• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / خطب الحج
علامة باركود

أفضل أيام العام (خطبة)

أفضل أيام العام (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/6/2023 ميلادي - 28/11/1444 هجري

الزيارات: 7900

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أفضل أيام العام

 

الحمدُ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، الـمُتفرِّدِ بجبروتهِ وكبريائهِ، العليِّ العظيم، المقدَّسِ بصفاته وأسمائهِ، الحيِّ القيومِ، الذي لا أولَ لأزليتهِ ولا آخِرَ لبقائهِ، ﴿ وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ﴾ [الأعراف: 180]. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، تمتْ نعماؤهُ، وعظُمتْ آلاؤهُ، وجلَّ ثناؤهُ، وتقدستْ أسماؤهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، نبيُ الرأْفةِ والرحْمةِ، المؤيدِ بالكفايةِ والعصمةِ، والمبعوثِ بالهدى والحكمةِ.. صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليهِ، وعلى آله الكرامِ، وصحابتهِ الأعلامِ، ومن سار على نهجهم، واقتفى أثرهم، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أمَّا بعدُ: فأُوصِيكُم أيُّها النَّاسُ ونفسِي بتقوى اللهِ عز وجل، فلا عِزَّ إلا بطاعتِهِ، ولا نجاةَ إِلَّا بتقوَاهُ وخشيتهِ، ولا فوزَ إلَّا في رضَاهُ ومحبتهِ، ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].

 

معاشر المؤمنين الكرام: إنَّ من أجلّ نِعمِ اللهِ عَلَى عِباده أن أكرمهم بمَوَاسِمَ مُبَارَكَة، وأزمانٍ شريفةٍ فاضلة، تتضَاعَفُ فِيهَا الحَسَنَاتُ، وترفع فيها الدرجات، وَتُمحَى الخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتُ، وتعُمُّ فيها البركات، وَتُعَوَّضُ فِيهَا الأمَّةُ عَن قِصَرِ أَعمَارِها.. وإنَّ من عظيم كرمِ اللهِ تبارك وتعالى أن جعلها مَوَاسِمَ تَتَكَرَّرُ وتتجدَّدُ بين كلِّ فترةٍ وأخرى، لتتجدَّدَ معها الرغبةُ في الخير، والعزيمةُ على البر، ولتُقبلَ النفوسُ عليها بشوقٍ وترقب.. فبعد يومين أو ثلاثة، سيستقبلُ المؤمنون أفضلَ أيامِهم، بل أفضلَ أيامِ الدنيا.. يستقبلون العشرَ المباركة، عشرُ ذي الحجةِ، أعظمُ الأيّام عند الله فضلًا، وأكثرُها بركةً وأجرًا، وأحبُهَا إليهِ تقربًا وعملًا.

 

عشرٌ مباركات، كثيرةٌ الحسنات، عاليةٌ الدرجات، مُتنوعةُ الطاعات، مُتعددةُ الفضائل والمميزات، قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "أفضلُ أيامِ الدُّنيا أيامُ العشرِ".. وفي صحيح البخاري عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنه ما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ الله عزَّ وجلَّ ولا أَعْظَمَ أَجْرًا من خَيْرٍ يعملهُ في عَشْرِ الْأَضْحَى، قِيلَ: ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله؟ قال: ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله عزَّ وجلَّ إلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ من ذلك بِشَيْءٍ".. أقسمَ بها في كتابه الكريم، واللهُ لا يُقسمُ إلا بعظيم.. يجتمعُ فيها من العبادات ما لا يجتمعُ في غيرها.. من أيامها يومُ عرفةَ، وما أدراك ما يوم عرفة: يومُ الحجِّ الأعظم، ما رئي الشيطانُ أصغرَ ولا أحقرَ ولا أدحرَ مِنهُ في يوم عرفة، لما يَرَى من كثرة تنَزُّلِ الرحمات.. كما أنَّ صَومهُ تطوعًا لغير الحاجِّ يُكفرُ ذنوبَ سنتين، ومن أيامها يومُ النَّحرِ، يوم العيد، يومُ الحجِّ الأكبر، وهو أفضلُ الأيام كما في الحديث، وفيه مُعظمُ أعمالِ الحجِّ.. فهي إذنً أيامٌ مُباركات، متعددة الفضائلُ والخيرات، تتضاعفُ فيها الأجورُ والحسنات، وتزدادُ فيها النفحاتُ والرحمات، فحريٌ بالمسلم أن يستقبلها بتوبةٍ صادقةٍ نصوح، وأن يعزمَ على اغتنامها، وأن يحرص كل الحرص على الإكثار من الأعمال الصالحةِ فيها..

 

ثم اعلموا أن أفضلَ وأعظمَ ما يفعلهُ المسلمُ في هذه الأيام المباركة: أن يكثر من الذكر، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "فأكثروا فيهنَّ من التهليلِ والتكبيرِ والتحميد".. والذكرُ أيها الموفقون هو أيسرُ العبادات واسهلها، وأجلُّها وأفضلُها، قال تعالى: ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾، وفي الحديث المشهور: " أَلَا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعمالِكُم، وأَزْكاها عِندَ مَلِيكِكُم، وأَرفعِها في دَرَجاتِكُم، وخيرٌ لكم من إِنْفاقِ الذَّهَب والوَرِقِ، وخيرٌ لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم، فتَضْرِبوا أعناقَهُم، ويَضْرِبوا أعْناقكُم؟، قالوا: بَلَى، قال: ذِكْرُ اللهِ".. ولا شك أنَّ الدعاءَ والاستغفارَ والمناجاة وتلاوة القرآن نوعٌ من الذكر، ومَنْ تأمَّلَ الْقُرْآنَ الكريمَ وَجَدَ أَنَّ الأمر بكثرة الذكر قد تكرر كثيرًا.. بل لَمْ يَأْتِ فِي الْقُرْآنِ أَمْرٌ بالإكثار من شيء كَالْأَمْرِ بِالْإِكثارِ مِنَ الذِّكرِ، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41]، وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]، وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [آل عمران: 41].. ذِكرُ اللهِ جلَّ وعلا: هو قوتُ القلوبِ، وسُرورُ النفوس، وانشراحُ الصدور، ورَوْحُ الأرواحِ، يطردُ الشيطان، ويرضي الرحمن، ويقوي القلبَ، ويُنشطُ البدنَ، ويُنورِ الوجه، ويكسو الذاكرَ نُضرةً ومهابة، ويُزيلُ الهمَّ والغمَّ والوحشةَ، ويغمرُ القلبَ أُنسًا وسكينةً وطمأنينة، ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].. ذِكرُ الله تعالى: هو رأسُ الشكر، وجلاءُ الغفلة، ودليلُ الانابة، وعنوانُ المحبة، وغِراسُ الجنة، وهو سببُ تنزُّلِ السكينةِ، وغِشيانُ الرحمةِ، وحُفوفُ الملائكة.. به تُستجلبُ الخيرات والنِّعم، وتُستدفعُ الشرورُ والنِّقم، وتكفَّرُ الذنوبُ والمعاصي وان كانت مثل زبدِ البحر.. ذكرُ الله جلَّ وعلا: يورثُ المحبةَ والقربَ والموالاة، وحُسنَ المراقبةِ والمحاسبة، وقوةَ التوكلِ وزيادةَ الإيمان، ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].. ذكرُ اللهِ هو خَيرُ مَا شُغِلَت بِهِ الأَوقَاتُ، واستُثمِرت فيهِ الطاقَات، وَمَا رُتِّبَ عَلَيه مِنَ الْأُجُورِ والخيرات، فلَا يُحْصِيهِ إِلَّا ربُّ الأرضِ والسموات؛ ثم إَنَّ الذكرَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى كَثِيرِ جُهدٍ، متيسرٌ لمن أراده فِي كُلِّ حينٍ، وَعَلَى كل حَالِ.. لا يتقيدُ بزمانٍ ولا بمكانٍ، ولا يحتاجُ إلى طهارةٍ، ولا إلى استقبالِ قِبلةٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ عَلَى عِبَادِهِ فَرِيضَةً إِلَّا جَعَلَ لَهَا حَدًّا مَعْلُومًا، ثُمَّ عَذَرَ أَهْلَهَا إن عجزوا، إلا الذِّكْرِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، وَلَمْ يَعْذُرْ أَحَدًا فِي تَرْكِهِ، إِلَّا مَغْلُوبًا عَلَى تَرْكِهِ، فَقَالَ: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾ [النساء: 103].. وأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ السَّبْقَ إنما يَكُونُ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ، فقَالَ عليه الصلاة والسلام: «سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ».. وأما أعظمُ مزايا الذكر وفضائله: فهي ذكرُ اللهِ للذاكر، قال جلَّ وعلا: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾، وفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ المتفق عليه: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ"، ووالله لو لم يكن إلا هذه الميزة، لكفَت ورجَحَت...

 

كما إنَّ من أفضلِ الأعمالِ المشروعة في هذه العشرِ المباركة: المحافظةُ على السنن الرواتبِ القَبليةِ والبعدية، والإكثارِ من النوافلِ كصلاة الليلِ والضحى، فهي سببٌ مباشرٌ لنيل محبةِ اللهِ ورضوانه.. وكذلك الإكثارُ من الصدقة، فالصدقةُ في هذه الأيامِ، أفضلُ من الصدقةِ في رمضان.. ومن أفضل الأعمالِ المشروعة في هذه الأيام الصيام: فمن صامَ يومًا في سبيل اللهِ باعدَ اللهُ به بينهُ وبين النار سبعينَ خريفًا، هذا في الأيام العادية، فكيفَ بصيام هذه الأيامِ المباركة.. ومِن أعظمِ القُرُباتِ المشروعةِ في خِتام هذه الأيامِ الفاضلة: الأضاحي، فمن أرادَ أن يضحّيَ عن نفسهِ أو أهلِ بيتهِ ودخلَ شهرُ ذي الحِجّةِ فلا يأخذ مِن شعره وأظفاره أو جِلده شيئًا حتّى يذبحَ أضحيتَه، ففي صحيح مسلم، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتُم هلالَ ذي الحجةِ وأرادَ أحدكم أن يضحّيَ فلا يأخذ من شعرِه وأظفاره شيئًا حتى يضحّي"، وشأنُ الأضحيةِ شأنٌ عظيمٌ، فقد ثبت في الحديث أنَّ للمضحي بكلِّ شعرةٍ حسنة، وحذَّر المصطفى صلى الله عليه وسلم القادرَ أن لا يتركها فقال: "من وجدَ سعةً ولم يُضحي فلا يقربنَّ مُصلانا"...

 

فاتقوا الله عباد الله وسابقوا في الخيرات، ونافسوا في المكرمات.. ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَٱلضَّرَّاء وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَـٰفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133-134]..

 

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده اللذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: المتأمِّلُ في موقع هذه الأيامَ المباركةِ من العامِ، يلحظ أنها تقعُ في أواخره، لكأنَّها تُهيبُ بالمُفرطين والمقصرين؛ أن يتداركوا أنفسهم، وأن يصلِحوا أخطائهم، وأن يعوضوا ما فاتهم فيما سلف من عامهم، فالأعمال بالخواتيم.. وإنهُ والله لغبنٌ عظيم، وخسارةٌ كبيرة، وحرمانٌ مبين، أَن تَمُرُّ بالمسلم مَوَاسِمُ الطَّاعَاتِ، مَوسِمٌ في إثرِ مَوسِمِ، يَزدَادُ َعُمرُهُ، وَيَقتَرِبُ أَجَلُهُ، وَيَضعُفُ جِسمُهُ، وَتَتناقَصُ صِحَّتُهُ، وَهُوَ مَعَ كُلِّ هَذَا يُسوّفُ وَيُؤَجِّلُ، وَيَتَبَاطَأُ وَيَتَكَاسَلُ، وَيُعرِضُ وَيَتَجَاهَلُ.. ألا فاتقوا الله عباد الله في هذه المواسم الغالية، جدوا واجتهدوا، واروا الله من أنفسكم خيرًا، جاء في وصيةِ المصطفى صلى الله عليه وسلم: "اِغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ: شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ".. وفي حَدِيثِ قُدسِيٍّ صحيحٍ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَمَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِليَّ مِمَّا افتَرَضتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بِهَا، وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِن استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ".. وأسمعوا إلى نصيحة الإمام ابن الجوزي لولدِه: "يا بُني: اعلم أنَّ الأيامَ تُبْسَطُ ساعات، وأنَّ الساعاتِ تُبسَطُ أنفاسًا، وكُلَّ نَفَسٍ خِزانةٌ، فاحذَر أنْ يَذهبَ نَفَسٌ بغير شيءٍ فترى في القيامةِ خِزانةً فارغةً فتَندم، وانظرْ كُلَّ سَاعةٍ مِنْ سَاعاتِكَ بم تذْهَبُ، فلا تُودِعَها إلا أَشرَفَ مَا يُمكِنُكَ من العَملِ وأحْسنَهُ، وابعَثْ إلى صُندُوقِ القَبرِ مَا يَسُرُكُ يومَ القِيامةِ أنَّ تّراهُ".. وكم هي واللهِ جميلةٌ وصيةُ مُؤمِنِ آلِ فرعونَ لقومهِ حينَ وعظَهُم قائلًا: ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 39-40].. فهنيئًا ثم هنيئًا لمن عزمَ على استغلالِ هذهِ الأيامِ المباركةِ بالأعمال الصالحةِ.. رجاءَ أن يكونَ من الرابحين بأفضل الخيرات، الفائزين بأعلى الدرجات، فإنما هي أيامٌ معدودات.. ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30].. ويا ابن آدم عش ما شئت...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أفضل أيام الدنيا (خطبة)
  • خطبة: أعظم وأفضل أيام الدنيا (فضائل وأحكام)
  • أفضل أيام الدنيا عشر ذي الحجة الأوائل
  • أفضل أيام السنة
  • أفضل أيام الدنيا
  • أفضل أيام الدنيا (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أفضل أيام الدنيا أيام العشر من ذي الحجة(محاضرة - ملفات خاصة)
  • أفضل الأعمال في أفضل الأيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم النحر أفضل أيام المناسك(مقالة - ملفات خاصة)
  • (مادامت روحك بين جنبيك فها هي أفضل أيام الدنيا بين يديك) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة أفضل أيام الدنيا (فضل عشر ذي الحجة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفضل أيام الدنيا (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • ما هي أفضل أيام العام؟ (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • هذا العيد فاعتبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيام الله المعظمة: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مسابقة أفضل طبق وأفضل أكلة(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب