• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / فتاوى الحج
علامة باركود

صفة الحج والعمرة

صفة الحج والعمرة
الشيخ عادل يوسف العزازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/10/2012 ميلادي - 9/12/1433 هجري

الزيارات: 34079

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صفة الحج والعمرة


1- ما قبل السفر:

على مَن عزم على السفر للحج والعمرة، وتهيَّأت له أسبابه - أن يُكثر من الاستغفار والتوبة النصوح، وأن يَرُدَّ المظالم، ويستحلَّ كلَّ مَن بينه وبينه معاملة، ويكتب وصيَّته ويُشْهِد عليها، ويَرُدَّ الديون، أو يوكِّل مَن يقضيها، ويتركَ نفقته لأهله ومَن يَعُولهم، وعليه أن يوصِيَ بوالديه، ومَن يتوجَّه عليه برُّه وطاعته، ولْيحرِصْ أن تكون نفقتُه حلالاً، وأن يُكْثِر منها إن أمكنه ليواسيَ بها رُفقاءه.

 

ويلزمُه تعلُّمُ أحكام الحج والعمرة؛ ليأتيَ بها على الكمال والسنَّة، ويتخيَّر رفقاءه الراغبين في الخير الذين يُعِينونه على الطاعة.

 

2- بداية السفر:

يُسْتَحب أن يكون سفرُه يومَ الخميس (إن أمكن)، ويستحب صلاة ركعتين قبل السفر، ثم توديع الأهل والجيران، والأصدقاء، ويتأدَّب بالأدعية والأذكار الواردة عند الخروج من البيت وركوب الدابة، وإذا نزل منزلاً.

 

وعليهم أن يُؤَمِّروا أحدَهم في رفقة السفر، ويُستحب السير ليلاً، ويتجنَّب المخاصمة والمشاحنة، ومزاحمة الناس في الطرق، وموارد الماء، وأن يصون لسانه من الغِيبة والنميمة واللغو، ويَرفُق بالسائل والضعيف.

 

3- فإذا وصل إلى الميقات، أحرم بالنسك، وعلى هذا؛ فيلزمُنا أن نَعرِف ثلاثة أشياء:

الأول: ما معنى المواقيت؟

الثاني: ما المقصود بالإحرام؟

الثالث: أنواع النسك.


وهذا ما سنتناوله الآن بالبيان، ثم نعود لنتابع صفة الحج والعمرة.

 

أ- باب المواقيت:

المواقيت: جمع ميقات، مأخوذ من الوقت، وهو قسمان: ميقات زماني، وميقات مكاني.

 

أولاً: المواقيت الزمانية:

المقصود بالمواقيت الزمانية: الوقت الذي لا يصح شيءٌ من أعمال الحج إلا فيه، وهذه المواقيت هي المذكورة في قوله - تعالى -: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾ [البقرة: 197]، وقد ذهب الشافعي، وأحمد، وأبو حنيفة إلى أنها: شوَّال، وذو القَعْدة، وعشرة أيام من ذي الحِجَّة.

 

وذهب مالك وابن حزم إلى أنها: شوَّال وذو القَعْدة، وذو الحجة كله، وهذا المذهب هو الصحيح، ورجَّحه الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع.

 

ودليل ذلك أن الله - تعالى - قال: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾ [البقرة: 197]، ولم يقل: شهران وبعض شهر، ومعلوم أن أقل الجمع ثلاث.

 

وأيضًا؛ فإن بعض أعمال الحج تقع يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.

 

وأما "وقت العمرة"، فهي جائزة في أي وقت من أوقات السَّنة.

 

ملاحظات:

(1) لا يجوز أن يؤخِّر شيئًا من أعمال الحج عن الأشهر الثلاثة إلا لضرورة، كأن تصابَ المرأة بالنِّفَاس ولا تَطْهُر إلا بعد انتهاء شهر ذي الحجة، ولم تتمكن من طواف الإفاضة، فهي معذورة، ولها تأخير الطواف حتى تَطْهُر.

 

(2) لا يجوز لأحد أن يُحْرِم قبل أشهر الحج، فلو أَحْرَم قبلها لا ينعقد الحج، وهذا مذهب الشافعية مستدلِّين بالآية السابقة، وعلى هذا فلو أَهَلَّ بالحج قبل أشهر الحج، وَجَب عليه أن يجعلَها عمرةً.

 

ثانيًا: المواقيت المكانية:

المقصود بالمواقيت المكانية: الأماكن التي يُحْرِم منها مَن يريد الحج والعمرة، ولا يجوز له أن يتجاوزها دون أن يُحْرِم؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: وقَّت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأهل المدينة ذا الحُلَيْفَة، ولأهل الشام الجُحْفَة، ولأهل نَجْد قَرْنَ المَنَازل، ولأهل اليَمَن: يَلَمْلَم، قال: ((فهنَّ لهنَّ، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلِهنَّ لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهنَّ، فَمُهَلُّه مِن أهلِه، وكذلك حتى أهل مكة يُهِلُّون منها))[1].

 

ومعنى "الإهلال": رفْع الصوت بالتلبية.

 

وعن عائشة - رضي الله عنها -: "أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقَّت لأهل العراق: ذاتَ عِرْق".

 

فهذه هي الأماكن التي حدَّدها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مواقيتَ مكانيةً، وهي معلومة، وإن تغيَّرت أسماؤها الآن.

والجدول الآتي يبيِّن هذه المواقيتَ بأسمائها الأصلية، وأسمائها الحالية.

م

القادمون

الميقات

الاسم الجديد للميقات

المسافة بينه وبين مكة

1

أهل المدينة

ذو الحليفة

أبيار علي

450 كم شمال مكة

2

أهل الشام

الجُحفة[2]

رابغ[3]

200كم الشمال الغربي

3

أهل نجد

قرن المنازل

السيل

94كم شرقي مكة

4

أهل اليمن

يَلملم

السعدية

54كم جنوب مكة

5

أهل العراق

ذات عِرق

الضَّريبة

94كم الشمال الشرقي

 

6- الذين يسكنون بين هذه المواقيت وبين مكة: ميقاتهم من مسكنهم.

 

7- وكذلك أهل مكة ميقاتهم من مساكنهم التي يسكنون فيها إذا أرادوا الحج.

 

وأما العمرة، فقد ذهب فريق من أهل العلم إلى أنهم يُحْرِمون من مسكنهم أيضًا؛ لعموم حديث ابن عباس السابق، وفيه: "حتى أهْل مكة يُهلُّون منها"، وذهب الجمهور من العلماء أنهم يُحْرِمون من أدنى الحل؛ أي يَخْرُجون خارج مكة، ويُهلُّون بالعمرة؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين أعمر عائشةَ أمرها أن تخرج إلى التَّنْعِيم.

 

ملاحظات:

(1) إذا مرَّ أحدٌ بميقاتٍ غيرِ ميقاتِ بلدِه؛ فإنه يُهِلُّ منه، ولا يُكلَّف أن يرجع ليمرَّ بميقاته؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحديث السابق: ((هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ)).

 

(2) المقصود بأهل هذه البلاد: المقيمون فيها، ولا يلزم أن يكونوا سكَّانًا أصليين، وعلى هذا فمن كان مقيمًا لعمل ونحوه بمكة، فإن ميقاتَه من حيث يُقِيم؛ أَعْنِي: من مسكنِه بمكة، ولا يخرج إلى المواقيت.

 

(3) يُكْرَه أو يَحْرُمُ أن يُحْرِمَ قبل الميقات المكاني، ومع هذا فإن الإحرام ينعقد[4]، وأما الميقات الزماني، فيَحْرُم الإحرامُ قبله، ولا ينعقد، وقد تقدم ذلك.

 

(4) إذا مرَّ الآفاقيُّ[5] وكان طريقه لا يمر بأحد من هذه المواقيت، فإنه ينوي الإحرام إذا حاذى أحدَ هذه المواقيت.

 

(5) هل كلُّ مَن مرَّ بالميقات يجب عليه الإحرام؟

الجواب: إن كان يريد الحج والعمرة، وجب عليه الإحرام إذا أتى إلى الميقات.

 

أما إن كان لا يريد الحج والعمرة؛ كمَن سافر لعمل أو لدراسة، ونحو ذلك، فالراجح أنه لا يجب عليه الإحرام؛ لقوله في الحديث: ((ممَّن أراد الحج والعمرة)).

 

لكن إذا كان هذا الشخص لم يؤدِّ الفريضة بعدُ، فهل يجب عليه الإحرام؟

رجَّح ابن عثيمين وجوب أدائه الفريضة؛ لأنها تجب على الفور، وقد وصل إلى الميقات[6].

 

(6) إذا تجاوز الميقات، وهو لا يريد الحج أو العمرة، ثم بدا له بعد ذلك أداء النسك، فإنه يُحْرِم من مكانه، ولا يلزمه الرجوع إلى الميقات للإحرام منه.

 

(7) مَن سافر لأداء النسك، ومرَّ على الميقات، هل يجوز تأخير الإحرام للذهاب إلى المدينة أولاً؟

الذي يترجح عندي - والله أعلم - أنه طالما كان قاصدًا للنسك لَزِمه الإحرام من الميقات.

 

وأما إذا كان قاصدًا المدينة لزيارة المسجد النبوي أولاً، جاز له تجاوز الميقات، ثم الإحرام من ميقات أهل المدينة[7].

 

(8) ومَن كان له أقرباءُ بجُدَّة سينزل عليهم ضيفًا، فإنه لا يجوز أن يؤخِّر الإحرام لأجل الاستراحة والضيافة، بل عليه أن يُحْرِمَ، ويَظَلَّ على إحرامه مدةَ مُكْثِه عندهم حتى يَقضِيَ مناسكه.

 

ب - الإحرام:

إذا وصل مَن يريد الحج أو العمرة إلى الميقات وأراد الإحرام؛ فإنه يبدأ إحرامه كالآتي:

(1) الغسل: ودليل ذلك أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - "تجرَّد لإهلالِه واغتسل"[8].

 

وهذا الغُسل عامٌّ للرجل والمرأة على سبيل الاستحباب، عدا النُّفَساءِ، فيرى بعضهم استحباب الغسل لها أيضًا، ويرى بعضهم الوجوب، وهو الأرجح؛ لأمر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – بذلك؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - في حجة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفيه: حتى أتينا ذا الحُلَيفة، فولدت أسماءُ بنت عُمَيسٍ محمَّدَ بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: كيف تصنع؟ قال: ((اغتسلي، واستَثْفري بثوب، وأَحْرِمي))[9].

 

وفي سنن أبي داود من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((الحائض والنُّفَساء إذا أتتا على الوقت تغتسلان، وتُحْرِمان، وتقضيان المناسك كلَّها غيرَ الطواف بالبيت))[10].

 

ومعنى: "على الوقت" أي: الميقات.

 

وهذا يدل على وجوب الاغتسال للحائض والنُّفساء عند الإحرام.

 

لكن إن استمر الحيض بها إلى أيام الحج اغتسلت، وأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنةً، وهذا الغسل في هذه الحالة أيضًا على الوجوب؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمر بذلك عائشةَ - رضي الله عنها - وكانت قد حاضت، ولم تَطُفْ بالبيت حتى يومِ عرفة[11].

 

ملاحظات:

(1) إذا أحرم بدون أن يغتسل، فإن إحرامه صحيحٌ، ولا شيءَ عليه.

 

(2) إذا لم يجد ماءً للاغتسال، فهل يتيمَّم؟

الصحيح أنه لا يتيمَّم؛ لأن الشرع لم يأمره بذلك، وإنما شُرع التيمم في حالة الحدث فقط.

 

(3) استحب أهل العلم "التنظُّف"؛ بمعنى: تقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإبْط، ونحو ذلك، وإن كان لم يَرِد في ذلك حديث، وإنما علَّلوا ذلك حتى لا يحتاج إلى أخذها في الإحرام.

 

روى سعيد بن منصور في سننه عن إبراهيم النخعي أنه قال: "كانوا يستحبُّون عند الإحرام أن يأخذوا من أظفارهم، ومن شاربهم، وأن يستَحِدُّوا، وأن يَلْبَسوا أحسن الثياب"، ومعنى "يستَحِدُّوا"؛ أي: يحلقوا العانة.

 

ب- التطيُّب: لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تطيَّب لإحرامه، قالت عائشة: "كنتُ أطيِّب النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لإحرامه قبل أن يُحْرِم، ولحلِّه قبل أن يَطُوفَ بالبيت"[12]، وعنها قالت: "كأني أنظر إلى وَبِيص المسك في مفارق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو مُحْرِم"[13]، ومعنى "وبيص" أي: لَمَعان.

 

ملاحظات:

(1) لا يضر استمرار أثر الطيب في البدن؛ لأن هذا هو ظاهر الحديث، وكذلك لا يضره لو سال على بدنه من الموضع الذي طيَّبه إلى موضع آخر، ولو بعد الإحرام.

 

(2) لا يجوز تَطييب الثياب؛ أعني: ثياب الإحرام، ولا يجوز له لُبْس الثياب المطيَّبة؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في نهيِه عمَّا يَلْبَسه المُحْرِم: ((ولا يَلْبَس ثوبًا مسَّه الزَّعْفَران ولا الوَرْس))[14].

 

(3) إذا توضأ المحرم، وكان قد طيَّب بدنه، وبقي أثرٌ للطِيب في كفيه؛ فإنه إذا توضأ لصق شيء من الطيب ببدنه، فهل يؤثر ذلك في إحرامه؟

الجواب: استظهر الشيخ ابن عثيمين أن هذا مما يُعْفَى عنه[15]، وكذلك إذا أصابه شيءٌ من طِيب الكعبة، فلا شيء عليه.

 

ج- التجرُّد من ثيابه، ولُبْس إزار ورداء؛ وذلك لما ثَبَت في الحديث: ((لِيُحْرِمْ أحدُكم في إِزَار ورِدَاء ونَعْلَين))[16].

 

واعلم أن المقصود من التجرد من الملابس هذا خاصٌّ بالرجال، أما المرأة، فإنها تُحْرِم في ملابسها العادية، غير أنها لا تَلْبَس النقاب ولا القفَّازَينِ، ولها أن تُسْدِل الثوب من رأسها على وجهِها، ومن البدع تخصيصُ ثيابٍ للنساء للإحرام، وبعضهن يلتزمن ثيابًا بيضاءَ، ولا دليل على ذلك.

 

ملاحظات عامة على الإحرام:

(1) الصحيح أن صلاة ركعتي الإحرام لا أصل لمشروعيتهما، وليس للإحرام صلاة تخصُّه[17]، لكن إن وافق ذلك وقت صلاة مفروضة، أَحْرَم بعدها كما فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإن لم يوافق ذلك وقت صلاة، فليس هناك ما يسمَّى صلاة سنَّة الإحرام.

 

(2) يفضَّل أن تكون ملابس الإحرام بيضاءَ؛ أعني: للرجال؛ لأنها خير الثياب، ويجوز أن يُحرم في أي لون آخر.

 

(3) لا يشترط أن تكون ملابسُ الإحرام جديدةً، لكن كلما كانت أنظف، كان أفضل.

 

(4) اعلم أنه لا يُحكم بأنه بدأ النسك إلا بعد الجزم بالنية بقلبه، فليس مجرد لُبْسِ ملابسِ الإحرام دخولاً في الإحرام كما يظنه بعض العامة، ويلاحظ على هذا ما يلي:

إذا احتاج مثلاً لفعل شيء من محظورات الإحرام كقص أظفاره - وهو لابسٌ ملابسَ الإحرام، ولم يَنْوِ بعدُ الدخولَ في النسك - جاز له ذلك.

 

لو كان سفره بالطائرة، وخَشِي ألا يتمكَّن من لُبْسه ملابسَ الإحرام إذا وصل للميقات؛ فإنه يتهيَّأ لذلك بلُبْسِها من منزله أو من المطار، ولا يكون بذلك مُحْرِمًا حتى يَمُرَّ بالميقات ويَنْوِيَ الدخول في النسك.

 

(5) يلاحظ أن كثيرًا من الحجَّاج يَكْشِف عن كتفه الأيمن بمجرد لُبْسِه ملابس الإحرام، وهو ما يسمَّى بـ "الاضْطِباع" [18]، وهذا غير صحيح، ولكنَّ الاضْطِباع يكون عند طواف القُدُوم فقط، وأما عدا هذا، فيغطي كتفيه.

 

نية الإحرام:

والنية شرط؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5]، ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنما الأعمال بالنيات))، والنية محلُّها القلب؛ فلا يجوز التلفُّظ بها، فلا يقول: نَوَيت العمرة، أو نَوَيت الحج... إلى آخره، ولكن يَجْزِم بذلك في قلبه، ثم يلبِّي بنسكه، فيقول: لبَّيك اللَّهُمَّ بعمرةٍ، أو بحَجٍّ، أو بحج وعمرة.

 

ولم يُشْرَع التزامُ دعاءٍ عند الإحرام؛ كقولهم: "اللهم إني أريد الحج، فيسِّره لي، وأَعِنِّي على أداء فرضه، وتقبَّله مني..." إلخ.

 

الاشتراط في الإحرام:

والمقصود بالاشتراط ما ثَبَت في حديث ضُبَاعة بنت الزُّبَير - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله، إني أريد الحج وأنا شاكيةٌ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((حُجِّي واشترطي أن مَحِلِّي حيث حبستني))[19].

 

ومعنى ذلك: أن مَن كان يَخْشَى من إتمام نُسُكه لعائق يَعُوقُه كمرضٍ ونحوه؛ فإنه يَشْتَرِط في إحرامه فيقول: "فإن حبسني حابسٌ، فمَحِلِّي حيث حبستني"؛ أي: إن مُنِعت بهذا العائق، فإني أتحلَّل من إحرامي في هذا الموضع، ولا أكمل النسك.

 

وفائدة ذلك أنه متى لم يستطع إكمال النسك لهذا العائق، فإنه يتحلَّل، ولا شيء عليه.

 

وأما إذا لم يشترط، وعاقَه عائق، فإنه يكون مُحْصرًا؛ أي: ممنوعًا، ويترتَّب عليه أحكام الإحصار[20].

 

ملاحظات:

(1) هل يجوز الاشتراط في الإحرام عمومًا، بأن يقال على أي حال، سواء خاف وجود مانع أو لم يَخَف؟

الجواب: أنه لا يكون سنَّة إلا في حال الخوف فقط؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يُشِر على أحد بهذا الاشتراط إلا لهذه المرأة المريضة، ولم يُنْقَل عنه أنه أمر أحدًا من أصحابه، أو أشار عليهم بهذا الشرط، لا في حَجَّة الوداع، ولا في أي عمرة من عُمَره التي اعتمرها.

 

وعلى هذا؛ فلا يكون الاشتراط مشروعًا إلا لمن خاف عدم إتمام النسك.

 

(2) لو كان هناك مانع يخافه فاشترط، لكنه أزيل المانع، وحُبس لمانع آخر، فهل ينفعه اشتراطه؟

الراجح أن ذلك ينفعه؛ لعموم الاشتراط: "فإن حبسني حابسٌ، فمَحِلِّي حيث حبستني".

 

ج- أنواع النسك:

المقصود بالنسك: الحج أو العمرة.

 

والحج ثلاثة أنواع: قارِن، متمتِّع، مُفْرِد.

 

فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عامَ حجَّةِ الوداع، فمنا مَن أَهَلَّ بعمرة، ومنا مَن أَهَلَّ بحجٍّ وعمرة، ومنا مَن أَهَلَّ بالحجِّ..." [21]؛ متَّفق عليه.

 

وهو على التفصيل الآتي:

أ- الحج قارنًا:

وذلك بأن يُلَبِّي بالحج والعمرة معًا؛ فإذا وصل إلى مكة طاف وسعى، وظل على إحرامه حتى ينتهيَ من أعمال العمرة والحج معًا، كما سيأتي تفصيل ذلك.

 

ب- الحجُّ متمتِّعًا:

وصِفته أن يُهِلَّ بالعمرة في أشهر الحج: "لبَّيك اللهم بعمرة"، على أن يحج في نفس العام، فإذا انتهى من أداء العمرة تحلَّل، فحلق شعره أو قصَّره، ولَبِس ثيابه، وأُبِيح له كل شيء كان محظورًا عليه بسبب الإحرام، فإذا كان يوم التروية - وهو اليوم الثامن من ذي الحجة - أَهَلَّ بالحج.

 

وعلى هذا، فلو أحرم في رمضان من الميقات بالعمرة، وأتمها في شوال لا يكون متمتعًا؛ لأن الشرط أن يُحرم بالعمرة من الميقات في "أشهر الحج"، وكذلك لو أَحْرَم في أشهر الحج بعمرة في عام، ثم حج في عام آخر، لا يكون متمتعًا.

 

ج- الحج مفرِدًا:

هو أن يُهِلَّ عند الميقات بالحج فقط، ويَبْقَى مُحْرِمًا حتى تنتهيَ أعمال الحج، وقد ثَبَت الحج مفرَدًا عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا يختارونه نحو أربع وعشرين سنة مع توافر الصحابة، وعدم الإنكار على صنيعهم جميعًا.

 

وهو قول جمهور العلماء؛ أعني: جواز الحج مفردًا، وخالف في ذلك الظاهرية فأَبْطَلوا الحج مفردًا، ورأوا أنه منسوخ، ومما استدل به الجمهور أيضًا ما ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((والذي نفسي بيده، ليُهِلَّنَّ ابنُ مريم بفجِّ الرَّوْحاء حاجًّا أو معتمرًا، أو ليَثْنِيَنَّهما))؛ متفق عليه.

 

فقوله: "حاجًّا" دليل على الإفراد.

 

ومعلوم أن عيسى - عليه السلام - ينزل في آخر الزمان متَّبِعًا لشريعة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهذا يدل على أن الإفرادَ بالحج شريعةٌ قائمة لم تُنْسَخ.

 

ويلاحظ على أنواع النسك ما يلي:

(1) أن المتمتع إذا وصل إلى مكة أدَّى مناسك العمرة، وذلك بأن يطوف ويسعى، ثم يَحْلِق أو يقصِّر شعره، ويتحلَّل بأن يَلْبَس ملابسه المعتادة، ويباح له ما كان محظورًا عليه بالإحرام، فإذا كان يوم التَّروية[22] أحرم بالحج.

 

(2) وأما القارِن والمُفْرِد، فإنهما إذا وصلا مكة طافا طواف القُدُوم وسَعَيا، وظلاَّ على إحرامهما، ولم يتحلَّلا حتى يؤديَا مناسك الحج، وليس عليهما سعيٌ آخر؛ أعني: بين الصفا والمروة، عند أداء مناسك الحج.

 

(3) على المتمتِّع هَدْيٌ، وهو شَاةٌ، أو سُبُع بَدَنة، أو سُبُع بقرة[23]، فإذا لم يَجِد الهَدْيَ صام ثلاثة أيام في الحج، وسبعةً إذا رجع إلى أهله، ويجوز أن يصوم الأيام الثلاثة في أيام التشريق؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يَجِدِ الهَدْيَ"؛ رواه البخاري[24].

 

وأما السبعة الأيام الأخرى، فاختلف العلماء أين يصومها؟

فمنهم مَن يرى صيامَها إذا رجع إلى وطنه، وهو قول الجمهور.

 

ومنهم مَن يرى بَدْءَ صيامها إذا رجع إلى رَحْلِه؛ لأن "الله قال: ﴿ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ﴾ [البقرة: 196]؛ فدل هذا على رجوعه من الحج، وبداية رجوعه من الحج إذا رجع إلى رَحْلِه، ويمتدُّ ذلك حتى يرجعَ إلى وطنه، وهذا رأيٌ قويٌّ، لكنَّ الأول هو الأرجح؛ لِما ثَبَت في الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فَمَن لم يَجِد هَدْيًا؛ فليَصُم ثلاثة أيام في الحج، وسبعةً إذا رَجَع إلى أهله))[25].

 

وقد فسَّر ابن عباس قوله: ﴿ إِذَا رَجَعْتُمْ ﴾ [البقرة: 196] بـ: إلى أمصاركم[26].

 

واعلم أن هَدْيَ التمتُّع واجبٌ؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196].

 

واختلفوا بالنسبة للقارِن: هل ذلك على الوجوب أم لا؟ والأحوط: الإهداءُ إبراءً للذمة[27].

 

(4) اعلم أن للهَدْي أحكامًا، يأتي بيانها - إن شاء الله تعالى.

 

(5) هل يجوز تقديم ذبح الهَدْي بعد أداء العمرة وقبل الإحرام للحج يوم التروية؟ فيه خلافٌ[28].

 

والراجح أن وقت الوجوب لا يكون إلا إذا شَرَع في الحج، وكان مستطيعًا للهَدْي؛ فإن لم يجد انتقل إلى الصيام فرضًا؛ لأن الله يقول: ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 196]، وهذا يدل على تمتُّعه إلى الحج، وأما قبل ذلك، فلا يجب عليه شيء، وعلى هذا؛ فوقت الوجوب هو بداية الشروع في الحج، لكنه لا يذبح إلا يوم النحر.

 

(6) الراجح في تفسير قوله - تعالى -: ﴿ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: 196]؛ أنهم المقيمون بمكة، وعلى هذا؛ فليس على هؤلاء المقيمين هذا الهَدْي ولا الصوم، حتى لو كانوا متمتِّعين.

 

(7) إذا كان ساكنًا بحَرَم مكة، وأهْلُه غير ساكنين، فهذا أيضًا عليه الهَدْي أو الصوم؛ لأن أهله ليسوا حاضري المسجد الحرام.

 

(8) إذا لم يَصُم ثلاثة أيام في الحج: يرى بعض أهل العلم أنه يجب عليه قضاؤها، ويرى آخرون أنها تسقط عنه: فإن كان عن عجز، فلا شيء عليه، وإن كان عن تعمُّد، لزمه التوبة، وفي جميع الحالات فعليه أن يصوم السبعةَ الأيام الأخرى.

 

(9) إذا شرع في الصيام أو صام الثلاثة الأيام، ثم وجد سَعَة للهَدْي، فإنه لا يَلْزَمه الهَدْي، وليمضِ في صيامه.

 

(10) لو أدَّى العمرة في أشهر الحج، ثم سافر وخرج من مكة على أنه سيؤدِّي الحج في نفس العام، فهل يكون متمتعًا؟

فيه خلاف، والذي رجَّحه ابن عثيمين - رحمه الله - أنه إن عاد إلى وطنه لا يصير متمتعًا، وإن سافر إلى بلد آخر، فإنه على تمتعه.

 

وذهب ابن حزم إلى أنه يكون متمتعًا أيًّا كان، سواءٌ سافر إلى بلده أم إلى غيرها، وهو الراجح؛ لعدم وجود دليل على هذا التفريق، والله أعلم.

 

أي أنواع النسك أفضل؟

اختلف العلماء في أي أنواع النسك الثلاثة أفضل؟

والراجح من أقوالهم أن التمتع أفضل النسك، وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما - لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تمنَّاه؛ فقد ثَبَت عنه في الحديث أنه قال: ((لو استقبلتُ من أمري ما استدبرت، لأَحْلَلتُ ولجعلتُها عمرةً))[29].

 

والمقصود أن يتمتع بالعمرة إلى الحج، ومعلوم أنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - حجَّ قارِنًا، إلا أنه أمر أصحابه مَن كان منهم حجَّ قارنًا ولم يَسُقِ الهَدْيَ أن يتحلَّل وأن يجعلها عمرة، أما هو فلم يتحلَّل؛ لأنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان قد ساق الهدي ولبَّد رأسه.

 

إدخال الحج على العمرة:

إذا لبَّى الإنسان بعمرة، ثم لم يتمكَّن من أداء العمرة حتى الوقوفِ بعرفة، أدخل عليها الحج، ويجعل حجَّه قارِنًا؛ فقد ذهب الجمهور إلى جواز ذلك، ولكنهم اشترطوا أن يكون ذلك قبل طواف القدوم.

 

واستدلوا على ذلك بحديث عائشة - رضي الله عنها -: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - دخل عليها فوجدها تبكي، فقال: ((ما شأنك؟)) قالت: شأني أني قد حِضْتُ، وقد حلَّ الناس ولم أُحِلَّ، ولم أَطُفْ بالبيت[30]، والناس يذهبون إلى الحج الآن، فقال: ((إن هذا أمرٌ كتبه الله على بنات آدم، فاغتسلي، ثم أَهِلِّي بالحج))، وقال لها في آخر الحديث: ((قد حَلَلْتِ من حجَّتِك وعمرتك))[31]، فدل ذلك على جواز إدخال الحج على العمرة.

 

فسخ الحج إلى العمرة:

إذا نوى حجًّا سواء كان مفرِدًا أو قارِنًا، ثم طاف بالبيت سبعًا، وسعى بين الصفا والمروة، جاز له أن يتحلَّل بالحلق أو التقصير، ويجعل إحرامه عمرة، حتى إذا كان يومُ التروية - وهو اليوم الثامن من ذي الحجة - لبَّى بالحج؛ أي: أنه جعل حجَّه متمتعًا.

 

وذلك لما ثبت في حديث جابر - الذي رواه مسلم - قال: "... حتى إذا كان آخر طوافه على المروة، قال: ((لو أني استقبلتُ من أمري ما استدبرت، لم أَسُقِ الهَدْي، ولجعلتُها عمرة، فمَن كان منكم ليس معه هَدْي فليُحِلَّ، وليجعلْها عمرة))، فقام سُرَاقة بن مالك بن جُعْشُم فقال: يا رسول الله، أَلِعَامنا هذا أم لأبدٍ؟ فشبَّك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: ((دَخَلتِ العمرة في الحج - مرتين - لا، بل لأَبد أبدٍ))[32].

 

وقد ذهب جمهور العلماء إلى جواز فسخ الحج والعمرة، واعتبروا أمره - صلَّى الله عليه وسلَّم - للصحابة بالوجوب لهم خاصة.

 

وأما ابن حزم، فاستدل به على وجوب فسخ الحج إلى العمرة لمن لم يَسُقِ الهَدْي، سواء كان ذلك للصحابة ولغيرهم، ورجَّح ابن القيم في زاد المعاد هذا القول، وفي المسألة نزاع بين الفريقين يراجع في المطوَّلات لمن أراد الاستزادة.

 

جوازا الإحرام مطلقًا، أو الإهلال بما أَهَلَّ به فلان:

إذا أحرم فقال: لبيك بما لبَّى به فلان - لشخصٍ ما - جاز ذلك؛ فعن أنس قال: "قَدِم علي - رضي الله عنه - على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أي من اليمن - فقال له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بما أَهْلَلتَ يا علي؟))، قال: أَهْلَلتُ بإهلالٍ كإهلالِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ متفق عليه[33].

 

ويكون إحرامه في هذه الحالة كإحرام هذا الشخص؛ فإن كان مفرِدًا فهو مفرِد، وإن كان متمتعًا فهو متمتِّع، وأما إن كان قارِنًا وكان قد ساق الهَدْي مثله فهو قارِن مثله، وإن لم يَسُقِ الهدي؛ فإنه يُحِلُّ ويجعل حجَّه تمتعًا؛ فقد ثبت أن أبا موسى الأشعري أيضًا قَدِم من اليمن وأَهَلَّ كإهلالِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما فعل عليٌّ، لكن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمر أبا موسى أن يجعله عمرة، أي: يجعل حجَّه تمتعًا، وأمر عليًّا أن يَظَلَّ على إحرامه، والفرق بينهما: أن عليًّا ساق الهدي معه كما ساقه رسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأما أبو موسى فلم يَسُقِ الهَدْي معه.

 

وأما من أحرم، فلم يُسَمِّ في إحرامه شيئًا، لا إفرادًا ولا قِرَانًا ولا تمتعتًا - وذلك بأن يقول: "لبيك اللهم بالحج"، فقد ذهب الجمهور إلى جواز إحرامه، ثم يصرفه المُحْرِم إلى ما شاء؛ لكونه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يَنْهَ عن ذلك، وذهب المالكية والكوفيون إلى أنه لا يصح، والراجح ما ذهب إليه الجمهور[34].

 


[1] البخاري (1524)، ومسلم (1181).

[2] الجُحْفَة: مدينة قديمة اجتحفها السيل وزالت، وصارت غير مناسبة للحجاج، فجعل الناس "رابغًا" مكانها، وهي قبل الجُحْفة بنحو (13كيلو)، وهي الميقات الآن.

[3] ومعلوم أن أهْل مصر الذين يَقْدَمون عن طريق البحر أو الجو إلى ميناء جُدَّة يمرون بهذا الميقات "رابغ"، وأما الذين يَقْدَمون برًّا، فإنهم يمرون بالمدينة أولاً، فيكون ميقاتُهم ميقاتَ أهل المدينة، وهو "أبيار علي".

[4] هذا ما ذهب إليه الجمهور من أهل العلم، وذهب ابن حزم إلى أن الإحرام أيضًا لا ينعقد، إلا أن ينوي الإحرام مرة أخرى إذا مر بالميقات.

[5] المقصود "بالآفاقي": مَن يأتي من خارج مكة؛ أي: من آفاق البلاد.

[6] انظر: الشرح الممتع (7/58).

[7] وانظر ذلك ضمن الفتوى (12441) اللجنة الدائمة.

[8] رواه الترمذي (830) وحسَّنه، والبيهقي (5/32)، وابن خزيمة (2595) من حديث زيد بن ثابت، وله شاهد صحيح من حديث ابن عمر؛ رواه الحاكم في المستدرك (1/447)، وصحَّحه، ووافقه الذهبي.

[9] مسلم (1218)، والنسائي (1/154)، وابن ماجه (3074).

[10] صحيح: رواه أبو داود (1744)، والطبراني في الصغير (1/228)، وصحَّحه الشيخ الألباني.

[11] البخاري (1556)، ومسلم (1211).

[12] البخاري (1539)، ومسلم (1189)، وأبو داود (1745)، والترمذي (917)، والنسائي (5/127) وابن ماجه (2926).

[13] البخاري (271، 1538)، ومسلم (1190)، وأبو داود (1746)، والنسائي (5/138)، وابن ماجه (2928).

[14] البخاري (1542)، (6803)، ومسلم (1177)، وأبو داود (1824)، والترمذي (823)، والنسائي (5/131)، وابن ماجه (2929).

[15] انظر: الشرح الممتع (7/74).

[16] صحيح: رواه أحمد (2/34)، وابن خزيمة (2601)، وصحَّحه الحافظ في التلخيص (2/237).

[17] انظر: الشرح الممتع (7/76 - 77).

[18] ومعنى "الاضطباع": أن يكشف كتفه الأيمن، ويضع طرفي ردائه على كتفه الأيسر.

[19] البخاري (5089)، ومسلم (1207)، والنسائي (5/168).

ورواه مسلم (1208)، وأبو داود (1776)، والترمذي (1941)، والنسائي من حديث ابن عباس عنها.

[20] وسيأتي حكم الفوات والإحصار.

[21] البخاري (1562)، ومسلم (1211).

[22] يوم التروية: هو اليوم الثامن من ذي الحجة.

[23] وسيأتي تفصيل ذلك في باب: "الهدْي والأضحية".

[24] البخاري (1998)، وابن أبي شيبة (3/155)، والبيهقي (4/298).

[25] البخاري (1692).

[26] رواه البخاري تعليقًا (3/433)، وقال الحافظ: "وصله الإسماعيلي"، وقال في تلخيص الحبير (2/234): "وصله ابنُ أبي حاتم"، قلتُ: ووصله البيهقي (5/23).

[27] انظر: الشرح الممتع (7/101).

[28] انظر: أضواء البيان (5/548).

[29] البخاري (1651)، (1785)، (7229)، وأبو داود (2712)، (2725).

[30] ومعنى هذا: أنها لم تستطع أداء مناسك العمرة؛ لأنها حاضت فلم تتمكن من الطواف.

[31] البخاري (1785)، ومسلم (1213).

[32] مسلم (1218).

[33] البخاري (1558)، ومسلم (1250)، والترمذي (956).

[34] انظر نيل الأوطار (5/51).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صفة الحج والعمرة
  • فضل الحج والعمرة والاهتمام المبكر بهما
  • أحكام الحج والعمرة
  • ملخص أحكام الحج والعمرة من تمام المنة (1)
  • مفهوم الحج والعمرة
  • آداب الحج والعمرة
  • سؤال وجواب في الحج والعمرة

مختارات من الشبكة

  • أنساك الحج وأيها أفضل(مقالة - ملفات خاصة)
  • الهند: لجنة الحج تنظم برنامجا للتدريب على مناسك الحج والعمرة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • صفة الحج والعمرة (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صفة الحج والعمرة(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخطبة الثانية في صفة الحج والعمرة(مقالة - ملفات خاصة)
  • فقه الحج - صفة الحج(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • أركان وواجبات الحج وأحكام العمرة(مقالة - ملفات خاصة)
  • الحج: الآداب والأخلاق(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الحج الأكبر (فضائل الحج، والحج على الفور)(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث: من حج هـذا البيت(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب