• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / يوم عرفة والأضحية
علامة باركود

مشروعية الأضحية

مشروعية الأضحية
فرج بن عبدالعال

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/10/2013 ميلادي - 8/12/1434 هجري

الزيارات: 32232

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مشروعية الأضحية


الأضحية:

بتشديد الياء هو ما يذبح من النعم تقربًا إلى الله يوم العيد وأيام التشريق.

 

قال النووي في المجموع[1] قال الجوهري: قال الأصمعي في الأضحية أربع لغات أضحية [بضم الهمزة] وأضحية [بكسرها] وجمعها أضاحي بتشديد الياء وتخفيفها.

 

[والثالث] ضحية وجمعها ضحايا، والرابع أضحاه وجمعها أضحى، كأرطاة وأرطى وبها سمي يوم الأضحى.

 

ويقال: ضحى يضحي تضحية فهو مضح، وقيل: سميت بذلك لفعلها في الضحى.

 

وكأن تسميتها اشتقت من اسم الوقت الذي تشرع فيه[2].

 

وفي الأضحى لغتان. التذكير لغة قيس.

 

والتأنيث لغة تميم.

 

ولابد أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، والبهيمة اسم لكل ذي أربع، سميت بذلك لإبهامها من جهة نقص نطقها وفهمها وعدم تمييزها وعقلها.

 

والأنعام هي الإبل والبقر والغنم سميت بذلك لِلِين مشيها.

 

مشروعيتها: لقد شرع الله الأضحية بقوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾[3]، وبقوله عز وجل: ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾[4]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ﴾[5]. قال ابن عطية في تفسيره[6] للآية الأولى: أمر بالصلاة على العموم، ففيه المكتوبات بشروطها، والنوافل على أثرها، والنحر نحر الهدي والنسك في الضحايا في قول جمهور الناس فكأنه تعالى قال: ليكن شغلك هذين، وقال أنس بن مالك: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ينحر يوم الأضحى قبل الصلاة، فأمر أن يصلى ثم ينحر.

 

قال محمد بن كعب القرظي: يقول: [إن ناسًا يصلون لغير الله وينحرون لغير الله، وقد أعطيناك الكوثر فلا تكن صلاتك ولا نحرك إلا لله].

 

إنها فرحة عظيمة تغمر قلوب المؤمنين الموحدين حين ينصاعون لأمر ربهم اتباعًا لهدى نبيهم، ويتذكرون أمر الفداء الذي قال الله فيه: ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾[7]، فيحنو الغني على الفقير، ويتكاتف الجميع لإحياء هذه السنة المباركة حتى لا تموت كغيرها فيقوم على أنقاضها بدعة شركية تؤدي بالناس إلى الهلاك، فهيا أيها الموحدون ضحوا وطيبوا بها نفسًا.

 

فضلها: اعلم يرحمك الله أن كل قربة يتقرب بها العبد إلى ربه ينال أجرًا عظيمًا على فعلها من الكبير المتعال جل جلاله، وقد ورد في تفسير قوله تعالى[8]: ﴿ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا ﴾[9] الآية. قال ابن خويز منداد: تضمنت هذه الآية تناول المباح والشهوات والانتفاع بكل لذيذ من مطعم ومشرب ومنكح، وإن بُولِغ فيه وتُنوهِي في ثمنه، وهذه الآية نظير قوله تعالى: ﴿ لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ﴾[10]، ونظير قوله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾[11].

 

وفي الضحايا فضل كثير، قال الله عز وجل: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ﴾[12]، يعني ذخر الثواب. قال الشيخ ناصر السعدي -رحمه الله-[13]: وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من الأضاحي وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به.

 

وعن عائشة قالت: يا أيها الناس ضحوا وطيبوا أنفسًا فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: [ما من عبد توجه بأضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة فإن الدم إن وقع في التراب فإنما يقع في حرز الله حتى يوفيه صاحبه يوم القيامة] [14] وعنها أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: [ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله عز وجل من إهراقهِ[15] دمًا، وإنها لنأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها، وإن الدم يقع من الله عز وجل بمكان [16] قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفسًا][17]، وفي الخبر: [لكم بكل صوفة من جلدها حسنة وكل قطرة من دمها حسنة، وإنها لتوضع في الميزان فأبشروا[18].

 

إن الله عز وجل قد عود عبادة الطائعين أن يجزل لهم العطاء، فلو أن أحدنا همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فما بالك وأنت تقدم هديًا لله عز وجل مقتديًا بنبيك - صلى الله عليه وسلم - متذكرًا يوم التضحية والفداء وما حدث مع أب الأنبياء إبراهيم عليه السلام، فتعطف حينها على الفقراء وتوسع عليهم وعلى نفسك بهذه الأضحية فتجمع بين الخيرين خيري الدنيا والآخرة.

 

قال المناوي: إن ما يفعله العبد من خير وشر في هذه الدار له نتائج تظهر في دار البقاء لأنها محل الجزاء وجزاء كل إنسان بحسب عمله، وكل معروف أو منكر يجازى عليه من جنسه، وكل إنسان يحشر على ما كان عليه في الدنيا[19]. اهـ.

 

فليكن الجود والكرم من طبعك وإياك والبخل، فإنه داء عضال نسأل الله العافية.

 

حكمتها:

شرع الله عز وجل الأضحية إحياء لذكرى إبراهيم عليه السلام في قصته مع ولده إسماعيل، وكان إبراهيم قد رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل ورؤيا الأنبياء وحي من الله تعالى، فأراد أن ينفذ ما رآه في الواقع فامتثل إسماعيل لأمر الله عز وجل وأطاع والده في تنفيـذ الأمر ففداه الله عز وجل ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾[20]، وقص الله علينا القصة كاملة في سورة الصافات وأثنى الله عليهما في نهاية القصة، فكانت سنة باقية إلى يوم القيامة، وكذلك جعلها الله [أي الأضحية] توسعة على الناس يوم العيد، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: وهو يصف أيام العيد [إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل][21].

 

فانظر رحمك الله كيف جمع الحديث بين الدنيا والآخرة، بين حاجة العبد وهي الأكل والشرب وبين ما يطلبه الله عز وجل من العبد وهو عدم نسيان العبد لذكر الله تعالى. وهذه حكمة عظيمة ينبغي أن ترسخ في القلوب، ويعلمها الناس حتى يعملوا بها، فإن كثيرًا من الناس يهتم اهتمامًا بالغًا بالأكل والشرب ولا يهتم بزاده في الآخرة والله تعالى يقول: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾[22]، نسأل الله من فضله.

 

حكمها:

اختلف أهل العلم في حكم الأضحية أهي واجبة أم سنة؟ وأذكر في هذا الباب أقوال أهل العلم في ذلك، فأقول وبالله التوفيق:

قال الإمام العلامة أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي في كتابه القيم [المقدمات الممهدات][23]: فالضحية سنة من سنن الإسلام وشرع من شرائعه، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: [أمرت بالنحر وهو لكم سنة]، وأما قول الله عز وجل ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ قيل معناه فصل لربك وانحر لربك، فتكون الآية على هذا عامة في الهدايا والضحايا، وقيل: يعني به صلاة الصبح بالمشعر الحرام ثم النحر بعدها بمنى، وقيل: يعني به صلاة العيد، ثم النحر بعدها.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله[24]: والأضحية والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمن ذلك، فإذا كان معه مال يريد التقرب به إلى الله كان له أن يضحى به، والأكل من الأضحية أفضل من الصدقة، والأضحية من النفقة بالمعروف فيضحي عن اليتيم من ماله، وتأخذ المرأة من مال زوجها ما تضحي به عن أهل البيت وإن لم يأذن في ذلك، ويضحي إذا كان له وفاء.

 

قال ابن رشد القرطبي المالكي[25]:[وتحصيل مذهب مالك أنها من السنن التي يؤمر الناس بها، ويندبون إليها، ولا يرخص لهم في تركها، وإن كان الرجل فقيرًا لا شيء له إلا ثمن الشاة فليضح وإن لم يجد فليستسلف، وقد روي عنه رحمه الله أن الضحية أفضل من الصدقة.

 

قال صاحب كفاية الأخيار[26]: والأضحية سنة ليست بواجبه لما ورد في صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام قال: [إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليسمك عن شعره وأظفاره][27]، قال الحاكم: هو على شرط البخاري ووجه الدلالة منه أنه علق التضحية على الإرادة وما هو واجب ليس هذا من شأنه، فالتضحية سنة على الكفاية إذا فعلها واحد من أهل بيت تأذى عن الكل حق السنة، ولو تركها أهل بيت كره لهم ذلك والمخاطب بها الحر القادر.

 

قال العلامة الشيخ عبدالله بن الشيخ حسن الحسن الكوهجي[28]: والتضحية سنة مؤكدة في حقنا أما في حقه - صلى الله عليه وسلم - فواجبة لحديث: [أمرت بالنحر وهو سنة لكم]، وهي سنة على الكفاية إن تعدد أهل البيت، فإذا فعلها واحد من أهل البيت كفى عن الجميع وإلا فسنة عين.

 

قال الإمام النووي[29]: قال الشافعي والأصحاب: التضحية سنة مؤكدة وشعار ظاهر ينبغي للقادر المحافظة عليها، وهي سنة على الكفاية في حق أهل البيت الواحد، فإذا ضحى أحدهم حصل سنة التضحية في حقهم، قال الرافعي: الشاة الواحدة لا يضحي بها إلا عن واحد، لكن إذا ضحى بها واحد من أهل بيت تأتى الشعار والسنة لجميعهم، وقد ذكر الإمام مالك رحمه الله أن الضحية واجبة على المقيم والمسافر والذكر والأنثى والصغير والكبير، وقال: [يضحي الوصي عن اليتيم من ماله، ويلزم الأب أن يضحي عن بينه الذكور والإناث ما كانت نفقتهم له لازمة، الذكور حتى يحتلموا، والإناث حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن، والاختيار عند مالك أن يضحي عن كل نفس بشاة، فإن ضحى بشاة واحدة عن جميع أهل البيت أجزأهم[30].

 

إن الأضحية من الأعمال الصالحة التي يثاب عليها العبد، وفي الحديث عن ابن عباس أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: [ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشيء][31].

 

والأضحية واجبة على القادر، وقد نصت الأحاديث على ذلك وإليكم بعضها:

الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عيه وسلم - قال: [من كان له سعة[32] ولم يضح فلا يقربن مصلانا][33].

 

وهذا حديث يدل بظاهره على الوجوب؛ لأنه يدل على أبعاد العبد عن مجالسة الأخيار، فالصالحون الذين وسع الله عليهم يضحون ليوسعوا على أنفسهم وعلى غيرهم، وفي الحديث رائحة التهديد من النبي - صلى الله عليه وسلم - ونهى للعبد عن عدم التخلف عن ركب الصالحين الذين يفعلون ما يحبه الله ويرضاه ويقتدون بهدى نبيه ومصطفاة.

 

وعن مخنف بن سليم قال: كنا وقوفا عند النبي- صلى الله عليه وسلم - بعرفة فقال:[يا أيها الناس! إن على كل أهل بيت[34] في كل عام أضحية وعتيرة، أتدرون ما العتيرة؟ هي التي يسميها الناس الرجبية][35].

 

وقد نسخ هذا الحكم بما رواه البخاري[36] عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: [لا فرع ولا عتيرة].

 

والفرع أول النتاج، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، والعتيرة في رجب، زاد أبو داود عن بعضهم [ثم يأكلونه ويلقى جلده على الشجر] فيه إشارة إلى علة النهي، واستنبط الشافعي منه الجواز إذا كان الذبح لله جمعا بينه وبين حديث [الفرع حق][37].

 

وللحاكم[38] من طريق عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة من قوله: [الفرعة حق ولا تذبحها وهي تلصق في يدك ولكن أمكنها من اللبن حتى إذا كانت من خيار المال فاذبحها]، قال الشافعي فيما نقله البيهقي من طريق المزني عنه [الفرع شيء كان أهل الجاهلية يذبحونه يطلبون به البركة في أموالهم، فكان أحدهم يذبح بكر ناقته أو شاته رجاء البركة فيما يأتي بعده، فسألوا النبي- صلى الله عليه وسلم - عن حكمها فأعلمهم أنه لا كراهة عليهم فيه وأمرهم استحبابا أن يتركوه حتى يحمل عليه في سبيل الله، وأما قوله: [لا فرع ولا عتيرة] فإن معناه لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة.

 

الثاني: عن أبي سريحة قال: (حملني أهلي على الجفاء بعد ما علمت من السنة، كان أهل البيت يضحون بالشاة والشاتين، والآن يبخلنا جيراننا)[39].

 

[ثم إن النبي- صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر][40] وهناك حديث عن عائشة يرويه ابن الزبير عنها أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتى به ليضحى به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية[41] ثم قال: اشحذيها بحجر، ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وال محمد، ومن أمة محمد[42]، ثم ضحى به.

 

وقد رُوي عن أبي بكر وعمر أنهما كانا لا يضحيان عن أهلهما مخافة أن يرى ذلك واجبًا][43].

 

وكذلك كان أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه يقول: [إني لأدع الأضحى، واني لموسر مخافة أن يرى جيراني أنه حتم علي] وإسناده صحيح أيضا.

 

وعن عطاء بن يسار قال: [سألت أبا أيوب الأنصاري كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كان الرجل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحى بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصار كما ترى[44].

 

وقد ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعن عبدالرحمن بن جابر ابن عبدالله قال: حدثني أبي أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أتى بكبشين أملحين عظيمين أقرنين موجوئين فأضجع أحدهما وقال: بسم الله، والله أكبر اللهم عن محمد وأمته ممن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ، [وفي رواية قال]: ثم يؤتي بالآخر فيذبحه بنفسه ويقول: هذا عن محمد وآل محمد فيطعمهما جميعا المساكين، ويأكل هو وأهله منهما فمكثنا سنين ليس رجل من بني هاشم يضحى قد كفاه الله المؤنة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والغرم][45].

 

فائدة[46]: يحق لنا بعد ذكرنا لأضحيته - صلى الله عليه وسلم - أن نذكر فائدة عزيزة وهي أن ما جاء في هذه الأحاديث من تضحيته - صلى الله عليه وسلم - عمّن لم يضح من أمته، هو من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - كما ذكره الحافظ في الفتح[47] عن أهل العلم، وعليه فلا يجوز لأحد أن يقتدي به - صلى الله عليه وسلم - في التضحية عن الأمة، وبالأحرى أن لا يجوز له القياس عليها غيرها من العبادات كالصلاة والصيام والقراءة ونحوها من الطاعات لعدم ورود ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم - فلا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد، ولا يقرأ أحد عن أحمد، وأصل ذلك كله قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾[48]. نعم هناك أمور استثنيت من هذا الأصل بنصوص وردت ولا مجال الآن لذكرها، فلتطلب في المطولات.

 

قال القرطبي[49]: إن الضحية ليست بواجبة، ولكنها سنة ومعروف، وقال عكرمة: كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين أشترى له لحما ويقول: من لقيت فقل: هذه أضحية ابن عباس. قال أبو عمر: ومحمل هذا وما روى عن أبي بكر وعمر إنهما لا يضحيان عند أهل العلم لئلا يعتقد في المواظبة عليها أنها واجبة فرض، وكانوا أئمة يقتدي بهم من بعدهم ممن ينظر في دينه إليهم، لأنهم الواسطة بين النبي وبين أمته فساغ لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم.

 

واختلفوا أيما أفضل الأضحية أو الصدقة بثمنها، فقال مالك وأصحابه، الضحية أفضل إلا بمنى؛ لأنه ليس موضع الأضحية، وقال أبو عمر وأحمد بن حنبل: الضحية أفضل من الصدقة، لأن الضحية سنة مؤكدة كصلاة العيد، ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل[50].

 

وقد ترجم البخاري[51] بالسنة إشارة إلى مخالفة من قال بوجوبها، قال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة، وصح أنها غير واجبة عن الجمهور، ولا خلاف في كونها من شرائع الدين، وهي عند الشافعية والجمهورية سنة مؤكدة على الكفاية.

 

وقال أحمد: يكره تركها مع القدرة وعنه واجبة، وعن محمد بن الحسن هي سنة غير مرخص في تركها، قال الطحاوي: وبه نأخذ وليس في الآثار ما يدل على وجوبها.

 

وقد استدل من قال بالوجوب بوقوع الأمر فيها بالإعادة، وأجيب بأن المقصود بيان شرط الأضحية المشروعة، فهو كما قال لمن صلى راتبة الضحى مثلا قبل طلوع الشمس: إذا طلعت الشمس فأعد صلاتك.

 

قال القرطبي في [المفهم] فيمن ذبح قبل الصلاة: لا حجة للقائلين لهذا القول، وإنما المقصود بيان كيفية مشروعية الأضحية لمن أراد أن يفعلها أو من أوقعها على غير الوجه المشروع خطأ أو جهلا، فبين له وجه تدارك ما فرط منه، وهذا معنى قوله: [لا تجزى عن أحد بعدك] أي لا يحصل له مقصود القربة، ولا الثواب، كما يقال في صلاة النفل: لا تجزى إلا بطهارة وستر عورة، قال: وقد استدل بعضهم للوجوب بأن الأضحية من شريعة إبراهيم الخليل، وقد أمرنا باتباعه، ولا حجة فيه لأن نقول بموجبه، ويلزمهم الدليل على أنها كانت في شريعة إبراهيم واجبة ولا سبيل إلى علم ذلك، ولا دلالة في قصة الذبيح للخصوصية التي فيها والله أعلم[52].

 

واستدل من قال بعدم الوجوب بحديث ابن عباس [كتب على النحر ولم يكتب عليكم] وهو حديث ضعيف، أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني والدارقطني وصححه الحاكم فذهل، وقد استوعب ابن حجر طرقه ورجاله في الخصائص من تخريج أحاديث الرافعي.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والأظهر وجوبها لأنها من أظهر شعائر الإسلام وهي من ملة إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته، وقد جاءت الأحاديث بالأمر بها ونفاة الوجوب ليس معهم نص ا هـ.

 

ثم قال: وذبح الأضحية أفضل من التصديق بثمنها؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - ضحى ولم يتصدق بثمن الأضحية حتى في عام المجاعة التي أصابت المسلمين.



[1] المجموع شرح المهذب 8/382.

[2] فتح الباري 10/5.

[3] الكوثر: 2.

[4] الصافات: 107.

[5] الحج: 36.

[6] المحرر الوجيز: 15/584، 585.

[7] الصافات: 107.

[8] القرطبي: 10/7564.

[9] المائدة: 93.

[10] المائدة: 87.

[11] الأعراف: 32.

[12] الحج: 36.

[13] تيسير الكريم الرحمن (ص: 865).

[14] أخرجه الترمذي وحسنه ابن ماجه وضعفه ابن حبان، وقال البخاري: إنه مرسل، ووصله ابن خزيمة، وضعفه الشيخ الألباني في المشكاة 1470، التعليق الرغيب 2/101.

[15] إسالته أي ذبح الأضحية.

[16] كناية عن سرعة قبولها.

[17] أخرجه ابن ماجه، وصححه البيهقي من حديث زيد بن أرقم ولفظه بكل شعرة حسنة. قالوا: فالصوف قال: بكل شعرة من الصوف حسنة، وفي رواية البيهقي ( بكل قطرة حسنة)، قال البخاري: لا يصح.

[18] أخرجه ابن ماجه، وصححه البيهقي من حديث زيد بن أرقم ولفظه بكل شعرة حسنة. قالوا: فالصوف قال: بكل شعرة من الصوف حسنة، وفي رواية البيهقي ( بكل قطرة حسنة)، قال البخاري: لا يصح.

[19] فيض القدير 2/440 وانظر الجزاء من جنس العمل لشيخنا العفاني حفظه الله 2/149.

[20] الصافات: 107.

[21] رواه الطبري في التفسير (ج 4 صفحة 211 رقم 3911) وابن حبان 959، وأحمد 2/229، 387. والطحاوي في شرح المعاني 1/428، ولفظ أحمد في أحد روايتيه: (طعم وذكر الله، قال مرة: أيام أكل وشرب). وقد رواه ابن ماجه 1719 من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة بلفظ: (أيام منى أيام أكل وشرب)، قال الشيخ الألباني في الصحيحة 1282: الحديث متواتر.

[22] البقرة: 197.

[23] المقدمات الممهدات: 1/434.

[24] مجموع الفتاوى: 26/304.

[25] المقدمات الممهدات: 1/434.

[26] كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار للإمام تقي الدين أبي بكر بن محمد الحسيني الحصني الدمشقي الشافعي: 2/447.

[27] رواه مسلم برقم 1977، صحيح أبي داود 2488.

[28] زاد المحتاج بشرح المنهاج 4/397.

[29] المجموع شرح المهذب 8/382.

[30] المجموع 8/382.

[31] صحيح أخرجه البخاري 2/382، 383 فتح، وكذا أبو داود 2438، والترمذي وصححه 1/145، والدارمي2/25، وابن ماجه 1727، وأحمد 1/346، والبيهقي 4/284 من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس واللفظ لأبي داود.

[32] سعة أي في المال والحال. قيل هي أن يكون صاحب نصاب الزكاة. (فلا يقربن مصلانا) ليس المراد أن صحة الصلاة تتوقف على الأضحية، بل هي عقوبة له بالطرد عن مجالس الأخيار وهذا يفيد الوجوب. انظر تعليق الشيخ الألباني على سنن ابن ماجه 2/199.

[33] حسن رواه ابن ماجه برقم 3123، انظر تخريج مشكلة الفقر 102، التعليق الرغيب 2/103، وصحيح سنن ابن ماجه 2/199 للشيخ الألباني حفظه الله.

[34] قوله: (إن على أهل كل بيت) مقتضاه أن الأضحية الواحدة تكفي عن تمام أهل البيت، ويوافقه ما رواه الترمذي عن أبي أيوب: كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته. فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصارت كما ترى. وقال: هذا حديث حسن صحيح. قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق.

[35] حسن، انظر صحيح أبي داود 2487.

[36] رواه البخاري برقم 5473، وانظر الفتح 9/511.

[37] رواه أبو داود والنسائي والحاكم من رواية داود بن قيس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبدالله بن عمرو، كذا في رواية الحاكم (سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عن الفرع قال: (الفرع حق، وأن تتركه حتى يكون بنت مخاض أو ابن لبون فتحمل عليه في سبيل الله أو تعطيه أرملة خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره وتوله ناقتك).

[38] انظر الفتح 9/511.

[39] حديث صحيح رواه ابن ماجه في سننه، ومعنى يبخلنا أي ينسبوننا إلى البخل والشح إن اكتفينا بالواحدة وبالاثنتين.

[40] صحيح أخرجه البخاري 4/25، 451، ومسلم 6/77، وكذا أبو داود 2794، والنسائي (2/204، 205، 208) والدارمي 2/75، وابن ماجه 3120، 3155، وأحمد 3/99، 115، 274.

[41] أي السكين وهي آلة للذبح.

[42] رواه مسلم 1967، أبو داود 3/2792، والطحاوي والبيهقي.

[43] أخرجه البيهقي 9/295 من طريق جماعة عن حذيفة بن أسيد صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -.

[44] أخرجه الترمذي 1/284، ابن ماجه 3147 وهو صحيح.

[45] أخرجه الطحاوي وأبو يعلى في مسنده (105/2) والبيهقي 9/268، وإسناده حسن، والرواية الثانية روها أحمد 6/391، 392، والطحاوي، انظر الإرواء للشيخ الألباني حفظه الله 4/351.

[46] انظر الإرواء 4/354 للشيخ الألباني حفظه الله.

[47] انظر الفتح 9/514.

[48] النجم: 39.

[49] القرطبي في التفسير 8/5748.

[50] القرطبي في التفسير 8/5746.

[51] فتح الباري 10/5 وما بعدها.

[52] انظر فتح الباري 10/19.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكمة مشروعية الأضحية
  • حوار مع فضيلة الشيخ مصطفى العدوي حول الأضحية وبعض أحكامها
  • الأضحية
  • خطبة قصة الأضحية

مختارات من الشبكة

  • الأدلة على مشروعية التعزير، والحكمة في مشروعيته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأضحية : مشروعيتها ، شروطها ، فضائلها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مشروعية الأضحية(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • مشروعية الأضحية عن الميت(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • حكمة الأضحية، ومشروعيتها، وفضلها، ومتى تتعين؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • التوعية بمشروعية الأضحية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • صلاة الركعتين بعد الوتر وما يقرأ فيهما(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • أدلة مشروعية الزواج(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • حكم صرف النقود وأدلة مشروعيته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مشروعية الخلع والحكمة من تشريعه (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب