• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد الحرام
علامة باركود

خطبة المسجد الحرام 9 / 6 / 1434هـ - الزلازل .. آيات وعبر وأحكام

الشيخ سعود الشريم


تاريخ الإضافة: 24/1/2014 ميلادي - 22/3/1435 هجري

الزيارات: 47458

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الزلازل .. آيات وعبر وأحكام

 

ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الزلازل .. آيات وعبر وأحكام"، والتي تحدَّث فيها عن الزلازل وأنها آيةٌ من آيات الله - سبحانه -، وبيَّن أنه يجبُ الاعتبار والاتِّعاظ من هذه الآيات التي يُخوِّفُ الله بها عبادَه، وردَّ على من زعمَ أن هذه الآيات طبيعية مادِّيَّة بحتَة دونَما التفكُّر فيها والإيمان بأنها لحكمة.

 

الخطبة الأولى

الحمد لله العليم القدير، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، خلق كل شيءٍ فقدَّرَه تقديرًا، أحاطَ بكل شيءٍ علمًا، وأحصَى كل شيءٍ عددًا، ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله، وصفيُّه وخليلُه، وخيرتُه من خلقه، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمة، وتركَنا على المحجَّة البيضاء ليلُها كنهارها لا يزيغُ عنها إلا هالِك، فصلواتُ الله وسلامُه عليه، وعلى آل بيتِه الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المُؤمنين، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله -، ﴿ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].


عباد الله:

للناس في حياتهم مدٌّ وجزرٌ، وخوفٌ ورجاءٌ، وإعطاءٌ وأخذٌ، وقوةٌ وضعفٌ، وهم مع ذلك كلِّه إما راجُون خيرًا ونعمة، أو خائِفون شرًّا ونقمة، وخوفُهم ورجاؤُهم مُتعلِّقٌ بدينهم وأنفسِهم وعقولِهم وأموالِهم وأعراضِهم؛ فهم يرجُون الهداية ويخافون الغواية، ويرجُون حياةَ النفس ويخافون مواتَها بغير حقٍّ، ويرجُون سلامةَ العقل الحسِّيِّ والمعنويِّ ويخافون خللَه حسًّا ومعنًى، وقولوا مثلَ ذلكم في أموالِهم وأعراضِهم.


وهم في نظرتهم لسُنن خالقهم الكونية يرجُون المطرَ المُحيِي ويُخافون المطرَ المُحرِق، ويرجُون الرياحَ المُبشِّرات ويخافون الرِّيحَ المُنذِرة.


ولعُقلاء الناس إدراكٌ لبعض حِكَم تدبير الخالق في كونِه، وما يُرسِلُه من الآيات بين الفَيْنة والأخرى؛ إذ لديهم من الحسِّ والإيمان بالبارِي - سبحانه -، وتذكُّرهم بأيام الله وقد خلَت من قبلهم المثُلات ما يجعلُهم شاخِصِي الأبصار، اعتبارًا بآيات الله وسُننه الكونية، وتتجدَّدُ في أذهانِهم لحظاتُ التصديقِ للنبوءَات التي تحدَّث بها الصادقُ المصدوقُ - صلوات الله وسلامه عليه - عما يكونُ من سُنن في أعقاب الزمن.


فكان مما جاء به وحيًا في الكتاب والسنة عن آيةٍ من آيات الله - جلَّ شأنُه -، ألا وهي: الزلازل.


فقد أقسمَ الله في كتابه بقوله: ﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ﴾ [الطارق: 11- 14]، وقال - سبحانه -: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا ... الآية [الأنعام: 65].


والعذابُ الذي من تحت الأرجُل هو الخسفُ والزلازلُ، كما قال ذلك المُفسِّرون.


وقد أخرج البخاري في "صحيحه" أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقومُ الساعةُ حتى يُقبَضَ العلمُ، وتكثُر الزلازِلُ، ويتقارَبُ الزمانُ ..» الحديث.


والزلزلةُ - عباد الله - لم تقَع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما سمِعوا بها في كتاب الله وسُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، فآمَنوا بها، وصدَّقوا أنها آيةٌ من آيات الله، يُرسِلُها الله على من يشاءُ من عباده.


وكثرتُها في زماننا هذا هو من الإعجاز الغيبيِّ والعلميِّ في سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث ذكرَ كثرتَها في آخر الزمان.


وقد أقسم الله - سبحانه - بالأرض ذات الصَّدع، ولم يكُ هذا الصَّدعُ معلومًا أربعة عشر قرنًا من الزمان، حتى اكتُشِفَ جيولوجيًّا في القرن الماضي، فوجدَ العلماءُ صدعًا ضخمًا في باطنِ الأرض في قاع المُحيط، وأن مُعظمَ الزلازِلِ في العالمِ تتركَّزُ في هذا الصَّدع.


فدلَّ قسمُ الباري بالأرض ذات الصَّدع على الإعجاز؛ ليستَبينَ المُلحِدون سبيلَهم المُنحرِف، وأن ما اكتشَفُوه قد ذكرَه الله قبلَهم بأربعة عشر قرنًا من الزمن، وأن ما يأتي به النبي الأُمِّي إنما هو وحيٌ يُوحَى، لا نُطقٌ عن الهوَى، ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158].


إن أولَ ما شُوهِدَت الزلزلةُ في الإسلام في عهد الفاروق - رضي الله عنه -؛ فعن صفيَّة بنت أبي عُبيد قالت: زُلزِلَت الأرضُ على عهد عُمر حتى اصطفَقَت السُّرُر، فخطبَ عُمرُ الناسَ فقال: "أحدَثتُم، لقد عجَّلتُم، لئن عادَت لأخرُجنَّ من بين أظهُركم". وفي روايةٍ قال: "ما كانت هذه الزلزلةُ إلا عند شيءٍ أحدَثتُموه، والذي نفسِي بيدِه؛ إن عادَت لا أُساكِنُكم فيها أبدًا"؛ رواه ابن أبي شيبة.


عباد الله:

إن الزلازِل آياتٌ من آيات الله، يُجرِيها في أرضِه لحكمةٍ بالغةٍ، وله - سبحانه - الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ، ويخلقُ ما يشاءُ ويختارُ، وهو - سبحانه - رحيمٌ بعبادِه، ورحمتُه سبقَت غضبَه؛ بل إنها وسِعَت كلَّ شيءٍ. غيرَ أن ذلك لا يعنِي الاتِّكالَ على ثوابِه - سبحانه - والغفلةَ عن عقابِه، ولا يعنِي الاتِّكالَ على رحمتِه وتجاهُلَ غضبِه، ولا الاتِّكالَ على عفوِه وتغافُل مكرِه - سبحانه -.


﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 97- 99].


قال الحسنُ البصريُّ - رحمه الله -: "المؤمنُ يعملُ بالطاعات وهو مُشفقٌ وجِلٌ، والفاجِرُ يعمل بالمعاصِي وهو آمِن". وهذا هو الذي يأمَنُ مكرَ الله - عباد الله -.


وقد ذكرَ أئمةُ الدينِ أن الزلازِلَ من الآياتِ التي يُخوِّفُ اللهُ بها عبادَه، كما يُخوِّفُهم بالكُسُوفِ وغيرِه؛ ليُدرِكوا ما هم عليه من نعمةِ سُكون الأرض ورُسُوِّها واستِقرارها للحيوان والنبات والمتاع والمسكَن، وأن ما يحصُلُ فيها من خسفٍ وزلزلةٍ واختِلالٍ إنما هو ابتلاءٌ وامتِحانٌ أو عقوبةٌ وإنذار، كما رُجِفَ بثمود وخُسِف بقارون.


قال الحافظ ابن حجر: "لما كان هَبُوبُ الرياح الشديدة يُوجِبُ التخويفَ المُفضِي إلى الخُشوع والإنابَة كانت الزلزلةُ ونحوُها من الآيات أولَى بذلك، لا سيَّما وقد نصَّ الخبرُ أن كثرةَ الزلازلِ من أشراط الساعة".


إنه لما رجَفَت الأرضُ بالكُوفة زمنَ ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: "أيها الناس! إن ربَّكم يستعتِبُكم فأعتِبُوه"؛ أي: فاقبَلُوا عتبَه، "وتوبوا إليه قبل ألا يُبالِيَ في أي وادٍ هلكتُم".


وكتبَ عُمرُ بن عبد العزيز في زلزلةٍ كانت بالشَّام أن: "اخرُجوا، ومن استطاعَ منكم أن يُخرِجَ صدقةً فليفعَل؛ فإن الله تعالى يقول: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى *وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ [الأعلى: 14، 15]".


ولذا - عباد الله - كان من هديِ الإسلام: الاعتبارُ بالزلازل، وأن المرءَ المُسلمَ مُطالَبٌ بأن يفعلَ من أسباب الخير الظاهِرة ما يجلِبُ الله به الخيرَ، ويدَعَ من أسباب الشرِّ الظاهرة ما يدفعُ الله به الشَّر.


ومن ذلك: التوبةُ والاستغفارُ والصدقةُ، والصلاةُ تُشرعُ لها عند بعضِ أهل العلم دون الجماعة؛ فقد "صلَّى ابنُ عباسٍ - رضي الله عنهما - للزلزلةِ بالبصرة"؛ رواه البيهقي بسندٍ صحيحٍ.


قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمتِي هذه أمةٌ مرحومةٌ، ليس عليها عذابٌ في الآخرة، عذابُها في الدنيا الفتنُ والزلازلُ والقتلُ»؛ رواه أحمد وأبو داود بسندٍ حسنٍ.


والمقصودُ: ليس عليها عذابٌ في الآخرة بمجموعِها كأمَّةٍ، بخلافِ أفرادِها.


ألا فاتقوا الله - عباد الله -، والتمِسُوا رحمتَه وعفوَه، واتقوا غضبَه؛ فإن الله يُمهِلُ ولا يُهمِلُ، ويُملِي للظالِمِ حتى إذا أخذَه لم يُفلِتْهُ، ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117].


فاستمسِكوا بصلاح النفوسِ والمُجتمعات وإصلاحِها؛ فإن الله نفَى إهلاكَ القُرى إذا تحقَّقَ فيها الإصلاحُ الصادقُ المُشفِقُ، فمن مُوجِبات الهلاكِ ردُّ النُّصحِ، وإهمالُ الإصلاح. فما خُسِف بقارون إلا بعد أن قِيلَ له: ﴿ لَا تَفْرَحْ ﴾ [القصص: 76]، فاستكبَر، وما أخذَت الرجفةُ ثمود إلا لما كرِهوا النُّصحَ.


وقد حذَّر الله الأُمم بقولِه: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ [هود: 102، 103].


باركَ الله ولكم في الكتاب والسُّنَّة، ونفعَني وإياكم بما فيهما من الآياتِ والذكرِ والحكمة، وأقولُ قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المُؤمنين والمُؤمنات من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفِروه وتوبوا إليه، إن ربي كان غفَّارًا.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقه وامتِنانه.


وبعد:

فإن من سُنن الله: أن تُخوَّفَ أُممٌ بالحُروب، وأُخرى بقِلَّة الأمنِ، وثالثةٌ بالنَّقصِ في الأموالِ والأنفُسِ والثَّمَرات، ورابعةٌ بالفِتَن والزلازِلِ ونحوِها.


والنتيجةُ المُحصَّلةُ - عباد الله -: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155- 157].


فهنا - سبحانه - قد ذكرَ أن الابتلاءَ والتخويفَ قد أثمرَا نتيجةً مع المُخوَّفِ بهما، فتذكَّرَ ورجعَ إلى الله، فحقَّت له الهِداية، ولا يُستثنَى عصرٌ ولا مِصرٌ من التخويفِ، فقد كسَفَت الشمسُ في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرِ العُهود والقُرون، وذكرَ أن الله - سبحانه وتعالى - يُخوِّفُ بها عبادَه.


ألا وإن من الخلَلِ في التفكيرِ والقُصُور في العلمِ والإيمانِ بالله: أن تُقصَر الزلازِلُ على سببٍ طبَعيٍّ جيولوجيٍّ بحتٍ، لا حكمةَ فيه ولا ثمرة، أو أنه لا مجالَ للإيمانيات والرِّقاقِ فيها؛ بَلْهَ من يسخرُ بكل مُذكِّرٍ بآيات الله وسُننه الكونية، ووصفِه بالتخلُّفِ وإقحامِ الدين في كل شيءٍ، وأن الزلازِل قد عُرِفَ سببُها الظاهرُ؛ فكيف تكونُ عقوبةً أو ابتلاءً وامتِحانًا؟!


ولأجلِ أن نُدرِك أيَّ الفهمَيْن أقربَ إلى هُدى الله - جل وعلا -؛ فقد ثبَت في "الصحيحين" عن زيد بن خالد الجُهنيِّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بأصحابِه صلاةَ الصُّبْح بالحُديبية على أثر سماءٍ كانت من الليل - أي: مُمطِرة -، ثم قال:

«أتدرُون ماذا قال ربُّكم؟ قال: أصبَح من عبادِي مؤمنٌ بي وكافرٌ؛ فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مُؤمنٌ بي، كافرٌ بالكوكَب، وأما من قال: مُطِرنا بنَوْءِ كذا ونَوْءِ كذا فذلك كافرٌ بي، مُؤمنٌ بالكوكَب».


فإذا كان هذا في المطَر الذي هو من سُنن الله الكونيَّة والذي شُرِع الاستِسقاءُ من أجلِه وقد عُرِف سببُه الظاهِر، ومع ذلك وُجِد من يحصُرُه في نطاقِ تفسيرٍ مادِّيٍّ صِرفٍ، ولا يسمَحُ عقلُه العَطِن أن يجعلَ للاعتبار والثوابِ والعقابِ والابتلاءِ أثرًا به.


ولا عجَبَ - عباد الله -؛ فقد قال الله - سبحانه -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 96، 97]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59].


هذا وصلُّوا - رحمكم الله - على خيرِ البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، صاحبِ الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بذلك في قولِه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّك وعبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائِه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابةِ نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم انصُر إخواننا المُستضعَفين في دينِهم في سائر الأوطان، اللهم انصُرهم على عدوِّك وعدوِّهم، اللهم انصُرهم على من ظلمَهم، اللهم عجِّل لهم بالنصر والفرَج يا ذا الجلال والإكرام، اللهم انصُر إخواننا في بورما، وفي فلسطين، وفي سُوريا على عدوِّك وعدوِّهم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اجعَل شأنَ عدوِّهم في سِفال، وأمرَه في وَبال يا حي يا قيوم.

اللهم ادفَع عنا الغلا والوبَا والرِّبا والزلازِل والمِحَن، وسوءَ الفتن ما ظهرَ منها وما بطَن عن بلدنا هذا خاصَّةً وعن سائر بلاد المسلمين عامَّةً يا رب العالمين، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلِح له بِطانتَه يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعَلنا من القانِطين، اللهم أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعَلنا من القانِطين، اللهم أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعَلنا من القانِطين، اللهم إنا خلقٌ من خلقِك، فلا تمنَع عنَّا بذنُوبِنا فضلَك.


﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].


سبحان ربِّنا رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد الحرام 21/5/1433 هـ - التحذير من أكل المال الحرام(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • التعريف بالبلد الحرام(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة المسجد الحرام 13 / 12 / 1434 هـ - وصايا للحجاج في ختام الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 28 / 11 / 1434 هـ - أخلاقنا في الحروب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 21 / 11 / 1434 هـ - مظاهر العبودية لله في الحج(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • خطبة المسجد الحرام 14 / 11 / 1434 هـ - الفهم والإدراك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 7 / 11 / 1434 هـ - حسن التصرف والوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 16 / 10 /1434 هـ - أهمية الوحدة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 17 / 9 / 1434 هـ - الشكر وفضل الشاكرين(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب