• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 7 / 7 / 1434هـ - تحكيم شرع الله

الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/1/2014 ميلادي - 29/3/1435 هجري

الزيارات: 21856

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحكيم شرع الله


ألقى فضيلة الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "وجوب تحكيم شرع الله"، والتي تحدَّث فيها حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي فيه التحذير من أمورٍ خمسة، من أبرزها: الحكم بغير ما أنزل الله، وأن الفقر والبأس بين المسلمين من جرَّاء ذلك، وحثَّ على الالتزام بشرع الله وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففيهما النجاح والفلاح.


الخطبة الأولى

الحمد لله عظي الشَّان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الرحيمُ الرحمن، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه سيدُ ولد عدنان، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِهِ إلى يوم الدين.


أما بعد، فيا أيها المُسلمون:

أُوصيكم ونفسي بتقوى الله - جل وعلا -، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


أيها المسلمون:

حديثٌ عظيمٌ من النبي الكريم - عليه أفضل الصلاة والتسليم -، حديثٌ فيه التحذيرُ الأكيد، والزَّجرُ الشديد من أسباب الفساد في البلاد والعباد.


عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: أقبلَ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا معشر المُهاجِرين! خمسُ خِصالٍ إذا ابتُليتُم بهنَّ - وأعوذُ بالله أن تُدرِكوهنَّ -: لم تظهر الفاحِشةُ في قومٍ قطُّ حتى يُعلِنوا بها إلا فشَا فيهم الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تكن مضَت في أسلافِهم الذين مضَوا، ولم ينقُصوا المِكيالَ والميزانَ إلا أُخِذُوا بالسِّنين وشدَّة المؤونة وجَور السُّلطان، ولم يمنَعوا زكاةَ أموالهم إلا مُنِعوا القطرَ من السماء ولولا البهائِمُ لم يُمطَروا، ولم ينقُضوا عهدَ الله وعهدَ رسُولِه إلا سلَّطَ الله عليهم عدوًّا غيرَهم، فأخذَ بعضَ ما في أيديهم، وما لم تحكُم أئمَّتُهم بكتابِ الله ويتخيَّروا مما أنزلَ الله إلا جعل الله بأسَهم بينهم»؛ أخرجه ابن ماجه وغيره،وصحَّحه الحاكم ووافقَه الذهبي، وصحَّحه جمعٌ من أهل العلم.


حديثٌ يُبيِّنُ للأمة أن أصلَ الفساد: البُعد عن المنهَج الإلهيِّ، والانحراف عن المسلَك النبويِّ، ولا غرْوَ فالمعاصِي والسيئات أساسُ كل بلاءٍ وشرٍّ، ومجلَبَةُ كل بأساءٍ وضرَّاء، ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].


وإن أحوالَ المسلمين المُزرِيَة اليوم لتُوقِفَنا أمام هذا الحديث في وقفاتٍ ثلاث:

الأولى: أن نعلمَ أن أسبابَ انتِشار الأوبِئَة الفتَّاكة، ووقوع الأدواء الغريبة، سببُ ذلك: كثرةُ الخبَث، وانتِشارُ الخَنا، وكثرةُ الفواحِش من الزِّنا واللِّواطِ والسِّحاق، وانتِشارُ وسائلِها والدعوة إليها عن طريق وسائل الإعلام المُتنوِّعة.


يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ما من قومٍ يُعملُ فيهم بالمعاصِي هم أكثرُ وأعزُّ ممن يعملُ بها ثم لا يُغيِّرُونَه، إلا يُوشِكُ أن يعمَّهم الله بعقابٍ»؛ حسَّنَه أهل العلم.


وفي الحديث الآخر: «لا تزالُ أمَّتي بخيرٍ ما لم يفشُ فيهم ولدُ الزِّنا، فإذا فشَا فيهم ولدُ الزِّنا فيُوشِكُ أن يعمَّهم الله بعقابٍ». قال ابن حجر: إسناده حسنٌ، والمرادُ: انتشارُ الزِّنا.


وقد جاء في رواية ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذا الحديث العظيم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ولا ظهرَت فيهم الفاحِشةُ إلا فشَا فيهم الموتُ»؛ حسَّنَه جمعٌ من المُحقِّقين.


الوقفةُ الثانيةُ: أن أكلَ المال الحرام والتهاوُن في هذا الباب بأكل الأموال بالباطل، وذلك لا يقتصِرُ على التطفيف في المِكيال؛ بل ينتظِمُ التعامُلات الماليَّة، وأنه يجبُ أن تُبنَى على العدل والحق فلا وكَسَ ولا شطَطَ، ولا بخسَ ولا نقصَ، ولا غِشَّ ولا خِداعَ، ولا تلاعُبَ ولا تغريرَ، بأي صورةٍ كانت، وعلى أي شكلٍ من الأشكال، ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 188].


وإن من أشدِّ أنواع التطفيف التي يتحقَّقُ من جرَّائِها هذه المصائِب، إن من أشدِّ ذلك: الوُلوجَ في أكل الأموال العامة، واستِغلال النفوذ بنَهب أموال بيت المُسلمين، واستِعمالَ الوظائِف للتربُّح غير المشروع، ناهِيكَ عن الرِّشوةِ بشتَّى أشكالِها.


فكل ذلك إذا انتشرَ في أرض المُسلمين فهو من أسباب ظهور الفساد، ومن بواعِث البلايا والمِحَن ليس على الفرد العاصِي، وغنما على المُجتمع ككُلٍّ.


فمتى انحرفَ الناسُ عن أحكام الإسلام في كسْبِ المال، وعن نظام القُرآن والسنَّة في ذلك حلَّ بهم الضَّنْكُ في العيش، وحصلَ لهم الضَّررُ بشتَّى أنواعِه؛ من غَور المياه وقلَّة الأمطار، وكثرة موجات الغُبار، مع نقصٍ في البرَكات، وغلاءٍ في الأسعار، وانتِشارٍ للفقر، ناهِيكَ عن انتِشار الظُّلم في أرض المُسلمين، ووقوع الجَوْر والحَيْف. والجزاءُ من جنسِ العمل.


ومتى استقامَ الناسُ في تعامُلاتهم الماليَّة على ما شرعَه الله ورسولُه - صلى الله عليه وسلم - جعلَ الله لهم من كل ضيقٍ مخرَجًا، ورزقَهم من حيث لا يحتسِبُون، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].


وبهذا المُناسَبة؛ فإنه في مثلِ هذه المواسِم يكثُر من بعضِ المُزارِعين بيعَ الثِّمار قبل بُدُوّ صلاحها، وذلك وقوعٌ فيما نهَى عنه سيِّدُنا وحبيبُنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - الذي نهَى عن بيع الثِّمار حتى يبدُوَ صلاحُها، وفي النَّخلِ أن يبدُوَ احمِرارُها أو اصفِرارُها، ويَطيبَ أكلُها.


الوقفةُ الثالثة: أن واجبَ الدولة الإسلامية: تطبيقُ أحكام الوحيَيْن في الشؤون كلِّها، وفي مناهِج الحياة جميعِها، وأن يجعلَ الناسُ أحكامَ الإسلام دستُورَهم في كل دقيقٍ وجليلٍ، فحينئذٍ سيعُمُّهم الأمنُ والأمانُ، والاستِقرارُ والرَّخاءُ، والعيشُ الرَّغيدُ، والحياةُ الهنيئةُ، وبمِقدار ما ينحرِفون عن منهَج الشريعة تحُلُّ بهم النَّكَبات، وتحصُلُ لهم المصائِبُ والأزَماتُ، يقول - جل وعلا -: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].


إن البلاد الإسلامية حينما تَحيدُ عن تطبيق شريعة الإسلام كُلاًّ أو بعضًا يُصيبُها النقصُ، وتدبُّ إليها الشُّرور والفتن، وما عاشَتْه وتعيشُه بُلدانٌ إسلاميَّةٌ من فتنٍ أليمةٍ هلَكَ فيها الحرثُ والنَّسْلُ، وسُفِك فيها الدماء، وهُتِكَت الأعراض، واختلَّ الأمنُ، وحلَّت العاقبةُ السيئة بنظام الحُكم الحائِد عن منهَج الإسلام، كل ذلك بسبب تحكيم القوانين الوضعيَّة، والحُكم بغير ما أنزلَ الله.


حتى عمَّ الظُّلمُ في الأرض، وفشَا في العباد، وكثُر الفساد فطغَا، فدبَّ حينئذٍ بين الحاكِم والمحكومِ التباغُض، واتَّسَعت الهُوَّة، وفقَدَ الناسُ مفهومَ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: «خيارُ أئمَّتِكم: الذين تُحبُّونهم ويُحبُّونَكم، وتدعُون لهم ويدعُون لكم، وشِرارُ أئمَّتِكم: الذين تُبغِضُونَهم ويُبغِضُونَكم، وتلعَنونَهم ويلعَنونَكم». فالشرعُ وتطبيقُه هو سبيلُ الأمان.


فيا أيها العُقلاء في كل بلدٍ إسلاميٍّ حلَّت به ثورةٌ من الثورات، ثم انقلَبَ نظامُ الحُكم! ليُبنَى حُكمُكم على الكتاب وعلى سُنَّة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلا فإنَّكم لم تُغيِّروا ولن تُغيِّروا فسادًا، ولن تُحقِّقُوا إصلاحًا.


فإنه بدُون تطبيق شرع الله يعُمُّ من الشُّرور ما لا نهايةَ له، ويلُّ بالعباد من المصائِب ما لا حدَّ له، وأساسُ هذا الكلام أن يجعل الله حينئذٍ بأسَكم بينَكم، كما بيَّنه هذا الحديثُ العظيمُ: «وما لم تحكُم أئمَّتُهم بكتابِ الله ويتخيَّروا مما أنزلَ الله إلا جعل الله بأسَهم بينهم»، وفي حديثٍ آخر: «وما حكَموا بغير ما أنزلَ الله إلا فشَا فيهم الفقرُ».


عقوبتان واقِعتان: حلول الفقر والبَطالَة والمصائِب الماليَّة، وحلول البأس بين المُسلمين كل ذلك - أيها المؤمنون - هو بسبب البُعد عن منهَج القرآن.


لماذا - أيها المسلمون - لا تُحكِّموا كتابَ الله؟ لماذا لا تلتزِموا بسُنَّة نبيِّكم - عليه أفضل الصلاة والسلام؟

ألم يأخُذ عليكم العهد أن تلتزِموا بكتابِه، وأن تهتدُوا بسُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -؟! فلِمَ تُغرِّدون يمينًا وشِمالاً؟! فإنكم بذلك ستُحقِّقون لبلادِكم من الكوارِث والشُّرور والفساد ما اللهُ به عليمٌ.


فعليكم ثم عليكم الأخذُ بكتابِ الله وسُنَّة رسولِه - صلى الله عليه وسلم - تسلَموا وتغنَموا.


يا أبناء هذا الدين:

بالإسلام تتَّفِقُ كلمتُكم، وتعلُو شوكتُكم، وتسعَدُ حياتُكم، ويهنأُ عيشُكم. وبالبُعد عنه وعن تحكيمِه تُصبِحون مُشتَّتين تتنافَرُ ولاءاتُكم، وتختلفُ سياساتُكم، وتتعارَضُ مصالِحُكم، ويدُبُّ إليكم التنازُع والتدابُر، والتباغُض والتشاحُن، ثم التقاتُل والتناحُر، على حدِّ قول القائل:

يتقاتَلون على بقايا تمرةٍ
فخناجِرٌ مرفوعةٌ وحِرابُ

 

كفى - يا أهل الإسلام - خِلافٌ وتنازعٌ والقرآن يُتلَى. كفَى تقاطعٌ وتقاتُلٌ وسُنَّة المعصُوم واضِحة المعالِم لديكم، ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]، ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].


أما أنتُم، فيا أهل البلاد الذين منَّ الله عليهم بتحكيم الإسلام وبشرع رسولِ الله - عليه أفضل الصلاة والسلام -، التزشموا بهذه النِّعمة، اشكُروا الله على هذه النعمة، لا تَحيدُوا يمنةً ولا يسارًا عن هذا المنهَج العظيم؛ فإن الله لم يكُ مُغيِّرًا نعمةً حتى يُغيِّرُوا ما بأنفُسِهم.


بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعَنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول هذا القول، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

أحمدُ ربي وأشكرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه.


أيها المسلمون:

مما لا خلافَ فيه بين الخُبراء في العالَم: أن بلادَ المُسلمين أغنَى بلاد الدنيا في خيراتِها وثرواتِها الظاهرة والباطِنة، وفي موقعِها المُتميِّز، ومع هذا فكثيرٌ منها - أي: من هذه البلاد الإسلامية - في عِداد الدول الفقيرة، ناهِيكَ عن شُيُوع الفقر والبَطَالَة في بلاد المُسلمين، والتقاريرُ تُؤكِّد على أن كثيرًا من المُسلمين يعيشُون تحت خطّ الفقر.


إذًا فلماذا هذا كلُّه؟!

إن هذا ناتِجٌ عن أسبابٍ ترجِعُ في جُملتها إلى تنحِيَة حُكم الإسلام الذي نزلَ به القرآنُ منهجًا مُتكامِلاً، قال - صلى الله عليه وسلم -: «وما لم تحكُم أئمَّتُهم بما أنزلَ الله إلا فشَا فيهم الفقرُ».


وليعلَم الذين يُنادُون بدخول مبادئ الاقتِصاد الغربيِّ - الذي يُخالِفُ منهجَ القُرآن - في اقتِصاد الإسلام، أنهم يقُودون المُسلمين إلى هاوِيةٍ عظيمةٍ من الشُّرور والبلايا والفقر والمصائِب، لا يعلمُ بعاقبتِها إلا الله - جل وعلا -.


إن من البلاء الكبير والشرِّ المُستطير: ما بُلِيَت به الأمةُ منذ عقودٍ من أقوامٍ انبَهَروا بالحضاراتِ الزَّائِفَة، فأصبَحوا يطعَنون في بعضِ أحكام الإسلام، وآخرُون يرَونَه نظامَ عباداتٍ فقط لا نظامَ تشريعٍ ومنهَج حياة. فأولئك بهم الأمةُ ضعُفَت وذلَّت وخسِرَت، وبهم تقهقَرَت وأصبحَت خلفَ الرُّكبان.


فلا بُدَّ من مُحاربَة أفكار هؤلاء، لا بُدَّ من التعاوُن من جميع المُسلمين على الأخذ بأيديهم، وتطبيق أحكام الإسلام فيهم حتى تنجُو الأمةُ وتسلَم.


ثم إن لله - جل وعلا - أمرَنا بالصلاةِ والتسليم على النبي الكريم، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ.


اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المُسلمين بتطبيق الإسلام، اللهم أصلِح أحوالَنا بالالتِزام بسُنَّة سيِّد ولد عدنان - عليه أفضل الصلاة والسلام -، اللهم أقِرَّ أعيُنَنا بتحكيم الإسلام في كل بلاد المُسلمين، اللهم أقِرَّ أعيُنَنا بتطبيق أحكام الإسلام في جميع ديار المُسلمين.


اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم نسألُك بقوَّتك أن تكفِيَهم شِرارَهم، اللهم اكفِهم شِرارَهم، اللهم اكفِهم شِرارَهم، اللهم لا تجعل للفُجَّار عليهم ولايةً، اللهم لا تجعل للفُجَّار عليهم ولايةً، اللهم لا تجعل للفُجَّار والأشرار على المُسلمين ولايةً يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.


اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبُّه وترضَاه، اللهم اجعَله هادِيًا مهديًّا، اللهم خُذ به على أيدي السُّفهاء، اللهم اجعَله شوكةً على من فيه شرٌّ على الإسلام والمُسلمين يا حي يا قيوم.


اللهم اغفر لنا وللمسلمين والمسلمات، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.


اللهم آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار.


عباد الله:

اذكُروا اللهَ ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة المسجد النبوي 14 / 8 / 1429ﻫـ
  • هل من تطبيق لشرع الله؟
  • التحاكم لغير شرع الله
  • شرع الله رحمة وشرع البشر عذاب

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 7 / 11 / 1434 هـ - خلق الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 30 / 10 / 1434 هـ - الاستعداد للموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 23 / 10 / 1434 هـ - عبودية الكائنات لله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 16 / 10 /1434 هـ - الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 9 / 10 / 1434 هـ - أهمية الدعاء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب