.
4) إحدى وعشرون.
5) ثلاث وعشرون.
6) أربع وعشرون والوتر.
7) خمس ترويحات إلى عشرين ليلة ثم في العشر الأخيرة: ست ترويحات.
8) ست ترويحات إلى عشرين ليلة، ثم في[60] العشر الأخير: سبع ترويحات.
9) مثله، ويوتر بسبع.
10) أربع وثلاثون، والوتر.
11) ست وثلاثون، والوتر ثلاث.
12) ثمان وثلاثون، والوتر واحدة.
13) إحدى وأربعون.
14) أربعون، والوتر سبع.
15) ست وأربعون، والوتر ثلاث.

وفي "مختصر كتاب قيام الليل" لمحمد بن نصر:
"قال إسحاق بن منصور: [61] قلت لأحمد بن حنبل: كم من ركعة يصلي في قيام رمضان؟ فقال: قد قيل فيه ألوان نحوًا من أربعين، إنما هو تطوع".
ثم قال: "الزعفراني[62] عن الشافعي - رحمه الله -: رأيت الناس يقومون بالمدينة تسعًا وثلاثين ركعةً.
قال: والأحب إليَّ عشرون.
قال: وكذلك يقومون بمكة.
قال: وليس في شيء من هذا ضيق ولا حد ينتهي إليه؛ لأنه نافلة فإن أطالوا القيام، وأقلوا السجود فحسن، وهو أحب إليَّ، وإن أكثروا الركوع والسجود فحسن".
أقول: أمَّا الحد المحتَّم فلا، وأما الأفضل فالاقتصار على الإحدى عشرة، وفي بعض الليالي ثلاث عشرة.
إلا أنه أشق عليهم إطالتها حتى ليستغرق الوقت الأفضل، فهم إن يزيدوا في العدد حسب ما تخف عليهم، على هذا جرى عمل السلف كما مرَّ.
اختلاف في الأفضل في البيت أم في المسجد، فرادى أم جماعة؟
قد تقدم أن كونها في البيت هو أحد المكملات، وحديث زيد بن ثابت نص صريح في ذلك، وقد عورض بحديث أبي ذر وبما جرى في عهد عمرو بعده، وتقدم الجواب عن ذلك.

وفي "مختصر كتاب قيام الليل" لمحمد بن نصر (96 – 97):
"قال الشافعي: إن صلى رجل لنفسه في بيته في رمضان، فهو أحب إليَّ، وإن صلى في جماعة فهو حسن".

وفيه ص (96):
"قيل لأحمد بن حنبل يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟
قال: يصلي مع الناس، قال: ويعجبني أن يصلي مع الإمام، ويوتر معه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف تكتب له بقية ليلته...))، قال أبو داود: شهدته – يعني أحمد – شهرَ رمضانَ يُوتِر مع إمامه إلا ليلة لم أحضرها.
وقال ابن إسحاق: قلت لأحمد: الصلاة في الجماعة أحب إليك أم يصلي وحده في قيام شهر رمضان؟
قال: يعجبُنِي أن يصلي في الجماعة يحي السنة، وقال إسحاق كما قال".
وفي "مختصر كتاب قيام الليل" لمحمد بن نصر ص 95، "باب ذكر من اختار الصلاة وحده على القيام مع الناس إذا كان حافظًا للقرآن". فذكر حديث زيد بن ثابت، ثم قال: "وقال الليث: ما بلغنا أن عمر وعثمان كانا يقومان في رمضان مع الناس في المسجد.
وقال مالك: كان ابن هرمز من القراء ينصرف، فيقوم بأهله في بيته.
وكان ربيعة ينصرف.
وكان القاسم وسالم ينصرفان لا يقومان مع الناس.
وقد رأيت يحيَى بن سعيد يقوم مع الناس، وأنا لا أقوم مع الناس لا أشك أن قيام الرجل في بيته أفضل من القيام مع الناس إذا قوي على ذلك، وما قام برسول الله - صلى الله عليه وسلم – إلاَّ في بيته".
ثم ذكر بعد ذلك أن يحيى بن سعيد ترك القيام معهم، قال: "كنت أقوم ثم تركت ذلك فإن استطعت أن أقوم بنفسي أحَبُّ إليَّ".
وذكر عن مجاهد عن ابن عمر: "تُنصِت خلفه كأنك حمار؛ صَلِّ في بيتك".
ثم ذكر عن ابن عمر أنه كان ينصرف لا يصلي معهم، ومثله عن القاسم وسالم ونافع وعروة، وذكر عن مجاهد، قال: "إذا كان مع الرجل عشر سور فليردِّدْها، ولا يقوم في رمضان خلف الإمام".
وذكر آخر (90) أن عمر بن عبدالعزيز "كانت تقوم العامة بحضرته في رمضان بخمس عشرة تسليمة، وهو في قبته لا ندري ما يصنع".
وذكر عن جماعة أنهم كانوا يقومون في نواحِي المسجد فرادى لا يصلون مع الجماعة.
وذكر (90 – 91) عن جماعة صلاتها جماعة في المسجد، والذي أرى أن محل ذلك فيمن له عذر، ومن الأعذار دفع توهم أن صلاتها جماعة في المسجد، فيكره مطلقًا، وقد كان النبي ربَّما يفعل الشيء لبيان الجواز، وجاء عن أبي بكر عمَر وابن عباس أنهم كانوا يضحون خشية أن يعتقد الناس وجوب التضحية فكان هؤلاء الأكابر يتركونها ليعلم الناس أنها ليست بواجبة، وهم في تركهم ذلك محسنون مثابون عليه، لما قصدوا به من بيان السنة.
فأما من لا عذر له البتة ففي السنة كفاية.

وفي "طبقات ابن سعد" (ج7/ ق2/ ص76):
"عن بكاء بن محمد أن ابن عوان كان في شهر رمضان لا يزيد على المكتوبة في الجماعة ثم يخلو في بيته".
ومن تدبَّر السنة وتحقق ثم تتبع أحوال الناس علم أنه قد تطرَّق إلى هذا الأمر غير قليل من الخطأ والغلط ومخالفة السنة، وشرح ذلك يطول، نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، ويهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، ويرزقنا الاعتصام بكتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه.

في "فتح الباري"[63]:
"استشكل الخطابي[64] أصل هذه الخشية مع ما ثبت في حديث الإسراء من أن الله تعالى، قال: هن خمس، وهي خمسون لا يبدل القول لدي، فإذا أمن التبديل، فكيف يقع الخوف من الزيادة؟".

ثم ذكر أجوبة، وقد كنت تركت التعرض لهذا البحث؛ لدقته مع أن الخشية قد ثبتت قطعًا بحديث زيد هذا في الصحيحين وغيرهما، وحديثِ عائشة في الصحيحين وغيرهما أيضًا من أوجه عنها، وبحديثٍ لجابر في صحيحَي ابن خزيمة وابن حبان، فثبت أن ما في حديث الإسراء لا ينبغي أن يُفهَم منه ما يناقض هذه الخشية؛ فمن فهم ذلك فقد أخطأ، ولا علينا أن لا نبين وجه خطئه، ثم أثار هذا البحث أخي العلامة الشيخ محمد عبدالرزاق فرأيت أن أنظر فيه، وأسال الله التوفيق.

استشكال الخطابي مبني على أن كلمة (لا يبدل القول لدي) قصد بها القضاء على معنى قوله: "هن خمس" بأنه لا يغير في المستقبل، ويرده أن عقب هذه الجملة في الحديث نفسه "فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربَّك، فقلت استحييت من ربي"، ولو كان معنى ما تقدم إخبار الله - عزَّ وجَل - بأن مقدار الخمس لا يتبدل في المستقبل لعلم موسى أنه لم يبق موضع للمراجعة، ولأجاب محمد بما يُفهِم ذلك، ولم يقتصر على قوله "استحييت من ربِّي".

فإن قيل: لعل في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، كما تشعر به بعض الروايات الأخرى، ولعل محمدًا لم يخبر موسى بما يدل على امتناع التغيير، وقصد محمد أنه يمنعه الاستحياء حتى على فرض عدم إخبار الله - عز وجل - بأنه لن يقع تغيير، أو لعلهما فَهِما أن المراد أنه لن يقع تغيير بالزيادة وجواز أن يقع تغيير بالنقصان، قلت: هذا كله، تمحُّل لا مُلجِئَ إليه، ولم أرَ في الروايات الأخرى ما يصح الاستناد إليه في زعم أن هناك تقديمًا وتأخيرًا ينفع الخطابي، وتجويز أن يكون محمد أخفى عن موسى خبر الله - عز وجل - بعدم التغيير فيما أمره المراجعة أجاب بما أجاب به، تجويز ركيك لا يخلو عن شناعة يجب تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها، وتجويز أن يكونا فهما أن عدم التغيير يختص بالزيادة ركيك أيضًا، وربما يكون أقرب منه أن يفهم أن المراد عدم التغيير بالنقصان، وذلك أنه سبحانه سُئِل التخفيف فخفف، ثم سئل فخفف مرارًا، ثم قال: "هن خمس، وهن خمسون، لا يُبدَّل القول لدي"؛ فلو كان المراد أن مقدار الخمس لن يغير بعد ذلك لَقَرُب أن يفهم منه المنع عن سؤال التخفيف بعد ذلك، وأنه لن يكون تخفيفًا.

فإن قيل: فإذا لم يتوجَّه قوله: "لا يبدل القول لديَّ" إلى قوله: "هن خمس" فإلى ماذا يتوجَّه؟
قلتُ: قيل: بتوجُّهِهِ إلى قوله: "وهي خمسون"، وهذا قريب؛ لأن قوله: "وهي خمسون" وعد منه تعالى بأن يُثِيبَ على الخمس ثواب خمسين، وقوله: "لا يُبدَّل القول لدي" قد عرف من كتاب الله - عز وجل - توجيهه إلى الوعد ونحوه، قال تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: 64]، وقال سبحانه: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 28، 29].

وفي تفسير ابن جرير (11/ 88):
"وأما قوله: لا تبديل لكلمات الله، فإن معناه لا خلف لوعده، ولا تغيير لقوله عما قال".
ولا يلزم من امتناع تغيير الخمسين ثوابًا، أن لا يزاد في المستقبل على الخمس، ويثاب على الزائد ثوابًا مستقلاًّ، ولا أن لا يَنقُص العدد عن خمس، ويبقى الثواب خمسين.

وقيل بتوجُّهِهِ إلى ما وقع ابتداء من فرض خمسين والمعنى: "هن خمس كما أقوله الآن – وهن خمسون كما قلتُه أوَّلاً، وليس ما جرى من التخفيف تبديلاً للقول الأوَّل – لا يُبدَّل القَوْلُ لدي – ولكن كان المراد به خمسون ثوابًا، وهذا ثابت لم يُبَدَّل، ولن يبدل، وهذا القول هو الظاهر من العبارة، وقد ذكره السهيلي[65] في "الروض الأنف" (1/ 252)، قال: "والوجه الثاني: أن يكون هذا خبرَ (ألا تعبدوا)، وإذا كان خبرًا لم يدخل النسخ، ومعنى الخبر أن عليه السلام أخبره ربه أن على أمَّتَه خمسين صلاة، ومعناه أنها خمسون في اللوح المحفوظ؛ ولذلك قال في آخر الحديث: "هي خمس، وهي خمسون، والحسنة بعشر أمثالها"، فتأوله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنها خمسون بالفعل، فلم يزل يراجع ربه حتى بيَّن له أنها خمسون في الثواب لا في العمل.

فإن قيل: فما معنى نقصها عشرًا بعد عشر؟ ذكر جوابًا غير مُرض، وقد فتح الله تعالى جواب أوجه، وهو أن الله - تبارك وتعالى - قد حط من أول مرَّة خمسًا وأربعين، ولكن اقتضت حكمته إجمال الخير أولاً، فيكون المراد منه أنها خمسون ثوابًا، وبفهم الرسول منه أنها خمسون عملاً ليترتب على هذا الفهم:
أولاً: أن يعزم الرسول – صلى الله عليه وسلم - على أن يعمل هو وأمته خمسين إن لم يخفف الله عز وجل.
وثانيًا: المراجعة، وبذاك العزم استحقَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمته - بفضل الله وكرمه - ثَوَابَ الخمسين، فأما حكمة المراجعة فقد أفاض فيها الشُّرَّاح، وإذا كان المحطوط في علم الله خمسًا وأربعين فقد حطَّ في ضمنها جميع الأعداد الداخلة فيها، والإخبار بحط الأقل لا ينفي حط الأكثر فإن العدد لا مفهوم له عند جمهور الأصوليين[66]، ولو كان له مفهوم فظاهر ضعيف غير مراد كالإخبار أولاً بخمسين وظاهره أنها خمسون عملاً، وتأخير البيان عن وقت الخطاب جائز على الصحيح وإنما الممتنع تأخيره عن وقت الحاجة.

وقريبٌ من هذا قصة إبراهيم عليه السلام في ذبح ابنه؛ قال الله - عز وجل -: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 102-107].
رأى - والله أعلم - في نومه أنه مُضْجِعٌ ابنَه يعالج ذبحه، أي: يمر الشفرة على عنقه معتمدًا عليها شَأنَ القاصدِ قَطْعَ العنق، وإبانةَ الرأس.

هذا - والله أعلم - هو الذي رآه، وهو معنى قوله: (أذبَحُك فانظر)، وعلم إبراهيم أن الله تعالى أمره أن يفعل ذاك الفعل، وهذا حق، وفهم أيضًا أنه بمقتضى العادة – إذا فعل ذاك الفعل قُطِعَ عنُقُ ابنِه، وبَانَ رأسُه، ومات، ولم يُرِد الله - عز وجل - هذا، ولا أمر به، ولكنه سبحانه أراد أن يكون الأمر بحيث يفهم إبراهيم منه هذا، ليكون ذلك ابتلاءً، لإبراهيم وابنه، حتى إذا عزما وعَمِلا العمل المرئي في النوم الذي عندهما أنه موجب لموت الابن كان لهما ثوابٌ من قبل تلك النتيجة، وقام بها طاعة لله عز وجل.

فلما أطاعا لذلك، وعمل إبراهيم مثل العمل الذي رآه في نومه، وأخذ بحد الشفرة لتقطع، ويكفها الله - عز وجل - عن القطع، كما كف النار عن الإحراق، ولم يزل إبراهيم يكد الشفرة، ولا تقطع حتى ناداه الله - عز وجل -: {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا}، أيْ: قَد جئتَ بِمصداقِهَا كاملاً، وهو تلك المعالجة، فإنه إياها رأى في نومه، ولم يرد ما يزيد عنها.

فعلى هذا لا نسخ في القصة ألبتة، فإن قيل: ربما يدفع هذا قوله: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}، فإنه إذا لم يَتَوافَر في نفس الأمر إلاَّ بالمعالجة التي وفى بها فقد وفى به؛ فلماذا الفدية؟

قلتُ: كان إبراهيم قد عزم على قطع العنق، وإبانة الرأس، وإماتة ابنه، وإبراهيم[67] قد يعد ذاك العزم بمثابة النذر، ويحز في نفسه أن لا يفي به، وإن لم يكن مأمورًا به فَمِن هنا - والله أعلم - طيَّب الله - عز وجل - نفسَه بالفِدْيَة.

وقد اسْتَنْبَط بَعْضُ الفُقَهَاء مِن الآيَةِ أنَّ مَنْ نَذَر ذَبْحَ ابْنِه كانَ عَليه أن يذبح شاة، ورد بأن إبراهيم نَذَرَ مُبَاحًا في شريعته، وليس بمباح في شريعتنا، والاستنباط لطيف، والرد صحيح.
وقد تعرَّض لهذا المعنى في قصة إبراهيم بعضُ أهل العلم؛ فردَّه بعضهم بتشنيع لا حقيقة له، بل يلزمه مثله أو أشد منه في دعوى النسخ التي ارتكبها، ومَنْ اعتَرَف في المجمَل الذي له ظاهر بجواز تأخر بَيَانِهِ إلى وقت الحاجة لزمه أن يجيز مثل ما قلناه في المسألتين، وأشد منه، ولو لم تظهر حكمه؛ فكيف يأبَاه هنَا مع ظهور الحكمة البالغة، فأمَّا مَن يُنْكر تأخير البيان مُطلَقًا فَالكَلامُ مَعَه مَبسُوط في كتب الأصُول[68].

فإن قِيل: لِمَاذَا لا يَجُوزُ النسخ مع وجود الفائدة للتكليف بأن يكون الله تعالى أمر إبراهيم بذبح ابنه ابتلاءً فلمَّا تبيَّن امتثاله واستعدادُه وعزْمُهُ الصَّارِم على العَمَل نسخه الله تعالى[69]، ونحو هذا يقال في قصة الصلاة؟

قلتُ: أنا لم أخترْ عدَمَ النسخ تفاديًا من النسخ قبل العمل، بل لما في السياق مما يبيِّن عدم النسخ كما مَرَّ.

[1] سورة الفرقان الآية رقم 64.
[2] الحديث أخرجه: مالك في "الموطأ" 1 : 113، كتاب الصلاة، باب الترغيب في الصلاة في رمضان، والبخاري 1 : 113، كتاب الإيمان، باب قيام ليلة القدر من الإيمان، ومسلم 1: 523، كتاب الصلاة، باب الترغيب في قيام رمضان، والنسائي 3 : 201، قيام الليل: باب ثواب مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، وأبو داود 2 : 85، كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، والترمذي 2 : 424، كتاب الصيام، باب الترغيب في قيام رمضان، وأحمد في "المسند" 2: 281، والبيهقي في "الكبرى" 2: 491، وابن خزيمة في "صحيحه" برقم (2203)، وعبدالرزاق في "المصنف" برقم (7719).
[3] الحديث أخرجه: مسلم 1: 523، كتاب المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان، والبغوي في "شرح السنة" 3: 448، كتاب الصيام، باب ثواب مَن صام رمضان.
[4] الحديث أخرجه البخاري 3: 20، كتاب التَّهَجُّد، باب مَن نام عند السَّحَر، ومسلم 2: 816، كتاب الصيام: باب النَّهي عن صوم الدهر، والبغوي في "شرح السُّنَّة" 2: 494، باب قيام وسط الليل.
[5] الحديث أخرجه مسلم 1: 520، كتاب الصلاة، باب مَن خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، والبغوي في "شرح السنة" 2: 494، كتاب الصلاة، باب جميع ساعات الليل وقت للوتر.
[6] الآية رقم (20).
[7] انظر: "تفسير ابن جرير" 29: 215، و"أحكام القرآن" للقُرطبي 14: 544، و"أحكام القرآن" لابن العربي 5: 114.
[8] لحديث عبدالله بن عمر أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى))؛ أخرجه البخاري: 2 : 477، كتاب الوتر، باب ما جاء في الوتر، ومسلم 1 : 516، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل مثنى مثنى، ومالك 1: 123، كتاب الصلاة، باب الأمر في الوتر، والبغوي 2: 483، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر بواحدة.
[9] لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتر بثلاث"؛ أخرجه النسائي 3: 236، كتاب الصلاة، باب ذكر الاختلاف في الوتر، والبغوي 4852، كتاب الصلاة، باب الوتر بثلاث وبخمس وسبع أو أكثر.
[10] أخرجه البخاري 3: 40، كتاب التهجد، باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان وغيره، ومسلم 1: 509، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم، والبغوي 2 : 442، كتاب الصلاة: باب صلاة الليل.
[11] أخرجه البخاري 3: 26، التهجد، باب كيف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسلم 1 : 510، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، وعدد ركعات النبي - صَلَّى الله عليه وسَلَّم.
[12] 1 : 304، وأخرجه البيهقي 3 : 31، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1: 292، والدارقطني 2: 24.
[13] أتعجب مما وقع في "فتح الباري" في باب التراويح "وعن مالك.. وأبي يوسف، وبعض الشافعية: الصلاة في البيوت أفضل عملاً، بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفضل صلاة المرء في بيته إلاَّ المكتوبة))، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة" المؤلف.
[14] سورة المائدة، الآية: رقم 101.
[15] سورة المائدة، الآية: رقم 101.
[16] الحديث أخرجه البخاري، 6: 317، باب: "ما يكره منَ السؤال"، ومسلم 5 : 416، باب توقيره - صلى الله عليه وسلم - وأبو داود 3: 375، باب لُزُوم السُّنَّة.
[17] أخرجه البخاري 3: 115، كتاب الصلاة باب تَحْريض النَّبي - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب.
ومسلم 4: 114، كتاب الصَّلاة، باب: استحباب صلاة الضُّحى.
[18] 4: 414 المؤلف.
[19] انظر: "عُمْدة القَاري" 5: 357، والعيني هو: محمود بن أحمد بن موسى، بدر الدين العيني الحنفي، من كبار المُؤَرِّخينَ وَالمُحَدِّثينَ، وُلِدَ سنة 722هـ، وتوفِّي سنة 855هـ، مِن مُؤَلفاته: "البِناية في شَرْح الهداية"، و"رمز الحقائق"، أخباره في : "شذرات الذهب" 7: 286، و"الضَّوء اللاَّمِع" 10: 131.
[20] (عبدٍ) بالتنوين، و(القاري) مشدَّدة الياء، وبدون إضافة، والقاري: من ولد القارة بن الديش، انظر: "اللُّباب" لابن الأثير 3 : 6، و"التاريخ الكبير" 5/302.
[21] 2: 114، وانظر أيضًا "الطَّبَقات الكُبْرى" 3: 179.
[22] 6: 267، وأخرجه أبو داود 2: 101، كتاب الصلاة، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة.
[23] 1: 237.
[24] محمد بن إبراهيم بن الحارث، الغنوي أبو عبدالله، ثِقَة، له أفراد، أخرج له السِّتَّة، أخباره في: "التاريخ الكبير" 1: 22، و"تهذيب الكمال" 3: 1156.
وقول الإمام أحمد فيه: "في حديثه شيءٌ، يروي أحاديث مناكير أو منكرة"، وعَلَّق المُعَلمي - رحمه الله - على قوله "مناكير" في رسالته "عمارة القبور" ص 191.
"... أقول: وقولهم: "عنده مناكير": ليس نَصًّا، فإنَّ النكارة منه، فقد تكون مِن بعض الرواة عنه، أو بعض مشايخه" وهذا جواب بديع.
[25] ج3: ص 495، المؤلف.
[26] (1/107)، وانظر أيضًا: "أُسْد الغابة" 1: 291، و"الطَّبَقات" 5: 79، و"تجريد أسماء الصَّحابة" 1: 69.
[27] 2: 106، كتاب الصلاة، باب قيام شهر رمضان.
[28] مسلم بن خالد بن فروة، المخزومي المكي، فَقِيه صَدوق، كثير الأوهام، أخرج له أبو داود، وابن ماجه، أخباره في : "التاريخ الكبير" 7/260، و"تهذيب الكمال" 3: 1325.
[29] 3: 193.
[30] النسائي 3: 202، قيام الليل: باب قيام شهر رمضان، و"أبو داود" 1: 50، كتاب الصلاة، باب قيام شهر رمضان، والترمذي 3: 169، كتاب الصيام، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، والبغوي 4: 124، وأبواب النوافل باب قيام شهر رمضان وفضله.
[31] محمد بن نصر بن حجاج المروزي أبو عبدالله، ولد سنة 202هـ، وتوفي 294هـ، من مؤلفاته: "تعظيم قدر الصلاة" و"قيام الليل" و"الوتر"، أخباره في: "تاريخ بغداد" 3: 315، و"الوافي بالوفيات" 5: 111.
وصاحب المختصر: هو: تقي الدين أحمد بن عبدالقادر بن محمد المقريزي، ولد سنة 760هـ، وتوفِّي سنة 854هـ، من مؤلفاته: "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"، و"تاريخ الأقباط"، أخباره في: "شذرات الذهب" 7/254، و"البَدر الطالع" 1: 79.
[32] في الأصل ثلاث كلمات مطموسة.
[33] ولبيان هذا الأصل: انظر: "إعلام الموقعين" 2/ 389، و"المسودة" 191، و"الفتاوى" 26/ 172، و"إجابة السائل" للصنعاني 84.
[34] 3/ 94 المؤلف.
[35] 2/ 83، كتاب: الصلاة، باب: في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل.
[36] 2/ 4.
[37] انظر: "النهاية" لابن الأثير 1/ 106.
[38] ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع الزهري، أبو عبدالله، ولد سنة 168هـ، وتوفي سنة 230هـ. من أعلام المحدثين وثقات المؤرخين، من مؤلفاته "طبقات الصحابة".
أخباره في: "تاريخ بغداد" 5/ 321، و"وفيات الأعيان" 1/ 507.
[39] نوفل بن إياس الهذلي المدني، "من الطبقة الثانية أخرج له الترمذي في "الشمائل"، مقبول.
انظر: "تهذيب الكمال" 3/ 1427، و"تهذيب التهذيب" 10/ 490.
[40] علق ابن عبدالبر – رحمه الله – على قوله - رضي الله عنه -: "نعمت البدعة هي"، بكلام نفيس في "الاستذكار" 5/ 152.
قال - رحمه الله -: "وأما قول عمر: نعمت البدعة في لسان العرب اختراعُ ما لم يكن وابتداؤه، فما كان من ذلك في الدين خلافًا للسنة التي مضى عليها العمل، فتلك بدعة لا خير فيها، وواجب ذمها، والنهي عنها والأمر باجتنابها وهجران مبتدعها إذا تبين له سوء مذهبه، وما كان من بدعة لا تخالف أصل الشريعة والسنة، فتلك نعمت البدعة كما قال عمر؛ لأن أصل ما فعله سنة".
[41] شعبة هو: شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي أبو بسطام، أمير المؤمنين في الحديث، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أخباره في "الطبقات الكبرى" 9/ 39، و"البداية والنهاية" 10/ 132.
[42] أشعث بن سليم بن أبي الشعثاء المحاربي، من السادسة، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أخباره في، "الوافي بالوفيات" 9/ 275، و"الطبقات" 6/ 319.
[43] أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، 2/ 398.
[44] إسحاق بن سوي بن هبيرة العدوي، من الثالثة، أخرج له الستة وأحمد في المسند.
أخباره في: "الوافي بالوفيات" 8/ 414. و"شذرات الذهب" 1/ 181.
[45] أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 351.
[46] سعيد بن جبير بن هشام، أبو محمد الأسدي، من الثالثة، أخرج له الستة، إمام مشهور، أخباره في: "الطبقات" 9/ 81، و"الحلية" 4/ 272.
[47] أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 351.
[48] ابن أبي مليكة هو: عبدالله بن أبي مليكة زهير بن عبدالله التيمي أبوبكر، من الثالثة، أخرج له الستة، ثقة فقيه.
أخباره في: "البقات" 5/ 473، و"التاريخ الكبير" 5/ 137.
[49] أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 298.
[50] يحيى بن وثاب الأسدي المقري، من الرابعة، ثقة عابد، أخباره في: "الطبقات" 6/ 117، و"نسيم الرياض" 1/ 380.
[51] أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 398، وانظر أيضًا "الاستذكار" 5/ 158.
[52] ابن محيريز هو: عبدالله بن محيريز بن جنادة الجمحي المكي، من الثالثة، أخرج له الستة، ثقة عابد، أخباره في: "أسد الغابة" 3/ 378 و"الوافي بالوفيات" 17/ 599.
[53] 1/ 114، وعبدالرزاق في "المصنف" برقم (7723)، وابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 391، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 293.
[54] 1/ 115 المؤلف.
[55] 2/ 495.
[56] القسطلاني هو: أحمد بن محمد بن أبي بكر، أبو عبدالله القتيبي المصري، ولد سنة 851هـ، وتوفي سنة 923هـ، مولده ووفاته في القاهرة، ومن علماء الحديث فيها، من مؤلفاته: "المواهب اللدنية في المنح المحمدية"، و"مشارق الأنوار المضيئة"، أخباره في: "البدر الطالع" 1/ 102، و"الضوء اللامع" 2/ 103.
[57] انظر: "إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري" 4/ 437.
[58] ص 96.
[59] 4/ 414.
[60] "في" في الأصل مكررة.
[61] إسحاق بن منصور بن بهرام المروزي، من الحادية عشرة، أخرج له الستة، ثقة ثبت.
أخباره في: "التاريخ الكبير" 1/ 404، و"تذكرة الحفاظ" 2/ 524.
[62] الزعفراني هو: الحسن بن محمد بن الصباح البزار البغدادي، لم يكن في وقته أفصح منه ولا أبصر باللغة، أخباره في: "تاريخ بغداد" 7/ 407، و"وفيات الأعيان" 2/ 73.
[63] 5/ 414.
[64] الخطابي هو: أحمد بن محمد بن إبراهيم البستي، أبو سليمان، ولد سنة 319هـ، وتوفي سنة 388هـ، محدث فقيه، ولغوي بارع، من مؤلفاته: "معالم السنن"، و"غريب الحديث"، أخباره في: "وفيات الأعيان" 1/ 166، و"يتيمة الدهر" 4/ 231.
[65] السهيلي هو: عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد أبو القاسم، من الأئمة الحفاظ، والمؤرخين الثقات، من مؤلفاته: "نتائج الفكر في النحو"، و"الفرائض"، أخباره في: "وفيات الأعيان" 2/ 223، و"الديباج المذهَّب" 205.
[66] مفهوم العدد هو: تعليق الحكم بعدد مخصوص، نحو قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4]، انظر: "المسودة" لآل تيمية 346، و"جمع الجوامع" لابن السبكي 1/ 240، و"إجابة السائل" للصنعاني 1/ 24، و"شرح اللمع" للشيرازي 1/ 424.
[67] "إبراهيم" في الأصل مكررة.
[68] انظر: "روضة الناظر" 2/ 57، و"شرح الكوكب المنير" 3/ 455، و"قواعد الأصول" 45، و"المسودة" 181.
[69] هذه المسألة، وهي نسخ الأمر قبل التمكن من فعله، وقع فيها الخلاف بين أهل السنة والمعتزلة:
فقال أهل السنة: "نسخ العبادة قبل التمكن من فعلها جائز"، انظر: "الفتاوى" 14/ 145، و"روضة الناظر" 1/ 75.
وقالت المعتزلة: "نسخ الشيء قبل وقته، فغير جائز عند شيوخنا المتكلمين"، انظر: "المعتمد" 1/ 376، و"البرهان" 2/ 1304.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دعاء القنوت في الوتر
  • ماذا تعلمنا من رمضان؟ (1)
  • تذكرة بشأن القيام عامة ورمضان خاصة
  • كيف تقوم رمضان وأنت فرح مسرور؟
  • تهجد النبي صلى الله عليه وسلم
  • لماذا نستثقل صلاة القيام؟!
  • شياطين رمضان الموثقة والمطلقة
  • في قيام رمضان
  • قيام رمضان
  • إني لأجد ريح رمضان
  • فضل قيام رمضان
  • الخلاف في المفاضلة بين البيت والمسجد في قيام رمضان
  • الإخلاص في الأذكار بعد الصلاة وقيام رمضان وليلة القدر
  • الخلاف في الأفضل في مكان قيام رمضان
  • لا حد في عدد قيام رمضان
  • فضيلة قيام رمضان جماعة
  • قيام رمضان

مختارات من الشبكة

  • صيام التطوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الصيام: صيام ستة أيام من شوال بعد صيام شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أجوبة مختصرة حول أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام متفرقة في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام الأحد والاثنين والخميس والجمعة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام السبت(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام أيام البيض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل صيام الست من شوال: صيام الدهر كله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صيام الجوارح صيام لا ينتهي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب