• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / أعمال ومناسك الحج
علامة باركود

أحكام الأضحية من الموسوعة الفقهية الكويتية

محمد الزعبي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/11/2009 ميلادي - 8/12/1430 هجري

الزيارات: 101523

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
عن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ما مِن أيام العملُ الصَّالِحُ فيهنَّ أحبُّ إلى الله من هذه الأيَّام العَشْرِ))، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجِهادُ؟ قال: ((ولا الجِهادُ، إلاَّ رجُل خَرجَ يُخاطِرُ بنفسه ومَاله، فلم يرجع بشيء))؛ أخرجه الترمذي وأبو داود.

وفي رواية البخاري قال: ((ما العملُ في أيَّامٍ أفضل منها في هذه الأيَّام))، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهادُ)).. وذكره.

قال الحميدي: أخرجه البخاري في "باب العمل في أيام التشريق"، وأخرجه التِّرْمذي في أيَّام العشر.

وعن ابن عباس - رضِي الله عنْهما - قَال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما مِن أيَّامٍ، العَمَلُ الصَّالحُ فِيها أحَبُّ إلى اللهِ مِن هذِه الأيَّام)) يعني أيام العشر، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ولا الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ؟ قالَ: ((ولا الجِهادُ في سَبِيلِ اللهِ، إلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِه ومَالِه، فلمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ))؛ رواه البخاري.

حُكْمُ الأُضْحِيَّة: نقلاً عن الموسوعة الكويتية:
ذهَب جُمْهورُ الفُقَهاءِ، ومِنْهمُ الشّافِعيَّةُ والحَنابِلَةُ، وهوَ أرْجَحُ القَوْلَيْنِ عِنْدَ مالِكٍ، وإحْدَى رِوايَتَيْنِ عَنْ أبي يوسُفَ إلى أنَّ الأُضْحيَّةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وهَذا قَوْلُ أبي بَكْرٍ وعُمَرَ وبِلالٍ وأبي مَسْعودٍ البَدْريِّ وسوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ وسَعيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وعَطاءٍ وعَلْقَمةَ والأسْوَدِ وإسْحاقَ وأبي ثَوْرٍ وابْنِ المُنْذِر.

واسْتَدَلَّ الجُمْهورُ على السُّنّيَّةِ بِأدِلَّةٍ، مِنْها: قَوْلُهُ - علَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -: ((إذا دَخَلَ العَشْرُ، وأرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحّيَ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ ولا مِنْ بَشَرِهِ شَيْئًا))، ووَجْهُ الدَّلالَةِ في هَذا الحَديثِ أنَّ الرَّسولَ - صلَّى اللَّهُ علَيْه وسلَّم - قال: ((وأرادَ أحَدُكُمْ)) فَجَعَلَهُ مُفَوَّضًا إلى إرادَتِهِ، ولَوْ كانَتِ التَّضْحيَةُ واجِبَةً لاقْتَصَرَ على قَوْلِه: ((فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ))، ومِنْها أيْضًا أنَّ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ - رَضيَ اللَّهُ عَنْهُما - كانا لا يُضَحّيانِ السَّنةَ والسَّنَتَيْنِ، مَخافَةَ أنْ يُرَى ذَلِكَ واجِبًا، وهَذا الصَّنيعُ مِنْهُما يَدُلُّ على أنَّهُما عَلِما مِنَ الرَّسول - صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم - عَدَمَ الوُجوبِ، ولَمْ يُرْوَ عَنْ أحَدٍ مِنَ الصَّحابةِ خِلافُ ذَلِكَ.

وذَهَبَ أبو حَنيفَةَ إلى أنَّها واجِبةٌ، وهَذا المَذْهَبُ هوَ المَرْويُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وزُفَرَ وإحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عنْ أبي يوسُفَ، وبِه قالَ رَبيعَةُ واللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ والأوْزاعيُّ والثَّوْريُّ ومالِكٌ في أحدِ قَوْلَيْه.

واسْتَدَلُّوا على ذَلِكَ بِقَوْلِه تعالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، فَقَدْ قيلَ في تَفْسيرِهِ صَلِّ صَلاةَ العيدِ وانْحَرِ البُدْنَ، ومُطْلَقُ الأمْرِ لِلوُجوبِ، ومَتَى وجَبَ على النَّبيّ - صلَّى اللَّهُ علَيْه وسلَّم - وجَبَ على الأُمَّةِ لأنَّهُ قُدْوَتُها، وبِقَوْلِ النَّبيّ - صلَّى اللَّهُ علَيْه وسلَّم -: ((مَنْ كانَ لَهُ سَعَةٌ ولَمْ يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلانا))، وهَذا كالوَعيدِ عَلَى تَرْكِ التَّضْحيَةِ، والوَعيدُ إنَّما يَكونُ عَلَى تَرْكِ الواجِب، وبِقَوْلِه - عليْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -: ((مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَليَذْبَحْ شاةً مَكانَها، ومَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَليَذْبَحْ على اسْمِ اللَّه))، فإنَّهُ أمَرَ بِذَبْحِ الأُضْحيَّةِ وبإعادَتِها إذا ذُكّيَتْ قَبْلَ الصَّلاةِ، وذَلِكَ دَليلُ الوُجوبِ.

ثُمَّ إنَّ الحَنَفيَّةَ القائِلينَ بِالوُجوبِ يَقولونَ: إنَّها واجِبةٌ عَيْنًا على كُلِّ مَنْ وُجِدَتْ فيهِ شَرائِطُ الوُجوب، فالأُضْحيَّةُ الواحِدَةُ كالشَّاةِ وسُبْعِ البَقَرَةِ وسُبْعِ البَدَنَةِ إنَّما تُجْزِئُ عَنْ شَخْصٍ واحِدٍ.

وأمَّا القائِلونَ بِالسُّنّيَّة، فمِنْهُمْ مَنْ يَقولُ: إنَّها سُنَّةُ عَيْنٍ أيْضًا، كالقَوْلِ المَرْويِّ عَنْ أبي يوسُفَ فعِنْدَهُ لا يُجْزِئُ الأُضْحيَّةُ الواحِدةُ عَنِ الشَّخْصِ وأهْلِ بَيْتِه أوْ غَيْرِهِم، ومِنْهُم مَنْ يَقولُ: إنَّها سُنَّةُ عَيْنٍ ولَوْ حُكْمًا، بِمَعْنَى أنَّ كُلَّ واحِدٍ مُطالَبٌ بِها، وإذا فَعَلَها واحِدٌ بِنيَّةِ نَفْسِهِ وحْدَهُ لَم تَقَعْ إلا عَنْهُ، وإذا فَعَلَها بِنيَّةِ إشْراكِ غَيْرِه في الثَّوابِ، أوْ بِنيَّة كَوْنِها لِغَيْرِه أسْقَطَتِ الطَّلَبَ عَمَّنْ أشْرَكَهُمْ أوْ أوْقَعَها عَنْهُمْ، وهَذا رَأْيُ المالِكيَّةِ، وإيضاحُهُ أنَّ الشَّخْصَ إذا ضَحَّى ناويًا نَفْسَهُ فَقَطْ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْهُ، وإذا ضَحَّى ناويًا نَفْسَهُ وأبَوَيْهِ الفَقيرَيْنِ وأوْلادَهُ الصِّغارَ، وقَعَتِ التَّضْحيَةُ عَنْهُمْ، ويَجوزُ لَهُ أنْ يُشْرِكَ غَيْرَهُ في الثَّوابِ - قَبْلَ الذَّبْحِ - ولَوْ كانوا أكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ بِثلاثِ شَرائِطَ: (الأولَى): أنْ يَسْكُنَ مَعَه، (الثَّانيةُ): أنْ يَكونَ قَريبًا لَهُ وإنْ بَعُدَتِ القَرابةُ، أوْ زَوْجَةً، (الثّالِثَةُ): أنْ يُنْفِقَ عَلَى مَنْ يُشْرِكُهُ وُجوبًا كأبوَيْهِ وصِغارِ ولَدِه الفُقَراءِ، أوْ تَبَرُّعًا كالأغْنياءِ مِنْهُمْ وكَعَمٍّ وأخٍ وخالٍ، فإذا وُجِدَتْ هَذِه الشَّرائِطُ سَقَطَ الطَّلَبُ عَمَّنْ أشْرَكَهُمْ.

وإذا ضَحَّى بِشاةٍ أوْ غَيْرِها ناويًا غَيْرَهُ فَقَطْ، ولَوْ أكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، مِنْ غَيْرِ إشْراكِ نَفْسِه مَعَهُمْ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْهُمْ بِهَذِهِ التَّضْحيَة، وإنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ فيهِمُ الشَّرائِطُ الثَّلاثُ السَّابِقَةُ، ولا بُدَّ في كُلِّ ذَلِكَ أنْ تَكونَ الأُضْحيَّةُ مِلْكًا خاصًّا لِلمُضَحِّي، فلا يُشارِكوهُ فيها ولا في ثَمَنِها، وإلاَّ لَمْ تُجْزِئْ، كَما سَيَأْتي في شَرائِطِ الصِّحَّةِ.

ومِن القائِلينَ بِالسُّنّيَّةِ مَن يَجْعَلُها سُنَّةَ عَيْنٍ في حَقِّ المُنْفَرِد، وسُنَّةَ كِفايَةٍ في حَقِّ أهْلِ البَيْتِ الواحِد، وهَذا رَأْيُ الشَّافِعيَّةِ والحَنابِلَة، فَقَدْ قالوا: إنَّ الشَّخْصَ يُضَحِّي بِالأُضْحيَّة الواحِدَة - ولَوْ كانَتْ شاةً - عَنْ نَفْسِه وأهْلِ بَيْتِه، ولِلشَّافِعيَّةِ تَفْسيراتٌ مُتَعَدِّدَةٌ لأهْلِ البَيْتِ الواحِد (والرَّاجِحُ) تَفْسيرانِ: (أحَدُهُما) أنَّ المَقْصودَ بِهم مَنْ تَلْزَمُ الشَّخْصَ نَفَقَتُهُم، وهَذا هوَ الَّذي رَجَّحَهُ الشَّمْسُ الرَّمْليُّ في "نهايةِ المُحْتاجِ"، (ثانيهِما) مَنْ تَجْمَعُهُم نَفَقَةُ مُنْفِقٍ واحِدٍ ولَوْ تَبَرُّعًا، وهَذا هوَ الَّذي صحَّحَهُ الشِّهابُ الرَّمْليُّ بِهامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.

قالوا: ومَعْنَى كَوْنِها سُنَّةَ كِفايةٍ - مَع كَوْنِها تُسَنُّ لِكُلِّ قادِرٍ مِنْهُمْ عَلَيْها - سُقوطُ الطَّلَبِ عَنْهُمْ بِفِعْلِ واحِدٍ رَشيدٍ مِنْهُمْ، لا حُصولُ الثَّوابِ لِكُلٍّ مِنْهُم، إلا إذا قَصَدَ المُضَحّي تَشْريكَهُم في الثَّواب، ومِمّا اسْتَدَلَّ بِه على كَوْنِ التَّضْحيَةِ سُنَّةَ كِفايَةٍ عَنِ الرَّجُلِ وأهْلِ بَيْتِهِ حَديثُ أبي أيّوبَ الأنْصاريِّ - رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ - قالَ: "كُنّا نُضَحّي بِالشّاةِ الواحِدَةِ يَذْبَحُها الرَّجُلُ عَنْهُ وعَنْ أهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ تَباهى النّاسُ بَعْدُ فصارَتْ مُباهاةً"، وهَذِه الصّيغَةُ الَّتي قالَها أبو أيّوبَ - رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَقْتَضي أنَّهُ حَديثٌ مَرْفوعٌ.

الأُضْحيَّةُ المَنْذورَةُ:
اتَّفَقَ الفُقَهاءُ على أنَّ نَذْرَ التَّضْحيَةِ يوجِبُها، سَواءٌ أكانَ النّاذِرُ غَنيًّا أمْ فَقيرًا، وهوَ إمّا أنْ يَكونَ نَذْرًا لِمُعَيَّنَةٍ نَحْوُ: لِلَّهِ عليَّ أنْ أُضَحّيَ بِهَذِهِ الشّاةِ، وإمّا أنْ يَكونَ نَذْرًا في الذِّمَّة لِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لِمَضْمونَةٍ، كَأنْ يَقولَ: لِلَّهِ عليَّ أنْ أُضَحّيَ، أوْ يَقولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أنْ أُضَحّيَ بِشاةٍ، فَمَنْ نَذَرَ التَّضْحيَةَ بِمُعَيَّنَةٍ لَزِمَهُ التَّضْحيَةُ بِها في الوَقْتِ، وكَذَلِكَ مَنْ نَذَرَ التَّضْحيَةَ في الذِّمَّةِ بِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ عَيَّنَ شاةً مَثَلا عَمَّا في ذِمَّتِه، فإنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّضْحيَةُ بِها في الوَقْت.

وصَرَّحَ الشّافِعيَّةُ بِأنَّ مَنْ نَذَرَ مُعَيَّنَةً، وبِها عَيْبٌ مُخِلٌّ بالإجْزاءِ صَحَّ نَذْرُهُ، ووَجَبَ عَلَيْهِ ذَبْحُها في الوَقْتِ، وفاءً بِما التَزَمَهُ، ولا يَجِبُ عَلَيْهِ بَدَلُها.

ومَنْ نَذَرَ أُضْحيَّةً في ذِمَّتِه، ثُمَّ عَيَّنَ شاةً بِها عَيْبٌ مُخِلٌّ بِالإجْزاءِ لَمْ يَصِحَّ تَعْيينُهُ إلا إذا كانَ قَدْ نَذَرَها مَعيبَةً، كَأنْ قالَ: عَلَيَّ أنْ أُضَحّيَ بِشاةٍ عَرْجاءَ بَيِّنَةِ العَرَجِ.

وقالَ الحَنابِلَةُ مِثْلَ ما قالَ الشّافِعيَّةُ، إلا أنَّهُمْ أجازوا إبْدالَ المُعَيَّنَة بِخَيْرٍ مِنْها، لأنَّ هَذا أنْفَعُ لِلْفُقَراءِ؛ ودَليلُ وُجوبِ الأُضْحيَّةِ بِالنَّذْرِ: أنَّ التَّضْحيَةَ قُرْبَةٌ لِلَّهِ تَعالَى مِنْ جِنْسِها واجِبٌ كهَدْيِ التَّمَتُّعِ، فَتَلْزَمُ بِالنَّذْرِ كَسائِرِ القُرَبِ، والوُجوبُ بِسَبَبِ النَّذْرِ يَسْتَوي فيهِ الفَقيرُ والغَنيُّ.

أُضْحيَّةُ التَّطَوُّعِ:
مَنْ لَمْ تَجِب التَّضْحيَةُ عَلَيْه لِعَدَمِ تَوَفُّرِ شَرْطٍ مِنْ شُروطِ وُجوبِها عِنْدَ مَنْ قالَ بِالوُجوبِ، ولِعَدَمِ تَوَفُّرِ شُروطِ السُّنّيَّةِ عِنْدَ مَنْ قالَ بِأنَّها سُنَّةٌ، فالأُضْحيَّةُ تُعْتَبَرُ في حَقِّه تَطَوُّعًا.

شُروطُ وُجوبِ الأُضْحيَّةِ أوْ سُنّيَّتُها:
الأُضْحيَّةُ إذا كانَتْ واجِبةً بِالنَّذْرِ فشَرائِطُ وُجوبِها هيَ شَرائِطُ النَّذْرِ، وهي: الإسْلامُ والبُلوغُ والعَقْلُ والحُرّيَّةُ والاخْتيارُ، ولِتَفْصيلِها يُراجَعُ بابُ النَّذْر.

وإذا كانَتْ واجِبَةً بِالشَّرْعِ - عِنْدَ مَنْ يَقولُ بِذَلِكَ - فشُروطُ وُجوبِها أرْبَعَةٌ، وزادَ مُحَمَّدٌ وزُفَرُ شَرْطَيْنِ، وهَذِه الشُّروطُ أوْ بَعْضُها مُشْتَرَطَةٌ في سُنّيَّتِها أيْضًا عِنْدَ مَنْ قالَ بِعَدَمِ الوُجوبِ، وزادَ المالِكيَّةُ شَرْطًا في سُنّيَّتِها، وبَيانُ ذَلِكَ كَما يَلي:
الشَّرْطُ الأوَّلُ: الإسْلامُ، فَلا تَجِبُ على الكافِرِ، ولا تُسَنُّ لَهُ؛ لأنَّها قُرْبَةٌ، والكافِرُ لَيْسَ مِنْ أهْلِ القُرَبِ، ولا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الحَنَفيَّةِ وُجودُ الإسْلامِ في جَميعِ الوَقْتِ الَّذي تُجْزِئُ فيهِ التَّضْحيةُ، بَلْ يَكْفي وُجودُهُ آخِرَ الوَقْتِ؛ لأنَّ وقْتَ الوُجوبِ يَفْضُلُ عَنْ أداءِ الواجِبِ، فَيَكْفي في وُجوبِها بَقاءُ جُزْءٍ مِنَ الوَقْتِ كالصَّلاةِ، وكَذا يُقالُ في جَميعِ الشُّروطِ الآتيَةِ، وهَذا الشَّرْطُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ القائِلينَ بِالوُجوبِ والقائِلينَ بِالسُّنّيَّةِ، بَلْ إنَّهُ أيْضًا شَرْطٌ لِلتَّطَوُّعِ.

الشَّرْطُ الثّاني: الإقامَةُ، فَلا تَجِبُ عَلَى المُسافِر؛ لأنَّها لا تَتَأدَّى بِكُلِّ مالٍ ولا في كُلِّ زَمانٍ، بَلْ بِحَيَوانٍ مَخْصوصٍ في وقْتٍ مَخْصوصٍ، والمُسافِرُ لا يَظْفَرُ بِه في كُلِّ مَكانٍ في وقْتِ التَّضْحيَةِ، فَلَوْ أوْجَبْناها عَلَيْه لاحْتاجَ لِحَمْلِ الأُضْحيَّةِ مَعَ نَفْسِه، وفيهِ مِنَ الحَرَجِ ما لا يَخْفَى، أوِ احْتاجَ إلَى تَرْكِ السَّفَرِ، وفيهِ ضَرَرٌ، فَدَعَتِ الضَّرورةُ إلَى امْتِناعِ وُجوبِها عليْه، بِخِلافِ المُقيمِ ولَوْ كانَ حاجًّا، لِما رَوَى نافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضيَ اللَّهُ عَنْهُما - أنَّهُ كانَ يُخَلِّفُ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ أهْلِهِ أثْمانَ الضَّحايا، وذَلِكَ ليُضَحُّوا عَنْهُ تَطَوُّعًا، ويُحْتَمَلُ أنَّهُ ليُضَحُّوا عَنْ أنْفُسِهِمْ لا عَنْهُ، فَلا يَثْبُتُ الوُجوبُ مَعَ الاحْتِمال.

هَذا مَذْهَبُ الحَنَفيَّة القائِلينَ بِالوُجوبِ، وأمّا مَنْ قالَ بِالسُّنّيَّةِ فَلا يُشْتَرَطُ هَذا الشَّرْطُ، وكَذَلِكَ لا يُشْتَرَطُ في التَّطَوُّع؛ لأنَّهُ لا يَتَرَتَّبُ على سُنّيَّتِها ولا التَّطَوُّعِ بِها حَرَجٌ.

الشَّرْطُ الثّالِثُ: الغِنَى - ويُعَبَّرُ عَنْهُ بِاليَسارِ - لِحَديثِ ((مَنْ كانَ لَهُ سَعَةٌ ولَمْ يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلانا))، والسَّعَةُ هيَ الغِنَى، ويَتَحَقَّقُ عِنْدَ الحَنَفيَّةِ بِأنْ يَكونَ في مِلْكِ الإنْسانِ مِائَتا دِرْهَمٍ أوْ عِشْرونَ دينارًا، أوْ شَيْءٌ تَبْلُغُ قيمَتُهُ ذَلِكَ، سِوَى مَسْكَنِهِ وحَوائِجِه الأصْليَّةِ ودُيونِه.

وقالَ المالِكيَّةُ: يَتَحَقَّقُ الغِنَى بِألا تُجْحِفَ الأُضْحيَّةُ بِالمُضَحّي، بِألا يَحْتاجَ لِثَمَنِها في ضَروريّاتِه في عامِه، وقالَ الشّافِعيَّةُ: إنَّما تُسَنُّ لِلْقادِرِ عَلَيْها، وهوَ مَنْ مَلَكَ ما يَحْصُلُ بِهِ الأُضْحيَّةُ، فاضِلا عَمّا يَحْتاجُ إلَيْهِ في يَوْمِ العيدِ ولَيْلَتِهِ وأيّامِ التَّشْريقِ الثَّلاثَةِ ولَياليها.

الشَّرْطانِ الرّابِعُ والخامِسُ: البُلوغُ والعَقْلُ، وهَذانِ الشَّرْطانِ اشْتَرَطَهُما مُحَمَّدٌ وزُفَرُ، ولَمْ يَشْتَرِطْهُما أبو حَنيفَةَ وأبو يوسُفَ، فَعِنْدَهُما تَجِبُ التَّضْحيَةُ في مالِ الصَّبيِّ والمَجْنونِ إذا كانا موسِرَيْنِ، فَلَوْ ضَحَّى الأبُ أوِ الوَصيُّ عَنْها مِنْ مالِهِما لَمْ يَضْمَنْ في قَوْلِ أبي حَنيفَةَ وأبي يوسُفَ، ويَضْمَنُ في قَوْلِ مُحَمَّدٍ وزُفَرَ، وهَذا الخِلافُ كالخِلافِ في صَدَقَةِ الفِطْرِ.

ولِتَفْصيلِ حُجَجِ الفَريقَيْنِ يُرْجَعُ لِمُصْطَلَحِ (صَدَقَةُ الفِطْر).
والَّذي يُجَنُّ ويُفيقُ يُعْتَبَرُ حالُهُ في الجُنونِ والإفاقَة، فَإنْ كانَ مَجْنونًا في أيّامِ النَّحْرِ فَهوَ على الاخْتِلافِ، وإنْ كانَ مُفيقًا وجَبَتْ مِنْ مالِه بِلا خِلافٍ، وقيلَ: إنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الصَّحيحِ كَيْفَما كانَ، وهَذا الَّذي قَرَّرَهُ صاحِبُ "البَدائِع" يَقْتَضي تَرْجيحَ القَوْلِ بِالوُجوبِ، لَكِنْ صَحَّحَ صاحِبُ "الكافي" القَوْلَ بِعَدَمِ الوُجوبِ ورَجَّحَه ابْنُ الشِّحْنَةِ واعْتَمَدَهُ صاحِبُ "الدُّرِّ المُخْتارِ" ناقِلا عَنْ مَتْنِ "مَواهِبِ الرَّحْمَنِ" أنَّهُ أصَحُّ ما يُفْتَى بِهِ، وقالَ ابْنُ عابِدينَ: إنَّ هَذا القَوْلَ اخْتارَهُ صاحِبُ المُلْتَقَى حَيْثُ قَدَّمَهُ، وعَبَّرَ عَنْ مُقابِلِه بِصيغَةِ التَّضْعيفِ، وهيَ "قيلَ"، هَذا كُلُّهُ رَأْيُ الحَنَفيَّة، وقالَ المالِكيَّةُ: لا يُشْتَرَطُ في سُنّيَّةِ التَّضْحيَةِ البُلوغُ ولا العَقْلُ، فيُسَنُّ لِلوَليِّ التَّضْحيَةُ عن الصَّغيرِ والمَجْنونِ مِنْ مالِهِما، ولَوْ كانا يَتيمَيْن.

وقالَ الشّافِعيَّةُ: لا يَجوزُ لِلْوَليِّ أنْ يُضَحّيَ عَنْ مَحْجوريه مِنْ أمْوالِهِم، وإنَّما يَجوزُ أنْ يُضَحِّيَ عَنْهُمْ مِنْ مالِه إنْ كانَ أبًا أوْ جَدًّا، وكأنَّهُ مَلَكَها لَهُمْ وذَبَحَها عَنْهُمْ، فيَقَعُ لَهُ ثَوابُ التَّبَرُّعِ لَهُمْ، ويَقَعُ لَهُمْ ثَوابُ التَّضْحيَة، وقالَ الحَنابِلَةُ في اليَتيمِ الموسِر: يُضَحِّي عَنْهُ وليُّهُ مِنْ مالِه، أيْ مالِ المَحْجورِ، وهَذا عَلَى سَبيلِ التَّوْسِعَةِ في يَوْمِ العيدِ لا على سَبيلِ الإيجاب.

 هَذا وقَدِ انْفَرَدَ المالِكيَّةُ بِذِكْرِ شَرْطٍ لِسُنّيَّةِ التَّضْحيَةِ، وهوَ ألا يَكونَ الشَّخْصُ حاجًّا، فالحاجُّ لا يُطالَبُ بِالتَّضْحيَةِ شَرْعًا، سَواءٌ، أكانَ بِمِنًى أمْ بِغَيْرِها، وغَيْرُ الحاجِّ هوَ المُطالَبُ بِها، وإنْ كانَ مُعْتَمِرًا أوْ كانَ بِمِنًى، وعِنْدَ الحَنَفيَّةِ لا تَجِبُ على حاجٍّ مُسافِرٍ.

هَذا ولَيْسَتِ الذُّكورةُ ولا المِصْرُ مِنْ شُروطِ الوُجوبِ ولا السُّنّيَّة، فكَما تَجِبُ على الذُّكورِ تَجِبُ على الإناثِ، وكَما تَجِبُ على المُقيمينَ في الأمْصارِ تَجِبُ على المُقيمينَ في القُرَى والبَوادي؛ لأنَّ أدِلَّةَ الوُجوبِ أوِ السُّنّيَّةِ شامِلَةٌ لِلْجَميع.

تَضْحيَةُ الإنْسانِ مِنْ مالِهِ عَنْ ولَدِه:
إذا كانَ الوَلَدُ كَبيرًا فَلا يَجِبُ عَلَى أبيهِ أوْ جَدِّهِ التَّضْحيَةُ عَنْهُ، أمّا الوَلَدُ ووَلَدُ الوَلَدِ الصَّغيرانِ فَإنْ كانَ لَهُما مالٌ فَقَدْ سَبَقَ الكَلامُ عَنْ ذَلِكَ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُما مالٌ، فعَنْ أبي حَنيفَةَ في ذَلِكَ رِوايَتانِ:
أولاهُما: أنَّها لا تَجِبُ، وهوَ ظاهِرُ الرِّوايَةِ، وعليْه الفَتْوَى؛ لأنَّ الأصْلَ أنَّهُ لا يَجِبُ عَلَى الإنْسانِ شَيْءٌ عَنْ غَيْرِهِ، وخُصوصًا القُرُباتُ؛ لِقَوْلِه تَعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} [النجم: 39]، وقَوْلُهُ - جلَّ شَأْنُهُ -: {لَهَا مَا كَسَبَتْ} [البقرة: 286].
وَلِهَذا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ عَنْ ولَدِه ووَلَدِ ولَدِه الكَبيرَيْن.

ثانيَتُهُما: أنَّها تَجِبُ؛ لأنَّ ولَدَ الرَّجُلِ جُزْؤُهُ وكَذا ولَد ابْنِهِ، فَإذا وجَبَ عَلَيْهِ أنْ يُضَحّيَ عَنْ نَفْسِهِ وجَبَ عَلَيْهِ أنْ يُضَحّيَ عَنْ ولَدِهِ ووَلَدِ ابْنِهِ قياسًا على صَدَقَةِ الفِطْر.

ثُمَّ على القَوْلِ بِظاهِرِ الرِّوايَةِ - وهوَ عَدَمُ الوُجوبِ - يُسْتَحَبُّ لِلإنْسانِ أنْ يُضَحِّيَ عَنْ ولَدِهِ ووَلَدِ ابْنِهِ الصَّغيرَيْنِ مِنْ مالِ نَفْسِه، والمَقْصودُ بِوَلَدِ ابْنِهِ هوَ اليَتيمُ الَّذي تَحْتَ وِلايَةِ جَدِّه، وهَذا موافِقٌ لِما سَبَقَ مِنْ مَذْهَبِ الجُمْهور.

شُروطُ صِحَّةِ الأُضْحيَّة:
لِلتَّضْحيَةِ شَرائِطُ تَشْمَلُها وتَشْمَلُ كُلَّ الذَّبائِحِ، ولِتَفْصيلِها (ر: ذَبائِحُ).
وشَرائِطُ تَخْتَصُّ بِها، وهي ثَلاثَةُ أنْواعٍ: نَوْعٌ يَرْجِعُ إلى الأُضْحيَّةِ، ونَوْعٌ يَرْجِعُ إلى المُضَحّي، ونَوْعٌ يَرْجِعُ إلى وقْتِ التَّضْحيَة.

النَّوْعُ الأوَّلُ: شُروطُ الأُضْحيَّةِ في ذاتِها:
الشَّرْطُ الأوَّلُ: وهوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ المَذاهِب: أنْ تَكونَ مِنَ الأنْعامِ، وهيَ الإبِلُ عِرابًا كانَتْ أوْ بَخاتيَّ - العراب جمع عربي، والبَخاتيّ بفتح الباء وتشديد الياء مع كسر التَّاء، وقد تفتح التاء وتقلب الياء ألفًا، وهي الإبل الخراسانيَّة؛ القاموس، والمعجم الوسيط) والمراد هنا الإبل غير العربيَّة وواحدها بُختي بضم الباء وسكون الخاء وتشديد الياء - والبَقَرَةُ الأهْليَّةُ ومِنْها الجَواميسُ.
الشَّرْطُ الثَّاني: أنْ تَبْلُغَ سِنَّ التَّضْحيَةِ، بِأنْ تَكونَ ثَنيَّةً أوْ فَوْقَ الثَّنيَّةِ مِنَ الإبِلِ والبَقَر والمَعْزِ، وجَذَعَةً أوْ فَوْقَ الجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ، فَلا تُجْزِئُ التَّضْحيَةُ بِما دونَ الثَّنيَّةِ مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ، ولا بِما دونَ الجَذَعَةِ مِنَ الضَّأْنِ؛ لِقَوْلِ النَّبيِّ - صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلَّم -: ((لا تَذْبَحوا إلا مُسِنَّةً، إلا أنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فتَذْبَحوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْن))، والمُسِنَّةُ مِنْ كُلِّ الأنْعامِ هيَ الثَّنيَّةُ فَما فَوْقَها، حَكاهُ النَّوَويُّ عَنْ أهْلِ اللُّغَة، ولِقَوْلِه - صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّمَ -: ((نِعْمَتِ الأُضْحيَّةُ الجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ)).

وهَذا الشَّرْطُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الفُقَهاءِ، ولَكِنَّهُمُ اخْتَلَفوا في تَفْسيرِ الثَّنيَّةِ والجَذَعَةِ.

فَذَهَبَ الحَنَفيَّةُ والحَنابِلَةُ إلى أنَّ الجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ ما أتَمَّ سِتَّةَ أشْهُرٍ، وقيلَ: ما أتَمَّ سِتَّةَ أشْهُرٍ وشَيْئًا، وأيًّا ما كانَ فَلا بُدَّ أنْ يَكونَ عَظيمًا بِحَيْثُ لَوْ خُلِطَ بِالثَّنايا لاشْتَبَه على النّاظِرينَ مِنْ بَعيدٍ، والثَّنيُّ مِنَ الضَّأْنِ والمَعْزِ ابْنُ سَنَةٍ، ومِنَ البَقَرِ ابْنُ سَنَتَيْنِ، ومِن الإبِلِ ابْنُ خَمْس سِنينَ.

وَذَهَبَ المالِكيَّةُ إلَى أنَّ الجَذَعَ مِنَ الضَّأْنِ ما بَلَغَ سَنَةً (قَمَريَّةً) ودَخَلَ في الثّانيَةِ ولَوْ مُجَرَّدَ دُخولٍ، وفَسَّروا الثَّنيَّ مِنَ المَعْزِ بِما بَلَغَ سَنَةً، ودَخَلَ في الثّانيَةِ دُخولا بَيِّنًا، كَمُضيِّ شَهْرٍ بَعْدَ السَّنَةِ، وفَسَّروا الثَّنيَّ مِنَ البَقَرِ بِما بَلَغَ ثلاثَ سِنينَ، ودَخَلَ في الرّابِعَةِ ولَوْ دُخولا غَيْرَ بَيِّنٍ، والثَّنيَّ مِنَ الإبِلِ بِما بَلَغَ خَمْسًا ودَخَلَ في السّادِسَةِ ولَوْ دُخولا غَيْرَ بَيِّنٍ.

وَذَهَبَ الشّافِعيَّةُ إلَى أنَّ الجَذَعَ ما بَلَغَ سَنَةً، وقالوا: لَوْ أجْذَعَ بِأنْ أسْقَطَ مُقَدَّمَ أسْنانِهِ قَبْلَ السَّنَةِ وبَعْدَ تَمامِ سِتَّةِ أشْهُرٍ يَكْفي، وفسَّروا الثَّنيَّ مِنَ المَعْزِ بما بَلَغَ سَنَتَيْنِ، وكَذَلِكَ البَقَرُ.
الشَّرْطُ الثّالِثُ: سلامتُها مِنَ العُيوبِ الفاحِشَة، وهيَ العُيوبُ الَّتي مِنْ شَأْنِها أنْ تنْقصَ الشَّحْمَ أوِ اللَّحْمَ إلا ما اسْتُثْنيَ.
وَبِناءً على هَذا الشَّرْطِ لا تُجْزِئُ التَّضْحيَةُ بِما يَأْتي:
1- العَمْياءُ.
2- العَوْراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، وهيَ الَّتي ذَهَبَ بَصَرُ إحْدى عَيْنَيْها، وفَسَّرَها الحَنابِلَةُ بِأنَّها الَّتي انْخَسَفَتْ عَيْنُها وذَهَبَتْ؛ لأنَّها عُضْوٌ مُسْتَطابٌ، فَلَوْ لَمْ تَذْهَبِ العَيْنُ أجْزَأتْ عِنْدَهُمْ، وإنْ كانَ عَلَى عَيْنِها بَياضٌ يَمْنَعُ الإبْصارَ.
3- مَقْطوعةُ اللِّسانِ بِالكُلّيَّة.
4- ما ذَهَبَ مِنْ لِسانِها مِقْدارٌ كَثيرٌ، وقالَ الشّافِعيَّةُ: يَضُرُّ قَطْعُ بَعْضِ اللِّسانِ ولَوْ قَليلا.
5- الجَدْعاءُ وهيَ مَقْطوعَةُ الأنْفِ.
6- مَقْطوعَةُ الأُذُنَيْنِ أوْ إحْداهُما، وكذا السَّكّاءُ، وهيَ: فاقِدةُ الأُذُنَيْنِ أوْ إحْداهُما خِلْقَةً وخالَفَ الحَنابِلةُ في السَّكّاء.
7- ما ذَهَبَ مِنْ إحْدى أُذُنَيْها مِقْدارٌ كَثيرٌ، واخْتَلَفَ العُلَماءُ في تَفْسيرِ الكَثيرِ، فَذَهَبَ الحَنَفيَّةُ إلَى أنَّهُ ما زادَ عَنِ الثُّلُثِ في رِوايَةٍ، والثُّلُثُ فَأكْثَرُ في رِوايَةٍ أُخْرَى، والنِّصْفُ أوْ أكْثَرُ، وهوَ قَوْلُ أبي يوسُفَ، والرُّبْعُ أوْ أكْثَرُ في رِوايَةٍ رابِعَةٍ.

وَقالَ المالِكيَّةُ: لا يَضُرُّ ذَهابُ ثُلُثِ الأُذُنِ أوْ أقلُّ.
وقالَ الشّافِعيَّةُ: يَضُرُّ ذَهابُ بَعْضِ الأُذُنِ مُطْلَقًا.
وقالَ الحَنابِلةُ: يَضُرُّ ذَهابُ أكْثَرِ الأُذُن.
والأصْلُ في ذَلِكَ كُلِّهِ حَديثُ: "إنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللَّهُ علَيْه وسلَّم - نَهَى أنْ يُضَحّيَ بِعَضْباءِ الأُذُن".

8- العَرْجاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، وهيَ الَّتي لا تَقْدِرُ أنْ تَمْشيَ بِرِجْلِها إلى المَنْسَك - أيِ المَذْبَح - وفَسَّرَها المالِكيَّةُ والشّافِعيَّةُ بِالَّتي لا تَسيرُ بِسَيْرِ صَواحِبِها.
9- الجَذْماءُ وهيَ: مَقْطوعَةُ اليَدِ أو الرِّجْلِ، وكَذا فاقِدَةُ إحْداهُما خِلْقَةً.
10- الجَذَّاءُ وهيَ: الَّتي قُطِعَتْ رُؤوسُ ضُروعِها أوْ يَبِسَتْ.

وقالَ الشَّافِعيَّةُ:
يَضُرُّ قَطْعُ بَعْضِ الضَّرْعِ، ولَوْ قَليلا.
وقالَ المالِكيَّةُ: إنَّ الَّتي لا تُجْزِئُ هيَ يابِسةُ الضَّرْعِ جَميعِه، فإنْ أرْضَعَتْ بِبَعْضِه أجْزَأتْ.

11- مَقْطوعةُ الألْيَةِ، وكذا فاقِدَتُها خِلْقَةً، وخالَفَ الشّافِعيَّةُ فقالوا بإجْزاءِ فاقِدةِ الألْيَةِ خِلْقَةً، بِخلافِ مَقْطوعَتِها.
12- ما ذَهَبَ مِنْ ألْيَتِها مِقْدارٌ كَثيرٌ، وقالَ الشّافِعيَّةُ: يَضُرُّ ذَهابُ بَعْضِ الألْيَةِ ولَوْ قَليلا.
13- مَقْطوعَةُ الذَّنَبِ، وكَذا فاقِدَتُهُ خِلْقَةً، وهيَ المُسَمّاةُ بِالبَتْراءِ، وخالَفَ الحَنابِلَةُ فيهِما فقالوا: إنَّهُما يُجْزِئان، وخالَفَ الشّافِعيَّةُ في الثّانيَةِ دونَ الأولَى.
14- ما ذَهَبَ مِنْ ذَنَبِها مِقْدارٌ كَثيرٌ، وقالَ المالِكيَّةُ: لا تُجْزِئُ ذاهِبَةُ ثُلُثِه فصاعِدًا.

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: يَضُرُّ قَطْعُ بَعْضِه ولَوْ قَليلا.
وقال الحَنابِلَةُ: لا يَضُرُّ قَطْعُ الذَّنَبِ كُلاًّ أوْ بَعْضًا.

15- المَريضَةُ البَيِّنُ مَرَضُها، أيِ الَّتي يَظْهَرُ مَرَضُها لِمَنْ يَراها.
16- العَجْفاءُ الَّتي لا تُنْقي، وهيَ المَهْزولَةُ الَّتي ذَهَبَ نَقْيُها، وهوَ المُخُّ الَّذي في داخِلِ العِظامِ، فَإنَّها لا تُجْزِئُ؛ لأنَّ تَمامَ الخِلْقَةِ أمْرٌ ظاهِرٌ، فَإذا تَبَيَّنَ خِلافُهُ كانَ تَقْصيرًا.
17- مُصَرَّمَةُ الأطِبّاءِ، وهيَ الَّتي عولِجَتْ حَتَّى انْقَطَعَ لَبَنُها.
18- الجَلالَةُ، وهيَ الَّتي تَأْكُلُ العَذِرَةَ ولا تَأْكُلُ غَيْرَها، مِمّا لَمْ تُسْتَبْرَأْ بِأنْ تُحْبَسَ أرْبَعينَ يَوْمًا إنْ كانَتْ مِنَ الإبِلِ، أوْ عِشْرينَ يَوْمًا إنْ كانَتْ مِنَ البَقَرِ، أوْ عَشْرَةً إنْ كانَتْ مِنَ الغَنَمِ.

هَذِهِ الأمْثِلَةُ ذُكِرَتْ في كُتُبِ الحَنَفيَّة، وهُناكَ أمْثِلَةٌ أُخْرَى لِلأنْعامِ الَّتي لا تُجْزِئُ التَّضْحيَةُ بِها ذُكِرَتْ في كُتُبِ المَذاهِبِ الأُخْرَى.
(مِنْها) ما ذَكَرَهُ المالِكيَّةُ حَيْثُ قالوا: لا تُجْزِئُ (البَكْماءُ) وهيَ فاقِدةُ الصَّوْتِ ولا (البَخْراءُ) وهيَ مُنْتِنَةُ رائِحَةِ الفَمِ، ولَمْ يُقَيِّدوا ذَلِكَ بِكَوْنِها جلالَةً، ولا (بَيِّنَة البَشَمِ)، وهوَ التُّخَمَةُ، ولا (الصَّمّاءُ) وهيَ الَّتي لا تَسْمَعُ.

(وَمِنْها) ما ذَكَرَهُ الشّافِعيَّةُ مِنْ أنَّ (الهَيْماءَ) لا تُجْزِئُ، وهيَ المُصابةُ بِالهُيامِ وهوَ عَطَشٌ شَديدٌ لا تَرْتَوي مَعَهُ بِالماءِ، فتَهيمُ في الأرْضِ ولا تَرْعَى، وكَذا (الحامِلُ) عَلَى الأصَحِّ؛ لأنَّ الحَمْلَ يُفْسِدُ الجَوْفَ ويَصيرُ اللَّحْمُ رَديئًا.

(ومِنْها) ما ذَكَرَه الحَنابِلَةُ مِنْ عَدَم إجْزاءِ (العَصْماء) وهيَ الَّتي انْكَسَرَ غِلافُ قَرْنِها و (الخَصيُّ المَجْبوبُ)، وهوَ ما ذَهَبَ أُنْثَياهُ وذَكَرُهُ مَعًا، بِخِلافِ ذاهِبِ أحَدِهِما.

والأصْلُ الَّذي دَلَّ على اشْتِراطِ السَّلامَة مِنْ هَذِه العُيوبِ كُلِّها ما صَحَّ عَنِ النَّبيِّ - صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم - أنَّهُ قالَ: ((لا تُجْزِئُ مِنَ الضَّحايا أرْبَعٌ: العَوْراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعَرْجاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، والمَريضَةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجْفاءُ الَّتي لا تُنْقي))، وما صَحَّ عنه - عليْه الصَّلاةُ والسَّلامُ - أنَّهُ قالَ: ((اسْتَشْرِفوا العَيْنَ والأُذُنَ))، أيْ تَأمَّلوا سلامَتَها عَن الآفاتِ، وما صَحَّ عَنْهُ - عَليْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - أنَّهُ: نَهى أنْ يُضَحَّى بِعَضْباءِ الأُذُن.

وألْحَقَ الفُقَهاءُ بِما في هَذِه الأحاديثِ كُلَّ ما فيهِ عَيْبٌ فاحِشٌ.

أمّا الأنْعامُ الَّتي تُجْزِئُ التَّضْحيَةُ بِها لأنَّ عَيْبَها لَيْسَ بِفاحِشٍ، فهي كالآتي:
1- الجَمّاءُ: وتُسَمَّى الجَلْحاءُ، وهيَ الَّتي لا قَرْنَ لَها خِلْقَةً، ومِثْلُها مَكْسورَةُ القَرْنِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ عَظْمُ دِماغِها؛ لِما صَحَّ عَنْ عَليٍّ - رضيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنَّهُ قالَ لِمَنْ سَألَهُ عَنْ مَكْسورَةِ القَرْنِ: "لا بَأْسَ، أُمِرْنا أنْ نَسْتَشْرِفَ العَيْنَيْن والأُذُنَيْن".

وَقَدِ اتَّفَقَتِ المَذاهِبُ عَلَى إجْزاءِ الجَمّاءِ، واخْتَلَفَتْ في مَكْسورةِ القَرْنِ، فَقالَ المالِكيَّةُ: تُجْزِئُ ما لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ الكَسْرِ داميًا، وفسَّروا الدّاميَ بِما لَمْ يَحْصُلِ الشِّفاءُ مِنْهُ، وإنْ لَمْ يَظْهَرْ فيهِ دَمٌ.

وقالَ الشّافِعيَّةُ: تُجْزِئُ وإنْ أدْمَى مَوْضِعُ الكَسْرِ، ما لَمْ يُؤَثِّرْ ألمُ الانْكِسارِ في اللَّحْمِ، فيَكونُ مَرَضًا مانِعًا مِنَ الإجْزاءِ.
وَقالَ الحَنابِلَةُ: لا تُجْزِئُ إنْ كانَ الذّاهِبُ مِنَ القَرْنِ أكْثَرُ مِنَ النِّصْفِ، وتُسَمَّى عَضْباءَ القَرْن.

2- الحَوْلاءُ: وهي الَّتي في عَيْنِها حَوَلٌ لَمْ يَمْنَعِ البَصَر.
3- الصَّمْعاءُ: وهي الصَّغيرَةُ إحْدَى الأُذُنَيْنِ أوْ كِلَيْهِما.

وخالَفَ المالِكيَّةُ فَقالوا: لا يُجْزِئُ الصَّمْعاءُ، وفَسَّروها بِالصَّغيرَةِ الأُذُنَيْنِ جِدًّا، كَأنَّها خُلِقَتْ بِدونِهِما.

4- الشَّرْقاءُ: وهي مَشْقوقَةُ الأُذُنِ، وإنْ زادَ الشَّقُّ على الثُّلُث.

وقالَ المالِكيَّةُ: لا تُجْزِئُ إلا إنْ كانَ الشَّقُّ ثُلُثًا فأقَلَّ.

5- الخَرْقاءُ: وهيَ مَثْقوبَةُ الأُذُنِ، ويُشْتَرَطُ في إجْزائِها ألا يَذْهَبَ بِسَبَب الخَرْقِ مِقْدارٌ كثيرٌ.
6- المُدابَرةُ: وهيَ الَّتي قُطِعَ مِنْ مُؤَخَّرِ أُذُنِها شَيْءٌ ولَمْ يُفصلْ، بَلْ تُرِكَ مُعَلَّقًا، فَإنْ فُصلَ فَهي مَقْطوعَةُ بَعْضِ الأُذُن، وقَدْ سَبَقَ بَيانُ حُكْمِها.
7- الهَتْماءُ: وهيَ الَّتي لا أسْنانَ لَها، لَكِنْ يُشْتَرَطُ في إجْزائِها ألا يَمْنَعَها الهُتْمُ عَنِ الرَّعْيِ والاعْتِلافِ، فَإنْ مَنَعَها عَنْهُما لَمْ تُجْزِئْ، وهوَ مَذْهَبُ الحَنَفيَّة.
 
وقالَ المالِكيَّةُ: لا تُجْزِئُ مَكْسورةُ سِنَّيْنِ فَأكْثَرُ أوْ مَقْلوعَتُهُما، إلاَّ إذا كانَ ذَلِكَ لإثْغارٍ أوْ كِبَرٍ، أمّا لِهَذَيْنِ الأمْرَيْنِ فَتُجْزِئُ.
وقالَ الشّافِعيَّةُ: تُجْزِئُ ذاهِبَةُ بَعْضِ الأسْنانِ إنْ لَمْ يُؤَثِّرْ نَقْصًا في الاعْتِلافِ، ولا ذاهِبَةُ جَميعِها ولا مَكْسورَةُ جَميعِها، وتُجْزِئُ المَخْلوقَةُ بِلا أسْنانٍ.
وقالَ الحَنابِلةُ: لا تُجْزِئُ ما ذَهَبَ ثَناياها مِنْ أصْلِها، بِخِلافِ ما لَوْ بَقيَ مِنَ الثَّنايا بَقيَّةٌ.

8- الثَّوْلاءُ: وهيَ المَجْنونَةُ، ويُشْتَرَطُ في إجْزائِها ألا يَمْنَعَها الثَّوْلُ عَنِ الاعْتِلاف، فإنْ مَنَعَها مِنْهُ لَمْ تُجْزِئْ؛ لأنَّ ذَلِكَ يُفْضي إلى هَلاكِها.

وقالَ المالِكيَّةُ والشّافِعيَّةُ: لا تُجْزِئُ الثَّوْلاءُ، وفَسَّرَها المالِكيَّةُ بِأنَّها الدّائِمَةُ الجُنونُ الَّتي فَقَدَتِ التَّمْييزَ بِحَيْثُ لا تَهْتَدي لِما يَنْفَعُها ولا تُجانِبُ ما يَضُرُّها، وقالوا: إنْ كانَ جُنونُها غَيْرَ دائِمٍ لَمْ يَضُرَّ.
وفَسَّرَها الشّافِعيَّةُ بِأنَّها الَّتي تَسْتَديرُ في المَرْعَى، ولا تَرَعى إلا قَليلا، فَتَهْزلُ.

9- الجَرْباءُ السَّمينَةُ: بِخِلافِ المَهْزولَة، وقالَ الشّافِعيَّةُ: لا تُجْزِئُ الجَرْباءُ مُطْلَقًا.
10- المَكْويَّةُ: وهيَ الَّتي كويَتْ أُذُنُها أوْ غَيْرُها مِنَ الأعْضاء.
11- المَوْسومَةُ: وهي الَّتي في أُذُنِها سِمَةٌ.
12- العاجِزَةُ: عَنِ الوِلادةِ لِكِبَرِ سِنِّها.
13- الخَصيُّ: وإنَّما أجْزَأ؛ لأنَّ ما ذَهَبَ بِخِصائِه يُعَوَّضُ بِما يُؤَدّي إلَيْهِ مِنْ كَثْرة لَحْمِه وشَحْمِه، وقَدْ صَحَّ أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم - ضحَّى بِكَبْشَيْنِ أمْلَحَيْنِ مَوْجوءَيْن؛ أي: مَرْضوضَيِ الخُصْيَتَيْنِ، ويُلْحَقُ بِالمَرَضِ الخِصاءُ؛ لأنَّ أثَرَهُما واحِدٌ.

وقَدِ اتَّفَقَتْ على إجْزائِه المَذاهِبُ الأرْبَعَةُ.

وحَكَى صاحِبُ "المُغْني" الإجْزاءَ عَنِ الحَسَنِ وعَطاءٍ والشَّعْبيِّ والنَّخَعيِّ ومالِكٍ والشّافِعيِّ وأبي ثَوْرٍ وأصْحابِ الرَّأْيِ.

وكالخَصيِّ المَوْجوءُ وهوَ المَرْضوضُ الخُصْيَةُ.

وهَذا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ المَذاهِب.

14- المَجْبوبُ: وهوَ ما قُطِعَ ذَكَرُه وسَبَقَ قَوْلُ الحَنابِلةِ أنَّ المَجْبوبَ الخَصيُّ - وهو: ما ذَهَبَ أُنْثَياهُ وذكَرُهُ مَعًا - لا يُجْزِئُ، بِخِلافِ ذاهِبِ أحَدِهِما فَقَطْ.
15- المَجْزوزةُ: وهيَ الَّتي جُزَّ صوفُها.
16- السّاعِلةُ: وهيَ الَّتي تَسْعُلُ - بِضَمِّ العَيْنِ - ويجِبُ تَقْييدُ ذَلِكَ بِما لَمْ يَصْحَبْهُ مَرَضٌ بَيِّنٌ.

هَذِه الأمْثِلةُ ذَكَرَها الحَنَفيَّةُ وجاءَ في كُتُبِ غَيْرِهِمْ أمْثِلَةٌ أُخْرَى لِما يُجْزِئُ.
(وَمِنْها) ما صَرَّحَ بِهِ المالِكيَّةُ مِنْ أنَّ المُقْعَدةَ - وهيَ العاجِزةُ عَنِ القيامِ لِكَثْرَةِ الشَّحْمِ عَلَيْها - تُجْزِئُ.
(مِنْها) ما ذَكَرَهُ الشّافِعيَّةُ مِنْ أنَّ العَشْواءَ تُجْزِئُ، وهيَ الَّتي تُبْصِرُ بِالنَّهارِ دونَ اللَّيْلِ، وكَذا العَمْشاءُ وضَعيفَةُ البَصَر.
وكَذا الَّتي قُطِعَ مِنْها قِطْعَةٌ صَغيرةٌ مِنْ عُضْوٍ كَبيرٍ، كالَّتي أخذَ الذِّئْبُ مِقْدارًا قَليلا مِنْ فَخِذِها، بِخِلافِ المِقْدارِ البَيِّنِ الَّذي يُعَدُّ كَثيرًا بِالنِّسْبَةِ لِجَميعِ الفَخِذ.
طُروءُ العَيْبِ المُخِلِّ بَعْدَ تَعْيينِ الأُضْحيَّةِ.

لَوِ اشْتَرَى رَجُلٌ شاةً بِنيَّةِ الأُضْحيَّةِ فَعَجَفَتْ عِنْدَهُ عَجَفًا بَيِّنًا لَمْ تُجْزِئْهُ، إنْ كانَ عِنْدَ الشِّراءِ موسِرًا مُقيمًا، وكانَ شِراؤُهُ إيّاها في وقْتِ الوُجوب؛ لِما سَبَقَ مِنْ أنَّ شِراءَهُ لِلأُضْحيَّةِ لا يوجِبُها؛ لأنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ أُضْحيَّةٌ في ذِمَّتِهِ بِأصْلِ الشَّرْعِ، وإنَّما أقامَ ما اشْتَراهُ مَقامَ ما في الذِّمَّةِ، فَإذا نَقَصَ لَمْ يَصْلُحْ لِهَذِهِ الإقامَةِ فَيَبْقَى ما في ذِمَّتِه بِحالِه.

فإنْ كانَ عِنْدَ الشِّراءِ فَقيرًا، أوْ غَنيًّا مُسافِرًا، أوْ غَنيًّا مُقيمًا، واشْتَراها قَبْلَ وقْتِ النَّحْرِ، أجْزَأتْهُ في هَذِهِ الصّوَرِ كُلِّها؛ لأنَّهُ لَمْ تَكُنْ في ذِمَّتِهِ أُضْحيَّةٌ واجِبَةٌ وقْتَ الشِّراءِ، فكانَ الشِّراءُ بِنيَّةِ التَّضْحيَةِ إيجابًا لها بِمَنْزِلَةِ نَذْرِ الأُضْحيَّةِ المُعَيَّنَةِ، فكانَ نُقْصانُها كهَلاكِها يَسْقُطُ بِه إيجابُها.

ويُعْلَمُ مِنْ هذا أنَّ الفَقيرَ أو الغَنيَّ لَوْ أوْجَبَ على نَفْسِه بِالنَّذْرِ أُضْحيَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَى شاةً بِنيَّةِ التَّضْحيَةِ، فتَعَيَّبَتْ، لَمْ تُجْزِئْ؛ لأنَّ الشِّراءَ في هَذِه الحالَةِ لَيْسَ إيجابًا، وإنَّما هوَ إقامَةٌ لِما يَشْتَريهِ مَقامَ الواجِب.

ومِنْ شَرْطِ الإقامةِ السَّلامَةُ، فإذا لَمْ تُجْزِئْ إقامتُها مَقامَ الواجِبِ بَقيَ الواجِبُ في ذِمَّتِه كما كانَ.

وكالشّاةِ الَّتي عَجَفَتْ بَعْدَ الشِّراء، كُلُّ النَّعَمِ الَّتي يَحْدُثُ لها بَعْدَ الشِّراءِ عَيْبٌ مُخِلٌّ، أوْ تَموتُ، أوْ تُسْرَقُ، فَفيها التَّفْصيلُ السّابِقُ.

ولَوْ قَدَّمَ المُضَحِّي أُضْحيَّةً ليَذْبَحَها، فاضْطَرَبَتْ في المَكانِ الَّذي يَذْبَحُها فيهِ، فانْكَسَرَتْ رِجْلُها، أوِ انْقَلَبَتْ فَأصابَتْها الشَّفْرَةُ في عَيْنِها فاعْوَرَّتْ أجْزَأتْه؛ لأنَّ هَذا مِمّا لا يُمْكِنُ الاحْتِرازُ عَنْهُ؛ لأنَّ الشّاةَ تَضْطَرِبُ عادَةً، فَتَلْحَقُها العُيوبُ مِن اضْطِرابِها.

هذا مَذْهَبُ الحَنَفيَّة.

وذَهَبَ المالِكيَّةُ: إلى أنَّ الأُضْحيَّةَ المُعَيَّنَةَ بِالنَّذْرِ أوْ بِغَيْرِه إذا حَدَثَ بِها عَيْبٌ مُخِلٌّ لَمْ تُجْزِئْ، ولَهُ التَّصَرُّفُ فيها بِالبَيْعِ وغَيْرِه، وعليْه التَّضْحيَةُ بِأُخْرَى إنْ كانَتْ مَنْذورَةً، ويُسَنُّ لَهُ التَّضْحيَةُ بِأُخْرى إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْذورَةً، هذا إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَ الإضْجاعِ لِلذَّبْحِ، أمَّا لَوْ تَعَيَّبَتْ بَعْدَ الإضْجاعِ لَه فَيُجْزِئُ ذَبْحُها.

وقالَ الشّافِعيَّةُ: منْ أوْجَبَ أُضْحيَّةً مُعَيَّنَةً بِالنَّذْرِ أو الجُعْلِ، ثُمَّ طَرَأ عَلَيْها عَيْبٌ - يَمْنَعُ إجْزاءَها قَبْلَ دُخولِ الوَقْتِ الَّذي تُجْزِئُ فيهِ التَّضْحيَةُ، أوْ بَعْدَ دُخولِه وقَبْلَ تَمَكُّنِه مِنَ الذَّبْحِ، ولَمْ يَقَعْ مِنْهُ تَفْريطٌ ولا اعْتِداءٌ - لَمْ يَلْزَمْهُ بَدَلُها، لِزَوالِ مِلْكِه عَنْها مِنْ حينِ الإيجابِ، ويَلْزَمُهُ أنْ يَذْبَحَها في الوَقْتِ ويَتَصَدَّقُ بِها كالأُضْحيَّةِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ أُضْحيَّةً.

وإذا طَرَأ العَيْبُ بِاعْتِدائِه أوْ تَفْريطِه أوْ تَأخُّرِه عَنِ الذَّبْحِ في أوَّلِ الوَقْتِ بِلا عُذْرٍ لَزِمَهُ ذَبْحُها في الوَقْتِ والتَّصَدُّقِ بِها، ولَزِمَهُ أيْضًا أنْ يُضَحِّيَ بِأُخْرَى لِتَبْرَأ ذِمَّتَهُ.

ولوِ اشْتَرَى شاةً وأوْجَبَها بِالنَّذْرِ أوِ الجعْلِ، ثُمَّ وجَدَ بِها عَيْبًا قَديمًا، فلَيْسَ لَهُ أنْ يَرُدَّها على البائِعِ؛ لأنَّهُ زالَ مِلْكُهُ عَنْها بِمُجَرَّدِ الإيجابِ، فيَتَعَيَّنُ أنْ يُبْقيَها، ولَهُ أنْ يَأْخُذَ أرْش النَّقْصِ مِن البائِعِ، ولا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِه؛ لأنَّهُ مِلْكُهُ، وعَلَيْه أنْ يَذْبَحَها في الوَقْتِ، ويَتَصَدَّقَ بِها كُلّها لِشَبَهِها بِالأُضْحيَّةِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ أُضْحيَّةً، ويَسْقُطُ عَنْهُ الوُجوبُ بِهَذا الذَّبْحِ، ويُسَنُّ لَهُ أنْ يُرْدِفَها بِسَليمَةٍ، لِتَحْصُلَ لَهُ سُنَّةُ التَّضْحيَة.

وَلَوْ زالَ عَيْبُها قَبْلَ الذَّبْحِ لَمْ تَصِرْ أُضْحيَّةً؛ إذِ السَّلامَةُ لَمْ توجَدْ إلاَّ بَعْدَ زَوالِ مِلْكِه عَنْها.

وَمَنْ عَيَّنَ شاةً ليُضَحِّيَ بِها مِنْ غَيْرِ إيجابٍ بِنَذْرٍ ولا جعْلٍ، فطَرَأ عَلَيْها عَيْبٌ مُخِلٌّ بِالإجْزاءِ لَمْ تُجْزِئِ التَّضْحيَةُ بِها، ولا فَرْقَ في طُروءِ العَيْبِ بَيْنَ كَوْنِه عِنْدَ الذَّبْحِ أوْ قَبْلَهُ، فلَوْ أضْجَعَ شاةً ليُضَحّيَ بِها وهي سَليمَةٌ فاضْطَرَبَتْ، وانْكَسَرَتْ رِجْلُها، أوْ عَرَجَتْ تَحْتَ السِّكّينِ لَمْ تُجْزِئْه على الأصَحِّ عِنْدَ الشّافِعيَّة.

ومَذْهَبُ الحَنابِلةِ قريبٌ مِنْ مَذْهَبِ الشّافِعيَّة، إلا أنَّهُمْ يَقولونَ: إنَّ الواجِبَة لا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَميعِها بَلْ بِبَعْضِها، كَما أنَّهُمْ يَقولونَ بِإجْزاءِ التَّضْحيَة إذا عَيَّنَ شاةً صَحيحَةً لِلتَّضْحيَة، ثُمَّ حَدَثَ بِها عَيْبٌ يَمْنَعُ الإجْزاءَ.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم الأضحية وصفاتها
  • الخطبة الخامسة في حكم الأضحية وصفاتها
  • أحكام الأضحية
  • هل يجزئ سُبع البدنة أو البقرة في الأضحية ؟
  • أحكام العيد والأضحية وأيام التشريق
  • حكم ذبح الأضحية في غير مكان المضحِّي
  • سنة الأضحية بين العادة والعبادة!
  • ثمانون مسألة في أحكام الأضحية
  • فضائل العشر وسنن العيد وأحكام الأضحية
  • ضحوا تقبل الله ضحاياكم
  • حكمة مشروعية الأضحية
  • الأضحية
  • أحكام الأضحية "مختصرة"
  • الحقيقة في ملخص أحكام الأضحية والعقيقة
  • ما يكره في الأضحية
  • أحكام الأضحية في الشريعة الإسلامية (1)
  • القاعدة الفقهية: العادة محكمة
  • تعريف الأضحية وحكمها وفضلها

مختارات من الشبكة

  • الأضحية: أحكام وحكم(مقالة - ملفات خاصة)
  • كيفية إيجاب الأضحية، وإذا وجد بها ولد وعيب بعد الشراء، توزيع الأضحية وإعطاء الجازر منها(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مختصر أحكام الأضحية والعيدين(مقالة - ملفات خاصة)
  • جمل مختصرة في أحكام الأضحية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بعض أحكام الأضحية والهدي(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام الأضحية- الجزء الأول (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الأضحية(مقالة - ملفات خاصة)
  • تعليم المسلمين أحكام الأضحية في الدين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أحكام الأضحية قبل شرائها وفضل عشر ذي الحجة(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام ذبح الأضحية وآداب عيد الأضحى(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
1- كلمة شكر
جمال - الجزائر 02-11-2011 06:23 PM

بارك الله فيكم وفي أمثالكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب