• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 9 / 6 / 1434هـ - فضل التوحيد

الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/1/2014 ميلادي - 22/3/1435 هجري

الزيارات: 173325

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل التوحيد


ألقى فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "فضل التوحيد"، والتي تحدَّث فيها عن التوحيد وفضائلِه الكثيرة من الكتاب والسنة؛ إذ هو منَّةٌ من الله، يهَبُها لمن يشاءُ من عباده، ومن شُكر هذه النعمة: إيصالُه إلى الناس وتعليمُهم إياه، ومن وسائل الثبات عليه: الالتِجاءُ إلى الله بالثبات عليه حتى الممات.


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى؛ فتقوى الله طريقُ الهُدى، ومُخالفتُها سبيلُ الشَّقا.


أيها المسلمون:

تفرَّد الله بالوحدانية ونزَّه نفسَه - سبحانه - عن الشَّريك والمَثيل والنَّظير، وأمرَ عبادَه أن يعبُدوه وحدَه ونوَّع لهم العبادات، وجعلَ إفرادَه بالعبادة أصلَ الدين وأساسَه وأوَّلَ أركانه، وهو جِماعُ الخير ولا تُقبلُ حسنةٌ إلا به، والعملُ القليلُ معه مُضاعَفٌ، وبدونِه الأعمالُ الصالِحةُ حابِطةٌ وإن كانت أمثالَ الجبال.


وهو أولُ دعوة الرُّسُل وخُلاصتُها، ومن أجلِه بُعِثوا، قال - سبحانه -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25].


وكل آيةٍ في كتاب الله صريحةٌ فيه أو دالَّةٌ عليه، أو في واجِباتِه أو ثوابِه أو في ضِدِّه، وأولُ أمرٍ في كتابِ الله: الأمرُ به، قال - عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾ [البقرة: 21]؛ أي: وحِّدوه.


وفي كل صلاةٍ يُعاهِدُ المُسلمُ ربَّه على القيام به: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ [الفاتحة: 5] أي: لا نعبدُ سِواك وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.


وهو حقُّ الله على عبادِه، وأولُ واجبٍ عليهم من التكالِيف، قال - عليه الصلاة والسلام - لمُعاذٍ - رضي الله عنه -: «فليكُن أوَّلَ ما تدعُوهم إليه: عبادةُ الله»؛ متفق عليه.


وأولُ ما يُسألُ عنه العبدُ في قبرِه: «من ربُّك؟» أي: من معبُودُك؟

ولأهميته ولكونِه لا طريقَ لرِضا الربِّ إلا به دعا إمامُ الحُنفاء لنفسِه ولذريَّته بالثَّبات على التوحيد، فقال: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ﴾ [البقرة: 128]، ودعا يوسفُ - عليه السلام - ربَّه فقال: ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].


ومن دُعاء نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -: «يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبِي على دينِك»؛ رواه مسلم.


وهو وصيةُ المُرسَلين: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132].


ونهجُ الرُّسُل تعليمُه لأولادهم وسُؤالُهم عنه وهم في سَكَرات الموت، قال تعالى: ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133].


وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعلِّمُ غِلمانَ الصحابةِ التعلُّقَ بالله وحدَه دون ما سِواه، قال لابنِ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: «يا غُلام! إني أُعلِّمُك كلماتٍ: احفَظ اللهَ يحفَظك، احفَظ اللهَ تجِده تُجاهَك، إذا سألتَ فاسأل اللهَ، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله»؛ رواه الترمذي.


وأمرَنا الله ألا نموتَ إلا عليه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


بإفراد العبادة لله ينشرِحُ الصدرُ، ويطمئنُّ القلبُ، ويتحرَّرُ من عبوديَّة الخلقِ، ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ﴾ [الأنعام: 125].


وبه تُفرَجُ الهُموم وتُكشَفُ الكُروب، ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87].


قال ابن القيم - رحمه الله -: "ما دُفِعت شدائدُ الدنيا بمثلِ التوحيد".


يُزيلُ الغلَّ ويُصلِحُ القلبَ، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ثلاثٌ لا يُغلُّ عليهنَّ قلبُ مُسلمٍ: إخلاصُ العملِ لله، ومُناصحةُ أئمة المُسلمين، ولُزومُ جماعتهم؛ فإن الدعوةَ تُحيطُ من ورائِهم»؛ رواه الترمذي.


وهو سببُ الحياة الطيبة؛ بل لا سعادةَ في الدنيا إلا به، قال - سبحانه -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97].


وهو قِوامُ الحياة التي تطلبُها النفوس، ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123].


وهو الذي يُوحِّدُ المُسلمينَ عربَهم وعجمَهم، شرقَهم وغربَهم، ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].


كلمةُ التوحيد كلمةٌ طيبةٌ شامِخةٌ، أصلُها ثابتٌ وفرعُها في السماء، هي كلمةُ الله العُليا، وبها كلَّم الله مُوسَى كِفاحًا من غير واسِطة: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ﴾ [طه: 14].


ولا شُعبةَ أعلى منها في الإيمان، قال - عليه الصلاة والسلام -: «الإيمانُ بِضعٌ وسِتُّون شُعبةٌ؛ فأفضلُها قولُ: لا إله إلا الله»؛ رواه مسلم.


هي أزكَى الكلام وأثقَل شيءٍ في المِيزان، وتعدِلُ عتقَ الرِّقاب، وحِرزٌ من الشيطان في كل يومٍ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قالَ مائةَ مرَّة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لهُ المُلكُ ولهُ الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قدير، لم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاءَ به إلا أحدٌ عمِلَ أكثرَ من ذلك»؛ رواه البخاري.


"لا إله إلا الله" ما تعطَّرَت الأفواه وتحرَّكَت الشِّفاه بأحسنَ منها، قال - عليه الصلاة والسلام -: «خيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلِي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلكُ وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير»؛ رواه الترمذي.


كلمةٌ خالِدةٌ وعدَ الله أن يبقَى في الناسِ من يقولُها ويدعُو إليها، قال - سبحانه -: ﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ﴾ [الزخرف: 28].


هي القولُ الثابتُ، من تمسَّك بها ثبَّتَه الله في الدنيا والآخرة، قال - عز وجل -: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27].


وأكملُ الخلقِ أكملُهم لله عبوديَّةً، وعلى قدرِ تحقيقِ التوحيدِ يكونُ كمالُ العبدِ وسُمُوُّ مكانتِه، والله يُدافِعُ عن المُوحِّد في دينِه ودُنياه، وأرجَى من يحظَى بمغفرةِ الله هو المُوحِّد، قال - عليه الصلاة والسلام -: «لو أتيتَني بقُرابِ الأرضِ خَطايا، ثم لقِيتَني لا تُشرِكُ بي شيئًا لأتيتُك بقُرابِها مغفرةً»؛ رواه الترمذي.


قال ابن رجبٍ - رحمه الله -: "فالتوحيدُ هو السببُ الأعظمُ؛ فمن فقدَه فقَدَ المفرةَ، ومن جاء به فقد أتَى بأعظم أسباب المغفِرة".


والشيطانُ لا سبيلَ له إلى المُوحِّد، ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 99].


وبقدرِ توحيدِه تزدادُ مُدافعَة الله عنه، قال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحج: 38].


ومن حقَّقَ توحيدَ الله فاللهُ حافظٌ له من المُوبِقات والفواحِش، قال عن يُوسف - عليه السلام -: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24].


قال ابن القيم - رحمه الله -: "كلما كان القلبُ أضعفَ توحيدًا وأعظمَ شِركًا كان أكثرَ فاحِشة".


والمُوحِّدُ عليه في الحياة الدنيا السَّكينةُ والطُّمأنينةُ، وآمِنٌ فيها بقدر إيمانِه، ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].


والأمواتُ ينتفعِون بدعواتِ المُوحِّدين، ولا تُقبَلُ في صلاة الجنائزِ إلا دعواتُهم، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ما من رجُلٍ مُسلمٍ يموتُ فيقومُ على جنازتِه أربعون رجلاً لا يُشرِكون بالله شيئًا، إلا شفَّعَهم الله فيه»؛ رواه مسلم.


وإذا دنَت وفاةُ المُوحِّد بشَّره الله بالجنَّة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «من كان آخرَ كلامِه: لا إله إلا الله دخلَ الجنة»؛ رواه أبو داود.


وكما أعزَّ الله المُوحِّد في الدنيا، فقد أكرمَه الله في الآخرة وأعلَى مكانتَه، وجازَاه بخير جزاءِ العامِلين؛ فمن ماتَ على التوحيد كانت له الجنةُ إما ابتِداءً أو مآلاً، وإن دخلَ النارَ بذنُوبِه لم يُخلَّد فيها، قال - عليه الصلاة والسلام -: «من ماتَ لا يُشرِكُ بالله شيئًا دخلَ الجنةَ»؛ رواه مسلم.


ولا ينالُ شفاعةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - سِوَى المُوحِّدين، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: من أسعَدُ الناسِ بشفاعتِك يوم القيامة يا رسول الله؟ قال: «أسعدُ الناسِ بشفاعَتي يوم القيامة: من قال: لا إله إلا الله خالِصًا من قِبَل نفسِه»؛ رواه البخاري.


والمُحقِّقُ للتوحيدِ يدخلُ من أيِّ أبوابِ الجنةِ الثمانيةِ شاء، قال - عليه الصلاة والسلام -: «ما مِنكم من أحدٍ يتوضَّأُ فيُسبِغُ الوضوءَ، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن مُحمَّدًا عبدُ الله ورسولُه، إلا فُتِحَت له أبوابُ الجنة الثمانية يدخلُ من أيِّها شاء»؛ رواه مسلم.


قال ابن القيم - رحمه الله -: "كلما كان توحيدُ العبدِ أعظمَ كانت مغفرةُ الله له أتمَّ؛ فمن لقِيَه لا يُشرِكُ به شيئًا البتَّة غفرَ له ذنوبَه كلَّها".


ويدخلُ الجنةَ سبعُون ألفًا بغير حسابٍ كلُّهم من أهلِ التوحيد، قال - عليه الصلاة والسلام -: «هم الذين لا يستَرقون، ولا يتطيَّرُون، ولا يكتوُون، وعلى ربِّهم يتوكَّلون»؛ متفق عليه.


وبعد، أيها المسلمون:

فالتوحيدُ أغلى ما يملِكُ المُسلِم، ومن هداهُ الله إليه فليعُضَّ عليه بالنواجِذ، وليصُنْه مما يُناقِضُه أو يقدَحُ فيه أو يُنقِصُه، ومن دعا غيرَ الله أو طافَ على قبرٍ أو ذبَحَ له فقد خسِرَ أنوارَ التوحيد وفضائِلَه، ولم تُقبَل له طاعة، وتعرَّض لنُصوص الوَعيد بالخُلود في النار.


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول ما تسمَعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنِه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.


أيها المسلمون:

التوحيدُ منَّةٌ من الله عظيمةٌ، يهَبُها لمن يشاءُ من عباده، وعلى المُسلِم أن يسعَى لتحقيقِه في نفسِه وذرِّيَّته والأقرَبين من أهلِه ومن جميع الناس.


ومن شُكر نعمة التوحيد: دعوةُ الخلقِ إليه، والتحذيرُ من كلِّ آفةٍ تُنافِي أصلَه أو كمالَه.


ومن وسائل الثَّبات عليه: دعاءُ الله بالثَّبات، والبُعدُ عن البِدَع والشُّبُهات والشَّهَوات، والإكثارُ من الطاعات، والتزوُّدُ من علوم الشريعة، وسُؤالُ العُلماء الربَّانيِّين عما يُشكِلُ منها.


ثم اعلموا أن الله أمرَكم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه، فقال في مُحكَم التنزيل: ﴿ إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.


اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.


اللهم إنا نسألُك الإخلاصَ في القولِ والعملِ، اللهم أحيِنا مُسلمين، وتوفَّنا مُسلمين، وألحِقنا بالصالِحين غيرَ خزايا ولا مفتُونين.


اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ، ونعوذُ بك اللهم من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ.


اللهم انصُر من نصرَ الدين، واخذُل من خذلَ عبادَك المُوحِّدين، اللهم وأبرِم لهذه الأمة أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتِك، ويُذلُّ فيه أهلُ معصيتِك، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المُنكَر.


اللهم وفِّق إمامنا لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك، ووفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين للعملِ بكتابك، وتحكيمِ شرعك يا رب العالمين.


اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين، اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين، اللهم وأدِر دوائِر السَّوء على عدوِّك وعدوِّهم يا رب العالمين.


عباد الله:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].


فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل التوحيد في القرآن الكريم والسنة النبوية
  • التوحيد أساس الملة ووحدة الأمة (خطبة)
  • عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد وغرسه وتعظيمه في النفوس

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 11/7/1433 هـ - فضل المدينة والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 7 / 11 / 1434 هـ - خلق الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 30 / 10 / 1434 هـ - الاستعداد للموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 23 / 10 / 1434 هـ - عبودية الكائنات لله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 16 / 10 /1434 هـ - الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
3- شكر النعم
ظهير ريحان جمال - بنجلاديش 08-11-2022 08:06 PM

جزاكم الله خيرا الجزاء في الدارين شيخنا الفاضل.

2- التوحيد
أحمد طه 23-10-2016 03:20 PM

جزاك الله عنا خيرا يا شيخ

1- جزاك الله خيرا ياشيخ
الطيب - السودان 17-09-2016 07:29 AM

التوحيد أولا..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب